|
من اهم مهامات اليسار في المرحلة الراهنة، الواقعية و الاعتدال في العمل
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2586 - 2009 / 3 / 15 - 08:57
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
مرٌ الشرق الاوسط خلال تاريخه بتقلبات و تغييرات متلاحقة و عديدة ، و من كافة النواحي السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية ، و لازال تراكمات كل مرحلة و ظروف الحياة السياسية الاجتماعية المعقدة مترسبة في كيان و عقلية و تفكير شعوب المنطقة المختلفة عن بعضها ، و لم يمر اي شعب بتسلسل التطورات الطبيعية لتقدم المجتمع وفق كافة النظريات العلمية الاجتماعية و الانسانية في هذه المنطقة بالذات ، و لذلك نلمس اختلافا شديدا في الوضع العام لشعوبها . اي كل شعب من شعوب هذه البقعة يمكن ان يتصف بمجموعة من المميزات او الصفات ، من السهل تفريقها او عزلها عما يتصف به الاخر، من كافة الجوانب الثقافية او الاجتماعية ومن حيث مستوى الوعيالعام ، و العادات و التقاليد و اهتمامات و المام اية مجموعة، وما تحملها من العقليات و الطبيعة الاخلاقية بما يجب ان تسيٌر امورهم في الحياة العامة ، و هذا غير موجود بنفس الدرجة في اية منطقة في العالم . و استنادا على ما تتضمن المنطقة من الكيانات المتنوعة و مؤثرات التاريخ المتعددة الاوجه ، نتمكن من تقييم الواقع في المرحلة الراهنة و ما ورثته الشعوب من الافكار والمعتقدات و ما فرضته الضرورة الموضوعية لالتزامها بجواهر الافكار و الفلسفات العديدة التي فرضت عليها قسرا او بمرور الزمن عبر تاريخه الغابر، و هي منبع المعتقدات و الحضارات المتعددة المختلفة عن بعضها و المتاثرة ببعضها في نفس الوقت ، و كما خلفت الازمات و الحروب من الاثار الواضحة على كافة مظاهر الحياة و في ثنايا معيشة هذه الشعوب . و بما ان تطور العلوم الحديثة لم تبدا او تنبثق رغم ما استفادته الغرب من الحضارات العريقة و العلوم المنتشرة قديما في هذه المنطقة ، و ما اتصف بها من التقدم من كافة الاتجاهات في تلك المراحل نسبة الى المستوى العلمي و التقدم الثقافي فيالعالم في تلك المراحل ، الا ان تطور العلوم الطبيعية بشكل خاص و الانسانية بشكل عام انطلقت من الغرب حديثا ، و هذا ما اثر بشكل ايجابي على تجديد المنطق الفلسفي و النظرة الى الحياة و الواقع و التاريخ بشكل حداثوي هناك ، و انتقلت تاثيراتها الايجابية بالتدريج الى هذه المنطقة ، لذلك لابد ان نعترف بان العمل على تحقيق الاهداف و المهامات الانسانية بشكل عام صعب جدا هنا ، قبل الاستفادة مما توصلت اليه الحضارة الغربية ، و بالاخص الافكار و النظريات و الفلسفات التفدمية الجديدة . و كما هو المضمون و الجوهر الحقيقي لاية فلسفة و هي قابلة التفسير و التطبيق باشكال مختلفة استنادا على الواقع و المستلزمات ، فانها تتطلب الارضية المناسبة و في ظل توفير البنى التحتية و الفوقية الملائمة اللازمة لتطبيقها ، فان اية فكرة او عقيدة و كما يدلنا المنطق الديالكتيكي و التاريخي يجب ان لا تكون مجردة او صورية بل من الواجب ان تكون منطقية و اساس عام لتحريك الشعب بما يتفبله وفق عقليته و مستواه ، وهذا ما يمكن تطبيقها في كافة الميادين و يجب ان لا تكون محصورة في المجال النظري فقط ، و هذا ما يدخل في ثنايا الصراعات و كيفية تقبلها للمستجدات الفكرية الفلسفية . بعد قراءة ما هو عليه الشرق الاوسط من الظروف السياسية و الفكرية والثقافية و الاجتماعية و الجغرافية ، لابد ان يكون اي فكر مراد التطبيق واقعيا اكثر من اي شرط اخر . اذن مهامات اليسار عديدة و متنوعة ، و في مقدمتها العمل على توفير الارضية المناسبة لتثبيت الاركان العامة لها ، و هذا يتطلب الجهد الجهيد و عقليات و اليات و امكانيات لا حصر لها ، و عندئذ يجب التفكير في كيفية توفير تلك المستلزمات و الوقت اللازم له . الواقع في الشرق الاوسط يفرض علينا جميعا ان ننطلق من نفس الزاوية التي تؤمن لنا النجاح في تطبيق مفهوم اليسار دون اعاقة تذكر و بتخطيط علمي دقيق . ان المتربصين يستغلون انخفاض المستوى الثقافي و الوعي و العقليات الغيبية لضرب اليسار من العمق ، و لذلك لابد من اتباع تكتيكات مناسبة ومبرمجة وفق هذه الصفات و تكون لخدمة الاستراتيجية العامة ، و يجب تغيير الية العمل و كيفية تطبيقها من موقع لاخر و من وقت لاخر ، لعبور المرحلة و الانتقال الى