أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد تومه - مكر التاريخ علم أم خرافة















المزيد.....



مكر التاريخ علم أم خرافة


محمد تومه

الحوار المتمدن-العدد: 2565 - 2009 / 2 / 22 - 04:38
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


طريق الحقيقة رقم -25-
1- شعارها الثقافي الإستراتيجي:
1- لا أحد يملك الحقيقة.
2- أنا أبحث عن الحقيقة.
3- أنا أملك جزءاً من الحقيقة ومن حقي أن أعبر عنها.
2- شعارها السياسي التكتيكي: الديمقراطية للعربي والفارسي والتركي، والحرية للكردي.
3- أيديولوجيتها: سياسة غصن الزيتون، وفلسفة حقوق الإنسان.
4- شعارها الاقتصادي الإستراتيجي: مجتمع الإبداع والرخاء والعدل.
____________________________

موضوع الحلقة: (( مكر التاريخ علم أم خرافة ))
____________________________

1- مقدمة عن أحوال شعوب الشرق الأوسط.
2- مكر التاريخ علم أم خرافة.
3- الشرق الأوسط والصراع بين جنة السماء وجنة الأرض والضحية الشعوب.
4- حرب غزة والعبرة منها.
5- رأي طريق الحقيقة في الحل.
____________________________
1- مقدمة عن أحوال شعوب الشرق الأوسط:
لقد آن الأوان لنضع النقاط على الحروف ونحاول كشف الحقيقة وننشرها لكل شعوب الشرق الأوسط والعالم أجمع.
وبداية نقول: لقد خدعنا نحن شعوب الشرق الأوسط من قبل سياسيينا وكتابنا ومثقفينا الانتهازيين. وكان نتيجة هذا الخداع والتضليل لما نحن فيه من تخلف سياسي واجتماعي وحضاري بعربه وأتراكه وأكراده وفرسه. وجميع الأقليات المتعايشة مع هذه الشعوب. ونحن مقبلون على كوارث مرعبة تصيب شعباً وراء شعب.
لقد انصرعنا وصرعنا معنا العالم كله بترديد هذا الثالوت المقدس ( الإمبريالية والصهيونية والرجعية ).
لقد تحول هذا الثالوت المقدس إلى أغنية وتحية نفتتح بها كل خطابنا السياسي والأيديولوجي ونختتمها بها. لقد حمل كل النخب السياسية والفكرية والأيديولوجية كل أسباب تخلفنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي والحضاري على هذا الثالوت المقدس. وكلما جاء طاقم سياسي من المحيط إلى الخليج ليستولي على السلطة في أية دولة كانت سواء أكان طاقم مدنياً أو عسكرياً. افتتح عهده في استلام السلطة بهذه الأغنية المعهودة، لقد تم تخدير عقولنا بهذه الأغنية. وكلما مر التاريخ كانت النتيجة مزيداً من التخلف السياسي والاقتصادي والاجتماعي والحضاري وبدأت الكوارث تتالى. بالأمس كان الشعب العراقي واللبناني والجزائري واليوم الشعب السوداني والغزاوي الفلسطيني. وغداً الشعب الفارسي والتركي.
لقد كذبوا علينا نحن شعوب الشرق الأوسط وقالوا لنا صدقونا أيها الناس إن سبب تخلفكم هذا هو الإمبريالية والصهيونية والرجعية. سيروا وراءنا لنقضي عليهم وعندها ستزول كل عوامل التخلف. وسيبدأ عهد الرخاء والحرية وستعيشون أنتم وأولادكم وأحفادكم من بعدكم أحلى وأسعد الأيام.
ولكي نصدق كلمات هذه الأغنية اتبعوا معنا نظرية الوزير الألماني النازي غوبلز. والتي تقول (( أكذب وأكذب وأكذب حتى يصدقك الناس )) وهكذا كان الوضع خلال ثلاثة أرباع القرن العشرين. وبعد ثلاث أرباع القرن لو جاز لنا أن نسأل شعوبنا في الشرق الأوسط ترى هل صدقوا تلك الأغنية؟ ولسان حالهم يقول كان نتيجة ذلك مزيداً من القهر والجهل وسحق الحرية وتحولت أوطانهم إلى سجون رهيبة تسحق فيها كرامة الإنسان والشاطر من تسمح له ظروفه بالهرب أو الهجرة إلى أية بقعة في هذا العالم الفسيح بحثاً عن لقمة عيش كريمة وعن ملاذ آمن لحياته. ترى لماذا حدث كل هذا؟
ونحن في طريق الحقيقة نريد أن نبدي رأينا عن الأسباب التي أدت إلى هذه النتيجة وما هي الحلول للخروج من هذا المأزق التاريخي الذي أوصلنا إليه السياسيون ومن لف حوله من المثقفين الانتهازيين الذين برروا لهم هذه السياسات والاستراتيجيات التي مارسوها خلال ثلاث أرباع القرن العشرين منذ أن رحل الاستعمار الغربي المباشر عن أوطاننا.
