أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعد هجرس - مستنقعات الارهاب














المزيد.....

مستنقعات الارهاب


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2569 - 2009 / 2 / 26 - 09:45
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


حادث الانفجار الذى وقع فى "المشهد الحسينى" مساء الأحد الماضى عمل تافه وخائب وحقير.. ومع ذلك فإنه شغل الأمة بأسرها، ولفت انتباه العالم، وأثار العديد من التساؤلات والتكهنات على حد سواء.
أما أنه عمل تافه وخائب وحقير.. فهذا لأنه عمل إجرامى يتسم بالخسة والجبن وتجرد من قام به، أو فكر فيه، أو دبر له، من أى نوازع إنسانية أو أخلاقية.
فما هو ذنب وفد من السياح، معظمهم من الفرنسيين، أغلبهم من الشباب الذى لم يبلغ العشرين من عمره، أى أنهم مازالوا فى مقتبل العمر، كل منهم له طموحات وآمال فى المستقبل، ولابد أنهم من أولئك الذين يحبون بلادنا، بدليل أنهم اختاروها من دون بلاد الله كلها لقضاء عطلتهم فى الزمن الصعب للأزمة الاقتصادية التى تطحن عظام العالم بأسره. لكن "الولع بمصر" – وهذه ظاهرة منتشرة فى أوروبا عموماً وفرنسا خصوصاً – كان أقوى من مخاوف هذه الأزمة العالمية، ودفعهم إلى زيارة بلادنا.
وبدلاً من الترحيب بهم ووضعهم فى حدقات العيون ومبادلتهم حباً بحب شاء حظهم – وحظنا – العاثر كان فى انتظارهم هذا الانفجار الأحمق والأعمى المجرد من أى دافع إنسانى نبيل أو سبب منطقى يمت للعدالة بأوهى الصلات.
وليس السياح، فرنسيون وغير فرنسيون أو أجانب وعرب – هم فقط الذين يستهجن أى إنسان سوى إلحاق الأذى بهم، وإنما ينطبق ذلك على أى مصرى مسالم، فمن منا لا يذهب إلى منطقة الحسين هو وأسرته وأصدقاءه للصلاة أو الترويح واستنشاق عبق تاريخ هذه البقعة التى تحتضن الأزهر وسيد الشهداء الحسين بن على، والتى تحمل أريج القاهرة الفاطمية العريقة، والحى الشعبى الجميل الذى تربى فى أحضانه نجيب محفوظ بين زقاق المدق وقصر الشوق.
فمن ذا الذى تسول له نفسه المريضة، والمسكونة بالحقد والكراهية لكل ما هو إنسانى، أن يفكر – مجرد التفكير – فى تعكير صفو هذا المكان البديع؟ وأى ضلالات ذهانية يمكن أن تبرر له إلحاق الأذى ببشر أبرياء لم يصنعوا له شيئاً ولا ناقة لهم ولا جمل فى معاركه الوهمية وهلاوسه المريضة؟!
والتفاهة والحقارة والخيبة ليست فى الفكر فقط، وإنما هى فى طريقة تنفيذها كذلك.
فالمفروض أن من يقوم بعمل كهذا – وبصرف النظر عن سفالته وانحطاطه وإجرامه – له "هدف" ما، وأنه يريد من "الفرقعة" التى يحدثها عمله الإرهابى أن تلفت أنظار الناس – فى الداخل والخارج – إلى هذا "الهدف" الذى يسعى إليه، وإقناعهم بأنه هدف "عادل".
ولذلك فإن تاريخ الإرهاب يقول لنا أن الأرهابى – أو التنظيم الإرهابى – يلقى القنبلة بيد، ومنشوراً باليد الأخرى يتضمن مطالبه وأهدافه.
فبدون ذلك يفقد العمل الإرهابى "جدواه".
وحتى لحظة كتابة هذه السطور لم تصدر كلمة عن جهة واحدة تعلن تحملها المسئولية عن هذا الحادث الأحمق أو هدفها من ورائه، رغم سهولة مثل هذا الاعلان الآن فى عصر الفضائيات والانترنت.
أضف إلى ذلك أن حادث الحسين أظهر غباء شديداً، فى التوقيت والتنفيذ، بصورة مطلقة (والحمدلله على هذا الغباء الذى نتج عنه تواضع الآثار التخريبية للحادث سواء على الأرواح أو الممتلكات).
ومع ذلك فإننا لا ينبغى أن نهنئ أنفسنا لغباء الإرهابى (أو الارهابيين المتورطين فى هذا الحادث الجبان) أو افتقاره إلى الخبرة والاحترافية.
أولاً لأن الحادث – حتى بمستواه الهزيل – ألحق بنا أضراراً ليست هينة، فقد وصلت أصداءه إلى كافة أنحاء الدنيا، ورأينا بيانات تصدر عن البيت الأبيض، وعواصم مختلفة من أنحاء العالم. ورغم أن هذه البيانات تدين الحادث فإن لنا أن نتوقع تأثيرات سلبية – بهذا القدر أو ذاك – على الاقتصاد المصرى. وكما يقول المثل الشعبى المصرى فإن "العيار اللى ما يصبش يدوش".
ثانياً أن تواضع مستوى الإرهابى (أو الارهابيين) كما ظهر فى المشهد الحسينى لا يجب أن يجعلنا نستهين بما حدث، بل يجب أن ينبه مؤسساتنا المعنية المختلفة إلى دلالة مولد، أو إحياء، هذا النوع من الإرهاب "العشوائى"، وطبيعة هؤلاء الإرهابيين العشوائيين، وما هى خلفيتهم الاجتماعية، وما هى مرجعيتهم الفكرية، ومن أين استقوا هذه الأفكار المريضة، وماهى الأشكال التنظيمية التى يستخدمونها (مهما كانت بدائيتها وسذاجتها)، وما هى "الحوافز" التى تحركهم، و"المكافآت" التى يسعون إلى الحصول عليها (سواء كانت هذه المكافآت مادية أو معنوية)، وما هى مسئولية المجتمع والدولة على خلق بيئة صالحة لأن تنمو فيها هذه الأعشاب والطحالب السامة.
بعبارة أخرى.. من هو المسئول عن انتشار الأفكار المتعصبة والمتزمتة والغبية التى استولت عن عقول هذا الشباب المشوش الذى تحول بعض أفراده إلى إرهابيين عشوائيين.
وما هى مسئولية نظام التعليم ونظام الاعلام عن تفشئ هذه البيئة الظلامية الصديقة للارهاب.
ثم ما هى مسئولية الفساد وانسداد الطرق فى وجوه الشباب الذى يعانى من البطالة والفقر المادى والثقافى والروحى على حد سواء عن اليأس الذى يجعل الدنيا أضيق من ثقب الأبرة فى أعين هؤلاء الشبان، وبالتالى يجعلهم أقل حصانة أمام الأفكار المريضة التى تسوغ لهم تكفير مجتمع قاس لا يوفر لهم الحد الأدنى من الإنسانية.
أن جريمة الإرهاب لا يمكن تبريرها، لأى سبب من الأسباب بما فى ذلك الأسباب الاقتصادية والاجتماعية، لكن ظاهرة معقدة مثل الإرهاب لا يمكن التصدى لها بجدية إلا بتجفيف منابعها. وكما يقولون فإنك إذا أردت أن تقضى على البعوض يجب أن تجفف البحيرات والمستنقعات.. وما أكثر هذه المستنقعات.




