أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - حميد طولست - رد على رد















المزيد.....

رد على رد


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 2574 - 2009 / 3 / 3 - 09:05
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


إنها لصورة درامية لا تخلو من سخرية، أن تقوم الدنيا ولا تقعد، ويكثر اللغط والهذر مصحوبا بالانتقاذات اللاذعة، والاستفزاز المقيت، والتأليب الإرهابي، لأن أحد الدكاترة المجتهدين امتلك المبادرة والجرأة على اقتحام المجهول، ورفض الاستسلام و الخضوع للخرافات وكثرة المقدسات و الأشياء التي من الصعب مسها أو الاقتراب منها؛ بمؤلفه "أكثر أبو هريرة" الذي أثار إشكاليات تستحق الدرس والتفكير. في الوقت الذي تقل فيه بالمقابل الدراسات الجادة والبحوث العلمية الرصينة..إنه لأخطر تطرف، ذاك الاعتقاد الجازم بأن الحقيقة مطلقة وأنها كلها في ملكية فئة معينة دون غيرها، وأن أصحاب الآراء المغايرة عصات مذنبون ينتمون إلى حزب الشيطان، وهو اعتقاد خاطء يؤدي إلى التعصب، ويخلق آليات الإلغاء وعدم الاعتراف بالآخر.
ما كنت أظن أن ينخرط الكتاب المقتدر والصحفي المتنور الؤمن بالكلمة والحرف الأستاذ حسن أبو عقيل، في جوقة ذوي العقلول العولاء، ذات التشكيلة الخاصة التي لم تتجاوز بعد مرحلة الاستنباط من الجاهز، ومنهج الهضم والابتلاع لا المشاركة حتى فى تعاطيها مع السنن الكونية والاجتماعية.. فيخط قلمه مقالتيه " رسالة إلى د. مصطفى بوهندي " و "إلى القارئ الكريم " المتسمتين بالتعصب والتوتر والقلق والتصلب-الذي ما كان يوما من شيمه وأخلاقه- معتمدا فيهما أسلوب "الكل أو لا شيء"، أي أن الأحداث إما صوابا أو خطأ. وهو يدرك – كما عودنا في كتاباته التنويرية- أن الأمر الواحد قد يجمع فى طياته بعض جوانب الصحة والخطأ مع تغليب جزء على آخر وقد يؤدى مستقبليا إلى نتائج إيجابية فعالة لو أتيحت له الفرصة. وأن المعرفة المستمدة من العقل قد يصعب الاتفاق عليها، في حين أن الإلف والتقليد والعادات هى مغاليق للفكر و استغفال المجتمع وا خضاعه للخرافات وكثرة المقدسات والخطوط الحمراء التي يحرم مسها ويأثم المقترب منها.
لا ريب في أن مجتمعنا يشهد صحوة مباركة، ويبذل جهوداً ليست بالقليلة للأخذ بنور العقل في استكشاف نفسه والتعرف على الظروف من حوله من أجل تلمّس نقاط القوة والضعف لديه، وما ذاك الجدل الذي نسمعه ونراه حول كل شيء وفي كل مكان إلاّ تعبير عن التشوّق لمعرفة حقيقة الأوضاع التي يعيشها، ومعرفة حقيقة ما يجري من حوله. لكن هذا التشوّق يصطدم في الغالب الأعم بحواجز وعوائق، فطريّة تلقائيّة، أو مصطنعة متعمّدة، للإبقاء على حال المجتمع مستهلكا بقضايا وأمور لا تسير به خطوة واحدة في طريق التنمية، تكبله قضايا جزئية تعوق من حركته لا يستطيع الإنفكاك منها. ولاشك أن استعمال العقل ضروري لإزاحة تلك العوائق والحواجز لمعالجة المشاكلا أو التصدي للأزمات لتنمية المجتمع، لأن الذي لا يأخذ بنور العقل لن يستطيع أنّ يفهم واقعه ومن ثم تغييره.
فالخلاف لا يقع إلا بين العلماء المجتهدين النشطين الغيورين على أممهم، وهو إختلاف مستساغ مقبول في حدوده المعقولة، ما لم يتطور للتنازع أو الشقاق المذموم، ولم يخرج عن أصوله وآدابه، و ضوابطه، ليكون رحمة ونعمة، وتكون له فوائد ومنافع جمة.
فأكابر أهل العلم والأئمة يختلفون فيما بينهم في مسائل العلم والفقه في الدين، ويتناظرون ويرد بعضهم على بعض، دون أن يفسد اختلافهم للود قضية، أو يضر بالناس، لأنهم إنما يختلفون بأدب، ويتحاورون بلطف، ولا يخرجون في اختلافهم عن الأصول والضوابط الشرعية والأخلاقية للمناظرات والمقابلات لبعد نظرهم وخبرتهم بالعلم والفقه، فإن اختلافهم كله تسامح وعلم ومنفعة ومصلحة للأمة.
