أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ما الذي تبقّى من “اليسار الإسرائيلي”؟















المزيد.....

ما الذي تبقّى من “اليسار الإسرائيلي”؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2569 - 2009 / 2 / 26 - 09:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعتبر نتيجة الانتخابات “الإسرائيلية” الأخيرة والتي فاز فيها اليمين فوزاً ساحقاً هي الأسوأ في تاريخ “إسرائيل”، لاسيما لجهة اليسار “الإسرائيلي” الذي تراجع على نحو شديد، بل تدحرج إلى القاع. ويبدو أن الناخب “الإسرائيلي” رغم اختلافاته، ظلّ متفقاً على شيء أساسي ألا وهو أن على “إسرائيل” استخدام المزيد من القوة ضد الفلسطينيين، خصوصاً أن هذه الانتخابات جرت بُعيد العدوان على غزة، حيث “توحدت” القوى “الإسرائيلية” خلف حكومة تصريف الأعمال برئاسة إيهود أولمرت، الأمر الذي يعكس طبيعة المجتمع “الإسرائيلي” المغلقة ذات النزعة العدوانية.

وتكاد الأحزاب الصهيونية الكبرى وهي “الليكود” و”كاديما” و”العمل” تجمع رسمياً كما تعلن، على “لاءات” تقليدية بخصوص حقوق عرب فلسطين، وهي عدم الاعتراف بحق العودة وعدم الانسحاب من القدس الشرقية ومن الضفة الغربية إلى حدود الرابع من يونيو/حزيران ،1967 وكانت تجربة كاديما وحزب العمل قد كشفت هذه الحقيقة رغم انهما ظلا يطرحان استعدادهما للتفاوض ولكن من أجل التفاوض مع الجانب الفلسطيني، وليس من أجل التوصل إلى حل يلبي طموح الشعب العربي الفلسطيني في تقرير المصير، وكان هدفهما باستمرار يدور في إطار مشروع أمني سياسي لا يصل إلى حدود دولة فلسطينية، ولعل المتغيّر المهم الآن هو أن صعود أحد أحزاب غلاة اليمين “إسرائيل بيتنا” قد زاد الموقف تشدداً، لاسيما وهو يطالب بطرد الفلسطينيين، وقد نجح هذا الحزب الفاشي اليميني المتطرف في الحصول على مقاعد تجاوزت حزب العمل التاريخي في انتخابات الكنيست الاخيرة.

لقد اكتسحت كتلة اليمين المتطرف يسار الوسط الصهيوني ووفرت نحو 65 مقعداً من أصل ،120 لدرجة إذا ما استطاعت التحالف مع أحزاب صغيرة، فيمكنها سواء وزيرة الخارجية ليفني أو رئيس وزراء “إسرائيل” الاسبق نتنياهو توجيه الامور وفقا لما تريده كتلة اليمين الاساسية.

وكانت “إسرائيل” قد دأبت منذ تأسيسها في 15 مايو/أيار 1948 على تناسي خلافاتها، خصوصاً عندما تخطط طغمتها العسكرية على ارتكاب العدوان أو عندما كانت تبرر بأن شبح الحرب بدأ يلوح، متذرعة بأن مصيرها كله “مهدد”. وقد حصل الأمر إبان العدوان الثلاثي في العام 1956 وعدوان حزيران (يونيو) العام 1967 وحرب يوم الغفران أكتوبر/تشرين الثاني العام 1973وفيما بعد خلال اجتياحها لبيروت العام 1982 وعقابها الجماعي لسكان مخيمي صبرا وشاتيلا والذي راح ضحيته نحو 1000 فلسطيني مدني جلّهم من الاطفال والنساء والشيوخ.

وإذا كان أمر اليمين محسوماً منذ البداية في تماهيه مع العقيدة الصهيونية وسياسات “إسرائيل” العدوانية، فإن أمر اليسار بشقيه التقليدي الصهيوني والمناوئ للصهيونية ظل ملتبساً و”متهماً” من الأوساط اليمينية “بلا وطنيته” رغم الاختلاف بين مواقف اليسار الصهيوني واليسار غير الصهيوني، وقد تراجع هذا الأخير أكثر بكثير من تراجع اليسار التقليدي، لاسيما بعد انهيار الكتلة الاشتراكية وانتهاء عهد الحرب الباردة وتحوّل الصراع الآيديولوجي من شكل إلى شكل آخر، واعتبار “الاسلام السياسي” عدواً للغرب بما فيه “إسرائيل” ومنظومتيهما الفكرية والسياسية، اللتين ظلّتا تروِّجان، وبخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول الاجرامية إلى الحملة الدولية لمكافحة الارهاب، وتدعوان للانضمام اليها وتبرران الاعمال العدوانية ل”إسرائيل” بحجة انخراطها فيها والتصدي “للارهابيين”.

