أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد سعيد العضب - الانهيار المالي والاقتصادي الكبير وانتكاسة الغرب الجيوسياسية















المزيد.....



الانهيار المالي والاقتصادي الكبير وانتكاسة الغرب الجيوسياسية


محمد سعيد العضب

الحوار المتمدن-العدد: 2576 - 2009 / 3 / 5 - 08:10
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


خلاصةالمترجم
تعرضت المقالة الي الازمة المالية العالمية في عام 2008 واعتبرها الكاتب انتكاسة جيوسياسية جبارة للغرب, حيث حتي بعد ترميم شجونها ستدفع ميزان الثقل الكوني لصالح قوي اقتصادية جديدة ناهضة اهمها الصين والهند. تناول ايضا اسباب الازمة وحصرها في متغيرات اقتصادية فنية مجردة, اهمها حسب راية اسعار الفائدة المنخفضة التي تمخضت عن سياسية نقدية رخوة اعتمدها صندوق الاحتياطي الفيدرالي بعد احداث 11سبتمبرعام 2001وترافق معها تخمةادخارية كونية نجمت من الفائض الضخم في موازين الحسابات الجارية للصين وبلدان جنوب شرق اسيا و بلدان الخليج المنتجة للنفط .ولدت المعطيات هذة بيئة اقتصاديةنشطت عبرها المضاربات في قطاع العقار والاوراق المالية وما نتج عنها من فقاعات سوق الرهن العقاري التي انفجرت وسحبت معها انهيار كوكبة من الموسسات المالية الاميركية والعالمية العملاقة. علاوة علي ذلك اشار الي الانتهاكات والفساد المالي والاداري في قطاع الاعمال المالي برمتةبسبب انعدام الشفافية سواء في لجنة البورصة ووكالات تقييم كفاءة وجدارةالموسسات المالية والمصارف اوغيرها.بعدة حاول الكاتب تناول المعالجات الممكنة للازمة, حيث انة علي اعتقاد ليس فقط بعدم جدوي وفاعلية الاجراءات و المعالجات الوطنية لحكومات البلدان الغربيةسواء بما يتعلق ببرامج الانقاذ او رزم التحفيز الاقتصادي او حتي التاميم الكلي او الجزئي للنظام المالي, بل ان المطالب لتاسيس نظام عالمي كوني جديد (بروتن وودوز الثانية) غير واقعية, بل ربما سيجلب عند اعتماده مشلات اكبرقد تفوق ما يطمح لحلها .علية يعتقد الكاتب ان تتركز الجهود علي حلول جزئية اهمها:
1. تقوية صندوق النقد الدولي سواء من حيث دعم امكاناتة المالية او تغييرنمط عملة وتوسيع نشاطة (ادارة الازمات) او نظام التصويت والتوظيف فية.
2. توسيع اطار مجموعة الثمان واشراك قوي اقتصادية جديدة لتصبح اكثر تمثيلا لتشمل 20 عضوا(اقوي 19 دولة اقتصاديا يضاف لها المجموعة الاوربية)
3. اعادة النظر في ارشادات اتفاقية بازل الدولية المتعلقة في كيفية تحديد الاحتياجات الراسمالية للمصارف والموسسات الماليةاو ما يطلق علية ارشادات الرسملة.
***********
يعتبر الانهيار المالي والاقتصادي لعام 2008 ليس فقط اسوء حدث مر بة عالمنا المعاصر منذ (75) عاما , بل يشكل نكسة جيوسياسية رئيسية للولايات المتحدة الاميركية و للغرب عموما. فعلي الامد المتوسط تفقتر الحكومات في واشنطن واوربا ليس فقط الموارد, بل تعوزها المصداقية الاقتصادية لتتمكن من لعب دورا فاعلا في الشوؤن الدولية كما يفترض ان تقوم بة . . .
فاثناء ترميم واصلاح مواطن الضعف والوهن الذي اصاب الاقتصاد جراء الازمة الاخيرة, سوف تتسارع عملية التحول في مراكز الثقل الدولية, وتنحو الي مواقع جديدة بعيدا عن الولايات المتحدة الاميركية. . ان الركود القاسي الذي اخذ ينتشر في ربوع اميركا واوربا والذي اخذ سيصيب اليابان ايضا ,سيترك اضرارا جسيمة تفوق تلك التي حصلت اثناء الهبوط والتراخي عامي 1981- 1982.
فالازمة الجارية عمقت مشاعر الرعب والخوف ليس فقط بين المستهلكين, بل شملت اواسط اصحاب الاعمال كمادفعت الجميع الي التقشف وشد الاحزمة وتقليص الانفاق .هذا من المحتمل ان تخفق كافة وسائل المعالجة الحكومية –رزمة الحوافز النقدية والمالية - او ان تكون محدودة الفاعليةفي ظل الظروف الحالية السائدة -.ان مجموعة الاضرار الناجمة عن الازمة اثارت ليس فقط الشكوك والربية حول النموذج الاميركي لراسمالية السوق, بل جسدت ايضا اخفاق الاطار التنظيمي للنظام المالي بشكل يثير الدهشة, حين عجز عن كبح جماح الانتهكات والمخالفات والفساد المالي والاداري المنتشر..
