أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد الحريزي - -قصة قصيرة عربانة مظلوم- لبلبي يلبلوب















المزيد.....


-قصة قصيرة عربانة مظلوم- لبلبي يلبلوب


حميد الحريزي
اديب

(Hameed Alhorazy)


الحوار المتمدن-العدد: 2597 - 2009 / 3 / 26 - 02:44
المحور: الادب والفن
    


عند الفجر امتزجت أبخرة ورائحة (اللبلبي)(1) المنبعثة من القدر المثبت في بطن ألعربانه مع عطر وشذى ((غنوده)) في يومه المشهود وقد ازدحمت المشاهد والصور في خياله المحموم بين عذوبة لا تنسى ومرارة لا تطاق.
دفع عربانته أمامه لترقي بصعوبة مرتفعا يتوسط الشارع المتموج الذي يقوده صوب مستقره قرب احد مدارس الأطفال في المدينة كمن يدفع خيالاته ليجلوها عن صدره المهموم متحملا هذا العناء في دفع ألعربانه ليتجنب المرور في شارع ((غندوه)) شارع المتعة والألم شارع الشهد والحنظل، وما ان تعتلي ألعربانه قمة المرتفع حتى تأخذ بالانزلاق مما يتطلب منه جهدا غير قليل ليشدها إليه خشية ان تتدحرج سارحة في منحدر الشارع المتعرج والملتوي،ليعيش ((مظلوم )) الدفع والجذب بشكل متوالي طيلة الشارع لحين وصوله مقره قريبا من المدرسة.
كعادته أشتري رغيفين خبز ((بربر)) حار من الخباز(هاشمي) ليجلس في مقهى ((شدهان)) وهو من أخوال والدته، ليزدرد الرغيفين ألخشنين بدفعات من الشاي الحار كوجبة إفطار مقابل كاسة من ((اللبلبي)) يناولها للخال شدهان، ثم يقف خلف العربان لتمشية طلبات العمال المبكرين للعمل بعد تناولهم كاسات من اللبلبي الحار مصطبحين بوجه مظلوم قبل طلوع الشمس كعادتهم يوميا في مثل هذا الوقت وبعد ان ينصرف العمال الكسبة الى إعمالهم يتوجه مظلوم بعربته لتلبية طلبات الأطفال وباعة الخضروات والمتسوقين من ((اللبلبي)) الحار منجذبين لصوت مظلوم الشجي وهو ينادي((لبلبي يلبلوب لبلبينه يداوي الكًلوب)).
السلام عليكم.. الله يساعدك ((مظلوم)).
صباح الخير... هاي شنو انته هنا تبيع لبلبي.
تفاجأ مظلوم برؤيته أستاذ((منير)) الأفندي الذي يمر به يوميا راكبا دراجته الهوائية ليشتري منه ((كيسا من اللبلبي)) ويعامله بمحبة وعطف مميز.
- صباح الخير والصحة والسلامة إستاد((منير)) ..وياهله بهل الصبح هذا مارد به ((مظلوم)) على تحية ((معميله))(2) وصديقه الأفندي منير سائلا إياه:-
- ها إستاد شنهو انته جاي إلهاي المدرسه؟؟
- نعم مظلوم انه جاي نقل جديد للمدرسة ومنا وهيجي أشوفك الصبح والعصر واستمتع بأكل اللبلبي الطيب من أيدك الحلوه.
- الله يطيب خاطرك إستاد والله انته طبيت كًلبي الله يطول عمرك ويسعدك بالدنيه ولاخره.
- تشكر منه أستاذ منير بعد ان أعطاه ثمن كاسة ((اللبلبي)) واستمع منه الى بيت من الابوذية والدرامي العراقي، الابوذية التي كان أستاذ منير يحبها كثيرا ومظلوم يحفظ ويؤلف منها الكثير، ثم دخل المدرسة عند سماعه رنين الجرس.
