أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - إبراهيم إستنبولي - - استعمار روسيا - حول دور روسيا في النظام العالمي الجديد















المزيد.....


- استعمار روسيا - حول دور روسيا في النظام العالمي الجديد


إبراهيم إستنبولي

الحوار المتمدن-العدد: 796 - 2004 / 4 / 6 - 08:31
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


إعـداد و تقديــم د . إبراهيــم استنبولي
إن انضمام سبعة الدول الأخيرة إلى حلف الناتو ( كان بعضها في السابق جزءاً من حلف وارسو ، بينما دول البلطيق كانت جمهوريات سوفييتية.. ) يشير بشكل لا يقبل الريبة إلى النوايا المبيتة تجاه روسيا من قبل ليس فقط الولايات المتحدة الأمريكية ، بل و من قبل بعض الدول الأوروبية ( بريطانيا بوجه خاص ـ إذ يجب أن لا ننسى الدور القذر الذي يلعبه من هناك بيريزوفسكي إياه و شركاه ـ غوسينسكي و ريبكين و غيرهم .. ) .. وعلى الرغم من أن القيادة الروسية تدرك ، و لا شك ، حجم الأخطار المحدقة بروسيا من جرّاء تلك الخطط الأطلسية والأمريكية ، فإن العمليات التفكيكية التي يتعرض لها المجتمع الروسي لا زالت قوية ، وهناك قوى داخل روسيا تعمل بالتنسيق مع قوى الخارج من اجل منح تلك العملية طابع الديمومة : عن طريق تحويل القضية الشيشانية إلى صراع مزمن وإعطائه طابعاً دينياً بين المسلمين والمسيحيين ( بالمناسبة هذا ما أشار إليه الرئيس الشيشاني الحالي احمد قاديروف في حوار منذ حوالي شهرين ).. و ذلك بتحميل جميع التفجيرات والأعمال الإرهابية التي تتعرض لها روسيا إلى جهات شيشانية أو مرتبطة بها ـ مما يخلق لدى المواطن الروسي عموماً شعور غير ودّي ، إن لم نقل عدائي تجاه جميع المسلمين الروس .. و إذ عرفنا انهم منتشرون في جميع أنحاء روسيا ويبلغ تعدادهم اكثر من عشرين مليون .. فإننا سوف ندرك ما يخطط على هذا المستوى . و ليس سراً أن الدوائر الصهيونية في داخل روسيا وخارجها تقوم بالتعاون والتنسيق مع المخابرات المركزية الأمريكية والبريطانية( وهذه القوى هي صاحبة المصلحة الرئيسية في تفكيك روسيا ، بالطبع إلى جانب بعض الدول الإقليمية سواء في الشرق أو في الجنوب ) في إذكاء تلك العلاقة الغير ودية بين الشارع الروسي الارثزوكسي من جهة وبين المسلمين في جميع أنحاء روسيا وخصوصاً في الجمهوريات الروسية الجنوبية في القفقاس ذات الأغلبية المسلمة .. ويقومون من ناحية ثانية بتأليب المسلمين على المسيحيين الارثوزكس في البلقان .. وهكذا تنشأ حلقة مفرغة من الفعل ورد الفعل مما يشكل مصدر دائم ينتج عدم ثقة وكراهية بين الجهتين ، وهذا على المدى البعيد كفيل لوحده بخلخلة وحدة المجتمع الروسي المتعدد الإثنيات والقوميات والأديان .. كما أن وسائل الإعلام والدعاية الأمريكية تعمل على تشكيل نمط العدو من الروس كما هو الحال مع المحاولات الناجحة في خلق صورة " عدو و إرهابي " من كل مسلم ، و إن كرر القادة الأمريكيون والبريطانيون زعمهم أن ذلك ليس هدفهم ..