الان و بعد كافة هذة الاخفاقات تحاول ا لحكومة الاميركية والحكومات الاوربية البحث عن علاجات تخديرجديدة, منها لاحصرا,العودة الي هيمنة الدولة علي تنظيم النشاط الاقتصاد ي, حيث عمدت بدرجات متفاوتة الي تاميم قطاع النشاط المالي رغم تعارضة مع روحية عقيدة الراسمالية الحديثة. من هنا يبدو ان العديد من البلدان تعيش الان انعطافة تاريخية, او ربما تنحو الدخول لمرحلة جديدة يسود فيها قطاع الدولة الكبير مقابل قطاع خاص صغير .مما سيؤدي الي تاكل ليس فقط النفوذ الكوني للولايات المتحدة., بل قد يتواري خطابها لنموذج ديمقراطيتها . حالف الولايات المتحدة ا حظا سعيدا, حينما تزامنت الازمة مع وعود باراك اوباما في حملتة الانتخابيةلاحداث تغييرات شاملة وجذرية . فالقوي التاريخية من ناحية,و انهيار عام 2008 من ناحية اخري, ستعملان علي ابعاد العالم بعيدا عن نظام القطب الواحد . في الحقيقة تكتسب القوي الاقتصادية الصاعدة نفوذا جديدا.صحيحا لاتوجد بلدانا تتمكن من تحقيق منافع جمة عبر هذة الازمة في العام القادم , لكن بعضهاعلي الاغلب الصين,قد تتمكن نسبيا من تعزيز موقعها الكوني . تعيش الصين الان اوضاعا خاصة, سواء في تراجع وتباطئ قطاع العقار المحلي فيها, ا والضعف المشهود في اسواق صادراتها, او تراجع معدلات النمو الاجمالي فيها. مع ذلك سيظل البلد معزولا عن انعكاسات الازمة المالية السلبية, حيث قارب صافي احتياطها من العملات الاجنبية (2) تريليون دولار, مما يجعلها حسب معيار السيولة النقدية من اغني بلدان العالم قاطبة, كما ان نظامها المالي ليس مكشوفا كما يمكنها تعميق اعتمادها علي النشاط الاقتصادي المحلي, بالتالي تستطيع الاستمرارفي تحقيق معدلات نمو مستقرة بمستويات منخفضة عن تلك السابقة. .
فمثل هذا الوضع السليم نسبيا سيوفر للصين فرصا جمة لترسيخ مزياها الاستراتجية, بذات الوقت ستظل الولايات المتحدة الاميركية والبلدان الاوربية تناضل من اجل علاج اوضاعها واسترداد زخم النشاط لقطاعات اقتصادياتها المختلفة.. ان اوضاع الصين المناسبةهذة ستوفر لها امكانيات واسعة,تتجلي ليس فقط في تصعيد مساعادتها للشعوب الاخري , بل قد تمكنها من تكثيف استثماراتها الخارجية, خصوصا في قطاع الموارد الطبيعية, بالوقت الذي يعجز الغرب فية القيام بخطوات مماثلة. هذا وربما ستوفر الازمة الجديدة حوافز واسعة لتعميق العلاقات الثنائية الاميركية الصينية.
حاليا يبدو ان الموقف المتشدد والداعي الي تبني اجراءلت الحمائية في الكونغرس قد اخذ في التراخي, كما تم السيطرة علي قضية العراق,وتراجعت حالات الارتباك والحيرة التي غلفتها وسادت اواسط الحكومة في واشنطن سابقا . كلة يساعد الادارة الجديدة للرئيس اوباما في تركيز اهتماماتها وجهودها بجدية متزايدة لمسألة العلاقة الثنائية الاميركية الصينية, واهميتها علي مجمل الوضع الاميركي. هذا ومن المتوقع ان تكثف الولايات المتحدة جهود ها ليس فقط لاشراك الصين وانضمامها لمجموعة الثمان ( مجموعة اكبر الاقتصاديات الصناعية) بل دفعها في تفعيل وتوسيع نشاطها في صندوق النقد الدولي.مقابل ذلك قد يطلب من الصين اتخاذ خطوات واجراءات كفيلةلزيادة حصة مساهمتها في تمويل صندوق النقد الدولي وتوسيع قاعدتة الراسمالية.
عموما يعتقد البعض ان اسباب اسباب الازمةالحالية ترجع الي انهيار اسعار العقارات وسوق الرهونات العقارية بالولايات المتحدة. فمثل هذة الاسباب غير صحيحة او ربما خاطئة, حيث تعتبر مجرد نتيجة حتمية لمشكلات متراكمة اخري. ان اسباب الازمة الضمنية( التشوهات الكامنة) تتالف من توليفة عوامل مترابطة...اسعار فائدةمنخفضة مع مستوي غير مسبوق من سيولة نقدية هائلة. ففي حين ان معدلات الفائدة المنخفضة نجمت عن
السياسة الما لية الرخوة(التساهل في الاقراض) التي اعتمدها صندوق الاحتياطي الاميركي بعد احداث 11سبتمبر (تم تخفيض معدلات الفائدة علي قروض الارصدة الفيدرالية الي ما يقارب الواحد بالمائة اواخر عام 2001 وتم المحافظة عليها بمستويات مواطئة طيلة ثلاث سنوات)., نري ان السيولة النفدية الكونية الضخمة- بين عوامل عديدة اخري- , قد نشأت من الفائض المالي الضخم لدي بعض البلدان الاجنبية, بالاخص الصين وسنغافورة , والبلدان المنتجة للنفط. اطلق االرئيس الحالي لصندوق الاحتياطي الفيدرالي بن برنانكي علي الفائض الكوني هذا ( تخمة ادخار كونية).فلغاية منتصف التسعينات سجلت معظم الاقتصاديات الاسيوية الناهضة( الناشئة) عجزا في ميزان مدفوعاتها, مما اضطرها الي استيراد راس المال لتعضيد نموها الاقتصادي. انقلبت الصورة هذة بعد الازمة المالية الاسيوية عامي 1997-1998, كما تغيرت الاوضاع ,حينما بدأت مجددا في تراكم فائض مالي ضخم ,عملت علي تدويرةوتحويلة للغرب و استثمارة علي شكل محافظ استثماريةلقاء مردود منخفض بسبب اسعار الفائدة الواطئة جدا السائدة في الاسواق .هذا ولاجل تحسين مردود فوائضها الضخمة كان عليها البحث عن مجالات استثمارية جديدة. تشير قوانين علم المالية الي ان عائد القرض يتناسب عكسيا مع نوعيتة. فعندما يكون المقترض قويا , ينخفض العائد والعكس صحيح.لهذا تدفقت كميات ضخمة من روؤس الاموال ليس فقط الي قطاع الرهن العقاري الاصلي, بل ايضا نحو اصناف من المقترضين يتميزون بالضعف والتهور,سواء في الولايات المتحدة الاميركية او في اوروبا وغيرها من بقاع العالم .فعلي سبيل المثال ازدادت مبالغ الرهون العقارية الاصلية والمضمونةمن مستوها السنوي البالغ ( 100) بليون دولار الي( 600) بليون دولار خلال فترة 2005 و2006. ان الفقاعات المالية – هكذا يعلمنا التاريخ- تحتوي اعتياديا علي نسب من ديون ميتة علي الامد البعيد يتطلب اهمالها وعدم تضخيم ميزانيات شركات التمويل.بها .
