أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - شهادات إسرائيلية: لائحة اتهام!















المزيد.....

شهادات إسرائيلية: لائحة اتهام!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2602 - 2009 / 3 / 31 - 09:40
المحور: حقوق الانسان
    


قالت منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأميركية إن إسرائيل استخدمت الفسفور الأبيض على نحو واسع، لاسيما في المناطق الكثيفة السكان، الأمر الذي يرتب عليها مسؤوليات دولية، بما يعتبر جريمة حرب ضد قواعد القانون الدولي الإنساني، وجاءت هذه المعلومات بعد إشارات وردت على لسان العديد من ممثلي المنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، اللتان دعتا إلى فتح تحقيق عاجل إزاء الانتهاكات لقوانين الحرب، ولعل ما زاد من قيمة هذه المعلومات وأكسبها أهمية خاصة شهادات عدد من الجنود والضباط الإسرائيليين.
وبعد نحو شهر من انتهاء عملية «الرصاص المنصهر» التي شنتها القوات الإسرائيلية على غزة والتي دامت 22 يوماً (أواخر عام 2008 وأوائل عام 2009) أدلى ضباط وجنود إسرائيليون باعترافات صريحة نشرتها صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، ثم نشرت الصحيفة مقالاً بقلم مراسلها الحربي عاموس هرئيل يوم 20 مارس 2009، أكد على ارتكاب جرائم حرب وبأوامر مباشرة من القيادات العسكرية، وقد وصف الجنود والضباط الإسرائيليون حقيقة ما حصل، لاسيما وهم يجرون مراجعة تقييمية أمام مرؤوسيهم، وقد اتسمت هذه الشهادات بشيء من الصراحة والمكاشفة والبوح حتى بما هو محظور إن جاز التعبير!
وتقدم هذه الشهادات صورة مغايرة عن رواية الجيش الإسرائيلي الرسمية التي تحاول تزيين صورة «الحرب المقدسة» و»الأخلاقية»، ناهيكم عن إبراز القيم «الإيجابية» للعسكرية الإسرائيلية والتعليمات للجنود والضباط في ساحات المعارك ومواقع القتال، وهو الأمر الذي يحتاج إلى فحص وتدقيق، علماً بأنه لا يتعلق بالفلسطينيين أو العرب، وهم الضحايا المستمرون لما يزيد على 6 عقود ونيّف من الزمان، بل لمواجهة الدعاية الصهيونية -لاسيما في الغرب- التي ما تزال تحاول تصوير إسرائيل باعتبارها الحمل الوديع والواحة الديمقراطية المحاطة بالذئاب الكاسرة والمتوحشة من كل مكان، وإذا بهذه الصورة تهتز وتتصدع أمام الكثير من مفاصل الرأي العام العالمي، بما فيه البلدان التي وقفت إلى جانب إسرائيل.
وجدير بالذكر وقبل تسليط الضوء على بعض الشهادات، أن إسرائيل تعتبر من «الدول» القليلة في العالم، التي ليس لها دستور مكتوب، لأنها لا تريد أن تؤكد مبدأ المساواة بين المواطنين، وهي الحالة التمييزية التي يعاني منها «عرب إسرائيل» وهم سكان البلاد الأصليون، وهو ما جرى الاطلاع عليه خلال السنوات العشر الأخيرة الماضية على نحو أوسع من السابق بكثير!
