أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - نظرة جديدة على -مجمع البحرين- القرآني















المزيد.....

نظرة جديدة على -مجمع البحرين- القرآني


كامل النجار

الحوار المتمدن-العدد: 2607 - 2009 / 4 / 5 - 10:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مع انتشار الصحوة السلفية "المباركة" وارتفاع أصوات السلفيين الذين يدعون إلى إحياء التراث، يجدر بالباحثين نبش الغبار عن ذلك التراث الذي خلّفه لنا رجال يجهلون ما كانوا يكتبون عنه، سواءً أكان المكتوب عنه سيرة الرسول أو الأحاديث المروية عنه أو حتى تفسير القرآن. فكل الذين كتبوا التراث اعتمدوا على روايات شفهية لا تختلف عن قصص الجدات عن الغول والسعلوة.
من المعروف لدينا الآن أن كتب السيرة النبوية ظهرت بعد وفاة محمد بأكثر من مائة عام، وكان أول من كتب عنها هو ابن سعد الذي توفي عام 152 هجرية، ثم تبعه ابن هشام (ت 218 هجرية)، وابن كثير (ت 774 هجرية). فهؤلاء المؤرخين تفصلهم فجوة زمنية طويلة عن طفولة وشباب محمد، وحتى الذين عاصروه لم يكونوا قد اهتموا بطفولة صبي يتيم، فقير. ومع بدء الدعوة للإسلام انشغل أهل مكة بمحاربته ولم يكن يهمهم تاريخ طفولته أو أسفاره. فكل ما كُتب عن حياة محمد قبل الرسالة أو بعدها ماهو إلا تخمين وتأليف مسلمين يريدون رفع قدر نبيهم.
ولذلك لا نجد في كتبهم أي ذكر لأسفار محمد إلى اليمن، وفارس، والشام ومصر عندما كان يعمل بالتجارة مع خديجة بنت خويلد. وقد أدت هذه الرحلات إلى توسيع أفق محمد وإلمامه بجغرافية تلك البلدان وعادات أهلها وحضاراتهم، مما ساعده على صياغة آيات قرآنية تحتوي على تلك المعلومات التي بهرت معاصرية الذين لم يكونوا قد زاروا تلك البلاد. وعندما أتى المفسرون لشرح تلك الآيات التي تحتوي على جغرافية المناطق التي لم يروها، شطح خيالهم فأتونا بقصص أشبه بالأساطير اليونانية، بينما التفسير أوضح من الشمس في رابعة النهار.
والمفسرون، كرواة السيرة النبوية، كانت تفصلهم مئات السنين عن نبي الإسلام، فالطبري توفي عام 310 هجرية، والقرطبي عام 671 هجرية، وابن كثير عام 774 هجرية. فتفاسيرهم ما هي إلا تخمين وقصص ميثالوجية، لا تختلف عن كتبهم عن التاريخ الإسلامي. وكان الدكتور علي الوردي يسمي المؤرخين الإسلاميين من أمثال الطبري والمبرد وابن عساكر "الإخباريين" لأنهم كانوا فقط ينقلون الأخبار دون أي تمحيص أوتدقيق في محتوى ما ينقلون.
فإذا أخذنا مثلاً قصة موسى والنبي الخضر - الذي لا وجود له إلا في المخيلة الإسلامية للمفسرين الذين اختلقوا القصص الوهمية عنه – نجدهم يقولون: (إن موسى قام خطيباً في بني إسرائيل، فسئل: من هو أعلم الناس؟ فقال: أنا. فعتب الله عليه وقال له إن لي عبداً بمجمع البحرين هو أعلم منك. وهو يعني نبي الله الخضر.) وعليه نجد موسى يجتهد في الوصول إلى مجمع البحرين، الذي لا يعرف المفسرون مكانه، حتى يلتقي هذا العبد الذي فاقه علماً. وبدل أن يجشم موسى نفسه كل هذا العناء في السفر ليتعلم من ذلك العبد، كان بإمكانه أن يسأل الله أن يعلمّه ذلك العلم، والله لم يرد له طلباً من قبل، حتى عندما سأله أن ينزل لهم مائدة من السماء، نزلت مطبوخة كأحسن ما يكون الطبخ.