ونحن نقول إن مكر التاريخ هو السبب وليست الإمبريالية والصهيونية والرجعية. ولكن هل فعلاً هناك مكر للتاريخ؟
2- مكر التاريخ علم أم خرافة:
دعنا نحاول فك هذا اللغز.. لقد عرف بعض الكتاب والمفكرين هذا اللغز التاريخي المسمى (( مكر التاريخ )) فسماه البعض بـ مكر التاريخ وسماه البعض الآخر العاميون بـ غدر الزمان وتغنى بعض المطربين وقالوا آه من غدر الزمان.
وقال البعض من الناس حيث عبروا عن شكواهم آه من هذا الزمان العاطل.. وكثيراً ما يسمع على لسان الناس ويقولون الله يلعن هذا الزمان..
ترى هل التاريخ مكر وغدر؟ وهل يستوجب التاريخ هذه اللعنات؟ وهل فعلاً يثير التاريخ في نفوس الناس الخوف والرعب؟
فإذا كان للتاريخ كل هذه التسميات ويثير الخوف في نفوس الناس.. فلماذا نصنع التاريخ؟
وهل يمكن أن نعيش بدون أن نصنع التاريخ؟.
فإذا كان الناس يصنعون التاريخ بأيديهم فلماذا ينقلب وبالاً عليهم؟
هل فعلاً نريد من التاريخ أن ينقلب علينا وبالاً؟
نستنتج من هذه الأسئلة أن البشر يصنعون التاريخ. والشياطين يسيرون بالتاريخ إلى هذف غير الهدف الذي يحلم الناس به. ولكن قبل الإجابة على هذه الأسئلة لا بد من أن نعرف التاريخ (( ما هو التاريخ )).
ونحن نجيب حسب معرفتنا ونقول أن التاريخ فعل جماعي يقوم به البشر على الطبيعة المادية بغية تأمين متطلبات حيوية ثلاث: المأكل والملبس والمسكن، ومنذ أن افترق الإنسان عن الحيوان وغادر حياة القطيع وبدأ يؤلف مجتمعاً بشرياً تغير معه نموذج مأكله وملبسه ومسكنه. فلم يعد أكل الحيوان من أعشاب وغيره يتوافق مع ذوق الإنسان.. ولم يعد الشعر يقي الإنسان من الحر والبرد. ولم تعد الكهوف والمغاور والوديان والغابات تتوافق مع مسكن الإنسان. ولما كان المأكل والملبس والمسكن الإنساني غير جاهز في الطبيعة. فما كان من الإنسان إلا أن يخوض صراعاً أبدياً مع الطبيعة بغية تأمين هذه المتطلبات الثلاث. والحياة الإنسانية التاريخية تتطلب حياة اجتماعية وبذلك شكل الإنسان معاً حياة اجتماعية. وتطور هذا الشكل الاجتماعي من الأسرة إلى القبيلة والعشيرة والشعب إلى الأمة. إن الإنسان لا يستطيع أن يعيش بمفرده خارج المجتمع لأن الحركة التاريخية هي حركة جماعية. وهكذا حيثما يوجد الإنسان يوجد التاريخ.. وهذا يعني أن حركة التاريخ تسير ولم تتوقف ما دام هناك بشر على وجه هذه الأرض. , وبدون العملية التاريخية الجماعية لا يمكن أن يكون هناك مأكل وملبس ومسكن. فإذا كان ما نحصل عليه من متطلبات حيوية بفعل الحركة التاريخية فكيف يمكن للتاريخ أن يكون ماكراً غادراً ويستحق كل هذه اللعنات؟
يقول العقلاء أن الإنسان عندما يصنع التاريخ يصنع في الوقت ذاتهِ نَفسِهُ. ومن وجهة نظرنا لكي نعرف التاريخ واجب علينا أن نحاول الإجابة على هذه الأسئلة التالية.
1- هل حركة التاريخ ثابتة؟
2- فإذا كان الجواب نعم.. هل يمكن البرهان على ذلك.
3- واذا كان الجواب لا.. فأين تتجه حركة التاريخ.. هل إلى الأمام أم إلى الوراء.
4- هل يمكن إيقاف حركة التاريخ.
