أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد الفتاح السرورى - البدونة















المزيد.....

البدونة


محمد عبد الفتاح السرورى

الحوار المتمدن-العدد: 2567 - 2009 / 2 / 24 - 10:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما جاء الإسلام الي مصر لم يأت بطريق التجارة مثلما حدث مع بعض دول أسيا بل جاءها عن طريق الغزو وكانت مصر من أوائل الدول التي دخلها الإسلام في حداثة عهده وكان الدين لا يزال غضاً حديثاً في نفوس أتباعه الذين كانوا مشبعين بالثقافة البدوية وعاداتها أكثر من تشعهم بالثقافة الإسلامية التى لم تكن قد تشكلت بعد ولم تظهر ملامحها وما تفرضه طبيعتها على اتباعها بمعنى أن حداثة عهد الإسلام نسبياً وحداثة عهد الداخلين فيه حالت دون أن يتخلص الاتباع الجدد مما حصلوه من عادات وتقاليد واعراف بدوية أشرءبوا عليها وملأت نفوسهم وعقولهم سلوكاً وفكراً...... وهؤلاء الاتباع الجدد وعلى رأسهم عمرو بن العاص المختلف على أخلاقياته والمشكوك دائما في نوازعه كان قائد جيوش الدين الجديد الآتي على مصر.... ونجح المسلمون في دخول مصر وفرص الدين الجديد عليها.... ليس تاريخ دخول الإسلام الي مصر هو ما يعيننا في هذا المقام ولكن ما نطرحه هنا أن المسلمون الأوائل عندما جاءوا لم يأتوا فقط (بالدين) ولكنهم جاءوا الي مصر (بالنسق) والنسق المقصود هنا هو النسق (البدوي) والفرق كبير بين أن يتغير دين أناس وبين أن تتبدل أنساق حياتهم وياليتها تبدلت للأفضل والموضوع بطبيعة الحال يحتاج الي شئ من التفصيل والبرهان.
ذكرنا في أول المقام أن الإسلام قد دخل بعض الدول الآسيوية عن طريق التجار وهذا مما يقوله لنا التاريخ المعروف وهذا معناه أن هذه الدول تغير فقط دينها ولكن لم تتغير أنماط حياتها مثلما تتغير اللغة دون أن تتغير الجنسية أو الوطن فالسنغاليون يتحدثون الفرنسية لكنهم ليسوا فرنسيين ولكن ما حدث مع بعض الدول الآسيوية لم يحدث مع مصر فلقد تغيرت لغة مصر إلى العربية واصبح المصريون عرب أن لم يكن بحكم العرق فلقد أصبحوا عرباً بحكم الثقافة والتشبع والاختلاط وأيضاً لضياع الاعراق الأخرى على مر السنين العروبة التي عرفتها مصر نتيجة الوجود العربي على أراضيها فرضت عليها جميع الأنساق العربية سواء في المعاملات أو السلوكيات وهذا هو قصد مقال حديثنا وللبرهنة على ما نقول نسوق ما نبغي برهنته فيما يلي:
- غنى عن الذكر أن البيئة العربية التي جاء منها الإسلام إلى مصر هي بيئة بدوية (وهذا في حد ذاته ليس عيبأ أنما هو رصدا للحال) وهذه البيئة البدوية بحكم طبيعتها الجدباء تفرض على قاطنيها نوعية معينة من الأنساق في أسلوب التفكير وأغراضه وأهدافه وطريقة المعاملات ويمتد هذا النسق ليلقي بظلاله على الحياة بأكملها بما فيها المعاملات داخل الآسرة النواه..... ونعني بما سبق أن( طرح نتاج البيئة اصبح ثمار الشخصية البدوية ) والسؤال ما هي ملامح وصفات النسق الذي نعنيه هنا وكيف أثر ذلك على الشخصية البدوية التي آثرت هي بدورها على مجتمع بأكمله نقلت إليه ثقافتها حينما دخلته بسنابك خيولها؟!!
- لا يعرف (البدوي) فكرة القانون او هيمنه الدولة فمعنى السلطة هو ما يفرضة كبير القبيلة (هل تذكرون الحاكم المصري الذي كان يصف نفسه بأنه كبير العائلة) وبناء عليه فعندما يقع اعتداء (وهو كثيراً ما كان يحدث) على أحد الأفراد فلا حل أمامه إلا الاستنصار (بالعزوه) وعليه فيهب كل من يستطيع النصر بالمعاونة وقد يحدث رد الفعل أو الانتقام حتى قبل استبيان الامر لمعرفة من المعتدى الحقيقي فقد يكون الصارخ بالاستنصار هو أول من اعتدى ولكن في المجتمع البدوي لا يوجد محل لفكرة (التحقيق) بمعناه الذي نعرفه الان وعلى حد علمي لم يوجد منصب القاضي بينهم بصفته (قاضي) قد يقضي بينهم كبير أو شيخ أو ثري ولكنه ليس قاضيا وليست هذه صفته الأساسية ولا نزال حتى الآن في مجتمعنا المصري متأثرين بهذا النسق من السلوك والحوادث الجنائية الكبرى التي تحدث من حين لاخر لهي خير دليل على ما نقول فالمعتدي عليه لا يستنصر القانون ولا ينصره القانون سريعاً ولكن النصر العاجل من الأهل والأصدقاء أن فكرة النصر بالقانون فكرة ليس لها محل في ضمير المجتمع المصري في عمومة فالمصري الحالي لا يلجأ للقانون الا عندما لا يحد أمامه طريق أخر صحيح أن لهذا السلوك أسباب أخرى لا مجال للتحديث عنها ألا أن أحد الأسباب التي أصلت لهذا الفكر المؤدي لهذا السلوك هو ذلك النمط البدوي الغير متحضر الذي لم يعرف يوماً فكره القانون والمحاكم.
- كانت أيضاً للبيئة البدوية أثرها في تكوين الحالة النفسية لمن يعيشون فيها فهي بحكم جدبها كانت تفتقر للمواد الخام وغاب عنها النمط الصناعي وغلب نشاط(الرعي) الذي لا يحتاج لمجهود أو فكر أو مواد خام فالأغنام موجودة (وهي موجودة حتى الآن وبكثرة) وغذائها من الكلأ والحشائش في الأرض مجاني وأن لم يكن مجانياً فهو موجودة في أماكن أخرى يمكن الحصول عليها بالإغارة و(الاصطباح) وقد أدى هذا الأمر إلى شيئين هامين أثرا في السلوك والفكر لدى بدو هذه الفترة.... أولاً غياب النمط الصناعي الذي أفضى الى تستطيح الفكرو ضحالة المخيلة التي اقتصرت على أشياء محددة أشبعها الشعر وصفاً ومدحا و هجاءا....وثانى الاشياء التى افضت اليها البيئة البدوية انذاك فكرة تقديس (الذكورة) وهذا شىء مفهوم فهى التي تقوم بالأدوار الأساسية في هذه البيئة الجدب من رعي وشن حروب وغارات وحماية القبيلة من الأعداء والقيام برحلات التجارة وغير ذلك من متطلبات الحياة البدوية والسؤال هنا... ألسنا حتى اليوم قد تأثرنا بما سبق ذكره اليس المجتمع المصري حتى اليوم يكره العمل اليدوي ويفرح بميلاد الطفل الذكر؟!!
وهذا الدليل اليس مقنعا بأن المجتمع المصري قد جرى (بدونته) على مر السنين بحكم غلبة النسق الآتي غزوا لا اختياراً!!!
- أن موضوع (بدونه) المجتمع المصري موضوع يحتاج لسرد لا يتسع له المقام الان و لا يزال عندنا من الأمثلة الكثر دليلاً على البداوة التي يعيشها المجتمع المصري دون أن يحس أنه يمارس (البدونة) بل في كثير من الأحيان يظن أنه يمارس (صحيح الإسلام) مثل الأمور المتعلقة بالزي (النقاب على سبيل هذا المثال هذا الزي الذي لا يتعاطى مع الواقع وينفصل عن الحياة المدنية تماماً) وليس هذا فحسب الا يعد(نمط التفكير) مثالا حيا على بداوة حياتنا فى مجملها العام و نمط التفكير هذا يحتاج وحده لدراسة قد يتسع لها مقال آخر مستقل نظراً لما يمثله من أهمية حيث أن نمط التفكير هذا يصوغ حياتنا العامة ويشكل جل تصرفاتنا الشخصية.

