أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - الإنتاج المسرحي بين التنمية والأمراض الثقافية















المزيد.....



الإنتاج المسرحي بين التنمية والأمراض الثقافية


أبو الحسن سلام

الحوار المتمدن-العدد: 2580 - 2009 / 3 / 9 - 07:20
المحور: الادب والفن
    



من بداهة القول أنه لا تنمية بدون الإنسان ، لأن الأساٍٍس في عملية التنمية هو النهوض بالإنسان والأوطان عبر تفاعلية جدلية لا تنفصم عراها. ولقد عرفت مصرطريق التنمية مع حركة يوليو 52 شأنها شأن دول العالم الثالث الحديثة التحرر، إذ وضع النظام المصري في الستينيات من القرن العشرين خطة خمسية تستهدف التنمية الشاملة في كل مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وذلك وفق منظومة فكر سياسي ، تحت شعار التطبيق العربي للاشتراكية؛ وسارت فيها شوطا بعيدا بدءا بتأميم وسائل الإنتاج وانتهاء بها - بوساطة إدارتها من خلال أهل الثقة - إلاّ أن عوائق داخلية و خارجية أوقفت عجلة التنمية منها ما تمثل في بيروقراطية الادارة والتكدس الوظيفي وعشوائية مخططات قبول أعداد كبيرة من الطلاب الجامعيين في تخصصات علمية لا تحتاج إليها جهات الانتاج , فضلا عما جري من حروب مع الدولة الصهيونية وتكتلات جهود استعمارية أجهضت مشروع التنمية الوطنية إلي جانب فلسفة التوجه السياسي نحو تحقيق فكرة القومية العربية التي جّيشت الجيوش وأقامت المؤتمرات والمعاهدات مابين الوحدة مع سوريا تحت اسم ( الجمهورية العربية المتحدة ) وتوابع انفصالها ، فضلا عن بدر الميزانيات في المساعدات لبعض الدول العربية والإفريقية واليمن علي التحرر أو تغيير نظام الحكم ، بما يتوافق مع شعارات أطروحة القومية العربية من ناحية ، ولأطروحة التطبيق العربي للاشتراكية من ناحية ثانية. وهكذا شتتت جهود النظام المصري الناصري وجهود شباب مصر المؤمن بمبادئ النظام مابين مساندات لثورة الجزائر والثورة الفلسطينية ودعم لحركة بعض الضباط المنقلبين على نظام القرون الوسطي ، والإمام أحمد وولده البدر في اليمن وثورات التحرر في مسقط واليمن الجنوبية والصومال وإثيوبيا وفي بعض الدول الإفريقية الأخرى كغانا وغينيا . وذلك فضلا عن المشاركة في تأسيس حركة عدم الانحياز والحياد السلمي.
ولما كانت الثقافة بوجه عام أحد الأركان الأساسية في عملية التنمية وخططها ، جنبا إلي جنب مع عملية التنمية الاقتصادية ، باعتبار الثقافة هي الأساس الذي يبنى عليه الكيان المعرفي الذي يتيح للإنسا ( المواطن) القدرة علي التعبير عن رأيه فيما يتعلق بمصيره وبعلاقاته مع الآخرين ، وفيما يتعلق بوطنه وبعلاقاته مع دول العالم شرقا وغربا ، ودور تلك التفاعلات الخاصة والعامة في التأثير والتأثر بتوجهات الدولة نحو تحقيق خططها التنموية . ولا شك أن المسرح كان وما يزال من أهم العوامل الثقافية في رفع كفاءة الإنسان العامل وحفز طاقاته بما يحقق النجاح لي مخطط تنموي . لذلك رأينا للمسرح دورا نهضويا ، مع غزارة إنتاج فني ، وتأسيس منهجي عن طريق سلسلة من المعاهد الفنية في المسرح والسينما والموسيقي والغناء والنقد الفني والباليه ، لرفد حركة الإنتاج الفني في مصر وفي البلدان العربية بالطاقات الفنية الشابة المؤهلة تأهيلا فنيا علميا ، كما رأينا تطوير فكرة الجامعة الشعبية إلي الثقافة الجماهيرية ، التي أصبحت الآن (الهيئة العامة لقصور الثقافة) ، إلي جانب مؤسسة المسرح والسينما والفنون الشعبية التي تحولت إلي بيوت فنية منفصلة في إدارتها وميزانياتها وأهدافها وحركتها الإنتاجية. هذا إلي جانب إدارة توثيق المسرح المصري التي تحولت إلي المركز القومي للمسرح والموسيقي والفنون الشعبية .. فضلا عن المتاحف والمطبوعات وحركة الترجمة التي أتاحت للمواطن المصري إمكانية التثقف والتأهيل المعرفي النظري عبر سلاسل أدبية وفنية وعلمية تصدر عن دور النشر المؤممة ( دار المعارف – المؤسسة المصرية العامة للترجمة والنشر) وكلها مؤسسات ومعاهد ودورعروض مسرحية وسينمائية تابعة لوزارة الثقافة ، التي كانت تعرف عند نشأتها بعد حركة 25 بوزارة الثقافة والإرشاد القومي . كما أرسلت البعثات الفنية والعلمية إلي عدد من البلاد الأوربية والإتحاد السوفيتي لتدريب مخرجي المسرح ومخرجي السينما وخريجي الكونسرفتوار والمعهد العالي للموسيقي والمعهد العالي للباليه وتأهيلهم فنيا وأكاديميا. فضلا عن التعاقد مع عدد من خبراء الفن في كل تلك التخصصات لتعليم الطلاب وتدريبهم في أكاديمية الفنون المصرية بالقاهرة. كما اعتمدت وزارة الثقافة أيضا علي التبادل الثقافي والفني للفرق الفنية في تلك التخصصات ، واعتمدت سياسة التواصل الثقافي والفني عن طريق إقامة مهرجان السينما ومهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي ومهرجان الفنون الشعبية الدولي ومهرجان الأغنية لدول البحر المتوسط وبينالي الإسكندربة الدولي وبينالي القاهرة الدولي، ومهرجان القراءة للجميع ،. وإضافة إلي ما تقدم كان لنعرض القاهرة الدولي للكتاب ، الذي بلغت دوراته منذ إنشائه أربعين دورة وأربع ، فضلا عن الدور الذي يلعبه الآن المجلس الأعلى للثقافة والمركز القومي للترجمة .
وتشكل كل تلك المنابع الثقافية والفنية مصادر دعم أساسي للفكر الإبداعي في الآداب والفنون ، كما تشكل دعما كبيرا ورئيسيا لعمليات الإنتاج المسرحي والسينمائي ، فحيثما يتسلح المنتجون بالثقافة الأدبية والفنية والثقافة النقدية بعامة ، والمسرحية بخاصة ؛ تدعم اختياراتهم للنصوص وللمخرجين ولدور العرض الملائمة لكل منها ، وللتوقيتات المناسبة لكل عرض مسرحي ، وبناء على ذلك يضع الميزانية المناسبة للعرض وفق بنود الصرف المتغيرة التي تتضمن ( الأجور والخامات والتصنيع والمستلزمات الجاهزة التصنيع والرسوم والنقل والمطبوعات والحملة الدعائية والإعلانية والحملة التسويقية) إلي جانب بنود الصرف الثابتة ( إيجارات : دار العرض و قاعة التدريبات إذا لم تكن ملكا للفرقة المنتجة – الكهرباء – الماء – النظافة – مخازن الملابس ومخازن المناظر والملحقات ) ذلك أن إلمام المنتج لجميع التفاصيل الخاصة بعملية الإنتاج ، أقلها شانا وأكثرها شأنا ، كفيلة بنجاحه في إدارة اقتصاديات الإنتاج ، فضلا عن ضرورة متابعته لكل كبيرة وصغيرة ، مع مراجعاته الفجائية والمتكررة لأداء معاونيه ومساعدي المنتج المنفذ ( الميداني ) وإدارة الحملة الدعائية والإعلانية ومراحل التسويق - وما تنتهي إليه أولا بأول – ضمانا لسير العمل إداريا واقتصاديا ولتحقيق رؤية المخرج الذي ائتمنه علي اسمه وعلى سمعة الفرقة المسرحية وسمعته في سوق الفن وعلى ماله ، وحرصا علي التوقيتات التي تحددت بالاتفاق مع مخرج العرض لإنجاز كل مرحلة من مراحل الإنتاج تتويجا بليلة العرض التجريبي السابق علي ليلة الافتتاح المحددة
وهنا لا مندوحة عن الوقوف عند الدور المنوط بفلسفة الإدارة بتفرعاتها المتخصصة مابين إدارة شؤون الفرقة إداريا وماليا وعلاقاتيا وإنتاجيا، وإدارتها الفنية ؛ باعتبار الإدارة المصدر الأساسي لنجاح عمليات الإنتاج ، وبناء سمعة المؤسسة المنتجة ( الفرقة المسرحية ) أو البيت الفني .
** دور الإدارة في تفعيل علاقات الإنتاج المسرحي :
الإدارة منظومة أفراد من صفوة التخصصات القادرة علي التخطيط وترسيم سياسة الفرقة المسرحية ، وتنظيم أوضاع العاملين فيها ( مبدعين - إداريين – فنيين – ماليين – عمال ) كل في مجال تخصصه ، في الحدود التي ترسمها الخطة الموسمية للإنتاج . وتقوم فلسفة الإدارة على إنجاز الأعمال عن طريق الآخرين ، مع الإسهام في تحقيق تلك الإنجازات عن طريق الفهم المتبادل بين القيادة والقائمين علي إنجاز المنتج ، الذي لن يتحقق إلاّ بإتباع آراء خبراء الإدارة وعلمائها - علي تنوع اختصاصاتهم ؛ مابين علوم سلوكية ونفسية ، وعلوم اجتماعية، وعلم الأجناس، وعلم الإحصاء وعلم الدعاية وعلم التسويق، وغيرها من العلوم الخاصة بدراسة سيكولوجية الجمهور وسيكولوجية السوق ، تلك التي تكشف عن سلوك البيع والشراء وحالات الرواج وحالات الكساد وتكشف قبل ذلك عن تنوع التصرفات الفردية والجماعية في المجتمع في التوقيت المقترن بإنتاج عرض مسرحي ما ، وبذلك تتوفر للإدارة الناجحة دراسة واقعية لسيكولوجية السوق ، بما يساعد على إيجاد مناخ يتوافر فيه الفهم المشترك والمتبادل بين إرادة الإنتاج وإرادة الجمهور ، تواصلا مع حاجاته بالطريقة التي لا تخل بشروط فن مسرحي على درجة عالية ومقبولة من طرفي معادلة العرض المسرحي ( الإرسال – الاستقبال ). ومما تقدم نلاحظ أن الإدارة هي فن قيادة عمل ما بكفاءة ومهارة تدرك كيفية التعامل مع الواقع.
** دور القيادة في العمل الإداري :
يبدأ دور القيادة باستعداد شخص ما ترتضيه جماعة من الجماعات لتولي المسؤولية في تصريف شؤونها أو مساعدتها على الخروج من إحدى الأزمات التي تمر بها تلك الجماعة سواء في حالة السلم أو في حالة الحرب . وهي تتدرج من الأسرة الصغيرة إلى المؤسسة ، فالدولة إلى العلاقات الدولية . ففي الأسرة يظهر دور القيادة ، حيث يكون الأب مسؤولا عن قيادة أسرته الصغيرة ، وتدبير أمور معيشتها ، وهو بمثابة المنظم لشؤون حياتها اليومية من الناحية الاقتصادية ومن الناحية الاجتماعية ومن الناحية التربوية . يقول د. سليمان الطماوى " منذ أن عاش الإنسان في جماعة ، يبحث عن المثل الأعلى لنظام الحكم الذي يحقق خير الجماعة " ويضيف: " إن النظام الأمثل للحكم يتغير بحسب ظروف الزمان والمكان والشعب الذي يوضع له " ( النظام النيابي في مصر ، القاهرة ، المجلس الأعلى للثقافة 1990 ص8) والقيادة متدرجة ، فهي وإن بدأت من الأسرة فإنها تتدرج لتصل إلى مجتمع المدرسة متمثلا في المدرس ثم ناظر المدرسة ُن إدارة التعليم بالمنطقة وصولا إلى وزير التعليم ، الذي يعد أعلي قيادة في وزارته . وهنا يتضح معنى الحديث النبوي :" كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " - تعبيرا عن معنى القيادة في المجتمع الإسلامي وفق البيئة الرعوية ، إي في ظل الاقتصاد الريعي القائم على الفيء والتجارة -
والقيادة التزام ، حيث الفرد القائم على قيادة الجماعة أيا ما يكون عددها أو نوعها ( الأسرة – المؤسسة التعليمية – المؤسسة الإنتاجية – المؤسسة العسكرية – المؤسسة الأمنية – المؤسسة النقابية – المؤسسة الرئاسية ... ) تلزم كلا منها نفسها بقوانين ولوائح ضابطة لأداء المنتسبين إليها. كما يعمل الدستور على تنظيم العلاقة بين الحاكم والمؤسسات التنفيذية والشعب ، وترد أمر الخلاف الذي ينشأ بينه إلىالقضاء الدستوري والقضاء الإداري العالى . وقد عرفت مصر الدستور لأول مرة عام 1923 في عصر الملك فؤاد" ( سليمان الطماوي ، نفسه ص21) . وتختلف القيادة وفقا لاختلاف نظم الحكم ، فنظام الحكم في القبيلة يقوم اقتصاديا على الاقتصاد الريعى ( نظام تدوير رأس المال : فيء الأرض ) وهو يتأسس سياسيا على شيخ القبيلة / حكيمها ، فهو المسؤول الأول والأخير عن كل أفراد القبيلة أو كل أفراد الإقطاعية إذا كانت الدولة إقطاعية ، وله عليهم حق السمع والطاعة . وخير مثال علي ذلك الحديث النبوي : " إذا كنتم ثلاثة فأمروا أحدكم " ( صحيح البخاري)
وقد عرفت النظم العربية ذلك منذ نشوء الدولة الإسلامية ، سواء في النظم الملكية القائمة علي التوريث العائلي للحكم ، أو في النظم الشمولية . كما عرفته دول متعددة في العالم - وبخاصة في منطقتي الشرق الأوسط والأقصى وفي إفريقيا – وفي مجال القيادات النوعية عمالية – المهنية ومنها نقابات الفنانين واتحادات الأدباء والكتاب وغيرها من التنظيمات النقابية الفئوية تلتزم كأشكال تنظيم جماعي بالحفاظ على حقوق العاملين بالمهن التي ترتبط بها ، وهذه مسؤولية تشكل حجر الزاوية في بناء كل مجتمع من تلك المجتمعات الفئوية المهنية وتنظيم تعاملاته وعلاقاته بإدارة المؤسسات أو الهيئات التي يعمل بها أعضاؤها ويعد انضمامهم لعضويتها بمثابة عقد متسق يجعل من الآحاد المتفرقة وحدة متكاملة متعاونة . وبقدر ما يرسخ الشعور بالمسؤولية ويتغلغل في نفوس الأفراد ، بقدر ما يزداد رسوخ المجتمع ونمو نهضته . يقول صبحي ياسين : " إن كل قيادة مسؤولة عن مصير الشعب الذي تتولى قيادته . فإذا فشل هذا الشعب في قطف ثمار جهوده وجهاده ، فالقيادة هي المسؤولة ، وإذا أصيب هذا الشعب بالنكبة وتشرد وحرم من وطنه وقاسى أبشع ألوان المذلة والهوان ، فإن المسؤولية في هذه الجريمة تقع على الذين نصبّوا أنفسهم قادة " ( الثورة العربية الكبرى في فلسطين ، القاهرة ، وزارة الثقافة ، المؤسسة المصرية العامة للترجمة والتأليف والنشر 1967 ص17 ) " وقد ظن في مستهل العصر الحديث أن أهمية القادة قد تضاءلت على أساس أن الشعوب أصبحت تسهم في تكوين القيادة واختيارها ومراقبتها ، وإن القادة في كل مجال لم يعودوا حكاما بأمرهم ، مقدسة أشخاصهم ، نافذة أحكامهم ، وإنما أصبحوا أفرادا مسؤولين يمكن أن تنالهم يد القانون إذا أساءوا " ( د. علي فهمي العنتيل ، مشاكل التنمية في العالم العربي ، القاهرة ، المكتبة الثقافية (11) الهيئة المصرية العامة للكتاب 1974 ) ولكن ثبت أن أهمية القيادات قد زادت في العصر الحديث عما كانت عليه في العصور القديمة، لأنه وإن كان صوت الجماهير قد ارنفع فعلا وأصبح له نصيب في الرقابة على الشؤون العامة أو حتى إدارتها إلاّ أن ظهور الوسائل الجديدة التي وضعها العصر الحديث في أيدي القادة للتأثير على الشعوب كان أقوى أثرا ، وأعلى صوتا من كل الحريات والمساهمات التي نالتها الجماهير ، فالقائد في العصر الحديث يستطيع بفضل الصحافة والسينما والإذاعة والشبكة العنكبوتية والهواتف المحمولة وغيرها أن يؤثر علي الجماهير وأن يدير شؤون العمل وتسويق الإنتاج أو يحرك الرأي العام أكثر مما تستطيع الجماهير التأثيرعليه .
ومما عظم سلطة القادة نمو السكان ، وازدياد النشاط الاجتماعي القيادي وانبساطه على مساحات شاسعة . وكل هذا يقلل من مساهمة الجماهير بقدر تعاظم دور الهيئة ، وزيادة تخصصها . وهنا يمكن القول إن قيادة العمل الجماعي هي – من حيث الافتراض - لون من ألوان إنابة مندوبين عن الجماعة – يفترض فيهم - تنظيم شؤون تلك الجماعة - قلت أو كثرت - وتسيير مصالحها (علاقات الإنتاج من حيث تقسيم العمل وتسويق المنتج وتوزيع عوائده والعمل الدؤوب على تنميته ؛ بصيانة وسائله وتطويره أو تحديثها وبصيانة الحقوق ، فضلا عن تفعيل دور العلم ومنجزاته في هذا الشأن )
• مقومات القيادة :
للقيادة مقومات ثلاث لابد من توافرها فيمن يتصدى للقيادة باعتبارها رسالة وفكرة يجملها جمال البنا ( مسؤوليات القيادات النقابية ، كتاب العمل(36) القاهرة المؤسسة العمالية ، فبراير 1967 ) وهي على النحو الآتي :
• الإيمان بالقيادة باعتبارها رسالة وفكرة وعقيدة.
• توفر عنصري الخبرة والثقافة.
فإذا وقفنا عند دور الخبرة والثقافة في قيادة جماعة أو فرقة أو مؤسسة فنية منوطة بإنتاج العروض المسرحية – على سبيل المثال – فلا بد من اشتمال خبرة الإدارة علي أمرين :
أولا : أن يكون المدير عاملا بالفعل في مجال المسرح
ثانيا : أن يكون قد تدرّج في مراتب العمل الثقافي الفني بعامة أو المسرحي بخاصة . فمن العسير على من لم يتمرس بالعمل الثقافي والفني أن يلم بمشكلات الإنتاج المسرحي أو السينمائي وعلاقاته المتداخلة وأن يدرك العوامل النفسية الخفية ويهتدي إلى الحالات المزاجية التي قد كثيرا ما تنتاب أحد النجوم أو الفنانين أو الفنيين ، مما يؤثر تأثيرا سلبيا على عمليات الإنتاج الفني . بخاصة عند تعطل أحد الأجهزة أو تأخر إحدى كبار الممثلات عن موعد التدريب أو التصوير مما يتسبب في توتر بقية الفنانين والفنيين المشاركين في العمل نفسه ، الأمر الذي يتطلب قدرة القيادة على ضبط توازنات وحسن إدارة تلك الأزمة العابرة .
• توفر عناصر الكفاية الإدارية والشخصية :
إن قوة الشخصية القيادية لازمة لكل من يشغل منصبا قياديا ، وتتمثل تلك القوة في سمات متعددة منها ما هو فطري :
ويتمثل في : (اعتدال المزاج ـ تناسق الملكات النفسية ـ الذكاء )
ومنها ما هو مكتسب : ويتمثل في :
( الخبرة والتجربة – الكفاءة الإدارية ـ الإلمام بخصوصية كل مرحلة من مراحل الإنتاج والمهام الفرعية المتصلة بكل مرحلة من المراحل –قابلية اكتساب مهارات خاصة – إدارة الأزمة )
ولا شك أن لتنوع مستويات القيادة ونوعياتها مابين قيادة إدارية تخطط وترسم سياسات المؤسسة أو الهيئة من حيث الإنتاج أنواعه ومستوياته وسبل ترويجه وأسواقه المحتملة ، وقيادات فرعية معاونة:( إدارية تنظيمية ومالية وتسويقية وعلاقاتية ) وأخري ( فنية إنتاجية) ومن أهم عوامل نجاح إدارة تنظيم العمل بداخل مؤسسة اقتصادية تجارية استثمارية أو صناعية أو مؤسسة فنية أن تتسم تلك القيادة بما يأتي:
( إتقان الإشراف الإداري والضبط التنظيمي – قيادة الحاسب الآلي – القدرة على التعامل مع الأجهزة الاتصالية التكنولوجية: الشبكة العنكبوتية والبريد الإليكتروني - إتقان عملية المراسلات – إتقان كتابة محاضر الجلسات – إعداد جداول الأعمال وفق الموضوعات التي ستتم مناقشتها قبل أن انعقاد جلسة مجلس الإدارة ).