لقد برع ايهود باراك وزير الحرب “الإسرائيلي” في نشر كذبة “اللاشريك” والتي حصل بفعلها على نتائج مثيرة في الانتخابات التي جرت في الأيام القريبة الماضية، وهو نفسه الذي كان قد وجه ضربة موجعة إلى ما يسمى باليسار “الإسرائيلي” في العام 2000. اليسار “الإسرائيلي” الذي حمل اسم “معسكر السلام” كان مثار التباس ووهم أحياناً، بحيث بدأ يخسر مواقعه، لاسيما حزب العمل وميرتس وأجزاء من كاديما، بل إنه ذاب في تجمعات وأحزاب حصدت أصواتاً منه.

أما الناخب “الإسرائيلي” فقد ضُلل مرتين، في الاولى عندما تم تصوير الفلسطيني والعربي باعتباره “وحشاً” يهدد الديمقراطية الواعدة و”عدواً” لا بدّ من القضاء عليه، والثانية أن الحل ليس في السلام وإنما في العنف والحرب وبناء المستوطنات والترحيل للفلسطينيين. وبهذا المعنى فإن الناخب “الإسرائيلي” بوعي زائف وتحت الضغوط والتضليلات اختار أكثر القوى تطرفاً وتعصباً ويمينية. ومع ان اتفاقيات اوسلو لم تكن تلبي طموح الشعب الفلسطيني إلا أن السلطة الفلسطينية ظلّت متمسكة بها رغم انها وصلت إلى طريق مسدود وتراجع عنها “الإسرائيليون” منذ العام ،1999 علماً بأنها لم تتضمن أي حلول لمشكلة اللاجئين وحق العودة وتفكيك المستوطنات وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها “القدس”.

بعد سنوات طويلة اختفى صوت اليسار ولم تسمع احتجاجاته، ومنذ مجازر صبرا وشاتيلا العام 1982 تدهورت مكانته رويدا رويداً، الأمر الذي انعكس على نتائج الانتخابات، لاسيما بعد عدوان العام 2006 على لبنان والعدوان على غزة 2008 2009 وقتل المدنيين من الاطفال والنساء والشيوخ واستخدام القنابل العنقودية والفسفور الابيض وقصف المستشفيات والمدارس ودور العلم والعبادة والمراكز الاعلامية والانسانية ومقرّات المنظمات الدولية. كل تلك الأعمال البشعة لم تدفع اليسار إلى النزول إلى الشارع مثلما كان يفعل سابقاً ومثلما نزل في مختلف بقاع الارض احتجاجاً على الوحشية “الإسرائيلية”.

وإذا كان اليسار التقليدي قد ضَعُفَ، فقد تضاءل اليسار الهامشي إلى حدود كبيرة، ولعل ما يفصل اليسار الهامشي عن اليسار التقليدي هو الصهيونية، فحركة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداش) ظلّت خارج معسكر اليسار التقليدي الرسمي، لأنها ضد الصهيونية، ولكن صوتها بدا يخفت بالتدريج وتعرضت إلى اختراقات عديدة، في حين احتكر اليمين الصراخ بأعلى صوته بتمجيد العقيدة الصهيونية، تلك التي يمالئها اليسار التقليدي.

ومن المفارقة أن يكون اليسار التقليدي الصهيوني يقول تلقائياً: نعم لدولة يهودية ولكن ديمقراطية، في سعي لمواءمة الفكرتين المتناقضتين، فالصهيونية لا تجتمع مع الديمقراطية، طالما هي فكرة عنصرية وسبق للأمم المتحدة أن دمغتها باعتبارها شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري في 10 نوفمبر/تشرين الثاني ،1975 لكنها عدلت عن قرارها وقامت بإلغائه في ديسمبر/كانون الاول العام ،1991 اما الديمقراطية فتعني المساواة وعدم التمييز وحقوق المواطنة كاملة واعترافاً بحق تقرير المصير.

