أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حمزة الجواهري - السيناريو المرعب ولكن بمشيئة أمريكية 1 & 2















المزيد.....

السيناريو المرعب ولكن بمشيئة أمريكية 1 & 2


حمزة الجواهري

الحوار المتمدن-العدد: 800 - 2004 / 4 / 10 - 11:09
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


التاريخ: الذكرى الإولى لسقوط التمثال
مقدمة من الذاكرة القريبة:
قبل أن ندخل في الموضوع لابد لنا أن نتذكر تلك الضغوط التي تعرضت لها الولايات المتحدة وبريطانيا في مجلس الأمن قبل ما يزيد على خمسة أشهر وإستصدار قرار من مجلس الأمن يجبر قواة الإحتلال بتحديد جدول زمني للإنسحاب من العراق وموعد لتسليم السلطة إلى العراقيين، وقد صدر القرار وتحدد الجدول الزمني بمشيئة دولية وضغط من المجموعة العربية في الأمم المتحدة ودعم قوي من محور فرنسا وألمانيا وروسيا. كان على العراقيين في مجلس الحكم والحالف أن يقبلوا بهذا التحدي الكبير. وقتها لم يعرف أحد ما هو شكل هذا التحدي، أو على الأقل أبعاده وما مدى تأثيره على الساحة، ولم يعرف أحد لماذا كانت تلك الدول الضاغطة متحمسة جدا لمثل هذا القرار.
التهديدات الأربعة:
التهديدات التي تواجه الأمريكان، لا بل الحكومة العراقية الإنتقالية، كثيرة جدا ولكن ما هو مهم منها هو ثلاثة أو أربعة مخاطر أساسية، والباقي من المخاطر ذات شأن أقل بكثير، وهي
أولا الخطر المتمثل بالتيار الصدري والتيارات الدينية ذات النزعة الشمولية كمنظمة العمل الإسلامي التي يقودها السيد المدرسي، وثانيا خطر بقايا النظام البعثي من عسكريين في الجيش والقوات المسلحة للنظام السابق ورجال سياسة ورجال دين إنتهازيين وبعض شيوخ العشائر المتضامنين معهم، وثالثا الخطر المتمثل بمحاولات بعض أحزاب الإئتلاف العراقي في مجلس الحكم من السيطرة على مفاصل السلطة الحقيقية في البلد لتهيئة الأجواء لنظام شمولي جديد في الوقت المناسب، أما الخطر الرابع هو خطر الجماعات الإسلامية التي مازالت كامنة وتعمل بصمت في الوقت الحالي ولكن مكان تواجدها قد أصبح اليوم معروفا.
أولا:
التيار الصدري هو التحدي الأول، إذ لم يتوقف السيد مقتدى الصدر منذ اليوم الأول لسقوط النظام البعثي ولحد الآن ولم يهدأ له بال، فقد تظاهر جماعته بشكل منتظم دون توقف ومازالوا مستمرين بالتظاهر، وأصدر جريدته الحوزة الناطقة والتي لم تتوقف عن التحريض على العنف ولا عن الهجوم على السلطة الإنتقالية العراقية، وأحتل الكثير من الأبنية التي كانت مقرات لمنظمات البعث المنهار وهي كثيرة جدا في العاصمة والمدن العراقية الأخرى، ونشطت مليشياته المسلحة في كل مكان من العراق الذي يتواجد به الشيعة، ولم تمر صلاة جمعة إلا وللسيد الصدر خطبة طويلة فيها التنديد والتهديد لقواة الإحتلال والحكومة العراقية المؤقتة، ولم يترك فرصة ليبسط نفوذه على منطقة ما بواسطة مليشياته، وكان الصدريين يودون السيطرة على النجف لتكون عاصمة لهم وللعراق وذلك كون الصدر يطمح لحكم العراق ويجد نفسه هو الأجدر على القيام بهذه المهمة، فلم يفلح بذلك، وأراد أن تكون العاصمة هي كربلاء، ولم يفلح أيضا، فأتخذ له من مسجد الكوفة الأثري مقرا لنشاطه التبشيري، وأسس حكومة بديلة فيها وزراء منهم