أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب بولس - مسرحية -سيدة محترمة جدا- بين يسارية سارتر الثورية وواقعية فتحي رضوان النقدية















المزيد.....

مسرحية -سيدة محترمة جدا- بين يسارية سارتر الثورية وواقعية فتحي رضوان النقدية


حبيب بولس

الحوار المتمدن-العدد: 2615 - 2009 / 4 / 13 - 00:12
المحور: الادب والفن
    



رغم ما في الامر من مغامرة وتحدّ، لقد احسن مسرح "الميدان" صنعا في الدمج بين مسرحيتين معروفتين هما: مسرحية "مومس موقرة" "لجان بول سارتر"، ومسرحية "مومس تؤلف كتابا" لفتحي رضوان، ذلك لما في العملية من تشابه في الموضوع المتناول، حيث انهما تصبان في خانة واحدة، هي خانة النقد اللاذع للمجتمع بغية اصلاحه وازالة الشوائب منه. ولكن التشابه لا يعني التطابق، ومن هنا تأتي المغامرة في الدمج بين العملي، اذ ان كلا من الكاتبين يصدر في عمله عن رؤية معينة وقناعة ايديولوجية خاصة، وينطلقان كل من بيئة خاصة، مع انهما يكسران حدود المحلية والخصوصية وينطلقان نحو الرحابة والشمولية والعام.
يتفق العملان في الهدف، أي في تبئير الموضوع حول ثيمة معينة ولكنهما يختلفان في الطرح والمعالجة، وهذا امر طبيعي عمل "سارتر" ينطلق من قناعة يسارية ثورية تعالج قضية العنصرية الفاشية في المجتمع الغربي (البيض والسود)، بينما عمل "رضوان" ينطلق من زاوية واقعية نقدية تعالج قضية الطبقية، واستغلال الضعيف وشخصيات القاع في المجتمع العربي.
مسرحية "سارتر"، مسرحية فكرية ذهنية تستنطق ظاهرة متفشية في المجتمع الغربي، وتحاور افكارا يلبسها الكاتب ثياب الشخصيات بحيث تصبح ترميزا لآرائه وابواقا يستخدمها لطرح قناعاته. وتناور على فكرة واحدة، بينما مسرحية "رضوان" مسرحية اجتماعية، يحاول الكاتب من خلالها معالجة موضوع اجتماعي حارق له ابعاده واسقاطاته من خلال شخصيات حية نابضة تتحرك على ارض الواقع – لا في المطلق – وتتحاور وتتصارع كي تصل الى الهدف.
هذا الدمج بين الذهنية والواقعية النقدية من الممكن ان يشكل منزلقا للمخرج، ذلك لأن كلا من النوعين له خصوصياته وميزاته المسرحية، وكيفية التخلص من تلك الخصوصيات والميزات وصهر النوعية في بوتقة واحدة، بقدر ما هي عملية صعبة، بقدر ما تشكل امتحانا ومحكًا لقدرة ومهارة المخرج الفنية. لأنه من الصعب في رأيي ان ندمج عملا فكريا احداثه ومفاجآته المسرحية تحصل في الذهن وفي المطلق، وشخصياته رموز وابواق وايقاع ما يجري بطيء ثقيل الخطوات المسرحية، مع عمل آخر اجتماعي واقعي يتفوّر حركة وحوارا وصراعات داخلية وخارجية.
والسؤال الذي يرتفع بعد هذا الحديث، هل استطاع المخرج – الفنان منير بكري – ان يحقق النجاح في العمل المدمج المركب وان يخترق المتلقي او المشاهد ويهزه ويقنعه ويوصل اليه الرسالة؟ ام انه علق بسكونية العمل الذهني ورتابته؟
كي نجيب عن هذه المساءلة يتحتم علينا تناول العمل من ناحيتين: الفكرية والفنية. على الصعيد الفكري تعالج مسرحية "سارتر" "مومس موقرة" قضية العنصرية والتفوق العرقي وغطرسة الابيض مقابل الاسود في مجتمع يكرس الفوارق بحيث تنقلب فيه المفاهيم والحقائق لتصبح فيه الضحية مجرما والمجرم ضحية، واصحاب السلطة والمال وأسياد المجتمع هم الذين يحددون من هو السيد ومن هو العبد. من هو المجرم ومن هي الضحية، وكل ذلك من خلال شخصية امرأة مومس والعلاقة معها. بينما مسرحية "فتحي رضوان" "مومس تؤلف كتابا"، تطرح قضية اجتماعية اساسية يعرّي الكاتب من خلالها مجتمعنا العربي الغارق في النفاق والرياء والتعاهر والمقنّع بالكثير مما يستر تصرفاته وعوراته، وذلك من خلال مومس تعلن انها ستؤلف كتابا تفضح فيه علاقاتها.