القيادة إذن هي فن التعامل مع معطيات الواقع ، وهي قدرة يتميز بها فريق من الناس . ومن مقتضياتها أن تكون للقائد ولاية على من يتبعه. وتعرف هذه الولاية بتعبير اصطلاحي يقال له : " السلطة " حيث يري بعض أساتذة علم إدارة الأعمال أن السلطة حق ، وقدرة على ممارسة هذا الحق. وهي ولاية الرئيس على مرؤوسيه. ومن أهم مظاهرها أن يكون للرئيس على المرؤوس أمور ثلاثة :
• حق الإشراف بقصد التوجيه .. قبل التنفيذ .
• حق تقدير العمل بعد إنجازه.. بالإقرار أو التعديل أو الإلغاء .
• حق وضع الحلول أو الإحلال.. فالرئيس له أن يسند تنفيذ العمل الذي كان مسندا من قبل إلى أحد مرؤوسيه إلى مرؤوس آخر ، وله أيضا أن يحل بعضهم محل بعض .
ومع أن للإدارة فلسفتين في قيادة عمل مؤسساتي ما ، إحداهما تؤمن بمركزية السلطة ، بينما تؤمن الأخرى بديمقراطية السلطة في المرحلة الأولي من مراحل وضع المخططات الإنتاجية وبمركزيتها خلال مرحلة الإنتاج نفسها، وفي مرحلة تسويقه أيضا . على أنه من الضرورة بمكان أن تتناسب المسؤولية مع السلطة الممنوحة للرئيس .
** اقتصاديات الإنتاج المسرحي :
من البداهة بمكان أنه لا وجود لفعل مؤثر دون الجماعة ، وكما أنه لا وجود للغة دون الجماعة، كذلك لا وجود للاقتصاد دون التكامل الإنتاجي. يقول بريخت: " إن الجماعة لا يمكن أن تنتج إلاّ أعمالا تحول الجمهور نفسه أيضا إلي مجموعة ( " بريخت في السينما " ترجمة: محمد ضوء ( المسرح والخيالة) ع21 السنة الثامنة صيف 1374– 2006 ص88 )
وحتى نحصل على إنتاج مسرحي قادر على تقديم عرض يحاكي حقيقة الواقع أو يشاكله أو يقترح بديلا له ، لابد من حصوله أولا على تقنية مكتملة ، وعلاقات تفاعل بين المبدع مؤلفا والمبدع مخرجا ، وبين المخرج والمنتج بحيث تتكامل جهوده مع الإدارة ومع الفنانين ( ممثلين ومصممين وراقصين وموسيقيين ) وتتكامل مع جهود الفنيين لتفعيل علاقته بالمنصة التي يتعامل معها فللمساهمات الفردية في مجال إنتاج عرض مسرحي دورها المتميز.
تأسيسا علي ذلك، فلكي يكون هناك إنتاج مسرحي لابد من توافر عدد من الأركان .. تتمثل في : (( الإبداع الأدبي والفني – الإدارة – المكان المجهز – الأجهزة والآلات - الأهداف – التمويل والتسويق - الجمهور - الحركة النقدية – العلاقات المشتركة بين تلك الأركان وقضايا إفرازاتها المتشابكة ـ وهذا يتطلب رأس مال ثابت ( أصول اقتصادية) ورأس مال متغير ـ ))
• أولا : الإبداع : لا شك أن الإبداع هو مناط عملية الإنتاج المسرحي ، فكل عرض مسرحي يتأسس على المخيلة الإبداعية لفنان المسرح وخبراته ( كاتبا أو مخرجا أو ممثلا أو شاعرا أو مغنيا أو راقصا أو سينوغرافيا أو مؤلفا موسيقيا) ويقوم الإبداع في الأصل على وجود تصور تخطيطي وتقنيات تبعا لكل فرع من الفروع الإبداعية المكونة للعرض المسرحي ( النص– الإخراج – التمثيل – عناصر العرض المسرحي وتقنياته) : التي تتمثل في إحدى عشر عنصرا تشكل الحرفية المسرحية ,s kraft eٍStag ( الديكور - الأزياء – الصوتيات - الإضاءة – البارتيكابلات – الأقنعة – حيل التنكر- الإكسسوار الشخصية – الإكسسوار المكمل للديكور- المصاحبات الموسيقية )
وللإبداع منابع أو مصادر متغيرة تبعا للتوجهات الفكرية وسياسات الحراك الاقتصادي السائد في المجتمع ومدي قدرته على استقطاب الحراك الثقافي حيث ينشط الفكر المسرحي في الاستلهام من التراث ، أو استخلاص عدد من الوقائع أو انتخاب عدد من الأحداث التاريخية ، أو إعادة إنتاج واقعة اجتماعية فيها من الغرابة أو الدهشة ما يغاير نمط الحياة أو عادات المجتمع الموروثة ، أو إعادة إنتاج فكرة فلسفية دراميا أو الإسقاط السياسي أو الترويج لأيديولوجيا(عقائدية: دينية أو فلسفية أو سياسية، لكسب التأييد لها ، فضلا عن التناص مع حدث أو صورة فنية من إبداع سابق أو من موقف تاريخي إسقاطا على الواقع المعيش ) إذ لا يمكن للجماعة أن تشارك في إنتاج ما مسرحيا أو غير مسرحي دون معالم محدودة وآفاق ثقافية نموذجية بالنسبة للوسط الاجتماعي الذي يعمل عليها متوافقا مع الشرط الموضوعي للمجتمع الذي يتلقاها. فالمسرح إذن شأنه شأن كل مشروع إنتاجي لا يجب أن ينتج إلاّ ما تستطيعه الجماعة. والجماعة لا تنتج إلاّ منتجات نموذجية. وهناك العديد من الأمثلة التي يمكن أن نقف عليها من عصر المسرح اليوناني ، فكتّابه ( التراجيديون والكوميديون ) نهلوا من ملحمتي " الإلياذة و الأوديسية " الكثير من الحكايات الأسطورية والخرافية كذلك تبنّى عدد منهم بعض القضايا الفلسفية ، سواء المرتبطة بعلاقات الإنسان بما وراء الطبيعة أو بعلاقات الكون نفسه، أو بالحياة السياسية التي زخرت بها الحياة الديمقراطية التي سادت مجتمع السادة دون العبيد ، بخاصة علي أيام الحاكم " باركليس " تلك التي شهدت ميلاد رائعة سوفوكليس ( أوديبوس) التي عالج فيها مسؤولية الحاكم والتزامه بصالح شعبه (إلكترا ) حيث معالجة فكرة الثأر ( أنتيجوني ) وفكرة التعارض بين قوانين الآلهة وقانون البشر. وروائع كوميديات "أرستوفانيس" النقدية( برلمان النساء – السحب – الضفادع - السلام) فضلا عن تراجيديات يوريبيديس ووجهتها ذات الصبغة الاجتماعية كذلك مسرحيات "إسيخليوس" ( برومثيوس طليقا– حاملات القرابين). كما عكس صورة التحولات في الحياة السياسية المناقضة لها علي أيام الحاكم " كليون" بعده. لقد كان ذلك إنتاجا إبداعيا متفاعلا مع الحركة الفكرية الفلسفية والحراك الديمقراطي في المجتمع اليوناني القديم ، الذي تميز تراثه الثقافي والحضاري بأنسنة الآلهة ، مما نزع عن قادته السياسيين من الحكام صفة القداسة والأبدية التي تثبّت الحراك الاجتماعي والحضاري وتشل حركة تقدمه . وقد تمثّل ذلك في فكر الفيلسوف " هيراقليطس " الذي قال " إنك لا تستطيع نزول النهر مرتين" تأكيدا لفكرة التغير الدائم في كل شيء .
علي أن المسرح وإن سار وراء الفكر السياسي والاقتصادي فإنه لم يذهب بكلية إنتاجه وراء الفكر الفلسفي مؤيدا وداعيا ، وإنما كان منه ما ذهب مذهب الدعاية لفكرة أطلقها فيلسوف ما علي نحو مبدأ احترام القانون الذي نادى به " سقراط" وضحي بحياته في سبيل احترامه للقانون الذي حكم عليه بالموت ، وهي فكرة تبنتها إحدى شخصيات ( برلمان النساء): " خريموس" الذي طبق قانون مصادرة الممتلكات علي نفسه وسلمها لمخازن الدولة تنفيذا لقانون التأميمات بعد الانقلاب النسائي البرلماني علي الرجال في ( إيثاكي) معارضا بذلك رأي نقيضه " بليبروس" الذي يسأله عن بغيته حاملا ( ديكا وقدرا فخاريا) فيجيبه : "خريموس : أذهب إلى مخازن الدولة لأودع فيها أشيائي تنفيذا للقانون الذي أصدرته النسوة اللواتي صار إليهن حكم البلاد: بليبيروس : عد بأشيائك إلىمنزلك .
خريموس : لا . لابد من أن نحترم القانون"
( راجع النص ، ترجمة : د. لطفي عبد الوهاب ، الإسكندرية ، دار المعرفة الجامعية 1996 ) . ولأن للإنتاج المسرحي وظيفة ثقافية اجتماعية سياسية اقتصادية، لذا يمكننا تصنيف هذه المسرحية في قائمة تمثّل الفن لفكر الاقتصاد السياسي، بتوجهها الإيديولوجي المنحاز لطبقة الملاك في "إيثاكى" نظرا للتهديد الواقع عليهم بعد انتصار جيش دولة إسبرطة الشيوعية المشاعية علي دولة إيثاكى الإقطاعية ، فهذه المسرحية إذن كانت خير تمثيل لجسر الانتقال مابين الفكر الاقتصادي والسياسي العبودى الريعي والفكر الاقتصادي السياسي المشاعي ( وليس الشيوعي ) باعتبار اعتماده على فيء الأرض الزراعية: ( تدوير أموال المحاصيل الزراعية والمتاجرة في العبيد ).
كذلك كان موقف أرستوفانيس الناقد لفكر سقراط نفسه في مسرحية ( السحب)( ترجمة :د. أحمد عتمان ، سلسلة من المسرح العالمي .ع ( 215 – 216 ) وزارة الإعلام الكويتية ، أول سبتمبر 1987 ) حيث هاجمه معتبرا إيّاه " سوفوسطائيا" ، مظهرا من مظاهر الحياة الديمقراطية بين أفراد الطبقة الحاكمة ومفكريها في المجتمع اليوناني القديم ، بينما مثل استلهمه لفكرة المثوبة والخلود في العالم الآخر في مسرحية ( الضفادع) حيث نزول إله الربيع " ديونيزوس" إلى "هاديس" ( عالم الأموات) واستبدال صعوده بيوريبيديس للحياة من جديد بعد موته بإسيخيلوس تعبيرا عن افتقاد طبقة كبار الملاك لأحد أعمدتها الفكرية، وعدم حاجتها إلى مفكرمسرحي ك ( يوربيديس) ناقدا للأحوال السياسية أو الاجتماعية. وهو أمر يدل على تضافر المصالح فيما بين كبار الملاك - وقد كان أرستوفانيس أحدهم ، إلى جانب كونه " المثقف الشقي" – بتعبير هيجل – بحسبان إسيخيلوس منتميا إلى المثقفين التقليديين المناصرين للفكر الغيبي ولطبقة كبار الملاك في آن واحد.
وفي اعتقادي أن أرستوفانيس عندما استلهم فكرة الحياة الأخري بعد الموت، التي دارت حولها حوارية طويلة بين ( سقراط) وبعض تلاميذه : ( أفلاطون فيداروس – جورجياس وغيرهم ) في أثناء محاورتهم معه في سجنه لإثنائه عن رأيه الذي حبس من أجله وحوكم به ، في مقابل إفراج الحكومة عنه ، وهو أمر رفضه سقراط بشدة ، مدركا خبث الفكرة التي ترمي إلي إبطال مفعول فكرته حول احترام القانون،حتى وإن كان في غير صالحه، ذلك إن فعل فقد أصبح هو من خرق المبدأ الذي ينادي به. وفي حديثه المستفيض معهم عن الحياة الأبدية بعد الموت ، تحدث عن حياة الأرواح النورانية الشفافة ، التي يصل إليها كل من لم يرتكب جرما ، متطرقا إلي فكرة الأشباح إذ رآهم أناس ارتكبوا آثاما وجرائم في حياتهم الدنيوية وبعد أن ماتت أجسادهم تحول الجزء الذي لم يرتكب جرما أو إثما إلي شفافية نورانية وبقي الجزء الذي نفّذ الجريمة أو الإثم ماديا مرئيا، يظل صاحبه حائرا في الحياة الدنيا علي هيئته المزدوجة مابين الشفافية النورانية والمادية الجسمية !! هكذا تفاعل المنتج الإبداعي المسرحي مع المنتج الفلسفي الفكري في المجتمع اليوناني القديم تأييدا أو رفضا ، بما يزاوج بين تفاعل الفكر الاقتصادي السياسي ودوره في المجتمع . ( راجع : محاورات فيداروس ، ترجمة د. أميرة مطر ، القاهرة ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ) كذلك ( راجع : مارتن برنال ، إثينة السوداء ، ت: د.لطفي عبد الوهاب وآخرين ، القاهرة ، المجلس الأعلى للثقافة ، المشروع القومي للترجمة(29) - (1997 )
لم يتوقف المسرح يوما عن استلهام منتجه الإبداعي من منابع أسطورية ، فاعلة في ثقافة المجتمع الفكرية أو الإيديولوجية السياسية والاقتصادية، التي تنتجه نصا وعرضا . ولم يتوقف المسرح عبر تاريخه الطويل الضاربة جذوره في الزمان البعيد عند حدود النص ؛ وإنما تمثلت استلهاماته الإبداعية في مجال التمثيل ومجال الإخراج والشيونوجرافيا، فضلا عن صور التعبير الحركي الجسدي والإيمائي التي تعكس طبيعة الثقافة السائدة وتجلياتها في المعتقدات وفي السلوك وفي المساكن والأزياء وفي المناظر والملحقات ، حتى في طرائق تصفيف الشعر عند الرجال والنساء وصورها المتباينة مابين الشعر المستعار والطبيعي - تناظرا أو تخالفا، وفق ثقافة المجتمع والعصر والبيئة –
علي أن الذي يعنينا في هذا البحث هو دور علاقات الإنتاج وتباين وسائله في الفعل الثقافي والفني من حيث تأثيرها علي فكر الإنتاج المسرحي ، وهي المسألة التي سنتعرض لها بعد أن نستعرض منهج اتخاذ القرار في فرقنا المسرحية الحكومية أو الخاصة ( الربحية وغير الربحية )

