أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - الجهد الضائع لطارق حجّي















المزيد.....

الجهد الضائع لطارق حجّي


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 2612 - 2009 / 4 / 10 - 10:07
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


مقالة الحجي عن الدولة اليوم ذكرتني بمسرحية شكسبير الساخرة أو المسخرة " جهد الحب الضائع Love’s Labour’s Lost - " حيث تعاهد الملك وثلاثة من أصدقائه أن يهجروا مباهج الحياة بهدف تحسين طرائق تفكيرهم إلا أن حبهم للنساء كان أقوى من عهدهم والنتيجة بالطبع هي أنهم فشلوا في تحسين طرائق تفكيرهم . لم يتعلم طارق حجي من مسخرة شكسبير فصنع ما صنع الملك . جهد كثيراً في لملمة كل ما قاله ماركس وإنجلز ولينين وستالين وحتى خروشتشوف الذي ليس له أدنى علاقة بالماركسية، جمّع كل هذا دون أن يستخدمه على الإطلاق في مقاربته لموضوع الدولة . كان انتماء الحجي للنهج البورجوازي الرجعي في التفكير أقوى من كل إلتزام بالموضوعية بدا أنه يعد بالإلتزام به . ولذلك كرر مسرحية المسخرة للشاعر الكبير وليم شكسبير .

المثقفون يجهدون في بناء قصور ثقافية لهم وهذا وإن كان تجسيداً كاملاً للروح البورجوازية في تقسيم الإنتاج الإجتماعي إلا أنه ظل في منأى عن النقد حتى اليوم . يتوجب اليوم أن يوضع حد نهائي لمثل هذه المثاقفة الكاذبة وقد أخذت الطبقة الوسطى منذ العام 1975 تطفو على سطح المجتمع بديلاً عن طبقة الرأسماليين في الغرب الرأسمالي سابقاً وعن طبقة البروليتاريا في معسكر الإشتراكية سابقاً، وتفترس بوحشية لا عهد للبشرية بها قوى الإنتاج الحقيقي سواء من العمال أم من الرأسماليين، وقد ظهر في طليعة الطبقة الوسطى روّاد البورجوازية الوضيعة من المثقفين والمتثاقفين بمختلف مستوياتهم . ما كنت لأعترض على الجهد الجهيد الذي يقوم به طارق حجي في بناء قصر ثقافي باسمه وتعليق صورة له في زحمة مصفوفة " المفكرين " العرب لو أنه لم يتعدَّ حدوده ليبني جناحاً لقصره البورجوازي الرجعي في فناء الماركسية .

أعتذر سلفاً من السادة المصطفين وراء مفكرهم الكبير طارق حجي لأنني فكرت مليّاً أن أتوقف تماماً عن مساجلة طارق حجي بسبب بؤس خطابه ليس إلا . في مقاربته لموضوع الدولة اليوم بؤس لعل تلميذا في الإعدادية يخجل به . لم أكن أضرب في الرمل بالأمس لأخمن مدى فقر الحجي حتى أنه " لا يمتلك ملء قمع صغيرة من العلوم الماركسية " فها هو اليوم يؤكد ما قلته بالأمس وقد ظهر بائساً لدرجة أن أعداء الماركسية لن يعتبروه واحداً منهم وسيرفضون تسجيله في قائمتهم عديمة الشرف .

يقول الحجي أن الدولة كالمدية تتغير استعمالاتها وتتبدل أسباب وجودها لكنها تظل ضرورية للإنسان . من يقول بهذا لا يميز بين الدولة البطريركية من مثل الدولة العثمانية أو الدولة المملوكية وبين الدولة الإقطاعية مثل دولة لويس الرابع عشر في فرنسا أو هنري الثامن في بريطانيا وبين الدولة البورجوازية الرأسمالية . هذه الأنماط الثلاثة من الدولة ليست هي ذات الشيء فطينتها مختلفة وحتى وظيفتها مختلفة فقمع العبيد أمر مختلف تماماً عن قمع الأقنان وعن قمع العمال . ويحاول الحجي أن يخفي وظيفة الدولة الأولى والأخيرة وهي القمع ليستبدلها بوظيفة التنظيم التي لا بدّ وأن تقترن بطبيعة الحياد الموهومة بين الطبقات وهو الأمر الذي لا يستقيم مع الصراع الطبقي الذي يكتنف كل أعمال الإنتاج الرأسمالي وما قبل الرأسمالي . من الصعب أن تقنع عشرات ملايين العمال بأن إنتاجهم يؤول كلياً إلى عدد قليل من الأشخاص لضرورات تنظيمية !! لئن كان الحجي وأضرابه يقتنع بذلك فليس غيرهم من يشاركهم هذه القناعة !!

