أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحميد السياب - ( رحيل قاسم محمد في الغربة قضية )















المزيد.....

( رحيل قاسم محمد في الغربة قضية )


عبد الحميد السياب

الحوار المتمدن-العدد: 2617 - 2009 / 4 / 15 - 09:28
المحور: الادب والفن
    



رحيل المبدع الفنان والذي أطلق عليه فيلسوف المسرح وهو يستحق هذا اللقب بجدارة وامتياز إن رحيله عن الساحة الفنية والأدبية خسارة حقيقية لابد أن نقف عندها طويلا ....فلقد عرفته فنانا وإنسانا وأستاذا فذا حيث كنا في نهاية الستينات من القرن المنصرم ندرس في أكاديمية الفنون الجميلة / قسم الفنون المسرحية وقد كان الأستاذ المرحوم في وقتها راجعا من الاتحاد السوفيتي و كان متحمسا للعمل في وطنه لقد كان يدرسنا مادة التكنيك الجسدي لقد كان يبحر في عمق النفس والحس الإنساني فهو يعتبر الجسد أحد الوسائل المهمة الفعالة لدى الممثل الذي يريد الإبداع ...كنا نتدرب بحب حماس كان قاسم يدربنا على لعبة المبارزة (الشيش)وهذه اللعبة الرياضية تحتاج المهارة والدقة والتركيز وقوة الملاحظة ...انتباه وحذر وخطوات رشيقة متقنة فكان أستاذنا قاسم يخطو بخطوات فيها الكثير من الحرفة ..يبدل قدميه يرفع الشيش ينظر بدقة إلى الإمام كان يثير فينا الإعجاب والدهشة كيف يفتح عينيه كيف يحرك يده وجسده ؟كيف يسبل يده الأخرى خلفه يمدها إلى خلفه بحيث اليد اليمنى مع اليد اليسرى مع الشيش والجسم الذي أتقن خطواته كلها تصنع تشكيلة إبداعية تنشد نشيدا للأمل والحب والتجانس كان قاسم يثير فينا الفرح ونقلد ما يقوم به وكان قاسم يؤكد لنا وبحماس وصدق يقول أن لم تستثمروا جسدكم وتتمرنون كل يوم أكثر من ساعة متواصلة لم يصل الواحد منكم الذروة في الإبداع والخلق الفني وأتذكر كان هناك في الصف الآخر يصدح أستاذنا الرائع أطال الله في عمره المبدع سامي عبد الحميد ليدرب صفا آخر على درس مادة الصوت واللقاء إنها ورشة عمل رائعة عشناها مع الفقيد الكبير ....حدثني أحد الأصدقاء وكان قريب لقاسم قال حين رجع قاسم من الاتحاد السوفيتي أعتكف بل أنعزل تماما ودأب على قراءة التراث العربي وما يستفد منه قاسم ليكتب مسرحا تراثيا يتعمق فيه ويخرج جواهره الجياد فراح للجاحظ وابن المقفع وألف ليلة وليلة وحكايات عن الزمن البعيد الغابر ..صار يبحث ويقرأ باليوم الواحد ساعات طوال أخذت من وقته الكثير لكي يهدأ ويتهيأ لكتابة نصوص مسرحية لفرقة الفني الحديث التي كان ينتمي لها قاسم فقدمت بغداد الأزل بين الجد والهزل وكان ياما كان والخرابة وطير السعد لمسرح الطفل وكثير من المسرحيات للمبدع يوسف العاني وقد قام بإعداد النخلة والجيران للمسرح عن رواية المرحوم المبدع غائب طعمه فرمان ولو عددنا ما أنجزه قاسم محمد يطول بنا الوقت فهو متفق العطاء والجزيل وبإتقان وجودة إن أعماله تعدت المائة عمل ...هذا الرجل شغوف بالمسرح وولع فيه بل عاشق له لذلك ترك هذا المبدع وصية لكل المسرحيين حيث قال في لقاءه الأخير حيث كرمته فضائية الشرقية بقلادة بغداد قال وصيتي :: أن المسرح قضية عظيمة وهو أمانة هذه القضية برقابكم أيها المسرحيون . من هنا كان هذا الرجل فعالا يبني الفكر الحر الذي يدرك فيه كيف تدار الأحاسيس والمشاعر والقيم ..وكيف يكون المسرح الملتزم هو الخلق الرفيع كيف ينمي هذا المسرح الإنساني الأصيل ينمي العقل البشري إلى الفضيلة والتطور والرقي ......وبعد حين سافرت إلى الإمارات العربية عام 1999 وقمت بزيارته وكان في الشارقة يقوم بالإعداد لمعهد الفنون في الشارقة كخبير مسرحي وهذه لوحدها إشارة كبيرة لهذا
