أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - إمسك .. بهائى!















المزيد.....

إمسك .. بهائى!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2610 - 2009 / 4 / 8 - 10:52
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


بصراحة، وعلى بلاطة، ودون لف أو دوران، يجب أن نعترف بأن حرية العقيدة فى مصر تمر بمحنة شديدة، وأننا مازلنا بعيدين عن المقومات الأساسية للدولة المدنية الحديثة، وأن التعصب والاكراه وثقافة الكراهية أصبحت هى القاعدة فى حياتنا وليست الاستثناء.
فما حدث فى قرية "الشورانية" ضد عشرات من المواطنين المصريين البهائيين ليس أمراً همجياً فقط، ولا يكن التهوين من شأنه أو الأدعاء بأنه مجرد حادث فردى، بل هو جريمة فى حق الوطن والأمة والدستور والإسلام، قبل أن يكون جريمة فى حق عدد يزيد أو يقل من البهائيين المصريين. والأخطر انها ليست جريمة عابرة أو عفوية، وإنما هى جريمة مع سبق الاصرار والترصد، سبقها تحريض سافر، وصحبها تواطؤ مكشوف، شاركت فيه "مؤسسات" وجماعات وهيئات يفترض فيها أنها مسئولة عن الدفاع عن المواطنة.
فهناك فضائية مصرية واسعة الانتشار أذاعت تحريضاً صريحاً كان هو إشارة البدء للاعتداء على هؤلاء المواطنين المصريين البهائيين وإهانتهم وترويعهم وإحراق منازلهم وطردهم من قريتهم.
والذى قام بهذا التحريض لم يكن شخصا "نكرة"، وإنما هو صحفى، وعضو منتخب فى مجلس نقابة الصحفيين التى يفترض فيها أنها حصن الدفاع عن الحريات، بما فى ذلك حرية العقيدة.
ثم بعد أن تسبب هذا التحريض فى شحن سكان القرية ضد جيرانهم البهائيين، ودفعهم إلى إلحاق الأذى بهم، ظل هذا الايذاء مستمرا بصور مختلفة – كلها كريهة وبغيضة وبربرية – دون أن يحرك أحد ساكنا، يوم السبت ويوم الأحد ويوم الاثنين، وصل إلى الذورة يوم الثلاثاء حيث تم إضرام النار فى منازل هؤلاء البهائيين التعساء.
وهذه الذورة لم تكن بدورها تصعيداً عشوائياً، بل كانت نتيجة مباشرة لأن نفس الزميل الصحفى الذى بدأ التحريض على إهدار دم البهائيين على شاشات القناة الفضائية، واصل التحريض كتابة فى جريدة قومية كبرى ضد البهائيين باعتبارهم "طائفة مرتدة عن الاسلام وترتبط بعلاقة وثيقة بالصهيونية وتدعمها إسرائيل" وبوصفها "فئة ضالة منحرفة.. تهدف للنيل من الاسلام لتحقيق مصالح أعداء الدين الاسلامى خاصة الصهيونية العالمية".
ولم يكتف بهذه المقولات العامة – رغم ما تحمله من تهييج – بل انتقل رأساً إلى أهالى قرية الشورانية – بالأسم – واصفاً إياهم بأنهم "من الغيورين على دينهم وعقيدتهم" مشيداً قيامهم – من قبل – بقذف أحد البهائيين فى القرية بالطوب داخل منزله "بسبب ردته عن الإسلام".
وكان رد الفعل الفورى لصيحات "واسلاماه" واستنهاض "الغيرة" على الدين الاسلامى الحنيف هو تحول رشق بيوت البهائيين بالطوب إلى إشعال النيران فيها!
إذن نحن لسنا إزاء انفلات عشوائى للاعصاب أو موقف عفوى تحول إلى حادث طائفى وإنما نحن إزاء جريمة منظمة ومدبرة.
وهذا يثير تساؤلات أساسية:
1- ما هو موقف نقابة الصحفيين من عضو فى مجلسها يحض على هذه الكراهية ويشعل نيران التكفير والتخوين ويحرض على إهدار الدماء، خاصة وأنه هو نفسه سبق له تزعم حركة لرفض عقد مؤتمر لمناهضة التمييز الدينى داخل النقابة، وهو رفض رافقته تجاوزات نقابية كثيرة.
فلماذا صمتت نقابة الصحفيين على تجاوزات الأمس، ولماذا تصمت على تحريض اليوم الذى يتنافى مع رسالة الصحافة ودورها فى حماية الحريات وفى مقدمتها حرية العقيدة.
2- لماذا أذاعت الفضائية المصرية الخاصة هذا التحريض الذى أدى إلى إشعال الحريق، وهل يتسق ذلك مع رسالة الاعلام الذى يفترض أن "يحرض" على التسامح والاستنارة ونبذ التعصب والتزمت.
3- لماذا تجاهلت الأجهزة المعنية فى سوهاج أعماء الايذاء المتكررة والمتصاعدة فى قرية الشورانية لبضعة أيام متتالية، وسمحت باستمرارها، حتى تصاعدت إلى نهايتها البغيضة؟