** إدارة الفرقة المسرحية بين مركزية القرار ، وديمقراطية القرار:
تقوم مركزية الإدارة علي احتكار سلطة إصدار القرارات . حيث يكون حق إصدار الأوامر والتعليمات المنظمة لحسن سير عملية الإنتاج وفق الخطة التي رسمتها ، في يد تلك الإدارة وحدها ؛ حيث يكون لها حق التصرف أو عدم التصرف بالأسلوب الذي يعتقده من على رأس السلطة، وبما يري فيه صالح أهداف المؤسسة. وقد رأينا العديد من الفرق المسرحية تنهج ذلك النهج في إدارة شؤونها من حيث التخطيط وفلسفة الإنتاج وآليات التشغيل والترويج أو التسويق وتوزيع العائد ، بدءا من اختيار النصوص والمخرجين ومصادر التمويل وإقرار بنود الصرف ومسؤولية التعامل مع الجهات الرسمية ووضع خطة الدعاية والتسويق ، والإشراف التام ومراجعات المعاونين المكلفين كل باختصاصات إدارية أو فنية ، وأعمال المحاسبة المالية عن التعاقدات والأجور وكافة المصروفات والإيرادات ، بمساعدة متخصصين ومحاسبين قانونيين . ومن تلك الفرق التي اعتمد علي مركزية القيادة واتخاذ القرار ، فرقة ( ستوديو الممثل ) للفنان "محمد صبحي" ، فرقة ( مسرح الفن) للفنان المخرج "جلال الشرقاوى" فرقة ( الفنانين المتحدين) "سمير خفاجي" ، ومن قبل ذلك فرقة رمسيس للفنان "يوسف وهبي " وفرقة "فاطمة رشدي "، والفرقة المصرية للتمثيل لأولاد"عكاشه "، وفرقة " القرداحي" وفرقة "الريحاني " وفرقة "إسكندر فرح " إسكندر فرح " وفرقة "تحية كاريوكا" ، وكلها فرق خاصة، ومديروها فنانون وأصحاب فرق مسرحية ناجحة - وذلك على الرغم مما يراه د. محمد عبد الرحمن الطويل : من " أن اختيار القيادات الإدارية على أساس الصلاحية يتطلب التوجه إلي الفصل بين الإدارة والملكية في القطاع الخاص ، وهو ما يتطلب تطوير شركات الأموال والحد من السيطرة العائلية " ونحن نعزو نجاح أصحاب تلك الفرق في الجمع بين ملكية كل منهم للفرقة المسرحية وإدارتها تخطيطا وإنتاجا وتسويقا للعروض مع القدرة على الاستمرار في ساحة إنتاج العروض المسرحية ، لمحدودية الإنتاج المسرحي في بلادنا ، بخاصة وأن العروض المسرحية كانت شبه مقصورة علي الطبقة الوسطي ، وشريحة من الطبقة العليا؛ منذ بدايات الإنتاج المسرحي في بلاد الحضارات النهرية ( مصر – سوريا – لبنان – العراق) باعتبارها البلاد التي شكل الإنتاج المسرحي فيها ظاهرة فنية وثقافية . حتى بعد أن تآكلت الطبقة الوسطي في تلك البلاد - نظرا لتوجهات بعضها نحو التمسح بأعتاب النظام الاشتراكي تحت الزعم بتطبيق نظام اشتراكي عربي - ومن ثم اتسعت مجالات الفرجة على العروض المسرحية، واتسعت مسارات إنتاجها من خلال مؤسسات رسمية حكومية ، كما هو الحال في مصر وفي سوريا وفي العراق ، فضل عنا اتساع مسارات عروضها المهرجاناتية في مصر وسوريا والعراق والإمارات العربية وتونس والأردن ، وكلها تدار رسميا من حيث التخطيط المؤسساتي ( بوساطة ديموقراطية مركزية بيروقراطية و تكنوقراطية من جهة أخري) تتخذ مظهر الإدارة الجماعية عبر: ( لجان قراءة النصوص والمكاتب الفنية ) وكلها مشكلة من منظور أهل الثقة ، مما يشكل الكثير من أوجه التضارب وتذبذب القرارات ، بحيث تصعب محاسبة أحد علي أي خلل أو سلبية أو تقصير في مخططات الإنتاج المسرحي الموسمي أو نتائج تنفيذها أو عائدها الاقتصادي أو محصلتها المعرفية أو الذوقية. وذلك سببه من جهة نظري عائد إلي فلسفة اختيار النصوص ، بما يتوافق مع فكر النظم الشمولية الحاكمة لتلك البلاد – غالبا – بغية كسب التأييد لفكرها ولتوجهاتها الأيديولوجية ، لذا اتجهت اختيارات الإدارة القائمة على شؤون المسرح نحو إنتاج نصوص تنويرية أو تثويرية ، بالاستلهام التراثي أو التاريخي النضالي إسقاطا يخدم الواقع السياسي الآني للنظام ، دون أن يشكل لونا من ألوان التحريض عليه أو اللمز بموقف من مجمل مواقفه التي غالبا ما تكون متناقضة أو مقيدة لحريات المواطن . وربما دون التعرض للون من ألوان الفساد . وهو أمر زاد عن كل حدوده فيما بعد حرب أكتوبر ومعاهدة ( كامب ديفيد) إذ تصعب الإشارة – مجرد الإشارة – في عرض مسرحي إلى تدخلات بعض رجال الدين المستمرة في مسيرة حياة الناس الخاصة ، بما يصدرونه من سيل الفتاوى التي لا تتناسب مع العقل في عصر المعلوماتية والتدفق المعرفي ، تلك التي تجتاح عقول بسطاء الناس في طوفان مئات القنوات الدينية الخاصة والعامة.وتحضرني في هذا الصدد تجربة مسرحية أخرجتها ( بقلعة قايتباي) بالإسكندرية عام 1982 لمسرحية كتب مادتها التاريخية(الأديب معاوية حنفي ) وكتبت النص المسرحي الشعري، وفوجئت بالرقابة على المصنفات الفنية تحذف من النص كلمة (شيخ : يا شيخ فراعين – يا شيخ يونان – يا شيخ رومان وتعترض على جملة " من رحم الإسلام" ، حيث لا يجوز في عرفهم الإيماني أن يؤنث لفظ الإسلام !! )كما يعترضون على جملة( وأتى غاز) عندما سبقت اسم ( عمرو بن العاص) فاضطررت إلى تغيير الجملة الأولى إلى ( من صلب الإسلام) وغيرت الثانية إلى ( وأتي فاتح) مع أن لفظة( وأتى غاز) تكررت قبل ذلك مع "الإسكندر ومع "يوليوس قيصر" ومع "أنطونيو" ولا شك أن الرقابة كانت تنفذ تعليمات عليا ، حيث كان شعار مصر السادات هو ( العلم والإيمان) فإلى هذا الحد تتحكم الرقابة الرسمية في لغة الإبداع ، حتى في أمور شكلية تتشبث بالتخفي وراءها للدلالة على صفة لا تمتلكها، كسبا لتأييد جماعة أو شريحة تسييس تدينية يسعى إلى أن يواجه بها تكتلا سياسيا يساريا أو ناصريا على نحوما فعل السادات بدءا من السبعينيات ، عندما أطلق الجماعات التكفيرية من عقالها فالتهمه إرهابها في النهاية. *آلية اتخاذ القرار: يعد القرار المحور الرئيسي لآلية العملية الإدارية ، ويعد إحكامه والتمهيد له قبل اتخاذه المحور الأساسي لنجاح الخطط الإنتاجية والتسويقية . وليس هناك أدني شك في أن القرار هو عمل أساسي بالنسبة لجميع الرؤساء في مختلف المواقع ، وفي نطاق المراحل والمستويات الإدارية المختلفة . وللقرار خطوات يتوجب علي القائد أو الرئيس التحصن بها، وهي علي النحو الآتي تبعا للأولويات العمل الإداري :
• التعرف على المشكلة
• تحليل المشكلة.
• إيجاد بدائل لحل المشكلة.
• تقييم البدائل المقترحة لحل المشكلة.
• الاختيار الأفضل من بين تلك البدائل .
• اتخاذ القرار العلمي المناسب ، وفق ما هو متاح.
• المتابعة وتقدير النتائج.

