أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهدي النجار - التقديس في الذهنية الاسلامية














المزيد.....

التقديس في الذهنية الاسلامية


مهدي النجار

الحوار المتمدن-العدد: 2568 - 2009 / 2 / 25 - 08:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


استطاعت اكثر شعوب الارض ان تخرج من نفق تخلفها بعد ان راهنت رهانات عسيرة بفتح اضابير ماضيها بما تحتويه من احداث ووقائع ورموز شخصيه وتضع كل ذلك تحت الفحص والمساءلة والتمحيص والتدقيق وبالتالي الغربلة والانتقاء بعد اخراج تلك الاضابير من اسيجة التحريم والتقديس والتبجيل إلا ان ما يراهن عليه المسلمون في اغلب سجالاتهم وحواراتهم الثقافية (خاصة المتشددين والتقليديين) هو الاذعان دون قيد او شرط لذاك الماضي الساحر الذي تدفق نوره في زمن سحيق ليملأ الدُنيا خيراً ومعرفة وسلاماً، ينظرون الى ماضيهم بعين الرضا وعين الاطمئنان والاستحسان كأن الازمنة لم تتغير وكأن احوال الناس ومعاشاتهم لم تتبدل، يشدهم الى ذلك الانذهال والتقديس لشخصيات تاريخية وبشرية يخرجونها عِنوة من أسفار تاريخيتها وانماط بشريتها ليجعلوها رموزاً مفارقة وخارقة وبين حين وآخر، وكلما جفت عندهم منابع المعرفة، يِلَبسوّنَ تلك الشخصيات الاعجازية البسة المعاصرة والحداثة ويلغون بضجيج وصخب حركة التاريخ بانعطافاتها وتعرجاتها، كأن رموزهم تلك لم تكن تعيش ازمنتها وبيئاتها بما فيها من مشاكل واسئلة وحاجات وموارد طبيعية ومعرفية، كأن رموزهم تلك تمتلك الحقيقة، كل الحقيقة، وتمام الحقيقة، لذا توجب تسييجهم بالعصمة وعدم نقدهم او النيل من معارفهم او تخطيئهم فهم بمثابة شخصيات لاتغفل ولا تسهو ولاتنطق بغير الاتقان الكامل والصواب الاكيد وليست فيها نواقص لا في علمها او سلوكياتها او اخلاقياتها لذا صار لزاماً على الاتباع ان يسرفوا في المديح والاطراء والمبالغة في التقديس والتبجيل دون ان يكلفوا انفسهم الكد والسعي لاكتشاف مواقع الخلل في حياتهم اليوم عن طريق تفكيك ماضيهم وقراءة ذلك الماضي قراءة نقدية صارمة من اجل التخلص من قيوده ومعوقاته.وبالطبع تنسحب دائرة التقديس من السالف الى الراهن لتشمل تقديس الرموز المعاصرة من سياسيين ومشايخ ....
إن الامر لايتعلق فقط بضلوع الجماهير (او العوام كما يسميهم الغزالي) في توسيع مساحة تقديس رموز الماضي، خاصة الدينية، حتى تصل الحالات الى ذروتها في تجريح الذات وإدمائها والامتهان من كرامتها وتفجير كل طاقات الإلتياع والخيبة والالم والجنوح الى طقوس نَّدب وبكاء عارمة في حدتها مفادها يتخلص بالتوسل والتشبث والاستغاثة بأرواح الاموات لحثهم على النهوض وتخليصهم من المصائب والنوائب والاهوال التي حلت بهم من خلال ممارسات طقوسية توغل في إيذاء النفس والتنكيل بها الى اقصى حد. إن الامر يتعلق كذلك بنخب ثقافية متشددة تخصصت في تأجيج مشاعر التقديس وأعتاشت منها وعليها وهي التي لا تمتلك غير رأسمال وحيد هو حكايات بائدة لاتاريخية ولا عقلانية مُشبعة بالخوارق والاساطير تُعيدها وتُصقل بها وتُلقيها على مسامع الناس كل يوم دون ملل او كلل وبأصوات مُنغمة ونبرات مُثقلة بالتأوه والفجيعة تستدر بها دموعهم وحسراتهم، حكايات تُلف لفاً مُحكماً بأحزمة غليظة من احزمة التقديس الديني حتى تغدو بعيدة كل البُعد عن منال النُقاد والمتسائلين!! ويغدو النخبة الدينية وحده مرجعية لا يُسأل عما يفعل وعما يقول، فعلى سبيل المثال تذهب الجهالة التقديسية الى استحضار اقصى ما لديها من حجج وهمية لإثبات صحة ومعقولية بعض