لا يعود مظلوم الى داره الاعند الغروب وبعد ان يسلم أستاذ منير وجبته المسائية من اللبلبي ثم يذهب لتسليم ما حصل عليه خلال اليوم من النقود الى مالك ألعربانه الذي يسلمه فلسان لا تكاد تسد رمقه وأطفاله من خبز البربر ومركًة((جتال حاجم))(3) الخالية من اللحم كالعادة وكما تتندر والدته لترد عمن يسألها عن اللحم ، اللحم ((ماكله البزون))(4)
هذا ((الجتال حاجم)) الذي ترحم عليه ((مظلوم)) حاسدا إياه انه فارق الحياة وتخلص من المركًه اللعينه التي ابتلي بها ((مظلوم)) من بعد حاجم.
هاولك شنهي المصيبه هاي الوادم عليمن فازعه عله هذا البيت، يا ساتر يارب((شنهو حريج غريج)) اللهم سترك يارب.
هذا ماقاله مظلوم عند عودته مساءا الى داره مدحرجا ((عربا نته)) أمامه حين لمح جمع من الناس صغارا وكبارا شيوخا وشبابا وأطفالا وهم يحاولون اقتحام احد البيوت فاستل ((حدرته)) بيد و((سطل)) الماء المخصص لغسل كاسات اللبلبي الذي أنتزعه من يدة ألعربانه وهو يصيح :-
حيهم..حيهم ..أخوتي أولاد علي الحكًولهم..الحكًولهم أهل ألغيره
- عمي شنهو انته مسودن اشبيك جاي هاد بحدرتك تريد تترس السطل ((تمن وقيمه)) والناس ماتعول اتحصلله ماعون تتبرك بيه.!!!
هذا ما صد فمه وبحلقباب المتدافعين ((مظلوم)) بباب الدار حينما رآه شاهرا ((حدرته)) وبيده ((سطلته)) وهو يحاول اقتحام الدار.
شلون ..شلون... شنهي ولك تمن ومركًة قيمه؟؟ ، شنهو ماعون ؟؟ماتكًلي انتم عليمن ملتمين وتدافعون وتردون تكسرون الباب؟؟..هذوله الوادم مو محترجين وتريدون اتطفونهم .. متعارجين وتريدون أتفكونهم؟؟ .. شو توخروا عني وخل أدفر الباب ألعاصيه عليكم وشوف شنهو قصت الوادم؟؟!!!
ولك عمي لا متعاركين ولا محتركًين هذوله عدهم عزيمه ((تمن ومركًه قيمه"5")) ثواب لباعبدالله الحسين(ع) وحنه جايين ناكل ونتبرك. افتهمت لو أتظل معيدي كًلبك ثخين؟؟
- فغر مظلوم فمه وبحلق عينيه متعجبا وهازا يده مستغربا لا يكاد يصدق ما يسمع!!
- ولكم انتم واحد راجب عله الثاني ونعلكم امكًطعه وباطكم امشلعه وتريدون اتشلعون باب الوادم علمود لكًمة تمن ومركًه.. من سود الله وجوهكم وطيح الحسين حظكم..ولكم هذا ياثواب..ياحساب.. ولكم هاي هرفله وجلة حيَه، الرجال الحترمكم وعزمكم هجي تسوون بيه.. ولكم الحسين بعد عيني ضحه بدمه بسبيل الناس وانتم واحد يسحك بطن الثاني ويدوس بطن أخوه وأبوه حتى ياكله لكًمة زقنبوت يلكًفه من ايَد أخوه حتى يحطه ابحلكًه !!!
كل هذا وتسمونه ثواب..والله يعمي هاي علامات طلوع (الصاحب)"6"؟؟
- قال هذا ثم قفل راجعا الى عربته دون ان يسمع كلامه او يهتم به احد، استمر مظلوم على هذا الحال وهو يبيع ((اللبلبي)) وقد توثقت علاقته بأستاذ ((منير)) معلم المدرسة كثيرا واخذ يسمع منه كلاما لم يسمع بمثله من قبل وكأنه وجد بين يديه وفي مضامين كلامه مفاتيح مغاليق كل اشكالياته ومشاكله وجوابا للعديد من الأسئلة التي ((دوخة راسه)) عبر معاناته اليومية في الريف والمدينة قائلا مع نفسه (ولك هذه عبالك عِليَّ آل صويح)(7).