هاتان هما الفكرتان، كل منهما يوجه نحو هدف معين ومحدد، ولكن سواء قضية العنصرية او قضية الطبقية قابلتان للدمج بينهما اشبه بالتوأمين فالثانية تنبثق من خاصرة الاولى او هي نتاج لها لتصيرا قضية واحدة سوطا واحدا يسوط المجتمع دون رحمة. لقد نجح معد العمل في جعل القضية اخطبوطا ذا اذرع كثيرة و"مجسات" عديدة تطال الكثير من القضايا التي تعاني منها مجتمعاتنا بدءا من العنصرية ومرورا بالطبقية وانتهاء بالتعاهر السياسي والديني، الى غير ذلك من القضايا.
هذا الاخطبوط كثير الاذرع والمجسات يتمحور حول مومس ترى حادث قتل رجل اسود اللون في القطار على يد شاب ابيض.هذا الحادث يهزها انسانيا رغم كونها بيضاء فتصمم على قول الحقيقة. وقول الحقيقة معناه فضح النظام السائد، لذلك، يجند ابن عمدة المدينة وعضو البرلمان لثنيها عن نيتها، ثم يجند والده ايضا للغرض ذاته. وبالكلام المعسول وبالغش وبالخداع وبالاغراء الجنسي والمادي، يتم لمحامي المجتمع الابيض - العمدة - اسكات المومس، فتوقع على تصريح مزيف يبرئ المجرم الحقيقي وتسقط القضية. ولكن بعد سقوط القضية والتخلص من الخطر ترجع المومس الى حقيقتها في نظر سدنة المجتمع الابيض فيتعالون عليها ويتعاملون معها كما في السابق على انها مجرد مومس لا فرق بينها وبين السود فكلاهما حثالة المجتمع ونفاياته. الامر الذي يجعلها تثور وتصحو وتعيش حالة من تأنيب الضمير فتعلن عن رغبتها في الانتقام، وذلك من خلال اعلان تنشره في الصحف مفاده انها تنوي تأليف كتاب عن حياتها وتجاربها وعلاقاتها. هذا الاعلان يجعل الذين اغروها في البداية حتى سكتت وتعالوا عليها فيما بعد يتهافتون على بيتها خوفا من الفضيحة وحرصا على مراكزهم وسمعتهم لأنهم كانوا من الزبائن لتلك المومس، وعلى رأس هؤلاء العمدة وعضو البرلمان، الاعلان في الصحيفة وتهافت الرجال على بيت المومس هو نقطة الالتقاء بين العملين التي يستغلها معد العمل ويدمج بينهما دمجا ناجحا. تنتهي المسرحية بصحوة ابن العمدة، فيعلن انحيازه للمومس وحبه لها ونيته الزواج منها والابتعاد عن المجتمع الفاسد، الامر الذي يفزع والده فيدخلان في صراع وتنتهي المسرحية بموت الوالد - العمدة - وبانتصار الحب.
هذا هو العمل الذي شاهدناه، وهو على الصعيد الفكري عمل ناجح شائق شد المشاهد لما فيه من افكار ومواقف انسانية واجتماعية ساهمت في نجاحه دراية معد العمل والمخرج في كيفية الدمج بين المسرحيتين المشار اليهما سابقا، ومعرفة نقطة الالتقاء بينهما بحيث لم يشعر المشاهد بفجوة ما اثناء الربط بينهما.
وثيمة "المَومَسة" التي ادار الكاتبان عليها عمليهما هي ثيمة مطروقة في الادبين الغربي والعربي. بل هي ثيمة مطروقة منذ جملة السيد المسيح الشهيرة "من كان منكم بلا خطيئة.." في العملية نجد ان المومس هي المحور والمحرك، ولكنها ليست المومس المنمذج والمقولب "الستيريوتيب" بل المومس التي تبدأ مسطحة ثم تتدور، او لنقل المومس التي ترتد اليها انسانيتها من خلال عمل ما فتستعيد شرفها المهدور في النهاية. هذه الثيمة نجدها عند "دويستوفسكي" في رائعته "الجريمة والعقاب" من خلال علاقة بطلة "راسكولينكوف" بالمومس الصغيرة "سونيا"، وكذلك نجدها عند "نجيب محفوظ" في روايته "اللص والكلاب" من خلال شخصية "نور" الزانية، الشخصية الوحيدة التي وقفت الى جانب "سعيد مهران" بينما خانه الجميع حتى زوجته وابنته.
ان استغلال ثيمة "المومسة" في العملية كان استغلالا ذكيا فالمومس وان كانت بيضاء عند "سارتر" الا انها اجتماعيا محسوبة على السود، أي على قاع المجتمع كما عند "رضوان". ومن خلال هذه المزاوجة بين الاسود والمومس، ومن خلال استخدام المومس في المسرحيتين كموتيف ومحرك وكاشف للمجتمع تظهر قناعات الكاتبين في المجتمع على تشظياته دينيا وسياسيا وفكريا واجتماعيا وماديا. ومن هنا أي من هذه القضية يظهر مفهوم الكاتبين لقضية "المومسة" كما تظهر نظرتهما الايديولوجية. فكلاهما يرى الى كون الخطيئة/الحرام ليس شيئا نابعا من ذات الانسان انما من الظروف التي تحيط به. فالشر ظاهرة اجتماعية وليس داخل الافراد. وهذه