أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد محمد مصطفى - اوقات مختلفة















المزيد.....


اوقات مختلفة


ماجد محمد مصطفى

الحوار المتمدن-العدد: 2602 - 2009 / 3 / 31 - 05:27
المحور: الادب والفن
    



ــ 1 ــ
لقد اشترى الساعات.. العديد منها لكي يضبط الوقت.. وقت بالتحديد يقصده.. لكنه نسيء.. وقته .. اوقات تستحق الاحتفال بها شهيق وزفير.. من نسا ساعة قلبه.. دقات القلب..
ــ 2 ــ
سأموت ويتسائل الناس لماذا توفي وكيف..هل رحل مريضا..ام قتيل او حادث دهس..الخ الخ الخ
سأموت ويتسائل الاقربون عن سر الموت.. الوحشة.. الافتقاد.. القبر.. لا .. سحقا.. هو الحاضر زمان ومكان.. الامسيات ما عادت.. والصباحات البريئة.. كوجه الحب.. الحنين.. الطفولة.. الضحى.. ماعادت تعنيني.. حقا ماعادت تعنيني.. أنا الميت.. من توفى.. هل أنا؟
أأنا الميت .. الميراث تركته لا اعلم من يتباهى به زهوا او كم معدم يفرح به.. انه الاجمل.. نعم بملابسي ملابس الميت.. او اخر يستعر منه مجرد بقايا رائحة الثرى
أنا الميت.. ذكرياتي.. احلامي.. تمنياتي.. تجلياتي.. المرح.. ماخبئته حرصا لعاتيات الدهر..الموت.. هل حرصوا عليه وصية! القهر.. العجز.. الضجر.. الالم.. الحب لما يتسامى في المآقي.. كلها اصبحت ارث الباقين بالاخص الاقربون..
أأنا الميت.. أهكذا توقف الزمن معلنا نهاية الرحلة.. الكل سواسية في الموت والاجل.. لا.. ولم .. لن اقلق مرة اخرى على المصاريف..راتب نهاية الشهر.. التلوث.. الكهرباء.. الماء.. البرلمان الخ.. الخ..الخ احبتي حين يتناهى الى مسامعهم خبر الموت.. موتي انا ..في اوقاتهم المختلفة.
أنا الميت.. لم يعد لي ذكرى.. ولا ادري من يرثيني بكاءا ولا من رثاني حتى في حياتي بصمت وخشوع.. دموع في المآقي.. حرقة في القلب او سائر وراء النعش في طريق عرفته.. تذوقته مسرة و كمدا ايام الخوالي.. الايام التي احرقتني قتلتني سرقتني ثم دفعتني الى الموت.. الخ..الخ.. الخ
أنا الميت.. من يخشع حبا.. رهبة.. امام الموت او التزاما بسواسية الموت.. ديمقراطية المساواة وآخر يسير ولا يعنيه الميت الذي هو انا سائر وراء النعش مشيا.. انا الميت مفتقدا ابواق السيارات.. والتوقف المروري حتى الضجر.. احمر..اخضر.. اصفر.. بنظام مروري كان الاسوء ولم تعد تعنيني...
أأنا الميت.. أيها السائر وراء نعشك انثر بقايا غربتك وسط الجموع.. حين تتسابق الخطى المسير.. نظرات صوب النعش الطائر على الاكف واصوات الحشد تحث الخطى تنثر التوحد.
ــ 3 ــ
أيها السائر خلف نعشك.. كيف تحكي نهاية المطاف في اوقاتك المختلفة كيفما تشاء واينما تشاء.. حيث يصغي السامعين.. في اوقاتهم المختلفة التي تزامن اوقاتك المختلفة.. ظهيرة.. امسيات وحتى طي حكايات القديمة.. وتقول الحكاية:
كنت سائرا.. اسمع اصوات الجموع .. وحيد بنظرات صوب النعش الطائر..الخ.. الخ.. الخ.. وتنتهي الحكاية نهاية الاوقات المختلفة التي ماعادت تعني خاصة لدي..أنا الميت بطل اوقات الناس المختلفة.. عطفا.. حنينا سب وشتم.. معاتبة تبادل نظرات المعرفة.. الكل يدري.. سواسية المعرفة.. سواسية الادراك.. سواسية عدم الحيلة.. او ربما مجرد نفاذ الصبر...