هذا وسبب انهمار فيض اموال الرهونات العقارية تصعيد اسعار المساكن والعقارات التجارية بمعدلات عالية غير مسبوقة .ففي حين كان معدل زيادة معدل سعرالوحدة السكنية يزداد بما يعادل 1.4% سنويا خلال ال (30) عاما الماضيةو لغاية عام 2000, بدأ يرتفع خلال الفترة من 2000 لغاية منصف عام 2006 بنسبة تجاوزت 7.6% سنويا كما ارتفعت اثناء المضاربات العنيفة والمفرطة التي حصلت خلال الفترة من منتصف 2005 لغاية منتصف 2006 بنسبة بلغت 11%. فمن الطبيعي - كمعظم قفزات اسعار السلع- ان يحصل تراجع قوي وفرط لهذة الاسعار بعد فترة وجيزة . علية بدات تسجل ولسنتان متتالية معدلات الوحدات السكنية هبوطا حادا واستمرت في الانحدار. حيث لايوجدحاليا دليلا قاطعا لوصول هذا الميل الانحداري الي قاعةفي الامد المنظور . يؤشر سوق العقارات الاجل, ان الانخفاض في قيمةموجودات المساكن علي المستوي القومي قد يصل مابين %30-35%, ويمثل بدورة تدهورا مدهشا في قيمة الموجودات المجمعة تبلغ 13 تريليون دولار. ان انهيارمعدلات اسعارالوحدات السكنية قد قوض قيمةقيمة اصول بتريلونات من الدولاارات, خلقتها رهونات عقارية رخيصة.للفترة 2003-2006. علاوة علي ذلك فان الرهون العقارية الاصلية نظمت منذ البداية بشكل رخيص مصطنع لتغطية تكاليف شروط تعاقدية مكلفة ومجحفة . هكذا اصبحت اعداد كبيرة من المقترضين غير قادرة تحمل اعباء تكاليف اضافية من جراء تغيير او تكييف شروط اتفاقتها التعاقدية الماضية , بالتالي ازدادت حالات العجز عن الايفاء في التسديد و دفع اقساط الرهن العقاري المستحقة. .كما قد بدات تظهر منتصف عام 2007خسائركبيرة في موازين شركات الرهن والتمويل ناجمة عن مثل هذة القروض الميتة, كما بدات تتسارع و بلغت مستويات مذهلة..فمع استمرار هبوط اسعار الاصول وغيرها من الموجودات تدهورت قيمة هذة القروض باستمرار, كما بدات كبريات الموسسات المالي تسجل في تقاريرها خسائرحينما اضطرت خفض قيمة القروض او الاصول المماثلة الي الربع , واستمرت تقييدها محاسبيا بهذة القيمة في السنة التالية.فمثل هذةالممارسة المحاسبية القهريةسببت حالة من التهور والمضاربات في الاسواق شملت الكون باجمعه .
بدت الاضرارجليا,حينما فقدت العوائل الاميركية ما يعادل ربع ثروتها الصافية في بحر عاما واحدا .فمنذ 30 يوليو عام 2007 استمرت هذة الخسائر في انحدارها كما من المعلوم قيمة العقار السكني يشكل احد اهم بنود الملكية للقطاع العائلي الاميركي حيث بلغت 13 تريليون دولار عام 2006, انخفضت هذة القيمة الي 8.8 تريليون عند منتصف 2008 كما استمرت في الانخفاض حتي اواخر 2008. علاوة علي ذلك انخفضت ايضا اصول التعويضات التقاعدية – ثاني اكبراصل ملكية في ميزانية القطاع العائلي الاميركي -بنسبة 22% من اجمالي قيمتها البالغة 10.3 تريليون عام 2006 لتصل الي 8 تريليون منتصف 2008.
خلال الفترة قدرت الخسائر في الاصول الاستثمارية والادخارية ( باستثاءمدخرات التقاعد) بما يعادل 1.2 تريليون, كما خسرت اصول معاشات التقاعد الحكومية 1.3 تريليون دولار ,بالتالي وصلت مجموع الخسائر الي ما يقارب 8.3 تريليون دولار. ان هذة الضربة الكبيرة المفاجئة صدمت بالدرجة الاولي القطاع العائلي و تصاعدت موجة من القلق والخوف نجمت من تصورات عدم التمكن من سحب ارصدتهم المودعة لدي المصارف من ناحية ومن تضخيم المعلومات والانباء حول الازمةو انهيار موسسات مالية عملاقة في وسائل الاعلام , والتصريحات الحكومية حول اجراءات الانقاذ الحكومية الضخمة.انها بلاشك حالة فزع غربية , لم تمر بها البلاد منذ عام 1933. علية تعاظمت سحوبات الافراد حيث بلغت 150 بليون دولارفي بحر يومين فقط( المعدل الاسبوعي للسحوبات كانت تبلغ سابقا 5 بليون دولار فقط) مما اضطر الاحتياطي الفيدرالي تقديم تسهيلات نقدية قدرها 540 بليون دولار لمساعدة المؤسسات للوفاء بالديون المستحقة عليها.
