أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - صادق الازرقي - الفساد في العراق















المزيد.....

الفساد في العراق


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 2573 - 2009 / 3 / 2 - 09:37
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


وحش يفترس الناس والوطن

هو وحش يسير بين ظهرانينا ويبرز الى الملأ من دون خجل بصفته خطراً كاسراً عصياً على المجابهة ويسيراً عليها في الوقت ذاته إذا أفلحنا في امتلاك النية للجمه ودحره.
انه الفساد بكل تأكيد .. البعض يسميه آفة.. آفة الفساد والآفة في اللغة العربية هي الحشرة والداء والعاهة والعلة وغيرها من المخاطر والكوارث ومن مفرداته في اللغة الانجليزية decay ومن معانيها التعفن والاضمحلال والخراب .. فكيف رضينا بأن تتلبسنا كل تلك الصفات الذميمة؟.
أخذ الفساد لدينا في العراق يتوالد ويتعاظم بصورة مذهلة ومخيفة ونتج عن ذلك تبديد ثروات هائلة كان يجب ان تصرف على إعادة بناء البلد والإنسان العراقي بعد ان تعرضا للتهديم والتخريب طيلة عقود ولكن استشراء الفساد تسبب بالنتيجة وكعامل محفز في ضياع الأموال وموت وتهجير الناس.

بدايات الفساد واستفحاله
وفي الحقيقة فان الفساد في العراق بدأ منذ صعود الدكتاتور صدام حسين الى السلطة في عام 1979 بعد ان قتل رفاقه السابقين في المجزرة الدموية المعروفة وقبل ذلك لم يكن الفساد ظاهرا ً او انه مورس على نطاق محدود.
وإثر سقوط النظام المباد والتغيير الكبير في التاسع من نيسان (ابريل) من عام 2003 طفق الفساد يتحول الى وحش كاسر ينهش الجميع ويزهق ارواح الكثيرين وقد جرى ذلك بالضد مما كان يتوقعه ويأمل به المواطن العراقي.
في عام 2006حققت المفوضية العامة للنزاهة في العراق مع وزير الكهرباء الأسبق محسن شلاش الذي تسلم الوزارة بين عامي 2005 و2006 إبان حكومة رئيس الوزراء الأسبق ابراهيم الجعفري لأمور تتعلق بالفساد. الا انه لم تتم ادانته. وكان ايهم السامرائي وزير الكهرباء الذي سبق شلاش والذي تم استيزاره في حكومة أياد علاوي والذي اتهمته المفوضية بالفساد قد استطاع بعد انتهاء مدة تلك الحكومة بداية العام 2005 الهرب من السجن في كانون الأول (ديسمبر) عام 2006 بمساعدة شركة أمنية أجنبية خاصة بحسب ما أعلنت السلطات العراقية في حينه. المفارقة هنا ان الاستدعاء للتحقيق او القبض على متهمين بالفساد من المسؤولين الكبار لا يحدث إلا بعد انتهاء استيزارهم وليس خلاله برغم كثرة الشكاوى والتصرفات غير المسؤولة التي تبدر من الكثير منهم في أثناء إدارتهم لمؤسساتهم؛فعلى سبيل المثال نشير الى مطالب رُفعت من قبل بعض المسؤولين الى وزراء تتعلق بحاجات الناس لم يتم الالتفات اليها. وعلى ذكر وزيرالكهرباء محسن شلاش فقد قام محافظ المثنى وأعضاء مجلس محافظة المثنى بالسفر إلى بغداد في حينه لزيارة وزارة الكهرباء ومقابلة الوزير المذكور لمناقشة بناء محطة كهرباء جديدة تم تخصيص الأموال لها من الجيش الياباني الذي كان يتواجد في تلك المنطقة وخارج المنحة المقدمة من الحكومة اليابانية فرفض الوزير مقابلتهم كما حصل ذلك مع محافظ ميسان ومجلس محافظتها مع العلم بأن دولاً كثيرة غير اليابان عرضت على الجانب العراقي المساعدة في ذلك الوقت وفي أوقات لاحقة ولأكثر من مرة ـ وعلى وفق اعترافات مسؤولين في وزارة الكهرباء ـ من أجل تطوير الكهرباء ونصب محطات كاملة غير ان مناشداتهم رفضت وبالنتيجة ظلت الكهرباء تعاني طيلة السنوات الخمس المنصرمة منذ إسقاط النظام المباد بل تدهورت من سيء الى أسوأ حتى ان المواطن في أوقات كثيرة من عام 2008 لم يتسلم سوى ساعتين أو أقل من الكهرباء في اليوم وباعتقاد الكثيرين فان رفض تلك العروض مرتبط أصلاً بالفساد إذ ان اليابان مثلاً تعهدت بنصب المحطات على الفور في حين ان المسؤولين المفسدين لا يريدون محطات بل أموالاً كما انهم لا يرغبون في تنفيذ سريع ولكن لمدى اطول ليتسنى لهم جني الأموال.

