أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - يوحنا بيداويد - إلى أي مدى نريد نحن البشر أن تذهب بنا التطورات التكنولوجية في مجال الذكاء الاصطناعي؟















المزيد.....

إلى أي مدى نريد نحن البشر أن تذهب بنا التطورات التكنولوجية في مجال الذكاء الاصطناعي؟


يوحنا بيداويد

الحوار المتمدن-العدد: 2621 - 2009 / 4 / 19 - 04:13
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


هناك حذر وقلق شديد في وسط علماء الاجتماع والمفكريين وحتى السياسيين من مستقبل الذكاء الصناعي ودوره في مستقبل الانسانية. ان هذا القلق ليس من وهم او من خيال اشخاص مجانين ، بل هو واقع حقيقي ملموس، اما سببه هو اعتقاد الكثيرين من ان الانسان وصل الى الخط الاحمر ، لا بل عبره من خلال اكتشافاته لاسيما في مجال العقل الصناعي او الذكاء الصناعي و حقول الهندسة الوراثية . فهم الان يشكون قد تخرج هذه الانظمة من سيطرة الانسان وتصبح منافس او عدو مدمر له او لبيئته. وبهذا تتحقق مقولة
( انقلب السحر على الساحر ) التي هي افضل ما يمكن وصف به حالة الانسان .

ليست رغبة الخلود (2) وحدها وراء دفع الانسان الى الاستمرار في البحث والكشف عن هوية الطبيعة وروحها او قوتها ، بل نزعته الى الانفرادية وطموحه الشخصي وحبه لذاته هو الدافع الاقوى لإندفاعه في هذا الاتجاه، اليس نفس الانسان الذي وقع في تجربة اكل التفاح بعد ان ولدت لديه رغبة معرفة الخير والشر او الوصول الى مرحلة الأُلوهية التي ذُكِرتْ في كُتب الاديان السماوية.

منذ ما يقارب مليون سنة يفكر الانسان في اكتشاف الطبيعة و تسخيرها لمصلحته كي توفر له الطعام والسلام والاستقرار والسعادة من خلال نشاطات الحياة الاجتماعية. لكن خلال الخمسين السنة الاخيرة حدث انقلاب جذري في هذا المفهوم ، حيث حصلت نقلة نوعية في معرفة او امكانية الانسان في السيطرة او توجيه الطبيعة. نحن هنا لا نقصد الصعود الى سطح القمر او المريخ او الوصول الى مدارات الكواكب او النجوم الاخرى في الكون. ولانقصد زيادة الانتاج اووسائل الاتصالات وسرعتها ، وانما انحراف رغبته او الغاية من اكتشافاته التي قد تضع نهاية لكل شيء، حيث اهمل تقيمها من منظور الفائدة او الضرر التي قد تحدث بسببها، كذلك اهمال التقيم الروحي والاخلاقي والديني لهاكما كان يحصل في السابق ، وهل هناك جريمة اوخطيئة اكبر من يكونوا سبباً لإندثار الحياة من سطح الارض!.

من خلال قراءتنا لقصص اكتشافات الانسان لاسرار الطبيعة او قيامه بالاختراعات واطلاعنا على التراث و الفكر الفلسفي والفكر الديني لدى شعوب العالم، نكتشف ان القائمين بها قد خُلدوا في التاريخ من بابه الواسع بسبب رغبتهم في صنع الخير للانسان او بالاحرى معظم نتائج هذه الاكتشافات كانت تصب في مصلحة الانسان، وان كان هناك خطر منها فكان محدود التأثير، لكن اليوم يبدو للبعض ان قصة الحضارة قد اقتربت من نهايتها(3)، لأن اي خطأ مثلا في الهندسة الوراثية قد يكلف البشرية وجودهم. او اي خروج الانظمة المبرمجة في الروبوت او الذكاء الصناعي قد يحدث كارثة.


لعل البعض يتعجب و يسأل هل فعلا وصلت الحالة الى هذه المرحلة من الخطورة ونحن لا نعلم ؟!، متى كانت الاختراعات والابداعات العلمية الجديدة تضر بالحياة اكثر من ان تفيدها؟. الحقيقة ان الخوف ليس من اكتشاف مبادئ جديدة عن القانون الذي تسير عليه الطبيعة التي نحن جزء منها، بل الخوف هو من جهل اوالانسان وطيشه في استخدامها، اي الخوف من الامراض النفسية او الشعور بالنقص الذي قد يدفع بالبعض من الذين يعملون في هذا المجال الى القيام بعمل جنوني بعيد عن مبادئ وحقوق الانسان التي هي مصانة في قوانين الامم المتحدة. او الخوف من ان لا يعرف هؤلاء العباقرة مدى خطورة قراراتهم على مصير البشرية.