من المؤكد ان الانكماش والتراجع الاقتصادي الذي عم اميركا و اوربا يعتبر اكبر انحدار شهدة الاقتصاد العالمي منذ الثلاثنيات . لقد انخفض الناتج المحلي الاجمالي للولايات المتحدة في الفصل الثالث من عام 2008 كما يتوقع ان يستمر في انحدارة في الفصل الرابع بما يعادل 4% .لقد قامت الوويل ستريت جورنال في استقصاء راي (52 )اقتصادي خلال العام الماضي, حيث توقع الاغلبية تقلص النشاط الاقتصادي الاميركي لثلاث فصول متتالية بمستويات لم تحصل مثلها منذ 50 عاما. هذا من المحتمل علي الامد المتوسط ان يتراجع النفوذ الاميركي والاوربي كنتيجة حتمية للاوضاع الاقتصادية الغير مناسبة.كما تبرز سوق الاوراق المالية في الولايات المتحدةاشارات واضحة لحدوث فترة اقتصادية عصيبة و قاسية. ففي اوائل نوفمبر عام 2008 اانخفض مؤشرS& P500 نسبة45% عن مستواة العالي المسجل 2007. فمثل هذا الانحدار الحاد تجاوز مستوي تراجع الرقم القياسي لسوق الاوراق المالية خلال عامي1981-1982, الازمة التي اعتبرت من سؤءحالات الركودالتي شهدتها البلاد منذ الثلاثنيات. يكمن التفسير المنطقي الوحيد لهذا الانحدار في قراءة توقعات السوق لانخفاض ارباح موسسات الاعمال لعام 2009 .هذا ويرجع سبب التدهور في ارباح الشركات ا لي تقليص انفاق الافراد الناجم من تعاظم مخاوف المستهلكين, وتجنب الجميع البذخ الواسع وابقاءة محصورا بالبنود والمفردات الاستهلاكية الضرورية والمناسبة. فصدمة الازمة المالية و مخاوف الجمهور من عدم ايفاء البنوك والمؤسسات في ضمان الودائع المصرفية والاستثمارات في الاسواق النقدية والاوراق المالية من ناحيةوتزايد ترويج حالة التشاؤم واحتمالات حدوث الكوارث في وسائل الاعلام الاميركيةو السلطات الحكومية من الناحية الاخري , جمعية ساهم في تعظيم الرغبة في الادخار وتقليص الانفاق وتسديد الديون. تجلت النتيجة بوضوح في تراجع مؤشرالمستهلك في سبتمبر الماضي حيث سجل اعلي انخفاض حاد لة منذ عام 1980 ,كما استمر في الانخفاض المتزايد في شهر اكتوبر الماضي .
يعتبر رئيس المدراء التنفيذي في شركة كاتر بيلر وغيرة من مدراء الشركات الاميركية الاوضاع الحاليةليس فقط سيئة جدا, بل انها غريبة مما ادي الي تقليص الانفاق الاستثماري في شركات الاعمال المنتجة, علاوة علي ذلك كشف وزير المال السابق السيد سومر عن احتمال ديمومة التراجع بسبب الطبيعة غير الاعتيادية لحلزونية التراجع المالي .كما معلوم يؤدي هبوط قيمة الاصول الي انفجار في او تمدد فروقات اسعار البيع والشراء الذي يجر بمعيتة تسريع بيوعات العقارات وغيرها من الاصول, كلة من اجل تلافي
احتمالات خسائر اضافية لاحقة . وهذا يعني خسائر اكبر للقطاع العائلي والمؤسسات المالية, مما يؤدي الي تراخي الميل نحو الاقتراض والانفاق . الحصيلة النهائية: اقتصاد ضعيف يتميز بمستويات انفاق محدودة ,دخول منخفضة وبطالة متزايدة.هذا كما قد يستمرالركود نتيجة غياب او عدم فعاليةالادوات الحكومية الاعتيادية الهادفة الي تحفيزعلاج الاقتصاد واصلاح اوضاعة . فالطريق المهم لترميم الاقتصاد المريض يتمحور في (1) اعتماد سياسة مالية رخوة كتلك التي اعتمدها الاحتياطي الفيدرالي في الخريف الماضي .لكن اثار هذة الاجراءات ستكون محدودة جدا لان اسعار الفائدة هي اصلا منخفضة جدا و في ادني مستوياتها سواء في اميركا او اوربا, كما قامت البنوك المركزية في ضخ سيولة في سوق الائتمان بمبالغ ضخمة غير مسبوقة, (2) تتجلي الاداة الاخري للمعالجة في رزمة التحفيز المالي التي من المحتمل ان تكون هي ايضا غير فاعلة اومحدودة الاثر . فرزمة زيادة الانفاق العام السابقةبمبلغ قدرة 300بليون دولار والحسومات والتسهيلات الضربية شكلت نسبة متواضعة من حجم الاقتصاد الاميركي البالغ 15 تريليون دولار,كما ان تجارب الماضي القريب تدلل علي ان اي جولة جديدة من التحفيز المالي ستظل محدودة التاثير والفاعلية.. فالرزمة التي تمت المصادقة عليها قانونيا في فبراير شباط الماضي ادت الي تحقيق نتائج محدودة في زيادة الناتج المحلي الاجمالي بلغ فقط 50% من تخصيصات الرزمة المنفقة ة. هذا ويتوقع ان يكون التباطئ في اوربا اكثر حدة وقساوة.حيث يتميز المستهلك الاوربي بانفاق اقل من رديفة الاميركي ,كما تعرض القطاع المالي بالعلاقة النسبية لاقتصاديات البلدان الاوربية الي اضرارتجاوزت ما حدث للقطاع المالي الاميركي
اعلنت الحكومة البريطانية عن حالة تراجع في اقتصادها, كما اعلنت بلدان منطقة اليورو رسمياحالة ركود شملت عديد من قطاعات الاقتصاد .كما يمكن القول ان النظام المالي العالمي عموما تعرض الي دمار وتخريب شامل هذا و يقدر صندوق النقد الدولي خسائر الائتمان والقروض للمؤسسات المالية العالمية ما يعادل 1,5 تريليون دولار . سجلت بعض هذة الخسائر البالغة( 750) بليون في شهر نوفمبر الماضي . عملت الخسائر هذة الي ازاحة او تجفيف امكانات راسمالية هائلة من النظام المالي,علية بدات ابتداءا من اواخر عام 2007 كثير من المؤسسات المالية رحلة جديدة , الاهتمام المتزايد في مصداقية المقترض , وجدارتة علي الايفاء بتسديد التزاماتة بالمواعيد المحددة, كلة عمل الي انحسار عمليات الاقراض اوتوقفها كاملا .تأكدت الحقيقة هذة من اتساع الفجوة بين معدلات الفائدة علي سندات الخزانة الاميركة لمدة ستة اشهر ومعدلات الفائدة Libor(فائدة معاملات الاقراض بين البنوك) حيث ازدادت 400%خلال شهرا واحداو منذ انهيار بنك ليمان برذرر الاستثماري في شهر سبتمبر عام 2008. ان تجميد عملية الائتمان والاقراض يجعل النظام المالي علي حافة الانهيار التام . لقد اشار في اكتوبر الماضي مدير عام صندوق النقد الدولي دومانيك سترواس –خان الي ما اطلق علية تبديد شامل وشيك ونتجية لذلك قام صندوق الاحتياطي الفيدرالي الاميركي والبنك المركزي الاوربي في ضخ سيولةنقدية في سوق الائتمان المصرفي بلغ مجموعها 2.5 تريليون دولارو يعتبرهذا الضخ اكبر تدخل نقدي حدث في تاريخ العالم. كما قامت الحكومات الاميركية والاوربية في اتخاذ خطوا ت في الاستثمار او المساهمة في حقوق ملكية الموسسات المالية الخاصة انها بلاشك اجراءات غير متصورة في عالم اقتصاد السوق الحر.