- تلقى منيرمة هذه الأسئلة وحل الغاز الصور والإشكاليات التي يتعرض لها ،استغرب مظلوم ان تظهر أمامه صورة المرأة أم (( البوشيه))"8"
- أحاه يل مهبول ولك هاي شلون ضاعت عليك وشلون ما عرفت هاي المره المبوشه التجي كل يوم تشتري منك كًدر (100 فلس)لبلبي وهي مبوشه،وكل يوم ذابتله حجايه عليك وتصجمك وجنه تعرفك وتعرف ماجره عليك،ولك شلون ما فهمته من كًالتك ها ابو(( المعيد)) يظهر تفليس الباكًله ما عجبك حولت عللبلبي أو نزول حتى نزول((اليدري يدري والمايدري كضبة عدس))"9"!! ولك هاي غندوه ألف نعله على والديك لحكًتك لهنا بعد شتريد منك؟؟؟.
- في غروب احد الأيام وقبل ان يأتي أستاذ منير لأخذ حصته من ((اللبلبي)) مثل كل يوم قبل ان يذهب لتسليم الدخل للحجي كالعادة فقد كان مستغرقا في دوامة أفكار يحس خلالها بالظلم والغبن الكبير الذي يلحق به فهو الذي يدفع ويطبخ ويبيع ويجول في الشوارع ويتحمل الأذى ولكنه لا يستلم إلا فلسان لا تغني ولا تشبع من جوع ولا تكسو من عري ولكنه يكتم استياءه وإحساسه بالظلم لأنه لا يجد بدا من هذا العمل ثم للحاج فضل عليه فهو صاحب ((الصايه)) وال((صرمايه))"10 " مثل ما يكًولون. وحينما كان منهمكا ومستغرقا في هذا الهم لفت نظره عند زاوية الشارع قبالته مجموعة من الشباب يلعبون ((اللكَو))"11" وقد شاهد ان بعضهم يحصل مالا كثيرا دون متاعب وعندما وقف يراقبهم دعوه للمشاركة فقد اغتنى الكثيرين من هذه اللعبة مقابل مبالغ تافهة((من يركبه الحظ ويجي وياه أللنص)) وبعد تردد ونعله للشيطان قرر ان يشترك على ان لا يعود للعب بعد ان يحصل على المال الكافي لشراء عربانه وكمية من اللبلبي والمواعين ليتخلص من استغلال ((ألحجي)) ابو ألعربانه ويعمل لنفسه. وباشر باللعب حيث تبرع احدهم ليضع خبرته تحت تصرفه ويوجهه في اللعب مدعيا انه من ابناء محلته ومن ابناء عشيرته وانه متأكد بأنه سيكسب لأنه إنسان بسيط وعله نياته وسيحالفه الحظ، فربح في المرة الأولى والثانية ثم تبعتها خسارة بسيطة ومن بعدها ربح ثم توالت الخسارة وهو يضع بتشجيع من ابن عمه وابن محلته للاستمرار بلعب، آملا في الربح وتعويض خسارته مما استنزف الدخل بكامله...فساوم على المواعين ثم على القدر و((البريمز)) ثم على العربة بكاملها دون جدوى واخذ يردد مع نفسه بألم مرددا المثل القائل (( جزنه من العنب ونريد سلتنه))"12" فقد خسر كل شيء.
- لمس مظلوم غمز ولمز وعلامات نصب وتآمر عليه من قبل هؤلاء بمن فيهم نصيره(ابن عمه)) المزعوم ، وشاهدهم يقتسمون المال فيما بينهم وقد دحرج ((ابن عمه)) ألعربه أمامه فقد صارت من حصته، عنها فارت دمائه وبلغ به الحنق أشده والغضب منتهاه لمدى وضاعة وقردنة وثعلبة ((ابن عمه)) وزمرته فاستل ((حدرته )) من حزامه التي لم يعد يمللك غيرها لأنه من المعيب ان يبيع او يقامر المرء بعرضه وسلاحه،فانقض عليهم وهو يقول:-
- انه ابو مطشر ولكم مخانيث أهل الثريد(سياب) هجي تريدون تاخذون غلبي وتفرهدوني بهاي لعبتكم تقشمرون الوادم وتاخذون فلوسه.