وزيرا للنهي عن المنكر ووزارات أخرى يراها مفصلية لنظام ولاية الفقيه الذي يعمل عليه التيار الصدري، وأسس له جيشا أسماه جيش المهدي ودربه أحسن تدريب وإتسع ليصل عدد أفراده تسعة آلاف، ويمكن أن يصل بين ليلة وضحاها إلى أعداد أكبر بمرات عدة وقت الحاجة وذلك بدعم من الجهات التي مازالت تدعمه بقوة ولم تتوقف يوما من الأيام عن دعمه، وسوف لن تتوقف مادام لها شريكا وفيا وينفذ لها ما تريد أن تصل إليه وهي بعيدة عن الأحداث بشكل مباشر. الصدر لم يتوقف عند هذه الحدود، فقد مارس سلطة حقيقية على الكثير من المناطق فأسس له سجونا ووضع القوانين والقضاة وصار يحكم بأمر الله في الأرض. السيد مقتدى الصدر لم يخفي نواياه من أن يكون هو الناطق بإسم العراق وبقي رجاله يرددون إن الصدر هو رمز العراق، وإنهم جميعا ينتظرون بفارغ الصبر يوم تسليم السلطة للعراقيين ليقولوا كلمتهم بالقوة والتي أعدوا لها الكثير ليس تكتما بل صراحة أعلنوا عن نواياهم، فهم وراء السلطة وحكم العراق وأن لا يكون لهم منافس. بإختصار لم يترك السيد الصدر فرصة لأحد أن يتسائل عن نواياه وما الذي سيفعله، فهو واضح بكل ما يريد وضوح الشمس ويعلن ما يريد بأعلى صوته وبكل شجاعة.
ثانيا:
الفلوجة التي تحولت إلى بؤرة لما يسمونه بالمقاومة ضد الإحتلال ولم يمض يوم إلا ويكون للفلوجة دور مؤثر وقوي، وإحتضنت كل الجهاديين من العرب الإسلاميين الذين يهدفون لمحاربة العراق، ولم تفلح معها كل محاولات التطهير من أفراد المقاومة، وهي محاولات كثيرة جدا، وبقيت تعمل حتى تهيأ للمراقبين من السياسيين من خارج العراق من أنها منطقة تضم عدة محافظات ولو حاولوا التقليل من شأنها فهي محافظة، وهكذا كان التلفزيون المصري يسميها لنشاطها الكبير في هذا المجال، وآخر تلك العمليات التي قام بها عناصر تعمل في الفلوجة هي عملية التمثيسل بالقتلى من الأمريكان، والتي جائت كذريعة أمريكية قوية للقيام بفعل أقوى كانت اصلا قد وضعته إدارة الإحتلال لأجندة كان يجب أن تتحقق قبل عملية نقل السلطة للعراقيين. ربما كان وقت العمليات التي نراها اليوم لم يحن بعد ولكن كان لابد أن يحدث وبغيره فإن الأمريكان واثقون مما سيحصل في العراق يوم إنتقال السلطة.
ثالثا:
التحدي الثالث وهو الشرطة العراقية الجديدة ورجال الدفاع المدني، أي العناصر المسلحة في وزارة الداخلية المسؤولة عن حفظ الأمن في العراق وهي المعول عليها أن تحمي النظام يوم إنتقال السلطة للعراقيين في منتصف العام. لقد قامت الشرطة الجديدة بدور جيد وأداء لا بأس به في الشهور القليلة التي عملت بها بالرغم من قلة تسليحها ونقص التجهيزات، ولكن نراهم اليوم خلال الأحداث الأخيرة قد كشفوا عن حقيقة مغايرة كان القليل من الناس يعرفها، وهو إن الكثير من عناصر الشرطة، وليس جميعها، قد إتخذت لها موقفا يختلف عن وظيفتها، فقد وقفت بعض تلك العناصر مع الصدريين وهم يهتفون بحياة السيد الصدر بمشهد غاية بالغرابة وهتافات أخرى ضد مجلس الحكم، وبالطبع الإحتلال، وبذات الوقت كان السيد وزير الداخلية في إيران الممول والداعم للتيار الصدري، ولكن حقا أقول إن طبيعة المهمة لم يكن يعرف بها أحد وكان ينقصها الشفافية، بل التعتيم المطلق كما هو الحال بالنسبة للملف الأمني العراقي ككل.