يبدو من خلال المقال التالي ، والذي نشر منذ حوالي عام ، أن المسؤولين ، وكذلك المثقفين الروس يشعرون بالخطر الذي يحدق بروسيا من جراء الخطط التي ترسمها الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص روسيا .. وربما يؤكد ذلك بشكل غير مباشر تصريح الرئيس الروسي ف . بوتين منذ فترة قصيرة عن أن روسيا تمتلك سلاحاً استراتيجياً لا يوجد مثيله عند أي جيش في العالم ، و أن هذا السلاح قادر على اختراق جميع الأنظمة الدفاعية مهما كانت " ذكية " بما في ذلك منظومة المضادة للصواريخ الباليستية والتي تزمع الولايات المتحدة الأمريكية نشرها بعد أن خرجت من الاتفاقيات التي تحدّ من هكذا أنظمة دفاعية والموقعة بين الاتحاد السوفييتي السابق وأمريكا منذ سبعينيات القرن الماضي .







محمية طبيعية قليلة السكان ...





... في سبيل تحقيق الهيمنة الشاملة من قبل أليغارشيا عالمية لقد تم عملياً استخدام كل مخزون سياسة تدمير المؤسسات الضرورية لضمان السيادة الوطنية في سياق عملية هدم الاتحاد السوفييتي السابق و لا زالت حتى الآن تستخدم ضد روسيا وجمهوريات رابطة الدول المستقلة . والدليل القاطع على مثل هكذا سياسة هو الالتزامات الدولية التي أقرت من قبل القادة والمسؤولين الروس كما لو أنها جزء من " عملية إعادة البناء الثورية " وذلك تحت ضغط BOSS الغربيين رغم كل ما يلحق ذلك من ضرر بالمصالح القومية للبلاد : اتفاقيات بيلوفيجسك[i] حول إنهاء مفعول وثيقة الاتحاد السوفييتي ، الإعلان عن قبول روسيا والدول الأخرى للرابطة بالتضامن مسؤولية خدمة دين الاتحاد السوفييتي السابق ، رفض التعويض لروسيا عن الممتلكات الباقية بعد سحب قواتها من ألمانيا الشرقية ومن دول أخرى في حلف وارسو ، توقيع خارطة الطاقة المنطوية على التنازل عن السيادة الوطنية في موضوع استخدام مصادر الطاقة في البلاد ، الامتناع عن حماية السوق الداخلية وعن إجراء سياسة مالية ومصرفية مستقلة وكذلك التنازل عن دعم الحكومة لتطوير قطاعات الصناعة والعلوم والتكنولوجيا والتي وردت في تصريحات ومراسلات الحكومة الروسية والمصرف المركزي إلى صندوق النقد الدولي ، وغير ذلك من القرارات .

ومن أوضح الأمثلة على نهج الخيانة الوطنية يعتبر توقيع الاتفاقية حول انضمام روسيا إلى نادي باريس ، حيث قامت روسيا حسب تلك الاتفاقية ، بإعفاء الدول النامية التي تربطها اتفاقيات مع نادي باريس من حوالي 90 % من القروض التي سبق وقدمها الاتحاد السوفييتي السابق لها . هكذا فإن الأرصدة المالية الضخمة - تقدر بعشرات المليارات من الدولارات ، التي ورثتها روسيا عن الاتحاد السوفييتي قد تحولت إلى لا شيء . لقد كان ذلك ملائماً لدول " مجموعة السبعة " من اجل تخفيف الحمل عليها من جراء إعادة جدولة الديون المترتبة لها على الدول النامية لصالح الجهات المانحة الأخرى . أما قادة الوفد الروسي برئاسة تشوبايس فقد كانوا بحاجة فقط للظهور كمنفذين مطواعين بأمانة لتعليمات وإملاءات الهيئات المالية الدولية ، التي ترعى مصالح الرأسمال العابر للحدود ( المتعدد القوميات ) . وقد قدرت لهم طاعتهم – تم اختيار تشوبايس " كأفضل وزير مالية " لعام 1997 !.