أأنا الميت.. ولماذا أنا.. بقية العمر كثير ماخبرته.. معترك الحياة.. كنت طفلا تقول هي نفس الحكاية كنت طفلة.. جدي الكهل كان في ما مضى شابا.. لا متزوجا .. وقبله شاب متباهي يعني ايضا كان طفل.. اوقات مختلفة في حياته.. شريط الذاكرة وهو يستعيد خزين الايام.. تتذكر لم يك يومها حرب.. تتذكر موت قريبة صديقتها.. كانت طفلة وسؤال هو الاول عن الوفاة.. غسلوها وكفنوها ثم ساروا بالنعش.. قالوا الى المقبرة.. ماهي؟ انها مكان دفن قريبة صديقتها.. حينما سمعت وكانت طفلة خبر موتها.. وايضا خاضت معترك الحياة.. بقية العمر الكثير الذي ما خبرتها.. مثلها.. مثله..
سأموت ويتسائل الناس لماذا توفي وكيف هل رحل مريضا ام قتيل او حادث دهس.. الخ.. الخ.. مهموما.. حزينا.. متوثبا للحياة.. مفارق لها.. صاغر.. محتسب.. النهاية الحكيمة.. لما تتذكر.. وتتذكر او عاجله الوفاة دون تركه فرصة التذكر.. غيبوبة.. دماء ربما مجرد لون احمر..والالم ماذا عنه.. لايدري.. سيموت.. علامة فاصلة بين البينين.. هزيع اخير ولادة.. لايدري.. خفوت البصر.. حدته.. ماذا.. ها ها ها..هو ايضا سيموت.. سأموت استهزاء اخير.. قبله
بل قبله بكثير مما خبرته عمرا.. مت حبا.. لا لم تمت حبا.. مت من الجوع.. ايام الحرب لا لم امت من الجوع. مت غما وقهرا.. لماذا.. يدري ولايفصح حتى لنفسه.. اجل كلها كانت قصص موت فعلية.. هل مت.. ومتى.. كذبات صغيرة ويقول لا ليست بكذبات.. لقد عانيت وتألمت عشت الحب موتا والجوع موتا والقهر بل حتى الكذبة مت فيها موت.. ماخبرته من عاتيات الدهر.. حيث الصمت وجسد هامد يفارقه الحياة.. هو الميت او سيموت وانا منهمك في اوقات مختلفة.
ــ 4 ــ

صباح احدى الايام.. ولماذا الصباح.. حدث صباحا.. حملونا خمسة عوائل بحاجياتها في شاحنة استوعبت الجميع.. كنت صغيرا.. داخل الشاحنة كانت هناك فسحة يصلح للعب .. لولا حركة الشاحنة لاستطعت اللعب في تلك الفسحة..
انه الترحيل اذا.. الى اين.. لم ادري.. لقد شاهدت تلك الفسحة مرة اخرى وقد احتلتها بنت بجدارة.. في ما مضى كانت طفلة.. نفس الفسحة.. وانا اتابع ذلك البنت وهي تغيب عن ناظري مع عائلتها وعوائل اخرى.. اتذكر لقد مددت رجليها من التعب في فسحة مثل التي حلمت اللعب فيها.. الوقت كان ظهرا.. فراق اذ..لا.. الوداع ربما.. ربما الوداع او هكذا بدا.