الظاهرة تظهر مع ارتباك العلاقات الانسانية وانعدام الفرص السليمة امام الافراد. فالشرف والفضيلة كالمأكل والملبس اشياء تتاح لبعض الناس ولا تتاح للآخرين، ليس حسب طبيعة الافراد وانما حسب ظروفهم. من هنا ايضا نفهم ان الحرام موجود في كل منا، لكن هنالك من يستطيع ان يستره وهنالك من لا يستطيع ذلك. والمجتمع هو المسؤول، لذلك وجدنا المومس في العمل تتغير من السلب الى الايجاب وتتجلى عندها النزعة الانسانية رغم كونها مومسا خاصة في موقفها مع ام القاتل، بينما تبدي تلك الام تجاهها الصلف، فهي تنتمي لطبقة الاسياد كأخيها العمدة. هذه الايديولوجية التي تكمن خلف العملية هي ايضا ايديولوجيا معروفة شاد عليها الكثيرون اعمالهم "كيوسف ادريس" مثلا في روايتيه "الحرام" و"العيب". التنازع على المومس وعلى رضاها بعد اعلانها في الصحف عن تأليف كتاب يصل بالعمل الى ذروته ويفجرالكثير من الابعاد ويعرّي المجتمع ويسقط عن وجوه اسياده كل الاقنعة. وهؤلاء الاسياد يمثلهم في العمل المسرحي شخصيتان رامزتان هما: شخصية العمدة وعضو البرلمان الرامز الى السلطة والنفوذ والمال. وشخصية رجل الدين الرامز الى اولئك الذين يتقنعون بالتقوى ظاهريا لتنفيذ مآربهم ويرتكبون الفحشاء ويلهثون وراء ملذات الجسد في الخفاء. وكلتا الشخصيتين تؤمن بان المال هو القوة التي بواسطتها تحل كل المشاكل. وللحقيقة ان قوة الدين وقوة السلطة والمال مرتبطتان دائما والربط بينهما ثيمة بارزة في الادب طرقت كثيرا في مجال تعرية المجتمع وابراز عيوبه وامراضه، واحسن مثال على ذلك شخصية "طرطوف" عند "موليير" وشخصية رجل الدين عند "سعدالله ونوس" خاصة في مسرحيته "يوم من زماننا".
ان المشهد الاخير في المسرحية الذي يدفع الى نهايتها هو اكثر المشاهد تأثيرا على المشاهد لأنه يجمع مواجهة عنيفة بين الاب (العمدة) وابنه في بيت المومس، هذا المشهد مؤثث بالكثير من الابعاد الاجتماعية والفكرية، الامر الذي يضفي على المسرحية غنى". فالصراع الذي يجري بين الاثنين، صراع يشي بالصراع الاخلاقي/الايديولوجي بين الاب المتغطرس القوي الممثل للجيل القديم، الذي يؤمن بالتفوق العرقي ويكرس العنصرية والطبقية والفوقية وبين الابن الذي يرتد ويتوب ويسفه رؤية والده بانحيازه الى المومس وحبه لها وطلبه الزواج منها، وهو يمثل الجيل الجديد.
ان الانحياز الى المومس معناه تطليق الجيل الجديد للافكار القديمة، أي معناه الانحياز للضعفاء والمقهورين، وهذا الانحياز الناتج عن الصراع هو في الحقيقة الموحي من سيفوز في النهاية، لأن الفوز مشروط بهذا الانحياز، لذلك تنتهي المسرحية بفوز الابن وبخسارة الاب وموته أي موت الجيل القديم بآرائه وافكاره والانفتاح على الجيل الجديد الذي لا يؤمن بالعنصرية ولا بالطبقية. وآلية الانحياز هنا هو الحب، فالحب هو الحل الوحيد لكل ذلك وهو الابقى والاكثر ديمومة وليس السلطة ولا المال.
وهذه الثيمة، أي ثيمة الفوز التي لا يمكن لها ان تتحقق الا اذا نظفنا انفسنا وتطهرنا من افكار الماضي، بمعنى لا يمكن لها ان تتحقق الا اذا ساوينا بين الناس وانحزنا الى فقرائه فكرا وممارسة، هذه الثيمة طرقها اكثر من كاتب اذكر منهم "حنا مينا" في رائعته "الشمس في يوم غائم"، التي صور فيها حب ابن الاقطاعي الشاب لامرأة القبو الزانية تلك المرأة التي لم تسمح لأحد ان ينام على فراشها سوى لذاك الشاب الثائر على طبقته لأنها رأت فيه الامل، بينما والده الاقطاعي ابن "الكونسولاتو"، صاحب المال والنفوذ عاملته كالآخرين واحتقرته. وهذا الصراع بين الاب الممثل للقديم والابن الممثل للجديد على مومس وفوز الابن في النهاية كما شاهدنا في المسرحية ايضا ثيمة قرأناها عند "نجيب محفوظ" في روايته الشهيرة "بين القصرين"، اعني صراع السيد "احمد عبد الجواد" مع ابنه "ياسين" على امتلاك فتاة العوامة اللعوب "زنوبة" وفوز "ياسين" بالتالي وزواجه منها.