الرجل المتمكن حيث يسند إليه مثل هذا العمل الكبير عندما زرته وعدت بالذاكرة معه إلى الأكاديمية وهو متوقد يتذكر كل شئ لقد دمعت عيناه على أيام خلت على بغداد .. على طلابه وكيف تشتتوا في بقاع الأرض وقد كان متفاعلا مع قضيتي وقال لي يعز علي إن أراك تبحث عن عمل ولم تستطع إن تجده وأنا لم اقدر إن افعل شئ لأن المعهد في طور التأسيس ويفتح عام 2001 وبقاءك لذلك التأريخ مجازفة مستحيلة
وقد كان في وقتها وقبل شهور قد وصل الفنان القدير المبدع محمود أبو العباس وقد
تم قبوله في عجمان كما اعتقد وأضاف إن قبول أبو العباس لما لديه من رصيد فني
غني عن التعريف وهذه حقيقة يا أبا خلدون وقد حلف بأغلظ الإيمان وأصدقها وهو صادق بما قال حيث أخرج من درج مكتبه ملفا فيه أكثر من عشرين طلبا لفنانين جاءت من كل بقاع الأرض من حملة الدكتوراه والماجستير جاءت لتقدم طلباتها للمعهد وردد والله والله لو أن المسرح فاتح أبوابه لصار لك أمر آخر شكرته لهذا الاهتمام وذلك النفس الإنساني العالي وعكسه اتخذ آخرون عملا مشينا حيث عملنا في البصرة عملا مسرحيا عام 1978تنكر تماما هؤلاء لمعرفتي وقلت شتان مابين الذهب والصفيح وأعود إلى المرحوم المبدع قاسم لان الموضوع له وبأسمه المتألق
أقول قبل وصولي إلى الإمارات كان قاسم محمد قد قام بإخراج مسرحية للدكتور ألقاسمي حاكم الشارقة وكانت بعنوان (عودة هولاكو ) وقد تكلم لي صديق عن المسرحية وكيف أثارت صدا وقبولا في دولة الإمارات حيث إخراجها ومستواها وإنني على يقين إن هذا الفذ لا يقدم عملا إلا وترك فيه بصمة الإبداع والبقاء في سجل مشرف لهذا الخالد الفيلسوف ............
أخيرا ولابد إن تكون هناك نهاية لما كتبته ببساطة ووضوح وأقول لقد فزعت فعلا
وتألمت حين رأيت قاسما حيث حل فراق لم أر قاسما فيه من سنين رأيت قاسم
بملامحه الجديدة والتي تثير الحزن العميق والألم المرعب وقد ألم فيه المرض اللعين ....بلا شاربين بلا رموش سقط شعر رأسه رغم كل ما حدث وقاسم كان يغرد يتشبث
بالحياة والإبداع وبالمسرح قضيته الأولى والأخيرة وقد حكى بثقة وشغف وحب عن مسرحه وتجربته الغنية الممتدة عبر عشرات السنين وقد ضمتهم داره في الشارقة ....
وبعد قد رن في أذني ما قاله الفنان المبدع نزار السامرائي والذي يبدو أنه كان ملازما إليه في أيامه ألأخيرة لا غرابة فقاسم أستاذه وعمل معه قال نزار للذي فاته إن يسمع تلك المعلومات إن قاسم فزع وتألم بل حزن من أعماقه لوفاة الفنان المبدع
قائد النعماني في غربة مريرة في أمريكا وتربط قاسم بقائد علاقة متجذرة لها نكهة
خاصة فقائد الفنان إنسان بحق حين كنت آراه في الأكاديمية أو كنا نحضر ما يقدمه هذا المبدع الرائع والذي قدم آخر أدواره من خلال دور رائع جسده في مسلسل (رسائل رجل ميت ) وهي من إخراج الفنان المبدع حسن حسني والذي يعيش الغربة
هو الآخر في دمشق وأعود لقول الفنان نزار عند سماعه بوفاة صاحبه وتلميذه قائد
النعماني يقول صار قاسم يصرخ صراخ مدوي تحمل تلك الصيحة في طياتها ألم وحزن وصدق ودموع فراق لا تطفأ نار قاسم محمد المشتعلة في قلبه المدمى صرخ قاسم لقد رحلت أيها النعماني وأنا لاحق بك قريبا وسوف أقوم بتأليف مسرحية وسأخرجها لك يا قائد وأنت تقوم ببطولتها أين سيتم إنجاز هذا العمل ؟ وكل دفن في مكان تحت أديم أمنا الرءوم ولكن أقول تتلاقى الأرواح الطيبة تتلاقح وتتمازج بخيرها وبعد صيحته المدوية أسأل أئ معاناة كان يحملها قاسم في تلك اللحظة النبيلة؟