5- هل يمكن إرجاع حركة التاريخ إلى الوراء.
6- هل يمكن دفع حركة التاريخ إلى الأمام بسرعة والقفز فوق المراحل؟
ومن وجهة نظرنا أن للتاريخ جانبان كما نراه ونعايشه:
1- جانب مادي. 2- وجانب روحي مثالي.
الجانب المادي من التاريخ هو أدواته الإنتاجية التي تستخدم لإنتاج المتطلبات الحيوية من المأكل والملبس والمسكن.
ولدى الإطلاع إلى التاريخ وعلم الآثار نرى أن الأدوات في تنوع وتطور مستمر ونلاحظ من الأدوات التي يقدمها علم الآثار أن الإنسان قد بدأ بالحجر ثم بالبرونز والحديد..الخ وهكذا نجد الاختلاف والتنوع في أدوات الانتاج في كل النواحي سواء أكانت أدوات الإنتاج أو وسائل النقل أو الطاقة.. الخ
ومن أجل هذا قسم المؤرخون التاريخ البشري إلى مراحل ونلاحظ هنا نقطة مهمة للغاية وهي تسمية المؤرخين كل مرحلة بأدوات الإنتاج التي كان يستخدمها الإنسان فجاءت تسميتهم بالعصر الحجري والعصر البرونزي والحديدي ..الخ هكذا نرى مقياس تطور المجتمعات البشرية في كل مرحلة بما تستخدمه من أدوات الانتاج.
والملاحظة الثانية التي نلاحظها من التاريخ: أن الإنسان يختلف عن الحيوان بالنطق أي له لغة. وهذه اللغة تحوي أسماء كل ما يحيط بالإنسان من أشياء ومواد طبيعة فهذا حجر وتلك شجرة وهذه ماء و سماء ونجوم...الخ ومن المعلوم الآن بعد أن تم اكتشاف الكرة الأرضية بأكملها من قبل الإنسان. قسم جغرافيون الكرة الأرضية إلى ست قارات.. كما لاحظوا أن هناك لغات متعددة يتكلم بها البشر على سطح الكرة الأرضية. وهذا يعني أن المجتمعات البشرية وجدت فوق كل القارات ولفترات متباعدة فكل مجموعة بشرية عاشت لفترة طويلة منعزلة عن الأخرى وهذه المجموعة قد أبدعت لها لغة خاصة بها خلال تاريخها المشترك وتتبعها عادات وتقاليد وحضارة مشتركة.
ثم نعود ونقول لقد تطورت هذه المجموعات البشرية من الأسرة إلى القبيلة إلى العشيرة وإلى الأمة فأصبحت لها شعب وأرض و لغة. وبواسطة هذه اللغة مارست هذه المجتمعات وصنعت تاريخها بجانبيه المادي والروحي.. فكان إلى الجانب المادي من التاريخ جانب روحي أي الدين والفلسفة والفن والنظام الحقوقي ...الخ وكان لهم قيم إنسانية.
ومن هنا تبرز لنا من خلال متابعة سير حركة التاريخ المندفعة إلى الأمام ملاحظة هامة جداً هو أن الجانب الروحي من العملية التاريخية يتبع في تغييراته الجانب المادي من التاريخ..
فالأديان والسياسة والفلسفة والفنون التي كان يمارسها الناس تبعاً لأدوات الإنتاج المختلفة كلياً في كل مرحلة تاريخية.
ولما كان لكل مرحلة تاريخية أدواتها الإنتاجية كانت عواملها الروحية متطابقة مع تلك الأدوات. فالأديان التي كان يعتقدون بها في مرحلة العصر الحجري أو البرونزي أو الحديدي تختلف كلياً عن الأخرى وكذلك السياسة والفلسفة والفن...الخ ولهذا نرى أن التقدم البشري نحو مرحلة أخرى أي تقدم جانبه المادي (أدواته) كان التاريخ يفرض على البشر أن يغيروا جانيهم الروحي أي الدين والفلسفة والسياسة ونظمهم الحقوقية...الخ ومما لا شك فيه وكما نلاحظ أن كل أدوات الإنتاج تأتي كانت أفضل من السابق وكان يساعد على زيادة الإنتاج وتحسينه وهذا يعني مع ازدياد عدد البشر كان الأمر يتطلب أدوات إنتاجية أفضل كي تساعدهم على زيادة الإنتاج.. كي يستطيعوا أن يلبوا المتطلبات الحيوية من مأكل وملبس ومسكن.