وضع يفرض العمل على تقوية المواقع ، و كل تلك المهامات تحتاج الى عقليات معتدلة و واضحة و واقعية من اجل تجاوز ردود الفعل غير المتوقعة او افرازات غير محسوبة . و اذا صح التعبير يمكن ان نقول ان المرحلة الراهنة و في هذه المنطقة يمكن ان نميزها بالفوضى في تاثيراتها المتبادلة على الافكار و النظريات و ترسيخ المفاهيم و التناقضات التامة بين جوهر و اهداف و مظاهر العديد من الاعتقادات المراد تطبيقها في الواقع الشرق الاوسطي ، و لذلك يمكننا ان نقول ان اليسارية تحتاج الى جهود و اعمال مضنية وارادة صلبة و فعالة ، لانها الفلسفة التي تحتاج الى وسط تقدمي و واقع يتقبل التغييرات دون رد فعل معين . و يمكن ان يحصل الوعي العام تدريجيا لتعامل الشعب مع المستجدات ، وهذا ايضا من مهامات اليسار و عملها على كيفية التاثير على افراد الشعب و قبول التغيير من خلال التعليم و التربية و العمل الطليعي دون تقليد ، من اجل نشر المعرفة الضرورية في كافة المجالات . اذن اهم مهاماتالضرورية لهذه المرحلة هي توفير الشروط الضرورية اللازمة و العمل على تحويل النظريات الى فكر منظم و فعل و عمل واقعي في الحياة السياسية الاجتماعية من اجل بزوغ بدايات عصر جديد بشكل سلس و من دون استغلال اية فئة او طبقة ، وبذل الجهد قدر الامكان من اجل عدم بروز التناقضات و اتباع الاساليب و الطرق السهلة الممكنة التطبيق لمثل هذه الشعوب و بهذه المواصفات .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مابين الليبرالية و اليسارية و الديموقراطية
-
المجتمع بحاجة الى المؤسسات و العقليات الثقافية التقدمية اكثر
...
-
اصرار البرلمان الكوردستاني على القائمة المغلقة للانتخابات ال
...
-
ما النظام السياسي و الحضارة التي تنصف المراة و تضمن حقوقها ؟
-
تمسك المراة بالروحانيات عادة مكتسبة
-
الشفافية تزيل الشكوك و الخوف من مجريات العملية السياسية الرا
...
-
العراق بحاجة ماسة الى اعادة التاهيل السياسي و الثقافي
-
اهمية ادارة التغيير و كيفية قطف ثمار الصراعات و الاختلافات
-
لماذا اختيار هذا الوقت لكشف تورط النواب العراقيين في الجرائم
...
-
اليسارية بين العقل والحرية
-
ماذا يحل بالمنطقة بعد نضوب النفط فيها ؟
-
هل ستنتظر امريكا نتائج انتخابات الرئاسة الايرانية لتتحذ الخط
...
-
على هامش اعلان نتائج انتخابات مجالس المحافظات في العراق
-
عوامل اخفاق اليسار في انتخابات مجالس المحافظات
-
سيطرة اليمين في اسرائيل و تاثيراتها على علاقاتها في المنطقة
-
التراجع في تطبيق ديموقراطية اقليم كوردستان
-
ترسيخ الفلسفة و النهج التربوي التقدمي اولى مهامات الدولة الح
...
-
اهمية الاصلاح داخل الاحزاب و تاثيراته على الوضع العام في الع
...
-
هل سيشهد اقليم كوردستان فوضا خلاقة و تغييرا جذريا
-
النهضة بحاجة الى العقلية التقدمية المنفتحة
المزيد.....
-
نيويورك.. الناجون من حصار لينينغراد يدينون توجه واشنطن لإحيا
...
-
محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
-
التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة
...
-
غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
-
الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار
...
-
يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024
...
-
مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب
...
-
فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم
...
-
بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع
...
-
صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
المزيد.....
-
مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا
...
/ جيلاني الهمامي
-
كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع
...
/ شادي الشماوي
-
حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين
/ مالك ابوعليا
-
بيان الأممية الشيوعية الثورية
/ التيار الماركسي الأممي
-
بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا)
/ مرتضى العبيدي
-
من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا
...
/ غازي الصوراني
-
لينين، الشيوعية وتحرر النساء
/ ماري فريدريكسن
-
تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية
/ تشي-تشي شي
-
مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|