أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم المصري - رسالة خاصة .. إلى صديق عراقي














المزيد.....

رسالة خاصة .. إلى صديق عراقي


إبراهيم المصري

الحوار المتمدن-العدد: 802 - 2004 / 4 / 12 - 10:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


صديقي .. كنتُ أتمنى أن أكتب إليكَ بتفاؤل أكبر .. لكن أنتَ تعرف أن الجرأة على التفاؤل تتضاءل كلما زادت مساحة الدم .
أنا وأنت نرى ما يحدث ، وإن كنت أنتَ معنياً أكثر ، كونك من العراق الذي يحيا مشجوجَ الرأس بنزيفٍ كوني .. حتى أن الكلمات لم تعد ملائمة لوصف ما حدث .. وما يحدث .. وما سوف يحدث .
لقد كنت أقول لك دائماً .. عليكم كعراقيين أن تغلقوا بيتكم وأن تقطعوا ولو إلى حين مع ( عروبتنا ) تلك الفأس التي لم تشج بلدكم فقط وإنما شجت رؤوس بلداننا أيضا مع الاختلاف في حجم الجرح والنزف .
والآن .. لا زلت أنا على موقفي خاصة بعد أحداث ( الفلوجة ) التي رأى فيها بعض الصارخين بالشعارات ( كرامة الأمة ) ويقصدون بالطبع الأمة العربية التي تعيش جميع مدنها محنة اختناق كارثي يبدد حتى الهواء .
لا عليك من كل هذا ، فأنا أعرف أنك مسحوبٌ من عينيك إلى بلدك حيث تتوالى الأحداث والمصائب التي يجد فيها الراكضون خلف الأخبار الطارئة والكبيرة خبزَ يومهم ، مع أنه من المعروف أن خلف هذه الأخبار الكبيرة والطارئة مصائبَ طارئة وكبيرة وقتلى أيضاً انطفأت عيونهم وقلوبهم على أحلام لم تتحقق.
تذكر أنني حدثتك عن ( رصيف القتلى ) في الرستمانية .. كان جزيرةً وسط الشارع تعلوها تلال من تراب وحينما سألت قالوا لي .. تحت هذه التلال جنود عراقيون قتلى في معارك بغداد الأولى مع الأمريكيين قبل السيطرة عليها .. وقد قام متطوعون بدفن جثث القتلى ( مؤقتاً )
كم تبدو هذه الكلمة .. ( مؤقتاً ) .. حزينة وكأن كل شيء في حياتنا أصبح مؤقتاً .. مثل قانون الطوارئ مثلاً الذي يقولون لنا في بلدي إنه ( مؤقت ) رغم أنه مفروض منذ ثلاثة وعشرين وعاماً .. لقد أصبحت حياتنا كلها مؤقتة بدون أن نجد طريقاً لخلاصنا من اليأس والدم وأعرف يا صديقي أنك تحمل منهما الكثير .
كنتُ قد قبَّلت خديك يوم سقوط تمثال صدام حسين قبل عام ، وكنت أتمنى أن أقبَّل خديك بعد عام تجد بلدك فيه وقد أفاق من قيامته إلى نخيله الباسق .. حين كنا أنا وأنت نسمع صوتَ السياب :
عيناكِ .. غابتا نخيل ساعة السحر
أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر .
وكان ذلك قبل أن يطغى صوت صدام حسين بلكنته المُخدَرَة كأنه مسطول بأفيون رديء وقبل أن يطغى صوت الحرب بصواريخ الأمريكيين العابرة للقارات إلى قلوبنا .
كنتُ أيضاً معك في أول يوم لك في بغداد بعد غربة عشرين عاماً وشربت معك في صحة البهجة كؤوساً كثيرة وقلت لك .. لن تنسى أبدا أن أول ليلةٍ لك في بغداد كانت في السكر معي .. كنتُ سعيداً للغاية أن منحتني هذه البهجة وهذا الشرف .
إنني أقرأ ما تكتبه في الصحف وفي مواقع الإنترنت ، أقرأ قصائدك وقصصك وفصول رواياتك ، أقرأ مقالاتك وتحليلاتك تلك التي مع أو تلك التي ضد .. وأبدو مثلك غير قادر على وضع رأسي على الرف حتى تستريح من شجارها مع الأمل .
سوف تقول لي في لحظة غيظ ، وما شأنك أنت ؟ .. وأعرف أنه لا شأن لي بشأنك .. والحقيقة يا صديقي أننا جميعاً مقيدون على اختلاف طول الحبل الذي يقيد كلَّ واحدٍ منا .
في بلدي .. لا توجد حروب .. ولكن فيها من يبحث في القمامة عن وجبة يومه .. وهذه حرب يخوضها مجهولون معلومون ضد استواء حياة الناس بوجبة صحية وبأمل يعطي للحياة معنى ، وهذه الوجبة الصحية لم تعد متوفرة إلا بالنفاق والفساد وخراب الذمة .
وشأني أيضاً في .. عراقك .. يا صديقي أن أرى هذا العراق ناهضاً من رماد عنقاء كي يدلنا على طريق آخر غير الذي حشدتنا فيه ( العروبة الميمونة ) من اللحظة التي رفض فيها جمال عبد الناصر الشروط الأمريكية لبناء السد العالي إلى اللحظة التي دخل فيها الأمريكيون بغداد .. لكي نرى المواجهة مع الإمبريالية وقد جاءت بأمريكا نفسها لتسكن معنا في البيت .
لا يعني كلامي أن ترفض أمريكا .. فهذا شأنك .. ولكن أمريكا تمادت هي الأخرى في القتل ولم تحدق بما يكفي في دستورها العظيم الذي يعطي الإنسان بما هو إنسان فرد كرامة ووجوداً .
لقد كتبت لك هذه الرسالة ، لكي أقول لك .. كن قوياً .. رغم أنني أعلم أن يدك في النار ويدي أنا في الماء .. ولكي أقول لك لا تصرخ .. ثمة زمن من الألم ويزول حتى وإن كان هذا الزمن طافحاً بالجثث .. فهذا قدر استبد بنا بأفكاره الشمولية من الأمة العربية إلى الأمة الإسلامية إلى أمة البعث الواحدة ذات الرسالة الخالدة إلى الديموقراطية على الطريقة الأمريكية .
وأخيراً ...
كنت أتمنى أن أكتب لك صديقي ما يزيدكَ أملا .. ولكن صدقني إنني أنتظر منك فعلاً أن تعطيني أنا الأمل ، بنهوضك فوق يأسك حتى ولو بدفن جثث قتلاك ، ثم برفض طوابير المغرضين والحاقدين والشامتين والمعزين والناظرين إلى عراقك كميدان حرب لمنازلة أمريكا أو لمنازلة دار الكفر على ما يذهب إليه أصحاب العقول المتصلبة ، هؤلاء الذين يعملون على إقامة مملكة الله بالقتل .
وحينما تنهض أنت وعراقك صديقي على صباح مختلف يليق بكما ، فسوف أنتظر صباح خيرك .. لكي أتأكد أن الشمس يمكن لها أن تشرق أخيرا في منطقتنا العربية ، تلك التي أصبحت من أكثر مناطق العالم ظلمة وسواداً .