إن التصريحات الكثيرة لمنظّري النظام العالمي الجديد إضافة للممارسات العملية من قبل أهم الدول الغربية و الهيئات الدولية تجاه روسيا لا تترك مجالاً للشك : في إطار النظام العالمي الجديد يخطط لروسيا دور ُمستعمرة – مصدر للثروات الخام - وأهميتها تكمن في التخفيف من حدة الأزمة البيئية وأزمة المواد الخام ، اللتان تهددان رخاء واستقرار الدول المتطورة . ففي إطار تلك النظرية بالضبط تجري المحاولة لفرض استراتيجية نزع صفة الدولة الصناعية عن روسيا ( Deindustrialization ) ، تجميد قطاع التقانة العلمية والصناعات القائمة على تحويل الثروات الخام وكذلك تحديث الفضاء القانوني والاقتصادي بما يتناسب مع مصالح رؤوس الأموال العابرة للحدود . وكنتيجة لتلك الاستراتيجيا - " تنظيف " الساحة الروسية ليس فقط من المنتجات الوطنية بل وأيضا من الناس "ً الزائدين ".

حسب السيناريوهات المختلفة لعملية تفكيك الدولتية الروسية ، كما يرسمها منظّرو النظام العالمي الجديد وكما يخطط لها خبراء الأجهزة المختصة الأجنبية ، فإنه ينظر لروسيا كمساحة غير مستقلة تستخدم كمصدر للمواد الخام الصناعية وكحديقة خضراء منخفضة الكثافة السكانية وكذلك كمقبرة للنفايات الضارة . وفي جميع الأحوال – كمصدر أرباح خيالية للشركات العابرة للقارات .

في هذا السياق إنه ليبدو ذو دلالة واضحة كتاب صاحب النفوذ و الخبير في الشؤون السياسية ز . بزيجينسكي " رقعة الشطرنج العظيمة . الهيمنة الأمريكية ومتطلباتها الجيواستراتيجية " [ 33 ] ، التي تلقي الضوء على الكثير من توجهات الجيوسياسة الأمريكية المعاصرة . فإذا كانت العقيدة الرسمية للأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية تطرح فقط إملاءات الإدارة الأمريكية لناحية التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى ولبسط مصالحها في أية بقعة من العالم ، فإن مناقشات السيد بزيجينسكي لا تترك أية شكوك : إن الورقة الأساسية التي ستلعب بها الجيوسياسة الأمريكية هي – روسيا . واضح من الكتاب أن الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفييتي تحولت اليوم إلى عدوان ضد روسيا . إن بزيجينسكي ، الذي يؤكد دوماً تطابق روسيا والاتحاد السوفييتي ، يكرر دون أي التباس ضرورة تدمير روسيا من وجهة نظر المصالح الأمريكية ، واصفاً مستقبلها تارة كــ " ثقب اسود " في الجيوسياسة الأمريكية وتارة أخرى كروسيا كونفيديرالية حرة مؤلفة من " القسم الأوروبي لروسيا ، جمهورية سيبيريا وجمهورية الشرق الأقصى " [ 33- ص240 ]

طبعاً ، إن السيد بجيزينسكي ليس رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية وحتى انه ليس وزيراً للخارجية . وواشنطن الرسمية لا بد ستنفي أي وجود لمثل هكذا استراتيجية تجاه روسيا . مع ذلك هناك الكثير من الحقائق التي تشير إلى التأثير الكبير لأفكار ذلك المنظّر السياسي على عمل الأجهزة الخاصة الأمريكية وعلى دوائر صانعي القرار الأمريكي . الغريب واللافت للنظر أن السيد بزيجينسكي في مناقشاته الجيوسياسية يراعي مصالح جميع الدول الاوراسية ما عدا روسيا فهو يغفل مصالحها كلياً . فمثلاً بخصوص العلاقة مع الصين واليابان هو يعلن ضرورة التفاهم الاستراتيجي العميق بين أمريكا والصين ، وكذلك الاعتراف الصريح بالدور المتنامي لليابان . تركيا أيضا يعتبرها السيد بزيجينسكي شريكاً استراتيجياً للولايات المتحدة الأمريكية : " إن التشاور المنتظم مع أنقرة حول مستقبل آسيا سوف يساعد على تكون لدى تلك البلاد شعور الشراكة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية " [ 33، ص 241] . و بزيجينسكي لا ينسى مصالح الدول التي تقليدياً طالما مارست عليها أمريكا الضغوط كالهند وإيران : " إن المشاركة المستمرة من قبل الهند في الحوار حول موضوع الاستقرار الإقليمي وخصوصاً فيما يتعلق بمستقبل آسيا الوسطى ، و إضافة لذلك تنشيط وتطوير علاقات ثنائية مباشرة بين الأوساط العسكرية في أمريكا والهند " [ 33، 243 ] .. أو : " إن في مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية وجود دولة قوية في إيران ... ولو بقيادة دينية " [ 33 ، 242 ] .