- فأشهروا بوجهه سكاكينهم وقاماتهم المخبئة تحت دشاديشهم ، فاشتبك معهم في معركة غير متكافئة ورغم ذلك اثبت بسالة وشجاعة فائقة وأثخنهم ضربا وسالت دماء بعضهم وخصوصا ((ابن عمه))، فأصابوه بساعده ورأسه ثم هربوا بما غنموا من المال تاركين العربة تشتعل فيها النار فقد حطموها وأولعوا فيها النار بعد افرغوا عليها نفط ((البريمز)) قبل ان يتمكن المارة من زجرهم وطردهم وحمايته ن بطشهم فقد كان اغلبهم من مدمني الخمر والحشيش.
- وكم كان أستاذ منير قلقا عندما لم يجد مظلوم في مكانه وشاهد بقايا ألعربانه المحترق!! فاستفسر ممن كان في موقع الحادث ومن احد البقالين فأجابه:-
- هاي وين انته إستاد صاحبك أتعارك ويه ((القمرجيه))"13" وضربوا سجين وحركًوا عربا نته وهل تشوف رماده كًدامك، وهو أخذوه أهل المنطقه للمستشفى!!
- تلقى منير الخبر بحيرة وألم وغضب شديد متأسفا ومتأسيا على مثل هؤلاء الناس اللذين يقتتلون فيما بينهم ويتركون عدوهم الرئيس ومصدر تشردهم وشقائهم يستنزف قواهم بهذه الطريقة ولكن؟؟؟
فما كان من أستاذ ((منير)) إلا ان أدار وجهة دراجته الهوائية صوب المستشفى في مركز المدينة وحينما وصل وجد ((مظلوم)) في شعبة الضماد وقد لف ساعده بالقطن واللفاف وشاهد بعض الشدوخ في وجهه ورقبته وآثار دم متخثر في فروة راسه
الحمد لله على سلامتك ابو ((مطشر)) هاي شورطك ويه هل السفله وشجابك عليهم؟؟
-هاي هيه استاد صارت وقصتي مثل ماكًال ابو المثل:-
(( رادله كًرون كًصوا أذانه))"14"؟؟
ابو مطشر ماتعرف احد منهم؟؟
إستاد شعرف منهم أهم هذوله الهم أصل فصل حتى ينعرفون اشو ((خضير ابن معجونه، وفرهود ابن الدلاله، وصبر ابو دكه وابو الركًع...)) ماتكًلي اشيلزم الواحد منهم.
والله صدقت يا ابو مطشر هذوله يطب واحدهم للسجن مظلوم يطلع ظالم، يطلع ضيمه وحيفه من اهله ويعوف من ظلمه!!!
إستاد آني هم ما قصرت وياهم ونعلتلك سلفه سلفاهم بس آني شنهو ماعرف هذا اليسمونه ((كلات))"15" مثل مناطح الصخول آني اعرف اعارج بالخنجر والحد ره و((المكًوار))"16" و((التوثيه))"17"!!
المصيبه إستاد هسه شكل لبوا لعربانه ،((مظلوم)) ضيع الصايه والصرمايه بالقمار!
شنهي هلحظ ياربي اطلع من مصيبه اطب بالثانيه والوادم ابتلت بيه وهو يردد بيت الدرامي (( جبتيني للظيم اشمالج ييمه اشبيج جبتيني للضيم شو بس علي دنياي تمطر بلا غيم)) ثم تلا ذلك بحسرة قائلا :-ولكم هاي ولاية بشر يو ولاية حيايه وعجارب ومخانيث
ابو مطشر لا تظل أتلوم بنفسك ألصار صار والولايه بيه الزين والشين وهاي تجارب يمر بيه الإنسان ويتعلم منها، هسه أهم شي صحتك وسلامتك ،ولعربانه و((الصرمايه)) والمواعين خليه عليه.
