|
مغربيات
سعدي يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 2620 - 2009 / 4 / 18 - 10:17
المحور:
الادب والفن
نُــزْلُ تْرانس أتلانتيك (مِكْناس) Transatlantique-Meknes Hotel
عُمرُ هذا النُّزْلِ عُمري : عُمرُهُ خمسٌ وسبعون ، وبِضعٌ من حروبٍ . ينهضُ النُزْلُ على مَشْــرفةٍ تَصْلُحُ أن تنصِبَ فيها مدفعــاً يمكنُ أن يقصفَ حَيَّ العربِ ، الأسواقَ والتاريخَ والزُّلَّــيجَ ... كانت هيأةُ الضبّاطِ في الجيشِ الفرنســيّ ترى في النُزْلِ بيتاً أو مَقَرّاً ، من هنا يمكِنُ للخيّالةِ السيرُ إلى وجدةَ ليلاً ، ثم يأوونَ إلى بردِ تِلِمسانَ صباحَ الغدِ ... كان العالَمُ المعروفُ في مُنبسَطِ الكفِّ ! ....................... ....................... ....................... ولكني هنا في البارِ ... أبدو ضائعاً مستَنفَداً في ولَهِي إذ أسمعُ الـعَرْبِيَّ يتلو أزرقَ الجازِ وإذْ ألمحُهُ يغمِزُ لي في آخِرِ الأغنيةِ . النُّزْلُ الذي أعرفُهُ لم يَعُدِ النُّزْلَ الذي أعرفُهُ ... ........................ ........................ ........................ اللحظةُ ، كالقطّةِ : إني أسمعُ ، البغتةَ ، خَطوي ، عبْرَ ممشى العشبِ أسمعُ الأوراقَ تَسّاقَطُ في الليلِ حفيفَ الطيرِ إذ يأوي إلى عُشٍّ بِــلِـــيفِ النخـــلِ ِمن صومعةٍ في البلدةِ انثالَ الأذانُ ... العالَمُ استكمَلَ معناهُ . وهذا النُزْلُ أيضاً ! لندن 02.04.2009
الشاطئ البربريّ Barbary Coast
أقولُ الصراحةَ : هذي البلادُ التي كِدتُ أعرفُها مرّةً لن أتوقَ لأعرفَها الآنَ ... هذي البلادُ أخَبِّيءُ أعشابَها وأزِقَّتَها في جيوبي الكثيرةِ لن أسألَ ؛ الوردُ والســِرُّ لا يُسألانِ الحقيقةُ لا تُسألُ . الحُبُّ لا يُسألُ . الدربُ ما بينَ وجدةَ شــرقاً وسَــبْـتـةَ ، دربي العتيقُ الذي وطّأتْــهُ خُطايَ الخفيفاتُ أيّامَ كانت موائدُنا نَزْرةً وبيارقُنا عاليات ... لكَ الحمدُ ، يا شاطئي البربريَّ لك الحمدُ يا مَن وهبتَ الأصابعَ وقتَ النبات. لندن 09.04.2009
الـمَــدْبَــغـــــة
سـُـلَّـمٌ ضيّقٌ ، وحديدٌ ، سيأخذكَ ... السُّلَّمُ الضيِّقُ ، الحلَزونُ ،سيبدأُ من آخرِ المخزنِ . السّترةُ الجِلْدُ ، ثَمَّتَ ،والشايُ أخضرَ ، تلكَ الحقائبُ مفتوحةٌ ، كفِخاخٍ ،ستسقطُ فيها عجائزُ برلينَ ... والشمسُ غائبةٌ أبداً ( ربما تُحرِقُ الجِلْدَ ) يأخذك السلَّمُ الضيِّقُ ، الحلزونُ ، إلى السطحِ : من ههنا تُـبصرُ الـمَدْبَــغــةْ : شمسُ إفريقيا تتمهَّلُ ، حتى تغورَ عميقاً بتلك القدورِ المدوَّرةِ . الماءُ يفقدُ ما هو للماءِ . للماءِ رائحةٌ كالمجاري التي في الحميمِ وللماءِ لونٌ ، وللماءِ طَعْمُ الرصاصِ . الرجالُ يدورون بين القدورِ ، عراةً إلى النصفِ . كانت جلودُ جِمالٍ على السطحِ تَنْشَفُ كان قطيعٌ من الماعزِ الغِرِّ ينزعُ أثوابَهُ قربَ ثورٍ بلا جثّــةٍ أتُرى دخلتْ في القدورِ خيولٌ من الأطلسِ ؟ الشمسُ باردةٌ شمسُ إفريقيا تتمهّلُ كي تُنْضِجَ الجِــلْـدَ كي تتفادى سكاكينَــنـا بالغياب... لندن 30.03.2009
جْوان في بار نُوفَـلـْتِــي
ربّـما للمرةِ الأولى يرى الساقي ، جَمالُ ، امرأةً تجلسُ في كرسيِّها العالي بهذا البارِ ، كي تطلبَ منه كأسَ رِيكار ... لقد كان نهاراً رائقاً والشمسُ في يوم الربيعِ الأولِ ؛ الناسُ الذين اقتعَدوا مقهى الرصيفِ استمتعوا بالقهوةِ الآنَ تجيءُ الخطوةُ الأخرى : إلى البارِ ! .......................... .......................... .......................... كأنّ جْوانَ لا تدري بما يَحْدُثُ في البارِ ... لقد جاءَ الجميعُ ! اختفتِ الشمسُ وما عادَ بهذا الصَّوْبِ من مكناسَ مقهى ... وسماءٌ رَطْـبــةٌ تُمطِرُ رِيكاراً على رأسِ جــوان ، البارُ أمسى مسرحاً ... قالت جوانُ : الآنَ حانَ الوقتُ كي نمضي إلى الفندقِ ... لندن 08.04.2009