وتروي الحكاية
ــ ............(لم اسمع الوقت)، ولدت لنا قطة.. لا طفلة..وتقول أأنا قطة ترد لا حبيبتي كنت تبكين حبا شبهتك بالقطة.. مثل قطة صغيرة.. احتفلنا بها جميعا. وتروي القطة؟
ــ ..............(لم اسمع الوقت) مات والدي.. بكينا كثيرا.. صغر العالم عائلة تفقد لاول مرة فقيدها.. الاب..تبكي قائلة:
ــ لم اعرف معنى الموت.. الاحساس به.. الافتقاد.. الحنين.. الغربة.. بينما أأكل وامرح اسرح يكون هو تحت التراب اللون الاسود لم اعرفه قبل وفاة الوالد. يروي في غربته:
ــ مات ابي بمرض مزمن.. يومها عدا البكاء.. تذكرت كل الذين مات ابائهم.. جمعية المتوفين الموتى.. او جمعية رحمهم الله.. اسم جميل.. او جمعية اباءهم موتى.. ولماذا الاباء؟ يستذكر مساء احدى الايام ماتت الام.. تروي
ــ لم تكن امي بالبيت ابدا لم اعرفها الا من خلال الصور.. هي غائبة اذا.. منذ ان ولدت.. لا ادري ايهم هي امي.. لا.. هذه شقيقتي.. وذلك عمتي.. اين امي هي غائبة واحيانا مسافرة.. وفي احايين عديدة احسها بين شقيقتي وعمتي في البيت.. اين تكون.. ربما في الغرفة.. لا ليست هناك.. في المطبخ هي موجودة.. لا.. فقط احسها.. ربما هي فوق السطح هناك يستحيل.. حيث نظرات الاشفاق والعطف.. هم يقولون امها ميتة.. مامعنى ميتة.. لا ادري.. يعني غير موجودة وحسب لعبة البحث عن الضائع.. لعبة قديمة.. اسسها اذهب الى هناك.. تذهب وتأتي.. لا غير موجودة.. اذهب الى الحمام.. تذهب وتأتي.. لا غير موجودة وحينما تجد الضائع.. يمثل دور العفاريت ويحاولون الاخافة.. انها لعبة قديمة.. وتقول العمة بدورها:
ــ كانت رضيعة حينما ماتت الام ..ايضا غسلوها وكفنوها ؟
ــ نسيت الام الفقيدة في فراشها.. حملت الرضيعة احتضنتها تألمت.. انها يتيمة.. بكيت.. هي ايضا كانت تبكي وجائعة.. انا بمثابة امها.. تقول هي لا انها عمتي فمازلت اجد امي ولااجدها هي ميتة افهم ذلك ولكن اين هي مازلت ابحث عنها ولا اجدها.. احبها.. افتقدها (تبكي) انها امي تأتي وتذهب ولا تخيفني اطلاقا لا على شاكلة لعبة البحث القديمة...
يستذكر.. تستذكر.. الميت.. وكيف يتذكر الموتى.. يحدث ذلك لا فقط توقفت الذاكرة.. وفقط
عند اطفالها.. كيف اصبحوا.. والحياة كيف عادت بهم.. فكرها توقف عندهم..
ــ وماذا يعني ذلك؟
ــ لا اعرف لماذا لا يدرس الموت والاحتفاء به في المدارس.. كحقيقة.. المصريون حنطوا موتاهم وآخرين يحرقون الموتى وغيرهم يحتفون بمعتقداتهم الخاصة.. مثل الذين يوزعون الحلوى والاحتفال ثم يسيرون بالميت الى الحائط ويضعونه فيه. لماذا لايدرس الموت في المدارس سواسية الموت.. مجانية الموت.. او تعليم الموت المجاني.. والحكاية تروي.. في البدء كان الموت حيث يخيم ثم كانت الولادة.. في اوقات مختلفة.. توفت.. ولدت.. مات.. عاش..الخ..الخ..الخ.
ــ 5 ــ
الحظ وحده ربما الصدفة او الاجل.. نعم مات الجميع.. قتل الجميع في الحرب ما عدا هو يضحك
ــ الاجل لم يحن لم يكتب حينما يحين الاجل تبدأ الحكايات باشكال مختلفة لأشخاص مختلفين في اوقات مختلفة.. بوابل القصف.. في خضم القتال.. بالثاليوم.. الا هو لم يمت تركوا ارامل واطفال وقضية.
ــ والناجي الوحيد هل بقيت له رسالة للحياة..
ــ ربما مجرد الحظ اجله لم يحن. أي رسالة هو لايعلم ويستمر في سرد حكايته ويشارك تأبين الاخرين.. حانت اجله لايعرف .. ففي اوقات مختلفة يتواصل التساؤلات عن الموتى ومصيرهم او حتى سؤال بسيط وهو لماذا مات.. قتل.. دهس.. مرض.. الخ.. الخ.. الخ.
أأنا الميت.. هو يفكر مستغرق في التفكير سينتحر الانتحار اجدى والطريقة:
ــ بسيطة ولكن اخاف أن يعرفها اطفال الانتحار.