** متطلبات تنمية الإنتاج المسرحي :
من بداهة القول إنه لا هدف للتنمية الوطنية إلاّ خير الإنسان في وطن متحرر حديثا أو حرا في إدارة وسائل إنتاجه وتنمية اقتصادياته الريعية أو الرأسمالية ، لا مجرد الاكتفاء بتدويرها بين النخبة الحاكمة ، وهذا لن يتأتى دون أن تكون على رأس الوطن قيادة وطنية ثورية ، تدرك أن لا تنمية إلاّ بالارتكاز على جهود أبناء الوطن وخبراته في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية، " فالإنسان هو وسيلة التنمية وهو غايتها في آن واحد" بتعبير- خليل النقيب - ليس هذا فحسب ، بل هناك متطلبات أخرى متعددة لإتمام عملية التنمية في أي مجال من المجالات منها:
• فعالية إعداد الخطط وتنفيذها.
• فعالية توفير المصادر المالية ، وحسن إدارتها فنيا وسلوكيا.
• فعالية القوى العاملة ، إعدادا وتأهيلا وتوظيفا وسلوكا.
• قابلية التطوير التنظيمي ، وكسر حدّة مقاومة التغيير.
• الانفتاح على حصيلة المعرفة والفكر والبحث العلمي."
ومع أن نظام يوليو 52 كان نظاما وطنيا ، ومع أن إرادة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لدى ذلك النظام كانت متضافرة مع الاستطاعة في ظل حماس وطني وقومي لا شك فيه ، إلاّ أن اعتماد ذلك النظام علي القرارات الفردية والارتجالية التي كانت تمليها الزعامة ، ممثلة في جمال عبد الناصر من ناحية وعمليات الشد والجذب من أطراف أخرى في السلطة ، أهملت مهمتها الأساسية - التي ربما لم تكن مؤهلة لها أصلا- وانغمست في صنع قرارات فردية غالبا ما كانت مناوئة لقرارات أخرى صادرة من السلطة الأعلى . وبالجملة أدت سياسة الاعتماد علي من أولتهم قيادات النظام ثقتها ، منحية الكفاءات من أهل الخبرة شكا في ولائهم لتوجهات النظام نفسه ، إلى التخريب غير المتعمد – غالبا – للمؤسسات التي تولوا إدارتها ، والإسهام في إفشال الخطة الخمسية الأولى – والأخيرة – للتنمية عن طريق تسطيحها ، جنبا إلي جنب مع عوامل الهدم الاستعماري الخارجي. يقول د. محمد عبد الرحمن الطويل " إن سياسة السلطة الأبوية في المجتمع تفرز في المنظمات الإدارية إدارات تجمع في أيديها كل السلطات ، ويكون لها وحدها القول الفصل في كل الأمور ، وتكون غير راغبة في التخلي عن تلك السلطة أو تفويضها لأي شخص آخر."
** علاقات الإنتاج في ظل الإدارة البيروقراطية وصورها في المسرح :
من مشكلات الإنتاج التي أسهمت في إفشال الخطة الخمسية للتنمية التي شرع نظام 23 يوليو في تنفيذها قبل أن يقع في فخ المعركة التي نصبت له علي حدودنا الشرقية الشمالية مع العدو الصهيوني في يونيو 1967 ، إبعادا له من اليمن ، وإنهاكا لجيشه في رحلة من أقصي الجنوب إلي أقصى الشمال الشرقي قبل أن يجف عرق جنوده ويتوقف نزف دمائهم (1962 – 1967) .
لقد قادت البيروقراطية حركة الإنتاج في كل مناحي الحياة الرسمية المصرية ثقافيا واقتصاديا وتعليميا ، مما أرخى حبل اللامبالاة والتكاسل والتكدس الوظيفي أو البطالة المقنّعة ، التي نتجت عن أسلوب تعيين الخريجين علي غير منهج يوازن بين الاحتياجات الفعلية للمؤسسات والشركات والدواوين العامة للعمالة المناسبة والمؤهلة للوفاء بطبيعة العمل في كل منها ، فضلا عن الخلل الرئيس في قبول الطلاب في الجامعات وفي مراحل التعليم الفنية المتوسطة حيث لم تنطلق سياسات قبول الطلاب بالتوافق مع حاجة كل مؤسسة أو شركة للتخصصات العلمية المؤهلة المناسبة لطبيعة تخصصاتها الإنتاجية ، وفق جدول زمني موزع علي سنوات قادمة ، مدرجة في الخطة الخمسية للتنمية .يقول د. الطويل : " لا يعود التكدس الوظيفي في الغالب لأسباب فنية، بل إنه في العديد من الحالات نتيجة لأوضاع اقتصادية واجتماعية معينة ، ولنوعية السياسة العامة التي تتخذها الحكومة لمواجهة تزايد العرض من قوى العمل ومحدودية الطلب الحقيقي عليها "
وفي ظل تلك السياسات وقراراتها الفردية العشوائية المتضاربة ، دارت دورة الإدارة في مجال الفنون بعامة والمسرح بخاصة في دوائر بيروقراطية مغلقة ، بوصف المسرح جزءا من منظومة حكومية تسير بعفوية القرار الفردي ، المزخرف بتشكيلات فوقية لمكاتب فنية ولجان قراءة ولجان مشتريات ولجان فحص ولجان جرد ومتابعة – لا حل لها ولا ربط – ودورات ورقية لا نهاية لها ولا فائدة منها !! ، حتى وصلت نسبة الإداريين قياسا على نسبة الفنانين في هيئة المسرح المصرية (8 إداريين في مقابل كل ممثل ) الأمر الذي ترتب عليه اقتصار عرض كل منتج مسرحي على شهر واحد ، حتى وإن كان الإقبال الجماهيري عليه فاعلا ، تمكينا للأعداد المنتظرة للتشغيل من بين الممثلين والفنيين من الالتحاق بإنتاج مسرحي جديد. هذا بالإضافة إلي القرارات الخاصة بمنع شراء أثاث تقليدي متطلب ضمن مشاهد العرض المسرحي ، وهو ما يكلف إدارة الإنتاج عبء شراء خامات لتصنيعه ، وما يترتب علي ذلك من مضاعفة التكاليف وضياع الوقت ، دون الوصول إلي مهارة صناعته الجاهزة والحاضرة في الأسواق . ومن غرائب ما سمعنا تطوع المؤلف" محمد سلماوى" بشراء أثاث لعرض مسرحيته ( الجنزير) من حر ماله وهي المسرحية التي أخرجها " جلال الشرقاوى " لفرقة المسرح الحديث بوزارة الثقافة ، حتى لا تكسر اللوائح والقرارات البيروقراطية !!

