أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - نقولا الزهر - في العراق تراجع الهويات المذهبية أمام الهوية الوطنية















المزيد.....

في العراق تراجع الهويات المذهبية أمام الهوية الوطنية


نقولا الزهر

الحوار المتمدن-العدد: 2587 - 2009 / 3 / 16 - 08:40
المحور: ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
    


توحي نتائج الانتخابات العراقية الأخيرة بخطوةَ كبيرة إلى الأمام، باتجاه صون وحدة العراق وحمايته من مشاريع التقسيم إلى دويلات وإمارات. ونلمح في الأفق بداية انحسار الهويات المذهبية من المجال السياسي العراقي، وازدياد نفوذ القوى السياسية الداعية لدولة القانون والمواطنة.
-1-
فمنذ حوالي العامين، دعا المجلس الإسلامي الأعلى الذي يشكل طرفاً رئيساً في التحالف العراقي الحاكم، إلى تشكيل إقليم في جنوب العراق، وإقليم آخر مشابه في الوسط. فتصدَّت لهذه الدعوة آنذاك قوى سياسية من سائر الطيف السياسي العراقي، وطنية ديموقراطية وعلمانية، فصائل دينية من السنة والشيعة، وأوساط قريبة من المرجعية في النجف. فندت هذه القوى جميعها دوافع وخلفيات هذه المشاريع، السلطوية والنفطية. وحذرت من مآلاتها السياسية التي لا تعني في نهاية المطاف غير تصفية العراق كدولة وكيان. ونبهت إلى ما يترتب على هذه المشاريع من نتائج جيو سياسية خطيرة على المنطقة ككل، يمكن أن تفقدها توازنها بشكل كامل، وتحولها إلى ساحة صراعٍ إقليمي شامل ومدمر.
طبعاً في هذا السياق، علينا أن نتجنب كل التحليلات القومجية والطائفية التي تفترض أن الشيعة العراقيين الذين يشكلون أكثر من نصف عدد السكان، هم على أتم الاستعداد لأن يتحولوا إلى تابع إيراني لمجرد انتماء إيران إلى المذهب الشيعي، فمثل هذا التبسيط يعتبر تعسفاً فظاً يسيء إلى انتمائهم العربي، ويشوه مواقفهم الوطنية والقومية التاريخية منذ تأسيس العراق الحديث في 1920. ولذلك فقد هب عدد كبير من القادة الشيعة العراقيين، من فصائل سياسية مختلفة يناهضون بقوة قيام أقاليم في العراق على أساس ديني، وكان رئيس الوزراء الأمين العام لحزب الدعوة(نوري المالكي) على رأس هؤلاء.
وحتى الفصائل الكردية شعرت بخطورة مثل هذا الطرح الأقاليمي على أساس ديني في الجنوب، وتوجست من ما يترتب عليه من نتائج جيوسياسية خطرة على مستقبل الإقليم الكردي ذاته. فراحت هذه الفصائل تميل إلى الاعتدال والبراغماتية في خطابها السياسي، مظهرة قوة العلاقة الاستراتيجية والمستقبلية التي تربط بين الدولة العراقية والإقليم الكردي في الشمال. فاستوعبت هذه الفصائل مدى الخطورة التي يمكن أن تحيق بها من القوى الإقليمية إذا ما تفككت الدولة العراقية. وفي واقع الحال، لا نعتقد أن القادة الأكراد لا يرون مصالحهم السياسية في الأفق المنظور، أنها تكمن في بقائهم طرفاً فاعلأ في دولة عراقية موحدة، فليس من مصلحة إقليمهم أن يعيش حالة عزلة وحصار بين ايران وتركية في الشمال وكانتونات عراقية في الجنوب ذات ولاءات سياسية مختلفة.
