أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عزو محمد عبد القادر ناجي - العلاقة بين الوحدة الوطنية والحزبية















المزيد.....



العلاقة بين الوحدة الوطنية والحزبية


عزو محمد عبد القادر ناجي

الحوار المتمدن-العدد: 2622 - 2009 / 4 / 20 - 10:48
المحور: المجتمع المدني
    


العلاقة بين الوحدة الوطنية والحزبية

يتناول هذا المبحث العلامة التي تربط بين متغيري الوحدة الوطنية من جهة ،والحزبية من جهة ثانية ؛ فوفقاً لمفهوم الوحدة الوطنية التي تناولته الدراسة تبين أن الوحدة الوطنية تشمل أربعة محددات رئيسية ، وعلاقة أي من هذه المحددات، بنظام الحزبية سواءاً هي علاقة قد تكون إيجابيةً ، وقد تكون سلبيةً ، تضعف قوة الوحدة الوطنية، وعلى هذا الأساس ستقيِّم الدراسة هذه العلاقة من حيث الإيجاب ومن حيث السلب ، وبناءاً عليه سيقسم هذا المبحث إلى محورين هما :
• المحور الأول: سيتناول إيجابية العلاقة بين المتغيرين المحددين بالدراسة -
• المحور الثاني: فسيتناول سلبية العلاقة بينهما.

• العلاقة الإيجابية بين الوحدة الوطنية والحزبية

يرى البعض أن الحزب الواحد في بعض الدول ؛ قد حقق قيام نوع من ترابط المصالح ، وسهل تطبيق أساليب التنمية الاقتصادية، وإنجاحها، وساعد في إضعاف روح الوحدة الوطنية بين الجماعات المتنافرة وجمعهم على الولاء والانتماء للدولة وحدها، وجعل بعض القادة يحولون انتماءآنهم المحلية والعرقية إلى الانتماء للوطن ككل، كما جعلهم يعملون ويخططون على نطاق الدولة كلها، بغض النظر عن طبقيتها، لأنهم يرون أن الأهداف الوطنية أهم من المصالح الطبقية، كما أن نظام الحزب الواحد يعمل على تهدئة الصراعات الإقليمية ، والعرقية وغيرها؛ لأن الصراعات تحل داخل الحزب من خلال التفاوض بين المتعارضين فيما بينهم ، وأكبر مثال على ذلك حزب غينيا "الديمقراطي الغيني" الذي أسسه أحمد سيكتوري عام 1947، وحزب المؤتمر الشعبي في غانا الذي تزعمه نكروما عام 1951.
كما يرى هؤلاء أيضاً أن هذا النظام هو الوسيلة لتحقيق الوحدة الوطنية ؛على أساس أن الاقتسامات الداخلية في المجتمع ؛ ليست سبب النزاعات القبلية أو العرقية أو الطائفية ؛ لكنها بسبب صراع الأحزاب المتعددة على السلطة، فتحقيق الاستقلال للدول المتخلفة لم يكن إلا بعد إتحاد الأحزاب جميعها في جبهة وطنية واحدة تمثل حزباً سياسياً واحداً معارضاً للاستعمار وللسيطرة الاقتصادية الأجنبية، ومطالباً بالاستقلال، وعلى هذا الأساس تحققت مطالب الشعب، وهذا ما برر وجود حزب واحد في السلطة في هذه الدول بعد الاستقلال ، وأصبحت نظرة هذا الحزب إلى المعارضة على أنها تؤدي إلى تشتيت كيان الأمة والدولة، وتعرض استقلال الدولة للخطر، فيؤكد جوليوس نيريري، ضرورة إقامة نظام الحزب الواحد من أجل تحقيق الوحدة الوطنية والديمقراطية بقوله :
"الحزب يتحدد ويأخذ صفاته وشخصيته مع الدول ككل، وإن إقامة الديمقراطية عن طريق الحزب الواحد، يمكن أن تكون أقوى وأكثر ثباتاً من أن يكون هناك حزبان أو أكثر ؛ كل حزب يمثل جزءاً من المجتمع ......... وأن الحركة القومية المفتوحة للجميع لا تخشى شيئاً من عدم رضا فريق خارج عن المجتمع، ولم توجد في الواقع صورة لمثل هذا الوضع".
لذلك فإن معظم الدول المتخلفة اختارت بعد الاستقلال هذا النظام. ورفضت قيام تعددية سياسية، بغية النهوض بمجتمعاتها نحو التقدم من خلاله، إلا أنه بمرور جيل أو جيلين بدأت معالم هذا النظام تكشف حيث أثبتت تجربته أنها غير ناجحة، وقادت الدولة إلى ما يسمى بديكتاتورية الحزب الحاكم، حيث استغل قادة هذا الحزب مكانتهم، ليشكلوا طبقة منفصلة عن الشعب، كما استغل بعضهم موقعه، لتأكد ولاءه التحتي من خلال ولاءه الإقليمي ، أو الطائفي ، أو العرقي ، أو الإقليمي ، أو العشائري، مما أفسخ المجال لاشتداد المعارضة ضد هذا النظام على أساس أنه ضد الوحدة الوطنية في الدولة.
