أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ناصر اسماعيل جربوع - سالة الى الاموات ( في غزة لم أجد طوباً لدفن أختي )














المزيد.....

سالة الى الاموات ( في غزة لم أجد طوباً لدفن أختي )


ناصر اسماعيل جربوع

الحوار المتمدن-العدد: 2622 - 2009 / 4 / 20 - 08:13
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


كم محزن أن يفقد الإنسان شخص عزيز عليه فما بالكم إن كان الفقيد أخته الكبرى التي شاركت والديه في تحمل مشاق الحياة بعد هجرة 1948القسرية من مدينة يافا إلى مخيمات اللجوء ، تصارعت أختي الكبرى الغالية مع مرض السرطان أكثر من عامين، وكنت أري آلامها وصراعها واحتسابها وأنا اعتصر ألما ، واطلب منها الصبر والثبات واذكرها بابتلاء الله للمؤمنين ، حتى جاء وعد الله واخذ أمانته وصعدت روحها إلى خالقها ، ولكنى لم أتوقع ماذا سيحدث من رحلة المشاق الأخرى التي سأواجهها ، وظننت أن أمواتنا في غزة لازالوا يكرمون حتى في دفنهم كما قرأت مسبقا في كتب التفسير، فقد ورد في شرح مختصر خليل المالكي للخرشي قال: قال بعض علمائنا: إن إكرام الميت دفنه، وقد وردت السنة بذلك.
وعلى كلٍ فهذا المعنى صحيح، وهو استحباب تعجيل دفن الميت، وإن لم يثبت رفع هذا اللفظ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن عليٍّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة يا علي لا تؤخرهنَّ: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤاً،
وهذا القول دليلا ًقاطعا ًعلى إكرام الميت المسلم ولكن للأسف في غزة يبدو أن الأمر أصبح معكوساً ، حيث مرت علينا العديد من الشواهد رأيتها بأم عيني ، وجب أن أؤرخها للأجيال، وللتاريخ الاجتماعي حتى لا تنسي ، ففي غزة وبسبب الحصار الجائر المفروض علينا منذ أكثر من ثلاث سنين لا وجود للاسمنت ولا مواد البناء ، وخاصة صناعة الطوب اللازم لبناء القبور ، وطقوس دفن الميت اعتقد أنها تعتبر حد أدنى من متطلبات الكرامة الإنسانية ، بل نلاحظ أن بعض الطيور والحيوانات من يبحث عن طريقة لدفن موتاهم ،وهذا ما أشار إليه القران في قوله تعالى: { قَالَ يَـاوَيْلَتي أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أخي ( صدق الله العظيم 0
فإذا كانت الطيور والحيوانات تبحث عن طريقة فضلى لموارة موتاهم فما بالكم بالإنسان المكرم من عند الله ، ألا يحق له أن يكرم حتى في موته ؟ ، أم الأمر يقف عندما نتحدث عن الإنسان الآخر في غزة ،غزة التي أصبح فيها الميت يدفن فوق الميت ؟! فكم من شهداء المجزرة الأخيرة التي حدثت في غزة - إبان أتون الحرب الأخيرة على غزة - من دفن فوق أبيه أو جدته أو أمه ، وكنت شاهداً على العديد من تلك المآسي حيث شاركت شخصيا في دفن ابن عمى الشهيد (محمد في قبر جدته أم خالد )، والمشاهد في غزة أصبحت كثيرة ومآسي دفن الموتى أصبحت تتكرر كل يوم مع المآسي الكبرى لغزة هاشم العربية المسلمة الخالدة ، ماتت أختي الكبرى صباح يوم الاثنين 14 – 4 2009 واعتقدت أن أمر دفنها يكون سهلاً ، ولكنى واجهت صعوبات لا توصف وتمنيت أنى لم أخلق في هذا القرن اللعين ! ففي البداية وجدت صعوبة في البحث عن مساحة في مقبرة الشهداء في مخيم البريج لدفنها ، وأخيرا وبشق الأنفس وبصعوبة تنقيبية وجدت مكان ، لا ادري كم من شخص دفن فيه فحفرنا قبرًا متواضعا يليق بتواضع وإيمان أختي، وجاءت الصعوبة الثانية في البحث عن طوب وحجارة واسمنت لإعداد القبر ، وأصبحت وكأني أنقب عن بترول أو أبحث في احد مناجم الذهب ، وأجريت مع العديد من الأصدقاء العديد من الاتصالات للبحث عن طوب وحجارة واسمنت ، واعتذر عن هذا الطلب الصديق والقريب ! وقال احدهم ما لنا إلا أن نهدم بقايا سور قديم ، ونستغل حجارته وطوبه لإعداد القبر ، وتبرع البعض بما كان لديه طوباً كان قد أعده لبناء غرفة متواضعة ، ولكنه توقف بفعل الحصار ! وبصعوبة بالغة لا يتخيلها عقل القرن الحادي والعشرون بنيت قبر أختي ، وودعتها بدمعتين دمعة الفراق الأبدي ، ودمعة المأساة التي طالت حتى أمواتنا في غزة ، وتنهدت أنا والحاضرين بقول (لا حول ولا قوة إلا بالله ولك الله يا غزة)
ومن هنا أمسكت قلمي ووجهت معكم رسالة إلى الأموات ! ألا يكفى ما حل بنا في غزة ، الكل يموت ويحتضر وأمواتنا يموتون ألف مرة ؟! أما من آذان صاغية ؟ وقلوب رحيمة تشعر بأمواتنا وشهدائنا ، وجهت رسالتي للأموات لأني كتبت الكثير للأحياء فما من مجيب ! وأخشى يا أعزائي أن ينتقل قلمي بعد ذلك لمخاطبة الصخر والحجر ربما يستجيب ! بعد رسالتي للأموات فهل تعتقدون أن رسالتي ستصل للأموات أم بعد ؟!
د- ناصر إسماعيل جربوع – كاتب باحث ومؤرخ فلسطيني
فلسطين غزة – البريج



#ناصر_اسماعيل_جربوع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة غزة إلي العالم في عيد الأضحى
- الوفاق الوطني بين الصراعات الحزبية والأماني الداخلية
- يافا في مواجهة التهويد (الحلقة الثالثة)
- مدينة يافا في مواجهة التهويد
- ستي أم خميس وعالم السياسة
- العيدية - تكافل اجتماعي أم خازوق اقتصادي
- يا هدهد سليمان هل تتقبل منا العزاء ؟!
- غزة في الأول من أيار يوم عمال أم يوم متسولين
- قضية الباص 300
- إغتيال رياض حماد 00 وعودة امراء الموساد
- من غوانتنامو غزة نحتفل بيوم الاسير
- شهداء دير ياسين لمن نقدم العزاء!!؟؟
- دعوة لزيارة غزة علي باص رقم 11
- في ذكري يوم اليتيم -أطفال غزة بين حرمان اللعب وانتظار الجحيم ...
- أطفال غزة يلهون مع الموت !!
- فلسطينيو العراق بين الهجرة للبرازيل وانتظار عزرائيل
- مخيماتنا الفلسطينية بين الفقر القاتل وإلغاء النصف شاقل
- رحلة الى موسم -الولي عريش - !!!! ؟؟
- ايها العالم سنبقى فلسطينيون رغم الحصار !!!11


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ناصر اسماعيل جربوع - سالة الى الاموات ( في غزة لم أجد طوباً لدفن أختي )