أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح الداودي - الجسد















المزيد.....

الجسد


صلاح الداودي

الحوار المتمدن-العدد: 2601 - 2009 / 3 / 30 - 08:22
المحور: الادب والفن
    


الجسد
رسائل طونى نغري حول "الفن و الجمهور"، منشورات إيبال، 2005
15 ديسمبر 1999
عزيزي رَاوُول،
إنني أكابد اليوم قوة معرفة (إرادة اقتدار؟) جديدة بالنسبة لي بالرغم من أنها لا تضيف شيئا كبيرا لما كان قيل عشرات سنوات خلت. إرادة واقتدار جديدين: ينشآن أينما أمكن استشفاف معنى لعصر جديد. سيحاول وعيي بعد وقت طويل، أن يواجه هذا الزمن الجديد بشكل مفيد.
اسمح لي ببعض الحكايات الصغيرة.كنت في الأسبوع الماضي، خلال الساعات التي تسمح لي فيها وضعيتي كسجين في حالة نصف سراح بان اقضّيها كما أودّ تقريبا، وذلك بفضل حيل مختلفة، شاهدت عرضا لبينا بَوش (Pina Bausch) وماكبث شكسبير للمخرج اللّيتواني ايمونتاس نيكروزيوس (Elmumtas Nekrosuis). كانا مدهشين من حيث الاقتدار المبتدع. ولكن الشيء الذي أدركته خاصة خلال البعد الذي كابدته فجأة بالنظر إلى ما أحببته في الماضي- هو تحول كنا انتظرناه منذ وقت ونحن متلبّدون كالحيوانات المتوحشة، الخائفة، الجائعة، المتربص بها و ها انه يحصل بالأخير. لقد فكرت ولقد تم الانتقال. إن الهوى لا يقوم على الانتظار، وهو لا ينسلخ ولا ينجرح أبدا وهو يحاول اجتياز اسيجة المستقبل، وينعكس في فجر يكشفه في تحوله المادي أو يفجره على وجه التحديد: بُوم! (كما يقول المستقبليون وهم خبراء بعالم متفجر و مغبون و مخنوق و مقموع، وهو ينتظر القدرة على التعبير رغم انه كان متحولا في هذا الانتظار- ولا يستطيع أن يعبّر عن نفسه إلا بطريقة ثورية)... هذا هو خيطي الأحمر الذي يدفعني إلى استعادة الخطاب والمغامرة مجدّدا بالذهاب في المتاهة.
عزيزي رَاوُول، تفترض هذه الرسالة إذن التحول التام: هي رسالة عن الجسد أو أنهما بالحقيقة، أفضل من كونها عن الجسد، هي من داخل الجسد أصلا- كأنما يتعلق الأمر بجسد عارف لأنه راقص- أبمستطاعي أن أعيش تجربة هذا التحول وكيف لي أن أدركه عندما لا افهم تكثّر تبدّل اقتدار الجسد؟
من المؤكد أن المحدثين كانوا يعلمون أن الجسد هو في نفس الوقت محور و منتهي كل إنشاء للعالم، طاقته الفعالة الوحيدة... سبينوزا في اندهاشه من اقتدار الجسد، وقبله ماكيَفال و ڤاليلي عندما جابوا هندسات المدينة والكوسموس دون الحديث عن الشعراء والرسّامين، عن المعماريين ومشيّدي النهضة (في المتوسط أو في اروبا الشمالية...) لقد حملنا كلنا خرافة "مبدَع" من طرف الإنسان محمل الجد. ولكن، اليوم لم يعد الجسد ذاتا تنتج و – بما انه ينتج الفن فهو يدلنا على براديڤم الإنتاج بشكل عام، اقتدار الحياة... والجسد هو من الآن فصاعدا آلة يرتسم فيها الإنتاج والفن. هذا هو ما نعلمه نحن ما بعد المحدثين.