وعلى ذلك رأى آخرون أن التعددية الحزبية بما تعنيه من الحرية في إقامة الأحزاب السياسية، والنقابات والجمعيات الفلاحية ، والروابط المهنية ، وممارسة حرية الرأي ، والاعتقاد ، والتنظيم ، والاعتراف بالحقوق المدنية ، والسياسية للمواطنين جميعاً سواء كانوا أقلية أم أكثرية، فإن هذه التعددية التي تمثلها الليبرالية السياسية من خلال الحزبين الرئيسيين أو عدة أحزاب سياسية سيتيح الفرصة ؛ للتعبير عن الاتجاهات المختلفة، داخل الجماعة السياسية ؛ لأن الأحزاب تكون متنفساً لحرية الفكر والرأي ، وأقوى طريقة لإبداء الرأي ولها الدور الأول لتحقيق ما يصبوا إليه الشعب عن طريق قنوات الأحزاب السياسية؛ لأن الأحزاب السياسية هي المترجمة لمصالح الجماهير وهي أكثر القوى اهتماماً بتكوين الرأي العام، فتركيبة هذه الأحزاب حسب النظم المعاصرة، من كونها إطار هرمي يؤدي لعملية استقطاب وتفاعل بين الصفوة والأعضاء العاديين داخل الحزب، ستمكن من تبادل الآراء وستساعد على الوصول إلى أحسنها، وهذا سيساعد على إزالة الفوارق الطبقية، وسيدعم الوحدة الوطنية.
كما أن أيديولوجية الحزب السياسي تساهم في تحقيق الوحدة الوطنية ؛ من خلال تأثيرها على السلوك السياسي، بما يحقق الترابط داخل المجتمع، وتدفع الأفراد مهما اختلفت فئاتهم للإيمان بمختلف الكيانات السياسية من جماعات، وأحزاب سياسية، وجعلهم يدركون حقهم في قبول أو رفض أي نظام حكم يقوم.
والتطور الحزبي النقدي يعمل على تأسيس الشرعية بما تعنيه من حق الحكام في ممارسة السلطة في الوقت الذي يشعر فيه المواطنون أن عليهم واجب الخضوع لهذه السلطة، وإن كانوا لا يوافقون على كل ما تقوم به من إجراءات، وهذا ما يزيد من قوة الوحدة الوطنية في الدولة.
واستطاعة النظام الحزبي تحقيق مستوى معيشي أفضل للمواطنين من أجل التغلب على المشكلات السياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية، سيكفل للنظام الحاكم أحد المصادر لبقاء الشرعية في أعين الجماهير، وسيصبح النظم الحزبي محققاً للوحدة الوطنية، أو على الأقل مساهماً رئيسياً فيها ؛ بسبب سياسته الاقتصادية الناجحة.
وانصهار أفراد الشعب في روح واحدة وعاطفة مشتركة، من خلال الأحزاب السياسية، سيقضي على التمايزات الشخصية، وتذوب الفوارق بين أبناء الشعب الواحد ؛ نتيجة التفاعل فيما بينهم ووسيلة الأحزاب في ذلك تكون من خلال:
1- عملية التحريض التي تفسر انحلال الأفراد في الجمهور وذوبانهم فيه .
2- من خلال القائد السياسي الذي يمارس تأثيره على أفراد حزبه .
وعلى هذا الأساس تقود الأحزاب السياسية نضال الجماهير، من خلال زرع الأفكار المحرض عليها في النفوس ، ثم بواسطة التجمع المتدرج للأفراد من خلال هذه الأحزاب، التي تجسد هذه المفاهيم النظرية، التي تتبلور بشكل واع للمطالبة بتنفيذها ، ومثال على ذلك ، صياغة الإمام محمد عبده لدستور الحزب الوطني الحر والذي من خلاله أكد على الوحدة الوطنية في مصر بقوله : "الحزب الوطني حزب سياسي لا ديني، فإنه مؤلف من رجال مختلفي العقيدة والمذهب، وجميع النصارى واليهود، وكل من يحرث أرض مصر، ويتكلم بلغتها منضم إليه".
كما أن من وظائف الأحزاب السياسية الوطنية العمل على تحقيق الوحدة الوطنية في الدولة، وأهم هذه الوظائف :
(2) الوظيفة التعليمية ، والاجتماعية ، والاقتصادية ، والسياسية ، والثقافية، حيث تتوقف الوظائف السياسية على مدى قدرة الحزب على تأديتها وإثبات فعاليتها، وتتوقف قدرته الفنية في التأثير على جماهير الشعب والتأثير به، ومدى علاقته بالمؤسسات السياسية الأخرى في النظام السياسي.
(3) تعمل الأحزاب السياسية على زيادة الوعي السياسي لدى الجماهير بما تقدمه من معلومات تتعلق بالعمل السياسي، وبالحياة العامة للشعب في مختلف نواحيها.
(4) تساهم في مراقبة أعمال الحكومة مما يجعلها مسؤولة أمام الشعب.
فإلغاء الأحزاب السياسية بحجة أنها تثير العداءات القبلية والإثنية، والإقليمية، لن يقضي على الانقسامات والتناقضات داخل المجتمع ؛ لأن معالجة الانقسامات والتناقضات يكون من خلال استراتيجية متكاملة، تحقق الوحدة الوطنية ومن خلال خلق هوية وطنية مشتركة لجميع المواطنين، كما أنه لا يمكن تحقيق الوحدة الوطنية من خلال قرارات من فوق؛ لأن ذلك يؤدي على نتائج عكسية، على اعتبار أن تحقيق الوحدة الوطنية يتم من خلال التطور التدريجي من خلال الجهود الكبيرة والبعيدة المدى ، والصبر على المصاعب وهذا سيقود إلى خلق شرعية النظام التي تعتمد على الإحساس بالمواطنة والانتماء ، وبالتالي ستنتهي الصراعات الإثنية والقومية والدينية في المجتمع، وتزداد قوة الوحدة الوطنية في الدولة، لكن هذا لا يعني أن الصراع في المجتمع سينتهي ككل ؛ لأن ظاهرة الصراع في المجتمع تتحكم فيها العواطف والمشاعر قبل العقل والمنطق، لذلك يتنوع الصراع داخل المجتمع، ولولا هذا التنوع لسار المجتمع نحو الجمود.
