أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - -وهي مصر بتحبني؟-














المزيد.....

-وهي مصر بتحبني؟-


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2578 - 2009 / 3 / 7 - 10:06
المحور: حقوق الانسان
    


كتب المعماريُّ/ محمد غزال، ردًّا على مقالي الأسبق: "مصرُ التي لا يحبها أحد"، يقول: ("سُئِلَ أحدُ أطفالِ الشوارع، في برنامج تليفزيونيّ، من قِبَل إحدى المذيعات: إنتَ بتحب مصر؟ فردَّ الطفلُ بعفوية: "وهي مصر بتحبني؟")
وكأن التعليقَ يقول إن الحبَّ فِعْلٌ تبادليّ، (مش حب من طرف واحد يعني.) والحقُّ أنني تفكرتُ طويلا في سؤال الطفل الموغل العمق، الذي هو إجابةٌ وسؤال في آن. وأُخِذْتُ لوهلة! طبعا الولد معه حق؛ إذْ لابد أن يُحبُّنا الوطنُ لكي نحبَّه. فالمواطَنة عَقْدٌ بين إنسانٍ وبقعة أرض، أقيمت فوقها دولة، ينتمي لها هذا الإنسان. عقدٌ متبادَلٌ وفوريّ الإبرام والحقوق والواجبات. لابد أنْ يعطيني الوطنُ حقوقيَ وأنْ أعطيه واجباته، في اللحظة نفسِها. لا أوّلَ ولا تاليَ. كلاهما: الحقُّ والواجبُ، معا في نفس اللحظة. أُخذتُ بالإجابة لوهلة، لكن شيئًا ما من عدم الارتياح كان يخالجني. ثم انتبهت للثغرة في إجابة الطفل، على عمقها. أيضا، مثل مقالي السابق "مصرُ الكثيرةُ"، لابد أن يحدّدَ الطفلُ: عن أيِّ مصرَ يتحدث؟ مصرُ الوطنُ أم مصرُ الحكومة؟ فمصرُ ليست هي حكومتَها، مثلما لا وطنَ هو حكومته. فمصرُ مثلا ليست مسؤولةً عن كامب ديفيد. اسألوا، عشوائيًّا، مليونَ مصريّ لتعرفوا أنها معاهدةٌ زائفة. حكومةٌ ما، قررتْ أن تصُكَّ معاهدةً ما. لم يُستفتَ شعبٌ، ولم يُستَشر مواطنون، ولم تُستقرأ إرادةٌ عامة! هو قرارٌ سياسيّ، ربما يحمل بعضَ الخير لمصر التي جادتْ بدمِها النبيل في كلِّ حروب العروبة، فيما دولٌ أخرى بخلت بالمال والنفس. نعم، من حقّ مصرَ أن تحقنَ دماءَ بنيها، الذي أُريق غزيرًا. وربما كان وراء القرار رغبةٌ في إعمار مصر بعد سلسالِ حروبٍ طوال، ذلك الإعمار الذي لم يتم أبدا، بل تلاه سلسالٌ من الخراب، الاقتصاديّ والأمنيّ والاجتماعيّ والوجوديّ والجماليّ. لكنْ علينا تقييم الفكرة بالنوايا الطيبة التي أرهصت لها. لأننا، لو مارسنا بعضَ الشرّ الماكر، سنقول إنْ هو إلا قرارٌ سياسّيٌ أشارتْ به دولةٌ عظمى تتحكم في دول العالم، مثلما يتحكم لاعبُ شطرنج في قطعٍ خشبية من بيادقَ وأحصنةٍ وأفيالٍ وسلاطينَ وملوك! قد يكون، لكن الحتميَّ أن قرارات الحكومة دائما لا دخلَ للشعب فيها، كما لا دخل لمصرَ فيها. لذلك لا أحدَ في العالم بوسعه أن ينتقدَ "مصرَ الوطنَ" أو "مصرَ المصريين" على تلك المعاهدة الكوميدية، بل تُسْألُ في ذلك حكوماتُ مصر.
لذلك سأردُّ على هذا الطفل، وعلى زميل المهنة العزيز، محمد غزال، بأن أقول لهما، بالدارجة المصرية الصريحة: "أيوا مصر بتحبك، وبتحبك أوي كمان!"
صحيحٌ أن الحكومةَ لا تحبُّك، ولا تحبني، ولا تحبُّ مصرَ ربما، لكن مصرَ "الوطن" بكلّ تأكيد تحبُّنا جميعا. مصرُ لم تُخرّبِ التعليمَ كي نصيرَ أنصافَ جُهلاء أنصافَ أميّين، بل خربته الحكومةُ. مصرُ لم تعتقلِ المثقفين منذ 1959 وحتى الآن، بل اعتقلتهم حكوماتُ مصرَ. مصرُ لم تُسَرْطنْ ماءَ النيل لكي نموتَ مشوّهين، بل سرطنته الحكومةُ. مصرُ لم تذبحِ الأشجارَ، ولم تقوّضِ الهيكلَ المُجتمعيّ؛ فصارَ الثريُّ الجاهلُ سيدًا والمثقفُ الفقيرُ عبدًا، مصرُ لم تستوردْ أطعمةً وأدويةً منتهيةَ الصلاحية، ولم تعطِ الزمامَ لأولي النفوذ والسلطان، بدل أن يكون الزمامُ في يد الطليعةِ والعلماء، مصرُ لم تسرقْ خيراتِها وثرواتِها لتوزّعها على أهلها وأصحابها وجيرانها وأنسابها وتحرمُك وتحرمُني منها. مصرُ لم تُبِح احتكار ثروات الأرض من حديد وبترول بل وآثار لبعض نفرٍ من أقربائها، ولم تسرّبْ الغازَ للعدو وتحرمْ منه بنيها، مصرُ لم تزوّر الانتخاباتِ، ولم تشجّعْ تفريغَ العقول من كلِّ وعي وفكرٍ ببثها فضائياتٍ هزيلةً خاويةً لا تليقُ باسم مصر. مصرُ لم تقمع رأيا، ولم تعتقلْ صاحبَ رأي، ولم تلفق تُهما لمواطن صدّق مادةً في الدستور تنصُّ على تداول السلطة، وتبشّرُ بانتخاباتٍ حقيقية شفافة نقية، مثلما يحدث لدى السيدة الأولى أمريكا، وصدّق إن مصرَ لا تمانعُ بتشكيل أحزاب مستقلة، فقضى سنواتٍ في المعتقل حتى أذنت له قوة ميتافيزيقية تقبع في طرف الكرة الأرضية أن يُفكُّ أسرُه. مصرُ لم تفعل شيئا من هذا، بل فعله رجالٌ قبضوا على زمامها بليلٍ، دون أن يكون لنا رأيٌ في ذلك أو قرار، ودون أن يكونَ لنا في البيعة المنهوبة، وهي بعضُ حقِّنا، ناقةٌ ولا جمل.
نعم، وألفُ نعمٍ، مصرُ، مصرُ الفاتنةُ، تحبنُّا جميعا. لكن مَن منّا يحبُّ مصرَ؟"اليوم السابع" 3/3/09



