أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام الهلسه - ما لهم وللمتنبي؟ تركوا الخيل..واحتفظوا بالليل !














المزيد.....

ما لهم وللمتنبي؟ تركوا الخيل..واحتفظوا بالليل !


بسام الهلسه

الحوار المتمدن-العدد: 2614 - 2009 / 4 / 12 - 00:12
المحور: الادب والفن
    



* لا نعرف على وجه اليقين ما الذي كان سيشعر به شاعر العربية الكبير "أبو الطيب المتنبي" الذي فارق الدنيا مقتولاً قبل أكثر من ألف عام، لو عرف أن منظمي مؤتمر "القمة العربية" التي عقدت في الدوحة مؤخراً، قد اختاروا قصيدته:
"وَاحَرّ قَلْباهُ ممّنْ قَلْبُهُ شَبِمُ"
ليضعوها في خلفية يافطات وشعارات المؤتمر؟
قد يبتسم، وهو الواثق الكبير من مكانته الذي اعتاد على ارتياد بلاطات أمراء وقادة وملوك عصره الحريصين على خطب وده واستيزاره واستضافته!
وقد يستغرب، وهو الذي هجاهم جميعاً –تقريباً- وفارقهم غاضباً متسللاً هارباً متوعداً إياهم بحساب آتٍ!
حتى الأمير العربي المحارب "سيف الدولة الحمداني" الذي أصفى له "المتنبي" الود وقال فيه وفي وقائعه ضد الروم بعضاً من أفضل قصائده المعروفة لدى دارسي الأدب العربي باسم "السيفيات"، فارقه بعدما لاقى منه ومن حاشيته ما لا تطيقه نفسه الكبيرة المعتدة بذاتها فتأبى أن يعاملها أصحاب السلطة بغير ما تستحقه من إكرام واحترام وتقدير.
* * *
القصيدة المشار إليها آنفاً "واحر قلباه" قالها "المتنبي" في عتاب سيف الدولة. ومع العتاب ضمن "أبو الطيب" قصيدته فخره بنفسه –كعادته في معظم شعره- متعالياً على تقاليد المديح المتوارثة في الشعر العربي، ومذكراً لمن يخاطبه بمكانته:
سيعلمُ الجمعُ ممن ضم مجلسنا بأنني خير من تسعى به قدمُ
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي واسمعت كلماتي من به صَمَمُ
أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق –جرّاها- ويختصمُ!
........................... ..............................
الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلّم
وهو فخر استفز الحاضرين حينها كما يروي مؤرخو المتنبي، فقال الشاعر والفارس "أبو فراس الحمداني" ابن عم "سيف الدولة" –مستنكراً: "وماذا أبقيت للأمير"؟
لكن المتنبي لم يكتف بهذا بل أردف الفخر بالتلويح للأمير بالرحيل عنه بلغة تنضح بالكبرياء والتَّرفع:
لئن تركنا ضُميراً عن ميامننا ليحدثن، لمن ودعتهم، ندم
وهو ما قام به المتنبي فعلاً إذ غادر "حلب" بعد سنين حافلة أمضاها في صحبة سيف الدولة.
ذلك أن صحبة "السلطان" -و"السلطة" عموماً- تتنافر مع طبيعة ونزوع المثقف المستقل، لأنها –السلطة- لا ترى في المثقفين –مهما دلّلتهم- سوى أدوات في آلتها الايديولوجية والإعلامية، تستدعيها عند الحاجة إلى تأييد أو تنديد، ثم تلقي بها جانباً بعد ذلك.
وربما كان هذا هو السبب الذي حدا بمؤلف –أو مؤلفي- كتاب الأمثال الهندي الموسوم بـ"كليلة ودمنة" إلى الدعوة إلى اجتناب صحبة السلطان.
وكما نذكر كانت للفقهاء المسلمين المؤسسين مواقف مشهودة في رفض العمل لدى السلطة (الخلافة) حتى تعرض بعضهم للتعذيب بسبب امتناعه وإصراره على العمل المستقل. فكان أن أنشأوا "سلطتهم" الخاصة: المعرفية المرجعية لدى الناس.
لكن الكلام عن استقلال المثقف لا يعني أنه يقف ضد كل سلطة، وضد السلطة بالمطلق.. بل يعني أن لا يكون محض أداة قيد الاستخدام، وأن يكرس نفسه للاشتغال على مشروعه المعرفي أو الإبداعي بالدرجة الأولى. وأن يحدد مواقفه من السلطة تبعاً لمواقفها من القضايا العامة، مع احتفاظه بالمسافة اللازمة لممارسة دوره في انتاج الوعي والتنوير باستمرار، والنقد حيثما لزم، والمواجهة عند الاقتضاء.
وهو ما ينسحب أيضاً على مواقفه من المجتمع، أو الأمة، أو الإنسانية عموماً. فما من شيء يضر بالحقيقة وبالمعرفة مثل إتِّباع الهوى أو مسايرة الناس في كل ما هم عليه.
وكما نعرف من التجارب الإنسانية، فإن نقد ومواجهة الاعتقادات الراسخة والسائدة لدى المجتمعات البشرية، أصعب بما لا يقاس من نقد ومواجهة أي سلطة. وهنا تتجلى سلطة المثقف الكبير حقاً الذي يتحدى عالمه وزمنه، فلا يحصر مهمته في نطاق إصلاح ما هو كائن، بل يتعداها إلى رؤية ما ينبغي أن يكون، واجتراح أفق جديد يحفز أمته والإنسانية على ارتياده.
لكن أمثال هذا المثقف –وهم قلة- لا يحتاجون إلى قمم تزين أروقتها بأعمالهم، فهم أنفسهم يشيّدون "القمم" التي يصبو إليها الناس المعنيين بالخروج من القاع والطامحين لتغيير أنفسهم وعالمهم.
* * *
مثل "أبي الطيب المتنبي" لا نعرف لم اختار منظمو قمة الدوحة هذه القصيدة، رغم ما تستحقه لفتتهم من ثناء. ولو أنهم رجعوا إليه وسألوه، لربما كان اختار لهم قصيدة أخرى أكثر ملاءمة للحال. وديوانه حافل بالصرخات المتأججة على عصر أُفول العرب وهوانهم الذي كان المتنبي شاهده وشهيده معاً!
وقد يكفي أن نذكرهم بقصيدته النافذة:
"لا افتخار إلا لمن لا يضامُ" !
* * *
....................
حسرة على العرب...
ما لهم وللمتنبي؟
تركوا "الخيل".. واحتفظوا بالليل...
وأطـــالــــوووه !
[email protected]



#بسام_الهلسه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معركة الكرامة:ماينبغي استعادته
- سألتني عن الشجن...
- القدس: حيِّز -الضمير- ..وحيِّز -الفعل-
- عرب الانتظار ؟
- حشد الاحقاد
- . أو لا سلام يكُون !
- فنزويلا: ضمير ومبدأ وإيمان
- لفلسطين..ولأنفسنا
- الجيش والدولة والسلطة والسياسة في الوطن العربي :-مساهمة في ا ...
- لا عليك !
- طفل الطيران !
- تداعيات عربية...الازمة ..والفرصة؟
- الرحلة
- شدعي ع القطار !
- مضغُ الوقت !
- مضغ الوقت !!
- استعادة الذات...في-الامل- كما في -الالم-
- محمود درويش...الحضور..والغياب
- المثقف والسياسي...سؤال العلاقة ؟
- آب آب...عن السجون والعشاق الذين لا يؤوبون ؟؟


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام الهلسه - ما لهم وللمتنبي؟ تركوا الخيل..واحتفظوا بالليل !