يقول القرآن: (وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حُقبا) (الكهف 60). (فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما) (الكهف 61).
وكان ارتباك المفسرين واضحاً في تعريف البحرين ومكان التقائهما. قال قتادة (هو بحر فارس والروم (بحر فارس هو ما يُعرف الآن ببحر العرب، وبحر الروم هو الخليج الفارسي الذي يصر العرب على تسميته الخليج العربي)، وقال مجاهد: هو ذراع يخرج من البحر المحيط من شمال إلى جنوب، في أرض فارس من وراء أذربيجان (يقصد بحر غزوين)، فالركن الذي لاجتماع البحرين مما يلي الشام هو مجمع البحرين. وقيل هما بحر الأردن وبحر القلزم (البحر الأحمر). وقيل مجمع البحرين عند طنجة. وقال بعض أهل العلم: هو بحر الأندلس من المحيط، حكاه النقاش) (تفسير القرطبي). فليس هناك ما يجمع بين كل هذه البحار. كل مفسر يفسر حسب البحار التي يعرفها.
ويبدو من تفسير الآيات في سورة الكهف أن موسى وفتاه أخذا سمكاً مملوحاً واجتهدا في السير لبلوغ مجمع البحرين هذا (رغم أن التراث اليهودي يخبرنا أن موسى غاب عن قومه مرة واحدة فقط عندما ذهب إلى جبل سيناء لاستلام الوصايا العشرة). ولما بلغا صخرة معينة ارتاحا بها، ونسي الغلام السمك عند الصخرة، وفي اليوم التالي طلب منه موسى أن يأتيه بالسمك للغداء، وهنا يخبرنا القرآن أن الفتى قال ( أرأيت إذ آوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان) (الكهف 63).
فأين يا تُرى مجمع البحرين الذي بالقرب منه صخرة ارتاح بظلها موسى وفتاه؟ موسى هذا كان قد خرج لتوه من مصر مع بني إسرائيل، فكان في صحراء سيناء. المنطق والجغرافيا يخبرانا أن مجمع البحرين هو مكان التقاء خليج العقبة مع خليج السويس. وكان موسى (حسب الميثولوجيا التوراتية والإسلامية) قد هرب من مصر بعد أن قتل الرجل المصري، وذهب إلى مِدْيَنَ (في الأردن)، فلا بد أنه مر بين خليج العقبة وخليج السويس. وفي المرة الثانية عندما خرج مع بني أسرائيل، ضرب البحر ( خليج السويس) بعصاه فانفلق البحر لهم ودخلوا صحراء سيناء ووصل موسى إلى طورها (ولا ندري لماذا لم يسلك الطريق الذي سلكه أولاً حول خليج السويس ولم يكن الفرنسيون قد حفروا قناة السويس بعد).
ويزيدنا القرآن توضيحاً عندما يقول (مرج البحرين يلتقيان. بينهما برزخ لا يبغيان) (الرحمن 19-20). فالبحران الذان يلتقيان وبينهما برزخ لا بد أن يكونا خليج العقبة وخليج السويس وبينهما رمال سيناء. ولكن ابن عباس يقول لنا (إنهما بحر السماء وبحر الأرض. وقال مجاهد: في كل عام يلتقي طرفاهما. وقال الحسن وقتادة: هما بحر فارس والروم. وقال ابن جريج: إنه البحر المالح والأنهار العذبة (تفسير القرطبي).