** علاقات الإنتاج المسرحي في ظل الاقتصاد الريعي:
في ظل الاقتصاد الريعى المعتمد علي الفيء الذي يخرج من الأرض ( خامات ومعادن وبترول أو ما تنتجه الزراعة من محاصيل) ، فضلا عمّا تحصله تلك الدولة الإقطاعية من خراج ، وعمليات الاتجار بيعا وشراء ، اعتمادا على رواسب ثقافية ذات أصول عبودية ( كالاتجار في الرقيق أو البغايا أو الأطفال أو الزواج بأثرياء أجانب أو عربان بأوراق صورية أو ما يعرف بنظام الكفالة وغيرها من الأمور المشبوهة التي مازالت تمارس في دول شبه الجزيرة العربية ودول الخليج العربي في عصر العولمة والسماوات المفتوحة ، وكلها علاقات إنتاج تشكل في مجملها علاقة السادة بالعبيد أو( الأقنان ) . وفي مثل تلك العلاقة تقتصر المسألة على إعادة تدوير رأس المال ، باعتبار الدولة إقطاعية كبيرة مقسمة إلي إقطاعيات متعددة علي رأس كل ( إدارة / إقطاعية) من إداراتها ( مدير/إقطاعي) - من حيث ثقافته – وهو المتصرف الأوحد في كل ما يقع تحت مسؤوليته،
تماما كما كان الإقطاعي في العصور الوسطي يتصرف مع كل من يتواجد تحت رئاسته وكل ما هو ملك يمينه في إقطاعيته من وسائل إنتاج حيوانية وشبه حيوانية ، كل الأشياء عنده سلع صالحة للتداول بيعا وشراء أو إتلافا واستخداما آدميا وغير آدمي ، فالمسألة لا تعدو أن تكون سوى عملية نفي لأطراف علاقات الإنتاج فيما عداه ، وعدم الاعتراف بوجود طرف فاعل سوى السيد الإقطاعي ، فالأرض والحيوان والبشر قد سخرهم الغيب في خدمته . ولما نذهب بعيدا ، فمنذ ثلاثة عقود أو أقل سمعنا شيخا مفوها ، انقطع إلي تفسير القرآن تفسيرا لغويا بلاغيا وهو يقول : " لقد سخّر الله الغرب لنا كي ينتجوا الأجهزة الحديثة لنستخدمها." هكذا يفكر لنا حضا لنا على التنطع على أسرتنا والقعود في التكايا على الأرائك طاعمين ناعمين ، فعلماء الغرب أقنان لمن قعد تحت مظلته قداسته.أليس هذا تفكير المجتمعات العبودية، يروج له ذلك الفقيه والداعية الإسلامي في عصر العولمة والتدفق المعرفي والتكنولوجي !!
علي أن المسرح حينما يتعرض لدور وسائل الإنتاج في تحديد طبيعة العلاقة بين من يملكها ومن يعمل عليها ، فإنما ذلك بقصد الكشف عن عاقبة العبث بعلاقات الإنتاج في ذلك المجتمع عبوديا كان أو إقطاعيا كان ولقد نشطت الكتابات المسرحية الغربية بدءا من عصر النهضة في إنتاج نصوص كلاسيكية رصينة تتعرّض لأثر ذلك الخلل في ملكية وسائل الإنتاج وتدوير عوائد الفيء والخراج بأيدي كبار الإقطاعيين من الملوك وقادة الجيوش ورجال الدين . ولعل أبرز الكتابات التي جسّدت طبيعة تلك العلاقات الإنتاجية بعد المسرح اليوناني، كانت مسرحية الأسباني" لوب دي فيجا" ( ثورة فلاحين ) ومسرحيات مثل (الملك لير – مكبث – ريتشارد الثالث – هاملت – يوليوس قيصر– أنطوني وكليوباتره – تاجر البندقية) لشكسبير، ومسرحيتي ( مأساة الدكتور فاوستس – يهودي مالطة) لمارلو وكذلك مسرحية ( المنافق ) لموليير ومسرحية الفرنسي" بومارشيه "( زواج فيجارو) وهي من أعمال "موتسارت" الأوبرالية . وقد نقلت هذه المسرحية المجتمع الإقطاعي الأوروبي نقلة مدنية بعيدة المدي ، حيث تسببت في إلغاء التقليد الإقطاعي السائد منذ (الملك الإنجليزي هنري)المعروف ( بذي الساقين الطويلتين) حيث تخصص الليلة الأولى من زواج كل قن من عبيد الإقطاعيات للأمير الإقطاعي ، دون أن يدخل بها زوجها – هذا فضلا عن مسرحية( البؤساء ) لفيكتور هيجو فضلا وعن أعمال أوبرالية مثل ( دون جيوفاني) و( فيديليو) - الأوبرا الوحيدة لبتهوفن- مع عشرات الأعمال الروائية العالمية. ذلك إلي جانب العديد من النصوص المسرحية الحديثة التي تعرضت لآثار علاقات الإنتاج في ظل الاقتصاد الريعي مثل ( يرما - عرس الدم – بيت برناردا ألبا ) للأسباني لوركا ، ومسرحية ( بيرجنت – القس براند – الأشباح) للنرويجي إبسن ومسرحية( المفتش العام ) للروسي جوجول ومسرحية ( الأمير جودونوف) للشاعر الروسي بوشكين ومسرحيات ( هنري الرابع – الجرة – كل شيخ له طريقة) لبيرانديللو ومسرحيات ( القديسة جون – قيصر وكليوباترا – أندروكليز والأسد) للإيرلندي جورج برنارد شو، ومسرحيتي (سالومي – مروحة الليدي وندرمير - فاجعة فلورنسية) للأيرلندي أوسكار وايلد ( الإمبراطور جونز) للرائد المسرحي الأمريكي" يوجين أونيل " ومسرحية (الجلف – بستان الكرز – الخطوبة ) لتشيخوف ، ومسرحيات بريخت ( دائرة الطباشير القوقازية - السيد بونتيلا وتابعه ماتي – محاكمة لوكوللوس – الأم شجاعة – الأم عن قصة جوركي – جان دارك – أندروكليز والأسد) ومسرحيتي ( الكترا – سيجفريد ) للفرنسي جان جيرودو، ومسرحية ( سلطان الظلام – نصيب الإنسان من الأرض) للروائي الروسي تولستوي ومسرحية (شيترا ) للشاعر الهندي طاغور، ومسرحية( توراندوت ) للشاعر الألماني شيللر، ومسرحية ( الحضيض) لجوركي ، ومسرحية ت.س.إليوت (جريمة قتل في الكتدرائية) ومسرحيتي( بيكيت أو شرف الله – أنتيجون ) للفرنسي جان أنوي، ومسرحيتي ( غول لويزتانيا – مارا صاد ) للألماني "بيتر فايس" ومسرحية( مكبت) ليوجين يونيسكو ، ( جزيرة العبيد) للفرنسي ماريفو ، ومسرحيات ( هرقل في الزريبة – رومولوس العظيم – ظل الحمار- زيارة السيدة العجوز) للسويسري دورينمات ، ومسرحية( الريفية ) للروسي تورجنيف ، ومسرحية ( جزيرة الماعز ) للإيطالي أوجوبتي. ومسرحية ( النبي المقنّع) للمغربي الفرنسي عبد الكبير الخطيبي ومسرحية اللبناني الفرنسي جورج شحاذه. وفي المسرح المصري هناك مسرحيات تطرح آثار علاقات الإنتاج الريعي في مسرح توفيق الحكيم ( السلطان الحائر – الأيدي الناعمة – الصفقة ) وفي مسرحيات سعد الدين وهبه ( كفر البطيخ – المحروسة - كوبري الناموس – السبنسة) وفي مسرحيات محمود دياب:( ليالي الحصاد والهلافيت والزوبعة – أرض لا تنبت الزهور) وفي مسرحيات يوسف إدريس ( جمهورية فرحات – ملك القطن – الفرافير – الجنس الثالث) فضلا عن روايته ( الحرام) وفي مسرحيات ( الفتي مهران - عرابي زعيم الفلاحين – الحسين ثائرا – الحسين شهيدا ) لعبد الرحمن الشرقاوي، إلي جانب رواية (الأرض) التي مسرحت وأخرجها سعد أردش للمسرح، وفي مسرحيات ( سليمان الحلبي - الزير سالم – حلاق بغداد – الطيب والشرير ) لألفريد فرج وفي مسرحيات نجيب سرور ( ياسين وبهية – آه يا ليل يا قمر – قولوا لعين الشمس – منين أجيب ناس ) وفي مسرحية شوقي عبد الحكيم ( حسن ونعيمة ) فضلا عن مسرحيات أحمد شوقي الشعرية مثل ( مجنون ليلي – مصرع كليوباترا – قمبيز – علي بك الكبير) ومسرحيات عزيز أباظة( قيس ولبنى – غروب الأندلس) ومسرحيتي ( مأساة الحلاج - الأميرة تنتظر) لصلاح عبد الصبور ومسرحيات مهدي بندق ( سفينة نوح الضائعة – غيط العنب – ليلة السلطانة هند – غيلان الدمشقي – هل أنت الملك تيتى –مقتل هيباشيا الجميلة – آخر أيام إخناتون) ومسرحيات الشاعرعلى أحمد باكثير ( الفلاح الفصيح – شايلوك الجديد – من فوق سبع سماوات – فتاة من كرمان– الإمام التقي ) فضلا عن مسرحيات أخري لمحمد أبو العلا السلام ( الثأر ورحلة العذاب – رجل القلعة ) وليسري الجندى (الإسكافي ملكا - جحا والواد قله) وهي عن ( دائرة الطباشير القوقازية لبريخت ). وفي المسرح العربي تتجسد علاقات الإنتاج الريعي في مسرحيات سعد الله ونوس ( الفيل يا ملك الزمان – الملك هو الملك – مغامرة رأس المملوك جابر- سهرة مع أبي خليل القباني ) وعند الكاتب المسرحي السعودي محمد العثيم في مسرحيات( البطيخ الأزرق – أوبريت سوق قبة رشيد – الهيار- حلم الهمذاني – الحرب السفلى ).
علي أن الكثير من هذه النصوص المسرحية ما أنتج المرة بعد المرة وعلي فترات متباعدة في الكثير من بلدان العالم وفي لغات متعددة ، دون اعتبار لطبيعة توافق بعضها مع ثقافة المجتمع أو توجهات السياسية لأنظمة الحكم فيها باعتبارها من عيون الأدب العالمي ، وباعتبار عرضها إطلالة علي صورة الإنسان في تنوع ثقافاته شرقا وغربا وشمالا وجنوبا ، وباعتبارها رحلة سياحة فكرية ووجدانية ، تطهيرية ملطفة للنفس البشرية، منبهة للضمائر. أو باعتبارها تغييرية ، صادمة ومراجعة للضمير الإنساني ، حيث يري الإنسان نفسه أو انعكاسات فعله سلبا أو إيجابا علي غيره وعلى الآخرين، فيعمل علي تثبيت تلك العلاقة أو يعمل علي تعديلها.
على أن منتجي العروض المسرحية ليسوا مطالبين بالطبع بتوصيف نوعي للنصوص التي يعتزم كل منهم إنتاجها ، حتى ينظر فيها صورة علاقات الإنتاج فيما إذا كانت ريعية أم رأسمالية أم رأسمالية بيروقراطية أم شيوعية لم يكن ذلك بالطبع هو الهدف من الوقوف في هذا المحور من هذا البحث حيث التمثيل ببعض النصوص المسرحية التي عالج كتابها انعكاسات علاقات الإنتاج في ظل النظام الإقطاعي الريعي أو التي كتبت عن طبيعة تلك العلاقة - بقصد ووعي من مؤلفها أم بدون تقصّد ذلك - ولكن الهدف هو تنبيه مخرجي المسرح المفسرين والمؤولين - بخاصة أصحاب الرؤى الإخراجية - إلى ما تتميز به مثل تلك النصوص من تصوير انعكاسات علاقات الإنتاج في المجتمع الذي سيخرج فيه نص مسرحي ما. ولعل خير مثال على ذلك ما نجده في رؤية إخراجية معاصرة لمسرح شكسبير ، حيث تجسد الشخصيات في هاملت بالأزياء المعاصرة ، وتستبدل الرسل والرسائل بالفاكس وبالمكالمات الهاتفية الخلوية من علي متن طائرة تعود بهاملت بعد تخلصه من رفيقية( روزنكرانتز وجلدنشترن ) وتستبدل السيوف بالمسدسات وغرق أوفيليا في حمام سباحة الفندق ( منتحرة)، كما تجسد مسرحية ( الملك لير ) تجسيدا معاصرا ليصبح ( لير) وقد تغير اسمه وكذلك كل الشخصيات فاتخذت أسماء عصرية أمريكية ، وتحول (لير) إلى إقطاعي ، وتحولت بناته إلى ذكور ، يفعلون به ما فعلته بنات لير معه . ولو وقفنا عند ( تاجر البندقية) في الرؤية (مابعد الحداثية) للمخرج الأمريكي بيتر سيلارز التي استخدم فيها طباق مرئي للنص ، دون كسر البنية النصية الشكسبيرية ، مع أنه عمد إلى دفع القرن السادس عشر إلى التسعينيات من القرن العشرين " كان بيتر سيلارز مجددا ، كان يعد مسرحيته لتلائم الذوق الحديث لكي يضمن لها الاستمرارية . أو ربما كان ينقل أحداثها إلى أماكن أخرى، لكي يمكن معايشتها وفقا للعادات والتقاليد السائدة. كان ذلك حسن إدراك للأمور .( فريدرك موران " تأملات حول "تاجر البندقية" من خلال بيتر سيلارز" ( بياتريس بيكون وآخرون ، الشاشات على خشبة المسرح ) ج الأول ت: د/ نادية كامل ، وزارة الثقافة ، مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي ( 20) 2008 ص147 ) على أن ما يهمنا هنا هو تحول الأزمة الاقتصادية الربوية التي هي جزء من الاقتصاد التجاري القائم على الفيء والحركة التجارية المواكبة له إلى صورة الاقتصاد الربوى أيضا ولكن في ظل علاقات إنتاج رأسمالية متوحشة ، هي وليدة تفاعلات العولمة ، دون أن يخرج عن النص الشكسبيرى. يقول سيلارز : " كان شكسبير يريد أن يصف مجتمعا متعدد الثقافات ، حيث كانت التفرقة العنصرية المقننة تتيح الحصول على مزايا مالية بشكل مباشر ولكن هذا المجتمع يمكن أن يكون مجتمعنا بمقياس القرية الواحدة ، وفي قمة الرأسمالية المتأخرة ونتائجها المباشرة التي تشكل مصادر نزاعات متتالية ، أو بالأحرى دائمة : صعوبة الكسب ، الاستغلال الاقتصادي ، التفرقة ، التعصب ، كراهية الأجانب ، العزلة ، إلخ.. عندما نحلل أكثر قسوة الجذور الاقتصادية للعنصرية ؛ فإن شكسبير كان سيشير بكل دقة إلى لوس أنجلوس اليوم ، سابقا زمنه بأربعة قرون ." ( مقتبس في المرجع نفسه ، ص 147)
ولا شك أن لغة النص الشكسبيرى نفسها في هذه المسرحية تتميز بدقة نادرة حيث " المزايدة على قاعدة هذه المجال المتعدد المعاني ، حيث تتقاطع لغة المال ولغة الإدراك الحسي " ( نفسه ص149)
علي أنه ما من نص أدبي مسرحي أو روائي أو شعري إلا وهو معبر عن طبيعة علاقات الإنتاج في المجتمع والعصر الذي أبدع فيه بما انعكس من آثار تلك العلاقة علي تعبيراته وصوره - قصد المبدع ذلك أم كان ذلك نتاج عقله الباطن - لذا رأيت أن أقوم في هذا المحور من هذا البحث بدور" الدراماتورجي " ، مكتفيا من هذا الدور بمجرد الإشارة التصنيفية - علي النحو الذي مثلت له بعاليه- بحيث يأخذ المخرج في الحسبان – إذا أراد – تصوير مظاهر العلاقة بين القوى الاستغلالية والقوى المستضعفة والمقهورة نتيجة الخلل في معادلة علاقات الإنتاج في ظل ملكية وسائلها لطبقة الإقطاع . تأكيدا على العرض المسرحي بوصفه معادلا موضوعيا للواقع الاقتصادي السياسي قي المجتمع الذي ينتجه. وهو الأمر نفسه الذي سنقفوه عندما يحين دور الحديث عن الإنتاج المسرحي في ظل الاقتصاد الرأسمالي ، وفي ظل اقتصاد رأسمالية الدولة، ثم في ظل الاقتصاد الاشتراكي . آخذين في الاعتبار أن عملية الإنتاج المسرحي شأنها شأن كل عمليات الإنتاج، يجب إلاّ تذهب إلى أبعد مما يستطيعه الجمهور نفسه، و إلاّ فقد المسرح جمهوره وغلّقت أبوابه . فكل إنتاج عليه أن يصنع رواجه . وهنا يبرز دور فن التسويق وفنون الحملات الإعلامية والدعاوية.