بينما كانت الولايات المتحدة الأمريكية في وقت سابق تصرف جُلّ اهتمامها ومواردها على محاربة الاتحاد السوفييتي فإنها " أغفلت " ظهور قوتين منافستين جيوسياسيتين جديدتين - اليابان والصين ، ومن ثم راحت دول أخرى كبيرة ومتنامية بسرعة فائقة في المنطقة من بعدهما تعلن عن أطماعها .

الآن وهو يقترح على الدول ألاوراسية العظمى الانضواء تحت الهيمنة الأمريكية المرنة ، فإن السيد بزيجينسكي حرفياً يتذرع أمامها ، محاولاً إقناعها أن تقوم في المقابل بالرقابة على أجزاء من الأراضي الروسية . إن الأموال الطائلة المنفقة من جيوب دافعي الضرائب الأمريكيين على سباق التسلح و عسكرة أوروبا والشرق الأوسط ، تغدو بلا قيمة في الواقع الجيوسياسي الجديد والذي تتحدد معالمه ليس بقوة السلاح وحسب بل عن طريق ديناميكية النظم الاقتصادية الاستثمارية - الوطنية والدولية . إن الهيمنة الأمريكية المثقلة بمئات مليارات الدولارات المصروفة في الإنفاق العسكري تتحول إلى عبء غير ضروري على دول اوراسيا . وبما أن بزيجينسكي يخشى أن تفقد قيمتها تلك التريليونات من الدولارات التي أنفقت من اجل تدمير الاتحاد السوفييتي فإنه يقترح عملياً للمنافسين الجدد لأمريكا أن يتقاسموا غنائم " الحرب الباردة " والتي بالنسبة له تتمثل في روسيا وبلدان رابطة الدول المستقلة ، وذلك مقابل موافقتهم على احتفاظ الولايات المتحدة الأمريكية بالهيمنة الباهظة الثمن . هكذا ، حسب هذا الخبير السياسي الأمريكي المخضرم إن توازن القوى في النظام العالمي الجديد يفترض أن يحصل على حساب روسيا إلى درجة تقسيمها . فمن وجهة نظره " إن فقدان الأراضي ليس هو المشكلة الأهم بالنسبة لروسيا " [33، 239 ] . إن تقسيم روسيا إلى ثلاثة أجزاء ، كما يريد بزيجينسكي ، سيكون الأساس الذي يرتكز عليه تحقيق توازن القوى بالشكل الذي يخدم المصالح الأمريكية في منطقة اوراسيا : سوف يكون كل واحد من هذه الأقاليم الثلاثة للكونفدرالية الروسية اكثر مقدرة على استخدام أوسع للطاقات الإبداعية الذاتية والتي منذ قرون هي ، كذا ، رازحة تحت اليد الثقيلة للبيروقراطية الموسكوفية " [ 33 ، 240 ] . إذ أن تطور " المخزون الإبداعي " لأجزاء روسيا المقسّمة سوف يتم ، حسب ذاك الرأي ، تحت إشراف الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها الجدد . الشيء نفسه فيما يخص البلدان الأخرى في رابطة الدول المستقلة : الاستعمار الأمريكي لأوكرانيا سيتم بمشاركة ألمانيا وفرنسا ، أذربيجان – بمشاركة تركية وبدرجة اقل إيرانية ، سيبيريا والشرق الأقصى– بالتعاون مع اليابان والصين.

كما هو واضح ، من وجهة نظر المفكر الاستراتيجي الأمريكي ، فان الإرث الروسي يكفي الجميع بما يسمح للولايات المتحدة الأمريكية ضمان إستراتيجية " الهيمنة المرنة " في العالم على حساب الموارد الروسية . فعلى حساب روسيا يفترض أن تبنى المنظومة المؤثرة لما يسمى الاتفاق الثلاثي القائم على :

" جبروت أمريكا في العالم ، وضع الصين المتميز إقليمياً وقيادة اليابان على المستوى الدولي "[ 33 ، 246] . من الواضح تماماً أن النظام العالمي الجديد ، كما يتصوره بزيجينسكي ، سوف يقوم ضد روسيا وعلى حساب روسيا وعلى أنقاض روسيا .