قرائن موثقة للفساد المالي
لقد تم منح وزارة الكهرباء ملياري دولار للعام 2007 في حين كانت حصتها 800 مليون دولار في عام 2006. و رفضت حينها صرف المبلغ بسبب المخاوف الأمنية بحسب ما كانت تصرح به في بياناتها التي أوضحت ان الوزارة استغلت في المدة المذكورة 35% فقط من ميزانيتها، وبحلول منتصف 2007، صرفت الحكومة ربع ميزانيتها فقط ونود الإشارة هنا الى أن وضع الكهرباء لم يتم تحسينه بصورة جذرية حتى بعد تحسن الوضع الأمني وتوقف استهداف محطاتها ومنشآتها ومنتسبيها منذ نحو سنتين وهي مدة كافية جداً لإعادة تأهيل الكهرباء اقتراناً بالتطور العلمي الهائل في العالم مثلما حصل في دول أخرى خرجت من الحروب خصوصاً وان العراق يرتبط بعلاقات وثيقة مع أكثر الدول تطوراً ونعني بها أميركا وكذلك مع دول أوروبية.
لقد كشف الأميركيون بصفتهم المستثمر الأكبر في إعادة اعمار العراق وبنى الكهرباء التحتية تلاعباً كبيراً في الحسابات ففي إحدى الحالات اكتشفوا ان 10 مليارات دولار من أصل 57 مليار دولار لدعم الجيش وإعادة الإعمار في العراق قد تم تبديدها من قبل المقاولين وصرفها من غير ما يثبت أوجه صرفها، وذلك بحسب دائرة المحاسبة الحكومية الأميركية.
ومن المفارقات التي نشير اليها هنا ان الوزير الهارب ايهم السامرائي والذي أدانه القضاء العراقي بنحو عشر قضايا أخرى تتعلق أيضا بقضايا الفساد الإداري والاختلاس طرح نفسه بعد انتهاء مدة الحكومة الاولى في العام 2005 وخصوصا بعد ان تسنى له الهرب بأمواله كمتحدث باسم ما يسمى بـ ( المقاومة العراقية) والتي كان الوزير يدين أفعالها المسلحة ويصفها بالإرهابية حين كان وزيراً! وطالب بعد انتهاء وزارته بضرورة الاعتراف بها والجلوس اليها واجراء حوار معها هذا علماً بأنه يتمتع بالجنسية الاميركية التي انقذته من المقاضاة امام القانون العراقي!، وبرغم أن دعواته تلك لم يستجب لها أحد إلا أن ذلك الأمر يبيّن سوء اختيار المسؤولين في الحكومات العراقية التي أعقبت التغيير عام 2003 والذين يتم اختيارهم على أساس ما عرف بـ ( المحاصصة الطائفية والحزبية) التي لا تلتفت الى اعتبارات الكفاءة والمهنية في تبؤ المناصب والتي فاقمت الفساد.
ولم يقتصر أمر الفساد في العراق على المسؤولين العراقيين فقط ففي كانون الأول (ديسمبر) من عام 2006 قال ستيوارت دبليو بوين المفتش العام لإعادة إعمار العراق إن عدداًًً من الأميركيين تورطوا في قضايا فساد مالي بالعراق وأنه تمت مقاضاة بعضهم ، وأوضح في مؤتمر صحفي عقده في بغداد "لقد اكتشفنا ضمن عمليات التحقيق والتفتيش في مدينة الحلة جنوب بغداد عمليات غش وفساد مالي تمت مقاضاة مواطنين أميركيين فيها وأن أربعة أميركيين اعترفوا بعمليات فساد مالي من بينهم المقدم هوبفنكر أدنر الذي اعترف بارتكاب الغش في التحويلات المالية وغسيل الأموال في الحلة." وأضاف بوين أن " هناك أيضا فيلبب لوم الذي جاء الى العراق وهو يحمل الجنسية الأميركية ويعيش في رومانيا إذ ثبت تورطه في أعمال غش مالي في الحلة أيضا " ، مشيرا ً إلى أنه " بعد التدقيق توصلنا إلى أنهم لم يقوموا بمشاريع مكتبات عامة في الحلة " .
وقال"لدي حالياً (82) تحقيقاً في مزاعم الغش والفساد والرشوة والابتزاز والإكراميات كما أن هناك (25) حالة بانتظار المحاكمة في وزارة العدل الأميركية" ورفض بوين إعطاء اي تفصيلات بشأن المتهمين بهذه القضايا بالقول" لا أستطع التكلم عن هذه القضايا بسبب قوانين التحقيقات".