ــ ولما انتحر
ــ لاادري.. شبابه الغض.. شقاء الام.. الصبر.. فرحها وهو يكبر.. هو طفل.. مراهق بالاصح..لماذا لايفكر بالذين يفكرون فيه..يخافون عليه.. لكنه قرر الانتحار.. وانتحر بالفعل
ــ لماذا
ــ لا اعلم ولكن يفضل تعليمهم الحرص.. لغة عدم الالتجاء الى الانتحار طواعية فهناك آخرين بانتظارهم.. عودة ذهابا وكل حين.. لافائدة من ذلك الان فقد انتحر..
ــ يعني توفى
ــ نعم منتحرا تاركا في الحلق تساؤلات العديد منها .. عن الاب.. الام.. السيارة سارت به ايضا. اصدقاءه في اليوم التالي افتقدوه.. علقوا لافتة امام الباب توضح ان ........(لم اسمع الاسم) مات منتحرا.. مرت امراة وابنها سأل:.
ــ امي ماذا يعني الانتحار
ــ يعني مات.. ونظرت الى الافق سأل ايضا
ــ ولماذا مات؟
ــ لانه انتحر. هي ايضا تعرف التشييع فيه حسرات.. في الحلق.
يقول: لقد كان شجاعا انا احب الانتحار ولكني اخاف.. تخيلت ذلك كثيرا.. الامر يحتاج الى شجاعة. معترك الحياة وخوضه تحمل صعابها يحتاج الى شجاعة اكبر.. مدير المدرسة حاول ان يؤدي واجبه.. استدرك ماذا اقول لهم لاتنتحروا.. كيف ذلك.. قال لنفسه:
ــ ايها الاطفال.. ابنائي لاتنتحروا.. لاتموتوا ليس من اجل انفسكم.. من اجلنا.. من اجل الاهل سيبكون ويحزنون.. هم دائما في الانتظار..ذهابا.. عودة.. فكروا دائما بالعودة.. تذكروا ذلك. قال كل ذلك لنفسه... وفي المدرسة ايضا اخذ صف المنتحر باهتمام واسر طلاب الصفوف الاخرى. صديقه.. صديق المنتحر لم يبك الجميع نظروا اليه.. وجدوه معه.. هو لايدري ربما مكانه في اليسار او اليمين.. ولكن اين هو.. مروا بجانبه واشاروا اليه: صديقه انتحر.. لم يفهم.. في قلبه وعقله اشياء لايفهمها.. هو حضور الموت اذا.. نعم.. وسيبقى الى الابد يروي الذكرى.. كهلا اذا طال عمره.. ابا حينما يتزوج طبعا وانجب ابناء.. وشاب يروي حكاية المنتحر.. بزيادة او نقصان او كما هي:
ــ صديقي وجد منتحرا حينما كنا في مدرسة واحدة.. انها حكاية تلازمه.. كلما استذكر وتذكر الموت.. افجعه.. افجع الاموات.. اجملهم.. احنهم.. مظلومهم.. اكثر المظلومين.. اجراءهم.. احقرهم..
ــ مهلا لا تقل ذلك لقد ماتوا وانتهوا
ــ نعم فيهم الخسيس والجبان والرعديد.. الخبيث..اللئيم..
ــ مهلا لاتقل ذلك ففي اوقات مختلفة الحكاية تحكي نفسها.. انهم يسيرون بالحكايات ذاتها في اوقات مختلفة.
ــ 6 ــ
سيموت.. انه ميت بالفعل جسد فارقه الحياة.. بحث عن الاشلاء هل جربته.. هذه دماءه.. عظامه متكسرة.. والجمجمة.. اشلاء اشلاء.. دماء في الوجه لايستطيع تمييزه اختلطت الاشلاء جمعوها وساروا بها مجرد صناديق.. تقصد توابيت.. لا.. صناديق صغيرة تحوي الرفات بقايا الانس.. كما جبلوا اول مرة.. خلطة عجيبة هكذا اراد الرب صناديق عائدة تحملها الاكف نحو المقبرة.. أي مقبرة مكان توزيع الصناديق الاخاذة كل الى قبره.. يتذكر.. كان يتذكر الترحيل نحو مكان لايعلمه ..الجنود.. الطريق الطويل.. متى سيصل.. اولاده... زوجته دون كل ذلك واشياء اخرى في مخيلته يتذكر بالاصح يدون في عقله.. اليكم الثرى خلطة عجيبة بقايا عظام .. لاتوجد اختلاف في الرفات.. لا.. حيث دفنوا جميعا احياء.