لنفحص المسالة بأكثر قرب . فيما يكمن هذا التحول الخاص بالجسد الذي يمجده الفن ويجعله نموذجيا؟ ما الذي يعنيه إدراج حركة التحول في الجسد؟ يكمن ذلك في أن هذا المجرد الذي نشدنا (والذي تشهد عليه رسائل الثمانينيات بشكل قوي) أصبح المادة الحية (يعني المضمون والمحرك) لكل عبارة من عباراتنا، محددة وعينيّة. فحيث كان المجرد يُخضع الحياة أصبحت الحياة تُخضع المجرد. لقد انتزعت الرأسمالية العينيّ من الحياة واليوم سيعيد التجريد و التفرد التمعن في البضاعة و القيمة. إنهما ينتزعانها من رأس المال وإنهما ليفعلان ذلك بواسطة بساطة الأجساد المقتدرة. يسمّي البعض (فوكو الأول، دولوز، وآخرون) "بيُوسياسة" (Biopolitique) هذا القلب للإخضاع: وهم على حق لان العملية التي يتمكن من خلالها الإنتاج من أن تكون له القدرة على قلبه ورده إلى التفرد، بعد أن كانت نازعة نحو المجرد، هي بيُوسياسيّة بإطلاق (يعني منغمسة في الأجساد وفي العلاقات التي هي في صلب الجمهور (Multitude. تكون التغيّرات الحقيقية وتصبح التحولات مرئية من هذا المقام: إنها تلك التي تتقدم على شاكلة أجهزة تبديل، يعني كفائض قوة فيزيائية تخص الأجساد المكتسبة من خلال تملك وسائل جديدة، تلك التي تمتد على نحو شبكة، يعني تستقر في التواصل وتعاضد الأجساد، وأخيرا تلك التي تتكون في الهجرة الجماعية (exode)، في الحركية الجمالية وفي الانثنائيّة الزمانيّة و في القدرة على تهجين الأجساد واللغات لأجل كرامة الحيوان- الإنسان: إن جسد التحول هو إذن ذلك الذي يستعيد امتلاك الأداة ويجعلها تخصه عبر الشبكة والهجرة الجماعية على شاكلة جهاز الإبدال. وان تاريخ الإنسان هو تتالي صناعة الأجهزة، وبواسطة هذه الأخيرة، هو تاريخ بسط وقائع وجوده البائس الفاقد لإمكانية أن يكون متفردا جدا والمحروم من حق الدفاع. فهو مصنوع دائما وأبدا من طرف الإنسان نفسه ومستوعَبا فيه من طرف فعله. انه تاريخ وسائل و تواريخ عمل: فعندما أصبح العمل أكثر لا مادية خلال المرور من الحقبة المحدثة إلى الحقبة ما بعد المحدثة تبدلت الأداة وأصبح المنجل والمطرقة والمعزقة وريشة الكتابة أكثر ذهنيّة ، ولكن كذلك، و الآن –أكثر على الدوام- أصبح الأدب والفنون التشكيلية (التي يعبران من خلالها ) بوساطة وسائط (لغويّة؟) وسائلا يعدّ بها الإنسان المتفرد ويلحقها بوجوده الخاص ولهذا يخضع تجريد الوظيفة لتفرد، أفضل: لاقتدار المحدّد . وهو كما أسلفنا خاضع لقوة اللغة ولانبساطيتها.والحال أن هذه الاجتيازات الموسومة بقوة مجردة تصبح جهاز الجسد وتنتج صعوبات كبيرة، وان كنا قلّما نلاحظها - وعلى وجه الدقة عندما نتأكد تماما من التبدل الواقع عندما نستنتج بالفعل قدرات الجسد على أن ينتج إنشائيا في كل وظائفه التعبيرية. صعوبات؟ لعل اللفظ غير ملائم ولعله من الأفضل لنا أن نتحدث عن مفارقات: مفارقات معقدة من الصعب وصفها ومن الأصعب حلها. سنتوقف هنا عند مفارقتان تتعلقان بالأجهزة الجديدة للأجساد.