هذه هي المسرحية التي شاهدنا بأبعادها الفكرية ورسالتها الاجتماعية العميقة وقد نجح معد العمل والمخرج معا في ايصال الرسالة الفكرية. ولكن يبقى السؤال مفتوحا وماذا على الصعيد الفني؟ للحقيقة اقول ان المشاهد لمس من خلال المتابعة الجهد الكبير المبذول لتجسيد العمل من قبل المخرج وطاقم الممثلين. ولكن كون العمل يقوم على الدمج بين عملين مختلفين بيئة ومنطلقا ونوعا، اعني الدمج بين عمل ذهني وآخر واقعي اجتماعي، صعّب على المخرج عملية الاخراج من جهة وشكل له امتحانا ومحكا من جهة اخرى. فالمسرحية الفكرية مثقلة بالافكار والآراء والابعاد الامر الذي يجعل حركتها المسرحية بطيئة وايقاعها ثقيلا واحداثها وصراعها الى الفتور اميل وشخصياتها تجنح الى ان تكون رموزا وابواقا يفرغ الكاتب من خلالها آراءه ومعتقداته. وهذه الصعوبة المذكورة انعكست ايضا على اداء الممثلين فقد لاحظنا ارتباكهم وترددهم في الاداء فكأن شيئا ما كان يعيق انطلاقهم ويحد منه. لذلك جاءت المسرحية في بعض مشاهدها فاترة الحركة بطيئة الايقاع اشبه بالحوار الذهني الرتيب، مخلفة الكثير من الفراغات. وكان على المخرج في رأيي ان يتنبه الى هذا النوع من العمل ويتحايل على الجمود بتوظيف آليات تكسر الرتابة وتنطلق بالتمثيل الفرجوي وتحلق به. وهذا ما لم نلاحظه للاسف انما ما لاحظناه كان التصاق المخرج بالنص ورهبة فتحه على مصاريعه والانطلاق به الى اقصى حدوده، وفضاءاته. مع ان عوامل عديدة كانت ناجحة وكان من الممكن استغلالها كالسينوغرافيا المجسدة بغرفة نوم مغلقة ومفتوحة في آن معا من خلال ستائر شفافة ترينا ما يحدث في الداخل وفي الخارج، وتوحي ايضا ببعدَي الشخصية البراني والجواني. هذه النقطة لم يستغلها المخرج كما يجب، وبهذا يكون قد فوّت على نفسه فرصة طيبة كان من الممكن ان تنتشل العمل مما ذكرناه.
كي تصل المسرحية الى تحقيق نجاحها الفني كان على المخرج ان يعمق صراع المومس الداخلي وكذلك صراع ابن العمدة وان يتغور نفسيتيهما ليعبر بذلك عما يعتمل في الداخل من صحوة ضمير وصراع الأنا مع الانا الآخر، والا يكتفي بالصراع الخارجي فقط. كما كان من المفروض في رأيي كي يخترقنا العمل ويقنعنا ادخال شخصية اخرى عدا العمدة ورجل الدين من مجال اجتماعي آخر لأنه بذلك يتعمق الحدث اكثر.
من النواقص التي لفتت الانتباه شخصية المومس. هذه الشخصية الغنية كان من المفروض ان تعكس حقيقة المومس الخارجية مظهرا وحركات وملابس واغراءات جسدية وكلامية وخلاعة بارزة كي تتم في النهاية عملية التحول الى انسانة ذات مبادئ وقناعات. للاسف لم تستطع الممثلة بما قدمته القيام بذلك كما يجب فقد شعرنا في الكثير من المشاهد بجمود حركتها وبعدم انطلاقها وحتى ملابسها لم تكن تشي بالمومسة كما يجب ففستانها كان كبيرا فضفاضا اكبر من حجمها يستر اكثر ما يعري على عكس ملابس المومس الامر الذي اعاق حركتها. وحتى الصراع الداخلي الذي كان من المفروض ان يثري العمل لم يكن معمقا بل كان تجسيده سريعا، ادته الممثلة دون جهد حيث لم نرها تتفور وتغلي من الداخل والخارج، وكأن الامر امر عادي وليس قضية مصيرية هامة. وما قلته عن تأدية شخصية المومس ينطبق في الكثير من على شخصية العمدة، فالممثل هنا رغم قدراته وطاقاته الكبيرة لم نجده يستغلها، بل اعتمد على صوته وتلويناته على حساب الحركة العاكسة للبعدين الجسدي والنفسي. بينما نجح الممثل الذي قام بدور رجل الدين بحركاته وبانفعالاته وكذلك الممثل الذي قام بدور ابن العمدة الشاب الذي اقنعنا بمواقفه وتحولاتها وانفعالاته الداخلية مع انه كان من المفروض ان يعمق مشهد التحول لنشعر بالهزة الاخلاقية التي اعترته وادت الى تحوله.
وفي النهاية رغم ما ذكر من هنات فنية، يظل العمل، جديرا بالمشاهدة لغناه الفكري ولأبعاده الاجتماعية وللجهد الكبير المبذول وللمغامرة التي خاضها المخرج مع الممثلين وطاقم العاملين، والمغامرة لها ضريبتها دائما ولكن لا غنى لنا عنها، لأنه بدونها لا يمكن للمسرح ان يرقى وان يتطور. وكفى منير انه غامر واصاب النجاح في الكثير. والى امام دائما الى امام.
مسرحية: سيدة محترمة جدا
اعداد: نبيل دوحة
اخراج: منير بكري
تمثيل: حنان حلو - غسان عباس - علي سليمان - حسن طه
سينوغرافيا: اشرف حنا
اضاءة: فراس روبي
موسيقى: ريمون حداد
ماكياج وادارة: نجدية ابراهيم
انتاج: مسرح الميدان

