أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - تشتّت الرؤية الاخراجية لعمرو سلامة: - زي النهاردة - فيلم يترجّح بين الحب والمَشاهِد العنيفة والديجا فو















المزيد.....

تشتّت الرؤية الاخراجية لعمرو سلامة: - زي النهاردة - فيلم يترجّح بين الحب والمَشاهِد العنيفة والديجا فو


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 2568 - 2009 / 2 / 25 - 09:11
المحور: الادب والفن
    


شَهِدت الدورة الثانية لمهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي مسابقة الأفلام الروائية الطويلة التي ضمّت " 15 " فيلماً عربياً وأجنبياً من بينها " خلطة فوزية " للمخرج المصري مجدي أحمد علي، و " أفلام غولابي الناطقة " للمخرج الهندي غيريش كاسارافالي، و " حسيبة " للسوري ريمون بطرس، و " حنة " للاماراتي صالح كرامة، و " عيد ميلاد ليلى " للفلسطيني رشيد مشهراوي، و " حورية " للروسية آنا مليكيان، و " أوهورنت " للنرويجي بينت هامر، و " دم وحشي " للايطالي ماركو تولليو كيورادانا، و " المنديل الأصفر " للأمريكي يودايان براساد و " زي النهار ده " للمصري عمر سلامة، مدار بحثنا ودراستنا النقدية.
قبل الخوض في التفاصيل الدقيقة لفيلم " زي النهاردة " للمخرج المصري عمرو سلامة لا بد من الإشارة الى أن عمرو لم يكتفِ بدور المخرج، وإنما تعداه الى كتابة السيناريو والمونتاج. والمتابعون لتجربة هذا المخرج الشاب يعرفون أنه كاتب سيناريو محترف، وقد سبق له أن أنجز ثلاثة سيناريوهات لأفلام طويلة، وعشر سيناريوهات لأفلام قصيرة، كما مَنتَج عدة أفلام وفيديوكليبات. والملاحظ في هذا الفيلم أن المخرج قد هيمن على ثلاثة أشياء رئيسة وهي كتابة السيناريو والمونتاج والاخراج. وهذا يعني أن الفيلم سيحمل بصمته الخاصة ورؤيته الاخراجية. لا شك في أن هذا الفيلم يعتمد على قصة سينمائية جيدة لم يُحِلْنا المخرج الى صاحبها، وربما يكون هو نفسه صاحب القصة أو الحكاية المُشار اليها سلفاً. ومن شروط القصة الناجحة أن تتوفر على بنية قصصية تقليدية تتمثل في البداية والوسط والنهاية. إضافة الى بعض الاشتراطات الرئيسة المعروفة من زمان ومكان وحدث وشخصيات وتصعيد درامي يحقق العناصر المتعارف عليها من الترقب الحاد، والاثارة التي تحبس الأنفاس، والتشويق الفني وما ينطوي عليه من متعة وفائدة في آنٍ معاً. يا تُرى، هل تتوفر كل هذه المعطيات في فيلم " زي النهاردة "؟ وللاجابة على هذا السؤال المحوري لا بد من التطرّق الى نص الحكاية المُفترَضة في ذهن بطلة الفيلم " مي " والتي جسّدت دورها الفنانة المتمكنة " بسمة ".
ديجا فو
لا شك في أن هذا المصطلح النفسي يعني بالفرنسية " الوهم الذي يقع فيه الانسان نتيجة حادثة أو تجربة تُذكِّره بشيء ما حدث في الماضي " كأن ترى شخصاً ما وتعتقد بأنك رأيته في الماضي البعيد. وهذه العملية السايكولوجية برمتها لا تخرج عن إطار الوهم أو شطحات التخيّل المنحرف الذي لا يعتمد على معطيات حقيقية. وقصة هذا الفيلم تعتمد على هذه الفكرة وتلامسها في أكثر من جانب. في مفتتح الفيلم نرى " مي " وهي تركض مسرعة لاهثة كالسهم المُنطلِق الى هدفه. وفي خاتمة الفيلم يتكرر المشهد ذاته، لتصل في الوقت الحرج ولكنها تصبح هدفاً للرصاصة التي أطلقها أخوها المدمن محمد " لعب دوره الفنان آسر ياسين " فيرديها قتيلة في الحال. لنعد الى جوهر الحكاية الأولى التي يلعب فيها الزمن دوراً مهماً وأساسياً، إذ تتلاعب بعض التواريخ المحددة في مصائر الشخصيات الرئيسة في الفيلم. وتعتبر " مي " هذه التواريخ مشؤومة بكل المقاييس لأنها ستصبح لاحقاً رمزاً للموت بطرق مرعبة تقشعر لها الأبدان. وما يعزز هذه الفكرة ويعضدها في السياق السردي في أثناء كتابة السيناريو أو السياق البصري في أثناء التنفيذ أن البطلة، على وجه التحديد، تكتب مذكراتها يومياً مُدوِّنة فيها الأحداث والوقائع اليومية التي تمر بها على الصعيد الشخصي، وما تتعرض له علاقتها العاطفية من مد وجزر مع حبيبها الأول " أيمن " " مثّل هوره الفنان نبيل عيسى " لكن شقيقها المدمن محمد كان لهما بالمرصاد. فهذا الأخير لا همَّ له سوى ابتزاز أمه وأخته، ولا يتورع حتى من السرقة في رابعة النهار من أجل تأمين حاجته من المخدرات التي يتناولها مع صديقته المدمنة " أروى جودة " والتي ستموت هي الأخرى على يده على الرغم من أنها كانت حاملاً، لكنها لم تتوقف عن تناول المخدرات. إن أول مشاهد العنف القاسية التي رأيناها في هذا الفيلم هو موت خطيبها " أيمن " بطريقة مرعبة حينما دهسته سيارة كبيرة الحجم. وربما كان مشهد ارتطام رأسه بالأرض من المشاهد المفجعة على مدار الفيلم. وحينما ترتبط " مي " بـ " ياسر " الذي جسّد دوره الفنان أحمد الفيشاوي تبدأ خشيتها من المصادفات والعلامات البارزة والأقدار الخفية التي تتلاعب بمصير حبيبها الجديد " ياسر " الموديل الوسيم الذي يعطي انطباعاً لمن حوله بأنه سيتحول الى ممثل سوف يكون له شأن كبير في المستقبل. وما أن يتقدم ياسر لخطبتها حتى تكتشف تطابق الأزمنة الى حد التشابه في الأيام. وفي موقف سابق كانت " مي " قد تخلت عن دفتر مذكراتها، وتركته على قارعة الطريق إثر وفاة حبيبها الأول " أيمن "، لكنها قررت ثانية أن تبحث عن هذا الدفتر الذي دونت في مذكراتها الشخصية. وبعد جهد كبير تعثر على هذا الدفتر عند امرأة مدمنة ومشردة لا تقوى على الكلام. وحينما تتصفح دفتر المذكرات تكتشف هذا التطابق التام فتصاب بذعر شديد.
