أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عارف علي العمري - رحلة في عاصمة الروح















المزيد.....

رحلة في عاصمة الروح


عارف علي العمري

الحوار المتمدن-العدد: 2586 - 2009 / 3 / 15 - 01:20
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


صنعاء عاصمة الروح,او حاضرة اليمن, أو عاصمة بلاد السعيدة, سموها كيفما شئتم, صنعاء التي تشرفت بمؤتمر الاستثمار أخيرًا هي رائدة المقال, وسيدة الموقف, وهي من اقصدها في مقالي هذا دون غيرها , وإياك اعني واسمعي يا جاره, أبى قلمي إلا أن يتحدث عنها لتملي عليه العين ما رأته, والإذن ما سمعته .




كنت احلم وأنا لم أزال صبيا يافعا يترعرع في سفوح محافظة البيضاء, أن أرى صنعاء وان أعيش في رباها, كانت صنعاء لي كل أمنياتي, وكان الشوق يلتهب في صدري كلما ذكرت لي تلك المدينة, مهبط أفئدة وزراء اليمن وشعرائها وثوارها, وكانت دائما ما تشدني كلمات الشاعر أبو بكر المحضار والحان فنان العرب محمد عبده ( أحب صنعاء ) .




وعند الحديث عن صنعاء أتخيل مبانيها الشاهقة ناطحات السحاب, أتخيل شوارعها ذات الأنوار الذهبية التي تنبعث من رؤوس الأعمدة الكهربائية, أتخيل أن هناك حظاً سعيداً وافق سكان صنعاء ليكون هم سكان صنعاء, كنت في صباي أرى في عيني الصغيرتين صنعاء غير ما يراها الآخرون .



وعندما حالفني الحظ الاسواء والقدر المحتوم, رأيت صنعاء وعشت فيها دهرا ولم يعد فيها ما كنت احلم به .



• رأيت صنعاء وهي تضم بين مبانيها وحاراتها عشرات الفقراء الذين لا يعرف بهم احد, ولم تصلهم حالات الظمان الاجتماعي, وجبه الإفطار هي الوجبة التي تتناولها العائلة طوال ذلك اليوم.



• رأيت أزال اليمن وفي جولاتها عشرات الباعة المتجولون, الذين يحملون شهادات البكالوريوس من كافة التخصصات, بعد أن أصبحت الوزارات المعنية لا تستوعب إلا أولئك الذين يملكون شيكات بنكية دون غيرهم, من الكفاءات التي لا تجد ما تسد به رمقها, فضلا عن امتلاكها لقيمة مواصلات من باب اليمن إلى حي شميلة, وأصبحت الجولات هي ملاذهم الأخير لينتحروا على أرصفتها, وتذهب سنين الدراسة الجامعية أدراج الرياح, ليفضلوا البقاء على رصيف الفقر في انتظار المستقبل المجهول الذي لا يرحم أحداً, في بلد لا يحمي أحداً .



• رأيت عاصمة بلاد الإيمان وهي تفرش تربتها الواسعة, لترتوي أشجارها وحدائقها وحتى مجاريها, بدماء الأبرياء الذين تغتالهم رصاصات العنجهية والغدر, بين الفينة والأخرى, وهم صامتون لأنهم يؤمنون بالمثل الشعبي الذي يقول ( يد ما تستطيع كسرها حبها ), رايتها وقد تحولت إلى غابة يتعلم فيها وحوش البشرية, فن الافتراس, ليصطادوا ضعيف لا تحميه قبيلة ولا يؤويه حزب, ولا يدافع عنه مال, ولا ترحمه دولة, ولا يحميه نظام أو قانون, ولا يجيره احد, ليصادروا ممتلكاته وحتى حقوقه في الحياة .



• رأيت حاضرة بلاد السعيدة وهي ترتدي حلة الحزن, وهي تبكي أسرة كان لها أمل أن تعيش في منزل متواضع يسترها من افتراش الشوارع, لكن لم تكتمل أمنيات تلك الأسرة البسيطة بل تبخرت الأمنيات كما يتبخر ماء البحر في أيام الصيف القائض, حينما هاجمت ذلك البيت اسماك القرش الحكومية التي تحمل النجم المحرقة فوق كتفيها .





• رأيت أم اليمن لم تعد أم اليمن الحنون, التي تحن لفراق أبنائها, وتتوجع لتوجعهم , بل أصبحت مثل ذات الثديات التي تأكل أبنائها, وتصادر حقهم الإلهي المشروع لهم في العيش بحياة كريمة, وأصبحت أشبه ما تكون ببحر تأكل فيه الأسماك الكبيرة الأسماك الصغيرة, التي لا تجد ملاذا للهروب من مصيدة الصياد, أو مأمناً من افتراس الأسماك ذات العيار الثقيل الوزن, القوي البنية الواسع البطن .