بينما اختلاف الجهال كارثة ونقمة عليهم وعلى غيرهم، لأنهم يقولون بدون علم، ويتكلمون بغير بصيرة، ويختلفون بلا أدب أو ضوابط، وغالباً ما يؤدي اختلافهم واختلاف المبتدئين وأنصاف المتعلمين إلى التنازع، والتشاحن، والبغضاء، و الإضرار بمجتمعاتهم بما بفترون. فلا أحد منهم يجرؤ على الاعتراف بأن رأي المقابل صح ورأيه خطأ؛ لا أحد يشكر الآخر إذا أفاده بفكرة جميلة، أو نبهه إلى ما كان غافلا عنه، وتأمل المتحاورين في القنوات الفضائية فإنك لن تجد بين المئات منهم حالة واحدة يقول فيها المتحاور لنظيره أنك على صواب.. لذلك أمر ربنا عز وجل بأن نرجع في حل المسائل والمشكلات إلى العلماء وأولي الأمر حيث قال سبحانه وتعالى:(وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً )النساء:83. فأولو الأمر في هذه الآية المراد بمهم: الراسخون في العلم، أي الطبقة العالية من العلماء التي لها مكانة رفيعة.
وهذا ما فعل الدكتور مصطفى بوهندي حين ترك رقم هاتفه لكل العلماء والفقهاء، راجيا وداعيا أن تتسع عقول الناشطين وإسهاماتهم لمناقشة رأيه الذي يحتمل الصواب أو الخطأ كما يقال " رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأيك خطأ يحتمل الصواب".. داعيا، بل راجيا، أن يجرب العلماء كل قدراتهم على اتخاذ موقف من أفكاره وكتاباته، أكثر من دعوتهم إلى القبول بها والتسليم فى سلبية وخشوع! فالقراءة الخلاقة للنص أبعد ما تكون عن حالة التلقي السلبي أو الخضوع المُمتثل.. وهذه قمة التقدير و الإجلال للفقهاء والعلماء والأئمة التي أوجبها الشرع والأخلاق والمروءة، والتي فيها طاعة لأوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأثم من أخل بها، حيث قال الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يوقر كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه". والدكتور لم يُخل بواحدة منها حينما تجرأ على الخروج من بوتقة الأوهام الطوباوية باعتماده منهجا يحرر العقل من القيود المسبق؛ فإجترح الأسئلة العلمية الاستقرائية حول بعض الطروحات و الأفكار التي يؤمن بها المجتمع والقناعات الفكرية التي يأخذ بها, ولكنها وإن كانت متفق عليها إلا أنها ليست بالضرورة أفكار حقة وصحيحة لأنه يجري تداولها بتأويلات فقهاء بلا فقه، وعلماء بلا علوم ولا منطق فكري، فقهاء يرعبهم السؤال إلى درجة الرهاب المرضي.. يعيشون بهرطقتهم وليس بعقولهم، أجواء من الانغلاق الفكري والاجتماعي ‬ ولا يرضون من الأتباع والعامة بغير "العنعنة" وهز الرؤوس‮ "‬موافقة‮" كأسلوب وديدن. فيطاردون السؤال‮، ‬ويصادرونه ويقمعونه‮. مستشهدين بالآية الكريمة "يا أيها الذين آمنوا لاتسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم". لقمع السؤوال -فلا يَسألون خوفا ‬ربما من أن يُسألوا‮- حتى أضحت ‬علاقة المجتمع علاقة‮ "جواب" ‬لا علاقة أسئلة‮.. ‬علاقات‮ »‬اجابات‮ ‬وعلاقة استماع لا علاقة حوار‮.. ‬وكلنا يعرف بالتأكيد أنه عندما‮ ‬ينعدم الحوار تنعدم الأسئلة وتتلاشى وتتراجع ثم تختفي‮ ‬نهائياً ويحل محلها القمع الذي يولد الإرهاب..