عنف وحب وإثارة
يجمع الفيلم بين عناصر متنافرة تماماً. فمن جهة هناك قصة حب تكررت مرتين بين " مي " و " أيمن " من جهة، وبين " مي " و " ياسر " من جهة ثانية. والفيلم لا يبخل علينا بمشاهده الرومانسية الجميلة التي طعَّمها كاتب النص بهدف الاثارة والتشويق والتسلية. كما أنه كان مكتظاً بالمشاهد الدامية التي بثت في المتلقي نوعاً من الخوف وكأننا نشاهد فيلم رعب لا غير. ولعل موت " أيمن " الذي دهسته السيارة، وحوادث القتل التي ارتكبها محمد سواء بحق صديقته المدمنة وهي حامل أو بحق أحد أفراد العصابة التي تتاجر بالمخدرات أو قتل شقيقته من غير عمد لينتهي الفيلم نهاية تراجيدية مروعة بعد أن يقتل ياسر هو الآخر لتتحقق نبوءتها في نهاية المطاف. وأن الـ " ديجا فو " ليس محض أوهام وتخيلات مريضة، أو رجماً بالغيب، وإنما هناك ما يدعّمها من حقائق دامغة تقطع الشك باليقين. يا ترى، هل أن طابع القسوة والعنف كان مُوظفاً لخدمة الفكرة الرئيسة في الفيلم وتعزيزها، أم أنه مجرد رغبة كامنة لدى المخرج في تقليد أفلام " الأكشن " أو الحركة السريعة التي تقترن غالباً بنمط محدد من الأفلام العالمية التي تقوم على الحركة وتمجد مظاهر القوة والعنف وإراقة الدماء؟ وللاجابة على السؤال لا بد من متابعة المنطق الذي تعتمد عليه فكرة الفيلم. فموت كل من أيمن وأروى وياسر ومي قد يكون مبرراً الى حد كبير على وفق المعطيات التي رأيناها، غير أن مشهد قتل الشخص الذي يعمل في بيع المخدرات كان مبالغاً به جداً وقد قُدمت للمشاهد بطريقة مُقززة جداً. ففكرة الفيلم الرئيسة لا تحتاج الى كل هذه المبالغة في الإيغال في الدم. فالغلو لا يصنع فيلماً ناجحاً ما لم يعتمد على عنصري التبرير والاقناع. ثمة ملاحظة أخرى يمكن أن نسوقها بصدد الموسيقى التصويرية التي لم تكن موفقة في بعض المَشاهد. كما أن هناك حشواً أو " لصقاً " واضحاً في المشهد الأخير للفيلم والمتمثل بالأغاني التي قدَّمتها الفرقة الموسيقية التي بدت منفصلة عن الفيلم وعالمه الداخلي الذي يعالج موضوعات الحُب والـ " ديجا فو " و " المخدرات " وما الى ذلك.
أداء الممثلين
لا شك في أن أداء الممثلين في فيلم " زي النهاردة " قد كان مقنعاً ومستوفياً للشروط الفنية، خصوصاً وأنهم كانوا يتنقلون بين مشاهد متنوعة تجمع بين الحب الرومانسي، ومشاهد العنف والاثارة، وما بينهما من لقطات كوميدية مرحة خففت من حدة التوتر في الفيلم ومنحته جواً من الأريحية التي كان الفيلم بأمس الحاجة اليها. غير أن أداء الممثلة " بسمة " كان متميزاً ولافتاً للانتباه. وجديرة ذكره أن رصيد الفنانة بسمة يتوزع على جانبين رئيسيين وهما المسلسلات والأفلام السينمائية. فلقد سبق لها أن اشتركت في بعض المسلسلات المصرية المهمة من بينها " العيادة " وهو مسلسل يعتمد على كوميديا الموقف، إضافة الى اشتراكها في مسلسل " أميرة في عابدين " والذي حقق لها شهرةً جماهيرية واسعة النطاق. كما اشتركت في ستة أفلام مهمة وهي على التوالي " المدينة "، " الناظر "، " النعامة والطاووس "، " مرجان أحمد مرجان "، " المسافر "، : مفيش فايدة " و " زي النهاردة ". ويبدو أن الفنانة بسمة ليست قادرة على تقمص الأدوار حسب، وإنما هي قادرة على التماهي مع الشخصية التي تجسّدها أمام الكاميرا. ولعل دورها في فيلم " زي النهاردة " هو خير مثال لما نذهب إليه. إذ كانت متألقة ومقنعة بكل المقاييس. أن وقوف بسمة أمام فنانين كبار من طراز عادل إمام أو النجم العالمي عمر الشريف قد أمدّها بثقة كبيرة، وزخم واضح المعالم سوف تستفيد منه لاحقاً في تجاربها السينمائية القادمة، خصوصاً وأنها قادرة على تجسيد الشخصيات المستديرة والمعقدة في آنٍ معاً. وفي الختام لا بد من الإشارة الى تشتت الرؤية الاخراجية لدى عمرو سلامة الذي لم ينجح تماماً في إيصال رسالته الى المتلقي الذي ظل مُوزَعاً بين ثيمات ثلاث وهي الحب والعنف والديجا فو. وربما بعود هذا التشتت الى أن المخرج، وهو نفسه كاتب السيناريو والمونتير، لم يُتِح للشخصيات فرصة النمو والتطور الطبيعيين الى الدرجة التي تسمح لهم تجسيد الأفكار الكثيرة التي كان يعج بها الفيلم على مدار الخمس والتسعين دقيقة. ومع ذلك فإن " زي النهاردة " بوصفه الفيلم الروائي الأول الطويل للمخرج عمرو سلامة يبشر بولادة مخرج سينمائي واعد شرط أن يتخلى عن الهيمنة المُشار اليها سلفاً ويُشرِك أناساً آخرين في صناعة أفلامه القادمة لأن السينما هي عمل جماعي بامتياز.
أبو ظبي