إبراهيم المصري
شاعر وصحفي .
[email protected]



#إبراهيم_المصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديقة الأرواح
- صلاح السعدني .. خيالٌ واسع .. ومعطوب
- END OF VIDEO CLIP
- هل أنا .. عميلٌ .. للموساد والسي آي إيه ؟
- حدث في .. الفلوجة
- الروض العاطر
- النبأ الطيب .. من تونس
- أيتها الفراشة .. يا اسم حبيبتي
- ماذا يريد العالم .. من الشعب الفلسطيني ؟
- إعرابُ الفاكهة
- الله / الوطن .. بالأمر
- اهبطوا بسلام قبَّعاتكم
- من القلب .. أطردُ الملائكة
- ما وراء الحجاب .. والأكمة ؟
- بلطة صدام حسين
- لنصفق لجماعة الإخوان .. بمرارة
- بعث العراق سلطة صدَّام قياماً وحُطاماً كتابٌ للقراءة .. مرتي ...
- باسمي .. باسمي فقط


المزيد.....




- رحلة -ملك العملات المشفرة-، من -الملياردير الأسطورة- إلى مئة ...
- قتلى في هجوم إسرائيلي على حلب
- مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا ...
- تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل ...
- السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة ...
- بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي ...
- وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب ...
- مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث ...
- -أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3 ...
- -تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم المصري - رسالة خاصة .. إلى صديق عراقي