أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادر غانم - ترجمة متواضعة للعملاق تشارلز بوكوفسكي















المزيد.....

ترجمة متواضعة للعملاق تشارلز بوكوفسكي


نادر غانم

الحوار المتمدن-العدد: 2605 - 2009 / 4 / 3 - 00:44
المحور: الادب والفن
    


(أتحدى الظلام)
مصاب في عيني
مصاب في رأسي
مصاب في مؤخرتي
مصاب كما لو زهرة في حلبة رقص

(إبتسامة ﻻ تنسى)
كان لدينا بعض أسماك غولد فيش تسبح بشكل دائري داخل حوض موضوع فوق الطاولة بجانب الستائر الثقيلة التي غطت النافذة.
أمي, دائماً مبتسمة, وتريدنا أن نكون مبتهجين على الدوام,
تقول لي: “ابتهج يا هنري",
وكانت محقة بالفعل؛ من الأفضل أن تكون مبتهجاً إن قدرت.
لكن أبي استمر في ضربها وضربي عدة مرات أسبوعياً إذ يثور جسده ذي الستة أقدام وعشرين لأن شيئاً ما لم يفهم ماهيته كان يثور في داخله ويهاجمه.

أمي, كسمكة مسكينة, تنشد السعادة,
لكن تضرب مرتين أو ثلاث كل أسبوع, وتخبرني أن أكون سعيداً:
"هنري, ابتسم! لم ﻻ تبتسم أبداً؟"

ثم تبتسم هي بدورها كي تستعرض لي كيف يتم الإبتسام,
كانت أتعس ابتسامة رأيتها على الإطلاق.

في يوم ما ماتت الأسماك الخمسة جميعها,
طافت على سطح الماء بشكل جانبي, عيونها ما زالت مفتوحة,
وعندما عاد أبي إلى البيت رمى الأسماك الميتة على أرضية المطبخ لتأكلها القطة.
شاهدناه يفعل ذلك عن بعد بينما أخذت أمي تبتسم..

(حين تتكدس القصائد)
حين تتكدس القصائد وتصبح بالآلاف تدرك بأنك لم تكتب الكثير

(عودة إلى الرشاش الآلي)
استيقظت وقت الظهيرة وخرجت قاصداً صندوق بريدي للرسائل
أرتدي روب الحمام المهترئ,
ما زلت أشعر بصداع الثمالة,
شعري يغطي وجهي,
حافي القدمين,
أخطو بحذر فوق أحجار الممر الصغيرة المدببة
خوفي من الألم يختبئ خلف لحيتي التي لم تحلق منذ أربعة أيام.

جارتي, ربة البيت الفتية تنفض سجادتها من خارج النافذة,
لاحظتني: “مرحباً, هانك!”

اللعنة!
أشعر كأن أحدهم أطلق النار على مؤخرتي بمسدس طويل الفوهة

ألملم بريدي؛ فاتورة فيزا كارد, نشرة (بيني سافر) الإعلانية,
تحذير من شركتي الماء والكهرباء للتأخر عن دفع الفواتير,
رسالة من أصحاب القرض العقاري, وطلب من قسم الأشجار والبيئة
يمهلني مدة ثلاثين يوماً لتنظيف حديقتي.

فكرت حين عدت أدراجي فوق أحجار الممر لأدخل البيت:
من الأفضل أن أكتب شيئاً الليلة,
فالجميع يطوقني

تلك هي الطريقة الوحيدة للتعامل مع هؤلاء السفلة.

(كن لطيفاً)
نحن دائماً مطالبون بتفهم وجهة نظر الآخر
مهما كانت عتيقة, بالية,
أو حتى سخيفة

(عصفور أزرق)
هناك عصفور أزرق في قلبي يود الخروج
لكنني صارم معه وأقول له:
ابق هناك,
لن أدع أحداً يراك.