** الإنتاج المسرحي والحراك الاجتماعي غير الرأسمالي :
لا يخرج التفكير الاقتصادي في إنتاج مشروع استثماري أو صناعي عن الإطار الاقتصادي العام الذي يسود المجتمع نفسه حيث يقوم فيه منتج ما بمشروع ما صناعي أو استثماري. والأمر نفسه ينسحب على التفكير في مشروع إنتاج فني يستهدف العرض على الجمهور في مقابل قيمة مادية محددة - ربحية أم غير ربحية – يدفعها جمهور ما في نظير مشاهدة ذلك العرض الفني مسرحيا كان أم سينمائيا أم موسيقيا أم كان عرضا للباليه أو لفنون الرقص على مختلف أنواعه أم عرضا لفنون السيرك .
وتتأثر اقتصاديات إنتاج المشروع بالحراك الاجتماعي في المجتمع نفسه ، وبمستويات ثقافة ذلك المجتمع ومستويات دخل الفرد فيه . ولا ننسى دور الطبقة الوسطي في حركة التفاعل الثقافي والاقتصادي والاجتماعي وأثرها على رواج المنتج الثقافي والفني، علي اعتبار تدعيمها لمحاولة تأهلها للصعود ملتحقة بالطبقة الأعلى ، مدفوعة بطموحات وتطلعات لا حد لها. ولأن الحراك الاجتماعي في مجتمع ما متأثر بالحراك السياسي الاقتصادي في خطواته الأولي نحو التقدم ، مرتبطا بعلاقات سياسية واقتصادية قطعت أشواطا بعيدة علي ذلك الطريق ، لذلك رأينا إلي أي مدي أثّر الحراك السياسي الاقتصادي علي المجتمع المصري وعلي الحياة الثقافية في مرحلة ما، رفع فيها النظام الناصري ( 1964) شعار التطبيق العربي للاشتراكية، وربط مصير البلاد بالكتلة الاشتراكية وعلى وجه الخصوص بالاتحاد السوفيتي وبيوغسلافيا ، كما رفع شعار عدم الانحياز في الوقت ذاته ، مما غيّر معادلة العلاقات المصرية بالغرب من النقيض إلي النقيض ، نتيجة لرفض صندوق النقد الدولي بدعم أمريكي تمويل مشروع السد العالي . وبذلك انفتح العمل الثقافي على مصراعيه أما الغالبية من طبقات الشعب المصري الفقيرة ، ولم تعد توجهات المنتج الثقافي والأدبي والفني مقصورة علي جمهور الطبقة الوسطي ، مع شريحة من الطبقة العليا. من هنا ازدهرت حركة التأليف والترجمة والنشر وانتعشت حركة إنتاج العروض المسرحية والسينمائية ، كما انتعشت حركة إنتاج الأغنية الوطنية علي أيدي مبدعين من الشباب المؤمن بنظام يوليو والمتفاني في الدعاية له ودعمه بالأغنيات الشعار ، وكان على راس هؤلاء الشاعر ( صلاح جاهين والملحنان محمد الموجى وكمال الطويل ) فضلا عن الدور الذي لعبه كل من الموسيقار (محمد عبد الوهاب والسيدة أم كلثوم) . وهكذا وجد نظام يوليو من المفكرين اليساريين من العلماء و الكتاب والشعراء والفنانين والإعلاميين كل مساندة ، حيث كتبت النصوص المسرحية والسيناريوهات السينمائية عن روايات أدبية وأنتجت؛ مستهدفة كسب التأييد لفكر النظام وتوجهاته نحو رفع مستوي المعيشة للطبقات الكادحة ، وفتح أبواب التعليم المجاني أمام أبنائها مع جهد واضح في محو أمية من فاته قطار التعليم ، فضلا عن الأخذ بيد العمال والفلاحين من خلال عمليات تأميم وسائل الإنتاج وإدارتها بمجالس إدارات منتخبة تراعي فيها وجود نسبة تمثيل للعمال – لم يكن ظاهرا للغالبية العظمى من الشعب –آنذاك - أنها كانت مجرد ديكور ديمقراطي كاذب ، بخاصة أن النظام كان قد زج بنخبة المثقفين الاشتراكيين في معتقل الوادي الجديد لست سنوات متصلة –
وعلي الرغم من ذلك كله فقد كان ما جرى مغتفرا من مثقفي مصر وفي المقدمة طليعتهم الثورية ، باعتبار نظرتهم للنظام بوصفه نظاما وطنيا يناهض الاستعمار. هكذا أثّر الحراك السياسي الشمولي النظرة بقيادة عسكرتارية نظام وطني حديث التحرر على مسيرة العطاء الفكري الثقافي والاجتماعي بالسلب نتيجة الفصل التعسفي لطاقات المفكرين الاشتراكيين عن قيادة مسيرة الفعل الاقتصادي الاشتراكي . يقول د. فؤاد مرسي : لأن الحراك الاجتماعي في مجتمع ما يرتبط بعلاقات اقتصادية وتجارية متأثر- بشكل ما - بالحراك السياسي والحراك الاقتصادي للمجتمع الأكثر منه تقدما ، لذلك يتأثر اقتصاد ذلك المجتمع وتتذبذب أحواله صعودا وهبوطا ، كما يتأثر في حالة التبعية بالعلاقات السياسية. ولأن عصرنا حافل بالمتناقضات المذهلة التي يتخذ بعضها شكل المفارقات التي كانت تدخل في عداد المستحيلات من قبل، فقد أوقفتنا تلك المفارقات تحت مظلة التبعية السياسية. وتتمثل تلك المفارقات علي النحو الآتي :
• ارتفاع إنتاجية عمل الإنسان في مقابل تصاعد البطالة. ( وهو خلل ناتج عن كثرة المعروض مع انعدام القدرة الشرائية)
• النمو الاقتصادي البطيء مع التضخم النقدي الجامح. ( طرح منتجات قليلة في مقابل وفرة الأوراق النقدية )
• صعود الاقتصاد الرمزي بطبيعته الطفيلية مع تراجع الاقتصاد العيني.
• ازدهار الاقتصاد غير الرسمي مع التنظيم المتزايد لآليات عمل الاقتصاد ( عمليات الإنتاج من الباطن مع التهام لجان الإشراف والمتابعة والمراقبة المتفرعة التي تلتهم عوائد ذلك الإنتاج )
• تزايد الاعتماد المتبادل مع تصاعد التبعية والحماية والتعصب القومي. (كالمعونات والدعم المادي والعسكري والطبي لمساندة ثورة في بلد عربي أو إفريقي تحقيقا لشعار القومية العربية أو مساندة للتحرر ، ولكسب تبعية دولة ما أو نظام ما للفكر الناصري القومي والتحرري )
اضطراد التقدم العلمي والتكنولوجي مع ازدياد المخاطر علي الطبيعة.
(مثال توابع السد العالي حيث أثر حجب الطمي خلفه علي تجديد خصوبة الأرض الزراعية وارتفاع منسوب المياه الجوفية مما أضر بالأرض الزراعية ، والتطرف في استعمال المبيدات الحشرية والأسمدة الكيمائية في الزراعة ، مما ترتب عليها من تدمير صحة المصريين وإصابتهم بأمراض لم تكن معروفة عندهم من قبل كالوباء الكبدي والفشل الكلوي والسرطان ، وما تتكبده الاقتصاد المصري بالصرف علي علاج الأمراض المتفشية بين مواطنيه بسبب تلك المسرطنات ، ذلك بالإضافة إلي تدهور الطاقة الإنتاجية لتلك العمالة. فضلا عما أصاب الاقتصاد المصري من جرّاء استعمال الهندسة الوراثية في إنتاج البذور والحبوب والمنتجات الزراعية) ومن جراء سياسات تحديد نوع الزراعة والحدود المسموح بها لبعض الأنواع كالقمح أو القطن ، إلي جانب سياسات تبوير الأراضي الزراعية عمدا وتقطيع بساتين البرتقال والموالح بحجة رواج منتج زراعة الفراولة والزهور للتصدير إلى أوروبا، مع انتشار فكرة "الصوبا الزراعية".
يرتب د. فؤاد مرسي على تلك المفارقات مظاهر الحراك الاجتماعي والثقافي فيقول: " هكذا نجد الغنى المطلق متجاوزا مع الفقر المطلق ، وصار الرجل العادي في المجتمع الرأسمالي يتمتع بمستوى معيشة مرتفع ، لم يكن يحلم به منذ عشر سنوات فقط ، رفعته التكنولوجيا الحديثة إلى عنان الفضاء ؛ لكنها جذبته هي نفسها إلى عتبة تدمير ذاته بسهولة كبرى وتحولت فئات واسعة من المجتمع وخصوصا الشباب من القيم الرأسمالية التقليدية المعبّرة عن احترام الأهداف الاقتصادية والاجتماعية القديمة للمجتمعات الصناعية:
- القبول الطوعي بالانضباط في نظام عمل صارم ورتيب في كثير من المواقع من أجل الحصول بمشقة علي المزيد من المنتجات الاستهلاكية ولقد راحت تكتسب قيما جديدة تعطي الأولوية لزيادة أوقات الفراغ والنجاح في العمل الفردي الخلاق."
وهكذا أدّى الحراك الاقتصادي والاجتماعي في بلادنا فيما بعد عام 1973 والتحولات السياسية التي ترتبت على حرب 1973 ، إلى تغيرات جوهرية في القيم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في ظل اختزال المستويات الطبقية الثلاث ( العليا – الوسطي – الصغرى ) في طبقتين اثنتين لا ثالث بينهما ( الطبقة العليا والطبقة الصغرى) وبذلك تلاشت الوسطية الثقافية وانتشرت الأمية الثقافية ، ومن ذثمّ تأثرت حركة الإنتاج الثقافي والفني تأثرا سلبيا ؛ فتغيرت من حيث كمية الإنتاج ومن حيث كيفيته أو نوعيته ، وظهر أثر ذلك التغير في الانتاج السينمائي بالسلب ، كما ظهر سلبيا من حيث نوعية الإنتاج وإيجابيا من حيث التراكم الكمي في مجال الغناء ، والأمر نفسه حدث مع فن المسرح الذي تراكم تراكما إيجابيا من حيث الكم ( عروض شباب الهواة بهيئة قصور الثقافة ، والفرق المسرحية الحرة ) مع تغير سلبي من حيث الكيف.
ومع تغير القيم في المنتج الإبداعي السينمائي والمسرحي والغنائي ، فضلا عن المنتج الأدبي نثرا وشعرا اختفت الأعمال الأدبية والفنية ذات الصبغة القومية والوطنية ، وحلت محلها القيم الاستهلاكية النفعية والحسية ، فأصبحت الأغنية تستقبل بالعين بديلا عن الأذن ، وتشابهت المعزوفات الموسيقية – ولا أقول التأليفية أو التلحينية – المصاحبة للغناء – ولا أقول المعبرة عن مضامين الكلمات والمشاعر- واتجه الإنتاج الفني وجهة إنتاجية قريبة في قيمتها الفنية وهدفها من ضوضاء الإنتاج الغنائي –باستثناء القليل من الإنتاج المسرحي لوزارة الثقافة في الأوبرا وبيوت المسرح) حيث تتأرجح العروض فيما يين الارتفاع بالكيف علي حساب الكم والحرص على إنتاج فني متوازن فيما بين القيم الاجتماعية والفنية التي ترتفع بالأذواق ، والحرص علي تناول بعض من أعمال كبار الكتاب العالميين – ولو في أضيق الحدود بالنسبة لمؤلفي الجيل الثالث من الكتاب المصريين ، وصغار المخرجين من بين الشباب الطالع – وذلك في مقابل عروض المسرح التجاري الخاص ، التي تغلب الفرجة علي الفكر – وأكثرها فرجة مبالغ في افتعال أساليبها وصورها – على الرغم من الخط الانتقادى للأوضاع الاقتصادية والمفاسد الاجتماعية علي المستويات السياسية وعلاقات التزاوج بين كبار التجار مزدوجي الجنسية مع الجمع بين المناصب التنفيذية أو التشريعية بما انعكس بالسلب على علاقة نظام الدولة بالشعب ، دون تفريق بين المستويات الاجتماعية باستثناء نخبة النخبة من علية القوم . على ما تقدم يمكن القول إننا بإزاء طريقين من طرق الإنتاج المسرحي. طريق استثماري ربحي بسيط يستهدف التلطيف أو الترويض الثقافي أو يؤدي إلي التعريض الانتقادي الاجتماعي والسياسي –أحيانا - وهو مسار تتقاسمه الفرق المسرحية الخاصة . وطريق استثماري ثقافي غير ربحي وتنهض به فرق الدولة –المسرحية أو المسرحية الموسيقية بإنتاج مسرحيات عالمية أو مصرية تنتج – أحيانا – بدار الأوبرا المصرية أو بالبيوت الفنية للمسرح أو بمسرح الهناجر أو بمراكز الإبداع الفني التابعة لصندوق التنمية الثقافية بوزارة الثقافة .
• الإنتاج المسرحي والحراك الاجتماعي الرأسمالي الإستثماري:
