أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - المغرب: نعم لطي صفحة الماضي …لكن كيف ؟















المزيد.....

المغرب: نعم لطي صفحة الماضي …لكن كيف ؟


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 797 - 2004 / 4 / 7 - 09:39
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


من فجر الستينات إلى حدود منتصف الثمانينات عاش المغرب جرائم شنيعة مورست مع سبق الإصرار والترصد في حق الإنسان المغربي.إنها جرائم انكشفت كل حيتياتها وتم التعرف بدقة عن مرتكبيها، لكن تحدث أدنى مساءلة لمرتكبيها، بل هناك منهم من لا زال يحتل مواقع حساسة في دواليب الدولة دون حرج، وهذه وضعية لم يعرف مثلها في تاريخ البشرية.

إن هذه المرحلة نعثت بالسنوات الرصاصية المطبوعة بالقمع الأسود وبالدوس على الصفة الإنسانية وبالنفي والاحتفاء القسري والاعتقال التعسفي والمحاكمات الصورية والاختطاف والاغتيال والتصفية الجسدية وممارسة مختلف أساليب التعذيب والتنكيل والإعدام البطيء.
ولا زالت الأماكن التي كانت تمارس فيها هذه التجاوزات الجسيمة قائمة لحد شاهدة على ما اقترف في أحضانها وبين جدرانها.والأدهى والأمر أن جل هذه البنايات شيدت وأديرت بمال الشعب للنيل من أبنائه المخلصين الذين وهبوا حياتهم من أجل غد أفضل، كما أن أغلب الجلادين ومنفذي الاختطافات والاغتيالات مازالوا يتقاضون أجورهم من مال الشعب الذي رزئ في مناضليه الذين لقوا حتفهم في دهاليز القمع لمجرد أنهم رغبوا في غد أفضل.
فلا-يخفى على أحد أن كل الجلادين ومنفذي الاختطافات و التصفيات الجسدية والاغتيالات كانوا يمارسون أعمالهم الشنيعة كموظفين في إطار مؤسسات –مرئية ومخفية –عمومية تابعة للدولة.كما أن المحاكمات لم تكن ممكنة بدون قضاة ووكلاء الملك، أصدروا أحكاما ووزعوا آلاف الإعدامات وقرونا من السجن، فهل كان ذلك لتحقيق العدالة ؟وهل كان متماشيا مع القوانين الجاري بها العمل على علتها ؟ وهل تم احترام الإجراءات الملزمة قانونيا على هزالتها وشكليتها ؟

لهذا هناك من يطالب بضرورة محاكمات مرتكبي تلك الجرائم، وهناك من يقترح التعاطي سياسيا مع هذه الإشكالية لتفادي انتصار طرف عن طرف، وهناك من يفضل طي الصفحة دون شوشرة والتطلع إلى الغد.إلا أنه هناك شبه إجماع على ضرورة كشف الحقيقة باعتبار أن النظام ليس هو المسؤول الوحيد على ما جرى وإنما هناك مسؤولون آخرون ظلوا مغيبين، من ضمنهم سياسيون وأحزاب وقادة أحزاب.
وفي هذا الإطار عملت الحملة ضد محمود عرشان (عميد شرطة سابقا) على إبراز جملة من الإشكاليات باعتباره رئيس حزب كان ولا زال حاضرا على الركح السياسي وقبة البرلمان ومجلس المستشارين .

وعرشان هذا هو ورد اسمه ضمن لائحة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي أصدرتها جملة من الجمعيات الحقوقية المغربية عندما طالبت وزير العدل بفتح تحقيق في موضوع انتهاكات الجسيمة.ولقد ظلت الجمعية المغربية تطالب بمتابعة المسؤولين عن تلك الانتهاكات الجسيمة باعتبار أن المسألة تدخل في نطاق حق الضحايا والمجتمع والتوجه الحقوقي العام على الصعيد الدولي الذي يقف صد سياسة الإفلات من العقاب، ولهذا الغرض بالذات تم إنشاء محكمة الجزاء الدولية.في حين تطالب هيأة الإنصاف والمصالحة (المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ) بتسوية غير قضائية بإتباع مقاربة المصالحة لطي ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب.

فالجمعية المغربية لحقوق الإنسان تعتبر أن هيأة الإنصاف والمصالحة مجرد لجنة وظيفية للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وأن مهمتها مقتصرة على الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي دون الاهتمام بالانتهاكات الجسيمة الأخرى، كما أنها لا تضع في حسبانها نهائيا مطلب المساءلة وإعمال آليات العدالة كحق من حقوق الضحايا والمجتمع، بل إنها تستبعد كليا ونهائيا هذه المقاربة.

أما الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فتسعى إلى الكشف عن الحقيقة كاالانتهاكات.ا عن مصير المختفين الذين ما زالوا أحياء وتسليم رفات الأموات منهم لدويهم وتقديم الدولة لاعتذار رسمي وعلني لأسر الضحايا وللمجتمع بعد الإقرار بمسؤوليتها فيما جرى سابقا.وذلك باعتبار أن الإفلات من العقاب هو تشجيع لإعادة تكرار جملة من الانتهاكات.وهذا في نظرها لأن المسؤولين عنها ظلوا في منأى عن المساءلة والمحاكمة.