4- لماذا صمت الحزب الوطنى عن تورط بعض أعضائه فى هذه الجريمة بصورة مباشرة، ولم نسمع منه تصريحاً واحداً يدين هذا السلوك، أو يتضمن توقيع عقوبات حزبية على أعضائه، الأمر الذى يعنى ضمنياً موافقته على ما فعلوا؟
5- لماذا صمت الأزهر ولم يرد على الأفكار التكفيرية التى ترددت منذ البداية وكانت سبباً فى إشعال الحريق، ولماذا لم يدافع عن سماحة الإسلام الذى يقول بوضوح كامل أنه "لا إكراه فى الدين" و "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، ولماذا لم يبين لهؤلاء المخدوعين إن الإسلام أقوى من أن يهتز أو يخشى عليه البعض من مئات أو حتى آلاف من الذين يتبنون عقيدة مخالفة؟ ولماذا لم يقم صراحة بإدانة طرد هؤلاء المواطنين المصريين البهائيين من ديارهم بعد ترويعهم وإيؤائهم وإحراق بيوتهم؟
6- لماذا تقف الأجهزة المعنية مكتوفة اليدين أمام إعلان أهالى قرية الشورانية – على الملأ – أن القرية للمسلمين والمسيحيين فقط ولا مكان لمعتنقى البهائية بينهم وأنه على البهائيين البحث عن مكان آخر؟
ومنذ متى تصمت الدولة على تهديدات مثل تلك التى أطلقها أهالى القرية من أن أى محاولة من أى جهة للسماح بعودة البهائيين إلى القرية ستواجه بالرفض مؤكدين "أنه فى حالة عودتهم لن يتركوهم هذه المرة يخرجون منها سالمين".
لماذا التهاون مع هذه التهديدات الصريحة التى تمثل تحديا للدستور والقانون وتشجيعا على التعصب والكراهية؟
7- كيف يمكن لجريدة قومية لها تاريخ مجيد فى الدفاع عن التنوير والعقلانية والتسامح أن تكون منبراً للتعصب والتحريض، أو على الأقل لماذا لم توازن مقالاً يمثل هذا الاتجاه بمقالات أخرى ترد عليه وتفنده حماية للسلم الأهلى ودفاعاً عن الدستور وحقوق الإنسان وعن جوهر الإسلام الحنيف؟ ولماذا لم تعلن صراحة أن ما نشر على صفحاتها مسئولية من كتب وأن هذا الكلام المتعصب والتهييجى. لا يعبر عن رأيها؟
هذه التساؤلات تبين أننا جميعاً مسئولون عن هذه الجريمة، فضائيات، وصحافة، وأحزاب، ومؤسسات دينية، وسلطات مسئولة.. بل وأيضاً الأهالى الذين تورطوا فى هذه الجريمة البشعة متخيلين أنهم يدافعون عن الاسلام ويقصدون لإسرائيل والصهيونية بينما هم فى حقيقة الأمر يشاركون فى تقديم صورة سيئة جداً عن الإسلام للعالم، كما يقدمون خدمة جليلة لإسرائيل وليس العكس لأنهم حرقوا مصر ولم يؤذوا إسرائيل فى واقع الأمر كما يدعون أو يظنون بل صورونا أمام العالم كله برابرة ومتوحشين.
ثم بعد ذلك نغضب عندما يصدر تقرير من هذه العاصمة الأجنبية أو تلك، يرصد هذه المعاملة الفظة من مصريين لمصريين، ويستجهنها، ويحاول توظيفها لخدمة مصالح وأجندات خبيثة؟!
فهل نترك مستقبل هذه الأمة رهينة فى أيدى حفنة من المغامرين والمتعصبين؟!
إن القضية ليست فقط قرية الشورانية فى الصعيد الجوانى، وإنما القضية الحقيقية هى مستقبل مصر.. وهل تعود منارة للعقلانية والتسامح أم يختطفها "الطالبان" الجدد وخفافيش الظلام؟!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيادة النائب العام.. شكرًا
- هل نحتاج إلي قانون جديد لمكافحة الارهاب؟!
- انتبهوا أيها السادة: نتيجة امتحاننا في »النزاهة«.. ضعيف جدا
- بعد رائعة نجيب محفوظ -القاهرة 30- .. رواية الموسم: القاهرة . ...
- بعد رائعة نجيب محفوظ -القاهرة 30- .. رواية الموسم: القاهرة 5 ...
- حلم .. ولاّ علم؟!
- من يشعل النار فى قلب القاهرة الخديوية؟!
- كيف يتعامل الاعلام المصرى مع تحديات العولمة؟
- ثورة 1919 .. تسعون شمعة
- هل تكون القاهرة الخديوية .. محمية عمرانية؟
- بلاغ للنائب العام وكل من يهمه مصير هذا البلد
- مليارات لا تجد من ينفقها! سوء إدارة وفساد يهدران الاستفادة ا ...
- متحف للمياه على ضفاف النيل
- تعليم الكذب والخداع
- صحفيون ضد مناهضة التمييز!
- مستنقعات الارهاب
- ورقة مقدمة لمنتدى حوار الثقافات بالهيئة الإنجيلية »1-2«
- كيف يتعامل الإعلام المصري مع تحديات العولمة؟
- كلنا اشتراكيون الآن!
- خطبة الوزيرة!


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - إمسك .. بهائى!