كما تبين من السطور السابقة قد حصل ترخيا بسيطا في اوضاع سوق الائتمان, مع ذلك ستظل مسالةعودة الاوضاع الي حالتها الطبيعيةمن الامور بعيدة المنال في الافق القريب . فالنظام المالي الغربي يعيش الان ظلال نشوءة وتكونية. فمع الاخذ بالاعتبار الخسائر الجارية, يتطلب من المؤسسات اعادة النظر في التزاماتها وتقليص معامل الرفع المالي*(نسبة المديونية الي حقوق الملكية) من اجل تمكنها المحافظة علي استقرا ر وتثبيت حساباتها الختامية. بكلمات اخري يتطلب منها اللجوء الي الاقتراض من العالم الخارجي علي الاقل لمدة تتراوح مابين 3 الي4 سنوات .
ففي ظل الانماط التقليدية لتجاوز الاهداف او تخطي الحدود تعيش الاسواق مابين الشعور بالحيوية والنشاط وبين اليأس والقنوط. حاليا تسود موسسات الاعمال والقطاع المصرفي سايكولوجية الحذر الشديد والمحافظة,كما تحاول اصلاح ليس فقط مرجعيات منح القروض وا دارة المخاطرة, بل اتخذت خطوات في تصحيح نسب السيولة ومعامل الرفع المالي(نسبة المديونية الي حقوق الملكية) .عليةسوف تسود معاييرومقاييس جديدة مشددة في الاقراض والاقتراض تؤدي حتما الي تقليصة او كبحة. ان ذلك يشكل اعترافا ودليلا واضحا لاكبر اخفاق شهدة التنظيم و الممارسة المصرفية بالتاريخ المعاصر.. الفشل الذي شمل ليس فقط عملية الرقابة والاشراف علي المصارف, بل توسع ليشمل غياب الشفافية في عمل لجنة البورصة والاوراق المالية وانتهاكات واخطاء في تثمين او تقدير الجدراة المالية والقروض.بالطبع ان الانتهاكات و الجرائم المالية ستكون من مسوؤلية الجهات والسلطات القضائية, وقد بدات الان تاخذ مسارها .عموما يوجد اجماع بضرورة القيام في اصلاح التنظيمات االرئيسية,حيث من المحتمل ان يعمل الرئيس اومابا والكونغرس علي متابعة الموضوع للقيام في اصلاحات هامة في هذا المجال واصدار التشريعات الضرورية خلال هذا العام ..بالتاكيد ستقوم السلطات الاوربية ايضا من جانبها في اتخاذ خطوات مشابهة. عموما سيكون من ضمن هذة الاجراءات التنظيمية , تشديد معايير السيولة النقدية,تثبيت حد ادني لراسمال البنوك والموسسات المالية
ان تشريع سربان- اوكسي الذي صدر اعقاب انهيار شركة Enron& World com.يعتبر مثالا صريحا لردود الفعل المتشددة ..ان اتخاذ اجراءات تقيدية مماثلة قد يؤخر عودة النشاط للنظام المالي الاميركية كسابق عهدة .هذا وستظل الولايات المتحدة مكبلة بعجز ميزانها الجاري الضخم الذي اخذ بالتزايد من التخصيصات الاضافية لبرامج معالجة الازمة, علاوة علي تراجع الايرادات العامة الناجم من حالة التراجع في النشاط الاقتصادي. تشير التوقعات الاولية الي زيادة العجز للسنة المالية الجديدة التي بدات في شهر اكتوبر الماضي حيث ليصل ما يقارب (1) تريليون دولارويشكل ضعف العجز السابق البالغ 450 بليون دولار. انة بلاشك اضخم عجز اسمي سنوي ويمثل 7.5%من الناتج المحلي الاجمالي .وهو عجزا لم تسجلة امة اخري الا اثناء الحروب العالمية.
تواجة الولايات المتحدة الاميركيةو اورباتحديات كبيرة وقيود هائلة وصعوبات جمة:
اولا:ان الركود الحاد سيدفع الحكومات في تركيز جهودها علي ترميم الاوضاع الداخلية, وتلبية مطالب شعوبها في توجية الموارد للانعاش الداخلي .ان اولويات الرئيس اوباما ,كما اتضحت عبر حملتة الانتخابية تتماشى لحد بعيد مع هذة التطلعات والمطالب. ان اخفاق جلسات الكونغرس( اثناء الفترة الانتقالية) اواخر العام الماضي في معالجة وتشريع القوانين الضرورية., فلابد ان يكون الفعل المهم الاول للرئيس الجديد تقديم مشروع قانون التحفيز الاقتصادي, كما من المحتمل ان يتخذ خطوات اضافية للتخفيف وتسكين الازمةمن ناحية ,ومعالجة مازق صناعة السيارات من الناحية الاخري والبدا في تنفيذمهمات معقدة شائكة موروثة اهمها اصلاح نظام الرعاية الصحية وسياسة الطاقة.هذا ومن المحتمل ان يقوم قادة البدان الاوربية في التركيز علي الجبهة الداخليةايضا .و تنفيذبرامج التحفيز و ادارة الاضرار المالية. ففي الخريف الماضي قدحت نيران خطابات الرئيس الفرنسى والايطالي حينما تم التركيز علي ضرورة حماية الشركات الوطنيةمن انتهاكات المصالح الاجنبية المكتسبة انها رسالة قوية تتناغم الاوضاع الجديدة للاقتصاديات الحديثة.