كما أن على الأحزاب الحاكمة في أي دولة أن تعمل من خلال سلطتها على تحقيق المجتمع المدني الوطني المشترك ، المتميز عن التعدديات العصبوية المدمرة له، بحيث تصبح الدولة محققة لتوازنات القوى الاجتماعية وقواه، ومنتمية إلى المجتمع ومتعالية عن تناقضاته، ويكون حكمها المدني قائماً على التعاقد، وأن يكون أطراف العقد هم المواطنون، وحيث أن هذه الدولة ستكون قادرة على مواجهة النزاعات الأهلية، وتحقيق التطور والتغيير من أجل تحقيق التقدم، وأن تحقق هذه الدولة واجباتها الوطنية والاجتماعية، كتوحيد التراب الوطني، وإقامة دولة الحق والقانون توخياً للتوحيد السياسي، وصوناً لحقوق الناس أجمعين، حيث تبرز الشخصية الوطنية من خلال تكريس فكرة الانتماء إلى كيان وطني، يتعزز من خلال المساواة بين الناس، وإحداث التنمية السياسية من خلال الديمقراطية التي تسمح بتداول السلطة سلمياً بين المواطنين، وتعمل هذه الدولة أيضاً على فك حالة الوضع الاجتماعي العصبوي في المجتمع الأهلي، وتفكيك الصلة بين السياسة والعصبيات، وتمنح من خلال مجتمعها المدني حقوق الاختلاف الثقافي، والاجتماعي فيه، دون أن يهدد ذلك ثقافة الاندماج الاجتماعي والوطني، ودون أن يؤدي ذلك إلى تنازع وحروب ، لكن هذا لا يتحقق إلا إذا كانت تلك الأحزاب الحاكمة الديمقراطية في مجتمع تعددي الحزبية سواءاً كان ثنائياً أم تعددياً.
وهناك عدة عوامل تؤدي إلى الوحدة الوطنية في ظل الأحزاب السياسية، أهمها هي : الدفاع عن المصالح المشروعة لجميع فئات الشعب ، فاختلاف أفراد الشعب إلى فئات وطبقات سيقود إلى اختلاف المصالح بينهم، وقد كان حل هذا التعارض ممكناً في الماضي عن طريق ما كان يسمى بالقواعد الطبيعية، وعلى رأسها قاعدة العرض والطلب، واحتياجات المجتمع، لكن بعد قيام الشركات الاحتكارية الكبرى، أصبح من الضروري أن تتدخل الدولة للوقوف بجانب الفئات الضعيفة، لمنع استغلال الطبقات العليا للطبقات الدنيا، وإقامة نوع من التوازن بين مختلف المصالح المشتركة، ووسيلتها لذلك تكون من خلال إتاحتها لحرية تكوين الأحزاب السياسية ، والنقابات المهنية ، والعمالية ؛ لأنهما يمثلان قطاعاً من قطاعات الشعب التي تتفق مصالحها، وعن طريق تحقيق التكامل يمكنها أن تدافع عن مصالحها بالوسائل المشروعة؛ لأن الأحزاب والنقابات ليست إلا تجمعاً لقطاعات من الشعب تجتمع تحت قبة البرلمان عن طريق ممثليهم المنتمين، ولدى الرأي العام عن طريق الصحافة، والاجتماعات ، والمظاهرات والاضرابات.
كما أنه لكي ينجح النظام الحزبي، يجب أن يكون مستوى التعليم كبيراً، وأن يكون الشعب متمرساً على الحرية والديمقراطية، وفي الحالات التي يتعرض فيها الوطن للخطر، فإن الحكومات في نظم التعددية الحزبية، تلجأ إلى إقامة حكومات الوحدة الوطنية، التي تجتمع عليها الأحزاب – مثلما لجأت عليها بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية- بسبب خطورة الصراع الحزبي على الوحدة الوطنية في هذه الأوقات.
كما أن إيمان أفراد الشعب بأيديولوجية الحزب الحاكم في أي نظام كان سيزيد من الوحدة الوطنية، عندما تكون برامج وأيديولوجيا الحزب تعبر عن تطلعات جميع فئات الشعب؛ لأن الايدولوجيا والبرامج الحزبية، ستقدم تحديداً للأداة التي تمكن المجتمع القائم من تحقيق ما يصبو إليه من تصور، وتؤثر في الشعور الوطني فيمن يقبلون بها، كما تؤثر على تطور الفكر الثقافي ليصبح أداة اجتماعية في ضوء ذلك، وتحشد جهود أفراد الشعب للدفاع عن النظام القائم، وتحقق الترابط في المجتمع المحدد الذي تسعى كل الجماعات إلى تحقيقه داخل المجتمع، كما تساهم في انحسار العداء بينهم.
ووجود أحزاب دينية لا يضعف الوحدة الوطنية في المجتمع كما يدعي البعض ، فقد كان للدين في الماضي دوراً ساهم في تحقيق الوحدة الوطنية ؛ من خلال ربطه الأفراد برباط وثيق وضع أساساً لتعاونهم المستمد من عقيدتهم، لكن تضاءلت أهميته بعد الثورة الفرنسية في أوربا عام 1789، وشيوع مبدأ الفصل بين السياسة والدين – العلمانية – إلا أن الدين يظل له دور في الوحدة الوطنية من خلال خلقه للشعور العاطفي بين الأفراد بما يثيره في نفوسهم من عواطف ونزعات خاصة، وله تأثير كبير على أفكارهم وأعمالهم.