إن إبداع أدوات جديدة من المادة الطبيعية هذا يعني أن الإنسان في الوقت الذي كان يصنع تاريخه في الوقت نفسه يصنع نفسه وهذا يعني أن عقله قد كبر واكتسب خبرة علمية أكثر وأصبحت له ثقافة متطورة وهنا يكون من المستحيل إدارة الناس حياتهم الروحية بثقافة روحية قد تجاوزها التاريخ.
وهنا أيضاً نرى أن في كل مرحلة تاريخية ينقسم الناس إلى قسمين: قسم يرتبط مصالحه بالقديم وقسم يرتبط بالجديد. ويبدأ الصراع الأبدي بين القديم والجديد بجانبيه المادي والروحي. وهنا تنشأ وضع ثوري وتنشأ عن هذا الوضع ضرورة تاريخية للتغيير والانتقال بجانبيه المادي والروحي إلى المرحلة الجديدة.
فالإنسان الذي يتمسك بأدواته القديمة سواء أكان فرداً أو شعباً أو أمة نراه يتخلف في انتاجه عن القسم الذي بدأ يستعمل الأدوات الجديدة. وهذا يعني أن نقص المتطلبات الحيوية من مأكل وملبس ومسكن دخول هذه المجتمعات في حالة أزمات عميقة سياسية واجتماعية ومعيشية ...الخ وبالتالي يتخلف الجانب الروحي أيضاً أي الدين والفلسفة والسياسية والفن ...الخ فالأسلوب السياسي الذي كان سائداً لأدوات الإنتاج القديمة لم يعد مقبولاً لأدوات الإنتاج الجديدة وبات مرفوضاً من الناس وهكذا بالنسبة للدين والفلسفة والفن ويبدأ التمرد على الأسلوب القديم. ويزداد العنف بين السلطة السياسية والشعب وتسود حالة من التناحر بين الناس فينشأ حالة ثورية تتطلب التغيير.
وهنا نورد أمثلة كثيرة عن هذا الوضع.. لقد مارس الإنسان فلاحة الأرض عشرات القرون بالمحراث الخشبي وكان يستخدم طاقة الحيوان وعندما ظهر الجرار الكهربائي الذي يعمل بواسطة المحروقات ورأى الناس أنه يعطي إنتاجاً أوفر ويمكن به فلاحة وزراعة مساحات كبيرة وبالتالي قدم مأكل وملبس ومسكن جيد وكان هذا الوفر يتماشى مع ازدياد عدد السكان فكان من الطبيعي أن يقضي الجرار الكهربائي على المحراث الخشبي الذي استمر لفترة طويلة من التاريخ. وتظهر مشكلة بصورة أوضح في الجانب الروحي من العملية التاريخية وخاصة العامل السياسي:
فالقديم يتمسك بصورة قوية بالأسلوب السياسي القديم ويحاول أن يعطي للقديم هالة من القداسة ولكن التاريخ كبر. والناس كبرت عقولهم. وازدادت ثقافتهم ولم يعودوا يطيعون الأسلوب السياسي القديم وتنشأ عن هذه الحركة حالة ثورية وضرورة تاريخية تتطلب التغيير. وفي هذه الحالة أيضاً يبدأ الناس برفض القيم الإنسانية القديمة التي كانوا يتعاملون بها مع بعضهم البعض.. حيث تنشأ أيضاً حالة ثورية في القيم الإنسانية أيضاً وضرورة تاريخية تتطلب التغيير.
ولندع التاريخ القديم وحركته ولننتقل إلى التاريخ الحاضر. هذا الحاضر الذي نعيش فيه الآن نحن الأحياء.
إن التاريخ سلسلة من المراحل فالناس الذين عاشوا مع تلك المراحل القديمة ماتوا ودفنوا تحت التراب ومات معهم جانبهم المادي والروحي. إن الحاضر الذي نعيشه ونتعايش مع أدواته نعتقد أن الأمر لا يحتاج إلى عناء وتفكير كي ندرك أن ما نشاهده وبين أيدينا من أدوات إنتاجية يختلف عن الأدوات الإنتاجية التي نشاهدها في المتاحف الأثرية لمراحل تاريخية قديمة. هذا من جهة الأدوات.. أما من الناحية السياسية: إن وعي الناس للنظام الديمقراطي منتشر في كل القارات بنسبة تسعين بالمائة وجميع البشر وفي كل القارات يطالبون بتطبيق هذا النظام السياسي لأن الناس يشاهدون بأم أعينهم الذين طبقوا النظام السياسي الديمقراطي كيف تخلصوا من التخلف وبدؤوا يتقدمون بخطوات مسرعة في التطور الحضاري.