اصطحب منير ((مظلوم)) الى دار الحاج مالك ألعربانه ملخصا له ما جرى مع مظلوم واعدا إياه ان يسدد له ثمن ألعربانه والغراض واللبلبي كاملة يوم غد.
فتألم الحاج لما حل بمظلوم متأسيا له وشاكرا للأستاذ نخوته وجهوده ومناصرته ل((مظلوم)) وأمثاله مخاطبا إياه:-
أستاذ (منير) هاي ألفزعه والغيره على ((مظلوم)) وأمثاله موجديده عليك وانته من أهل المعروف وآني من ناحيتي ذاب ربع الفلوس لخاطرك وخاطر مظلوم وجهاله.
تشكر الأستاذ ومظلوم للحاج تفهمه لوضع مظلوم وتنازله عن قسم من المبلغ ، ثم اصطحب أستاذ منير مظلوم الى داره واضعا بيده شيئا من المال وكيسا من الفواكه له ولأطفاله قبل توديعه.
إستاد ماتكَلي انته شمشكل نفسك وياي،ومنين راح أجيب الفلوس للحجي،والله ما ادري شلون راح اكًدر أوافيك وبيمن أجازيك هذا ماقاله ((مظلوم)) لأستاذ منير.
ابو مطشر لتشيل هم احنه عدنه جمعية وآني حاجيلهم عن وضعك او واعدوني يساعدونك، خله عليه وروح هساه ارتاح وريح اهلك وعمامك ،وكًللهم خل يردون لهلهلم والشغله ما تحتاج فزعة عشاير وبعد ما تصير زين آني أمر عليك بلكن نشوفلك غير شغله .
شكر مظلوم أستاذ منير مرددا كعادته بيتا من الدار مي:-
((مايلحك عله الطاح فزع الكًرابه بعد الفزع شيفيد للمضه أصوابه))
صدك ألدنيه بعده بخير مودع بلله إستاد .
هكذا ودع ((مظلوم)) أستاذ ((منير))محتضنا إياه ودموعه تترقرق في عينيه.وبعد ان مرت ثلاثة أيام طرق ألباب أستاذ ((منير)) الباب على ((مظلوم)) ومعه كيسا من الفواكه والحلويات ولأطفاله مطشر وإخوانه،مطمئنا عليه ومطمئنا إياه بتسديد المبلغ للحاج مع تحيات أصدقائه في الجمعية وأمنياتهم له بالشفاء العاجل.
واستدرك أستاذ منير قائلا:-
-بالمناسبة ((ابو مطشر)) لكًيتلك شغله مريحه ومابيه دوخة راس
اي والله إستاد رحم الله والديك،بس شنهو هاي ألشغله؟؟
شوف مظلوم اكو واحد طيب من ربعنه ((حايج عبي))"18" يريدله واحد يساعده بالشغل،وآني كًلت هم تعيش وهم تتعلم مهنه تفيدك ويمكن تكًدر تتعلم القراءة والكتابة عن طريق الاخ الحائك لأنه عدوا لدودا للامية.
- فز مظلوم مذعورا كمن لدغه عقرب قائلا:-
لالا إستاد كلشي ولا حايج ،إستاد بس يسمعون أعمامي يطلجون مرتي ويفصلوني من العشيرة يا بويه أدور حايج، ورحمه من الله يتباهون عمامي ((بشوتهم))"19" حياجت مظلوم ابو ((مطشر)) والله نعمه!!!.
-تبسم أستاذ ((منير)) وبدا كمن يراجع بعض الثوابت لديه متفهما ردود فعل ((مظلوم)) على مقترحه باعتبار مهنة الحياكة مهنة معيبة وفق الثقافة الإقطاعية السائدة وخصوصا في الريف العراقي.
-خلص..خلص ابو مطشر لا تغث نفسك ،ايبين انته أصبحت مدمن على بيع اللبلبي يلبلوب وازدياد المعجبات والمعجبين بصوتك الحلو وانته تصيح لبلبي يلبلوب ،واني هم ماكًدر استغني عن لبلبيك الطيب فقد أصبح ((مزتي))"20" المفضلة،العفو عشاي المفضل، وراح اوصيلك على عربانه ممتازة ((عروسه)) من ((فورميكه))"21" ايسويه مخصوص إلك اخوي النجار "ابو ماهر" فهو من محبي لبلبيك أيضا.