كما تترسخ الوحدة الوطنية من خلال إقامة نظام برلماني تعددي، يراعي في تمثيله جميع الاتجاهات السائدة في فكر أفراد الشعب بمختلف فئاتهم حيث يتوقف نجاح هذه الحكومات من خلال استطاعتها تحقيق الوحدة الوطنية ، والاستقرار السياسي ، والاجتماعي ، والاقتصادي، من خلال تغلبها على الولاءات القومية ، والطائفية الاجتماعية، التي تعتمد على التمييز الطبقي ؛ المبني على أساس المنزلة الاجتماعية ، والجماعات التي تتحدث بلغات مختلفة ، وفيها ديانات مختلفة، لذلك فعليها أن تضع برنامجاً محدداً للتطوير والتحديث ينظم عمليات الاختلاط والترابط وأسس الحياة اجتماعية بأسلوب يساعد على استيعاب التفاعلات المختلفة داخل ثقافة قومية واحدة، فعلى سبيل المثال رأت لجنة إعادة الدستور المنبثقة عن البرلمان النيجيري عام 1975، أنه رغم أن الخلافات الحزبية فيها قد ساهمت في الاضطرابات والانقلابات العسكرية التي حدثت في نيجيريا آنذاك، إلا أنها ترفض اللاحزبية التي تؤدي إلى الفاشية في الحكم، بيد أنها اشترطت عدة شروط اعتبرتها أنها تؤدي إلى الوحدة الوطنية، وتزيدها قوة، وتبعد كل حزب من أن يتحول إلى حزب تحت قومي، ينتمي إلى الولاءات التحتية، ويعيرها اهتمامه، وأهم هذه الشروط( ):
1) أن تؤكد أهداف وبرامج الحزب على الأهداف الوطنية الأساسية، وأن تكون شعاراته وطنية وتعكس منظوراً وطنياً خالصاً.
2) يجب أن ينحدر أعضاء اللجنة التنفيذية لأي حزب من ثلثي الأعضاء من الولايات على الأقل.
3) يجب ألا يقبل أي حزب سياسي مساهمات مالية أجنبية.
4) أن تكون عضوية أي حزب مفتوحة أمام كل المواطنين.
5) حظر قيام أي حزب بتشكيل مليشيات خاصة به.
6) يجب أن يكون دستور أي حزب ديمقراطياً، وأن يصل أعضاءه بالانتخابات العلنية.
7) ضرورة أن يكون المقر الرئيسي لأي حزب في العاصمة.
8) عنوان واسم أي حزب يجب أن يكون وطنياً.
فلو اتبعت جميع الدول خطوات كهذه في اشتراطها على كل حزب سياسي ؛ فإنه من المؤكد أن الأحزاب في الدولة ستكون جميعها وطنية، وستعبر عن تطلعات الشريحة الكبرى من أبناء الشعب وستبعدهم عن أي انقسام أو انشقاق، أو أية دعاوى انفصالية، وستحقق بذلك الاستقرار السياسي فيها، والذي يكون مقدمة لحدوث الوحدة الوطنية بكافة عناصرها.
• العلاقات السلبية بين الوحدة الوطنية والحزبية
يدعي الحزب الواحد أنه هو أداة الوحدة الوطنية، لكنه قد يصبح معبراً عن إحدى الجماعات العرقية ، أو الطائفية ، أو الدينية، في المجتمع، وقد تستغله هذه الجماعات ضد الجماعات الأخرى، مما يؤدي به إلى الانقسام إلى أجنحة متعارضة، كما أن وجود نظام تعددي ديمقراطي يعبر عن حرية الرأي وتعدد الأحزاب، سيؤدي إلى التنافس والتضامن ويقضي على الوحدة الوطنية؛ بسبب نقدها للحزب الحاكم الذي يجمع قوى الشعب، ويحقق أهدافها، ويبني اقتصادها.
كما أن البعض يرى أن نظام التعددية الحزبية لا يصلح في الدول التي ينخفض فيها مستوى الوعي السياسي، حيث تؤدي الصراعات والمنازعات الحزبية إلى تفتيت الوحدة الوطنية، لهذه الأسباب اتجهت الدول حديثة الاستقلال إلى نظام الحزب الواحد، ورفضت المعارضة واعتبرتها مرادفة للانفصال.
ويرى آخرون أن الأحزاب السياسية تستغل الأيدولوجيا لتعبئة الأتباع والمؤيدين، وتوجيه الطاقات نحو تحقيق أهداف الوحدة الوطنية، وتساعد على الحد من التوتر بين الجماعات والاتجاهات المختلفة في الدولة،ليس لأنها مع مصلحة الوطن بشكل رئيس ، بل من أجل إظهار نفسها على أنها هي التي تستطيع تحقيق أهداف وطموحات الشعب، رغم أن هدفها الأساسي هو الوصول إلى سدة الحكم، وتحقيق مصالح أعضاءها بالدرجة الأولى، ثم تعمل بعد ذلك على تطبيق برامجها السياسية، ونشر أيديولوجيتها بين أبناء الشعب، وبذلك تتحكم قلة قليلة في المجموع الأكبر؛ لأن الحزب السياسي يمثل أقلية ولا يمثل معظم أبناء الشعب.
ويرى المفكر ساطع الحصري أن نظام الحزبية الأحادية في الدولة لا يختلف عن الدولة المحتلة، فلا مشيئة لشعب محكوم من قبل حزب ديكتاتوري مستند إلى الجيش، إلا أنه عندما يكون الحزب مستنداً إلى قاعدة شعبية كبيرة، فإن تبعية الجيش للنظام تكون طبيعية، وتساهم في تحقيق الوحدة الوطنية، فعلى سبيل المثال عندما حاول سكان الولايات المتحدة الجنوبيون الانفصال عن جسم الدولة، وإقامة حكومة خاصة بهم، رفض النظام مطالبهم، واستند إلى الجيش ليعيد الوحدة مرة أخرى، وذلك بعد أربعة سنوات من الحرب الأهلية.
