أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - مؤتمر ديربن: لعلها أكثر من صدمة!!















المزيد.....

مؤتمر ديربن: لعلها أكثر من صدمة!!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2604 - 2009 / 4 / 2 - 09:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يعتبر مؤتمر ديربن أهم وأكبر مؤتمر دولي حول العنصرية، وهو أول مؤتمر دولي كبير ينعقد في الالفية الثالثة في إطار الأمم المتحدة، وجاء انعقاده عشية انقضاء العقد الثالث ضد العنصرية 1993-2002. وكان المؤتمر الاول حول العنصرية قد انعقد في العام 1978، اما المؤتمر الثاني فقد انعقد في العام 1983، ولعل مؤتمر ديربن كان المحطة الثالثة الأكثر أهمية، حين أدان سياسات اسرائيل ووصمها بالعنصرية.
وينعقد في شهر نيسان (ابريل) 2009 في جنيف المؤتمر الرابع حول العنصرية، وهو المؤتمر الذي جنّدت اسرائيل جميع طاقاتها للحيلولة دون اقتفائه اثر ديربن، رغم ما ارتكبته من أعمال منافية للقانون الدولي الانساني واتفاقيات جنيف الاربعة وملحقيها، لاسيما في حربها التدميرية ضد غزة.
وعلينا الاعتراف ان اسرائيل من الدول التي تتعلّم من دروسها، فهي لا تترك شاردة وواردة تخصّها الاّ وتدقق فيها وتعيد النظر بحساباتها، ولعل الاقرار بهذا الواقع الاليم، هو الخطوة الاولى التي قد تجعلنا نواجه جزءًا من أزمتنا المستفحلة والتي باستمرارها أصبحت "معتّقة" وشبه مستديمة!!
لقد تعرّضت اسرائيل لهزيمة منكرة في حرب تشرين الاول (اكتوبر) العام 1973، لاسيما باستخدام سلاح النفط، واضطرت الى الاعتراف بذلك، وكان لصعود منظمة التحرير الفلسطينية وازديارد رصيدها على الصعيد العالمي هو الذي دفع الامم المتحدة الى منحها عضوية مراقب دائم، وبخاصة عندما طرحت مشروع دولة فلسطينية كهدف من أهدافها، رغم أنها لا تمثّل دولة بالمعنى المتعارف عليه، وكان من نتائج البيئة الدولية الايجابية أن صدر القرار 3379 الذي ساوى الصهيونية بالعنصرية واعتبرها شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري في 10 تشرين الثاني (نوفمبر) 1975، لكن اسرائيل لم تستكين أو تستسلم وعملت جاهدة لاحداث شرخ في الصف العربي بالتوقيع على اتفاقيات منفردة للصلح مع بعض البلدان العربية، وكان هدفها الاول اضعاف التضامن العربي وتعديل الميزان الدولي المختل لصالحها، بعد أن لاحت بوادر تحوله الى ضدها.
اما الهدف الثاني، فقد كان يتمثل بإلغاء القرار 3379، وأعلن ممثلها السابق في الامم المتحدة هيرتسوغ، الذي أصبح رئيساً لاسرائيل العام 1985 بأنه لن يمرّ العام 1990 الاّ ويكون القرار قد أعدم، رغم عدم اعترافها به وبالقانون الدولي وبالقرارات الصادرة عن الشرعية الدولية، وبخاصة القرار 242 (1967) والقرار 338 (1973) وغيرهما، لكنها تدرك ان وجود هذا القرار يعتبر تشكيكاً بشرعيتها واستمراريتها.
وتحقيقاً لهذا الهدف سعت اسرائيل الى استعادة المبادرة في علاقتها مع اكثر من 30 دولة افريقية قطعت علاقاتها معها بين العام 1967 والعام 1973 وما بعدهما، مستغلة توقيعها على اتفاقيات كامب ديفيد.