فمن امثلة المخاطر التي لا سامح الله قد تحصل في زمن قريب، هي خلق انسان نصفه الة ذو ذكاء صناعي ونصفه الاخر جسد انساني، اي ان يكون هناك انسان مبرمج لعمل مهمات خاصة لا يرغب الانسان العادي القيام بها لخطورتها او عجزه من القيام بها، مثل جنود من خاص يستخدمون في الحروب القادمة، او استخدامهم في تجارب علمية يصعب على الانسان القيام بها، او مهمات سرية للخطف او الاغتيال او السرقة ......الخ .
المجال الاخر الذي ينذر بالخطورة هو تبديل او اضافة اجزاء اخرى الى اعضاء الحواس او اعضاء الجسم كي تعمل اكثر دقة او تزيد من قابلية صاحبها العقلية التي قد يفرح البعض عند سماعها ، لكننا نرى مدام انها جاءت بصورة غير طبيعية يكون خطرها كبير علينا حسب قاعدة لا شيء يحدث من غير سبب. او قد تصل مرحلة تبديل اجزاء من الدماغ لزيادة سعة خزن معلومات كما يحصل لزيادة سرعة او سعة عقل الكومبيتور.
اما المجال الاكثر خطورة هو التدخل في DNA (5) اي خارطة الطبيعة الانسانية ( الجزيئات المسؤولة عن نقل الصفات الوراثية للكائنات الحية) التي بدات بالنشوء في الخلية منذ تكوينها قبل 3.5 مليار سنة . الخطورة هنا تكمن في عملية ازالة او اضافة مركبات جديدة على هذه الحلقات DNA، فعن طريق هذا التدخل يمكن فناء قوميات وشعوب كاملة بسبب وجود صفات خاصة بها لا يملكها غيرها من الشعوب. اوخلق شعوب متخلفة تكون وظيفتها مثل ايدي عاملة او جنود حروب مرة اخرى عن طريق التلاعب بشفراتها الوراثية مثلا اضعاف القدرات الذكائية او تقليل عملية التذكر كما هي لدى الحيوانات.

لكن هل وقف الانسان مكتوف اليدين ينتظر لحين حصول المصيبة؟ هل خاب الامل في امكانيات الصالحين؟ ألا يوجد تيار اخر يعمل بإتاجه معاكس من اجل حماية الانسان من هذه الاختراعات والاكتشافات.

الحقيقة هناك الكثير من العلماء والمفكرين والسياسيين ورجال الدين ومن كافة الحقول المعرفية يقومون بجهود مخلصة في هذا الاتجاه ، هناك الكثير من الجامعات للدراسات الانسانية والفكرية والمدارس الدينية التي تقدس الحياة تعمل من اجل حمايتها في كل الطرق. ولكن جهودهم لحد الان لم تصل الى مرحلة ايقاف او على الاقل تخفيف التعجيل الذي تسير عليه الرغبة لاجنونية لدى بعض العلماء او بالاحرى تجار العلم (4).

اذن الخطر القادم مصدره يكمن في فقدان الاخلاق والقيم وتأثير التعاليم الروحية السامية على الانسان ، يكمن في فقدان هؤلاء العلماء او اصحاب الشركات الشعور بالانسانية وقدسيتها واحترامهم للحياة ، فالحضارة بدون قيم هي كالرجل الاعمى لابد ان يسقط الحفرة عاجلاُ ام اجلاُ. لذلك يجب ان يكون هناك تعاون اممي ودولي وديني وفكري وعلى جميع الاصعدة اكثر لهدم الهوة بين الفكر الشرقي المنغلق على ذاته والفكر الغربي المنغمس في المادية البحتة . ومن ثم وضع خطة عمل يتفق عليها الجميع في نشر مفاهيم الانسانية وتقديس الحياة .

المصدات او طرق الحماية
الخطر الذي يحدق بالبشرية اليوم كما قلنا اتي من مقدرة الانسان في الوصول الى اسرار مهمة ومصيرية، تدخل ضمن عملية الخلق، الامر الذي لا يقبل اي تلاعب بها، وان اي خطأ فيها قد يؤدي الى حصول مصائب لا تتوقع عقباها. لذلك هناك حاجة ضرورية لتوعية الناس واطلاعهم على خطورة هذه الابحاث كي يزداد الضغط على الدول و الشركات القائمة بها لإلزامها على الالتزام بالقيم الانسانية المطلقة التي تقدس الحياة بأي ثمن ، وكذلك توعية الجهات الدولية ومنظماتها الى عمل مصدات او واقيات مضادة او حامية لحياة الانسان من اثار انحراف في استخدام هذه الاكتشافات ربما تكون صنع هذه المصدات هي من الخيال العلمي اليوم لكن قد تتحقق في الغد كما حصل في كثير من الاحيان وهذه بعض الامثلة لها:-
اولا – وضع برامج في جميع انظمة الذكاء الصناعي الجديدة، تعمل كمراقب عليها، اثناء عملها ترسل ما تقوم به من المعلومات الى مركز المراقبة الدولية التي تكون معدة لهذا الغرض او الجهات الادارية المسؤولة عن تلك المنطقة (الدولة). في هذه الحالة تكون هناك مراقبة لنشاط الذكاء الصناعي اوالروبوت او الشخص او الجهة التي تعطي اوامر لتشغيله امام القانون.