كما أن من إفرازات النظام الأحادي الحزبية، سيتناول وصول التوتاليتارية إلى الحكم، حيث تعتبر التوتاليتارية نظاماً رجعياً يسعى لحماية مراكز امتيازات الطبقات الحاكمة، وغير مهتم بتعميق وتسريع عملية التصنيع، لذلك ليس لديه أية دوافع تطورية، فهو كالسلطة الإخضاعية الأرستقراطية التقليدية في المجتمعات المتخلفة، وإن احتمال نشوء ثورات ناجمة ضدها يعتبر ضرباً من المستحيل؛ لأن من أهم ميزاتها أنها نظاماً لا يسمح بوجود أي منافس لها ، كما لا تسمح بتكوين أي ولاءات أخرى غير الولاء لها، وتعتمد على السيطرة الصارمة على جميع مظاهر حياة الشعب، وطاقاته، من خلال القمع والاستبداد، وتعتبر الفاشية والستالينية نماذج منها.
وهي تعتمد على الإشكال التقليدية للتصنيع، بحيث لا يكون لها معارضة، وعلى تأسيس حكومة شمولية ، وتحاول أن تجعل نمو التصنيع متناسباً مع منع نمو الأحزاب السياسية والاتحادات والنقابات، وأكثر وسائل المنع والقمع وضوحاً لها هو الرعب، وذلك من خلال إجراءات التعذيب والإعدامات والسجن والعمل القسري، بحيث يولد الخوف والريبة في المجتمع، بمجمله، والاعتقال التعسفي، وتحت ضغوط هذا الرعب الكلي، لا يمكن الاعتماد على أي فرد بأنه لن يبلغ عن رفاقه، لذلك فأي مؤامرة أو تنظيم واسعين موجهين ضد النظام، سيكونان غير ممكنين عملياً، باستثناء مجموعة داخل النظام، كالجيش مثلاً.
وعلى هذا الأساس يخدم الرعب في تفكيك الوحدات الطبيعية للمجتمع (الأحزاب، النقابات، الجمعيات التجارية والحرفية، والنوادي، وأماكن العبادة، والعائلة)، كمراكز فعالة للمقاومة، وهكذا تتحطم هذه الوحدات بقيمها المختلفة التي تخدم مصالح أعضائها المختلفين، بحيث يواجه الفرد المعزول حكومة قوية بمجملها دون أي وسيط ، بعد ذلك يقيم النظام تنظيمات جديدة تعوض على الأعضاء المشاركة السياسية، وقد يجعلها تتخذ نفس الأسماء والإجراءات القديمة، لكنها تختلف عنها جذرياً في أمرين هما:
1) إن العضوية لم تعد إرادية، بل إلزامية رسمياً، وعلى العمال بمجملهم الانضمام إلى الاتحادات النقابية، وعلى كل الناس المحترفين، والفنانين، الانضمام إلى جمعياتهم الحرفية المتتالية، ولم يعد من الممكن في مثل هذه الحالات، السماح بوجود المنظمات المتنافسة ؛ بسبب إخضاع هذه المنظمات الجديدة من قبل النظام بحيث تتحول من خلال ذلك إلى أجهزة مراقبة موجهة ضد أفراد الشعب، حيث بقدر ما يزيد الوقت الذي يقضيه الفرد من حياته في هذه المنظمات، بقدر ما يقل تهديده للنظام؛ لذلك تعمل هذه الأنظمة على التشديد على النشاطات الجماهيرية المنظمة، كالاجتماعات والمحاضرات والاستعراضات والنزهات الطويلة، والألعاب الرياضية، والأغاني، التي قد تعطي قسماً كبيراً من وقت فراغ الفرد.
2) كل هذه المنظمات الجديدة تدين بالولاء لأيدولوجيا النظام، وتخدم مصالحه بحيث تجعل الفرد يعتبر أن مصالحه الخاصة تتطابق مع مصالح النظام، وهكذا تصبح أيديولوجيا النظام وحزبه هي أيديولوجيا حزب العمال ، والمدراء ، والفلاحين الحرفين، وكل الجماعات القومية والدينية على أسس الاعتقاد بأن النظام يمثل الصالح العام، وبالتالي لا تصبح المنظمات الجديدة ، أدوات للنظام والمراقب له فحسب، بل أدوات للإقناع أيضاً.
كما تتسم التوتاليتارية بالعمل على فبركة الرأي العام والسيطرة عليه عبر الدعاية والرقابة، بتحويل السكان من مهدد فعال للنظام إلى أدوات مطاوعة له، ويصبح الفرد العاجز مضطر أن يجعل نفسه ومصالحه مرتبطة، ومندمجة مع مجموعة محددة من قبل السلطات القائمة أو من قبل مجموعة قومية، وثقافية معينة، أو من قبل النظام الاقتصادية السائدة أو من هذه الأهداف كلها، وتصبح القومية هي الولاء الجاد للدولة بمؤسساتها المتواجدة، وتصبح مقوم أساسي للتوتاليتارية.
وتعمل التوتاليتارية على العمل لخلق وحدة وراء النظام ، عن طريق تشجيع الولاء والتماثل الإيجابي، بغرس الخوف والكراهية لعدو مشترك ، ويجب أن يكون هذا العدو دائماً دخيلاً وخارجياً، مما يؤدي إلى عدم وجود تمزق في الوحدة الوطنية ، رغم أن النظام قد يعتبر جزءاً من المجتمع كدخلاء أجانب بشكل اعتباطي، والهدف من ذلك هو:
1) تنفيس الكراهية عن طريق الإيذاء الجسدي.
2) جعل العدو الخارجي هو أن يصبح مصدر الخيبات ، والأحقاد للمجموعات المختلفة من السكان، وإلا تحولت هذه الوظيفة ضد النظام ، أو ضد المجموعات الأخرى، مما يحدث صراعاً محلياً يضعف النظام، مثل يهود ألمانيا الذين حصدوا كراهية العمال كرأسماليين جشعين ، وكراهية الرأسماليين كمحرضين راديكاليين للعمال، وكراهية الصناعيين الصغار لهم كرجال أعمال للكساد.