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفيلم الوثائقي- طفل الحرب - لكريم شروبورغ محاولة لنبذ العنف ...
- فيلم - بورات - للاري تشارلس . . . من السخرية الوثائقية المُر ...
- أهمية القصة السينمائية في صناعة الفيلم الناجح
- في فيلمه الروائي الجديد - الحقل البرّي - ميخائيل كالاتوزيشفي ...
- الشاعرة الأسكتلندية جين هادفيلد تفوز بجائزة ت. أس. إليوت للش ...
- الفنان البريطاني رون مُوِيك يصعق المشاهدين ويهُّز مشاعرهم
- المُستفَّزة . . فيلم بريطاني يعيد النظر في قضية العنف المنزل ...
- في شريط - بدي شوف - لجوانا حاجي وخليل جريج: هل رأت أيقونة ال ...
- في فيلمها الأخير - صندوق باندورا - يشيم أستا أوغلو تستجلي ثل ...
- المخرجة التركية يسيم أستا أوغلو في - رحلتها الى الشمس -
- رشيد مشهراوي في فيلم -عيد ميلاد ليلى-: نقد لواقع الحال الفلس ...
- قوة الرمز واستثمار الدلالة التعبيرية في فيلم - فايروس - لجما ...
- أين يقف المفكر حسين الهنداوي. . . أ عَلى ضفاف الفلسفة أم في ...
- من ضفاف الفلسفة الى مجراها العميق: قراءة نقدية في ثنائية الأ ...
- المثقف وفن الاستذكارات في أمسية ثقافية في لندن
- - القصة العراقية المعاصرة - في أنطولوجيا جديدة للدكتور شاكر ...
- فيلم - ثلاثة قرود - لنوري بيلجي جيلان وترحيل الدلالة من الحق ...
- المخرج قيس الزبيدي يجمع بين السينما والتشكيل والعرض المسرحي
- - الطنجاوي - لخالد زهراو... محاولة جديدة لهتك أسرار محمد شكر ...
- قراءة المهْجَر والمنفى بعيون أوروبية


المزيد.....




- القضاء العراقي يوقف عرض مسلسل -عالم الست وهيبة- المثير للجدل ...
- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - تشتّت الرؤية الاخراجية لعمرو سلامة: - زي النهاردة - فيلم يترجّح بين الحب والمَشاهِد العنيفة والديجا فو