ويبدو أن مرجعية الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في هذا المجال هو مبدأ عدم الإفلات من العقاب وهو مبدأ تتبناه العديد من المنظمات والمؤسسات الحقوقية على الصعيد العالمي.وفي الثمانينات.الفعاليات الحقوقية بالمغرب يمثل محمود عرشان وغيره أداة من أدوات القمع الذي وصم جبين المغرب على امتداد السنوات الرصاصية منذ فجر الستينات إلى مشارف الثمانينات .وفي اعتبار هؤلاء مازال هناك الآن من يمارس ذات الانتهاكات سواء ما خص الاختطاف أو التعذيب.وعرشان كغيره من الأدوات القمعية قام بتلك الانتهاكات الجسيمة لفائدة الأجهزة القمعية للدولة والنظام السياسي المغربي .

وللإشارة فإن محمود عرشان قام برفع دعاوى ضد بعض الجرائد والصحافيين من أجل السب والقذف، لا سيما ضد جريدة بيان اليوم.وبموازاة مع ذلك تم تأسيس شبكات للمساندة وتنظيم وقفات باعتبار أن بعض الفعاليات الحقوقية مازالت تعتبر في تقديرها أن القضاء غير مستقل، لا سيما في قضية ملف الصحافية نرجس الرغاي تم رفض الاستماع إلى الشهود الذين تلقوا التعذيب على يد عرشان، وبذلك فوت القضاء الفرصة للمتهمة للدفاع عن نفسها وكشف الحقيقة.وعموما تعتبر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أنه لم يحدث تحولا جوهريا في أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب باعتبار أن التطورات التي سجلت في هذا المضمار لا زالت قابلة للتراجع وهذا تمت ملاحظته بجلاء بعد أحداث 16 ماي الإرهابية بالدار البيضاء ،حيث مورست عدة تجاوزات وانتهاكات لحقوق الإنسان ،وهي ممارسات سبق وأن أدينت بالإجماع
وفي نظر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لا يمكن تحقيق التطور والتنمية والديموقراطية إلا بطي صفحة الماضي عبر تكريس الشعار الذي رفعته منذ مدة وهو «لا إفلات من العقاب في الجرائم السياسية والجرائم الاقتصادية » لا سيما وأن كثير من مرتكبي الجرائم السياسية هم أنفسهم مرتكبو الجرائم الاقتصادية.ومن جهة، ترى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن عدم تكريس الشعار الذي رفعته يفسر استمرار وجود جيوب لمناهضة التغيير الفعلي بالمغرب، وهي في هذا المجال قوى رجعية، وهي مشكلة بالأساس من عناصر مسؤولة على ما حصل في الماضي من انتهاكات وتجاوزات جسيمة وما زالت لحد الآن لم تختف عن الأنظار ،بل بعضها ما زال يحتل مواقع حساسة جدا .

وعموما إذا كان الجميع يتحدث عن طي الماضي، فهناك اختلاف واضح في طريقة وسبل طيه.فهناك من يذهب إلى طي الصفحة دون النبش في الماضي لربح الوقت والتفرغ للتصدي لإشكالية الحاضر الموروثة عن الماضي.وهناك من يرى حتمية متابعة كل المسؤولين المتورطين في عمليات التعذيب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لتحقيق تصالح مع الماضي وطي ملفه نهائيا.

وفي انتظار طي صفحة الماضي، ما زالت هناك عدة أسئلة عالقة، مختفون ما زال لم يظهر لهم أثر، وممارسات مشيدة مازال يحمل أثرها الناجون من فضاءات الإعدام البطيء عبر تجميع كل الشروط لتوجيه أدمين للموت الأكيد دون تحريك ساكنا حتى في أقصى حالات وجوب مد يد المساعدة.



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بشائر التعاون العسكري الأمريكي العربي
- الدكتور المهدي المنجرة قلق جدا بصدد الغد القريب
- العولمة حقيقة قائمة لكن من الممكن تغييرها
- هل عثمان بنجلون ضحية للمخزن الاقتصادي بالمغرب
- خديجة الروسي ، المناضلة بصمت
- اتفاقية تبادل الحر مع المغرب خطوة أخرى على در تكريس استراتيج ...
- انتظر العرب ومازالوا ينتظرون
- وجهة نظر حول الإرهاب وضعف التقنية في العالم العربي
- الواقعية العربية تحقيق الممكن أم الاستسلام للواقع؟
- كيف يمكن تحويل الثروات النفطية من نقمة إلى نعمة عربية
- سنة بعد احتلال العراق
- كيف ينظر الاتحاد الأوربي لاتحاد المغرب العربي
- من السهل التصدي للإرهاب
- الشرق الأوسط الكبير مخطط أمريكي بامتياز
- لامناص من تغيير الحال والأحوال
- مجرد ملاحظة
- قضية شيخ العرب حلقة من حلقات التاريخ المسكوت عنه
- في رحاب فكر الدكتور المهدي المنجرة - الحلقة الأخيرة
- في رحاب فكر الدكتور المهدي المنجرة -حلقة3
- في رحاب فكر الدكتور المهدي المنجرة حلقة2


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
- الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي ...
- الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي ...
- حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو ...
- جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
- تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي ...
- الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني ...
- محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص ...
- نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه ...
- نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - المغرب: نعم لطي صفحة الماضي …لكن كيف ؟