رابعا:
التحدي الرابع مازال يشكل خطرا كبيرا وهو تلك الجماعات الإسلامية التي قامت بأقذر دور عرفته الإنسانية وهو قتل الأبرياء عمدا لكونهم من طائفة أخرى، وهذا التيار يكمن بالرغم من إنه يقوم بعملياته القذرة من حين للآخر وتؤيه جماعة الفلوجة وتوفر له المال والدعم اللوجستي والملاذ الآمن.
السيناريو المرعب بعد إنتقال السلطة:
ربما يستطيع أن يتصور المرء ما الذي يحدث لو تم نقل السلطة إلى العراقيين وتم سحب القوات الأمريكية خارج المدن في مواقع أو قواعد بعيدة عن الساحة.
أنا لا أشك إن الصدريين سوف يستولون على المدن كما شاهدنا ذلك هذه الأيام وبوقت قصير وسيجدون الشرطة على أتم الإستعداد لتسليم المخافر لهم والسلاح، هذا إذا لم ينظم بعض منهم إلى هذه المليشيات. ومن ناحية أخرى سنجد نفس المشهد في المدن التي يتواجد بها تلك القوى التي تمثل التحدي الثاني، وسوف لن يكون للشرطة دور غير الذي رأيناه بإم أعيننا هذه الأيام في مناطق مختلفة من العراق.
إن هذا الوضع، بلا أدنى شك سيكون هو المرحلة الأولى لتفتيت العراق إلى ثلاثة مناطق مختلفة، لكل منها له برنامجه المختلف عن الجهات الأخرى، فالمنطقة الكوردية ستحاول مجبرة أن تحافض على الوضع الذي ورثته عن سنوات الحصار وسوف لن يكون لها خيار آخر على الإطلاق، والمنطقة الثانية المتمثلة بالمثلث الذي يحوي فلول النظام البعثي وبرنامجها معروف ومعلن على صفحات الإنترنت، وهو العودة إلى السلطة، والمنطقة الأوسع ستكون هي الجنوب وستكون من اليوم الأول جمهورية إسلامية تنهج منهج ولاية الفقيه وستعدعمها إيران بكل ما إستطاعت من قوة.
في العاصمة سيكون هناك التيار الذي لا يريد للبعث أن ينهزم وأن يعود بجلباب جديد، سيكون هذا التيار جاهزا لإعتقال كل العناصر التي تشاركه اليوم السلطة في مجاس الحكم والحكومة الإنتقالية.
سوف لن يقف الآخرون مكتوفي الأيدي فهناك التيار اليساري والعلماني والكثير من القوى التي تناهض نظام ولاية الفقيه في مناطق الجنوب وتلك القوى التي تموت رعبا من البعث في أي مكان من العراق، وسوف لن تقف دول الجوار مكتوفة الأيدي وهي التي عملت وإستماتت من أجل أن تصل الأمور إلى هذه المرحلة، فسوف تدعم بما أوتيت من قوة كل الجهاة التي تروق لها. بالإضافة إلى ذلك فالتيار الديني الذي يقوده السيد السيستاني سوف لن يكون سعيدا بهذا المشهد وسوف يكون له موقف، وفي الغالب سيكون الموقف مدويا خصوصا وإن مؤييدي السيد السيستاني هم الغالبية العظمى من الشيعة، فالسيستاني لم يعد مجرد مرجعية دينية وحسب وذلك بعد أن وجد نفسه ضمن هذا المعمعان الذي يفرض عليه أن يأخذ موقفا صارما وقويا وهو القادر على إدارة صراع من هذا القبيل فيما لو تضامنت القوى التي ترى به مرجعية دينية لها.
فالمشهد سوف لن يكون مجرد تقسيم للعراق، بل حربا أهلية ستحرق الأخضر واليابس ولم تبقي شيء على الإطلاق. وهذا هو شكل التحدي الذي قبله الأمريكان والسلطة الإنتقالية في العراق، فما العمل؟ كان هذا السؤال المحوري للتحالف ومجلس الحكم يوم إجبروا على وضع الجدول الزمني لإنتقال السلطة.