وكان لاختيار القدس عاصمة للثقافة العربية 2009 ومنع إسرائيل عربَ فلسطين من الاحتفال بذلك، واعتقال البعض، خير رسالة إلى العالم عن الجوانب التي ظلّت خفية وبعيدة عن دائرة الضوء، كما أن إسرائيل تمتنع -رغم تأسيسها في 15/5/1948- بقرار من الأمم المتحدة رقم181 في 29/11/1947، عن تحديد حدودها الجغرافية، وما زالت حدودها غير محددة حتى الآن، وهي تتوسع باستمرار وتضم الأراضي إليها غير مكترثة بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
ورغم قراري مجلس الأمن الدولي رقم 242 (1967) ورقم 338 (1973) وقراري عدم الاعتراف بشرعية ضم القدس وعدم شرعية ضم الجولان، فقد استمرت إسرائيل في الاستخفاف بالقانون الدولي الإنساني وبميثاق الأمم المتحدة وبجميع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي لا تقرّ بالحصول على مكاسب سياسية أو جغرافية جرّاء شن الحرب ولا تجيز الاستيلاء على الأراضي أو ضمها أو استخدام القوة بالضد من ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي، بل على العكس من ذلك فإن ميثاق الأمم المتحدة يدعو إلى الحل السلمي للمنازعات الدولية وعدم اللجوء إلى القوة أو التهديد بها، ناهيكم عن إقراره بحق الشعوب والأمم في تقرير مصيرها، باعتبار ذلك أحد المبادئ الآمرة والملزمة في القانون الدولي، وكما يقال في اللاتينية «Jus Cogens».
ولا أظن أن في الشهادات التي تم الإدلاء بها من جانب الجنود والضباط الإسرائيليين في معهد حمل اسم إسحاق رابين ما يدعو إلى تكذيبها من جانب الإسرائيليين، فهي شهادات إسرائيلية وليست عربية ولا يوجد ما يدعو إلى الكذب، ولعل تلك الشهادات تتيح لمن يريد تقديم لائحة اتهام، إطلالة على ما حدث في صفوف الوحدات القتالية الإسرائيلية خلال الحرب على غزة. لقد سجل العسكريون الإسرائيليون ما رؤوه، الأمر الذي يتطلّب من القضاء الدولي عند تقديم لوائح الاتهام أخذه على محمل الجد، فالشهادات لم تؤخذ من أفواه الضحايا الفلسطينيين أو من ذويهم، بل جاءت من الجانب الإسرائيلي بمن فيهم بعض الذين شاركوا في الارتكابات، ولذلك لا يمكن القول إنها دعاية لصالح الفلسطينيين، أو افتراء على «جيش الدفاع الإسرائيلي» أو المتهمين الإسرائيليين، لقد كانت الأطروحات الإسرائيلية السياسية والعسكرية المعلنة تبرر ضرورة تلقين حماس درساً في حرب مقدسة وبخسائر «صفر» وضمن قيم الجيش الإسرائيلي وقوانينه حسبما رددت أوساط الدعاية الإسرائيلية، لكن الشهادات الإسرائيلية المنشورة في صحيفة «هآرتس» تفضح هذه الدعوى، وتنقل قصص الإحباط والقنوط للجنود والضباط المشاركين بالحرب على غزة، خصوصاً ما شاهدوه وما اطّلعوا عليه من مآسٍ دفعت البعض منهم إلى كشفها على الملأ، وأهم وثيقة صدرت هي بعنوان «غزة من الداخل كما رآها المقاتلون»، وإن كانت الوثيقة قد تعرضت للحذف والتكييف، لكنها ظلّت شهادة دامغة على طرد السكان المدنيين وتدمير منازلهم، كما قال أفيف ضابط الصف الإسرائيلي من سريّة لواء جيفعاتي، وتشبث العسكري رام من السرية الميدانية في جيفعاتي بأن التعليمات نصت على إجلاء السكان المدنيين، كما وصف جدعون الحالة الصحية المتردية والقصف العشوائي للسكان المدنيين الفلسطينيين. وقد اعترف قائد وحدة في سلاح المشاة بقتل امرأة فلسطينية مع وليدها بمدفع رشاش قتلاً عمداً، وآخر بقتل امرأة فلسطينية مسنّة كانت تسير في الشارع وحدها، وتعمّد القياديون استهداف المدنيين بدون تحذير سابق، ولعل التعليمات كانت تقضي بعدم الاكتراث بما سيحصل، باعتبار الفلسطينيين لا يستحقون معاملة البشر.