وهكذا كان عاد ((ابو مطشر)) مغردا وراء عربانته الفورميكا الجديده ، مسطر على سطحها كاسات الفرفوري الملونة وبطالة الخل والليمون المرصوفة رصفا جميلا عل صدر ألعربانه،وأخذت شهرة لبلبي مظلوم تزداد يوما بعد يوم حيث اخذ يطعمها حسب نصيحة أستاذ منير ب((الكسور))"22" والدجاج ليكون طعمها أطيب وتكون بقايا الكسور والدجاجة وجبة عشاء دسمة له ولعائلته عند عودته للبيت ليلا بعد ان تنفذ كمية ((اللبلبي)) المعدة للبيع كل يوم.
ولكن الذي حدث في فجر احد الأيام وعلى حين غرة حيث طوقت زمرة من الشرطة ((مظلوم)) وعربته وطردت المشترين وطلبت منه ان يتنحى جانبا بعد تفتيشه تفتيشا دقيقا ثم فتحوا أبواب ألعربانه واخرجوا كل محتوياتها من اللبلبي والبريمز والقدر والنفط والخل والملح والحامض،وثقبوا صفائحها الجانبية بحراب بنادقهم ومظلوم ينظر إليهم متألما مستغربا يكاد يفقد أعصابه ولا يعرف ماذا يفعل وبأي شيء متهم هو وعربانته وهل أصبح بيع ((اللبلبي)) ممنوعا وهو لايعلم؟؟
ولكن احد أفراد الشرطة همس في إذنه ((ابن عمي عدنه إخباريه اكو بعربانتك مناشير معاديه للحكومة)) هذا بعد أن عرف انه من ابناء عمومته (آل هلكان)
ولك خويه آني وين والمناشير وين شنهو آني أبيع لبلبي يو اشتغل نجار، ظل شنهي السوته المناشير وصارت تعادي الحكومه،انشالله باجر تطلع المساحي والجواكيج والكراكه معاديه للحكومه.
ولك هاي شلون مصيبه وين ما تحطه يمظلوم سوده امصخمه.
هز ابو(( إسماعيل))"23" يده مستهزاءا ومستغربا بسبب عدم فهم مظلوم لما اسر به له:-
- ((عرب وين طنبوره وين)) (( اليحجي هندي وليسمعون أهل الجر يبات))"24"،ولك عمي يا نجاره ياطياره ياجواكيج مناشير يعني ورق مكتوب بيه حجي موزين عله الحكومه افتهمت، من طاحظ اللوكًي إلي جاب هذي الاخباريه البايخه.
- (( محضر ضبط ..تم تفتيش المشتبه به مظلوم وعربانته وجه وكًفه ولم يتم العثور إلا على بريمز عددواحد متروس نفط وجدر لبلبي حار وعشر مناجيس فرفوري وخمس بطاله خل وكيلو نومي حامض
توقيع
العريف مزعل راضي ريس المفر زه
توقيع
المشتبه بيه مظلوم غركًان)) أنقفل المحضر.
- قرأ العريف المحضر على مظلوم طالبا توقيعه على المحضر وإقراره بنتائج التفتيش والمواد المضبوطة في ألعربانه ولكن مظلوم رفض التوقيع قائلا:-
- جناب العريف اشو ما جبت ذجر للدجاجه الجانت بجدر اللبلبي شنهو الدجاجه طارت يو ما مشموله بإلقاء الغبض؟؟؟
- إيه الدجاجه طارت صارتله جناحات وطارت، ثم نادى على الشرطي(( سعود)) الذي يدعي انه من عمام ((مظلوم)) كًله لبن عمك شلون طارت الدجاجه!!!
- مظلوم ((الحد ره والخنجر )) صارن اجناحات وطيرن الدجاجه من المحضر وإلا جان كتب العريف انه ضبط في ألعربانه أسلحة جارحه وأسلحة راضه وجا رحت بيه ((سبعه ماي))"25"!!! اسكت ابن عمي وقع وقع واسكت احسلك!!