يليها الحلقة الثانية


*********************
السيناريو المرعب ولكن بمشيئة أمريكية 2 – 2
حمزة الجواهري
[email protected]
التاريخ: الذكرى الإولى لسقوط التمثال
الضربة الإستباقية:
إن من صلب العقيدة الأمريكية بالتعامل مع الخطر من أية جهة كانت، هو الضربة الإستباقية وعدم الإنتظار حتى تحل الضربة فتوقع خسائر بهم، وهذا هو السبب الذي نرى به أقطاب الإدارة الأمريكية اليوم يستجوبون من قبل لجنة متخصصة في الكونجرس الأمريكي، والسب هو إتهام الإدارة بالتراخي وعدم التعامل مع خطر القاعدة بناء على أهم الثوابت للعقيدة الأمريكية هذه. العقيدة نفسها هي التي تعامل بها الأمريكان في العراق ليمهدوا لتسليم السلطة للعراقيين مادام الأمر أصبح ملزما وبقرار دولي، وما كان لأحد أن يتوقع غير هذا الإسلوب من التعامل مع التحديات الأربعة الوارد ذكرها في الحلقة الإولى من المقال.
هذه العقبات الأربعة كان يجب على الأمريكان أن يزيلوها قبل تسليم السلطة للعراقيين في منتصف العام الجاري، أي بعد أقل من ثلاثة أشهر من الآن. فلو لم يفعلوا ذلك، لكان الوضع الذي سيتركه الأمريكان أكثر من هش، بل متداعي ولا يصمد أمام هزة من بضعة أطفال يعبثون في الشارع، فلا شرطي يعتمد عليه ولا دفاع مدني يستطيع أن يدافع عن نفسه، فكيف يستطيع أن يدافع عن العراق والنظام الذي ينبغي أن يتولى أخطر مرحلة من مراحل العراق؟ السؤال الأهم، أمام من ستصمد السلطة لو ترك المحتل الوضع كما هو عليه اليوم؟ وهل صبر العراقي كل تلك السنين لننتهي بعراق ممزق؟ وفي كل منطقة منه نظام لا يعلم بشكله إلا الله؟ فالمتصارعين مع سلطات الإحتلال والمتضامنين مع بعضهم من مشارب مختلفة ولهم برامج مختلفة ومدعومين بأنظمة مختلفة، والكل مختلف مع الجهات الأخرى.
واشنطن تناقش وضع العراق:
الإدارة الأمريكية عكفت منذ ما يقرب من إسبوع على مناقشة الوضع في العراق ومن كل الجوانب، فكان يجب أن يكون هناك عددا من الجنود أكبر من العدد المتوفر حاليا، فقد قبل االرجل العنيد رامسفيلد هذا الرأي ولكن بطريقة غير التي يراها الآخرون وهي أن يبقى الثمانينن ألف جندي التي كان من المفروض ان تستبدل بأخرى وعلى أن يذهب الجنود الجدد بحيث يصل العدد الإجمالي لهذه القوات بحدود مائتي ألف عسكري أمريكي في العراق. ومن ناحية أخرى ناقشت الإدارة الأمريكية مسألة إلزامية تسليم السلطة إلى العراقيين في منتصف العام الحالي، وكان الرأي هو مادام العراق غير جاهز لتسلم السلطة في هذا الوقت، فلماذا نخاطر ونسلم السلطة كاملة في الموعد المحدد؟ ويبدوا إن الأمريكان قد إستقروا على رأي جديد وهو التسليم الجزئي للسلطة وإبقاء قوات الدفاع المدني والشرطة العراقية تحت السيطرة الجزئية لإدارة الإحتلال التي سوف لن ينتهي عملها في الموعد المحدد وسوف لن ينعم بريمر الحاكم المدني في العراق بالإجازة التي طالما منى نفسه بها منذ فترة طويلة.