أي حملٍ ثقيل كان يجشم ويتجسد على صدره الدافئ ؟؟ ...أي أمنيات... وأفكار..... ومشاريع عظيمة كان يريد أن يحققها هذا الفنان الكبير ؟؟؟ ....يا أبا خلدون رحلت نعم رحلت والموت حق وكما رحل قبلك الكثير ولو أردنا أن عددهم تعبنا وانسحبنا بهدوء لقد رحل عبد الخالق المختار (الباشا )في غربته ...وفي بصرتنا رحل الكاتب المبدع جبار صبري العطية ورحل جبار ثامر المخرج البصري العتيد ..رحل قائد النعماني وقبلهم المبدع طالب جبار ورحل... ورحل وسيرحل ومحظوظ من يترك تراثا وسمعة واسما يكتب بأحرف مشعة لا تنسى وأخيرا يا أبا خلدون صرت تنظر وأنت على فراش الموت لتفتش في جدران البيت وفي السقف بالذات كنت تخرج مسرحية فتحرك سامي عبد الحميد وخليل شوقي ويوسف العاني و..و...وتخرج إبراهيم جلال من قبره الدافئ ....إبراهيم العملاق الفنان الأصيل الذي عانى هو الآخر من غربة وألم حيث التقيت فيه بالكويت في ثمانينات القرن الماضي القرن الذي يحمل في طياته وصفحا ته أبشع الحروب وأكثرها فتكا بالإنسان العراقي الصابر التقيت بأستاذي في مديرية مرور الكويت وكان ينوي إخراج إجازة سوق لأنها كانت أي الأجازة من المستحلات حيث بقيت أراجع للحصول عليها من عام 1979الى إن حصلت عليها عام 1987وباعجوبة حيث كانت في وقتها مغلقة إلا لثلاث فئات المدرسين والأطباء والقضاة وطبعا مواطني دول الخليج الخمسة وأنا كنت احمل مسمى وظيفي مخرج برامج صحية وكنت الوحيد الذي يحمل هذا المسمى في الكويت ولكن لم أحصل عليها ولم تطل فرحتي بتلك الإجازة الحلم حبث غزى القائد المنتصر الهمام !!! دولة الكويت لينهي أحلامنا جميعا ...أي معاناة كنا نحملها أي ذكريات تمر على خواطرنا التي أثقلت بضجيج السنين فرحيل قاسم محمد أثار عندي الشجن والألم فخسارة هذا الفنان المبدع خسارة فادحة لا تعوض بسهولة كما هو ديدن العظماء على الأرض فناظم الغزالي لا يأتي آخر ناظم ولا أم كلثوم جاء بعدها صادحا آخر ولا...ولا...ألجواهري الكبير شاعر العرب الأكبر أستطاع أحد إن يسد مكانه في أسطورة العربي العمودي الحديث وأنا هنا ركزت على المبدعين من الفن والأدب ولو أردنا الخوض في عوالم أخرى لطال المقام والمقال ولكني لابد لي أن أعرج إلى من فقدناهم في الغربة في زمننا الحالي فراسم ألجميلي مات في غربته وقتل عدنان إبراهيم المخرج المبدع فقدنا الروائي كاظم الأحمدي وفقدنا جعفر السعدي الكبير وعوني كرومي المبدع الرائع وقد مات هو الآخر في غربة مريرة في ألمانيا سادتي القائمة تطول وتتوسع وتتسع إنها مسألة تحتاج إلى وقفة طويلة لا يمكن أن أحصيها ببساطة لنقل بتحد وبصراحة إن من يترك بصمة مؤثرة في عمق الأرض العطشى والحبلى بالخير والعطاء والحب ....أبا خلدون رحمة من الله تنزل عليك ....يا قاسم محمد إلى جنة الخلود لأن إنسانيتك التي نعرفها والتي شكلت شخصا مدركا مثقفا يسعى إلى فن هادف أصيل ...أكتب كلماتي بحقك أيها الرائد المسرحي وتغمرني إحزان متلونة متشعبة متجذرة إنها قضية مبدع أصيل ...إلا رحمة الله الواسعة على الجميع حيث كل واحد خدم وقدم ما عليه من موقعه وسيبقى الفن العراقي وبالذات المسرحي طليعيا ودما نقي يجري في عروق المسرح العربي من المغرب للمشرق إنه الضوء والأثر والأمل ولم يخمد هذا الوهج المتقد ما دام في العراق العظيم الإنسان الذي يعمل من أجل الحقيقة والفن الرصين ....................



تلميذك الوفي
عبد الحميد السياب
البصرة :النشاط المدرسي
10/4 /2009



#عبد_الحميد_السياب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الباشا (عبد الخالق )
- البركة
- الضحية
- المدن
- (القناعة المرة)
- نهر العشار
- لبيروت كل الحب
- ( انفجار ......... والتداعي لسنين الدمار...........!!!)
- ( حصان شهاب )
- الرتل
- ألتكنولوجيا سلبا وإيجابا ..........
- ( ( ما هكذا تورد ألابل يا سيد خلف )
- ( نقاش عقيم بالعراقي حول العلم العراقي )


المزيد.....




- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحميد السياب - ( رحيل قاسم محمد في الغربة قضية )