استيطان الفساد .. تصفيات و تهديدات
في تشرين الأول (اكتوبر) من العام 2007 أقرت وزارة الخارجية الأميركية بانتشار الفساد المالي والإداري في العراق، وقال مسؤول في الوزارة إنها مشكلة «مستوطنة وفتاكة» وفي المدة نفسها قال رئيس هيئة النزاهة العراقية السابق راضي الراضي في إفادة أمام لجنة من الكونغرس الأميركي، ان ما يقرب من 40 موظفاً في مجال مكافحة الفساد أو أفراداً من عائلاتهم اغتيلوا. و تحدث الراضي عن فساد «متفشٍ» في الوزارات العراقية كلف البلد مبلغاً يصل الى 18 مليار دولار، لكن لم يتم إصدار حكم إلا في 241 قضية فساد من بين 3000 تم تحويلها إلى المحاكم. وأقر ديفيد ساترفيلد منسق شؤون العراق في الخارجية الأميركية ضمنياً بوجود وثائق بصدد الفساد لا يمكن عرضها علناً. وفي سياق متصل كشف في واشنطن النقاب عن مذكرة أعدتها السفارة الأميركية في بغداد بوجود فساد في جميع الوزارات العراقية.
و كانت مفوضية النزاهة في العراق قالت في مايس (مايو) 2005 انها تحقق في اختفاء اكثر من سبعة مليارات دولار من اموال الدولة.
يذكر أن المعلومات التي أشار فيها القاضي راضي الراضي الى انتشار الفساد في القطاع العام، جعلت بعض أعضاء الكونغرس الأميركي يقولون إن الأموال التي تجمع من دافع الضرائب الأميركي أخذت طريقها بسبب الفساد الى تمويل جماعات مسلحة وقد أعلن مكتب المحاسبة التابع للقوات الأميركية في تقرير له في آب (أغسطس) 2007 اختفاء نحو 190 الف قطعة سلاح سلمها الجيش الأميركي لقوات الأمن العراقية في 2004 و2005.
وأوضح التقرير ان «الجيش الأميركي لا يستطيع تحديد مكان نحو 110 آلاف قطة سلاح من نوع كلاشنيكوف ونحو ثمانين ألف مسدس و135 الف سترة واقية و115 الف خوذة سلمت للقوات العراقية». وأضاف أن الأسلحة اختفت من السجلات في المدة المحصورة بين تموز (يوليو) 2004 وايلول (سبتمبر) 2005 في الوقت الذي كان الجيش الأميركي يسعى لإعادة بناء القوات الأمنية العراقية.
وقال التقرير أن «الجيش منذ 2004 لم يكن يجمع بشكل منهجي سجلات تؤكد تاريخ تسلم المعدات، ولا كميتها ولا حتى الوحدات العسكرية التي تسلمتها». وتابع انه «منذ 2006 ركزت القيادة العسكرية بصورة كبيرة على التأكد من جمع الوثائق التي تثبت تسليم الأسلحة، واعيد النظر في سجلات جميع الأسلحة والمعدات التي سلمت، وتم التأكد ان هناك مشكلة في نقص هذه السجلات واختفاء قسم منها».
أما على صعيد المسؤولين في المراكز العليا في الحكومة العراقية فقد تم إسقاط وزير الدفاع العراقي الأسبق حازم الشعلان في العام 2005 ـ والذي هرب خارج العراق ايضاً! ـ على خلفية عقد صفقة بلغت أقيامها ملياراً و 300 مليون دولار بتمويل من الحكومة العراقية في سنتي 2004 و2005 إذ ان الافتقار الى الأنظمة المصرفية في ذلك الوقت جعل المسؤولين العراقيين يدفعون ثمن أسلحة فاسدة ومعدات وأجهزة غير موجودة أصلاً "نقداً" مستخدمين "سماسرة" كي يمرروا حقائب محشوّة بـملايين الدولارات الأميركية. و يجمع مسؤولون أميركيون وسياسيون عراقيون القول إن فقدان الوقت والأموال الكبيرة سبّبا تأخيرات حرجة في تطور الجيش العراقي.
في نيسان (ابريل) عام 2008 تداولت الانباء خبراً عن ما يعرف بصفقة الأسلحة الصربية في العراق إذ قالت صحيفة النيويورك تايمز إن صفقة شراء أسلحة ومعدات بمبلغ 833 مليون دولار (المسؤولون العراقيون يقلصونها لاحقاً الى 236 مليون دولار) جرت مفاوضاتها سراً بين العراق و صربيا تثير المزيد من الأسئلة بشأن مشكلات العراق المستمرة في تجهيز قواته المسلحة. وطبقاً لـ (سولمن مور) مراسل الصحيفة في بغداد فإنّ هذه الصفقة كانت ومنذ مدة طويلة موبوءة بالفساد وبعدم الكفاءة.
ومن المهم الإشارة هنا الى أن الأبواب فتحت على مصاريعها للتعاون بين الحكومة العراقية والحكومة الأميركية في قضايا التسليح كما توفرت فرصة ثمينة لاستغلال تلك العلاقة لصالح العراق إلا أن بعض المسؤولين العراقيين ارتأوا ان يشتروا أسلحة متخلفة من سبعينات القرن الماضي من دول اوروبا الشرقية بقصد الحصول على فروقات السعر ويبدو ان الاميركان قد اكتشفوا هذا الأمر لاحقا فأخذوا الآن ـ ونحن في العام 2009 ـ يقومون هم بتزويد الجيش العراقي بالأسلحة الأميركية بدرجة أساس وهذا أمر ايجابي سيقضي على الكثير من حلقات الفساد إضافة الى انه يوفر للجيش اسلحة من مصدر أكفأ.