أدت عملية التحول السياسي والاقتصادي المصري بعد عملية الانفتاح الاستهلاكي – الذي عرف خطأ بالانفتاح الاقتصادي – إلي تهميش دور الثقافة ، حيث تحولت وزارة الثقافة إلي ( وزير دولة للثقافة ) تعني بالاحتفاليات المناسباتية للأعلام والرواد ، التي تشيد مسرحيا أو غنائيا بدور علم من الأعلام أو الرواد ، كما توسعت الأنشطة الفنية في الاحتفالات بأعياد النصر في السادس من أكتوبر وفي العاشر من رمضان وتنوعت مابين احتفالات مهرجاناتية مدنية موسيقية راقصة أو دراماتيكية وحفلات إنشاد ديني ، حتى رأينا قصور الثقافة الجماهيرية تغلب على أنشطتها محاضرات الوعظ والإرشاد الديني والتواشيح والأدعية الدينية وليالي الدروشة المناسباتية الرمضانية أمام ساحات المساجد الكبرى في عواصم المحافظات في أنحاء مصر منذ عهد السادات حتى يوم الناس هذا . كما نشطت العروض المسرحية التجارية للفرق الخاصة ، في إنتاج عروض ترفيهية رخيصة للسياحة العربية الصحراوية النفطية – خصيصا – حيث البذاءة اللفظية والتورية الجنسية والنكات غير اللائقة والحركات السطحية الجسمانية الفجة ، مع تداخل أساليب الغناء مع الرقص مع التمثيل في غير ملاءمة أو قيمة فنية أو جمالية ، وربما بدون مضمون ، سوي الإضحاك . كما انتشرت ظاهرة النجم الذي يلتف حوله طوال العرض مجموعة من الممثلين والممثلات شبه العاريات ، باعتبارهم حاشية أو ( سنيدة ) لأدائه السمج علي مدار ساعات أربع أو خمس تبدأ عند منتصف الليل لتنتهي مع مطلع الفجر . توجه الإنتاج المسرحي إذن إلي الفردية من حيث الإبداع ومن حيث التمويل ومن حيث الإدارة ، ومن حيث العائد ، الذي يشارك فيه النجم الأوحد للعرض المنتج بنسبة من الأرباح قد تصل إلي 50% أو أقل قليلا إذا تعاقد على أجر محدد.
أما من ناحية المضمون – إن كان للعرض ثمة مضمون – فهو يتوجه نحو الترويض الثقافي ، مطعما بقفشة ذات ملمح سياسي يسقطها الممثل النجم الأوحد للعرض على الواقع السياسي في مصر أو في بلد عربي ، تنفيسا يخلق حالة من التلطيف لدى الجمهور ، باعتبارهم يقوم عنهم بما كانوا يودون قوله انتقادا للأحوال السياسية في البلاد !! علي أن هذا النوع من الإنتاج قد انحسر وهمش دوره في السنوات العشر الأخيرة ، بعد صمت طلقات الرصاص في لبنان ، ومن ثمّ تحول السياحة العربية النفطية إلى بيروت ، وقد أدى ذلك التحول إلى جدولة ليالي العرض المسرحي التجاري لتقتصر علي ليلتي عرض في الأسبوع ، حيث تحصر تذاكر البيع فيهما تخفيضا للنفقات . بعد أن اقتصرت الفرق المسرحية الخاصة علي فرقتين على الأكثر ( الفنانين المتحدين – مسرح الفن جلال الشرقاوى ) مع تذبذب عروض فرقة ( ستوديو المسرح لمحمد صبحي ) . وذلك في مقابل عودة الإنتاج المسرحي لفرق الدولة في البيوت الفنية والمسرحية وفي فرق الثقافة الجماهيرية – المجانية – على الازدهار من جديد ، دون أن تغير من نمط إنتاجها الذي يتداخل فيه أساليب الفنون المختلفة في العرض الواحد ما بين تمثيل وغناء ورقص وترقيص – دون ضرورة يقتضيها النص أو يستلذ بها الجمهور- مع انحسار الرواج الجماهيري – ربما لتآكل الطبقة الوسطي في مصر وعدم إقبال الطبقة العليا في مصر علي عروض مسرحية في مصر ، ربما لقدرتها الفائقة علي مشاهدة العروض العالمية في لندن وفي أمريكا أو ربما لاستهواء ألوان من العروض الترفيهية – ومع أن الدولة بدءا من التسعينيات قد شرعت في خطوات الخصخصة وبيع المؤسسات والمصانع والشركات، حيث أرخت قبضتها عن الإمساك بوسائل الإنتاج، وتركت الباب مفتوحا على مصراعيه للمستثمرين – وغالبيتهم طفيليين وأجانب عبر مشاركات تجارية استثمارية مع بعض التجار المستثمرين المصريين بنسبة لصالح المصريين بما لا يتجاوز 1% أو 2% - إلاّ أن أثر ذلك لم يظهر علي سوق الإنتاج المسرحي ، وإن كان قد ظهر في سوق إنتاج الأغاني في سوق الكاسيت ، وفي القليل النادر من المسلسلات والأفلام السينمائية . ولأن حقيقة النشاط الاقتصادي في مصر بعد سيطرة من عرفوا برجال الأعمال من التجار والسماسرة والمستثمرين على السلطة التنفيذية في الوزارات والمصالح والهيئات الحكومية ، لا تستبين معالمها الاقتصادية فيما إذا كانت رأسمالية السوق أم رأسمالية الدولة، لذا ظل الإنتاج المسرحي ووسائل إنتاجه ومخططاته وتمويله وإدارة نشاطاته وترويجه مقصورا علي مركزية الإدارة البيروقراطية ، حيث ورم الجهاز الإداري الخبيث بما يقارب نسبة 8 من الإداريين في مقابل كل فنان من العاملين بالبيت الفني للمسرح . والأمر نفسه قائم في البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية . فإذا علمنا أن ميزانية البيت الفني للمسرح في مصر هي 25 مليون جنيه في السنة ، وإن 5 مليون فقط من مجملها يخصص لإنتاج المسرحي بينما تصرف 15 مليون الباقية على الأجور لأدركنا أسباب ضعف القيمة الفنية لإنتاجنا المسرحي
* الإنتاج المسرحي وملكية الدولة لوسائل الإنتاج:
تبدأ عملية الإنتاج فور صدور قرار إسناد مهام إنتاج عرض مسرحي لمسؤول ولإداري مالي ، له من الخبرة ما يؤهله لتولي تدوير بنود الميزانية التي وضع المخرج مقايستها وأقرتها إدارة الفرقة – سواء أكانت تابعة للدولة أو تابعة لصاحب الفرقة باعتبارها مؤسسة ثقافية فنية استثمارية – ومن ثم رصدت لها الأموال اللازمة لعملية إنتاج عرض مسرحي ، بعد ارتباطها ، ومن ثم توليه لاقتصاديات الصرف واقتصاديات دولاب إدارة الإنتاج وآليات الدعاية والتسويق بفروعها المتشابكة والمتعددة ، وفق مراحل مجدولة ، مع الضبط المستندي والدفتري للمصروفات وللإيرادات ، بمعاونة جهاز محدود من المعاونين التنفيذيين – كل حسب المهمة المكلف بها ، سواء اتصلت بالتعاقدات أو بالصرف المباشر وغير المباشر أو الدعاية والإعلان أو شؤون التعامل مع الهيئات الرسمية أو الأهلية أو مع الأفراد المتصلين عمليات التسويق أو ما يتصل بالصرف على الاتصالات المرتبطة بالعرض موضوع الإنتاج في ظل إطباق قبضة الدولة علي وسائل الإنتاج الثقافي لا تتجه فلسفة إنتاج ما فكريا أدبيا أو فنيا بعيدا عن عقال خطة تستهدف كسب التأييد لفكر الدولة السياسي ولتوجهاتها الاقتصادية. وهنا يصح لنا أن نقول وبوضوح أن ذبذبة النظام السياسي والاقتصادي في مصر منذ 52 قد أدت إلي تخالط الأجناس الفنية فيما ينتجه المسرح المصري، تمشيا مع إيديولوجية النظام وتوجهاته غير الرأسمالية وغير الاشتراكية في آن واحد. وهو أمر نلحظه في أعمال لألفريد فرج ، مثل ( الزير سالم ) التي تقوم على فكرة التحالفات القبلية ، في معدلة موضوعية مع فكرة ( تحالف قوي الشعب العامل) و ( نظرية الكل في واحد ) التي تسوغ للحاكم الفرد الزعيم المطلق ، المستبد العادل أن ينوب عن كل الشعب . ولعل التاريخ يذكرنا بما صرخ به جمال عبد الناصر فور نجاته من إطلاق النار عليه من أحد أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين في بداية حركة يوليو بميدان المنشية بالإسكندرية " إن مات جمال عبد الناصر فكلكم جمال عبد الناصر". هكذا يختزل هذا الشعار شعب مصر بأكمله في شخص زعيمه الفرد . والأمر نفسه ينسجه ألفريد فرج في بناء مسرحيته تلك ، حيث تختزل قبيلتي ( بكر وتغلب ) في ( هجرس ) ابن الزعيم الفرد المستبد ( كليب التغلبي) من ( جليلة بنت مرة البكرية) ، ففيه من دم عمه ( الزير) المنتقم ثأرا لأخيه دون توقف ، وفيه من دم خاله جسّاس :قاتل أبيه) ، فهو كل هؤلاء ، معادلا للقبيلتين بأكملهما !! وهكذا يتماهى المسرح مع الواقع السياسي الذي يفرضه نظام الحكم . . كما يتماعى معه أيضا في مسرحية ( على جناح التبريزي وتابعه قفة) ، حيث يؤمم (التبريزي) ممتلكات التجار ، والوزير والملك ، في بلاد متعددة ينزل عليها ، ويعيد توزيعها على المتسولين العاطلين . وهو أمر يعادل الفكرة الفلسفية للاشتراكية الطوباوية ، القائمة علي تدوير الفيء ( الاقتصاد الريعي ) ، وهذا نفسه يحدث في مسرحية ( الملك معروف) لشوقي عبد الحكيم ، فالمللك يعيد توزيع كل ما بحوزته للشعب ، حتى لم يتبق شيء ليوزع ، لأن الشعب خامل غير عامل ، فلا إنتاج ، ولا عوائد ولا أحد يعمل ، من هنا يخرج ووراءه شعبه ليتسول من دولة مجاورة. وفي مسرحية ( جمهورية فرحات) ليوسف إدريس ، يعيد إنتاج فكرة الاشتراكية الفابية ( نسبة للقائد الروماني فابيوس) الذي كسب المعركة الحربية النهائية ضد هانيبال على مراحل ، كذلك كان سعي الآشتراكيين الفابيين ( جورج برنارد شو وراقه) نحو تحقيق الاشتراكية بتأميم ( حزب العمال البريطاني ) للمؤسسات والمناجم ، واحدة بعد الأخرى كلما جاء إلى الحكم ، لتتحول وسائل الإنتاج إلى ملكية الطبقة العملة في النهاية ، مهما يطول الزمن ، دون أن يضعوا في الحسبان أن انتصار حزب المحافظين كان سيعيد ما أمم من المؤسسات إلي الملكية الخاصة مرة أخرى .
ولقد دارت مسرحيات سعد الدين وهبه في فلك سياسة النظام الناصري أيضا ، مواكبا حركة مصادرة أراضي الملاك الزراعيين فيما زاد عن مائتي فدان للأسرة المالكة بأسرها فكتب ( المحروسة – كوبري الناموس – كفر البطيخ ) وبعد مرحلة التأميم كتب ( سكة السلامة) 1964 مستشفا ما حدث بعد ذلك في يونيو 1976 . والأمر نفسه فعله نجيب سرور في ثلاثيته ( ياسين وبهية – آه يا ليل يا قمر – قولوا لعين الشمس) وهي تدور حول فكرة خلاص مصر الطبقات الدنيا من الاستغلال الداخلي ممثلا في تحالف الملاك الزراعيين الرأسماليين في آن واحد ، دون تحقق ذلك أبدا ، الأمر الذي دفعه إلى كتابة ( منين أجيب ناس) ليؤكد عن طريقها أن لا أمل في خلاص مصر. كذلك فعل الحكيم الشيء نفسه بكتابته لمسرحية 0 الأيدي الناعمة) في مقاربة دلالتها لشعار النظام في مطالع الستينيات ( العمل حق العمل واجب ) ن فرسم شخصية ( برنس) من العائلة الملكية عاطل بالوراثة ، وصديقا له بالمصادفة هو دكتوراه في ( حتى) يبحث عن عمل بدرجته العلمية دون جدوى ، ليؤكد أن من لا يعمل لا مكان له في المجتمع المصري ، شأنه شأن البرنس ، من هنا يغير كل منهما من خططه وطموحاته حتى يتأهل كل منهما للمشاركة الفاعلة في المجتمع ، ويكتب ( السلطان الحائر ) مسوغا للمستبد العادل أن يرسخ نظام حكمه ، ويكتب ( شمس النهار ) ليؤكد فكرة تقسيم العمل ، والسلوك على طريقة الاشتراكيين ، بحيث لا وجود لمن لا يعمل ، وحيث ( كل على قدر حاجته) شريطة العمل ووفرة الإنتاج . وكذلك رأينا يوسف إدريس يكتب مسرحيته ( الفرافير) محوما حول الفكر الفلسفي الوضعي ، والفكر الفلسفي الوجودي ، ليؤكد أن السيادة والعبودية جوهر معطي ، هكذا يخلق صنف فرافير وصنف آخر يخلق أسيادا ، وهو أمر قدرّه الغيب في حياتنا الدنيا وفيما بعد الممات . علي . حتي ألفريد فرج عندما تخلص من ولائه لنظام يوليو اللا رأسمالي وكتب ( جواز على ورقة طلاق) ليتراجع عن القول بإمكان التزاوج بين الطبقات ، الذي دعا لكسب التأييد له ، إذا به يتراجع في 2005 عن ذلك ويغير نهاية تلك المسرحية ليشخص إمكان تزاوج الطبقات !! علي نحو ما رأينا بعد التحول في ملكية وسائل الإنتاج من قبضة الدولة إلى قبضة حفنة من التجار والرأسمالية الطفيلية في إطار ما أطلق عليه ( الخصخصة) .

