أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سعد تركي - كعكة كان اسمها وطن!!














المزيد.....

كعكة كان اسمها وطن!!


سعد تركي

الحوار المتمدن-العدد: 2589 - 2009 / 3 / 18 - 05:50
المحور: حقوق الانسان
    


بالأمس حين كنا صغاراً,يروق لنا أن ننشد قصيدة محببة جداً على قلوبنا:
قالوا سماء صافية والنسمات غافية
تهب مثل العافيــة فقلت هذا وطنـي
كنا نرى الوطن أباً عطوفاً وأماً حنوناً وبيتاً كبيراً أوسع من قلب العاشق وأكثر عطاءً من البحر..كان الوطن في مخيلتنا جنة دانية القطوف وحدائق خضراء ليس لها حد ولا لخضرتها فناء..كنا نرى الوطن يداً بيضاء دافئة تمسح رؤوس اليتامى وتربت على ظهور المتعبين وتمسح الدمع عن أعين المساكين..كان الوطن في مخيلتنا حجراً دافئاً نلوذ به من ليالي البرد الطويلة,قبضة تدرء عنا السعالي والطناطل التي تنط في كوابيس الظلام..كان الوطن نهرين من دموع الفرح والبهجة يلتقيان كقلبي عاشقين يسقيان ظمأ ظهيرة صيف قائظ ويغسلان ذنوبنا الصغيرة..يسقيان ظمأ المحب الى قبلة حانية على الخد المعفر بترابه الحبيب..
بالأمس اذ كنا صغاراً كان الوطن كل شيء الا أنه لم يكن (كعكة) أبداً..
حين كبرنا أدركنا أن الوطن صار كعكة تكالبت عليها أفواه المغتصبين والسراق والمارقين وصناع الظلام..أضحى الوطن وردة ذابلة امتصت رحيقها الدبابير الشرهة ولم تستطع أشواكها اللينة درء الأفواه المفغورة لأسراب الغربان والجراد التي التهمت حتى الأعواد اليابسة لجنة كان اسمها أرض السواد.
لم يكن يخطر في بالنا يوماً,ولم يمر في أسوأ كوابيسنا أن من كان وطن من لا وطن له وأباً لكل يتامى العالم وملاذاً آمناً لكل خائف سوف يتشرد أبناؤه تحت عنوانين يهدران بدل نهريه: مهجر ومهاجر..وأن من فتح للعالم نور الحضارة واكتشف الحرف الأول ووضع القانون الأول سيضيع في عماء الجهل وظلام الضغينة والحقد..
قالوا سماء صافية والنسمات غافية
تهب مثل العافيــة فقلت هذا وطنـي
لم يعد ثمة سماء ولا نسمات ولا عافية..لم يتبق من الوطن ثمة شيء الا عويل الارامل وبكاء اليتامى ونواح الثكالى..لم يعد فيه الا قوافل المشردين التائهة في أرضه تبحث عن أحجار تلوذ بها وتسميها بيتاً كي يكون بامكانها أن تطلق على الأرض التي تعيش فوقها اسم الوطن,ذلك أن من لا يمتلك شبراً في أرض وطنه ليس له سماء يمكنه أن يلتحف بها ويعد نجومها ويرنو الى زرقتها الصافية ,ولا يمكن أن يتغنى بحب أرض ويموت في سبيلها ويعاني ألم التغرب عنها..
تضع الحكومة الخطط ويتحدث الاعلام عن المستقبل المشرق للوطن وأبنائه ووعد المرشحون الى الانتخابات التي سبقت وسيتحدث اللاحقون عن حل أزمة السكن وحق المواطن بسكن لائق..لكن لا شيء يلوح في الأفق قريبه وبعيده ,عاجله وآجله..لا نرى في الواقع الا القصور الفارهة للمسؤولين, وجيوبهم التي تزداد تخمة حتى تكاد تنفجر,والا المشاريع التي تقام على كل ارض باستثناء أرض الوطن..لا نرى الا البنوك التي تزداد أرصدتها غنى من أموالنا لتدخل في حساب السارقين والفاسدين.
تحت شعار (عام الحرب على الفساد المالي والاداري) تم القضاء على كل شيء الا الفاسدين والمرتشين والسارقين..حتى لم يعد من الكعكة شيء فات أفواه الجراد والغربان والذئاب العاوية,فلنبحث- أبناء وطني- في مكبات القمامة لعلنا نجد بعض فضلات موائدهم العامرة أو صفيحة فارغة نبني بها مدينة(التنك).

هامش
قد يفسر بعضهم المقال على أنه نوع من حنين الى ما سبق نيسان 2003 وقد يراه آخرون تشاؤماً بالآتي..لقد وقعنا بين ماض تسلطت فيه على رقابنا مجموعة من الجهلة والطغاة والقتلة والمأجورين, وبين حاضر ضاعت فيه السلطة بين أحزاب وكيانات لم تتفق بينها على ما ينفع الوطن وأبنائه ولم تأتلف الا على ستر عيوب بعضها بعضاً يوزعون ثروات البلد بينهم حصصاً كأنه ارث ينبغي عليهم ازالة شيوعه..أما المستقبل فليس الا لحالم شديد التفاؤل يرى فيه امكانية بقاء وطن يحتضن مواطنيه ويمنع عنهم الموت أو الجنون.



#سعد_تركي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكلمة الطيبة ليست اثماً
- طوبى للفاسدين فأنهم آمنون!!
- لولا لطف الله وعبقرية المسؤولين!!
- سعدون جابر وقنابله الصوتية!
- قريباً من دجى المنفى بعيداً عن حمى أهلي*
- الجواهري لم يعد الى وطنه يا درويش!
- أشكرك يا ربي..خلقتني زلمة!!
- المولدات الاهلية .. حمامات شعبية!!
- اليها..في الذكرى الثانية لرحيلها الأبدي
- شوكت ترجع؟
- ظنناك جواد الشكرجي..فاذا أنت أبو حقي!!
- قفاصة بلد الناس النزيهين!!
- زمن مضى..لكنه لا ينتهي*
- لست (مهند)..كما أنكِ لستِ (نور)!!


المزيد.....




- كاريس بشار لـCNN: العنصرية ضد السوريين في لبنان موجودة لدى ا ...
- رئيس بعثة الجامعة العربية بالأمم المتحدة: العمل جار لضمان حص ...
- الأمم المتحدة: نزوح أكثر من 50 ألف شخص بسبب المعارك شمال إثي ...
- بعد تقرير -اللجنة المستقلة-.. الأونروا توجه رسالة للمانحين
- مراجعة مستقلة: إسرائيل لم تقدم أدلة بشأن ادعاءاتها لموظفي ال ...
- منتقدة تقريرها... إسرائيل: الأونروا جزء من المشكلة لا الحل
- زاخاروفا: هناك نقطة مهمة غائبة عن الانتقادات الأمريكية لحالة ...
- البرلمان البريطاني يقر قانون ترحيل المهاجرين غير النظاميين إ ...
- لجنة مستقلة: الأونروا تعاني من -مشاكل تتصل بالحيادية- وإسرائ ...
- التقرير السنوي للخارجية الأمريكية يسجل -انتهاكات جدية- لحقوق ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سعد تركي - كعكة كان اسمها وطن!!