|
الليبرالية الديمقراطية في الوعي التاريخي
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 2595 - 2009 / 3 / 24 - 05:06
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
أبداً لا يصح التمييز بين القيم الليبرالية والثقافة الديمقراطية ، لأنهما في الواقع حقيقتان متمازجتان ومتماهيتان وتتحركان في الإتجاه نفسه .
فالقيم الليبرالية : هي التعبير عن معنى الحياة الطبيعية القادرة على صناعة المجتمع الصالح ، و التي بإستطاعتها تأهيل الفرد ليكون شعوره بالمسؤولية شعوراً جمعياً حقيقياً ، لذلك فهي أي القيم الليبرالية تؤسس لبناء المجتمع المدني - مجتمع العدل والحرية والسلام - .
والثقافة الديمقراطية : هي حركة وعي الشعب وتحرره من عقد الأستبداد والدكتاتورية ، وإيمانه بالتبادل السلمي والطبيعي للسلطة عبر الإختيار والإنتخاب الشعبي الحر .
والفصل بينهما فصل بين ثقافة الشعب وقيمه لأرتباط ذلك كله بمصالح الأفراد الحيوية ، من من هنا يكون التمييز بين الثقافة والقيم تمييز بين الواجب والحلال في الشرط الشرعي والشرط الموضوعي للقضية الواحدة أو في القضية الواحدة ، ولا نجد من يميل إلى ذلك سوى البدائيين في العمل السياسي من النرجسيين وخصوم الحرية ، وصفة ذلك في المنطق الطبيعي هو ترف عقلي محض وتسطيح لا غير .
والحجةالتي يقدمها أنصار التمييز بين القيم الليبرالية والثقافة الديمقراطية لا تندرج في البحث في الكبريات من القضايا السياسية والاستراتيجية المتعلقة بعملية التحول الطبيعي نحو الديمقراطي ، بل بالقضايا التي تتعلق بأسلوب ولغة الخطاب الإجتماعي ، فالبعض يعتبر الليبرالية هي خصوص معنى الحرية كذات دون الصفات ، هذا الكلام لا يميز في الأساس بين الحرية والحاجة بل لا يميز بين الإختيار والحرية ، تماما مثلما لا يميز بين الفكر ومحتوى التفكير ، وقد أشار إلى ذلك جان ستيوارت ميل [ في الحرية ] ذلك الكتاب الذي يُعد مرجعاً نظرياً إلى اليوم ، [ حتى في المجتمع الأمريكي ذاته ] .
وشعبنا العراقي الذي خرج من سطوة الاستبداد ، يعرف تماماً الشيء الذي يحقق له أمنه ومستقبله ، ولأنه كذلك فلا يلزمه التفريق والتمييز بين القيم الليبرالية والثقافة الديمقراطية ، وعليه ان يترك الجدل في ذلك حتى تستكمل الليبرالية الديمقراطية دورة الحياة الضرورية لها ، وذلك منهج نتبعه في الوعي بالإعتماد على السياقات التاريخية الخاصة والمراحل التاريخية المركبة التي تعتمد الوعي التاريخي .
والليبرالية عندنا هي
فلسفة الحياة التي تنمي لدى المجتمع مفهوم الحرية الإقتصادية والسياسية والثقافية ، وهي بهذا اللحاظ تعتبر إن مستقبل الشعب مرتبط بتطور الوعي الديمقراطي لديه ، ذلك الوعي الذي يعمم مفهوم الإرادة الحرة المسؤولة ، ومن خلالها كذلك يمكننا تعميم ثقافة الديمقراطية لتشمل كل فئات ومكونات الشعب ، وهذه الكلية في كلامنا إنما تقدمها الليبرالية بإعتبارها ضرورة تاريخية أو لنقل حتمية تاريخية ، لا يمكن حصرها بفريق ايديولوجي معين أو محدد ، فالليبرالية تفتح صدرها للجميع لا تلغي أحداً في حساباتها ولا تسمح بذلك .
لأنها : حركة وعي إجتماعي وتنظيم اقتصادي وسياسي ، وهي ليست ظاهرة تاريخية متغيرة كما يظن البعض ، بل هي حركة دائمة الصيرورة والتقدم تعبر عن جدل التاريخ وتطوره ، لذلك تستوعب حركة التغير المجتمعي وتمده بأسباب الدوام والإستمرارية والتجدد ، وكما أوضحنا في مقال سابق إن التواصل بين الليبرالية الكلاسيكية والليبرالية الجديدة هو تواصل قيمي مضطرد ، أي إنه تواصل موضوعي وتواصل تاريخي يمر عبر أو من خلال التجربة التاريخية التي تختزن المضمون الليبرالي العام ، لذلك فهي بهذا اللحاظ فلسفة نظرية وعملية للحرية والحياة في الفكر السياسي المعاصر ، وتطابق قيمها مع ثقافة الديمقراطية هو تطابق في الخيارات والمسارات كافة .
ولهذا قلت وأقولها مرة ثانية : إننا في العراق يجب ان لا نفرق في خياراتنا التي تصنع التقدم لنا ، ولقد إدراكنا نحن في - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي – هذه الحقيقة منذ البداية حين أطلقنا على تنظيمنا هذا – الليبرالي الديمقراطي - وليس الليبرالي وحسب.
وهذا يعني إننا نستطيع بناء المجتمع السياسي الذي يسمح بالتداول السلمي للسلطة من خلال التعدد والمشاركة مع الجميع ، وهذا هو الممكن الذي يساهم في بلورة رؤية سياسية موحدة للعملية الديمقراطية ، تظم كل الأطراف والمكونات الشعبية ، فالوصول للديمقراطية هدف نسعى إليه مع الآخرين من قوميين ويساريين وإسلاميين ، لأن مصلحتنا واحدة مع الجميع ، ولايجوز بحال سلب حق النضال من أجل الديمقراطية من القوى الأخرى هذا هو الذي نؤمن به والذي نعمل من أجله ، فالليبرالية الديمقراطية خيار الجميع ، حين يكون هذا الجميع أو يتمثل بالإرادة العامة .
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرأة في الإسلام
-
كلمة في اليوم العالمي للمرأة
-
كيف هرب الدايني أو هُرب ؟
-
العدالة الإجتماعية . . . مفهوم ليبرالي
-
الإسلام السياسي
-
الدولة الكردية حلمٌ يجب تحقيقه
-
أين مكان العراق من الإعراب ؟
-
الليبرالية الكلاسيكية والليبرالية الجديدة
-
السلام بين العرب واسرائيل
-
الدولة المدنية مفهوم ليبرالي
-
الدستور والعبث السياسي
-
المحكمة الدستورية والمسؤولية الوطنية
-
تداعيات مابعد الإتفاق
-
زمن التغيير
-
الدين ... بين السياسة ورجاله
-
الليبرالية والدين
-
الأمن ومستقبل المنطقة
-
الإتفاقية الأمنية والمرجعية الدينية
-
صور الارهاب - القرضاوي نموذجاً
-
الفرقة الناجية – إشكالية المفهوم والدلالة -
المزيد.....
-
كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم
...
-
أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح
...
-
صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
-
الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال
...
-
بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا
...
-
واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل
...
-
بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
-
أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك
...
-
جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
-
مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت
...
المزيد.....
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
-
فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
يوميات على هامش الحلم
/ عماد زولي
-
نقض هيجل
/ هيبت بافي حلبجة
-
العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال
...
/ بلال عوض سلامة
-
المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس
...
/ حبطيش وعلي
-
الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل
...
/ سعيد العليمى
-
أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم
...
/ سعيد زيوش
المزيد.....
|