أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامح عوده - ( و َ .. الله ُ يفصل .. بينهم .. !! ) ..















المزيد.....

( و َ .. الله ُ يفصل .. بينهم .. !! ) ..


سامح عوده

الحوار المتمدن-العدد: 2613 - 2009 / 4 / 11 - 00:45
المحور: الادب والفن
    



المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة

حي على الصلاة حي الفلاح .... الله اكبر الله اكبر لا اله إلا الله

هكذا بدأ صباح مدينة بيت لحم المدينة الفلسطينية الوادعة ... مع أول بزوغ شمس يوم جديد ، تعانق الهلال مع الصليب ، في منظر عجيب يصعب على الذاكرة تخيله ، الجو بارد ، وأشعة الشمس بدأت تلقي خيوطها الخجولة في كل مكان ، وكأن المدينة على موعد ... مع المجهول فلا أحد يعلم ما يخبأ تحت ثنايا القدر .. !!

أي موعد ٍ .. هذا ؟ وأي قدر ينتظر الشجر َ والحجر .. !!

انتفاضة الأقصى بدأت سنتها الثالثة ... والمقاومة الفلسطينية يشتد عودها ، فترسم صورة ً لغدٍ مشرق ٍ ، بمحبرة الدم ِ ، وألوان التضحية التي يصعب على المخيلة تصورها .. !!

بسالة ٌ عالية ٌ .. وزنود حملت الأكفان على الأكف ، استبشرت بغد ٍ جديد ٍ ، يحمل خيط الأمل الذي يرتجيه المقهورون .. والمسحوقون على ثرى هذه الأرض .

لذلك نبت في كل شارع وحارة .. أسود .. وأشبال ٌ باعوا النفس ، لأجل حلم جافى مضاجع .. من يقبعون تحت نير الظلم والظلام ..

ومع انقشاع لسعات الصقيع الباردة التي عانقت حجارة المدينة العتيقة ، هللَ.. اسود المقاومة وكبروا في العرين ، أيقنوا بأن النصر صبر ساعة ، وأن سلاسل الحديد التي تطوق الوطن الأسير ستنكسر بهمة الرجال .. وصمود من شربوا ماء الوطن ، سلسبيلا طاهراً ، لذلك توزعوا في شوارع المدينة وأزقتها الحزينة الباكية فعانقوا جدران المساجد ، وحجارة الكنائس ، ... بدأ المقاومون ينتشرون في كل مكان كخلية نحل كل يعرف مراده .. !!

تنقلوا عبر الدروب ، يستنشقون عبير الصباح ، هواء واحد ، في وطن واحد لا يقبل القسمة ، أو التقسيم أو حتى التجزئة ، جمعهم تحت سماء ٍ واحدة دم ٌ ومصير مشترك .

أطل من بعيد تعتليه غيمات النخوة ، حاملاً بندقيته التي طالما صوبها إلى صدور المغتصبين ، أبو مجاهد ، قائد مجموعات المقاومة رجل تجاوز الخمسين من العمر ، خط َ الدهر على دفتر أيامه ، حكايا الوطن ، حمل في صدره حبا ً لوطن طالما رسمه بالجراح ، المتناثرة على جسده ما بين إصابات بالرصاص ، وآثار عذاب في أروقة السجون ، ابتسم ابتسامته المعهودة عندما نقلته قدميه إلى نقاط تمركز المقاومين ، تفقد مقاتليه ، وبدأ يشد ُ من أزرهم

- صباح الخير يا شباب ..

- صباح النور أخ أبو مجاهد

- كيف المعنويات اليوم ؟

- الحمد لله ، نزداد قوة وصلابة يوما بعد يوم .

- الحمد لله دائما .. المهم أن نكون مع الله لأن النصر من عنده ، فالنصر صبر ساعة ..

- أتحتاجون لشيء ؟

- الحمد لله لا ينقصنا شيء ، عليه اتكلنا

ابتسم ابتسامة عانقت سقف السماء ، وصار يغني لهم مواويل الوطن المتجذر فيهم ، يوزع المهام

- يا شباب أنتم هنا .. وخمسة في الجهة المقابلة والباقون يتوزعون في أزقة المدينة كيفما اتفق صار يبعث في نفوسهم الطمأنينة .. ويبشرهم بالنصر القريب ، والكل ينفذ التعليمات حسبما ما اتفق .

توزع المقاومون كما رسم لهم .. مرفوعي الهامة إرادتهم لا تقهر ... وإيمانهم بالنصر يفوق حدود المستحيل ، تعاهدوا جميعا على تقديم أرواحهم فداءً لمدينتهم .. ووطنهم الغالي .. لقد ألغى هذا الإيمان حدود الطائفية الضيقة ، وأسوار الفرقة المقيتة ، توزعوا مسلمين ومسيحيين ، يسارا ويمينا ، عيونهم مفتوحة نحو الهدف .. !! وقلوبهم تنبض حبا مع أجراس الكنائس وتكبيرات المآذن ، لأرضهم المقدسة .