وعلى هذا الأساس يصبح كل فرد أو جماعة من الشعب هم أعداء للنظام نفسه، ويصبح النظام الحامي الأوحد لكل فرد، ولكل جماعة، ويصبح كل مخالف أو من لا يؤمن بالنظام خائن، ومخرب، وجاسوس، ويصبح كل تقصير ، أو عجز للنظام ؛ بسبب العدو الخارجي، وهذا يعني ضمناً أن النظام معصوم عن الخطأ، والمعارضة مرتبطة بالعدو الخارجي، ذلك العدو القوي المخادع، المهدد للنظام وأفراده ، لهذا فيجب على الشعب بكافة أفراده، السير وراء النظام ومواكبته.
ويتميز النظام التوتاليتاري بعدة سمات هي:
1) ادعائه بأن بلده مطوقة وسكانه محاصرون.
2) يواصل القيام بعلاقات خارجية عدوانية على المستوى اللفظي على الأقل.
3) يصبح العدو الخارجي أمراً واقعاً، ويصبح أكثر فائدة من عملية خلق الوحدة في الداخل وتعزيز الدعم للنظام.
4) يصبح التشديد على العدوان الخارجي ضرباً من تحقيق الذات.
5) التوتر والعدوانية والحرب، كلها أمور تميز التوتاليتارية بجيرانها، لذلك يعمل النظام على عسكرة الحياة العامة، فيرتدي القسم الأكبر من السكان البزات العسكرية، ويتعرضون لنظام عسكري ما، كما أن الدعاية، والرقابة الشاملتين تؤمنان وضعاً مستمراً للتعبئة.
وقد تتحالف الطبقة الوسطى مع الطبقة الأرستقراطية في ترويض المجتمع ، ووصوله إلى التوتاليتارية، حيث تتميز بمعارضتها للديمقراطية، وبحقدها الشديد على الطبقات العليا، ولكونها غير قادرة على منافسة المصانع، والمخازن الكبيرة، وعلى مواجهة متطلبات الطبقة العاملة المنظمة، مما يجعلها في مركز اقتصادي بائس، أمام الطبقة الأرستقراطية التي تقاتل في سبيل الحفاظ على المجتمع القديم ذي الطابع الطبقي، المبني على الإمتيازات، وهذا سيؤدي إلى انضمام فلاحين كثيرين لهذه الجبهة أي لتحالف الطبقة الوسطى مع الطبقة الأرستقراطية، وسينضم لهذه الجبهة العمال الصناعيون، بسبب كونهم عاطلين عن العمل، وبسبب حقدهم ويأسهم من الإشكال الديمقراطية؛ لأن مطالبهم لم تتحقق من خلالها، إضافة إلى المثقفون بالمرتبطون بالأستقراطية، وعلى هذا الأساس سيكون هؤلاء هم الحلفاء والأدوات للتوتاليتارية الحاكمة.
أما ميزة المجتمع في النظام التوتاليتاري، فهي الركود؛ بسبب أن نظامه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي يبقى بلا تغيير، ولا يمكن حصول هذا التغيير إلا عن طريق حوافز معينة من العالم الخارجي (الغربي )، ولكن إذا كان البلد المحكوم من قبل التوتاليتارية قوياً بما يكفي لمهاجمة جيرانه، فمن المحتمل أن يتورط نظامه الفاشي بالحرب؛ بسبب الدوافع العدوانية له، لما يحمله العدو الخارجي في هذه الأنظمة من مكانه؛ لأن خلفيتها لطبقة اجتماعية محاربة منغلقة تعتبر الحرب والنهب عملها المناسب، لذلك تمجد الحرب، وطريقة الحياة العسكرية، وتاريخياً وجدت جميع الأنظمة التوتاليتارية الفاشية نهايتها بالحرب عملياً، فالنظام التوتاليتاري لا يمكنه تغيير التركيب الاجتماعي بعمق؛ لأن أي نظام بديل له سيكون توتاليتارياً فاشياً جديداً، على اعتبار أنه وريث لفاشية قديمة.
ويعمل المثقفون في النظام التوتاليتاري على الحفاظ على قوتهم وسيطرتهم عن طريق إضعاف القوى التقليدية، ومن ثم إزالتها، أما موظفو الخدمات والفنيين والمحترفين، فهؤلاء لا يشكلون أي تهديد لهذا النظام؛ بسبب ارتباط مصالحهم معه، كما لا يمكن للفلاحين وللطبقة الوسطى وللطبقة الدنيا، استعادة الديمقراطية مرة أخرى، إلا من خلال تحالفهم مرة أخرى مع الاستقراطية القديمة، وتاريخياً لم يحدث أن وقع بلد ديمقراطي متطور اقتصادياً تحت حكم توتاليتاري إلا من خلال عامل خارجي ساهم في وصولها ، كما حدث في تشيكوسلوفاكيا.
وعلى هذا الأساس يكون نظام الحزب الواحد هو عقبة أمام الوحدة الوطنية ؛ لأنه يفرض أيديولوجية أحادية الجانب على الدولة، ويسعى إلى قولبة شخصية الفرد تبعاً لغايات حددت سلفاً، ويقيم من نفسه وصياً على الناس محدداً لهم ما يفكرون فيه، وكيف يفكرون، ويعلم الناس أن يخفوا فضائلهم، وراء صيغ وكليشات ظاهرها يوهم أنها تعكس إرادة الشعب، وبدلاً من تعليم الفرد وجعله مواطناً مسؤولاً، فإن هذا الحزب يطأ الناس بأقدامه، ويعلم الفرد أن يظهر غير ما يبطن، وأن يخفي شعوره الحقيقي وراء حجاب، وأن يستخدم لغة غير مفهومة اصطلاحية ومقبولة، حتى يبدو أنه يلتزم خطا الحزب، وبالتالي ينجو من القمع، وهكذا تجرح الذات الشخصية، ويصاب الفرد بالإحباط، ويصبح نظام الحزب الواحد مسانداً للقبيلة، حيث أن الأفراد يصابون بالذهول من العيش في مجتمع شمولي يخضع فيه الفرد كلياً للدولة فيرتدون إلى القبلية كملاذ أخير لهم.