وكذلك الحال بالنسبة إلى الأحزاب السياسية السنية، فلم تغرِها هذه الدعوة الأقاليمية لكونها تمنح رخصة تشكيل إقليم سني في الموصل والأنبار وديالى. فالسنة العراقيون منذ بداية الأزمة العراقية كانوا يناهضون مشروع الفيديرالية ويدافعون عن دولة عراقية متماسكة. وموقفهم في العمق ينطلق من الدفاع عن مصالحهم الاقتصادية والسياسية، لأنهم سيكونون أكبر الخاسرين من تشكيل الأقاليم والكانتونات، وهم يعون تماماً مدى التهميش الذي سيلحق بهم على كل المستويات، فيما إذا توزعت الثروات العراقية بين الإقليم الشيعي في الجنوب والإقليم الكردي في الشمال.
وكذلك تجربة السنين الأربعة الماضية من الصراع على الهويات )تحت الوطنية( في العراق؛ لم تتوقف عند الصراع السني- الشيعي، بل تشعب هذا الأخير إلى صراعات على هويات أصغر ضمن المذهب الواحد، شيعية- شيعية وسنية- سنية، ومن ثم إلى صراعات على السلطة ضمن الحزب الديني الواحد، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الاستياء من الأحزاب الدينية والمذهبية عموماً لدى فئات واسعة من الشعب العراقي وخاصة بين الفئات الحديثة من الطبقة الوسطى.
وانطلاقا من حساب المصالح ، نعتقد أن بقاء العراق موحداً هو لصالح كل المكونات العراقية، شيعة وسنة وأكراداً وتركماناً ومسيحيين ويزيديين وصابئة. ولربما هذه المصلحة المشتركة لعبت دوراً كبيراً في تغير موقف الشعب العراقي في الانتخابات الأخيرة.
وإذا رصدنا المشهد العراقي خلال العام الماضي، نرى أن مجمل الأحداث السياسية الداخلية، لم تصب نتائجها في صالح القوى المذهبية المتطرفة. ففي المناطق السنية انهزمت منظمة القاعدة وباقي المنظمات المتطرفة بعد قيام مجالس الصحوات وإعلان تحالفها مع القوى الأمنية العراقية. وكذلك الحال في الجنوب، فقد شن رئيس الوزراء نوري المالكي حملات عسكرية منظمة للقضاء على حكم الميليشيات في كل من البصرة والناصرية والعمارة ومدينة الصدر.
وهذا بمجمله أدى إلى حصاد سياسي متواضع للقوى الدينية المتزمتة في أواخر كانون الثاني الماضي. فقد فشلت هذه القوى في جمع عشرين ألف توقيع لكي تتقدم بطلب قانوني لتشكيل إقليم الجنوب في البصرة، ثم جاءت الانتخابات الأخيرة لتكشف عن انحسار نفوذها وشعبيتها.
إن تراجع هذه القوى كان انعكاساً مباشراً لتجربة سلطوية مذهبية قامت على تحكم الميليشيات، والتمييز ضد الآخر، ونهب المال العام، وسرقة النفط، والمحسوبيات والولاءات الحزبية والعائلية والشخصية. ولجأت هذه الميليشيات إلى فرض قواعد اجتماعية متزمتة في السلوك والمأكل والملبس والمشرب. وصار يعتدى على النساء، ومنعت الأنترنت، وفُصلَ بين الجنسين في الجامعات، وأحرقت محال المشروبات الروحية وأغلقت صالونات الحلاقة النسائية، وأجبر السكان بالقوة على ممارسات حياتية أخرى ماضوية ومتخلفة.
انطلاقاً من هذه اللوحة الخلفية، التي أثارت نقمة شرائح واسعة من الشعب في الجنوب، حصد رئيس الوزراء نوري المالكي شعبيته ونفوذه في الانتخابات الأخيرة. وكان الكاسب الأكبر فيها قائمته (ائتلاف دولة القانون)، بينما تراجع مرشحو المجلس الإسلامي الأعلى وحزب الفضيلة. وبعض الأحزاب الإسلامية الشيعية خسرت حوالي 90% من مقاعدها التي حصلت عليها في انتخابات مجالس المحافظات في عام 2005 بسبب سوء أدائها وفسادها في الإدارة المحلية.. ولم ينجو التيار الصدري من هذا الانحسار الواضح.