#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ورقة مقدمة لمنتدى حوار الثقافات بالهيئة الإنجيلية »1-2«
- كيف يتعامل الإعلام المصري مع تحديات العولمة؟
- كلنا اشتراكيون الآن!
- خطبة الوزيرة!
- إعصار دولى .. وزلزال إقليمى .. وبينهما طاقة نور
- من النعجة دوللى إلى الريان الجديد : الاستنساخ الممل!
- قمة الكويت (6)
- قمة الكويت (7)
- الصحفى الذى لم يفقد عفته
- بعد أفولها فى دافوس: الشمس تشرق على مدينة المانجو
- قمة الكويت (1) .. الاقتصاد فى بئر النسيان
- قمة الكويت (2) .. المدخل الإنتاجي بديلا عن المدخل التجاري .. ...
- قمة الكويت(3) .. حقوق الإنسان .. والاقتصاد
- جرس انذار .. صحافة الميكروباص .. وميكروباص الصحافة!
- أخيراً .. بصيص من الأمل
- إسرائيل تريد إلقاء مسئولية أمن غزة على »الناتو«.. وعبء الاقت ...
- التحرر من الأوهام
- التوافق الوطنى المفقود.. فى مواجهة زلزال غزة
- مفارقات دبلوماسية!
- إزالة آثار عدوان غزة


المزيد.....




- تحقيق لـCNN.. قوات الدعم السريع تطلق العنان لحملة إرهاب وترو ...
- ستتم إعادتهم لغزة.. مراسل CNN ينقل معاناة أمهات وأطفالهن الر ...
- أردوغان يريد أن يكمل -ما تبقى من أعمال في سوريا-
- استسلام مجموعة جديدة من جنود كييف للجيش الروسي (فيديو)
- عودوا إلى الواقع! لن نستطيع التخلص من النفط والغاز
- اللقاء بين ترامب وماسك - مجرد وجبة إفطار!
- -غباء مستفحل أو صفاقة-.. مدفيديف يفسر دوافع تصريحات باريس وب ...
- باشينيان ينضم إلى مهنئي بوتين
- صحة غزة: ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 31819 قتيلا ...
- هل مات الملك تشارلز الثالث؟ إشاعة كاذبة مصدرها وسائل إعلام ر ...


المزيد.....

- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم
- افغانستان الحقيقة و المستقبل / عبدالستار طويلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعد هجرس - مستنقعات الارهاب