ثانيا:ان العجزالمالي الجديد المتميز وصعوبات النظام المالي تشكل استهلالا وبداية تاجيل الغرب مرحليا كافة المبادرات الاساسية للعمل الدولي المشترك. ان ميراث اوباما لعجزالحساب الجاري البالغ 1 تريليون دولار الذي من والمحتمل ارتفاعةالي 1.3 تريليون من خلال التخصيصات الاضافيةلرزمة التحفيز,كلها تشكل قيودا ليس فقط علي دعواتة لزيادة الانفاق العام الداخلي , بل قد تجبرة التخلي عن مهمات والتزامات مكلفة في الخارج .حيث من غير المحتمل ان تتدخل الولايات المتحدة في ازمات البدان الاخري, كما حصل سابقا مثل الانهيار الذي تعرضت لة المكسيك عام 1994.كما قد يشمل كافة الازمات الاقتصادية المحتملة التي ربما تحصل في مناطق استراتجية هامة مثل كالباكستان مثلا حيث من غير المتوقع ان تتدفق مساعدات اقتصادية ملحوظة سواء من اميركا او اوربا. عوضا عن ذلك, فلابد ان يتدخل صندوق النقد الدولي لتسوية مثل هذة الازمات. علاوة لذلك سوف لن يعود سوق راسمال في الغرب الي كامل نشاطة في الامد المنظور ويحتاج سنوات طويلة لشفاءة. هذا من المحتمل ان تتقلص او تنكمش في فترة منظورة حجوم كبريات الموسسات المالية الخاصة عند استمرارها تحقيق خسائرمشهودة اواضطرها تخفيض معامل الرفع المالي فيها (نسبة الاستدانة الي حقوق الملكية) .ان انماط التطرف في الممارسة بعد الازمةقد تجعل الاسواق حذرة و تتجنب الدخول في مخاطرة الاعمال والرفع المالي .تاريخيا اتسم سوق راس المال الاميركي بالسيولة المفرطة والتعقيد والتشابك الشامل مقارنة باسواق العالم الاخري ,كما استطاع ان يشكل لوحدة عصبة امميةلغاية بدا الاسواق الاوربية في التطور بسرعة خلال ال10-15 سنة الماضية. لقد اعتمدت بلدان العالم الاخري علي اسواق المال في اميركا واوربا من اجل الحصول علي الاموال, فمثل هذة العلاقات والتبعية ساهمت في تعزيز النفوذ الكوني للولايات المتحدة. هذا وستظل اسواق الغرب لسنوات قادمة قاصرة عن توفير روؤس الاموال للعالم وباقل كثيرا عما حصل سابقا
ثالثا: ادت الازمة الي تقويض مصداقية الغرب .ان ذلك من الاهمية حيث نشا ت قوة ونفوذ الولايات المتحدة وازدهرت عبر الاسناد الفكري للنموذج الانكو- سكسونية لراسمالية السوق . يعيش النموذج , هذا الان محنة صيرورة وهو في عتمة وتلوث سمعة شديدة , بعد كافة انجازاتة السابقة علي الاصعدة المختلفة سواءا في مساعدتة علي قهر الاشتراكية وترويج التحرر الاقتصادي والانفتاح او مساهمتة في تجديدحزب العمال البريطاني او ترويج الاصلاح الاقتصادي في اوربا الشرقية والانفتاح في فتينام في عقد التسعينات .ان الازمة الحاليةاستلزمت من الولايات المتحدة ومنطقة اليورو التدخل المكثف في النشاط الاقتصادي الذي بدورة يقوض عقيدة السوق الحر.هذا ولغاية الان قامت الحكومة الاميركية في المشاركة بملكيةاكثر من20 موسسة مالية كبيرة,كما قدمت ضمانات للديون الرئيسية القائمة في اطار النظام المصرفي. هذا وعمدت المانيا وفرنسا والمملكة االمتحدة الي اتخاذ خطوات كثيفة مماثلة منها علي سبيل المثال, دعم واسناد مجمل ارصدة الايداعات المصرفية للافراد والقطاع الخاص. فجميع هذة التدخلات الحكوميةاسهمت في توقف موجة عملية التحول الدولي نحو الانفتاح الاقتصادي التحرر من قيود الانظمة والتشريعات.الكابحة .

تعكس الحركة هذة من جانب اخر صعوداسريعا لاقتصاديات اخري, بالاخص الصين والهند.لقد تراجعت حصة الولايات المتحدة الاميركية من الناتج المحلي الاجمالي الكوني لسبع سنوات متتالية وقبل ضربة الازمة المالية الاخيرة.هذا ومن المتوقع ان يتجاوز الناتج المحلي الاجمالي الصيني نظيرة الاميركي في بحر25-30 عاما علية فمثل هذة القوة الاقتصادية الوطنية المتعاظمة قد تجلب بمعيتها تصاعد النفوذ الكوني والمنافسة. لقد تعرضت الصين علاوة علي الاضرار الطفيفة الناجمة عن الازمةالكونية والتي تجلت في انحسار معدل نموصادراتها من ناحية وتراجع اسعار العقارات في بعض مدنها الرئيسية الذي ادي الي انحسار نمو سوق العقار الي نسبة 9%خلال الفصل الثالث عام 2008.