(السبب والتأثير)
الأناس الجيدون عادة ما يختارون موتهم بأنفسهم
كي يغادرون,
أما الذين بقوا هنا فلا يستطيعون أبداً فهم السبب وراء مغادرة هؤلاء لهم

(الستارة)
أخيراً أغلقت الستارة واختتمت واحدة من أطول المسرحيات الموسيقية على الإطلاق, البعض يدعون بأنهم شاهدوها مئات المرات.
أنا رأيتها فقط في موجز الأخبار,
رأيت لحظة إغلاق الستارة؛ ورود, تصفيق, دموع, وسام تقدير.
لم أشاهد تلك المسرحية قط, وأنا متأكد بأنه لو سنحت لي الفرصة لذلك لما تحملت الجلوس لمشاهدتها ولشعرت بالتقزز.
صدقني حين أقول الآتي؛
العالم وناسه ووسائل ترفيهه مجتمعين لم يصنعوا لي الكثير,
لكن أقول؛ دعهم يمرحون ويرفهون عن أنفسهم,
طالما أبقوا بعيدين عن عتبة بابي.
ولهذا, أبعث من طرفي وسام تقدير.

(هبوط)
الثامنة صباحاً أجلس في ركن البيت,
أدهن جسمي بزيت بذور السمسم,
يا إلهي, وهل وصلت التعاسة بي إلى ما أنا عليه؟
اعتدت أن أقاتل كي أضحك,
أما الآن فلا أضحك, وأدهن جسمي بزيت السمسم
كم سنة ما زلت أريد أن أحيا؟
..كم يوماً؟
دمي متصلب في عروقي, وهناك ملاك أسود يجلس داخل رأسي.
أتفهم سقوط المدن, وسقوط الأمم.
كل الأشياء مصنوعة من شيء لكن المطاف ينتهي بها إلى اللاشيء.
طائرة تحلق فوق في السماء,
رفعت رأسي ونظرت كأن ذلك سيوضح الأمور.
صحيح, السماء بدأت بالتعفن.
وقريباً لن يكون متسع لأي منا.

(المقامرون كلهم)
أحياناً تقفز في الصباح من أعلى سريرك: “لن أصل في الوقت المحدد!”, لكنك تضحك في داخلك حين تتذكر كل المرات التي راودك فيها شعور كهذا, تذهب إلى الحمام, تبول أو تتغوط, تنظر إلى وجهك في المرآة: “يا له من وجه!”, على أية حال سوف تمشط شعرك, ترتدي زياً ملائماً للخروج, تطعم قططك, تلتقط جريدة الهلع ثم تضعها فوق طاولة القهوة, تودع زوجتك بقبلة, ثم تقود سيارتك نحو مجرى الحياة مرة أخرى كما ملايين آخرين مثلك.
تشق سيارتك الطريق,
أنت تتجه نحو شيء ما ونحو ﻻ شيء معاً,
تشغل الراديو وتستمع إلى موزارت, الرائع.
وخلال تلك الروعة سوف تمضي أغلب أيامك,
أيامك البطيئة, أيامك المنشغلة, أيامك المملة, أيامك الكريهة, والنادرة.
ستمضيها فرحة ومخيبة للآمال في نفس الوقت لأننا
جميعاً متشابهون ومختلفون في آن.

تنعطف سيارتك وتدخل أكثر أحياء المدينة خطراً,
إذ تشعر لحظياً بروعة موزارت يستولي على أركان عقلك,
ويجد منفذاً له داخل عظمك وخارج حذائك.

الحياة صراع مرير يستحق الخوض فيه
حيث نقود أنفسنا على الطريق
لنقامر على يوم جديد

(الإستحمام)
جميعنا نحب الإستحمام فيما بعد..

(ماذا سنفعل؟)
في أفضل الأحوال, توجد رقة في الإنسانية
يوجد تفهم, وفي بعض الأحيان توجد أعمال بطولية
لكن ككل فنحن عالم ﻻ يمتلك الكثير
نحن كحيوان ضخم غارق في النوم, وﻻ وسيلة لإيقاظه.
عندما يتيقظ فهو أفضل ما يكون في القسوة,
الأنانية, أحكام الظلم,
والجريمة

(الكتابة)
هي غالباً ذلك الشيء الذي يقف بينك وبين المستحيل
ما من مشروب, أو عشق امرأة, أو ثروة
يضاهى بها

(..والقمر والنجوم والكون)
المشي طويلاً أثناء الليل هو ما يشفي الروح
أتلصص عبر النوافذ,
أرقب زوجات مرهقات يؤنبن أزواجهن الثملين إلى حد الجنون.