فلا سبيل إلى استقرار سياسي دائم ولا إلى وحدة وطنية حقيقية في مجتمع أسس بنيانه على الإجبار للطوائف ، والأعراق التي تنتمي إليه، والشعوب التي رزحت تحت نير الشيوعية السوفيتية، أكبر مثال على ذلك، فما أن لاحت لها فرصة الاستقلال من خلال سياسة البروسترويكا، والتي هي أهم مقومات الغلاسوست، حتى أخذت تدق طبول الحرب، إذا لم تحصل على الاستقلال من الاستعمار الذي كبلها لقرون عديدة، من قبل حكام جبابرة، حكموها بالحديد ، والنار ، والقهر ، والاستبداد ، والإرهاب ، والتنكيل، فرغم تحقق وحدتها الوطنية خلال ذلك الحكم بشكل ظاهري، إلا أن هذه الوحدة كانت من خلال إرادة السلطة السياسية نفسها، فلم يستطع النظام عملياً جميع تلك القوميات في ظل وحدة وطنية واحدة، إلا من خلال فرضه لنظام سياسي ديكتاتوري، ومن خلال الحزب الشيوعي الوحيد، وتسلطه على الشعب من خلال قانون نص على عقوبات مشددة لكل من يهرب ، أو يهاجر من البلاد دون إذن مسبق.
وقد يكون للأحزاب العلمانية سواء أكانت اشتراكية أم قومية أم كليهما معاً ، دور في إضعاف الوحدة الوطنية في دولة متعددة الطبقات ، أو الأعراق ، أو القوميات ، أو الأديان،حيث تعمل الأحزاب الاشتراكية السياسية على تجسيد الأهداف الشيوعية ؛ لأنها تعتبر الرأسمالية هي العدو الرئيسي، وبأن الثورة الاشتراكية هي الهدف المباشر، وأن كبت الأحزاب الاشتراكية والشيوعية عن إقامة جهة واحدة لكسب أتباع جدد من البروليتاريا والفلاحين والبرجوازيين الصغار وإضعاف الثقة بقيادات هذه الفئات.
كما تعمل الأحزاب العمومية الاشتراكية على تجاهل تطلعات الجماعات العرقية والدينية، واتخاذ فرض قيم الطبقة الحاكمة (المتوسطة)، مما يجعل الفئات العرقية والمذهبية تشعر بأنها مجبرة على التحرك وعلى رفع مظالمها إلى الدولة، وقد تتفاوت تلك المطالب بين الرغبة في التمثيل السياسي، والرغبة في الحكم الذاتي، أو الانفصال، وتتبلور الحركات العرقية والمذهبية في عدة مذاهب تتفاوت بين تأسيس الأحزاب السياسية إلى تبني سياسة العنف ضد الحزب القومي الحاكم، وقد تعمل تلك الجماعات على تشكيل أحزاب قومية متطرفة رداً على القومية الحاكمة من خلال الحزب الحاكم الممثل لتلك القومية ؛ بسبب إحساس تلك الجماعات باليأس والإحباط والفشل والاستبعاد.
تناولت الدراسة في هذا المبحث العلاقة بين الوحدة الوطنية وبين الحزبية على اعتبار أن هذين المفهومين هما محور الدراسة ، وقد رأينا أن هناك ثمة عوامل إيجابية بين هذين المفهومين، وثمة عوامل سلبية ، أما العوامل الإيجابية فرأت أن هناك زيادة في قوة الوحدة الوطنية من خلال هذه الحزبية، فرأى بعض الباحثين أن الحزب الواحد أو القائد سيقوي الوحدة الوطنية في الدولة، ورأى آخرون أن نظام التعددية سواءاً أكان النظام ثنائي الحزبية أم كان متعدد الحزبية سيساهم في زيادة قوة الوحدة الوطنية، وكل من الفريقين كان له حججه حول ذلك، لكن الباحث من خلال مقارتنه لكلا الرأيين وجد أن التعددية الحزبية أقدر على تحقيق الوحدة الوطنية على المدى الطويل، بسبب اتفاق الناس فيما بينهم على وضع الدولة ، وحالة النظام ،ورغم أن الوحدة الوطنية تتحقق في نظام الحزب الواحد أو القائد إلا أنها تكون وحدة وطنية مؤقتة، سرعان ما تنهار بانهيار القضية الحديدية للنظام الحاكم .