الإنتاج المسرحي وأمراض الثقافة المسرحية

" في وقتنا الحاضر يقوم كل عمل خلاّق بوظيفة تعديل المصائر" ( هنريك إبسن). ولأن الإنتاج المسرحي عمل من أعمال الخلق ، التي تعيد صياغة الفكر والوجدان البشري منذ ابتكره الفكر الإنساني ليعبر به عن معاناته وطموحاته وأحواله ، بغية الخروج إلي نهار اليقظة ، استيعابا لحياة سلفه توطيدا لإيجابياتها وما يلتمع منها ويلقي بضوئه علي حاضر الأجيال المتعاقبة ، وتثبيتا لها ، ولسلبيات حياتهم ، استيعابا لدورها المعوق لتقدم الإنسانية والركود بها في مستنقعات ماضوية تجمد حياة العقل البشري وتلحق المجتمع الإنساني بمفازة التخلف.
لقد مر المسرح بمراحل متعددة ، ومتباينة في ترسيم خطط إنتاجه ، والفلسفة التي يقوم كل عرض من العروض المسرحية على أساسها ، فكريا واقتصاديا ثم إبداعيا . وهي خطط أشبه ما تكون بدراسة جدوى فكرية أولا ثم إقتصادية بعد ذلك – هذا بالنسبة لإنتاج المسرحي الرسمي العام ، الذي يستهدف تحقيق أهداف ثقافية قد تسمح بطرح وجهات نظر معارضة لسياسات الدولة نفسها أو لسياسات مناظرة لسياساتها - غير أنها تكون دراسة جدوى إقتصادية أولا وأخير - كما هو الحال بالنسبة للغالبية من مخططات الفرق المسرحية الخاصة ذات الطابع الربحي - وقد توازن بعضها بين ماهو إقتصادي وماهو ثقافي وفني ، استشرافا لطبيع المزاج والثقافة السائدة اجتماعيا .
علي أن تتبع عمليات إنتاج العرض المسرحي عبر مراحله التاريخية ، منذ عرف المسرح في مصر ، وعلي وجه الخصوص منذ أوائل القرن العشرين ، حيث ازدهار الفرق المسرحية الخاصة التي حملت أسماء روادنا المسرحيين ( جورج أبيض – عزيز عيد – نجيب الريحاني وبديع خيري – فاطمة رشدي – فرح إسكندر – علي الكسار – عبد الرحمن رشدي – عبد الرحمن صدقي – زكي طليمات - يوسف وهبي – أولاد عكاشة – إسماعيل ياسين – تحية كاريوكا – الفنانين المتحدين – مسرح الفن – فرقة المسرح الحر – فرقة ستوديو الممثل – وفرق الهواة ) مرورا بالفرقة القومية للتمثيل والفرق المسرحية التي ضمتها الدولة تحت إدارتها ، فضلا عن فرق الأقاليم بالثقافة الجماهيرية ، وفرق ما يعرف الآن بالمسرح الحر والمسرح المستقل والمسرح البديل ، والعروض المهرجاناتية والعروض المناسباتية ؛ إن تتبع تلك الرحلة التاريخية التي تصل إلي ما يقترب من المائتي عام سوف يخرج بتصور عام موجز للهدف الفكري والاقتصادي الذي يحدد فلسفة الإنتاج المسرحي في المسرح المصري .
بدأ المسرح المصري بعدما التقط أنفاسه في أوائل القرن بما يمكن أن نطلق عليه ( التحريض الاجتماعي) ، ولعل مسرحية ( الضرتين ) التي كتبها وأنتجها الرائد المسرحي المصري ( يعقوب صنوع) ، كانت أولي نقاط النقد الاجتماعي الذي يتعرض له المسرح العربي لظاهرة زواج الرجل بامرأتين في وقت واحد . – مع أن الذي تضرر كثيرا من هذا النقد هو( الخديو إسماعيل) . علي أن من جاءوا بعد صنوع من المسرحيين المصريين واستمروا في إنتاج عروضهم المسرحية لم يذهبوا بعيدا عن ذلك الهدف وهو التحريض الاجتماعي علي مفاسد ومظاهر استغلال الأغنياء وعلية القوم في مصر للفقراء والتعسف في إفقارهم ، وإن توسلت تلك العروض بالمواقف الكوميدية ، التي ترسم بها شخصية الموظف البسيط بزيه المتهالك وبالمواقف الساخرة والمفارقات الكوميدية التي تأسس عليها العرض الكوميدي أو العرض الميلودرامي في عروض الريحاني وعروض يوسف وهبي وعروض علي الكسار وغيرهم ) ، فضلا عن ما ينتج من عروض تراجيدية عالمية أو شعرية أو عروض موسيقية غنائية ، كأوبريتات سيد درويش ويمر الإنتاج المسرحي في السنوات الأخيرة بحالة من التحسن علي إثر تفاعل المواهب الشبابية الجديدة مع مكتسبات ذاكرتهم البصرية من مخزون مشاهداتهم لجديد العروض المسرحية الوافدة التي شاركت في فعاليات مهرجان القاهرة التجريبي الدولي علي مدار ثمان عشرة سنة مضت ؛ فضلا عن تفاعلهم مع إيقاع العصر وقدرة بعضهم علي النفاذ إلي جوهر الحدث أو الشخصية المسرحية والعمل علي تجسيدها أو إعادة تصويرها من منطلقات الاحتمال لا الضرورة بما يسهم في إنتاج دلالات متعددة لخطاب العرض المسرحي الواحد عبر نظرة لا تعترف بدلالة تامة لخطاب العرض . لقد اكتسب شباب المسرح في مصر وفي بعض البلدان العربية الكثير من سعة الأفق ، بفضل الحركة المتجددة التي ضخت العديد من الصور والتصورات المستلهمة من تدفق العروض التجريبية ؛ التي شاركت في دورات المهرجان من ناحية ومقاومة شباب المسرح للمد المتسع لفنون الميديا ومواجهتها برؤى فرجوية تحاول بعث المعرض المسرحي في خلق جديد بدأن شاخت الرؤى وتكلست الصور المسرحية . ولاشك أن في حالة الاستنهاض الفرجوى للعرض المسرحي نوعا من المعالجة لأمراض المسرح المستوطنة من ناحية ثانية والتحصن من أمراض محتملة ، تخلص من بعضها وفي سبيله إلي التخلص مما قبع منها في ثنايا جسده الإدارى والإنتاجي ،وهو في سبيل ذلك عليه أن يتخطى الكثير من الصعوبات والمعوقات ومراعاة عدد من المتغيرات منها:
# تغير سيكلوجية الجمهور؛ وذلك يلزم الفكر الإنتاجي الإدارى بمواكبة ذلك التغير في سكلوجية التلقي بسيكلوجية إنتاجية ملائمة
# عدم استسلام المنتج المسرحي للإغراءات الإعلامية أو المادية علي حساب الفن .
# البعد عن الادعاء الزائف بتفرد الموهبة (غرور الموهبة) عند بعض الوجوه الشابة .
# عدم الاستسلام للشهرة ولبريق المنجز الشخصي أو التاريخي وأصداء تمجيد الذات ( بوساطة الفنان نفسه أو عن طريق النفاق الإعلامي أو من خلال سلطة المنصب.
# الامتناع عن الخطاب القائم علي مخاطبة جميع الناس نيابة عن جميع الناس،علي المستويين الاجتماعي والثقافي .
# البعد عن المغالاة في التبسيط المخل في الخطاب المسرحي أو الإغراق في تكلف القضايا القومية أو الايديولوجية (سياسية كانت أم دينية) حتى لا تفوح منها رائحة التحزب أو التعصب المتقنع خلف الصورة المسرحية .
# البعد عن تقافز أفكار الخطاب المسرحي أو الانخداع ببريق الفكرة أو وقع دويها التآمرى الخلاب ؛ والبعد عن فوران الآراء مع تفاوت قوى التخيل في غيبة ذكاء المعالجة الدرامي والجمالية .
# إيجاد مخرج تخييلي للانفلا ت من أسر الرقابة الذاتية للمبدع والرقابة الرسمية والرقابة الجمعية ( التقاليد والموروثات المكبلة للإبداع) .بقيودها المتعسفة ..يقول (إبسن):"في وقتنا الحاضر يقوم كل عمل خلاّق بوظيفة تعديل المصائر" .
# مراجعة إدارة البيوت المسرحية التي تخطط وتدير المسارح والفرق المسرحية للخطوط الفاصلة بين هويات الفرق المسرحية التابعة لها بحيث لا تذوب هوية فرقة مسرحية في فرقة مسرحية أخرى حتى لا تنمحي هوية إنتاجها أو تتشابه.
# درء الفنان وإدارة الإنتاج المسرحي لأوجه النقص الثقافي والمعرفي ونفي الفقر التخييلي وفقر المخيلة التخطيطية للإدارة الإداربة وإدارة الإنتاج بضرورة التواصل الثقافي والمعرفي المتزايد في ظل السماوات المعلوماتية المفتوحة والاستزادة من دراسة اقتصاديات الإنتاج الثقافي والمسرحي لسد ثغرات فلسفة تسويق الإنتاج ووضع برنامج تسويقي قبل الشروع في تنفيذ العرض المسرحي بتنشيط خطوط الاتصال الإعلامي والإعلا نى عن طريق تصميم حملة دعاية مكثفة – كما وكيفا-
# امتلاك منهج في التخطيط للموسم المسرحي ومنهج للممارسة والتطبيق عبر الاحتكاك وتبادل الخبرات وتفعيل النقد الذاتي مع التجدد أو التوالد الدائم لمواكبة تغير أحوال سوق الفن أسلوبا دون انتقاص من قيمة المنتج الإبداعي المضمونية التي ترقي بأذواق الجمهور.
# تجديد عضويات لجان القراءة والمكاتب الفنية ، لضخ دماء جديدة واعدة تتمتع بقدرات خلاقة، والتخلص من الشللية.
# إيجاد فضاءات مكانية للإقامة عروض تتسم بالبساطة والبلاغة معا ، تعويضا عن نقص دور العرض ، وتحايلا علي قلة التجهيزات ، وتعقيدات الإدارة .
# توزيع الباحثين المسرحيين المعينين بالبيت الفني للمسرح ، والبيت الفني للفنون الشعبية علي الفرق المسرحية ودور العرض ليكونوا نقادا مقيمين بالمسارح ، والكتابة النقدية المستمرة المتابعة للعروض المسرحية ، علي أن يكونوا تحت إشراف مكتب فني من كبار نقاد المسرح والفن

# إسراف الكاتب المسرحي في الرقابة الذاتية فضلا عن الرقابة الرسمية والرقابة ( التقاليد ) ووضع القيود الفكرية ذات الصبغة الأيديولوجية – والتحزبية غالبا - على المخيلة الإبداعية للكاتب وللفنان المسرحي .
# الفقر الثقافي والمعرفي ، والفقر التخييلي والإداري والفقر الإنتاجي ، الناتج عن عدم التواصل الثقافي والمعرفي ، وعن عدم دراسة إقتصاديات الإنتاج الثقافي والمسرحي ، مع غياب فلسفة التسويق وخبراته في مجال الإنتاج الثقافي بعامة وفي مجال الإنتاج الفني والمسرحي بخاصة ، قبل الشروع في تنفيذه ، فضلا عن الفقر الإعلامي أو الدعائي في الكم وفي الكيف.
# افتقاد أكاديمي المسرح للأكاديمية ( المنهج والممارسة والتطبيقات والاحتكاك ، وتبادل الخبرات ، وممارسة النقد الذاتي ، والتجدد ، أو فقدان الرغبة أو الباعث على التجدد أو الرغبة في التوالد الدائم للذات الإبداعية )
# الاستسلام للمبالغات والمماحكات وللدعاية المغرضة والشائعات والمكائد الصغير ة المتبادلة، جريا وراء أغراض شخصية أو منافع صغيرة تافهة ، أو كسب لرضي مسؤول أو نجم أو منتج
# الميل إلي روح الدعاية العاطفية – وإن كانت مفيدة أحيانا في عملية تسويق عرض من العروض .
# افتقاد المسرحيين لروح الحوار وقبول الرأي الآخر وبخاصة الرأي النقدي ، حتى وإن كان نقدا موضوعيا .
# انحياز أقلام بعض نقاد المسرح لمديري الفرق أو لبعض النجوم زهاء ثمن بخس أو في مقابل صداقة تضر بفن المسرح وبالفنان نفسه .
# ذبول ملكة الخيال ، وانتفاء روح الموضوعية عند الكثيرين من كتاب النقد في الأعمدة الصحافية.
# عدم إيمان مديري المسارح برسالة متخصصة ، ومعلنة لإنتاج عروض فرقهم المسرحية.

# إهمال المنتجين لإنتاج العرض المسرحي الرفيع ، باعتباره عملا تجاريا ضئيل الربحية، محدود الجماهيرية والرواج ( مع أننا نري أعمالا مسرحية على المسارح البريطانية والأمريكية مثل البؤساء لفيكتور هيجو ، وإيفيتا لتيم رايس ، وشبح الأوبرا لماكنتوش وغيرها ، يستمر عرضها لعشرات السنين دون توقف ، ودون فواصل زمنية، مع قوائم انتظار لشهور قادمة ) ولئن احتج أحد النابهين بأن المسرح الانجليزي في بريطانيا مسرح يعتمد على السايحة ، حيث يذهب الناس من كل أنحاء المعمورة إلي بريطانيا لمشاهدة عروض مسرحية حفرت تاريخ نجاحها بحروف من ذهب ، فنبادر ونعاجله بالجواب ، في مصر ، كما في سوريا والأردن وتونس والعراق من الأماكن الثرية التي يفد إليها السياح من كل صوب وحدب ، فما يمنع المهيمنين علي الثقافة وإدارة العمل الثقافي في تلك البلدان من إنتاج عروض مسرحية تتناسب مع الأماكن الأثرية ، لتعرض علي الوفود السياحية المتوافدة ؟!
# ترهل النصوص والعروض المسرحية ، دون قدرة من فنان المسرح كاتبا كان أم مخرجا على إدراك إن الجمهور يكتفي بأقل القليل من الأقوال التي يضعها الممثلون على ألسنتهم في العرض الذي يقول الكثير مما لا ضرورة له ، دون أن يكشف إلاّ عن القليل النافع . ولنا أن نستعين بما قاله بن جونسون علي قبر شكسبير ، ( ليته اكتفي بربع ما كتب من حوار مسرحياته)
# افتقاد خطاب العرض المسرحي لذاتية الأداء ، تعبيرا كلاميا وغير كلامي ، وانمحاء شخصيته.
# ابتعاد العرض المسرحي عن حقائق عصره ، وعجزه عن تصوير إحساس المتفرج بالحياة الإنسانية ، مع عدم إدراك منتج العرض المسرحي بميل الجمهور التدريجي نحو كل جديد في مجال الشكل ، الذي يجدد حماسه لارتياد للعروض المسرحية .

# شك المنتج المسرحي فنانا كان أم إداريا أم رجل اقتصاد أم تاجر في أن الناس تنقصهم في مسرحنا انفعالات من نوع آخر غير تلك التشنجات التي يمتلئ التعبير في كل عروضنا المسرحية
# إقحام الغناء والرقص في حدث درامي ( كوميدي – تراجيدي ) دون ضرورة درامية مقنعة ، تضيف جديدا للأثر الدرامي والجمالي.
# عدم إدراك فنان المسرح كاتبا ، مخرجا ، مصمما ، ممثلا ، ناقدا أو منتجا إلي أنهم مشدودون إلي قوانين الفن لدرجة تحولهم الآلي ناسخين للأشكال والأساليب ، لا مبدعين لها .
# افتقاد العرض المسرحي غلي تجسيد معادل تخييلي أو( إيهامي) لصورة الغائب والعجائبي.
# افتقاد العرض المسرحي للبوصلة التي توحد بين إيقاعه وإيقاع العصر الذي أنتجه.
# عم إدراك إدارة الإنتاج المسرحي  الإدارة المالية والإدارة الفنية ) بأن هدف الإدارة هو تحقيق الأهداف عن طريق الغير .
# غياب المنهج في اختيار القيادات الفنية والإدارية والاقتصادية ( التخطيطية والترويجية ) مع استمرار الاعتماد علي أهل الثقة وتفضيلهم علي أهل الخبرة . " إن خير من اخترت القوي الأمين"
# عدم اقتناع القائمين علي الإنتاج المسرحي إداريا وفنيا ونقديا بالفكرة التي تقول: " إن أول التجديد هو قتل القديم فهما" وهي فكرة ( أمين الخولى) أو بالفكرة التي أطلقها جيته : " كل عملية بناء تحتاج إلي عملية هدم" وكلا الفكرتين غائب عن قاموس الثقافة المصرية وفكرها الإنتاجي .
# عجز وسائل المسرح عن أن تكون في خدمة الممثل ، وعجز العرض المسرحي عن الاستحواذ كليا علي الجمهور ، باعتبار التمثيل أحد الفنون التي تحتل واحدا من أماكن الصدارة في الفن المسرحي .

# عجز العرض المسرحي عن تقديم كل ما يساعد المتفرج ن وبأسهل صورة ممكنة علي أن يبعث في خياله الوضع الذي يتطلبه مجري أحداث المسرحية ، بديلا عن الفرجة النائمة التي يفرضها تغليب لغة الحوار الكلامي الزائف في العرض المسرحي علي لغة الصورة دون إدراك جهة الإنتاج إلي ان الجمهور يدرك في كل العصور أن لغة الكلام يمكن تزييفها بينما لا يمكن تزييف لغة الحركة .
# عجز الجهة المسرحية المنتجة للعروض عن تامين جميع المستلزمات التي تجعل الممثل يبدع أكثر ؛ ليكون هذا الإبداع محسوسا قبل أن يكون مفهوما بشكل أفضل عند المتفرجين.
# عجز المخرج عن كشف روح الممثل المشتبكة مع روح الشخصية المشتبكة مع أرواح الشخصيات الدرامية المتفاعلة معها في الحدث والمشتبكة جميعها مع روح مؤلف النص المسرحي وروح مخرج ذلك النص نفسه ، اندماجا أو اغترابا، أمام المتفرج ، باعتبار تلك المهمة في تشابك دوائرها هي نفسها رسالة المسرح الوحيدة .



#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتمية التحول بين نهار اليقظة وعمى البصيرة
- المسرح الشعري ولا عزاء للنقاد
- أحلام سيريالية
- ثقافة الفالوظ
- لويس عوض والبصيرة الحداثية
- المسرح ومفهوم الإيقاع
- (البلطة والسنبلة) .. المهدي غير المنتظر
- طالما .. وطال ما
- عنكب يا عنكب وصبيان البحث المسرحي
- مفكر وكاتب مسرحي من قنا
- البحث المسرحي والنقطة العمياء
- فلسفة الفوضي الخلاقة في عرض مسرحي بالجزويت
- ليلة من ليالي على علوللا
- بوسيدون يستبدل إكليل الغر بالغتره
- سارتر وليزي وبوش
- جماليات الأصوات اللعويةفي الأدوار المسرحية
- سلم لي على -بافلوف-
- جماليات التعبير بالأصوات اللغوية في الأدوار المسرحية
- فلسطين بين ثقافة العنف والسلام- في حوارية قطع ووصل -
- فلسطين بين ثقافة العنف والسلام


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - الإنتاج المسرحي بين التنمية والأمراض الثقافية