وقد اعترف أحد الجنود بالقول إن «الجميل في غزة أنك ترى شخصاً في أحد الطرقات، ولا يجب أن يكون معه سلاح، ولكن يمكنك أن تطلق عليه النار بكل بساطة، والغريب أن بعض المنشورات كتبها حاخامات يهود تصف الحرب بالمقدسة وتثير الكراهية إزاء الآخر، وتحدث أحد المنشورات أن اليهود وصلوا إلى البلاد بمعجزة، وعليهم القتال لاجتثاث غير اليهود. ولعل كلمة اجتثاث في القانون الدولي تحمل تهمة خطيرة، وهي تندرج تحت تهمة جريمة الإبادة وفقاً للمادة السادسة من نظام محكمة روما (المحكمة الجنائية الدولية)، ومثل هذه التعليمات أو الإيحاءات هي التي كانت وراء اعتراف لأحد الجنود بقوله «إن ذلك هو ما أشعرني بالكثير من العطش للدم».
وإذا قام الجيش الإسرائيلي بتوزيع المنشورات فعلاً على جنوده مثلما تقول الشهادات، فإن تهمة جريمة الإبادة الجماعية -وهي من أخطر الجرائم في القانون الدولي الإنساني- ستلاحق المسؤولين الإسرائيليين، لاسيما أن الجيش كمؤسسة رسمية يمثل الدولة وهو المسؤول، إن مثل هذه التهم في القانون الجنائي بما فيه الدولي تثبت من خلال: الاعتراف من جانب المرتكبين بالفعل الذي قاموا به، والبيّنات بالشهادات والشهود، والقرائن، ولعل جمع وتصنيف الاعترافات والبيّنات والقرائن، يشكّل جوهر لائحة الاتهام، التي يمكنها تقديمها إلى المحكمة لإقامة الدعوى، وهو ما حصل في محاكمتي نورنبرغ وطوكيو العسكريتين، وكذلك ما حصل في محاكمات يوغسلافيا ورواندا وسيراليون، لكن الأمر يحتاج إلى جهود كبيرة ودعم مادي ومعنوي وإرادة سياسية وحشد للطاقات والإمكانات لتحقيق ذلك، ولا يكفي القول إن ثمة ارتكابات شاهدها العالم كلّه أمام شاشات التلفاز، ليكون هناك الدليل الكافي على ضرورة إنزال العقاب بالجناة، بل لا بدّ من اتباع الطرق والإجراءات القانونية، والتي لا يخلو بعضها من تعقيدات غير قليلة، ناهيكم عن ضغوط ومحاولات لحرف العديد من القضايا والإجراءات عن مسارها، وبهذا المعنى فلابد من اختيار المحكمة المختصة بذلك ومعرفة القوانين التي تستند إليها وكيفية توجيه لائحة الاتهام وضد أي القيادات والأشخاص، وتحضير الشهود والشهادات وغيرها من البيّنات وكيفية الاستفادة من اعترافات الجناة أو شهادات من شارك أو لديه معلومات بخصوص الارتكابات وجميع الأدلة والأسانيد والقرائن التي تدفع المحكمة في حالة انعقادها لاتخاذ القرار المناسب، ليس هذا فحسب، بل إن إبقاء القضية قائمة سيضطر الكثير من الذين سترد أسماؤهم كمتهمين إلى عدم السفر إلى الدول التي تسمح قوانينها في حالة إقامة الدعوى بالتحقيق معهم.
