أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالد صبيح - معضلتان يساريتان















المزيد.....

معضلتان يساريتان


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 2569 - 2009 / 2 / 26 - 09:45
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لليسار وللحزب الشيوعي العراقي شؤون وشجون كثيرة وواسعة، وجلها مترابط، ومتداخل، وبعضها عميق يتطلب الخوض فيه الغور في الجذور والأصول. ولهذا فهي شجون وشؤون تدخل ضمن دائرة نقاش مفتوحة ما أن تخفت حتى يرتفع لهيبها من جديد. وذلك بالضبط لأنها مسالة حياتية وسياسية مهمة وخطيرة. فمنها، وعلى أسسها، تتشكل عناصر بناء وتحولات كثيرة مرجوة ومنتظرة للمجتمع العراقي ولحركة اليسار فيه ولمستقبلهما.

ومن بين أهم هذه الشؤون وأكثرها حيوية وآنية، والتي تم التعرض لها في معرض النقاش حول إخفاق الحزب الشيوعي العراقي في الانتخابات الأخيرة، حسب وجهة نظر ناقديه، هي مسالة تغيير اسم الحزب، وكذلك مسالة دوره بين الشباب. وهاتان المسالتان ليستا، في الواقع، ذاتا طابع آني يخص واقع الحزب الشيوعي العراقي وما يمر به من إشكالات فحسب، وإنما هما تندرجان أيضا، وبقدر كبير من الأهمية، ضمن أساسيات النقاش والتفكير حول قضية بناء يسار عراقي جديد ومعافى.

صدرت الدعوة لتغيير اسم الحزب من الطرفين المتحاورين أو المختلفين حول مسببات إخفاق الحزب الشيوعي العراقي في الانتخابات الأخيرة، وأسباب حالة التلكؤ في نشاطه السياسي بعمومه. وقد فند الطرفان حجج بعضهما البعض. ففي حين رأى بعض ممن دعى إلى تغيير اسم الحزب أن ذلك سيعود على الحزب بفائدة كبيرة، لأنه ينسجم ومجمل التحولات في سياسته وتوجهاته، غير المعلنة في برامجه وطروحاته الرسمية، لكنها جلية في سلوكه اليومي، كتبنيه، حسب هؤلاء، لأفكار الاشتراكية الديمقراطية، أو قبوله لبعض عناصر الفكر اللبرالي في ممارساته، وأيضا لانخراطه في العملية السياسية الجارية في العراق الآن. ورد المعترضون بان الاسم بحد ذاته لا يلعب هذا الدور السلبي، وانه لم يؤثر على قرار الناخب، تأييدا أو رفضا، وان ما اثر في موقف وسلوك الناخب هي مجموعة دوافع وأشياء أخرى غير مرتبطة باسم الحزب أو صفة الشيوعية.

غير إن ما لا يمكن إغفاله بهذا الصدد هو إن مسالة الاسم، في الواقع، تلعب دورا مهما للغاية، ليس لارتباطها بتحولات في توجهات الحزب الشيوعي العراقي السياسية والفكرية فحسب، وإنما لأسباب تتعلق بطبيعة الصراع السياسي الذي خاضه الحزب في المجتمع العراقي عبر تاريخه الطويل. والمشكلة هي أن اسم الحزب هو سيف ذو حدين، بمعنى انه مفيد ومهم من ناحية، ولكنه يضر بوضع الحزب ويجلب له بعض المتاعب ويؤدي عمليا لبعض التراجع في شعبيته وحضوره في الشارع من ناحية ثانية. فمن المعروف إن اكبر مسالة واجهت الشيوعيين العراقيين في صراعهم مع القوى المعادية لهم هي مسالة الدين في نظر الشيوعيين أو /و قضية الحادهم. ومع أن مسالة الإلحاد لم تكن محورا بارزا في تثقيف الحزب لأعضائه، أو في متبنياته الأيدلوجية والفكرية، وقد ترك أمرها في حياة الحزب الداخلية خيارا فرديا حرا، كما إن تاريخ الحزب قد شهد وجود رجال دين، ومؤمنون من الأديان المختلفة داخل صفوفه، أو بين مؤيديه ومؤازريه، ورغم هذا الا أن القوى المعادية للحزب، وبالذات الدينية منها، ركزت في هجومها على ما اعتبرته نقطة الضعف التي يمكنها أن تنفّر المجتمع منه. وهذا لم يكن طبعا لأسباب معرفية أو فكرية، وإنما لأسباب اجتماعية سياسية صرفة. فحزب الدعوة الإسلامية، على سبيل المثال، كانت معاداة الشيوعية واحدة من أهم منطلقات تأسيسه ونشاطه الأيدلوجي.