الحدث المعجل:
جاء حدث ربما عجل بعض الشيء من تنفيذ كامل الأجندة الأمريكية قبل موعدها المحدد وهو مسألة قتل الأمريكان والتمثيل بهم في الفلوجة بطريقة بشعة وهمجية ربما كانت تؤكد إن إسلوب البعثيين بالتفكير لن يتغير ولا تعكس موقفا شعبيا من قبل بسطاء من الناس الذين شاركوا بهذا العمل مستغلين سذاجتهم، لقد شاهدناهم جميعا، فقد كانوا ممجموعة من الأطفال والريفيين، جميعهم من اعمار دون العشرين. ولكن على ما أعتقد إنها كانت تمثل ذريعة قوية للأمريكان بتنفيذ الأجندة المعدة مسبقا للإنتهاء من التحديات الأربعة مرة واحدة. ويجب أن تكون مرة واحدة لكي لا يتركوا مجالا لدعم من قبل جهة لأخرى، ذلك لو تم التعامل معهم بشكل منفرد وبأوقات مختلفة. وهذا الأسلوب أيضا من صلب العقيدة الأمريكية لو كان ممكنا أن يتحقق. أما بالنسبة للصدر، فلم يكن الأمريكان بغافلين عما يمارسه من نشاط خصوصا والصدر كان صريحا ويعلن عن برامجه وينفذها على مرأى ومسمع من الجميع متحديا بذلك قواة الإحتلال والسلطة الإنتقالية في العراق. فلا صحيفة الحوزة الناطقة التي أغلقت كانت سرية وهي منذ اليوم الأول كما أسلفنا تهاجم وتحرض، ولا جيش المهدي كان جديدا على إدارة الإختلال، ولا المذكرة بإعتقال الصدر وبعض المقربين منه كانت جديدة، فهي قد صدرت منذ حوالي سبعة أشهر ولم يتم تنفيذها وترك التنفيذ ليوم آخر حسب أولويات الأجندة المعدة سلفا والتي تم تعديلها بعد أن إجبر الأمريكان على القبول بتحديد موعد زمني لتسليم السلطة.
الأحداث الأخيرة بمشيئة أمريكية:
مما تقدم نلاحظ إن تأجيج الأمور مرة واحدة كان بمشيئة أمريكية وليس بمشيئة من قبل المعارضين للوجود الأمريكي في العراق. ففي يوم واحد بدأت العمليات العسكرية على الفلوجة وإعتقل مساعد الصدر الشيخ مصطفى اليعقوبي وأغلقت صحيفة الحوزة الناطقة وتمت ملاحقة السيد الصدر لإعتقاله. وعلينا أن لاننسى إن إقالة وزير الداخلية البدران تندرج بنفس السياق وليس كما أعلنه البدران من أنه شيعي ويجب أن لا تكون وزارة الداخلية للشيعة بحسب مبدأ المحاصصة، فبعد يوم من إقالة البدران تم تعيين الدكتور موفق الربيعي الشيعي المعتدل مستشارا للأمن القومي في العراق وهو مركز يبدوا مرموقا ومؤثرا وهو رجل شيعي إلى جانب العلماني النشط سمير الصميدعي لمنصب الوزير كبديل للبدران، وهكذا تم لهم سحب الملف الأمني مرة واحدة من يد الوفاق التي كشفت عن حقيقة أوراقها منذ زمن وليس كنتيجة لتصرف بعض عناصر الشرطة المعادي للأمريكان خلال الأحداث. ولم يبقى لهم إلا التحدي الرابع المتثل بعناصر الإسلاميين المتواجدين في مدينة الفلوجة أصلا وربما يوجد البعض منهم في مدينة الرمادي أو تجمعات قرب المدن العراقية في أعالي الفرات.
إذا هو نفس السيناريوا الذي كان يمكن أن يحدث لو تم تسليم السلطة للعراقيين بعد إنسحاب الأمريكان من المدن، وهذا ما ستفعله هذه الجهات الأربعة في المدن العراقية ولكن بعد حين من الإنسحاب. فالفلوجة اليوم تسيطر عليها المليشيات، ونستطيع أن نتلمس ضراوة القتال في المدينة المحاصرة ومدى قوة هذه العناصر المقاتلة. في ذات الوقت نجد إن مليشيا الصدر قد إستولت بسهولة تامة على مدن عدة في الجنوب من دون أن تقدم ولو ضحية واحدة أو تطلق طلقة واحدة. كلا الجهتين سواء الصدريين أو البعثيين والإسلاميين العرب لم يلاقوا أية مقاومة من الشرطة العراقية، بل إنسحبت الأخبيرة من مراكزها تاركة السلاح والمخافر للمهاجمين، وقسم منهم قد حمل السلاح متضامنا مع من يجب أن يحاربهم، أمر مضحك ولم يخطر على بال. وهكذا ستتشكل باقي أجزاء الصورة التي رسمناها في الحلقة الأولى من المقال، التقسيم إلى ثلاثة مناطق كمرحلة أولى ومن ثم تليها مراحل أخرى من التدهور، وذلك يعتمد على مدى حدة ردود الفعل للعراقيين من باقي الأطراف الرافضة للتيارين البعثي والصدري. العراقيون من أبنا الشعب العزل يقفون بحيرة غير مصدقين لما يجري وما هي الأسباب التي جعلت من الأمر يتدهور هكذا وبدون مقدمات!