وإذا كان المنشقون الروس ، حسب تعبير زينوفييف ، قد سددوا على الشيوعية فأصابوا روسيا فإن حماتهم وراء المحيط كانوا منذ البداية يستهدفون روسيا بالضبط وهم لا زالوا إلى اليوم ينظرون إلى روسيا كعدوٍ واجب عليهم الإجهاز عليه حتى الموت .

لربما كان من الممكن التعامل مع طروحات بزيجينسكي كما لو أنها هذيان عدوٍ خرفٍ مناهض للسوفييت ولديه مركب نقص أو مصاب بهوس الخوف من كل ما هو روسي لولا أن له ذلك النفوذ وتلك السمعة كخبير مهم في الشؤون الاستراتيجية و لولا انه يلعب دور المعبّر عن المصالح والطموحات الجيوسياسية لأوساط ٍ مؤثرة ودوائر فاعلة وغنية جداً من الأليغارشيا الحاكمة في أمريكا . هذا بالإضافة إلى أن كلام بزيجينسكي في الواقع لا يفترق كثيراً عن ممارسات ودسائس المخابرات المركزية الأمريكية التي تضع منذ تأسيسها في رأس أولوياتها مهمة القضاء على روسيا . فالمشاركة المباشرة والدور المحوري للمخابرات المركزية في انهيار الاتحاد السوفييتي لم يعد سراً خافياً على أحد خصوصاً بعد الكتابات الكثيرة لمحللين أمريكيين حول الجهود المتواصلة والموجهة التي بذلتها في هذا الاتجاه إدارة الرئيس ريغان ومدير المخابرات المركزية كيسي ومن جاء بعدهم من قادة الولايات المتحدة الأمريكية والمخابرات المركزية . نفس التوجه يمكن رصده في النشاط الحالي للمخابرات المركزية ضد روسيا .

على خلفية الهزّات الفضائحية القوية حول إخفاقات الجواسيس السوفييت ( وهم الروس - حسب وسائل الإعلام الأمريكية ) الذين تم تجنيدهم من قبل الـ ك ج ب للعمل ضد الولايات المتحدة وكذلك الاملاءات المحققة من قبل روسيا بوقف أي نشاط مخابراتي فإن الحمى التجسسية للمخابرات الأمريكية ضد روسيا قد ازدادت بشكل كبير . ويتم تنفيذها ليس فقط بالوسائل السرية التقليدية ، بل بشكل فاضح وبمشاركة العاملين علناً في المراتب العليا من هرم السلطة الحكومية تحت غطاء " عملاء النفوذ " . فتحت عنوان الاشتراك في التدريبات المشتركة من اجل السلام يتم إدخال وحدات خاصة من الخارج متخصصة بالأعمال التجسسية بهدف دراسة أساليب العمل ضد روسيا . وتحت غطاء خبراء ومسؤولين في مؤسسان الخصخصة فإن سوق الأوراق الروسية ينتقل ببساطة إلى يد مجموعة عجيبة من " الخبراء " الأجانب ، الجواسيس والمغامرين .

إن الممارسات المعادية لروسيا من قبل بعض القادة المهمين " لدول مستقلة حديثاً " يتم توجيهها بإشراف " مستشارين " مرتبطين بمخابرات أجنبية ينسقون معهم بشكل مباشر لإقامة " نطاق صحي " معاد ٍ لروسيا . والى جانب تنشيط عمل الأجهزة المخابرتية الأمريكية ضد روسيا فإن السياسة الخارجية الرسمية لواشنطن تتخذ اكثر واكثر طابعاً مرضياً معادياً لروسيا . فالدعم القليل التمويه للانفصاليين الشيشان ، توسيع الناتو إلى الشرق مع الخطط الرامية لضم دول البلطيق وأوكرانيا إلى تلك الآلة العسكرية ، إعلان جمهوريات آسيا الوسطى والقوقاز منطقة مصالح حيوية للولايات المتحدة الأمريكية ، اللعب على الورقة الأوكرانية بهدف وضع أوكرانيا بواجهة روسيا وإعلان أوكرانيا شريكاً استراتيجياً لأمريكا مع تفعيل النشاطات المعادية لروسيا بين القوميين الأوكرانيين ، رفض إلغاء القوانين التي اتخذت سابقاً بحق الاتحاد السوفييتي والمجحفة بحق روسيا – كل هذا ليس سوى جزء من قائمة طويلة من النشاطات المعادية لروسيا للسياسة الخارجية الرسمية الأمريكية .