أما الجانب الايجابي الذي يلعبه اسم الحزب فهو ارتباطه في وعي الناس ووجدانهم بالبطولة والتضحية والجرأة، ونضج المشاريع الاجتماعية البديلة، وأيضا لأنه كان المدافع الأبرز والاهم عن قيم الحداثة والمساواة في المجتمع، وعن حقوق أبنائه القومية والاقتصادية والاجتماعية. وهذا قد يكون واحدا من الأسباب الأساسية التي تدفع قيادة الحزب الحالية للتشبث بالاسم لأنه منقذها من حالة العزلة والتهميش التي تعيشها، وهو الذي يعينها على البقاء والاستمرار. لكن الأهم في هذا الأمر هو أن فكرة تغيير الاسم بحد ذاتها فكرة تغييرية مهمة ولها تداعياتها الخاصة، وهي ليست خطوة إجرائية شكلية يمكن أن تنجز من خلال إجراءات حزبية روتينية بيروقراطية وإنما هي، أو هكذا يفترض، خطوة ستقود وستؤدي إلى فتح ملفات وأبواب تغيير متعددة لن تقف عند حدود الاسم، وربما، بل من المؤكد، أنها لن تروق لقيادة الحزب الحالية، أو لبعض عناصرها على اقل تقدير، ولن تصب بالمحصلة في صالحهم. ولهذا فالمستفيدون من بقاء الاسم سيعملون على محورين:

أولا منع هذه الفكرة من التحقق بتعطيل أي أجراء يريد أن يضعها موضع التطبيق. وثانيا بتسفيه الفكرة وتبسيطها من خلال الحديث عن عدم أهميتها وجدواها.

وبغير هذا كله فان موضوعة تغيير اسم الحزب تبقى ضرورية له، إن لم يكن لدواعي تغير في بنيته السياسية والفكرية فلأسباب تكتيكية. فالصورة السلبية لإلحاد الشيوعيين التي كرستها القوى الدينية والظلامية عبر تاريخ الصراع في المجتمع، ولا تزال تكرسها الآن، في أجواء الوفاق الوهمية، من خلال التركيز على الصفة الدينية للفرد العراقي، وللإنسان ككل، عبر الأطروحة العقلية المتخلفة التي تعتبر أن الإنسان، بالجوهر، كائن ديني. هذه الصورة المصطنعة والمنحوتة بعناية ستبقى عالقة في لاوعي الفرد، ويمكن للقوى المناهضة لفكر الحزب وللعلمانية استثمارها، وهذا بطبيعة الحال لايصب في صالح الحزب ولا قوى اليسار لاسيما وان الحزب يسعى الآن، وبطرق مختلفة، من اجل تغيير هذه الصورة في وعي المواطن.

ومن هذه الخلفية فان تغيير الاسم يمكنه أن يؤدي أكثر من مهمة ويبلغ أكثر من رسالة. منها أن الحزب، طالما هو يسعى الآن لنبذ سمعة الإلحاد عنه، فان هذا هو الطريق الامثل ليثبت لمن يريد أن يثبت له الانسحاب من فكرة الإلحاد( مع إني لا اقر هذه الدوافع)، وبنفس الوقت يقدم صورة ايجابية لمن يريد أن يرى في الحزب وجها جديدا، سيحمله الاسم الجديد على الاقتناع بهذا الجديد. ولكن هذا بدوره يتطلب ويستدعي بالضرورة، وقبل التوجه لهكذا أجراء، أن يدخل الحزب في مجموعة متضافرة ومتداخلة من الإجراءات والمعالجات كمقدمة لعملية تغيير الاسم تخص جوانبه التنظيمية وتوجهاته السياسية والفكرية بعمومها. وهذا موضوع آخر متشعب سيكون موضع معالجة في مناسبة أخرى.

أما مسالة تأثير الحزب في أوساط الشباب التي شكى منها كثيرون من داخل الحزب، ممن اقروا بغياب العنصر الشاب حتى من الدائرة الضيقة المحيطة بالحزب، وهي دائرة منتسبيه ومؤيديه، فهي، بتصوري، مسالة مصيرية، وهي أيضا واحدة من الأدلة المهمة على إمكانية بقاء الحزب، أي حزب، على قيد الوجود. فبدون شباب وجيل جديد من السياسيين والقادة والمناضلين لا يمكن لأي حزب سياسي الاستمرار.