• رأيت صنعاء وهي تمد ترابها لشيخ في السبعينات من عمره, لينام على ذلك التراب المختلط بالحصى, ليلفح البرد القارس جسده الضعيف, في لحظة فقدت فيها الجهات المعنية كل معاني الإنسانية, ليشتهر معها فقراء الطبقة الفقيرة بمجانين الشوارع في المصطلح اليمني.





• رأيت في عاصمة بلاد الحكمة ــ ولا حكمة ــ أنماطاً تجسد فيها جاهلية ما قبل الإسلام في أبهى صورها, فالضعيف تصادر ممتلكاته, والقوي يبسط نفوذه والقبيلة هي الحاضرة في عالم الافتراس داخل غابة الموت, في ارض اليمن, وداحس والغبراء تتجدد كل يوم, مع تجدد كل مسئول في منصب حكومي رفيع.





• هناك تحت قباب المآذن الشامخة, تتصبب الوجوه عرقاً, ويذوب القلب كمداً, وهو يرى عشرات المتسؤلين الذين يقطعون تسليم الإمام بأوراق المستشفيات, وعرض أوراق المحاكم ضدهم, وإذلال الزمن لهم, وانعدام العمل في شتى الجهات التي يولوا وجوههم نحوها, وإغلاق كل أبواب الرزق في وجوههم, ناهيك عن المغرمين الذين أضاعت الدولة حقهم المشروع في إعطائهم نصيبهم من الزكاة, لتتحول إلى إيداعات في حساب من يتولون جبايتها دون غيرهم, متناسيين قول المولى جل وعلا (( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم)) .





• وعلى امتداد عاصمة الروح رأيت مخبرين يحيطون بي وبكل شريف في كل مكان, ومن كل زاوية, فهم معك في الباص, في التاكسي في المطعم, في المتجر في الجامعة ,في ثنايا تحركاتك, في جوارك وأنت واقف بين يدي ربك, في أجهزة هاتفك يتنصتون عليك, ويسجلون أنفاسك ويحصون عليك كل شيء, ليتحول كل شيء في نظرك إلى مخبرين وجواسيس, حتى أولئك المجانين نحسبهم مخبرين وتابعين لأجهزة الدولة, التي اختلطت مهمتها وتشابكت, فمن امن سياسي إلى امن قومي , إلى استخبارات عسكرية, إلى مكافحة الإرهاب, حتى أصبح أفراد تلك الأجهزة وحدها قادرين على تشكيل دولة لو أرادوا ذلك .





• رأيت في حرم جامعتها الأبية ( جامعة صنعاء ), انتهاك يطال أسوارها, ويتعداه إلى قاعاتها, طلاب يوقفون عن دراستهم لأنهم تفوهوا بحرية الديمقراطية, وآخرين تم اقتيادهم إلى دهاليز الأمن السياسي المظلمة كما تقاد الذبيحة إلى مسلخ الموت, ليخرجوا دون تهمة, بنصيحة سياسية توصيهم بتجنب السياسة .





• رأيت ... ورأيت ... ورأيت ... ولكن ليس من راء كمن سمع, وكما قال شاعرنا المتنبي خذ ما رأيت ودع شيئا سمعت به .




#عارف_علي_العمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صنعاء وواشنطن افاق جديدة لحرب باردة
- المنح الداخلية والخارجية ازمة يعيشها طلاب اليمن
- الصحافة في اليمن
- من حكم العسكر الديكتاتوري إلى قبضة الإسلاميون الحديدية الصوم ...
- البساط السحري المصري وطريق الضياع
- قراءة في سياسة اردوغان والدور الصاعد لتركيا
- غزة بين صمت الرياض ورصاص تل ابيت
- غزة بين مطرقة الصهاينة ومطرقة العملاء
- حتى لا تغرق السفينه
- الجيش وعربة الحصان
- دردشه مع اصوات ناعمه
- العهد في ميزان الشريعة الاسلامية
- الزواج الكاثوليكي بين الفساد والحكومة اليمنية
- احتراف الفساد في وزارة التربيةاليمنية
- هل تستطيع الحكومة اليمنية مكافحة الفساد
- شيخ مشائخ اليمن وعملاق ثورة سبتمبر
- قيادات الاصلاح التاريخية هل تصبح كروت سياسية في يد صالح
- اسرار الانتهاكات الانسانية في اليمن
- صعدة مصير مجهول وتساؤلات يكتنفها الغموض


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عارف علي العمري - رحلة في عاصمة الروح