(قصيدة على الأغلب مفتعلة)
رأيتك تشربين ماء النافورة بيدين زرقاوين ضئيلتين, ﻻ, يداك لم تكونا ضئيلتين بل صغيرتين, والنافورة في فرنسا حيث بعثت لي تلك الرسالة الأخيرة, رددت على رسالتك برسالة لم أسمع بعدها أي خبر منك. اعتدت كتابة قصائد جنونية عن الملائكة والله, بأسلوب راقي, عرفت فنانين ذوي صيت أمسى أغلبهم أحباءك, رددت دائماً على رسائلك, ﻻ بأس, خوضي في حياة المشاهير إن أردت, ﻻ أشعر بالغيرة لأننا في الحقيقة لم نتعارف, تقابلنا مرة فقط في نيو أورليانز ومسافة نصف شارع تفرق بيننا, لم نتقابل عن قرب, ولم نتلامس. استمرت حياتك مع المشاهير وكتبت عن المشاهير, وبالطبع اكتشفت بأن المشاهير ﻻ يهتمون إلا بشهرتهم, هم ﻻ يبالون بالفتاة الجميلة التي تمنح نفسها لهم داخل السرير, ثم يستيقظون في الصباح ليكتبون قصائد بأسلوب راقي عن الملائكة والله. نحن نعرف بأن الله مات, لقد أخبرونا ذلك من قبل, لكن حين أستمع إليك يراودني شك في حقيقة موته, ربما بسبب الأسلوب الراقي. أنت من أفضل من قرأت لهن, وأخبرت الناشرين والمحررين؛ انشروا قصائدها, اطبعوا شيئاً مما كتبت! أعرف بأنها مجنونة لكن ساحرة ونارها صادقة ﻻ تحمل كذباً. أحببتك كما يحب رجل امرأة لم يلمسها قط, يكتفي بالكتابة لها, ويبقي صورها. كنت لأحبك أكثر لو سنحت فرصة للإجتماع في غرفة صغيرة حيث أجلس ألف سيجارة تبغ وأستمع إليك تبولين في الحمام, لكن ذلك لم يحدث. رسائلك صارت حزينة, أحباؤك خانوك مراراً. رددت بالقول؛ كل الأحباء يقدمون على الخيانة, لم يفد ردي كثيراً. أخبرتني يوماً عن مكان دائم اخترته للبكاء, كرسي بجانب جسر يطل من فوق نهر, تجلسين كل ليلة وتبكين أحباءك الخونة الذين آذوك وهجروك تماماً.
كتبت لك رسائل عدة لم أسمع خلالها رداً منك على الإطلاق.
صديق أخبرني عن انتحارك بعد ثلاثة أو أربعة شهور من حدوث الواقعة.
لو عرفتك عن قرب لربما ظلمتك أو ظلمتني.
من الأفضل أننا بقينا على هذه الشاكلة.

(النهاية؟)
لقد نال مني النقاد
ها أنا أشرب الشمبانيا وأقود بي إم دبليو
زوجتي ذات مكانة مرموقة تعيش في ماين لاين فيلادلفيا,
وهذا بالطبع سيمنعني من مواصلة الكتابة بالبديهة والقذارة المعتادتين
ربما كانوا محقين, فأنا قادر على العيش مثلهم والتشبه بهم,
لكن ذلك سيكون بالنسبة لي أقرب شيء إلى الخلاص.

سوف نرى ما سيحدث.
لكن ﻻ تدفنونني بعد,
ﻻ يهم إن كنت أحتسي الخمر مع شون بين الآن,
بل قوموا بقياس قصائدي كما هي فور خروجها من الكيبورد,
استمعوا إليها فقط.
وبعد هذا العراك الطويل
ما زلت ﻻ أملك نية الإستسلام,
نية التسليم, أو نية الإكتفاء والشعور بالرضا.



#نادر_غانم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كي لا ننسى
- سِلاح الموسيقى
- -الإرهاب- و -الإرهاب المضاد-


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادر غانم - ترجمة متواضعة للعملاق تشارلز بوكوفسكي