وظاهرة انفراط الشباب عن الحزب ليست ظاهرة جديدة. فهي كانت ولا تزال واضحة وملفتة للنظر في المنافي التي ينشط فيها الشيوعيون، حيث يلحظ بوضوح غياب وابتعاد الشباب حتى ممن كان ذووهم من الشيوعيين، ناهيك عن أصحاب الخلفيات الأخرى. وإذا كان هذا الواقع مفهوما إلى حد ما ويمكن تبريره من جانب الحزب بالاعتبارات والمبررات العتيدة: الظروف المحيطة، شحة الإمكانيات، وغيرها، فماذا سيقال عن الواقع الآن الذي لا يجرؤ فيه حتى بعض الشيوعيين من محاولة السعي بين الشباب وذلك لأنه ليس لديهم ما يجذبونهم أو يقنعونهم به.

لنفترض مع بعض التجاوز على الواقع هذا السيناريو التشاؤمي:

ماذا يحدث لو أن قوى سحرية قلبت الوضع السياسي في العراق الآن، وخربت كل العملية السياسية، واضطر الحزب، كغيره من القوى، لان يحمل السلاح، في المدن أو الجبال، لحماية نفسه واثبات وجوده؟

على أي قوة شابة سيعتمد؟ وهل سيمكنه أن يدافع عن نفسه بأنصاره المقاتلين القدامى الذين يوشك أن يبلغ أصغرهم سنا الخمسين من عمره؟.
الم تكن قوة الحزب البشرية الأساسية، والتي شكلت النواة الصلبة لقوته المسلحة، حين حمل السلاح ضد النظام ألبعثي أواخر السبعينات، هي من الشباب ممن كانوا في العشرينات من أعمارهم؟

هل لدى الحزب الآن هذا الخزين البشري؟ هل له القدرة على تعبئة هذه الفئة من المجتمع؟.

اكتفي بالتساؤلات، واترك أمر الإجابة للحياة نفسها، أو لمن يريد أن يصبغ اكفهرار الواقع بلون وردي.

في النهاية لا يمكن ولا يجوز التعامل بخفة وانعدام مسؤولية مع هذه الأسئلة وغيرها. وينبغي لكل من هو معني بأمر اليسار إثارة الأسئلة الحرجة والصعبة ليساعد على، ويسهم في فرض التغيير وصنعه.

20/2/2009




#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعرف الأشياء بأضدادها
- عبء التاريخ
- طرائف ديمقراطية
- قراءة اولية في انتخابات مجالس المحافظات
- شارة النصر
- عالمية القضية الفلسطينية
- في إنصاف النقد
- إحراجات غزة
- أدوات العدوان الإسرائيلي
- غزة والعرب
- حذاء الزيدي ووجوه البعثيين
- لماذا اتحاد لكتاب الحوار المتمدن
- اتحاد كتاب الحوار المتمدن
- الحوار المتمدن رتوش في طريق التطور
- دكتاتورية مبطنة بحرير الديمقراطية
- عذرية البنادق
- صحوة اليسار
- بشتاشان بين نارين
- ورقة من شجرة الوطن
- كتّاب وكتابة الانترنيت


المزيد.....




- ترامب يفشل في إيداع سند كفالة بـ464 مليون دولار في قضية تضخي ...
- سوريا: هجوم إسرائيلي جوي على نقاط عسكرية بريف دمشق
- الجيش الأميركي يعلن تدمير صواريخ ومسيرات تابعة للحوثيين
- مسلسل يثير غضب الشارع الكويتي.. وبيان رسمي من وزارة الإعلام ...
- جميع الإصابات -مباشرة-..-حزب الله- اللبناني ينشر ملخص عمليات ...
- أحمد الطيبي: حياة الأسير مروان البرغوثي في خطر..(فيديو)
- -بوليتيكو-: شي جين بينغ سيقوم بأول زيارة له لفرنسا بعد -كوفي ...
- كيم جونغ أون يشرف بشكل شخصي على تدريب رماية باستخدام منصات ص ...
- دمشق: دفاعاتنا الجوية تصدت لعدوان إسرائيلي استهدف ريف دمشق
- هبوط اضطراري لطائرة مسيرة أمريكية في بولندا بعد فقدان الاتصا ...


المزيد.....

- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 4 - 11 العراق الملكي 2 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالد صبيح - معضلتان يساريتان