فساد بالجملة وقطع لأرزاق الناس
أما الفساد في الوزارات الأخرى فإننا نحتاج الى تدبيج مقالات مطولة عن كل مظهر من مظاهره ولعل من اللائق ان نشير بصورة موجزة الى أمر جلي للعيان إذ ان المفترض بوزارة التجارة انها تتعاقد مع ارقى المناشيء لاستيراد مفردات البطاقة التموينية التي يعتمد عليها المواطن العراقي وهو ما تصرح به الوزارة على الدوام غير ان الناس يتسلمون موادّ بأسوأ النوعيات وتوجد بعض الأماكن في بغداد مثلاً يتم فيها استبدال المواد الجيدة بأخرى رديئة لتوزيعها على المواطنين ويجري بيع المواد الأصلية الى التجار لقاء عمولات خاصة وهؤلاء بدورهم يطرحونها الى الأسواق بأسعار كبيرة والقرائن بذلك كثيرة وملموسة في الشوارع والبيوت اما الفساد في وزارة الصحة فنتج عنه غياب الأدوية خصوصا ادوية الامراض المزمنة في المؤسسات الحكومية برغم توفرها في صيدليات وهمية على الأرصفة او في السوق السوداء بأسعار مضاعفة تثقل كاهل المريض المبتلى بدائه وبالفساد. وكان رئيس لجنة النزاهة في البرلمان صباح الساعدي كشف في منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 2008 عن قيام وزارة التجارة باستيراد حليب من منشأ صيني يحتوي على مواد كيمياوية سامة غير صالحة للاستهلاك للبشري، لتوزيعه على المواطنين في الحصة التموينية بالرغم من انتشار خبر تلوث الحليب الصيني وتأثر الكثير من الاطفال الصينيين به.
وفيما يتعلق بمكافحة الفساد ومعاقبة المفسدين فلعل أوضح تعبير عن عقم الإجراءات المتخذة في هذا الصدد هو ما قاله السفير (لورنس بندكت) مدير دائرة المنسق العام لمكافحة الفساد في السفارة الأميركية لدى العراق من إن هناك مادة قانونية نافذة في العراق تمنح الصلاحيات للوزير العراقي ليقف حائلا أمام عمليات التحقيق في حالات الفساد الإداري والمالي داخل المؤسسات الحكومية .
وبما ان الوزراء قد عينوا اغلب منتسبي وزاراتهم خصوصا في المفاصل العليا على أساس الولاءات والقربى فليس ثمة من يُقدم المفسدين من هؤلاء الى المحاكمة لوجود الفقرة (ب) من المادة (136) في قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تقول بوجوب (استحصال إذن الوزير عند إحالة الموظف على المحاكمة في جريمة ارتكبت أثناء تأدية وظيفته الرسمية أو بسببها).
أما رحيم العكيلي الرئيس الحالي لمفوضية النزاهة فيرفض الإشارة الى فساد المسؤولين في العلن ويقول بهذا الشأن أن "التشهير بالمفسدين مفيد لكننا مع القاعدة الدستورية التي تمنع التشهير بالناس"، ويوضح أن "قانون المخبرين يدعو إلى أن تكون أوراق التحقيق سرية" ويتساءل اغلب المواطنين هنا ولهم الحق في ذلك انه إذا لم يتم كشف فساد المفسدين والإشارة اليه علناً منذ الآن فمتى يتم كشفه؟! بعد عشر ام عشرين ام ثلاثين سنة وعندئذ سيتوفر للمفسدين الوقت الكافي للسفر والعيش في (فللهم) التي حجزوها في عواصم العالم مثلما هو حاصل حتى الآن؟!.