تكشف المتغيرات كما تفسرجليا اسباب قيام قادة الصين في تنفيذخطةمتعددة السنوا ت للتحفيز الاقتصادي بقيمة 500 بليون دولار او ما يقارب 15% من الناتج المحلي الاجمالي. هذا ولايزال صندوق النقد الدولي يتوقع تحقيق اقتصاد الصين نموا قد يصل عام 2009. الي نسبة قدرها 8.5%. عموما تاثرت الصين من الناحية المالية قليلا من ازمة الغرب , حيث لايزال القطاع المالي فيها يلعب دورا محدودا من مجمل النشاط الاقتصادي ,كما يبدو انها لم تتعرض لافة ما يطلق عليها الديون المسمومة التي تعرض لها النظام المصرفي والاوربي . تتمتع الصين ليس فقط بفائض الميزانية العامة وميزان الجاري , بل تمتلك رصيدا ضخما من الاحتياطي من العملات الاجنبية تبلغ 2 تريليون دولار ,سجل منة ما يقارب 700 بليون دولار في السنة الماضية . .من جانب اخريتميز القطاع العائلي في الصين بقدراتة الادخارية الضخمة حيث تبلغ نسبتها الي ما يعادل 40% من الدخل السنوي للعائلة. فرغم التصدعات النسبية التي لحقت بالصين من الازمة العالمية,فقد تمكنت من تعزيز قوتها الاقتصادية والمالية نسبيا مقارنة بالغرب . كما ستتمكن ان تاخذ علي عاتقها مبادرات سياسية اقتصادية اضافية لتصعيد نفوذها الكوني .. عقدت الصين واتحاد امم جنوب شرق اسيا اتفاقية, تهدف انشاء اكبر منطقة تجارة حرة في العالم, كما ستقوم الصين في اتخاذ خطوات اضافيةفي مجال استقلال اسيا والقيام بدورا رائدا في المنطقة. علاوة علي ذلك ستقوم في توسيع حضورها الدبلوماسي في العالم النامي, وتعزيز نموذجها في بناء الرسمالية في بلدان مثل انغولا, كازاخستان, والسودان.حيث ستقوم في الاستثمار في قطاع الموارد الطبيعية والبني الارتكازية في هذة البلدان وغيرها لاطفاء عطش بلادها من نقص الموارد الطبيعية. ففي غمرة الازمة قد تقوم في تقديم مساعدات قروض طواريءسواء بشكل مباشر عبر اتفاقيات ثنائية, اوبصورة غير مباشرة من خلال خلق تسهيلات اضافية عند صندوق النقد الدولي مما يساهم في توسيع قدرات المنظمة المتاحة من الاموال, قد يتجاوز ما تسمح بة حصتها في الصندوق.هذا ويتوقع ان تقوم ايضا باستثمارات استراتجية عبر صندوق الثروة المستقل الذي قامت في انشاءة.
من المحتمل ان تخرج الهند هي ايضا من معضلات الازمة العالمية الحادة وربما تنالها اضرارا بسيطةنسبيا حيث يرجع ذلك الي الدور المحدود للقطاع المالي الهندي وحصتة المتواضعة في مجمل النشاط الاقتصادي للبلاد .,كما سيظل اقتصاد ها مغلقا اتجاة الاستثمار الاجنبي المباشر كما انة اقل تبعية بالراس المال الاجنبي . هذا ويتوقع المراقبون ان تستمر الهند في تحقيق معدلات نمو اقتصادي تصل سنويا الي ما بين 6.5%-7% . بالطبع لاتمتلك الهند ثروة مماثلة للصين, كما تفتقر للتماسك الداخلي الذي تتميز بة الصين علاوة علي ذلك ستظل .
تواجة الحكومة الهندية تحديات مستمرة من المعارضة كالمحاولة السابقة حينما اريد سحب الثقة من رئيس الوزراء مانموهان سنك ولكنة تمكن في الاستمرار في الحكم بعد رضوخة لمطالب الغاء اتفاقية التعاون النووي مع الولايات المتحدة.الموقعة عام 2005.
علية فان الحصيلة النهائية تعتبر الهند بلدا منطويا نحو الداخل روحياكما ان غير جاهزا مرحليا تولي مهمات واعباء جيوسياسية.
اصابت الازمة بحدة معظم بقية بلدان العالم . ان تجميد المصارف الغربية المتضررة عمليات تجهيزها البلدان النامية من احتياجتها لرؤوس الاموال للنشاط الاقتصادي بعد ما كانت المجهز الرئيس لها. يعني تقلص او انسحاب التدفقات الراسمالية الاجنبية في عديد من هذة البلدان, مما ادي الي تدهور سعر صرف العمل وتراخي النشاط في القطاع المالي واسواق الاوراق المالية فيها , التي هي في الاساس قاصرة او غير كفوءة .واجهت بلدان اوربا الشرقية ايضا تحديات كبيرة وتعرضت لاضرارفادحة من الازمة, خصوصا تلك التي تعاني من عجزكبير واستثنائي في حسابها الجاري او ضخامة ديونها الاجنبية المتراكمة.هناك امثلة بارزة في هذا المجال فلبلدان مثل هنغاريا ,لاتونيا واوكرانيا حصلت فورا ضمانات قروض الطواريء من صندوق النقد الدولي. علاوة علي ذلك ادي تدهور اسعار النفط وغيرة من المواد الاولية الي انهيار سعر الروبل واسعار الاسهم في روسيا, مما اضطرالحكومة الروسية في انفاق مبالغ ضخمة ربما قاربت 200بليون دولارلحد الان, لدعم واسناد العملة والنظام المالي والموسسات الحكومية التي تتميز بمعامل رفع مالي(نسبة الاستدانة الي حقوق الملكية) عالية .ان الاحتياطي الروسي من العملات الاجنبية البالغ.500بليون دولار يجعل روسيا في موقع مالي قوي. مع ذلك تظل هذة الاحداث الواقعيةقتشكل قيدا علي تنفيذ روسيا طموحاتها الجيو سياسية . نظريا لربما تسمح هذة الاوضاع المستجدة بتنشيط العلاقة الروسية الاميركية بالاخص عند قيام الرئيس اوباما بالتمهيد لذلك وعرض مبادرات هامة بهذا الخصوص .