حبيب بولس – ناقد أدبي ، محاضر في مادة الأدب العربي في الكلية العربية للتربية في حيفا وكلية اورانيم الأكاديمية

[email protected]



#حبيب_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحلام شقية- لسعد الله ونوس - بين الفكرة وضرورة الفعل
- هل نملك حركة نقدية متواصلة؟
- التهافت على الكتابة للأطفال
- متى سنصبح موضوعيين في كتاباتنا؟
- هل نعمل بما فيه الكفاية على نشر أدبنا
- لماذا لا نملك جانرا روائيا محليّا ناضجا؟
- أيها الجذع الذي شحذنا عليه المناقير, وداعا
- الثقافة, الأدب, الفن والسلطة
- الطرفة الأدبية هل هي في تراجع؟
- هواجس ميلادية
- أهمية التحالف وشروطه
- لغتنا - هويتنا وعنوان كرامتنا
- شعرنا والحداثة
- الشهرة والأهمية
- أدب العلاقات الشخصية
- -هل كِمل النقل بالزّعرور-
- شيء ما عفن في مملكة الدنمارك...
- الأدب.. بين الهامبورغر وهيفاء وهبة!
- عن الرؤوس والقنانير
- بين النقد والردح


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب بولس - مسرحية -سيدة محترمة جدا- بين يسارية سارتر الثورية وواقعية فتحي رضوان النقدية