وكانت منظمة الشفافية الدولية المعنية بالكشف عن الفساد حول العالم قد أشارت في آخر تقرير لها في عام 2008الى ان العراق يحتل المرتبة الثالثة في قائمة الدول الأكثر فساداً إذ حلّت الصومال في المرتبة الاولى من حيث انتشار الفساد تليها ميانمار (بورما) في المرتبة الثانية ثم العراق ثالثاً إذ حل في المرتبة 177 في مستوى النزاهة من أصل 180 بلداً ضمهم التقرير.
لقد سبب الفساد الإداري والمالي في العراق الكثير من الأذى للمواطن ولن تكفي هذه المقالة للإحاطة به وعلى سبيل المثال يمكن ذكر حالة العاملين بالعقود الوقتية في الوزارات فكثيراً ما يتم طردهم مع تغيير الوزير او من دونه لعدم وجود ضمانات لعملهم كما ان الوزير يأتي بآخرين غيرهم من أقاربه ومعارفه في حين يعمل قسم كبير من المسؤولين الجدد على إدراج أسماء وهمية وتنظيم المعاملات لها وقبض الرواتب عنها نهاية كل شهر كما ان الوزارات ودوائر الدولة باتت تتلكأ في انجاز معاملات المواطنين وتأخيرها على قاعدة ان من لا يأتيني ربح خاص منه لا مصلحة لي في إنجازه مما ولد قيماً أخرى سيئة في المجتمع العراقي لم يكن يعرفها فحلت الأنانية و إثرة الذات محل العلاقات الإنسانية السليمة وتوترت العلاقة بين المُراجع والموظف مما ينبئ بكوارث مقبلة إذا لم يتم وضع العلاج.
ولعل ابرز ما يشير الى مخاطر الفساد والمفسدين هو تصريح للسيدة بيان دزه ئي وزيرة الاسكان والإعمار الحالية التي قالت ان «الفساد الاداري موجود في اغلب دوائر الدولة، وأنا أتابع وأراقب بشدة هذا الملف، لكنني لا استطيع القول اني قضيت عليه»، مشيرة الى ان «الأموال التي تسرق نتيجة الفساد الاداري في الدولة طائلة جداً وقد تتسبب بقتل من يقف بوجه بعض الفاسدين إدارياً، وهناك نسبة من المسؤولين الذين يتم قتلهم بسبب وقوفهم بوجه عمليات الفساد والسرقة وليس لأسباب أمنية». وأضافت «سأفشي لكم سراً وهو انني هددت بسبب موقفي الحازم من قضية السرقة والفساد الإداري الذي قضيت على نسبة ليست قليلة منه في وزارتنا».
وبعد فان هذا غيض من فيض ما يحدث من فساد في العراق . ان العراق الذي ابتلي بالدكتاتورية في عهد النظام المباد والذي نال حريته مع العهد الجديد ابتلي بآفة مفترسة قاتلة هي الفساد.
وفي انتخابات المجالس المحلية التي جرت في المحافظات العراقية اوائل العام الحالي غيّرت الكثير من القوى السياسية خطاباتها لتصبح اكثر مدنية وعلمانية والبعض من هؤلاء ـ وهم يترأسون السلطة الآن ـ طالبوا باستئصال الفساد ووعدوا بذلك. أمّا لماذا لم يستأصلوا ذلك الداء لحد الآن وهم على رأس السلطة فان ذلك يبدو في علم الغيب. وحتى الانتخابات العامة المقبلة نهاية العام الحالي وإذا لم يجتث الفساد ويُقضى عليه وإذا لم تتحسن الخدمات وتنطلق مشاريع الاعمار من دون فساد وإذا لم يتم تشغيل العاطلين او تعويضهم خصوصاً واننا في بلد غني فان المراقبين للأحداث في العراق يتوقعون أن يلفظ المواطن العراقي جميع القوى المتنفذة على الساحة وإذا كان نصف الناخبين قد تخلفوا عن الانتخابات المحلية فلربما لم تجد الحكومة من يذهب الى الصناديق في الانتخابات العامة المقبلة.