لم تغفل عيونهم لحظة واحدة ، ولم يفكروا إلا فيما هو قادم ، كيف سيكون الغد .. !! .

فجأة وكأن القدر ساق خيوله إلى مدينتهم ، بدأ سكون المكان يتلاشى شيئا فشيئا ، مع هدير الطائرات العمودية والدبابات الإسرائيلية التي أتت من بعيد .. المقاومون يرددون بدؤوا صيحات الله أكبر ، لينتبه الجميع ... ويأخذ مكانه ... ولتبدأ القذائف تنهمر على المدينة من كل الاتجاهات ... والمقاومون يتلقونها بما توافر لهم من إيمان وعزيمة وصبر وتوحد .

ها هي الحرب قد بدأت ... وها هي الدبابات تقترب من قلب المدينة الصغيرة النابض بالحب لتدنس طهارتها، وتفض بكارتها ..... وتدوس التاريخ تحت جنازيرها ... أزقة المدينة الحزينة عجت بالشهداء والجرحى .... ولكن الإرادة بقيت كما هي لم تكسرها سطوة الجلاد .

وعلى مسافة قريبة من كنيسة المهد الشامخة تجمع عشرات ُ المقاومين الذين بدأت الدبابات الإسرائيلية تقترب منهم كما هي الأفعى السامة ... وعلى مقربة منها حاول المقاومان محمد وجريس صدها كي يتمكن باقي إخوانهم من الاختباء في مكان آمن ...

- محمد هل أنت جاهز ؟

- نعم يا أخي جاهز ..وإيماني بالله أسمى الأشياء ..

لكن العتاد الشحيح والذخيرة القليلة حالت دون توقف تلك الدبابات ... وفكرا سريعا في استخدام الأحزمة الناسفة التي تلتف حول أجسادهم الطاهرة

- جريس حضر حزامك الناسف

- حزامي جاهز .. !! لنتوكل على الله

.... وبلمح البصر صاح الاثنان معا :

- بسم الله والله اكبر ... عاشت فلسطين

وبعد دوي انفجار كبير تناثرت الأجساد إلى أشلاء ودمائهم الطاهرة لونت جدران الأزقة ... وما أن أعطبت الدبابة الأولى .. !! حتى تمكن بقية المقاومين من الهرب إلى كنيسة المهد ، ليبدأ فصل جديد من المعركة ... قبة المهد ضمت تحتها عشرات المقاومين يأكلون في صحن واحد ويشربون في كاس واحد ... ويستنشقون هواء واحد ، وعدوهم واحدا ً يقف خلف الأبواب الموصدة بالمرصاد .

ومرت تلك الأيام العصيبة من بطش الاحتلال ، وجبروته لكنها جوبهت بعناد شرس ، تجسد في ملحمة رائعة ، تحكي روعة وحدة شعب يعاني ويلات القهر والاحتلال . وعندما بدأنا في جمع الأشلاء ذهبت يمنى محمد الى جسد جريس ويمين جريس في تابوت محمد " وتركنا لله " أن يفصل بينهما يوم القيامة ؟؟؟



#سامح_عوده (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة الفلسطينية نموذج عطاء، واستمرارية نحو الإبداع ..(..!! ...
- - ما حَكَ جِلدَكَ غيرُ ظفركَ - ..(..!!..)..
- عن التاريخ المزيف .. والصمت .. (..!!..)..
- قناة الجزيرة - وفانتازيا - التضليل الإعلامي ..(..!!..)..
- أي نوع من الإعلام نريد ..(..؟!..)..
- من جيوس الى غزة..(..2..)..
- مروان البرغوثي .. سلمت يمناكَ ..(..!!..)..
- رسائل إلى أطفال غزة ..(..!!..)..
- من جيوس إلى غزة ..(..!!..)..
- كفاكم تباكياً على أوجاعنا ..(..!!..)..
- فإما نكون .. وإما نكون ..(..!!..)..
- مقابلة مع الدكتور زاهر الجوهر حنني ( أدب المعتقلات )
- صباح الخير جيوس ..(..!!..)..
- لِنُضِئْ شَمّعَةً خَيرٌ مِنْ أنّ نَلّعَنَ الظَلاَمْ ..(..!!. ...
- حينما يكون العزل إجبارياً ..(..!!..)..
- حنين ..(..!!..)..
- لله يا محسنين وطن ..( .. !! ..)..
- عندما كنتُ حماراً ..(..!!..)..
- نهركِ .. العذب ..(..!!..)..
- طفولة مُزّمِنةْ - قراءة في مجموعة ناصر الريماوي القصصية ..(. ...


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامح عوده - ( و َ .. الله ُ يفصل .. بينهم .. !! ) ..