أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رضي السماك - أساطين الطبقة الجديدة.. ماذا فعلوا بروسيا؟!














المزيد.....

أساطين الطبقة الجديدة.. ماذا فعلوا بروسيا؟!


رضي السماك

الحوار المتمدن-العدد: 2576 - 2009 / 3 / 5 - 08:17
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


ما من دولة عانت من تشويه سمعتها الاخلاقية والروحية والثقافية في تاريخنا الحديث كما عانت الدولة الروسية خلال الحقبة السوفييتية على امتداد نحو قرن منذ انتصار الثورة البلشفية الاشتراكية، وقيام الاتحاد السوفييتي عام 1917م حتى انهيار هذه الدولة الاتحادية في مطلع العقد الاخير من القرن العشرين، مع ان روسيا تحديداً ليست فقط لا تقارن البتة بالانحطاط الاخلاقي والروحي الذي اشتهرت به معظم البلدان الغربية الرأسمالية وعلى الاخص الكبرى منها، ناهيك عن عدد غير قليل من البلدان الشرقية في العالم الثالث، ومن ضمنها بلدان عربية واسلامية، لا بل ان روسيا نفسها هي واحدة من اعرق البلدان الاوروبية الشرقية حضارة في سمو ثقافتها وقيمها الاخلاقية والروحية والدينية المتغلغلة في ثقافات الناس وعاداتهم وتقاليدهم ومعتقداتهم الشعبية والدينية.
وهم كذلك أي الروس، اكثر الشعوب الاوروبية قرباً من ثقافات الشرق وعاداته المتصفة بالمحافظة باعتدال وسطي متوازن بين الجموح الغربي والتزمت الشرقي، ناهيك عما ينصهر ضمن نسيجهم الاجتماعي والوطني من مكونات اسلامية تؤثر وتتأثر بهذا القدر أو ذاك بالقيم المشتركة لهذا النسيج العريق.
وقد تضافرت جملة من العوامل المتداخلة والمتشابكة في خلق هذه الصورة التنميطية المبسطة لتشويه السمعة الروحية والاخلاقية لروسيا خلال العصر السوفييتي، منها شيوع المقولة المنقولة عن كارل ماركس، مؤسس النظرية الاشتراكية التي استرشد بها الحزب الشيوعي الحاكم السوفييتي إن "الدين افيون الشعوب" والمقتطعة ابتساراً من سياق نصها الاصلي، علاوة على ما شاب الممارسات التطبيقية في التجربة الاشتراكية السوفييتية من تطرف إلحادي، وعلى الاخص خلال العهد الستاليني، هذا بالرغم من ان برنامج الحزب الشيوعي لا يشترط ان يكون المنتسب إليه ملحداً.. كل تلك المظاهر والممارسات والدعاية المغرضة للدول الرأسمالية والاستعمارية عرفت كيف تستغلها وتوظفها جيداً في تشويه السمعة الاخلاقية والروحية لروسيا برمتها دولة وحزبا حاكما ومجتمعا على خلاف الواقع الفعلي الذي تعيشه روسيا.
وقد وجدت تلك الدعاية الغربية المغرضة ضالتها لتضخيم وزيادة هذه الصورة التنميطية المشوهة لسمعة روسيا الاخلاقية والروحية في العالم كله بوجه عام، وفي العالم العربي والاسلامي بوجه خاص، ما تمتاز به شعوب هذا العالم الاخير من تدين شديد ونفور من أي ايديولوجية او ثقافة موصومة بالكفر والالحاد. ولذلك لطالما ارتبط في اذهان معظم شرائح وفئات هذه الشعوب ان "الشيوعية" مرادفة تماماً للكفر والالحاد، وهذا على غير الحقيقة الموضوعية للمفهوم العلمي ودلالته السياسية في الفكر الشيوعي أو الايديولوجية الماركسية. هذا إذا ما اراد المرء حقا ان يستدل على هذا المصطلح من مصادره الاصلية.
كما ان الانظمة العالمثالثية والعربية الموالية للغرب هي الاخرى بدورها وظفت هذه الصورة التنميطية المشوهة لسمعة الاتحاد السوفييتي الروحية والاخلاقية لتضيف عليها من عندها عبر دعاياتها السياسية، سواء من خلال رجال الدين المضللين، ام من خلال رجال الدين المغرضين المسخرين لخدمة تلك الانظمة، المزيد من البهارات الخرافية والخيالية لتنفير عامة الناس بمختلف شرائحهم المتعلمة والنخبوية من الفكر الاشتراكي برمته ومن كل من القوى والاحزاب والافراد الذين يتبنونه في المجتمع وعلى الساحتين السياسية والثقافية.