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجميد عقود الزيوت النباتية!
- عن أي إنجازات يتحدثون؟
- من الخطوط الحمر الى بدايات القبول بالآخر
- في صلب المؤتمر المصرفي
- مرت الانتخابات بسلام .. فمتى نعيش بسلام؟
- البطاقة الذكية .. لماذا تلكأ العمل بها؟
- مؤتمرات وورش إعمار العراق خارج العراق!
- الغاز الداخل والغاز الخارج
- انتخاب رئيس المجلس .. فرصة.. ولكن!
- أخلاق المرشحين
- متى نشرع بتصنيع العراق؟
- اقتراحات اقتصادية غريبة
- عن المتقاعدين ..أيضا ً
- مستقلون!!
- أعداء الإنسان
- هل انتقلت الخضراء الى المطار؟!
- شركات عراقية .. شركات اجنبية!
- من أجل حصد ثمار الاتفاقية
- الاثنين الأسود
- مؤسسة شفق أنموذج الإدارة الناجحة


المزيد.....




- تغير مستمر في سعر الذهب .. كم أسعار الذهب اليوم في مصر عيار ...
- مصر توافق على إنشاء منطقة حرة وميناء سياحي بـ-رأس الحكمة-
- عودة شهية المخاطرة تهبط بالذهب بانتظار بيانات اقتصادية
- -القابضة- تستحوذ على حصة في مجموعة -بيليناري-
- واشنطن تنذر -تيك توك-.. إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر
- ما هي التداعيات المحتملة لارتفاع مستويات الديون الأميركية؟
- شركة -مياهنا- السعودية تخطط لطرح عام أولي
- الإمارات والإكوادور تعتزمان بدء مفاوضات شراكة اقتصادية شاملة ...
- أسهم اليابان ترتفع للجلسة الثالثة على التوالي
- استطلاع- اقتصاد الإمارات سينمو بأسرع وتيرة بالمنطقة في 2024 ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - صادق الازرقي - الفساد في العراق