ولعل هناك تناقضاً بنيوياً بين حقوق الانسان كقيمة عليا وبين الصهيونية وهو الأمر الذي لم يجرؤ اليسار على مواجهته، وظل اليسار الصهيوني مشلولاً إزاء مشكلة اللاجئين وحق العودة والاعتراف بالظلم التاريخي الذي لحق بالشعب العربي الفلسطيني، والذي أدى إلى طرده من دياره العام 1948.

اليسار لا يجتمع مع الصهيونية، مثلما لا تجتمع قيم العدالة الاجتماعية مع الصهيونية، وإذا أراد أن يبقى يساراً حقيقياً فعليه أن يقف في خندق آخر غير الخندق الصهيوني، ولذلك فهو يضيع الهدف مرتين الاولى عندما يحاول جمع النقيضين، والثانية لأنه يريد أن يبقى يساراً رغم صهيونيته.

هكذا تدهور منسوب اليسار، فإذا كان حضوره في الكنيست العام 1992 (44 نائباً من حزب العمل+ 12 عضواً من ميرتس) ويكون المجموع 56 عضواً، إلا أن هذه النسبة تراجعت لدرجة ان مجموعها انخفض العام 2006 إلى 24 نائباً، أما في الوقت الحاضر فقد وصل إلى 16 عضواً، وهو في الأنظمة الانتخابية النسبية يعتبر انخفاضاً حاداً.

ويعكس هذا الأمر تراجع فكرة الدولتين لشعبين، التي اقترب منها اليسار “الإسرائيلي”، لكن ما رافق حرب غزة أدى إلى هذه النتائج المرعبة، ولعلّه بعد كل عدوان تنخفض شعبية اليسار وكأن المعادلة تتجه طردياً، وإذا كانت العدوانية مسألة صميمية من طبيعة الدولة “الإسرائيلية” المتصاعدة فهذا يعني ان اليسار في الطريق إلى الهاوية، بارتفاع منسوب العدوانية الصهيونية! وهكذا ستسير المعادلة طردياً، ويكون السؤال أكثر إلحاحاً: ما الذي سيبقى من اليسار؟



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حصاد غزة والبروتوكول الأمريكي - “الإسرائيلي”
- أطياف روزا الحمراء : ماركسية واغتراب!
- محاكمة منتظر الزيدي ولحظة الحسم
- عبدالحسين شعبان: خمسة خيارات لمقاضاة مسؤولي إسرائيل
- بروموثيوس و متحفية الماركسية!!
- ثلاثة مخاطر أساسية تهدد الإعلاميين! (2-2)
- السفير مختار لماني والمواطنة العراقية!
- قمة الكويت والمجتمع المدني
- الأكاديميون العراقيون: أليس في الصمت شيء من التواطؤ؟
- ثلاثة مخاطر أساسية تهدد الإعلاميين!
- غزة من شارون إلى أولمرت: حسابات الحقل والبيدر!
- عملية «الرصاص المنصهر»: غزة و«الثأر المبرر»!
- الانتخابات العراقية: الدستور والطائفية!!
- غوانتانامو والعدّ العكسي!
- غزة: أمتان ... بل عالمان!
- مواطنة بلا ضفاف!!
- الإعلامي والحقوقي ومن يعتمر القبعتين
- مغزى كلام بوش
- العراق وشرنقة الفصل السابع
- سريالية عراقية!


المزيد.....




- بلينكن يزور السعودية ومصر.. وهذه بعض تفاصيل الصفقة التي سينا ...
- في جولة جديدة إلى الشرق الأوسط.. بلينكن يزور السعودية ومصر ل ...
- رغد صدام حسين تستذكر بلسان والدها جريمة -بوش الصغير- (فيديو) ...
- فرنسا وسر الطلقة الأولى ضد القذافي!
- السعودية.. حافلة تقل طالبات من جامعة أم القرى تتعرض لحادث مر ...
- -البديل من أجل ألمانيا- يطالب برلين بالاعتراف بإعادة انتخاب ...
- دولة عربية تتربع على عرش قائمة -الدول ذات التاريخ الأغنى-
- احتجاج -التظاهر بالموت- في إسبانيا تنديداً بوحشية الحرب على ...
- إنقاذ سلحفاة مائية ابتعدت عن البحر في السعودية (فيديو)
- القيادة الأمريكية الوسطى تعلن تدمير 7 صواريخ و3 طائرات مسيرة ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ما الذي تبقّى من “اليسار الإسرائيلي”؟