وكان لا بد للمفسرين من الرجوع إلى أبي هريرة لإعطاء تفسيرهم الختم النبوي الشريف، فذكروا عن أبي هريرة عن النبي (أن الله كلم الناحية الغربية من البحر، فقال: إني جاعل فيك عباداً لي يسبحوني ويكبروني ويهللوني ويمجدوني، فكيف أنتِ لهم؟ فقالت: أغرقهم يا رب. قال: إني أحملهم على يدي. ثم كلم الناحية الشرقية، فقال: إني جاعل فيك عباداً يسبحوني ويكبروني ويهللوني ويمجدوني، فكيف أنتِ لهم؟ قالت: أسبحك معهم إذا سبحوك، وأكبرك معهم إذا كبروك، وأهلل معهم إذا أهللوك، وأمجدك معهم إذا مجدوك. فأثابها الله الحلية وجعل بينهما برزخاً، فتحول أحدهما ملحاً أجاجاً وبقي الآخر عذباً.) (تفسير القرطبي)
ولو عرف المفسرون أن محمداً قد وصل إلى سيناء وملتقى خليج العقبة مع خليج السويس، لأراحوا أنفسهم وأراحونا. فمحمد قد وصل إلى المنطقة التي تحتلها "شرم الشيخ" حالياً، و هناك بالقرب منها دير للرهبان المسيحيين اسمه دير سانت كاثرين St. Catherine’s Monastery.
وهذا الدير هو أقدم دير في العالم لم تنقطع العبادة به منذ إنشائه، حسب ما يقول الأب جستن Father Justin، الذي يرأس الدير حالياً، وتحيط بهذا الدير تلال وصخور وبه مكتبة تحتوي على مخطوطات نادرة جداً. وتقول إحدى المخطوطات إن محمداً قد زار الدير واستقر به لبضعة أيام في القرن السابع الميلادي، وكتب عهداً للرهبان بخط يده يمنحهم الحماية المحمدية. تقول المخطوطة: (إذا حلّ اي من الرهبان على جبل، أو في قرية أو أي مكان مأهول، أو في البحر أو الصحارى أو في كنيسة أو مصلى، فسوف أكون في وسطهم.) وهذه المخطوطة محفوظة في مكتبة الدير حسب ما يقول ماثيو تيغ Matthew Teague في مجلة National Geographic في عدد مارس 2009 صفحة 106.
ولأن الدير يقع على سفح جبل سيناء، ذكر محمد في الآية على لسان غلام موسى (أرأيت إذ آوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت). فمحمد هنا يحكي تجربته الخاصة عندما وصل إلى مجمع البحرين ونزل بالدير، على لسان موسى. وهذه المخطوطة مع جغرافية المكان تثبت لنا أن مجمع البحرين هو مكان التقاء خليج العقبة مع خليج السويس. والمخطوطة تثبت كذلك أن محمداً لم يكن أمياً بل كان يقرأ ويكتب لأن هذه المخطوطة قد كتبها هو بنفسه.
ونفس هذا الجهل الذي كان منتشراً بين المفسرين قد كان سائداً بين أهل الحديث مثل البخاري ومسلم. وهذا هو التراث الذي يصر الإسلاميون السلفيون على الحفاظ عليه، وإرجاعنا مئات السنين إلى الخلف لنقتدي به. فهل هناك من أمل لهذه الأمة؟





#كامل_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زغلول النجار وزرقاء اليمامة
- الذين يكرهون الحياة
- الصلاة ليست إيحاءً إلهياً
- الأديان تجرد الإنسان من إرادته
- نشر الإسلام على حساب الأيتام
- رسالة مفتوحة إلى رب السماء
- نقد الأديان والتعصب
- إله السماء مهندس فاشل
- ثورة الحسين والتجارة التي لا تبور
- إله السماء لا يعلم شيئاً
- القضاء الإسلامي مكانه المتحف - السعودية مثالاً
- تحريف الكتب -المقدسة-
- آيات تُثبت عدم وجود الله
- قد أخطأ الذين دافعوا عن السعودية
- هل نطق الله بهذا الكلام؟
- الذين يتحدثون بلسانين
- بعض إشكالات القرآن مع المساواة
- القرآن دستورهم
- إدعاء الصلاحية لكل زمانٍ ومكانٍ
- هذا ما فعله بنا الإسلام


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - نظرة جديدة على -مجمع البحرين- القرآني