‬ولذلك فثقافة الأسئلة أو ثقافة السؤال هي‮ ‬خروج عن حدود الخطوط الحمراء المرسومة عبثا وما أكثرها في‮ ‬حياتنا وفي‮ ‬علاقاتنا وفي‮ ‬مجتمعنا‮.. ‬هذه الخطوط الحمراء التي‮ ‬تكاثرت وتناسلت وازدادت وتكتفت هي‮ ‬باختصار شديد منع للسؤال،‮ ‬ومنع للفرد من التفكير وطرح‮ "السؤال‮" ‬بل دعوة الى قمع السؤاله أو الأسئلة.‮ ‬لذا فنحن أفضل أمة في‮ ‬إجادة قمع أسئلتها قمعاً‮ ‬ذاتياً‮.‬ لذلك فبدل أن نطلقوا العنان لأصحاب الفكر والعلم والأدب والأبحاث ليمهدوا الطريق أمام نهضة حاسمة في انبعاثنا الحضاري، نقوم بزج المزيد من العراقيل، وإلصاق التهم والإساءات –وبعضها شديدة العنف- بكل من يخالفنا في وجهات النظر، وكل ذلك بدعوى الحفاظ على الدين وحمايته... حتى أصبح من الأسهل والأروج، أن يتهم طرف الآخر بتهم أبسطها الزندقة والكفر والعمالة والخيانة، وهو السلوك اللا أخلاقي ليس مقصورا على الأشخاص، فقد تبنته كسياسة وسلوك التنظيمات والأحزاب، إلى حد يستحيل أن تجد تنظيما لم يتهم بالكفر والزندقة والإلحاد والعمالة والخيانة من قبل تنظيم آخر..
وليتأكد الأستاذ المحترم حسن أبو عقيل، أن ردي على مقالاته ليست دفاعا عن د. بهندي وما يقول، ولكن دفاعا عن حرية التفكير والآراء والإجتهادات التي تُرفض عشوائيا وبانغلاق، حتى لو كان جوهرها لا يمس بالدين ويتماثل مع التجارب الإنسانية لمختلف الشعوب. فحتى متى نبقى في أسر هذا التوجس واضعين الدين حجر عثرة في طريق تغيير واقعنا المتردي؟ وهو الداعي لتطوير الوعي الإنساني والرقي به حتى نتمكن من تطهير ديننا من كل الخرافات والتزوير الذي شابه وحينها سوف نخرج من التخلف والجهل الذين يقبع فيهما، ويتسنى بالتالي للمجتمع المدني استعمال كل الآليات الرقابية القوية سواء على حقوق الإنسان، أو حقوق المواطن، أو تأميناته المختلفة الاجتماعية والصحية والخدماتية وحرياته الديمقراطية والثقافية والدينية والإثنية، وهذا ما كنت تدعو إليه في بعض كتاباتك -أو ذاك ما كنت أفهم منها على الأقل- لا بد لنا اليوم من نهج تنويري في كل مجالات حياتنا، لأنه لا يمكن الاستمرار بالانغلاق في أي فكر كان، لأن الانغلاق يعني الموت البطيء. وأختم ردي بقولة المُربي ليسنج: "ليست الحقيقة التى يملكها إنسان أو يتصور أنه يملكها هى التى تجعل له قيمة، بل الجهد الصادق الذى بذله فى التماسها والسعي وراءها. فليس تملك الحقيقة هو الذى ينمي طاقاته وقواه، بل إن البحث عنها هو الذى يعمل على تفتحها، وفيه وحده تكمن قدرته على الاستزادة من الكمال. إن التملك ليجعل الإنسان كسولا، ساكنا، مغرورا..ولو أن الله وضع الحقيقة كلها فى يمناه، وجعل الدافع الوحيد الذى يحرك الإنسان إلى طلبها فى يسراه ـ ولو كان فى نيته أن يضلني ضلالا أبديا ـ، ومد نحوي يديه المضمومتين، وهو يقول: اختر بينهما! لركعت أمامه فى خشوع وهتفت به وأنا أشير إلى يسراه: رب! أعطني هذه! فالحقيقة الخالصة ملكك أنت وحدك!"..



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إعداد النشأ ليس قصرا على الأمهات
- ظاهرة التسول ...
- قادة من ورق
- آفة الفقر والجوع
- لماذا لا يلمع ويثرى إلا مدعو النضال والوطنية ??!
- تشابه الأحياء الشعبية
- الحوار المتمدن تجربة لا نهائية ناجحة
- الآخرون !
- حماية المستهلك ..في زيادة راتبه .
- سلوكات مستفزة وغريبة ببيوت الله
- حوار افتراضي مع المرحوم محمد شكري الكاتب الذي صارع البقاء لي ...
- التطرف
- حوار مع الأديبة والشاعرة الكويتية بسمة عقاب الصباح
- حميرنا وحمار أوباما
- الإدارة والإداريون
- العزوف عن القراءة
- سيارة البلد لا تطرب
- قيمة الإنسان من ماركة سيارته
- النقل المدرسي
- تعزيز منظومة النقل وتحقيق جودتها


المزيد.....




- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...


المزيد.....

- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى وقواعد العمل السرى فى ظل الدولة ال ... / سعيد العليمى
- نِقَاش وَثِيقة اليَسار الإلِكْتْرُونِي / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - حميد طولست - رد على رد