كما عملت اسرائيل على نحو دعائي مكثف لاعادة علاقاتها مع الدول الاشتراكية السابقة، التي أخذت " تتبارى" في تقديم المزايا لاسرائيل منذ اواسط الثمانينات، وبخاصة عشية وبُعيد انهيار جدار برلين في العام 1989 ومن ثم انحلال الاتحاد السوفيتي في العام 1991.
ولكل هذه الأسباب قامت اسرائيل بشن هجومها ضد القرار 3379 وأفلحت في التخلص منه في 16 كانون الاول (ديسمبر) العام 1991 في سابقة خطيرة في الامم المتحدة التي لم يسبق لها ان أصدرت قراراً وقامت بنقضه لاحقاً، مستفيدة من التمزق في الصف العربي جرّاء الغزو العراقي للكويت وما تبعه من حرب قوات التحالف ضد العراق (1990-1991) واختلال موازين القوى على المستوى العالمي، لاسيما بهيمنة لاعب واحد أساسي على السياسة الدولية وهو الولايات المتحدة حليفة اسرائيل، حيث كانت هذه المتغيرات مشجعة لمفاوضات واتفاقيات مدريد- اوسلو والتوقيع عليها العام 1993.
ولم تترك اسرائيل وسيلة الاّ وأغلقتها أمام العرب والفلسطينيين، وحتى اتفاقيات أوسلو التي لا تلبّي مطامح الحد الأدنى للشعب العربي الفلسطيني المتطلع الى الانعتاق وحق تقرير المصير وحق عودة اللاجئين وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس (طبقاً للشرعية الدولية) فقد تنكّرت لها اسرائيل حيث وصلت الاتفاقيات الى طريق مسدود منذ العام 1999، الأمر الذي سبّب في اندلاع الانتفاضة في 28 ايلول (سبتمبر) العام 2000 والتي استمرّت عدة أعوام استكمالاً لانتفاضة الحجارة في أواخر العام 1987 وما بعده.
وعندما قرر المجتمع الدولي الاحتفال بالذكرى الخمسين لاتفاقيات جنيف العام 1999 في جنيف، ولدى الحكومة السويسرية المؤتمنة على وثائق جنيف، عملت اسرائيل بكل جهدها على فضّ الاجتماع خلال عشرة دقائق بدعم من الولايات المتحدة، واضطرت الحكومة السويسرية مرغمة على الاعتذار من ضيوفها (الحكومات أو المجتمع المدني)، في سابقة دبلوماسية لم يكن لها مثيلاً في تاريخ الدبلوماسية العالمية. والسبب يعود في مناهضة اسرائيل لبروتوكول جنيف الخاص بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة الصادر في العام 1977، الذي تضمن على حق المقاومة في استخدام الوسائل المشروعة المسلحة و غير المسلحة من أجل حق تقرير المصير، فضلاً عما تفرضه اتفاقيات جنيف لعام 1949 من احترام ارادة سكان الاراضي المحتلة، وهو ما تخالفه اسرائيل نهاراً جهاراً في علاقاتها مع الاراضي العربية المحتلة.
وعندما صدرت قرارات مؤتمر ديربن حول العنصرية المنعقد في 31 آب (اغسطس) ولغاية 8 أيلول (سبتمبر) العام 2000 التي دمغت الممارسات الاسرائيلية بالعنصرية والتمييز العنصري، لم تصدّق اسرائيل ما حدث لها، لكنها أفاقت من الصدمة سريعاً، في حين أن العرب الذين حصلوا على نصر سهل، ناموا بعدها، فلم يكن يتوقعوا تنديد نحو 3000 منظمة دولية، بالممارسات العنصرية الصهيونية الاسرائيلية، وهو ما لمسه الكاتب لدى حواره مع مسؤولين عرب في ديربن عشية صدور القرار، في حين أن اسرائيل ظلّت يقظة طيلة السنوات الثمانية الماضية، واستفادت ووظفت أحداث 11 ايلول (سبتمبر) الارهابية الاجرامية التي حصلت في الولايات المتحدة العام 2001، لتشن هجوماً ضد المقاومة الفلسطينية واللبنانية متهمة اياها بالارهاب، والأكثر من ذلك فقد قامت بعدوان سافر خلال عامين ونيّف ضد لبنان وفلسطين (غزة)، دون أي اكتراث بقواعد القانون الدولي، وارتكبت خلالهما مجازر وحشية تستحق عليها العقاب الدولي، لاسيما للجناة والمرتكبين الذين قاموا بمثل تلك الاعمال التي تتعارض مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وبخاصة اتفاقيات جنيف وملحقيها.
