أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الجنديل - التنوع في الكتابة ( جاسم عاصي انموذجا )














المزيد.....

التنوع في الكتابة ( جاسم عاصي انموذجا )


أحمد الجنديل

الحوار المتمدن-العدد: 2593 - 2009 / 3 / 22 - 01:34
المحور: الادب والفن
    



( انّ الناس أماكن والأماكن ناس ) . بهذه الكلمات اختصر الروائي الانكليزي ( جون برين ) ما كتبه الكثير عن أهمية المكان في القصة أو الرواية ، فعندما نكتب عن المكان فهذا يعني بالضرورة أن نتحدث عن الناس الذين يمارسون حياتهم في هذا المكان ، والكشف عن بنية الشخصيات لوحدها لا يمكنها أن تقدم عملا ناجحا ما لم ترتبط بالأماكن التي تعيشها ، وما زال المكان والشخصية كمعادلة ثنائية تفرز الكثير من الغموض كنتيجة أولية من نتائج الحياة البشرية . وليس مهمة الكاتب فك طلاسم هذا الغموض ودراسة مسبباته وآثاره ، وإنما مهمته أن يكتب عنه ويسجل ما يراه ، ويقتنص ما يراه مفيدا لعمله ، ويلاحق خيوطه ، دون أن يجهد نفسه في البحث عن الدوافع والمسببات والنتائج ، ولعل من الفائدة أن أستحضر ما نصح به ( فورد مادوكس فورد ) حيث قال : ( أكتب دوما وكأنّ أحداث روايتك تجري أمام عينيك على خشبة مسرح باهر الإنارة ) . والأحداث والإنارة مرتبطان بخشبة المسرح الذي يشكّل المكان قاعدتها العريضة في بناء وهيكلية العمل المبدع الناجح .
وعندما نتمعن في قلم الروائي والناقد جاسم عاصي نجد أنه مسكون بالمكان الذي لم يستخدمه كوعاء لشخصياته فحسب ، وإنما جاء ضمن تركيبة بنائية تداخلت فيها خصائص أبطاله وحركاتهم بخصائص وطبيعة المكان الذي مارسوا حياتهم فيه ، وكما أنّ السرد والحوار لا ينفصلان في الرواية فان الشخصيات التي كتبها جاسم عاصي لا تنفصل عن المكان الذي وجدت فيه بطريقة ابتعد فيها عن تقديم ملامح شخصياته دفعة واحدة ، مجتهدا في رسم الخلفية بمهارة فائقة إلى المكان التي تتحرك فيه شخصياته ، واضعا في حساباته رسم الأحداث في الدقائق الصغيرة ، متأنيا في ضخ المعلومات التي من شأنها دفع العمل الدرامي إلى الصعود . وإذا كان المقهى قد شكلت حضورا للمكان الذي انطلق منه الروائي غائب طعمة فرمان في بعض ما كتب ، والسجن الذي تعامل معه يوسف الصائغ في رواية ( المسافة ) والقاص والروائي عبد الرحمن مجيد الربيعي في رواية ( الوشم ) ، والصالات الأنيقة والغرف الحاضنة على الكثير من الأسرار عند الروائي جبرا إبراهيم جبرا في رواية ( البحث عن وليد مسعود ) ، والخان الذي يتسع لمجموعة من المشردين تأكل أحلامهم امرأة كما في رواية ( رجل الأسوار الستة ) لعبد الإله عبد الرزاق ، والبحر بكلّ أسراره وتقلباته كما في ( الياطر ) و ( حكاية بحّار ) للروائي الكبير حنّه مينا ، وكتّاب لا يسع المجال هنا للحديث عنهم اتخذوا من خشبة العرض كلّ ما خلقوه من إبداع ، وعندما نستعرض ما كتبه الروائي جاسم عاصي يبرز عالم الاهوار في عمله بوضوح في رواية ( مستعمرة المياه ) . ويبدو تأثير هذا العالم المتشح بكل رموز الخوف والفرح والمفاجأة ، المتسربل بكل ألوان المتناقضات ، المكتنز بأسراره الكثيرة ، هو العالم الذي جعل الأديب يستمد خيوطه ونسيجه منه ، فكان يرينا شخصياته من خلال عالم الاهوار ، وكنّا نرى هذا العالم المليء بالسحر من خلال المعمارية الروائية . إنّ عالم الاهوار عند الأديب عاصي كان الحاضنة الأولى التي تعلم منها حروفه الأولى ، وهي المدرسة التي تعلم فيها كيف ولماذا ولمن يكتب ؟ فكان وفيا لها عندما غادرها وهو يتنقل من محطة إلى أخرى وما كتبه خلال الأربعة عقود يرى ذلك بوضوح ، حيث ظلت ملازمة له في جميع مجاميعه القصصية ورواياته رغم اختلاف وضوحها من عمل إلى آخر ، فمنها تعلم فن الإيحاء والإبحار في الخيال ورؤية الحدث من خارطته التفصيلية النابعة من هذا العالم المليء بشتى صنوف المتناقضات خالقا وحدة عضوية بين هذا العالم وشخوص الرواية في سياق متعدد الإيقاعات متنوع التصاميم .
إنّ أهم ما يميز كتابات الأديب جاسم عاصي هو الاحتراف والواقعية ، ورغم انه احترف فن النقد وقدّم نماذج نقدية ناضجة من خلال ( المعنى المضمر ) و ( جوّاب الآفاق ) و ( دلالة النهر في النص ) إلا أن ما قدمه من روايات وقصص كانت بعيدة عن لغته النقدية ، فخرجت من بين يدي روائي لا ناقد ، مثلما خرجت كتاباته النقدية من بين ناقد لا روائي أو قاص ، وهذا المؤشر يدل بوضوح على أنه يتمتع بتجربة واسعة على خلق المناخات المختلفة للكتابة حاملا تاريخه الثقيل بتجاربه التي يشكل عالم الاهوار سماتها الرئيسية والقادرة على حمل المفاجأة وإسقاطها بشكل سريع على ذهن المتلقي وقدرته الفائقة على اقتناص اللحظة الساخنة في المكان الساخن لتقديم العمل الساخن إلى القارئ .




#أحمد_الجنديل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنهار الخوف .. قصص قصيرة
- تداعيات البعد الواحد ... قصة قصيرة
- العلاقات العربية الأمريكية مسارات الرفض والقبول
- ليلة الزفاف الدامي
- لوحتان ( للعرض فقط )
- تراويح شيطانية
- زفاف في معبد وثني .......................... قصة قصيرة
- العصافير تموت جوعا في البيادر ............................. ...
- حقوق الانسان زيف الشعارات وفعل الهراوات
- عندما يغيب الصهيل .............. قصة قصيرة
- الهجرة الى البحر........منلوج قصصي
- حكايات عن عواصف الرعب .......... قصص قصيرة
- الحفاة ........ .. قصة قصيرة
- الارصفة تشرب الصراخ ................... قصة قصيرة


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الجنديل - التنوع في الكتابة ( جاسم عاصي انموذجا )