البؤس الفاضح في خطاب الحجي هو أنه اصطنع لنفسه قضيتين لا وجود لهما أصلاً في مقاربة الماركسية للدولة . أولاهما هي "دولة" الشيخ التي لا وجود لها في تاريخ البشرية، وثانيتهما هي انتفاء الطبقات في المجتمع السوفياتي وهذا أيضاً لم يتواجد على الإطلاق طيلة عمر النظام السوفياتي . والتساؤل الذي يفرض نفسه في هذا السياق هو كيف لطارق حجي، وهو من يتمتع بقدرات عقلية حسنة إن لم تكن ممتازة، أن يصطنع لنفسه قضيتين لا وجود لهما في الأصل !!؟ والحق أن هذا تساؤل خطير ليس له من إجابة إلا تلك التي تطعن بأمانة الحجي وبصدقيته، ونحن لا نحب هذا أن يكون ؛ نحب طارق حجي أن يكون عدواً حقيقياً للنهج الماركسي وليس عدواً زائفاً أو خائناً لا سمح الله .

فيما قبل التاريخ كانت التجمعات البشرية تحيا حياة القطيع وترسو في قاعها مع الأيام كل الحركات التي من شأنها أن تصون سلامة القطيع وتوفر له الغذاء والماء لتصبح مثل هذه الحركات مع الزمن من العادات والتقاليد الراسخة . وكان القطيع يتقيد في حلّه وترحاله وفي كل أعماله الجماعية بتوجيهات الراسخين في العادات والتقاليد من كبار القوم إن في العمر أو في التجربة ؛ وكان المتقدم بين هؤلاء الكبار هو شيخ القطيع أو القبيلة . وفي الغالب كان هذا الشيخ هو امرأة وليس رجلاً (Matriarchal Age) . طارق حجي يفترض أن هذا الشيخ هو الدولة !! كيف يجوز مثل هذا الإفتراض والشيخ لا يملك أية قوى قمعية ولا يجبي الضرائب من أي فرد في القبيلة ولا يستغل أحداً بل قد يكون أفقر أجيالة ؛ لكن الحجي رغم كل هذا يفترضه الدولة ليس إلا من أجل أن يقول أن ماركس كان مخطئاً بتعريف الدولة . لم تنقسم القبيلة إلى طبقات متناحرة ومع ذلك كان هناك دولة وهي الشيخ !! لا يمكنني تفسير مثل هذا التنظير الخنفشاري من قبل رجل أخذ قسطاً من العلم والمعرفة .