-2-
لقد أفرزت العملية الانتخابية عناصر جديدة إلى الساحة السياسية العراقية، فعادت بعض القوى والعائلات العشائرية التي راحت تشكل منافساً قوياً للأحزاب المذهبية وهذا ما لوحظ بقوة في مدينة الأنبار الذي كان التنافس فيها على أشده بين الحزب الإسلامي وهيئة علماء المسلمين ومجالس الصحوات، وكذلك رأينا هذا الفرز في بعض المناطق الشيعية كظاهرة (محمد هادي الحَبُّوبي) في كربلاء الذي تفوق على الشيرازيين والصدريين والمجلس الأعلى الإسلامي.
في كل الأحوال، فقد أعادت الانتخابات الأخيرة شيئاً من التوازن للعملية السياسية في العراق، وترافقت هذه العودة مع تناقص حدة الصراع السني- الشيعي. ونلمح في الأفق العراقي ازدياد نفوذ الخطاب السياسي الذي يدعو لتأسيس الدولة المدنية القائمة على الحق والقانون والمواطنة، الذي سيسهم بشكل رئيس في خروج الصراع المذهبي من المجال السياسي ليستقر بشكل اختلاف تعددي سلمي مشروع في مجال حرية العقائد والطقوس.. ولقد حصل هذا الخطاب على دعم عملي ملموس من المرجعية الشيعية في النجف، حين لم تدخل طرفاً في معركة الانتخابات الأخيرة، كظهير مساند لهذا الحزب الديني أو ذاك. وفي الواقع هذا السلوك يتوافق مع موقف السيد السيستاني من نظرية الحكم وشكل الدولة، وهو يرى ضمن هذا السياق أن "ولاية الفقيه غير واردة". وهذا الموقف بحد ذاته يشكل خطوةٍ مرموقة على طريق توطيد الدولة المدنية في عالمنا العربي.
إن العراق يمر الآن، بمرحلة انتقالية معقدة ومحط أطماع دولية وإقليمية، ولكنه في الواقع تبين أنه لقمة من الصعب التهامها، وتجربة احتلاله لم تكن نزهة على الأميركيين. ولقد أعلن الرئيس الأميركي أوباما رسمياً قرار سحب القوات الأميركية في صيف 2010 . إن تقدم العراق وبقاؤه ككيان له وزنه في المنطقة لا يضمنه، غير توحده بكل مكوناته، وتغليب الوطني على المذهبي، وتأسيس الدولة المدنية الديموقراطية.



#نقولا_الزهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول الخصوصية والحامل الاجتماعي في الديموقراطية
- ليس انتصاراً!! لكنه احتجاج فردي مكثف بتعبيراته ورمزيته؟؟
- مبروكة للحوار المتمدن سبعه الملاح
- مشهد عولمي من قبل الميلاد
- مقاربة فكرية حول الأزمة الاقتصادية العالمية
- روسيا بين أن تدافع عن وجودها....وألا تنزلق إلى حرب باردة
- بقايا صور من الحياة اليومية/المكان
- العلمانية والديموقراطية والمجتمع المدني بين فكي التسلط والتط ...
- مشاهد متقطعة من الطفولة المبكرة
- فيروز والرحبانيون
- طيور سورية جديدة تحفر أعشاشها في جدار الخوف
- ما كل ما قبل الثورة جاهلية
- تلميذ يعيد الاعتبار لأستاذه
- هل يأتي المخرج من الشعب الفلسطيني
- الحوار اللبناني يمشي على الحبال الدولية والإقليمية
- اضطرام الجغرافية السياسية في الشرق الأوسط
- من الدولة الدينية إلى الدولة القومية إلى دولة المواطنة
- التضليل السلطوي حول خطر الإسلام السياسي
- الانسحاب من غزة بين الامتحان الفلسطيني والتجربة الإسرائيلية
- أعمدة بلاسقف ولا جدران هل يستمر لبنان؟


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - نقولا الزهر - في العراق تراجع الهويات المذهبية أمام الهوية الوطنية