معاني المفردات الشعبية الواردة في القصة:-
************************************
1- الحمص.
2- عميل او مشتري متكرر.
3- نوع من أنواع القرع يكون اصفر اللون عند النضج،يروى ان احدهم أكل منه كثيرا ظنا منه انه بطيخ مما أدى به الى الوفاة!!
4- أكله القط.
5- مرقه مشهورة في مدن جنوب العراق وخصوصا النجف وكربلاء تعمل من اللحم والحمص المهروس جيدا يقدم في الولائم في المناسبات الدينية وتقدم كوجبة عشاء في الأفراح كالختان والزواج.
6- المهدي المنتظر.
7- احد الشخصيات الشعبية الواقعية في جنوب العراق ((مربي جاموس)) اشتهر بحكمته ورجاحة عقله وفطنته وذكاءه،وقد كان من المقربين جدا من الشيخ ((حمد آل حمود)) أمير عشيرة الخز اعل ألمعروفه في العراق.
8- حجاب من القماش الأسود يغطي وجه المرأة.
9- مثل شعبي عراقي يدل على ماهو مستتر خلف الحدث الظاهر.
10- العراك عن طريق نطح الخصم بالرأس وهو عراك يبرع فيه بعض المشاكسين من سكنة المدن.
11- المال الموظف في العمل من قبل ألكسبه.
12- مثل شعبي عراقي يضرب في خسارة كل شيء الطموح وما قبله.
13- لاعبي القمار
14- مثل شعبي عراقي يراد به خسارة الإنسان ماكان حقا يملكه ناهيك عن عدم تحقيق طموحه.
15- الصدم بالرأس وهي طريقة عراك يجيدها ابن المدينة فقط.
16- آلة راضه(قضيب من الخشب او الخيزران الصلب توضع في احد نهايته كرة من القير)
17- عمود من الخشب الصلد يستخدم في العراك.
18- حائك العباءة العربية.
19- عباءة لا يكتمل بدونها الزي العربي في العراق.
20- أكل خفيف يصاحب شرب الخمر.
21- نوع من الخشب الصقيل الملون.
22- عظام خاليه من اللحم تطبخ مع الحمص.
23- لقب الشرطي في العراق في حين يسمى (ابو خليل) الجندي العراقي.
24- أمثال شعبيه عراقيه يراد بها عدم فهم المخاطب لما يقال له.
25- أمر محقق.




#حميد_الحريزي (هاشتاغ)       Hameed_Alhorazy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ((ألم))((نصه))
- عربانة مظلوم(باجله لوز)- قصة قصيرة
- أستطلاع ألرأي واقعه وأفاق تطوره
- هندالة هلكان العريان(لاحظت برجيله ولا خذت سيد عليّ)
- بمناسبة يوم الشهيد الشيوعي(ابحث لكم عن اسم آخر)
- اي الصناديق نختار؟؟؟
- آراء وملاحظات حول انتخابات مجالس المحافظات
- اضواء على شعارات المرشحين وامنيات الناخبين
- الوصف الطبقي لغالبية المرشحين لمجالس المحافظات
- من يحل العقدة؟؟؟
- ربيع الولائم وصراع القوائم-اراء وملاحظات حول انتخابات مجالس ...
- متى يتم تخفيض أسعار المحروقات؟؟؟
- سايكولوجية التمزيق
- ضمور في التيار المشتعل وتضخم في التيار المستقل في العملية ال ...
- ضمور في التيار المشتعل وتضخم في التيار المستقل!!!
- ( واقع الشارع الانتخابي العراقي في انتخابات مجالس المحافظات)
- الراي العام
- المال وتاثيره على النساء والرجال
- بمناسبة مرور(91) عاما على ثورة اكتوبر ((الاشتراكية)) الروسية
- ((صراع الديّكة))


المزيد.....




- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد الحريزي - -قصة قصيرة عربانة مظلوم- لبلبي يلبلوب