فأمّا الأولى فهي تلك التي تخص الاستيطيقا، يعني ذلك خطابا حول الجميل يمتنع عن الانعطاء أصلا عندما يواجه هذه التبعية الخاصة بالأجساد لأنه لا يتمكن من ذلك بحق. وبالفعل لا تمكّن الوضعية الإنسانية التي تحقق تملك الأداة في تعبيريّة الجسد خطابا استيطيقيّا (مفصولا عن فعل إنتاج الجميل) من أن يستمر. وحدها تتمكن شعريّة من أن تصمد: شعرية هي بمثابة إنشائية فنية متفردة جدا كحركة تعبّر عن ممارسة للجميل من داخل الفعل. وانه لا يمكن لأي خطاب أن يصفها- وحده خطاب مشارك للشعرية يكون قابلا للتعبير. تنبثق المفارقة هنا تحديدا : في السابق سيطرت هذه الممارسة المتفردة جدا على المجرد وهي الآن تهم الجمهور. إن هذه الشعرية التي نحن بصدد تحليلها هي حالة معقدة بصفة متعذر حلها- كساحة وغنى تعاود فيه هذه الشعرية الجسدية الموغلة في التعيّن الانبثاق وهي من الآن تنسحب على الجمهور. تحوز هذه الحركة الشعرية شديدة التفرد على تعبيرية الكلام، على قوة تعاضد اللغة وعلى استعمال كوني.
نستطيع القول انه في لحظات مختلفة- ولكن باتصالية مؤكدة- أرادت طلائع الحداثة أن تذوّب الاستيطيقا في شعرية كونية للأجساد أو في سياسة فن: غير أنها إرادة لاطائل منها. وعلى عكس ذلك، فاليوم يأخذ هذا التبدّل في الظهور في عصرنا ما بعد المحدث هذا: تصبح الشعرية اقتدار انطولوجيا او أداة تحول المجرد إلى متعين صائر.
تسير الأمور كما لو أننا كنا على حافة فعل "المحبة العقلية" التي وصفها سبينوزا للحكيم عساه يستكمل بحثه عن الحقيقة: هو إنتاج ايطيقي (Ethique) متفرد يخص الحق وهو تخصيص مجدد للكلية المجردة و حبيب- صائر لأرفع رغبة عقلية.
نعاصر هذا التاريخ الذي نحن بصدد رسمه منذ البداية (ونحياه بشكل مفارق) حتى في صورة قلب للعلاقة بين الاستيطيقا والشعريّة: عندما يُخضع المجرد من قبل المتعين وعندما لا يكون قابلا لان يقال إلا بهكذا شكل، كحال المحدث، لا يكون إلا في رحم ما بعد المحدث. وإذن، يا صديقي راوول، يا أخي الصغير، ما الذي لايزال يعنينا في الاستيطيقا؟ سأكون غبيا بحق لو أحاول أن اشرح لك- وأنت الذي حاول، ولو أنّني لا اعلم عنك الكثير، أن يجعل من حياته شعرية تحوّل. لا شيء "استيطيقي" إذن ولا أي تكيّس ولا أيّة كآبة- لا اوسكار وايلد ولا بُود لير، بل على العكس، هي شعرية تتخطى احتلال محل هو ليس محلا لنا وتسافر على اللوحة، ترسم كباسكياط (Basquiat) على وسائل النقل العمومية وتَنظم الشعر بأسلوب سيتل (Seattle)...- وبالاختصار، تطرح صراع الطبقات والتحرر في الاجتماعي، في العاصمة. انه صراع (دائم) من اجل حيازة وسائل أكثر فعالية، من اجل التعبير عن رغبات أوفر ثراء ولغات أكثر نجاعة، من اجل متعة تواصل أكثر تجريدا وشعريّة أوفر تفردا.