كان يمكن أن يكون العراق كله ضحية وثمن لتسليم السلطة للعراقيين لو تركت الأمور على عواهنها، وتسير كما أرادت لها تلك الجهات التي دفعت من أجل إستصدار جدول زمني لنقل السلطة، ضنا منها إن العراق سيكون يومها لقمة سائغة لشهوات ورغبات مريضة، ولا يهمهم من سيموت، يتباكون من أجله كما نراهم اليوم يتباكون بدموع التماسيح على الشعب الذي مافتأ يقتل وهم من دفع به للقتل.
الإسلوب الأسلم لتسليم السلطة:
كان الأسلم هو عدم الإستجابة للقوى التي ما كانت تضغط على الإدارة الأمريكية لوضع جدول زمني لتسليم السلطة في الوضع الحالي للعراق، لأن هذه الدول تعرف تماما ما الذي ستفعله لو تم وضع الجدول الزمني، وقد فعلت. كان ينبغي أن يتم تفعيل الملف الإقتصادي في العراق وتفعيل برامج إعادة البناء والتي ستستوعب كل العاطلين عن العمل من العراقيين والذين لا يجدون قوتم. فالجوع والحاجة هي التي دفعت بالكثيرين منهم للعمل مع البعثيين أو الصدريين، فصاروا فريسة لهذه الجهات التي تمنحهم على الأقل الحد الأدنى للعيش مقابل رفع السلاح. أما البعثيين العقائديين فهم من فقد القوة والسلطة والجاه ولم يبقى لهم سوى المال، وهؤلاء لهم شأن آخر، فإنهم يوم لا يجدون من يعمل معهم مقابل بضعة دولارات، فإنهم سيستأثرون بأموالهم والتي نهبوها من الشعب ويحافظوا عليها في حال فقدانهم للأمل بعودة للسلطة.
آن ذاك سيكون الوقت مناسبا لنقل السلطة، وهذا الوقت ليس ببعيد، بل هو أقرب من أي أجل كان أو جدول زمني يمكن أن يوضع، فبرامج البناء يمكنها أن تستوعب كل العاطلين عن العمل الذين هم اليوم يحملون السلاح مجبرين لسد غائلة الجوع.



#حمزة_الجواهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مداخلة حول العراق العربي والعراق المسلم
- المراكز الإعلامية الجديدة للعراق في إسرائيل
- مراجعة لردود الفعل على قانون إدارة الدولة
- انتفاضة الحياد - خامسا
- انتفاضة الحياد - رابعا
- انتفاضة الحياد - ثالثا
- انتفاضة الحياد - ثانيا
- انتفاضة الحياد - أولا
- كل من لديه مشروع قذر فعليه بعمرو موسى
- الفقرة --ج-- تضمن حق الكورد المشرع، ولكن
- أمريكا والداخلية والزرقاوي، هم من أرتكب مجازر عاشوراء؟!
- المسؤولية القانونية للأعلام العربي في أحداث عاشوراء
- قراءة تحليلية متأنية في وثيقة الزرقاوي – الحلقة الثانية
- قراءة تحليلية متأنية في وثيقة الزرقاوي – الحلقة الأولى
- مخلوقات دونية دينها القتل!
- انتفاضة الحياد مستمرة، ووثائق العار تفضح المجرمين
- محاولات كتاب التيار الديني خلط الأوراق - في المجتمع المدني ي ...
- النموذج الإيراني والديمقراطية في إطار السلطة الدينية - في ال ...
- في المجتمع المدني يجب فصل الدين عن الدولة وليس الدين عن السي ...
- المنهج الإعلامي الذي تعمل عليه فضائية الجزيرة


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حمزة الجواهري - السيناريو المرعب ولكن بمشيئة أمريكية 1 & 2