مساء احدى الايام.. هي تروي.. الحكاية تروي بنفسها.. القضية لها صداها.. يحكوم ويحكون.. اين هم ساروا بهم الى الجنوب.. سيعودون.. لاتدري لقد نجا من يحكي الحكاية.. حتى دون نجاته فالاسطورة تروى شفاهيا. من يحكي الحكاية.. ليست بحكاية.. قضية.. حسنا قضية ما الفائدة منها.. القضايا هي لذوذ والدفاع عنها.. التمسك بها الى ما لانهاية.
ــــ ألم يعودوا ومكانهم في الجنوب
القبور التي دفنوا بها تتكلم كانوا هنا بملابسهم.. بقايا ملابس.. ضفيرة.. مسبحة.. فالاعتراض او الرفض الصعب حينما لاتستطيع الجهر به.. حتى التنفيس عن الغضب.. مجرد ايماءة الرأس الى الارض احتراما.. وهو سائر يشعر ان الابادة شملته..
القبور الجماعية مكانه في الجنوب سجل في ذاكرته .. ادانة.. اكبر من الادانة.. لكنه لايستطيع الا ان يحني راسه احتراما وينظر الى الارض الذي امامه.. كانوا هنا في اوقات نخر فيه قلب الانسانية.. اوقات تسامر فيه البعض.. ساروا بمحاذاة الشاطىء دخلوا سينما ضحكوا... يتذكر بل دون في ذاكرته قبل ان يتحول الى اشلاء ممزقة..
ـــ 7 ــ
ــ لقد قتلونا.. ذبحونا.. أأنا الميت ايها الناس في اوقاتكم المختلفة.. كنت سجينا.. تمرحون..تبادلون الاخبار او تلوكون الخبر.. في اوقاتكم.. التعذيب قتله.. آخر.. البرد.. اني ارتجف هو لايحس افقد السياط شعوره.. حسه ..جلبوه.. يرتجف سكبوا عليه المياه.. ثم صبوا الكهرباء عليه.. في الحقيقة صلبوه.. هكذا صحيح او بالاصح.. حاولوا صلبه بطريقتهم لم تشبه طريقة الصلب المعروفة لسيد المسيح.. لايهم فقد مات تحت التعذيب ومات من البرد ارتجافا هو لم يشعر به.. مات حبا بوطنه وقبلها مات .. الخ.. الخ..الخ...
ــ وهل مات بالفعل؟
ــ لا اعلم لكن الشهداء لايموتون.
ــ 8 ــ
الوغد في اوقاته المختلفة يتكلم عن الانسانية بل كل اوقاته في البيت.. الشارع.. الطريق حتى وهو يعمل في دائرته الاثمة.. يتكلم عن الانسانية بنبرة هادئة كأنه يحاور حبيبته.. في دائرته المجرمة وحيث يناور ويحاور الانسانية.. القهر.. الظلم.. لم يكن هناك فسحة هواء لسجنائه لقد نسوا كل الاوقات عدا...
ــ متى سأخرج؟
ــ اعدم!
ــ من هذا العائد من التعذيب.. صديقه.. لا.. ابن عمه. لم يعودوا قادرين على معرفة البعض.. انكفأ كل في حلمه..
ــ لو كان شقيقي معي.. صديقي. علما انهم جميعا كانوا في زنزانة واحدة.
ــ 9 ــ
سأموت تبكي.. تمسح دموعها...
ـــ يارب ماهو ذنبي لم اختبر الحياة بعد لماذا انا تبكي تلوذ بصبرها.. ايمانها.. قال الطببيب:
ــ العملية سهلة... تحاول ان تتذكر منذ متى بدأت محاولة قراءة الافكار تلاميح الوجه هل ستموت.. حلم هو اذا.. كابوس ثقيل سينجلي.. لا.. سأموت...
ــ اكتب وصية اذا.. من يتكلم.. عالمها.. افكارها. ماذا تمنت اخر مرة .. من كان معها.. سأذهب الى صديقتي اصالحها سوف احج.. المال قليل للحج كيف اسدد ديون العملية.. سأنتحر.. افكار وافكار بقية العمر ما بقي منه.. ذكريات.. اطفالي كيف يكونوا من بعدي.. حينما اموت ماذا سيفعلون...