...إن ملامح (البدونة) في مصر لا تعد ولا تحصي جري ترسيخها على مر السنين دون مواجهة ثقافية واجتماعية مناهضة لها لمحاربة لهذا النسق من الحياة الذي يتعارض معه أبجديات الحضارة وابسط قواعد وقوانين السعي نحو المستقبل.
وفي النهاية نؤكد على شئ هام أن البداوة في شبه الجزيرة العربية كانت نتاجاً طبيعياً (وحتمياً) للبيئة آنذاك ولكن غير الحتمي وغير الطبيعي أيضاً هو أننا نعيش نفس الشكل من أسلوب الحياة في بيئة مختلفة وزمان مختلف المفارقة أن أصحاب هذا النمط من الحياة والمصدرون الأساسيون له قد بدأوا في الآونة الأخيرة يلتفتون لعوار حياتهم وبدأوا في استشراف المستقبل بطرق مختلفة من التفكير والمعاملات أما نحن في مصر لازلنا في (البدونة) عائمون ننتظر النصر على الظالمين والأعداء بعون من الملائكة والتي يبدو أنها لن تأتي إلينا أبدا لأننا ببساطة .... لا نستحق.




#محمد_عبد_الفتاح_السرورى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقلية المنبرية
- مدارس الصراخ السياسى
- نحو إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة/ ميراث المرأة..... بي ...
- نحو إلغاء (كافة) و(كل) و (جميع) أشكال التمييز ضد المرأة/استل ...
- حتى (بول المرأة) سامحكم الله


المزيد.....




- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد الفتاح السرورى - البدونة