ولكن توجد مفارقة أخرى لحظة نواجه اثر الشعرية في الأجساد- يعني أثرها في إخضاع الكوني من طرف المتفرد والجمهور (كجمهور من المتفردات) ما الذي تحب هذه الموجبات قوله؟ ما الذي نجده فيها من الأشياء التي لها معنى؟ ألا يكون ادّعاء أن الكوني مخضع من طرف قوة جسدية متفردة ومفارقة متعذّر عن الحل؟ عزيزي راوول، ليس هذا مقام ولا وقت معاودة استدعاء إشكاليات المتفرد، الوجود الخاص (الفردي) l’hecceitas و الوجود بما فيه من "تفرد"- فلقد تعرضا لكل أنحاء ذلك في هذه المباحثة التي انطلقت من إدراك تصادم الذرّات وسقوطها العمودي على الانحراف ((Clinamen المادي للتّفريد يعني إذن إدراك العرضية (transversalité) والصُّدفة اللتان تخصان كل اقتدار إبداعي و وحريته... غير القابلة للاختزال إدراكا هو في نفس الآن عنيفا وقائما على مفارقة. ها نحن الآن في وضعية مماثلة... وضعية نسميها "بعد- حداثة".
ليس ما بعد المحدث في النهاية سوى هذا: التفرد الذي يفرض على الكونية، الجسدية التي تنشا كجمهور لا يقهر، حائز (ومنتج) لقانونه الخاص وهذه هي الجسدية المتفردة التي يثيرها فن الجمهور (اعني الأجساد التي ملكت الجماعية-) فيكون التفرد هنا أكثر أهمية من الكوني (ماذا أقول؟ انه فعلا شيء أخر، انه بعبارات أخرى، أكثر إضفاء للقيمة)، وهذا الجمهور الذي يحل محله الكوني- والأجساد التي تكونه- هي بالتأكيد أكثر اقتدارا من أي شكل من أشكال الكوني (الكوني: ال"إنسانية" ال "حق" ال"قانون"، ال"طبيعة البشرية" أو "الوجود النوعي (للبشر)- Gattungswesen وكل القصص الجميلة التي أردنا أن نحكيها من اجل أن نكيّف قيم السلطة العجوز مع التجربة الجديدة للحياة). غير انه لم يكن من الصعب تجاوز هذه الأوضاع و لم يكن من المستحيل عيش هذه المفارقات بشكل ايجابي... فلو أعدت التفكير في حياتي و في مسيرتي، في مسيرة جيلي وفي مسيرة الأجيال التي تعاقبت حول ألف و تسع مائة و ثمانية وستون (1968) وما بعده، لبدا لي أن كل تجربتنا – في السراء كما في الذرّاء- يمكن أن تلخص كالتالي: المحاولة القصوى ودائمة التجدد لنحت خط المتفرد ضد الكوني في التجربة وإبراز الأجساد ضد كل امتناع فارغ، ضد الإعلانات البائسة-والخاوية الآن- الإعلانات الخاصة بـ"حقوق الإنسان" وبكل ماهية كونية أخرى هي حتما أصل الحروب وكل أنواع الدمار. فلو توجد إذن هذه المفارقة التي هي جوهر نقاشنا، وان هي تمثل في مطلق الأحوال لَكمة في وجه كل الذين يمثلون الدور القديم، لا ترتعبوا (Don’t worry) … فإننا نحن المسؤولون دائما عن حلها. لو أمكن!