خِزانةُ جامعِ القرويّـين
كرسيُّ محمدٍ الخامسِ كان بسيطاً خشباً لم تجرحْه يدٌ لتزخرفَه ، أو لتلوِّنَهُ . كرسيُّ محمدٍ الخامسِ كان على بابِ المخطوطاتِ السعديةِ يحرسُــها . لو كانت تلك القُبّةُ مُذْهَــبــةً من تِبْرِ السعديّينَ ! لكنّ القبّةَ عاريةٌ إلاّ من مخطوطاتِ النحوِ وكرســيّ محمدٍ الخامس ! لندن 30.03.2009
ســاحةُ الهَــدِيــم ( مكناس )
مولاي ، اسماعيلُ ، قِفْ ، نرجوكَ ... هذا حَدُّكَ ! ابتدأتْ منازلُنا الفقيرةُ وانتهى غالي قصورِكَ! ليس بَعدَ الساحةِ القوراءِ مِن هَدْمٍ ... أتعرفُ أننا نخشى الدخولَ إلى حدائقِكَ ؟ الصهاريجُ ارتوَتْ منها خيولُكَ غيرَ أنّ غِياضَنا ، الزيتونَ والليمونَ والنعناعَ ، جفّتْ ... نحن ، يا مولايَ اسماعيل ، شعبُكَ نحن لسنا في بلادِ السِّــيبةِ ... الراياتُ رايتُكَ المنابرُ كلُّها تدعو لكَ ، الغاباتُ مزرعةٌ لكَ الشطآنُ والوديانُ ، والنُّعْـمى ، وثلجُ الأطلسِ البحريّ . يا مولاي اسماعيلُ قِفْ ! نرجوكَ ... هذا حَدُّكَ ! لندن 07.04.2009
ســيّدي اللقلقُ
ملأَ الرومانُ هذا السهلَ بالأعنابِ والأعمدةِ . الأَرْزُ الذي يكْمُنُ في الأطلسِ يُمسي سفناً أو عرشَ جنديٍّ ، وقد يصبحُ كأساً لنبيذ السهلِ باباً أو ســريراً ... نحنُ جَوّابونَ ، لم نغلقْ علينا أفُقاً لم نبْنِ بيتاً دارةً ، أو قلعةً ... نحن بنَينا مُدُناً في صحنِ حلوى وانتظرنا لحظةَ الإفطارِ ، آنَ التّمْــرةُ الجنّةُ . ما أشبهَنا بالنحلِ والنخلِ ! وما أشبهَنا باللقلقِ ! الســهلُ فســـيحٌ ... هل سيبني سيِّدي اللقلقُ عشّــاً بـينَ مكناسٍ وفاس ؟ لندن 01.04.2009
88
#سعدي_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مغربياتٌ سبعٌ
-
لقد افتروا كذباً على القراصنة
-
رمل دبيّ أيضاً
-
الشِّعر خبزي اليوميّ
-
ثلاث قصائد عن الرمل
-
كريم الحنكي
-
قصائد الحديقة العامة
-
إنه يحيى
-
راح الوطن. راح المنفى
-
ثلاث قصائد أيضاً
-
شِعابٌ جبليةٌ
-
استقالة الشيوعيّ الأخير
-
ثلاث قصائد مكشوفة
-
اختلاجات في حضرة محمود درويش
-
- في رحيل كامل شياع - القتل مرتين
-
مطعمٌ شبهُ أميركيّ
-
أهوَ التّطابقُ المعهودُ ؟
-
مراجعةأم محاكمة ؟
-
ثلاث قصائد
-
الشعب الأميركي سيحرر العراقيين من جلاّديهم المحليين
المزيد.....
-
منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز
...
-
فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي
...
-
سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
-
وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي
...
-
-كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟
...
-
ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق
...
-
رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة
...
-
الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
-
صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
-
بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء
...
المزيد.....
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
المزيد.....
|