ثانيا- يمكن عمل برامج خاصة وتضع داخل هذه الاجهزة (يتم وضعها من قبل السلطات الدولية فقط ) تكون مبرمجة ببرنامج اخر تعطي اوامر التوقف عن العمل حالاً عندما تأتيها اوامر تكون خطرة او مضرة لحياة الانسان او خارج مهمتها الاصلية. اما كيفية معرفة هذه الاجهزة بالضرر او الخطورة على الانسان ، مرة اخرى يمكن وضع برامج اخر خاص داخل هذا الجهاز تزود بمعلومات تكون كافية لقيام بهذه المهمة عن طريقة المقارنة . اي يتم السيطرة على تصميم هذه الاجهزة من قبل الدول ومن ثم يتم وضع هذه البرامج التي تعمل كدوائر السلامة في البروبوت او جهاز ذو ذكاء الصناعي.

ثالثا – الاهتمام بجانب المعرفة الانسانية لدى الباحثين في هذ المجال اي زيادة التوعية عن خطورة الخطأ في حالة حدوثه ، كما يجب ان يكون هناك نوع من السيطرة النوعية على جميع استخدامات الذكاء الصناعي كأن يكون هناك مؤسسة مهمتها التدقيقي في وظيفتها. عن طريقها يمكن معرفة وظيفة الجهاز ومدى خطورة تحويره او في حالة برمجته للقيام بالوظائف غير الصحيحة او الخطرة على الحياة.

لكن الحل الاضبط يمكن ان يكون باكتشاف نظام الكتروني جديد يربط بين جميع الاجهزة ذات العقل الصناعي كي يتم سهولة مراقبتها ومعرفة نشاطها مثل فكرة الانترنيت او الراديو التي لا يمكن السيطرة على بثها. ومن ثم تبني جميع الدول لذلك النظام كي يتم مراقبتها عن طريق الاتصال الالكتروني كما يحصل في البنوك والبورصات.
في الختام نقول ان الخطورة العظمى هي من الافعال غير انعكاسية، اي التي لا مجال لاعادتها الى وضعها السابق والتي تترك اثراً لا يمكن إزالته ربما ملايين من السنين. فكما اجتمع اجدادنا في العصور الحجرية القديمة في داخل كهوف وتعاونوا معا من اجل اكتشاف و تسخير الطبيعة مثل استخدام النار و بناء البيوت والجدوال المائية وتدجين الحيوانات والزراعة ووصلت مسيرة الانسانية الى هذا اليوم، كذلك يجب على الجيل الحاضر او الاجيال القادمة التعاون معاُ على الرغم من وجود خلافات كثيرة بينهم من اجل حماية الانسانية وجميع انواع الاحياء من خطر الزوال عن طريق تعاونهم معاًُ مرة اخرى والتعاون الصادق.

_________
1 – الاسلحة المدمرة هي الاسلحة الذرية والبايلوجية والكيمائية
2 – قصة اسطورة كلكامش والبحث عن بذور نبتة الحياة
3 – يشبه البعض معرفة الانسان بالطفل الذي يلعب بالنار لاول مرة.
4 – قد لا يستحقون لقب العلماء بحسب التعبير التقليدي الذي تعود الناس اطلاقه للمبدعين لان الموضوع انقلب الى موضوع التجارة او ربح او خسارة او كما اطلق الاغريق عليه السفساطيين.
5 – الشفرة الوراثية في الخلية الحية كثيرة التشابه بين جميع الكائنات الحية ومتطابقة تماما في النوع الواحد فهي كالخميرة ، فإذا فسدت الخميرة لن تستطيع القيام بعملية التخمير.



#يوحنا_بيداويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية التطور من منظور ايماني
- دور المدارس السريانية وعلمائها في الحضارات العالمية
- الاول من نيسان عيد اكيتو كيف تحول الى يوم الكذب؟
- كي لا تسقط بابل الثانية من جديد
- متى يصبح الدين افيون الشعوب؟
- دراسة في ديالكتيكية هيجل
- كارل ماركس والثورة الاشتراكية
- كيف يصبح المالكي قائداً خالداً للعراقيين؟
- حركة العصر الحديث الى اين تقود مجتمعنا ؟
- الصراع الفكري بين الماديين والمثاليين حول طبيعة الكون
- الصراع بين الموضوعية والذاتية
- اسهامات فلاسفة العرب الاوائل في تطوير الفكر الفلسفي


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - يوحنا بيداويد - إلى أي مدى نريد نحن البشر أن تذهب بنا التطورات التكنولوجية في مجال الذكاء الاصطناعي؟