الإعجازيات المتعلقة بالرموز الدينية وحشرها في لائحة العلوم المعاصرة مثل احاديث الاستشفاء بأبوال الإبل او اجنحة الذباب او تنظيف الاسنان واللثة بالسواك وتستبعد (او تضعف) من دائرة قراءاتها التقديسية كل ماهو عقلاني وما زال مفيداًً للاجتماع الانساني مثل حديث تأبيد النخل الذي ينتهي بقولة مشهورة قالها الرسول الكريم ومازالت صالحة لكل الازمان ولكل الشعوب: " أنتم اعلم بأمور دنياكم" ومفاد قصة تأبيد (تلقيح) النخل التي وردت في صحيح مسلم/ج4 : رويَّ عن عائشة وعن ثابت وعن أنس أن النبي مر بقوم على رؤوس النخل يلقحون فقال: ما أظن يغني شيئاً. فخرج شيصاً، فمر بهم فقال : ما لنخلكم؟ فقالوا: قلت كذا وكذا. قال: انتم أعلم بأمور دنياكم.
إن الملفت في دائرة التقديس المنحفرة في الذهنية الاسلامية هو عدم رجوعها الى المرجعية التأسيسية، القرآن الكريم، وسبر أغوارها لأستنباط الخواص البشرية لتلكم الرموز، فهاهو رب العزة يأمر رسوله المصطفى (وهو قمة الرموز الدينية والتاريخية الاسلامية) بأن لا يتعالى فوق المجال البشري: "قُل إنما أنا بشرٌ مثلكمُ يُوحى إليَّ"[فصلت:6]/ " قُل سُبحانَ ربّي هَلْ كُنتُ إلاَّ بشراً رَسولاً" [الاسراء:105 ] / "قُل لا أملِكُ لنفسي ضراً ولا نفعاً إلا ما شاءَ اللهُ " [يونس:49 ] /" قُل لا أقولَ لكمُ عِندي خزائنُ الله ولا أعلمُ الغيبَ ولا أقولَ لكم أنيّ مَلكٌ إن أتبعُ إلا ما يوحى اليَّ" [الانعام: 50]/ " لو كنتُ أعلمُ الغيبَ لاستكثرتُ من الخير وما مسني السوءُ إن أنا إلا نذيرٌ وبشيرٌ لقومٍ يؤمنونَ "/ " قُل إنّي لا أملِكُ لكم ضَرّاً ولا رَشداً* قُل إنّي لن يجيرني من اللهِ أحدٌ ولن أجدَ من دونه مُلتحداً " [الجن:21 ،22 ]/ "وقالوا مالِ هذا الرسُولِ يأكلُ الطعامَ ويمشي في الاسواق" [الفرقان:6 ] / "هل هذا إلا بشرٌ مثلكمُ أفتأتونَ السِحرَ وأنتم تبصرون"[الانبياء:3 ]. وكان الرسول الكريم نفسه قد نهى أتباعه عن المغالاة في التعظيم والمديح: " لاتعظموني كما عظمت النصارى أبن مريم" وقال ايضاً:" أحثوا في وجوه المداحين التراب" ،فكيف الامر مع هؤلاء التقديسيين الذين فقدوا التوازن في الاحترام والحب ومالوا الى الغلو في تقديس رموزهم الى حد انتزاعهم من الحيز البشري الذي هو في نهاية المطاف يجمع بشراً يصيبون و يخطأون، اولئك الرموز الاجلاء الذين يستحقون الاحترام والاعتزاز لأنهم حملوا رسالات بالغة الاهمية والخطورة ليخرجوا الناس من الظلمات الى النور، لا لكي يتدخلوا في كل شاردة وواردة من حياة المجتمعات: " قُل هو من عند أنفسكم ان الله على كل شيء قدير".



#مهدي_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاسلام المتشدد وأوهام التفوق
- قراءة جديدة في الرسول الكريم
- علماء الجهالة وحديث الاإبل
- علماء الجهالة وحديث الذبابة
- مهزلة العقل في الاعجاز العلمي للقرآن
- هل يمكن التصالح مع اليهودي ؟!
- المسلمون وسؤال التنوير
- المسلمون وسؤال التخلف
- الاعجاز العلمي ورمٌ في عقل المسلمين
- هل الاسلام دين ام دولة
- الانفجار السكاني في العالم الاسلامي
- خيبة المسلمين في رحلة العلم والايمان
- صورة الرسول كما في القرآن
- المثقف والسياسي
- صناعة الوهم في الاعجاز العلمي
- لماذا الاساءةُ للإسلام
- عن ماذا سكت ابو هريرة!!
- من له عينان فليقرأ: أبوال الإبل!!
- هل أتاك حديث الذبابة!!
- مظاهر الاستبداد في الحكم الاسلامي


المزيد.....




- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهدي النجار - التقديس في الذهنية الاسلامية