ان حصيلة الازمة ستكون اكثر خطورة لايران وفنزويلا ,وهما بلدان يعانيان ايضا مثل روسيا من هبوط اسعار النفط كما ان احتياطيهما من العملات الاجنبية محدودا جدا. فالاقتصاد الايراني كسيح , كما ان الضغوط الداخلية هائلة وهي في تزايد مستمركما ستظل فنزويلا تواجة مشكلات خطرة حيث لتعجز من الاستمرار في تمويل اجندة رئيسها السياسية المكلفةوالمعقدة.
تطرح الازمة التاريخية هذة تساؤلا حول مدي الحاجةلتبني منهجا كونيا جديدا للسيطرة ورقابة العملات والنظام المصرفي والمالي في العالم.فالعديد من القادة والاقتصاديين يدافعون عن مثل هذة الاجراءات ,كما يطالبون في تبني اتفاقية بروتن وودوز ثانية. ان خلق نظام مالي كوني شامل جديد قد يصعب تنفيذة و انجازة بنجاح بسبب قوة ونفوذ الاسواق المالية والنقدية.حيث غاب بل تلاشة يوم التمكن في التحكم باسعار صرف العملات من ناحية , كما من المتحل ان تولد التنظيمات الكونية الجديدة المقترحةليس فقط مشكلات جديدة , تفوق تلك التي يمكنها حسمها او تذليلها.بل ربما ان الاصلاحات في الغر ب تختلف عن الاجراءات المطلوبة في بلدان العالم من الناحية الاخري. .علية فالمنهج السليم والافضل التركيز علي بعض الاجراءات.منها : اولا:تشكل الازمة فرصة لتعضيد واعادة تشكيل صندوق النقد الدولي. تمتلك المنظمة 250 بليون دولار كطاقة ائتمانية او اقراضية,وظلت هذة القاعدة الراسمالية من دون تكيف او تعديل منذ عام 1997 ,.كما انها قد تكونغير كافية لمساعدة عديد من البلدان النامية التي تعاني ازمة سيولة و صعوبات في موازين مدفوعاتها .( تفاوض الان مع الصندوق وربما عقدت اتفاقيات تمويل رزمة طواريءلعلاج ازماتها بلدان مثل هنغارياو ايسلاند باكستان اوكرانيا وست دول اخري ) .علاوة علي ذلك يمكن تحسين ممارسات الصندوق وجعلها اكثر مرونة من السابق .تاريخيا اعتمد الصندوق علي جملة مشروطيات في تقديمة المساعدات او القروض استندت علي ما يطلق علية التقشف وشد الاحزمةفي البلدان المقترضة, . منها لا حصرا تقليص عجز الميزانية العامة. ان المشروطيات هذة قد د تظل ضرورية علي الامد البعيد. لكنة يتطلب تجميدها وقتيا في ظل ظروف الازمة ا وقتيا , ويبدو ان المنظمة تسير في هذا الاتجاة . علاوة علي ذلك فان بلدان الفائض الكبير مثل الصين وبلدان الخليج المنتجة للنفط قد تقدم علي زيادة حصة مساهمتها في الصندوق, مما يصبح من المنطق ان تتولي هذة البلدان مهمة ادارة التسهيلات الجديدة للاقرض التي يؤسسها تمويلها .
ثانيا :لقد اصبح اطار عمل مجموعة الثمان G- 8 عتيقا لايلائم المتغيرات الجديدة في موازين القوي الاقتصادية بالعالم .ان قوة الصين وثروتها تفرض شرعيا ان يتم ضمها الي هذة المجوعة,هذا وربما من الحكمة ان يوسع التثميل ليصبح شاملا يضم مجموعة(20) (19 من كبريات الاقتصاديات في العالم يضاف اليها الاتحاد الاوربي)
ثالثا:يتطب اعادة النظر واصلاح تعليمات وارشادات اتفاقية بازل الثانية التي تنظم الاحتياجات الراسمالية في المصارف ومعاملات راس المال بالعلاقةمع الموجوات ( الرسملة),حيث ثبتت قصورها وعدم ملائمتها في حماية المصارف من الازمات .فالمنهج الافضل ان تقوم المصارف في فترات الازدهار في تكوين احتياطات اسناد تستخدم اثناء الازمة.
ستظل اميركا تشكل اكبر قوة في الكون لفترة طويلة .ان قوتها العسكرية لوحدها تضمن لها ذلك.لكن الانهيار عام 2008قد سدد ليس فقط ضربة قويةبل الحق بنظامها المالي والاقتصادي ومكانتها العالمية اضرارا جسيمة علية تعتبر الازمة انتكاسة لوضعها الجيوسياسي .ان خطابات التهئنة والفرحة العالمية في انتصار اوباما قد يخفف قليلا منها لكنهاتظل عاجزة عن ابعاد اثارها وتبعاتهاخصوصا , وانها ترافقت مع بزوغ قوي تاريخية استطاعت تحويل انظار العالم وتركيز اهتمامة بعيد عن الولايات المتحدة الاميركية ,علية سوف تضطر البقاء علي الاقل في الامد المتوسط في ملعب منتدي دولي اصغر .


المقالة مترجمة عن الانكليزية
The Great Crash,2008
A Geopolitical Setback for the West
By Roger C. Altman
From Foreign Affairs, Jan. Feb 2009-02-28

*يطلق الرفع المالي(Leverage) علي اي اقتراض او استخدام لادوات مالية ينتج عنة تضخيم اثر الارباح او الخسائر علي المستثمر . في الغالب يستخدم لوصف نسبة الاستدانة الي حقوق الملكية فكلما زادت نسبة المديونية الي حقوق الملكية زاد تاثير الرفع المالي علي ارباح الشركة ويمكن ايضا زيادة نسبة الرفع المالي باستخدام ادوات مالية اخري متل الخيارات المالية والعقود الاجلة





#محمد_سعيد_العضب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الازمة المالية العالمية ونهاية العولمة
- انهيار سطوة الدولار
- نهاية سطوة الدولار
- نهاية سيطرة الدولار
- ادم سميث فى بكين-عرض ومراجعة
- مداخلة حول الرسالة الموجهة لقوى اليسار والعلمانية العراقية
- الشتراوسية وفكر المحافظين الجدد


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد سعيد العضب - الانهيار المالي والاقتصادي الكبير وانتكاسة الغرب الجيوسياسية