ويمكن لشهادات الجنود والضباط الإسرائيليين ومعها تقارير المنظمات الدولية، أن تشكل مواد وثائقية مهمة في لائحة الاتهام، سواء أمام المحاكم الوطنية لأحد البلدان الأوروبية التي تسمح قوانينها بالنظر في مثل هذه القضايا وملاحقة المتهمين، أو لوضعها أمام المحكمة الجنائية الدولية، وإقناع المدعي العام لتوجيه الاتهام إلى القيادات الإسرائيلية المتهمة بالارتكاب، ومع أن هناك محظوراً يتعلق باحتمال استخدام الفيتو من جانب واشنطن لصالح إسرائيل، إلا أن جمع الوثائق وتصنيف الجرائم أمرٌ مهم لإبقاء القضية حيّة وفي دائرة الضوء، كما يمكن إحالة القضية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة اقتفاء لأثر القرار377 «الاتحاد من أجل السلام» بشأن القضية الكورية في الخمسينيات، لاسيما إذا تعذّر تأسيس محكمة خاصة عبر مجلس الأمن، مع أن المسألة لا تخلو من محاذير هي الأخرى، خصوصاً إذا لم تتمكن البلدان العربية من الحصول على أغلبية في الجمعية العامة، ويبقى خيار إقامة دعوى أمام محكمة العدل الدولية للحصول على تعويض مادي من خلال قرار بالمسؤولية المدنية، أحد الوسائل التمهيدية لتجريم المتهمين.
الشهادات الإسرائيلية جزء مهم ولا غنى عنها لتعزيز لائحة الاتهام بحق المرتكبين، لاسيما أن جبر الضرر وتعويض الضحايا وإنصاف المظلومين وإصلاح النظام القانوني هو أهم ما تتطلع إليه العدالة الدولية تمهيداً لاستعادة الحقوق العادلة والمشروعة.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأبّط «ديمقراطية»!
- النظام الإقليمي العربي: وقفة مراجعة للأزمة المعتقة!
- العدالة المفقودة والعدالة الموعودة
- السيادة والدولة : اشكاليات السياسة والقانون!
- حيثيات تأسيس جامعة الدول العربية
- - أحنُّ الى خبز أمي -...!
- النظام الإقليمي العربي و22 فيتو
- حيثيات ومفارقات العدالة الدولية
- البحرين و الوطن الأم !
- لماذا لا تلجأ “إسرائيل” إلى القضاء الدولي؟
- كلمات عتب مملح إلى منظمة العفو الدولية
- كل ما أعرفه أنني لست ماركسياً!
- انهاء الاحتلال عسكرياً او تعاقدياً يتطلب تعهداً من الدول دائ ...
- الطيب صالح.. شرق غرب
- لا بدّ من بغداد ولو طال السفر
- ما الذي تبقّى من “اليسار الإسرائيلي”؟
- حصاد غزة والبروتوكول الأمريكي - “الإسرائيلي”
- أطياف روزا الحمراء : ماركسية واغتراب!
- محاكمة منتظر الزيدي ولحظة الحسم
- عبدالحسين شعبان: خمسة خيارات لمقاضاة مسؤولي إسرائيل


المزيد.....




- الأمم المتحدة تدعو القوات الإسرائيلية للتوقف عن المشاركة في ...
- التحالف الوطني للعمل الأهلي يطلق قافلة تحوي 2400 طن مساعدات ...
- منظمة حقوقية: إسرائيل تعتقل أكثر من 3 آلاف فلسطيني من غزة من ...
- مفوضية اللاجئين: ندعم حق النازحين السوريين بالعودة بحرية لوط ...
- المنتدى العراقي لحقوق الإنسان يجدد إدانة جرائم الأنفال وكل ت ...
- النصيرات.. ثالث أكبر مخيمات اللاجئين في فلسطين
- بي بي سي ترصد محاولات آلاف النازحين العودة إلى منازلهم شمالي ...
- -تجريم المثلية-.. هل يسير العراق على خطى أوغندا؟
- شربوا -التنر- بدل المياه.. هكذا يتعامل الاحتلال مع المعتقلين ...
- عام من الاقتتال.. كيف قاد جنرالان متناحران السودان إلى حافة ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - شهادات إسرائيلية: لائحة اتهام!