إن النظام السياسي الديمقراطي بات ضرورة تاريخية لا مفر منها. وأصبح قيمة كونية، كلما تأخر بلد ما وشعب ما في تطبيقه يدخل في أزمات عميقة وإن التأخير في تطبيق هذا النظام يعني تعرضه لغضب التاريخ.
إن التاريخ الذي نصنعه بأنفسنا هو الذي سيحاسبنا وليست أية قوة خارجية لا الإمبريالية ولا الصهيونية ولا الرجعية. إن هذا الثالوت المقدس ليست له أية علاقة بعدم تطبيقنا للنظام الديمقراطي. كل ما يستطيع أن يفعله هذا الثالوت المقدس هو التمني لنا بعدم تطبيقنا للديمقراطية. لأن في الديمقراطية تقدمنا. وإن مصيبة تخلفنا السياسي والاقتصادي والحضاري مرتبط بوجود النظم السياسية المستبدة والفاسدة.
إن العالم المتطور يريد منا أن يكون سياسيون وحكامنا مستبدون. كي تهرب أدمغتنا المفكرة المبدعة إليهم. إنهم لا يريدون أن نصنع السيارات والجرارات والأدوات كي تبقى أسواقنا فارغة ليبيعوا فيها بضائعهم. إنهم يمارسون الديمقراطية فينعمون بالأمن والسلام ويساعدهم هذا الأمن والسلام الاجتماعي لإبداع مفكريهم وعلمائهم في التكنولوجيا التي نحن بأمس الحاجة إليها والتي لا يمكن أن تقام حياة عصرية بدونها.
إن هذا العالم المتطور يريد منا أن تكون كل أنظمتنا السياسية في الشرق الأوسط ديكتاتورية واستبدادية كي تكون جميع شعوبنا متناحرة نقتل بعضنا البعض ونكره بعضنا البعض وندمر ما بنيناه ثم نعيد بناء ما دمرنا بأدواتهم وآلياتهم.
ومن المفارقات التاريخية العجيبة أنهم يريدون لنا الديمقراطية على الأقل بالكلام ونحن نرفض ذلك. وإنهم عندما يطالبوننا بالكلام يعرفون تماماً بأننا سنتمسك بثوابتنا التاريخية القديمة وسنرفض الديمقراطية ولهذا يكثرون من الكلام والمطالبة لنا بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.
إن ثقافتنا القديمة بعيدة كل البعد عن القيم الإنسانية الكونية الحالية. إن الحرية.. والحرية تعني الكثير. حرية التفكير، وحرية الرأي، وحرية الإعلام وحرية الاختيار وحرية المسكن وحرية الاعتقاد ...الخ كل هذه الحريات أصبحت قيم كونية عالمية. إن المساواة والحرية والعدالة وحقوق الإنسان أصبحت قيم كونية.. إن المرحلة التاريخية التي نعيشها اليوم هي مرحلة التقرب الإنساني لبعضهم البعض. أي أممية جديدة وفق فلسفة حقوق الإنسان. لقد انتهت في هذه المرحلة التاريخية الأممية الدينية والأممية القومية والطبقية. لقد تجاوز التاريخ العالمي الآن هذه الأمميات ولم يعد لها مكان سوى رفوف المتاحف الأثرية إلى جانب الأدوات الانتاجية القديمة.
إن عهداً أممياً قد بدأ. وإن ضرورة تاريخية للتغيير لا مفر منها. وكل من يقف في وجه هذه الأممية سيجرفه تيار التاريخ.
إن هذه المرحلة التاريخية تحولت إلى عاصفة هوجاء سيحطم كل الجانب المادي من التاريخ القديم والجانب الروحي بكل عوامله السياسية والدينية والفنية والحقوقية والفلسفية. هذا يجب أن يدركه كل عاقل وإلا ستكون النتيجة وبالاً عليه.
إن لغة الحوار بدلاً من لغة الحرب باتت قيمة كونية. والويل لمن يسلك طريق الحرب والعنف في حل المشاكل العالقة والقضايا المتنازع عليها.
إن أسلوب التدوال السلمي للسلطة عن طريق الإنتخاب التعددي الحر أصبح ثقافة عالمية لا مفر منها والويل لمن يتمسك بالقديم. إن المصيبة الكبرى التي نعايشها اليوم في الشرق الأوسط أننا ندير ظهرنا لكل القيم الكونية وكأننا نعيش فوق كوكب آخر. ونتيجة للثورة العلمية والتكنيكية والإعلامية تحولت الكرة الأرضية إلى قرية كونية صغيرة. لم يعد لأحد باستطاعته أن يخفي الحقيقة عن الناس. الكذب والخداع والتضليل حبله قصير وفيه خراب ودمار على من يمارسه على الآخرين. الصدق والحقيقة هما حبل النجاة والأمن والسلام.