ــ نفس الشيء بوجودك..
ــ سوف ازورهم.. كيف وانا ميتة؟
ــ الروح تهيم.. يلبسون السواد وانا غير موجودة طبعا. شاهدت ذلك مرارا التحضير للموت للحياة او بالعكس من الضروري ادراجهما في المناهج الدراسية.. دروس الزامية لايجب الرسوب فيها. الكل سيموت.. سواسية.. بدايات تنتهي.. نهايات لها بداية جديدة... مات ترك وصية ..ثروة.. ابناء.. قضية.. ابن او ابنة.. ستعيش الى الموت ملايين اعداد هائلة من الموتى.. بالمرض.. قتل.. صعقة كهرباء.. غرق في النهر.. الموتى ايضا.. اغربهم.. اجملهم.. مظلومهم.. اعدلهم.... احنهم.. اشجعهم.. اصغرهم.. اكبرهم..
ــ سأموت ماذا يقال عني؟ يلوكون.. شجاعة حتى نهاية.. على الاقل معنويا.. الاقل هنا كثير..ما يبقى هو الخير.. الاصل هو الخير الذي لايموت.. حاربوا الشر اينما كان.. في الجسد.. المحيط.. اينما تكونوا الشردخيل لان الخير هو الاصل.. حتى الموت فيه خير.. انه الاجل.
ـــ 10 ـــ
اوقات مختلفة للحياة للموت..
ــ اوقاتي..
ــ لا.. اوقاتهم المختلفة مختلفة.. عقارب ساعة تتسابق..ليل.. نهار.. هناك وقت مختلف.. وقت محدد انه الاجل.. حيث لايكون حيا في اوقاتهم المختلفة.
عند ازدياد الموتى.. القتلى زمن الحرب.. وقت الحرب..
ــ تقصد القتل.. الجامع.. الكنيسة..الباص.. الشارع قد تنسفك عبوة.. يحكى ان عزرائيل غضبت عليه امه بسبب قبضه الاروح.. قال لامه اذهبي واسألي هل يحملونني المسؤولية. ذهبت الام بالفعل ورجعت: الناس تتكلم هذا مات غرقا.. ضحية تفجير.. مرض.. دهس.. لا احد يذكرك بالاسم. تصالحت معه.
ــ كان الوقت وقت الحكاية..
ــ لا.. وقت عزرائيل وامه.
اوقاتهم المختلفة.. يأكلون.. يشربون.. يسيرون.. يثرثرون .. الخ.. الخ.. الخ.. الخ
المساء نفسه بينما الوقت يداهم عرشه.. عرش اليوم.. بسمائه.. والشمس والقمر.. الكل منهمك باوقاتهم دون الانتباه الى هزيع مساء آخر يستحق الاحتفاء به.. انه زمن الركض وراء المعيشة واحيانا وراء الغنى او اخرى عن اللاشيء ؟!
اوقات مختلفة.. الحزن مواسمه.. يومه.. ذكراه في الاربعين.. عامه الاول.. وقع الموت.. حزنا.. لا..
ــ الناس لايموتون من الحزن.. الانسان هو الاقوى.. اقوى من الحديد طالما يتنفس.. لديه قدرة الاختزان.. الانفجار بكاءا..
ــ صعقه الكهرباء اذا..
لقد مات وحسب.. ففي اوقات مختلفة او كل الاوقات ثمة موت مترصد او خبر عنه انه يحوم هنا وهناك وفي كل مكان.
ــ كان الوقت صباحا..
ــ لقد.. لقد اختنقا.. العروسين في ليلة العرس. من يصدق الخبر
ــ أي خبر.. تردف.. وفاة العروسين في ليلة العرس بسبب خلل الكهرباء.
ــ ما الحكمة في ذلك..
ــ زواج ابدي.. موت ابدي.. انه الاجل.. يبكي مثل رجل:
ــ وماذا عن مواعيد الاسبوع الاول بعد الزواج.. المهنئين.. من سيأتي.. ماذا يجلب.. الاثاث.. الامال.. اجازة الزواج.. اجازة الامومة.. الطفل الاول.. وقبل ذلك..