اليوم ونحن نقترب من موعد انعقاد مؤتمر جنيف الدولي ضد العنصرية وهو المؤتمر الرابع، فإن اسرائيل تهدد بعدم حضور المؤتمر الاّ إذا كفّر عن ذنب مؤتمر ديربن الذي أدان ممارساتها بالعنصرية، مثلما تفعل ذلك الولايات المتحدة، وكلاهما انسحب من ميثاق محكمة روما لعام 1998 " المحكمة الجنائية الدولية" الذي دخل حيّز التنفيذ العام 2002، لاشارته الى موضوع الاستيطان من جانب اسرائيل، والى عدم رغبة الولايات المتحدة تعريض جنودها للمساءلة الدولية وللولاية القضائية خارج نطاق القوانين الامريكية، كما ان الاتحاد الاوروبي هو الآخر، هدد بالانسحاب فيما إذا تم التعرّض الى عنصرية الممارسات الاسرائيلية.
كل ذلك يحصل بعد العدوان على غزة الذي أثار ردود فعل واسعة ولم يسبق لها مثيلاً لدى الرأي العام الدولي وكل المدافعين عن حقوق الانسان، وإذا كانت القوى الدولية المتنفّذة تبرر لاسرائيل ما قامت به من ارتكابات بحجة الدفاع عن النفس وتسعى لتحميل الضحايا مسؤولية الحرب بحجة صواريخ حماس والمقاومة الفلسطينية لكنها لم تستطع تبرير ما قام به الجناة والمرتكبون الاسرائيليون، بما فيه استخدام الاسلحة المحرمة دولياً باعتراف من الامم المتحدة وعدد من المنظمات الدولية، خصوصاً وأن التهم تتعلق بجرائم حرب وأعمال إبادة جماعية وجرائم ضد الانسانية، ناهيكم عن جريمة العدوان وتهديد السلم والأمن الدوليين.وهو السؤال الذي يظل يُطرح بالحاح أمام المجتمع الدولي: أين يتوجه من تغتصب حقوقه؟ وكيف يمكن الثقة بمعايير العدالة الدولية مع أحكام القوة والهيمنة!؟ إذ أن تبرير مناهضة الارهاب يتعارض مع ما قامت به اسرائيل من ارتكابات سافرة وصارخة لحقوق الانسان.
لعلها بمحض الصدفة إذْ كنت على تماسِ مباشر مع الموضوعات المذكورة والحسّاسة، وأتذكر أننا عندما أسسنا اللجنة العربية لدعم قرار الأمم المتحدة 3379 قبل ربع قرن، حيث كنت أمينها العام، وكان رئيسها الصديق الدكتور جورج جبور، كان أول ما قمنا به هو مناشدة الحكومات العربية العمل من اجل الحيلولة دون "اعدام" القرار 3379، وعندما دُعيت من وزير الخارجية السويسري لحضور مؤتمر جنيف احتفالاً بمرور 50 عاماً على اتفاقيات جنيف العام 1999، وهو المؤتمر الفضيحة، الذي ما ان انعقد حتى انتهى، وكان افتتاحه بمثابة اعلان وفاته، وهو الأمر الذي بقيت استذكره كمفارقة باستمرار، وكنت أحد الذين ساهموا في التحضير لمؤتمر ديربن من عمان الى طهران الى القاهرة وصولاً الى ديربن، وشاهداً ومتفاعلاً على ما حصل وما قيل وما ظلّ مستوراً من خبايا عن هذا المؤتمر العتيد، وهو ما يحتاج الى وقفة خاصة، أرجو أن تسمح لي الظروف بتدوينها.