أخي الإنسان في الشرق الأوسط سواء أكنت عربياً أم تركياً أو فارسياً أو كردياً أو أية أقلية أخرى.. إن حريتك هي من حرية الآخرين. عندما تنكر حرية الآخرين أو تسحق حريتهم تسحق حريتك. إن حياتك هي من حياة الآخرين. لا تقض على حياة الآخرين لأنه سيأتي يوماُ يقضى فيه على حياتك.
إياك أن تقطع لسان الآخرين لأنه سيأتي اليوم الذي سيقطع فيه لسانك وستصرخ وليس من مجيب أو منقذ. لا تحرق قلوب أمهات وآباء الآخرين سواء بحجز حريتهم أو القضاء على حياتهم لأنه سيأتي يوماٌ تحجز حريتك ويقضى عليك فلا أحد مجيب أو منقذ.
افتح بابك ونوافذك للحوار. إياك أن ترفض الحوار لأن فيه الأمن والسلام. لا تنتهك عرض الآخرين لأنه سيأتي يومً ينتهك فيه عرضك. فلا أحد ينقذك ولا تغتر بالقوة التي بين يديك. لأن القوة لا تحمي الإنسان بل الحرية والصدق والعدل والحقيقة هي التي تحمي الإنسان.
أخي الإنسان: تذكر دائماً هذا القول المأثور (( إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك ))..
إن الوطن وشعب الوطن هما أغلى قيمة عند الإنسان و الإنسانية. وإن زينة الوطن والشعب هما الحرية. وإن وطناً بدون حرية وشعباً مستعبداً محروم من الحرية صحراء قاحلة لا حياة فيها ولا يمكن أن تقام فيها حضارة ونتيجتها الدمار.. ربما كان في التاريخ القديم يدوم الظلم، لكن في التاريخ الحاضر لا يمكن أن يدوم.
إن الإرهاب لا يحل المشاكل بل يعقدها. إن الإرهاب أسلوب وحشي بربري لا يمكن للعالم المتحضر أن يقبله ولا يمكن للتاريخ العالمي الآن أن يقبله. إن تفجير القنابل الانتحارية في أسواق الخضرة أو الشوارع العامة أو الفنادق والمطاعم والمدارس والحافلات والطائرات جريمة إنسانية بشعة لا يمكن للبشرية أن تقبلها. إن قتل المعارضين أو المختلفين معك في الرأي والعقيدة والسياسة والقومية والدين والمذهب لم يعد يقبله التاريخ. وعلى الظالمين أصحاب السلطة عليهم أن يرفعوا ظلمهم عن الناس. وعلى الذين لا يعترفون بحقوق الآخرين عليهم أن يعترفوا بحقوق الآخرين.
إن حق تقرير المصير حق مقدس لكل إنسان أو شعب أو أمة لا يجوز المساس به.. وفي النهاية حان الآن بعد هذه المقدمة التي كتبناها عن التاريخ بجانبه المادي والروحي وعن قيمه وعن اللحظة الراهنة من التاريخ العالمي. جاء دور للإجابة عن السؤال: هل فعلاً للتاريخ مكر أو غدر؟..
لقد قلنا أن التاريخ مراحل. وكل مرحلة تاريخية تأخذ اسمها بالأدوات الإنتاجية. وقلنا أن كل مرحلة تاريخية يقابل الجانب المادي الجانب الروحي. إن البشر لا يستطيعون أن يعيشوا مع الحركة التاريخية بالجانب المادي والروحي من المرحلة السابقة. وينشأ دائماً صراع جديد بين القديم والجديد. وهذا يعني نشوء حالة ثورية وعادة تكون دموية. ولكن مهما تكن أن الضرورة التاريخية تتطلب الإنتقال إلى المرحلة الجديدة بجانبيها المادي والروحي.
ففي المجتمعات الحية التي تملك ديناميكية التطور ينتقل الناس بيسر وسلامة إلى المرحلة الجديدة ويؤسس مؤسسات وفق الحالة التاريخية المعاشة.
أما في المجتمعات المتخلفة التي يأخذ الجانب الروحي طابع القداسة والحقيقة المطلقة والتي ترتبط قسم من المجتمع مصلحته الطبقية بالوضع القديم. وتحاول الطبقة ذات المصلحة القديمة التمسك بالجانب الروحي ووضعها في وجه حركة التاريخ. فينشأ صراع دموي بين الفئتين القديمة والجديدة وتجر كارثة على الوطن والشعب وما تم بناؤه. تتزعم هذه الحركة المقاومة للتغيير القوى السياسية التي بيدها السلطة السياسية. حيث تستخدم هذه السلطة أقسى ما يمكن من الشدة والتعسف والعنف بغية وقف حركة التاريخ المندفعة إلى الأمام.