ــ لايوجد قبل ذلك
ــ حسنا ولماذا مات العروسين...
ــ خلل الكهرباء
ــ والعبرة.. ارادة الرب
ــ ارادة الله في الخير لا الشر
ــ اذا ارادة الشر.. والعمل
ــ مت حزنا.. مت قهرا.. مت من الجوع.. مت رفضا.. مت صمتا.. هلعا.. فقرا.. تساؤلا.. فرحا.. بكاءا..
اوقات مختلفة تزامنت هنا الموت هناك ولادة.. انه شتات العالم الضجر.. المتسارع.. بملياراته البشرية...
ايها السائر خلف نعشك.. انثر بقايا غربتك.. حيثما سارت الخطى.. مشيئة البشر.
ــ 11 ــ
انها تحاول مجرد اغفاءة.. تحكي: جارتنا القديمة انتحرت.. حرقا. وتبدأ الحكاية نفسها راوية باشكال مختلفة من اناس يستخلصون العبر:
ــ لقد سكبت النفط على ملابسها.. واحترقت.. قبل ان تفقد الوعي.. احست بان الوقت فات هرعت.. صرخت.. وقعت مباشرة خلف الباب.. ماتت المسكينة.
ــ كلنا سنموت.. نساء انتحرن احتراقا.. خزين عواطف تنفجر سلبيا طالما هي مذنبة.. الموت خير.. افضل.. نهاية.. .
ــ وهل عاشت الى النهاية
يقولون ويلوكون بالحكايات انه الموت.. حرق.. قتل.. دهس.. تفجير.. الخ.. الخ.. الخ..الخ

ــ 12 ــ
اقدام سارعت الخطى هربا ..خوفا
ــ لا.. رفضا للجبن.. لقد احتظنت رضيعها الميت اكثر من شهر.. لم تصدق.. كيف يموت الاطفال وكيف يموت طفلها.. حملتها مئات الكيلومترات.. تفسخ الجسد النيء.
تستذكر الهجرة المليونية.. يستذكرون.. ذاكرة الذكريات.. القبور اذن تاريخيا.. وتطوره .. مراسيم الدفن.. الاختلاف في الطريقة.. واجهات القبور.. الاشارات الاولى..تاريخ ميلاده.. يوم وفاته.. هويته.. شكل القبر.. كل ذلك يفضل تدريسه.. دروس لايمكن الرسوب فيها.. استثمار القبور.. جعله مكانا للزيارة بتوفير الخدمات البسيطة لاكبر المقابر.. كل المقابر.. تسيير القطارات الطائرة فوقها وتضاء ليلا.. الاستمرارية او الابدية الى ما لانهاية.. محاولة الحاق الهزيمة بالموت في الطب والحياة والحضارة..
ها هو يحث الخطى صوب مدينته الصامتة الاسرة هربا من مشاكلهم في اوقاتهم المختلفة.. الاوقات المختلفة وهو.. اسير الثرى.. قبور.. قبور..قصص.. حكايات.. اشخاص.. كل فرد.. قصة.. اجملها.. اقصرها.. اروعها.. افجعها..الخ..الخ..الخ..الخ
المدينة ماتزال نائمة .. يمزق السكون اولا بصيص الضحى واصوات الطيور.. الهدوء مازل مخيما. شمس الظهيرة.. سوف يسطع.. ينشر اشعته بظلال بين القبور.. هو نائم يومه.. دنا منه الموت.. جلطة قلب مثلا.. لايعلم وحتى يفيق.. حينما يفيق يسأل عن وقته.. وقته المختلف واوقاتهم الممتلئة ضجيجا..العنيفة.. نهار آخر يطوى من الحياة.. نهار نام الى الابد.. بينما هو نام.
من نسا ساعة قلبه.. دقات القلب.. اوقات تستحق الاحتفاء .. شهيق وزفير .. وقبل ان يمضي العمر.. لا تقتلوا الذكرى.. فرحا.. حياة.. اكراما للفقيد..وهل مات فعلا؟



#ماجد_محمد_مصطفى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفائز في الانتخابات الكوردية القادمة!؟
- شالوم!؟
- العلمو نورون!؟
- مسرحية بعنوان البرميل
- قصة قصيرة بعنوان المعبر


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد محمد مصطفى - اوقات مختلفة