القضية الثانية هي الأعمق خيبة والأبلغ افتضاحاً . يقول الحجي أن المجتمع السوفياتي لم يعد فيه طبقات وانتفى فيه الإستغلال ومع ذلك تنامت قوة الدولة بدل أن تتراجع وتضمحل . لعل الحجي يتوجه بخطابه هذا إلى أناس يحبون أن يسمعوا مثل هذا الخطاب رغم بؤسه الشديد وليس إلى أناس لديهم بعض المعرفة الأولية بالعلوم الماركسية . بالطبع لم يقرأ طارق الحجي كتاب ستالين " القضايا الإقتصادية للإشتراكية في الإتحاد السوفياتي " 1952 ولم يطّلع على مدى الحقد والغضب اللذين عبرت عنهما الدوائر العليا في الحزب الشيوعي السوفياتي تجاه طبقة الفلاحين التعاونيين الذين كانوا يسرقون الدولة السوفياتية . لقد طالبت قيادات الصف الأول في الحزب بإلغاء طبقة الفلاحين بقرار فوقي يصدر عن قيادة الحزب والدولة، إلا أن ستالين استمهلهم لبضع سنين لأن في أي قرار فوقي من هذا النوع قد يشكل خطورة خاصة على بنية الحزب ومستقبل الثورة الإشتراكية . ليقرأ الحجي خطاب ستالين لدى اختتام الندوة المكرسة للبحث في إلغاء طبقة الفلاحين التعاونيين من الهيكل الطبقي للمجتمع السوفياتي في العام 1951 وقد أكد وجود ثلاث طبقات رئيسية في المجتمع السوفياتي وهي طبقة البروليتاريا صاحبة السلطة وطبقة الإنتلجنسيا وتضم العسكريين والمهنيين والإداريين ثم طبقة الفلاحين الكولخوزيين التي وعد ستالين بإلغائها خلال بضع سنين يتم خلالها إغراق " السوق " السوفياتية بالسلع الإستهلاكية . أي أن هناك ثلاث طبقات متصارعة ويتوجب على دولة دكتاتورية البروليتاريا أن تحكم نتيجة الصراع حتى إلغائها . ظل ستالين يؤكد دائماً وحتى في المؤتمر العام التاسع عشر للحزب الشيوعي قبل رحيله ببضعة أشهر في آذار مارس 1953 أنه كلما تقدمت البروليتاريا في العبور الاشتراكي إلى الشيوعية كلما ازدادت حدة الصراع الطبقي في المجتمع الإشتراكي . فلماذا علينا أن نأخذ بتحليل طارق حجي ونهمل بالمقابل تحليل ستالين الذي يقود حرب الصراع الطبقي بنفسه داخل المجتمع الاشتراكي ذاته ؟؟ نحن لسنا أسرى علم الشاب طارق حجي الزائف في الإقتصاد السياسي . وليجبنا الحجي عمّا هي الطبقة التي استلمت السلطة بعد انهيار النظام الإشتراكي ؟ هل استوردها يلتسن من خارج المجتمع السوفياتي ؟ الذي حدث في وقت مبكر بعد رحيل ستالين هو أن خروشتشوف وإثر إعتلائه قمة السلطة في العام 1954 عكس سياسة الحزب كليّاً فنادى بتوسيع طبقة الفلاحين وإغنائها بدل إلغائها وما رافق ذلك من إلغائه لدكتاتورية البروليتاريا بداية منذ حزيران يونيو 1957 حين تآمر مع المارشال جوكوف وقاما بانقلاب شبه عسكري تم بموجبه إسقاط وطرد جميع البلاشفة من المكتب السياسي للحزب والبالغ عددهم نصف عدد الأعضاء وهو 12 عضواً . في ذلك الانقلاب تكرست هزيمة البروليتاريا على يد الطبقة الوسطى التي ينكر وجودها طارق حجي !!

في مقاربته لمحور أساسي من محاور الماركسية هو الدولة ودورها في المجتمع يفشل طارق حجي في أن يقدم نقداً يجتذب أي انتباه ، نقداً يليق بشاب تجاوز العشرينيات من العمر وعلى مساس بالماركسية من قريب . جمع طارق حجي كل ما قيل حول الدولة في دفاتر الماركسيين إلا قولاً واحداً، ربما قفز فوقه عن عمد، إذ قال لينين أن دولة دكتاتورية البروليتاريا تعبر كامل برزخ الاشتراكية وتدخل المرحلة الأولى من الشيوعية حيث هناك فقط تضمحل وتتلاشى، وهذا من شأنه أن ينزع كل شرعية عن خطاب الحجي الدولاتي باستثناء بالطبع " دولة الشيخ " من ابتداع طارق حجي تحديداً . نتمنى حقاً أن يقدم الحجي نقداً علمياً أكثر مساساً بالماركسية لقراء الحوار المتمدن .

فـؤاد النمري
www.geocities.com/fuadnimri01



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السقوط المدوّي لطارق حجّي
- الماركسية الفجّة لدى طارق حجّي
- كيف يواجه الشيوعيون الأزمة الخطيرة الماثلة
- تروتسكي البورجوازي الوضيع
- الأميّة السياسية بين الشيوعيين (درس في ألف باء الإشتراكية)
- نصيحة غير مجانية للمثقف الظاهرة، طارق حجي
- تراث ماونسي تونغ
- ما العمل ؟
- لا حرية مع الإستلاب الديني (دولة الإسلام إنما هي دولة غزاة)
- لا حرية مع الإستلاب الديني (2)
- لا حرية مع الإستلاب الديني (1) (أسطورة إبراهيم أبي الأنبياء)
- محاكمة عادلة لحدة خطابي
- عدمية حماس أعدمت القضية الفلسطينية
- -مقاومة الإحتلال - راية بالية ومستهلكة
- إلى أين ينعطف العالم اليوم ؟
- أيتام خروشتشوف ما زالوا يحاربون البروليتاريا
- يهاجمون التزييف لأجل أن يزيّفوا ماركس
- لا اشتراكية بغير دولة دكتاتورية البروليتاريا
- الحرية في - الحوار المتمدن -
- الماركسية ليست من الإيديولوجيا


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - الجهد الضائع لطارق حجّي