يُعتقد أن الحرب الباردة قد انتهت وانه لا يوجد لروسيا الديموقراطية أعداء . .بينما بعض السياسيين ، كالسيد بزيجينسكي مثلا ً ، يفكرون بشكل مغاير – روسيا خسرت " الحرب الباردة " ويجب أن يتم تقسيمها ، نهبها والقضاء عليها نهائياً كدولة مستقلة . هكذا يعتقد أيضا المتحكمون بالسياسة الثقافية – الإعلامية الأمريكية . على كل حال إن الذين " يحجزون الموسيقى " في هوليود هم يفعلون ذلك مع توجه مليء بالعداء المرضي لكل ما هو روسي . فالموجة الجديدة من الإنتاج السينمائي الأمريكي مشبعة بهستيريا العداء لروسيا ، حيث يصور الروس تقريباً كإرهابيين ، قتلة ومجرمين ليسوا بشراً ، ويجب أن نخاف منهم ، و " مباح استخدام كل شيء ضدهم " من اجل حماية " العالم المتحضر " . هكذا تجري صياغة نمط جديد للعدو لدى الرأي العام الأمريكي وكل العالم بشخص المجتمع الروسي الإجرامي و الدولة الروسية " المافيوزية[ii]- الجنائية " .









ترجمة الدكتور إبراهيم استنبولي

عن البرافدا عبر الانترنيت .

المقال للكاتب سيرغي غلازييف




------------------------------------------------------------------

[i]اتفاقيات بيلوفيجسك : في 8 كانون الأول من عام 1991 اجتمع في منطقة بيلوفيجسك رؤساء كل من روسيا الاتحادية و أوكرانيا و بيلوروسيا ( يلتسين و كرافتشوك و شوشكيفيتش ) حيث قاموا بتوقيع اتفاقية وضعت النهاية القانونية لدولة الاتحاد السوفييتي السابق و أعلنوا عن تأسيس رابطة الدول المستقلة مستغلين الظروف الناشئة في حينه لتثبيت وجودهم في السلطة . المترجم

[ii] الكلمة في النص الأصلي وردت سنديكاتية من syndicate ـ لكنني رأيت أن كلمة مافيوزي قد تعبر بشكل أدق .



#إبراهيم_إستنبولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وصــفة من أجل شباب دائم
- و في العـــراق ... قلقٌ و حزن
- معــاداة السامــية في روسيا :من ستالين حتى الطغمة المالية
- بقايــا - آلـــهة - أو قصص غير مفيدة
- الشاعر الروسي أوسيب إيملييفيتش مندلشتام قصة حياته و موته
- مــلاحظات حول موضوعات المؤتمر السادس للحزب الشيوعي السوري- ا ...
- يفغيـــني يفتوشينـــكو
- الوصية السياسية - لـ : فلاديمــير . إ . ليـــنين
- آنّا آحمادوفا .. عن نفسها
- العولمــــة … ماذا تعـني حقــــــاً ؟
- هل يبتلع الاسلام السياسي دولة - البعث - في سوريا أو تداخل ال ...
- العــــالم من دون رسول حمزاتوف
- نيكـولاي غوميليف
- الولايات المتحدة الأمريكية والهيمنة على العالم
- مبادئ الحرب الإعلامية
- دروس من التاريخ : من الوثائق السرية للجنة المركزية للحزب الش ...


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - إبراهيم إستنبولي - - استعمار روسيا - حول دور روسيا في النظام العالمي الجديد