كما تناولت الدراسة العوامل السلبية في العلاقة بين مفهومي الدراسة وقد اختلفت الآراء أيضاً بين الباحثين، حول سلبية النظام الأحادي ، أو النظام التعددي على الوحدة الوطنية حيث رأي فريق الرأي الأول أن النظام الأحادي الحزبية يضعف من الوحدة الوطنية بسبب ديكتاتوريته وابتعاده عن الشعب، وتحكم جماعة الحزب الحاكم في الدولة وبناءه للتوتاليتارية والفاشية في الدولة، أما فريق الرأي الأخر فيري أن التعددية السياسية تفرق أبناء الوطن إلى فرق وجماعات متصارعة من أجل السلطة، وبالتالي تساهم في إضعاف الوحدة الوطنية ؛ لكن رأي الباحث أن وجود الحزب الشمولي الأحادي أو القائد سيصف من الوحدة الوطنية؛ بسبب الطبيعة المغلقة لهذا الحزب وانغلاقه عن الجماهير ، واستخدامه أجهزة القمع في حكم البلاد ، وبالتالي سيحدث شرخاً بين النخبة والجماهير، وإذا كان قومياً سيحدث شرخاً بين أفراد الشعب إذا كانوا من قوميات متعددة، وإذا كان طائفياً دينياً فإنه أيضاً سيحدث شرخاً في العلاقة بين أفراد الشعب عندما ينتمون لطوائف متعددة، وإذا كان إقليمياً ، أو طبقياً ؛ فسيحدث شرخاً بين فئات الشعب الطبقية والتي تنتمي إلى أقاليم متعددة وبالتالي فهو عامل سلبي في تحقيق الوحدة الوطنية في الدولة ، أما النظام التعددي الحزبي فرغم الصراعات التي تتم بين الأحزاب بهدف الوصول إلى السلطة ، إلا أنه يبقى أكثر تعبيراً عن الشعب ؛ بسبب أن من يصل إلى السلطة يكونوا -وإن لم يمثلوا جميع فئات الشعب –يمثلون الأكثرية النسبية فهو نسبياً أفضل من نظام الحزب الواحد أو القائد وبالتالي فهو أكثر تعبيراً عن رأي الشعب، خاصة إذا كان الشعب متعلماً ، لأنه لكي ينجح النظام الحزبي فيجب أن يكون مستوى التعليم كبيراً، وتمرس الشعب على ممارسة الحرية والديمقراطية عظماً ، وإلا فإن ذلك يؤدي إلى صراع حزبي بين الأحزاب وحكومات قصيرة المدى ، مما يسمح لبعض العناصر الدكتاتورية بالاستيلاء على الحكم تحت دعوى القضاء على عدم الاستقرار، مثلما فعل هتلر عندما وصل إلى الحكم من خلال حزبه النازي ، أو كما فعل موسليني عندما وصل إلى الحكم من خلال حزبه الفاشي.
مما سبق نستنتج أننا قد أوجدنا العلاقة التي تربط مفهومي الوحدة الوطنية والحزبية، حيث حددنا العلاقة الإيجابية التي تربط المفهومين، ووجدنا أن هناك علاقات إيجابية بينهما، بحيث أن وجود الحزبية سيساهم في دعم الوحدة الوطنية وزيادة قوتها، كما وجدنا بالمقابل أن هناك علاقات سلبية بين الوحدة الوطنية ، والحزبية، بحيث أن وجود الحزبية سيساهم في إفراغ الوحدة الوطنية من محتواها، وتناقص قوتها، لكن رأت الدراسة في النهاية، أن النظام الحزبي التعددي رغم سلبياته، إلا أنه أكثر تعبيراً عن المجتمع وفئاته، وبالتالي أكثر قدرة على تحقيق الوحدة الوطنية، من النظام الأحادي أو الشمولي، الذي ينفصل عن الشعب ويسعى من خلال سياسته الداخلية والخارجية، إلى الانفصال عن الشعب، وبالتالي إضعاف الوحدة الوطنية.

• المراجع
( 1) حمدي عبد الرحمن، التعددية وأزمة بناء الدولة في أفريقيا الإسلامية، القاهرة: مركز دراسات المستقبل الأفريقي، 1996،

(2) ( ( Juluis,k.Nyerere, "Democracy and party system", Dar El-salam, Tanganyika : standard limited, 1965
( 3) مجهول المؤلف، الديمقراطية داخل الأحزاب الوطنية، المستقبل العربي، العدد (64)، يونيو 1984
(4) محمد جابر الأنصاري وآخرون، النزاعات الأهلية العربية والتواصل الداخلية والخارجية ، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية1997
(5)
The Developing Areas " , New York .1966 James,S.Coleman , " The Politics of A. Almond . Gabrial )
(6)
Joseph Lapalomabara and Myron Weiner ," Origin and Development " , In Joseph Lapalobara and Myron Weiren (eds), " Political Partien Political Development" ,New dersey ,Princeton University , press .1969
(7)
New Jersey ,Prentice_hall,p.531, ; "Politics Within Nation " Joseph. Lapalomabara
( 8) أحمد وهبان، الصراعات العرقية واستقرار العالم المحاصر، الإسكندرية: دار الجامعة الجديدة للنشر، 1999









#عزو_محمد_عبد_القادر_ناجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العوامل المؤثرة على الوحدة الوطنية
- محددات الوحدة الوطنية في الفكر السياسي الحديث (الجزء الثاني ...
- مفهوم الحزبية والنظام الحزبي (الأحادي، الثنائي، التعددي)
- محددات الوحدة الوطنية في الفكر السياسي الحديث (الجزء الأول )
- تأثير الانترنت على ثقافة الشباب العربي
- مفهوم الوحدة الوطنية قديماً وحديثاً
- الدور القومي للمناضل أحمد الشريف في المقاومة الليبية
- عدم الاستقرار السياسي في القرن الإفريقي (الجزء الثاني)
- عدم الاستقرار السياسي في القرن الإفريقي (الجزء الثالث)
- عدم الاستقرار السياسي في القرن الإفريقي (الجزء الأول)
- أثر العوامل الداخلية والخارجية فى عدم الاستقرار السياسي في أ ...
- دور بريطانيا في عدم الاستقرار السياسي في سوريا
- اتفاقيات ومعاهدات دولية تجاه منطقة الهلال الخصيب
- وثائق في تاريخ سوريا
- النص الكامل لدستور الجمهورية العربية السورية الصادر في 9/2/1 ...
- حقوق الإنسان بين الدستور السوري والقانون
- الدور الفرنسي في عدم الاستقرار السياسي في سوريا
- الدور الأمريكي في عدم الاستقرار السياسي في سوريا
- أول دستور عربي هو دستور المملكة السورية
- الدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة 1958


المزيد.....




- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عزو محمد عبد القادر ناجي - العلاقة بين الوحدة الوطنية والحزبية