وتمهيداً الى مؤتمر ديربن الثاني أو مؤتمر العنصرية الرابع الذي سينعقد في جنيف، فقد حضرت مؤتمراً تحضيرياً في دمشق وآخر في القاهرة، واشتركت في مؤتمرات ولقاءات وكتبت دراسات وأبحاث وأعطيت مقابلات وتصريحات تلفزيونية وصحافية وإذاعية، الأمر الذي يجعلني بقراءة ومعرفة لتوازن القوى، أشعر أنه ثمة اختلالات جديدة، لاسيما في ظل تقاعسنا واستعداد اسرائيل التي لم تهدأ أو تنام الاّ وعينها على جنيف، لتصحيح ما اعتقدت انه اجحاف بحقها، ولكي تقول ان ما حدث في غزة كان "ضرورة" وليس رغبة في الابادة كما اعترف جنودها وكما نشرت صحيفة الهآرتس مؤخراً. ومع انني لست يائساً أو محبطاً، الاّ أنني أكثر تشاؤماً من السابق، فالوقائع مرّة والحقيقة صادمة، أما الخدر والاسترخاء فإنه لمن يريد أن يعيش واهماً!!
وبكل الاحوال فهي أكثر من صدمة!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهادات إسرائيلية: لائحة اتهام!
- تأبّط «ديمقراطية»!
- النظام الإقليمي العربي: وقفة مراجعة للأزمة المعتقة!
- العدالة المفقودة والعدالة الموعودة
- السيادة والدولة : اشكاليات السياسة والقانون!
- حيثيات تأسيس جامعة الدول العربية
- - أحنُّ الى خبز أمي -...!
- النظام الإقليمي العربي و22 فيتو
- حيثيات ومفارقات العدالة الدولية
- البحرين و الوطن الأم !
- لماذا لا تلجأ “إسرائيل” إلى القضاء الدولي؟
- كلمات عتب مملح إلى منظمة العفو الدولية
- كل ما أعرفه أنني لست ماركسياً!
- انهاء الاحتلال عسكرياً او تعاقدياً يتطلب تعهداً من الدول دائ ...
- الطيب صالح.. شرق غرب
- لا بدّ من بغداد ولو طال السفر
- ما الذي تبقّى من “اليسار الإسرائيلي”؟
- حصاد غزة والبروتوكول الأمريكي - “الإسرائيلي”
- أطياف روزا الحمراء : ماركسية واغتراب!
- محاكمة منتظر الزيدي ولحظة الحسم


المزيد.....




- روسيا تعلن احتجاز نائب وزير الدفاع تيمور ايفانوف وتكشف السبب ...
- مظهر أبو عبيدة وما قاله عن ضربة إيران لإسرائيل بآخر فيديو يث ...
- -نوفوستي-: عميلة الأمن الأوكراني زارت بريطانيا قبيل تفجير سي ...
- إصابة 9 أوكرانيين بينهم 4 أطفال في قصف روسي على مدينة أوديسا ...
- ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟
- هدية أردنية -رفيعة- لأمير الكويت
- واشنطن تفرض عقوبات جديدة على أفراد وكيانات مرتبطة بالحرس الث ...
- شقيقة الزعيم الكوري الشمالي تنتقد التدريبات المشتركة بين كور ...
- الصين تدعو الولايات المتحدة إلى وقف تسليح تايوان
- هل يؤثر الفيتو الأميركي على مساعي إسبانيا للاعتراف بفلسطين؟ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - مؤتمر ديربن: لعلها أكثر من صدمة!!