ولكن الم تتجاوز اليوم الطريقة التي نحيا وننتج بها الفن كل هذا؟ الم تُفرض سيادة الأجساد نفسها على الخط الأول؟ إن انطباعي صحيح إلى حد أن أولئك الذين يبحثون عن وجه مختلف للفن (يعني استيطيقا وليس شعرية، سلطة على الجميل مكان وموقع خطاب منتج للأجساد الجميلة والمقتدرة)، هؤلاء يختفون ولا يُعترف بهم إلا في هذه الأركان المظلمة المسمّاة متاحف وفي معارض المضاربين المسماّة أسواق فن –قاعات بيع وبيوت بغاء-، وفي النرجسية المدهشة لعالم الجامعيين. الدّعارة الكونية للنّقود والتفكير التجريدي ضد تفرّد الإنتاج...
ولكن اليوم، الم تتجاوز الطريقة التي نحيا و ننتج بها الفن كل هذا؟ الم تفرض سيادة الأجساد نفسها علي الخط الأول؟ إن انطباعي صحيح إلي حد أن أولئك الذين يبحثون عن وجه مختلف للفن (يعني استيطيقا وليس شعرية، سلطة علي الجميل مكان و موقع خطاب منتج للأجساد الجميلة والمقتدرة)، هؤلاء يختفون ولا يُعترف بهم إلا في هذه الأركان المظلمة المسمّاة متاحف، في معارض المضاربين المسمّاة أسواق فن- قاعات بيع و بيوت بغاء-، وفي النرجسيّة المدهشة لعالم الجامعيين. الدعارة الكونية للنقود والتفكير التجريدي ضد تفرّد الإنتاج...
راوول، حجة أخيرة يا صديقي ، اخشي أن تعتبرها خطابا رومنطيقيّا- أنا لا اعتقد أبدا انه كذلك، سترى لماذا ... ها هي: إذا ما صار التفرد الجديد منتجا متفردا وضم أدوات تحول العالم فلن يكون له أية علاقة بالكوني ولا بالطبيعة كذلك بشكل عام. لان الفنّ، أي الشعرية ما بعد المحدثة للأجساد، هي بالضرورة مضادة لقوانين الطبيعة. لا يعني ذلك أنها تصير كذلك: فليس الأمر انه تتوجب الالتزامات الملتبسة للطلائع، ولَوكُ كلمات تلحقها- "ياء المصدر الصناعي المضاعفة وتاؤه" – (isme) و التغنّي ببيانات مستقبلية أو ايطوبية، لا: فالشعرية ما بعد- المحدثة للأجساد هي مضادة لقوانين الطبيعة.
إن الطبيعة هي التعب و الموت و التبعية و التكرار: لا شيء من هذا يناسب الشعر الحر للإبداع الذي يخص الإنسان المتحول. ثمة في شعرنا أيضا محاولة الحياة أطول وقت والانتصار على الموت- يعني إنعاش الحياة من خلال استثمارات أكثر أهمية في سياسات الصحة و في السياسات الايكولوجية و في الرّفاه بشكل عام... لان هذه "التّفاهات" جميلة، بينما مرعب "ما يرصد للنفقات العمومية و الـ"توازنات المالية "... هذا هو إذن ما يدل عليه بمعنى ما أن تكون ضد الطبيعة: ضد هذه الطبيعة الملعونة المكونة من ذرّات تتساقط بهدوء وبشكل رتيب (مع أنها دائمة المرافقة بالبوليس، سواء أكانت لائيكيّة أو كهنوتية)... إلى أن تكسر قوة شعرية، انحراف جماهير متفردة جدا مأخوذة في تمرد متفرد جدا كل شيء بأفعال شعرية وتحول سقوط الذرات إلى فعل حب. حب من اجل الآخرين، حب الكل و من اجل الكل. فالحب هو نقيض الطبيعة، الحب هو إنشاء جماعي، إنتاج وحب يميّزان الجمهور، انه فن- والفن هو جمهور من المتفردات التي لا يقر لها قرار، لا تناهي الحركات التي تدفع جسدا في أحضان آخر، وهكذا تجري الأمور دائما، هكذا يزداد الاقتدار علي الوجود-في-العالم (l’être-au-monde)، بفعل تسريعات دقيقة عن الوصف وهكذا أيضا يرتفع اقتدار الوجود المتفرد في العالم المنتج.
لا اعرف عزيزي راوول إن كنت نجحت في أن انقل لك معاني الثورة التي عشناها في العقود الأخيرة. فإذ لم يعد الفن يوجد فذلك يكون فقط في حالة استعادته من طرف الأجساد: لأنه موجود بالفعل ومن الآن، في كل ممارسات الجمهور.
و بما انه لا احد يعلم ما يستطيعه الجسد! فإن اختيار الفن لتكوينات تحولية جديدة يتم في الأجساد. فلقد كف
الفن عن أن يكون تسلية وان يمثّل قطبية متعالية وترنسندنتاليّة مهما كان نوعها... الفن هو الحياة،
الانصهار، العمل...و ليس الفن نتيجة بل هو على العكس مقدمة منطقية. لن تحصل ثورة أبدا، دون فرح و دون شعر لان الفن يستبق الثورة مرّة أخرى.

ترجمة صلاح الداودي
أستاذ تاريخ الفن و الاستيطيقا بجامعة منّوية، تونس



#صلاح_الداودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في البيوسياسية
- رسائل طوني نغري حول-الفن والجمهور-
- من هو-الانسان الاخير-؟
- متى نعود ل-بيوتنا- من جهة الشعر؟
- الجدار
- الابيض الاسود
- من اجل اساس مادي للغيرية :المشترك
- بلا اعضاء
- الغصن الذهبيّ,غزة 2009
- حملُ الاطفال
- وطني....
- غزّا غراد
- ضحايا وقتلى ام ابطال وشهداء
- هجرة الحواس
- سينمائيو تونس، مزيدا من الجهد لو سمحتم
- كوريغرافيا المذبوحين 2
- كوريغرافيا المذبوحين
- نحو -جمهورية الجماهير- أو الجمهور كواقعة ما بعد ديموقراطية


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح الداودي - الجسد