والحال ما كان بمقدور الحزب الشيوعي السوفييتي لو اراد، ولا الدولة السوفييتية، تلحيد شعوب الاتحاد السوفييتي، او على الادق تجريدهم من قيمهم الاخلاقية والدينية وزجهم في اتون الرذيلة والتفسخ الاخلاقي او التهتك الروحي. فمثل هذه المرامي تتناقض تناقضاً صارخاً مع السجية الفطرية التي جبلت عليها هذه الشعوب، كما تتضارب مع ثقافتها الشعبية الدينية والحضارية التاريخية المتوارثة والتي نهلت ونشأت عليها اجيالاً متعاقبة. وما كان كذلك بمقدور الحزب الشيوعي السوفييتي السابق، حتى مما شاب في عصره ولاسيما في العهد الستاليني من بعض المظاهر المعادية للدين والشمولية، سوى التكيف مع تلك السجية الفطرية لشعوبه المحافظة باعتدال ووسطية. لا بل لطالما اعتبر منظرو ومفكرو وفلاسفة الحزب الحاكم ان القيم الاخلاقية الانسانية الاصيلة هي جزء لا يتجزأ من الثقافة والمبادئ الاشتراكية التي ينبغي المحافظة عليها وتربية الانسان الاشتراكي الجديد عليها.
ولطالما ادانت وسائل الاعلام في الدول الاشتراكية السابقة، وعلى رأسها الاتحاد السوفييتي، مظاهر التفسخ الاخلاقي والروحي في الدول الرأسمالية الغربية، بما في ذلك في مجالات الفنون كالسينما والمسرح والفنون التشكيلية، وفي الاماكن السياحية والعامة فضلاً عن اسواق الدعارة المنتشرة في تلك البلدان، ناهيك عن مجلات الاثارة الجنسية وصحف التعري واستغلال جسد المرأة للدعاية التجارية. واعتبرت ان كل تلك المظاهر ما هي إلا افرازات ونتائج حقيقية لافلاس ثقافة وايديولوجية النظام الرأسمالي العالمي، وأزمته الاخلاقية والروحية. حتى ان بابا الفاتيكان الراحل يوحنا بولس الثاني، وبالرغم من دوره في تقويض المنظومة الاشتراكية السابقة وعلى الاخص في بولندا، اعترف بما يمتاز به الاتحاد السوفييتي السابق من ايجابيات في الحفاظ على جملة من القواسم المشتركة الاخلاقية مع المسيحية وذلك غداة انهيار الاتحاد السوفييتي.
وإذ كان من المستحيل على اي انسان منصف متجرد من الغرض والهوى زار موسكو في ظل الدولة السوفييتية ان يدعي بوجود اي مظهر من مظاهر التفسخ والانحلال الاخلاقيين والروحيين في روسيا طوال عصر تلك الدولة السوفييتية السابقة بطولها وعرضها، سواء في الشارع ام في الساحل، في السينما ام في سائر الفنون ووسائل الاعلام، ولا أي مظهر من مظاهر الدعارة والخلاعة والمجون التي شاعت ليست في الغرب فحسب بل وللأسف في عدد من العواصم العربية والشرقية في العالم الثالث، بما في ذلك اسواق الدعارة.. فكيف نفهم اذن تفشي وشيوع كل تلك المظاهر سريعاً في ظل النظام الجديد الحالي منذ سقوط الاتحاد السوفييتي قبل أقل من عقدين؟





#رضي_السماك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايات من تاريخنا
- البشير والقضاء الدولي
- الجامعات التركية والحجاب
- العرب وعقوبة الإعدام
- المعاهدة الأمريكية - العراقية ومقاومة الاحتلال
- من قضايا حقوق الإنسان المحلية
- البحرين ومجلس حقوق الإنسان
- خواطر عن التاريخ المجيد للحركة الطلابية
- السينما وحقوق الإنسان
- دور الفضائيات في تأجيج الأزمة اللبنانية
- بين الكاريكاتير.. والنكتة السياسية
- العرب والرئاسة القبرصية الجديدة
- الأردن ومكافحة الغلاء
- عيد العمال العالمي والتأمين ضد التعطل
- الوفاق« بين الأداءَين الانتخابي والبرلماني
- المساعدة الإيرانية لحماس
- الجدار الأمني الإسرائيلي
- إدوارد سعــــيد
- أزمة اليسار
- الدول العربية وآفاق الإصلاح السياسي


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رضي السماك - أساطين الطبقة الجديدة.. ماذا فعلوا بروسيا؟!