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحقلُ هو سجادةُ صلاتي
- مصرُ الكثيرةُ، وأمُّ كلثوم
- أيها العُنُقُ النبيل، شكرا لك!
- مصرُ التى لا يحبُّها أحد!
- قديسٌ طيبٌ، وطفلٌ عابرٌ الزمن
- رُدّ لى ابتسامتى!
- ومَنْ الذى قتلَ الجميلة؟
- كانت: سيفٌ فى يدِها، غدتْ: شيئًا يُمتَلَكُ!
- بالرقص... يقشّرون أوجاعَهم!
- الجميلةُ التي تبكي جمالَها
- صخرةُ العالِم
- يُعلّمُ سجّانَه الأبجدية في المساء، ويستسلم لسوطه بالنهار
- حين ترقصُ الأغنيةُ مثل صلاة
- من أين يأتيهم النومُ بليلٍ!
- هنا فَلسطين!
- لا يتكلمُ عن الأدبِ مَنْ عَدِمَه!
- سارة
- المرأةُ، كبشُ الفداءِ اليسِرُ
- لِمِثْلِ هذا يذوبُ القلبُ من كَمَدٍ
- أغنيةٌ إلى فينسينت


المزيد.....




- السعودية تأسف لفشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع عضوية فلسطين ا ...
- فيتو أمريكي يمنع عضوية فلسطين في الأمم المتحدة وتنديد فلسطين ...
- الرياض -تأسف- لعدم قبول عضوية فلسطينية كاملة في الأمم المتحد ...
- السعودية تعلق على تداعيات الفيتو الأمريكي بشأن عضوية فلسطين ...
- فيتو أمريكي في مجلس الأمن يطيح بآمال فلسطين بالحصول على عضوي ...
- حماس تحذّر من مساع -خبيثة- لاستبدال الأونروا
- الجزائر تتعهد بإعادة طرح قضية العضوية الفلسطينية بالأمم المت ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- بيان رسمي مصري عن توقيت حرج بعد الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلس ...
- مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة: عدم تبني قرار عضوية ف ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - -وهي مصر بتحبني؟-