ترى لماذا يتمسك القديم بالجانب الروحي من العملية التاريخية ويحاول إيقاف حركة التاريخ؟. ونحن نقول للأسباب التالية:
1- القرش الحرام: هو سبب كل المآسي التي تجر على الوطن والدولة والشعب (الفساد).
2- عدم حل مشكلة حقوق المواطنة في الشرق الأوسط. بسبب وجود قوميات مستهدفة.
في إيران: العرب، الأكراد، البلوش والأزريين.
في تركيا: الأكراد والعرب والأرمن.
في الدول العربية: الأكراد والآشور السريان والأقباط الأمازيغنيين الأفارقة.
3- انتهاك حقوق الإنسان.
4- عدم وجود نظم سياسية ديمقراطية لحل مشكلة تداول السلطة بالشكل السلمي.
5- تدخل العسكر في السياسة.
6- ابتعاد دول الشرق الأوسط بثقافتها عن القيم الإنسانية للمرحلة التاريخية المعاصرة.
7- تضارب هذا الوضع بالشرق الأوسط مع مصالح القوى الصناعية الكبرى في العالم.
8- محاولة القوى السياسية الحاكمة في الشرق الأوسط إغلاق الباب أمام القوى الخارجية الصناعية.
9- اتخاذ الجانب الروحي من العملية التاريخية طابع القداسة.
ونظراً لأهمية البند الأول وهو القرش الحرام وكما يسمونه في السياسة الفساد ونظراً لتحويل السياسة في الشرق الأوسط إلى عامل ارتزاق بنسبة 99.99% أردنا أن نتوسع في بيان الحقيقة تاركين الحكم للقراء الكرام ليتأكدوا بأنفسهم على صدقية ما نقول: نحن في طريق الحقيقة نعتقد بأن الأمر ليس بخاف على أحد. إن كل الذين تربعوا على كرسي الحكم جعلوا من أنفسهم إلهاً. وجسدوا في أنفسهم الوطنية والقومية والعدالة الاجتماعية ورفعوا شعارات محاربة الامبريالية والصهيونية والرجعية. كانوا فقراء لا يملكون شيئاً ولم تمض سنوات على حكمهم وإذا بهم أصبحوا أصحاب فيلات ومزارع ورساميل هائلة في البنوك الإمبريالية.
ترى هل يمكن للعاقل أن يصدق بأن ما كسبوه هي من رواتبهم. ثم تمضي الأيام فلا تم القضاء على الإمبريالية والصهيونية والرجعية ولا تحقيق العدالة الاجتماعية ونزل نسبة ثمانين بالمائة من أبناء شعوبنا في الشرق الأوسط تحت خط الفقر والبطالة ضارب أطنابها بأعناق شعوبنا.
لقد حدث من هذا الوضع أن أصبح كل الحكام السياسيون وأطقمهم سواء أكانوا ملوكاً أو أمراء أو جمهوريون في ورطة. لا هم يستطيعون أن ينفذوا وعودهم التي صرعوا بها آذان شعوبهم ولا هم يستطيعون أن يتركوا السلطة. إنهم يريدون أن يتمسكوا بالسلطة إلى الأبد. وحكام العالم المتمدن يتناوبون السلطة بواسطة انتخابات ديمقراطية حرة. والثورة الإعلامية التي ظهرت بظهور الأقمار الصناعية فتحت الباب أمام انشاء محطات إعلامية فضائية لا حصر لها وتغطي بثها الكرة الأرضية بأكملها. فالمواطن في الشرق الأوسط يرى كيف تجري انتخابات في الدول الديمقراطية ساعة بعد ساعة وكيف تكون النتائج. يخسر حزب ويربح حزب آخر عشرات من الشخصيات السياسية يتبارزون في المعارك الانتخابية والخاسر يصافح الفائز وكأنهم في مباراة رياضية. لا عنف ولا سفك دماء ولا تدمير وطن. يعود الخاسرون إلى أعمالهم يراجعون أنفسهم كي يدركوا أخطائهم ويتساءلون ترى لماذا لم تقبل الجماهير سياساتهم ويحاولون تغيير تكتيكاتهم واستراتيجياتهم وبرامجهم السياسية وشعاراتهم وشخصياتهم استعداداً للجولة الثانية.
كم يتمنى أي مواطن في الشرق الأوسط أن يجري هذا في وطنه. إن الذي يحدث عندنا في الشرق الأوسط هو مرشح واحد والنتيجة المعروفة هو رضا الشعب عنه بنسبة 99.99%.
ترى لماذا يحدث هناك؟ ولماذا يحدث عندنا بهذا الشكل؟ والجواب: السبب هو القرش الحرام هو الفارق الرئيسي. ولنرى كيف تسير الأمور عندهم وكيف تسير عندنا.
إن الرؤساء في الدول الديمقراطية لا يستطيعون أن يأخذوا أو يصرفوا قرشاً واحداً من المال العام. إلا بعد موافقة من المؤسسات المختصة. وإن المال الذي يجبى من المواطنين بواسطة الدولة تحت اشراف جهات مالية لا يمكن صرفها إلا بموافقة البرلمان أو مجلس الشيوخ. وإن الحكام لا يملكون أية قصور ولا عقارات سوى عقاراتهم الخاصة قبل توليهم السلطة. وإن الحكام في الدول الديمقراطية مقيدون بالدستور ولا يستطيعون انتهاك حرية أي مواطن أو حبسهم أو قتلهم أو تغييبهم أو منعهم من التعبير. إن حرية المواطن وكرامته وماله وعرضه مسؤول عنه الجهاز القضائي. وإن الجهاز القضائي مقيد بدستور وقوانين. ولديهم جهاز دفاعي أمام القضاء يمثلهم المحامون. وهناك أيضاً الرأي العام له قيمته وله تأثير كبير بالإضافة إلى الصحافة الحرة. والحكام في الدول الديمقراطية مدة حكمهم محدد بدستور فلا يستطيع أي حاكم أن يستمر في الحكم حتى ساعة واحدة بعد انتهاء المدة. لذا فهو يغادر القصر الرئاسي بكل طيبة خاطر ولا أحد من المواطنين يحقد عليه ولا يريد الانتقام منه لأنه لم يسرق ولم يبن قصوراً بالمال العام ولا عنده رصيد من المال العام. بالإضافة إلى أنه لم ينتهك حرية أي مواطن ولم يقتل أو يغتال أحد من معارضيه لذا هم لا يخشون من انتقام أحد له. وهكذا يعود إلى مكان عمله ويمارس حياته الطبيعية ويسير بين الناس ويشارك في الحياة العامة.
أما حكامنا في الشرق الأوسط.. من المستحيل أن يعودوا إلى حياتهم الطبيعية. إنهم يدخلون القصر الرئاسي ولا يخرجون منه إلا بواسطة انقلاب إما مقتولاً أو منتحراً أو الموت الطبيعي. خارج القصر لا يستطيعوا أن يعيشوا ساعة واحدة. وإذا لم يكن القصر محاطاً بآلاف من الحرس فلا يستطيعوا أن يناموا. وإن ناموا ينامون على كوابيس مرعبة ويستيقظون على كوابيس والسبب هو سرقة المال العام ( القرش الحرام ) وانتهاك حرية ألوف من المواطنين وسحق كرامتهم في أقبية رجال الأمن. إن دموع آلاف من الأمهات التي هن فاقدات أولادهن ولا يعرفون أين هم.. هل هم لا يزالون في هذه الدنيا أم ذهبوا إلى الدنيا الأخرة. إن القرش الحرام الذي كسبوه من السياسة وعمروا بها القصور وأنشأوا المزارع ينقلب وبالاً عليهم وعلى شعوبهم. فلا يستطيعون أن يقوموا بإجراء أية تغييرات لا في نظام الحكم. ولا يستطيعوا أن يوفروا الحرية لمواطنيهم.. ولا أن يحلوا أية مشاكل اقتصادية ولا اجتماعية. ولا يستطيعوا أن يقبلوا القيم الكونية التي ظهرت نتيجة للثورة العلمية والإعلامية. ثم تدخل مجتمعاتهم في أزمات عميقة وتكون دائماً نتيجتها الحرب الأهلية والقتل والخراب والدمار. ويظهر عن هذه الحالة عشرات التنظيمات المعارضة ومسميات متعددة وعادة تلجأ المعارضة إلى الاستنجاد بالخارج وهنا تقع الكارثة. ولنأخذ مثالاً على ما قلناه:
صدام حسين المؤمن في مجابهة التاريخ وحبل المشنقة:
صدام حسين الذي لعب على الحبلين لمدة طويلة من الزمن. حبل الاتحاد السوفيتي سابقاً وحبل الغرب بزعامة أمريكا. فكان نتيجة هذه اللعبة حرب على الأكراد دمر فيها الآلاف من القرى الكردية وقتل من الشعب مئات الألوف ودفنهم في قبور جماعية نساءاً وأطفالاً وشيوخاً. وضرب مدينة حلبجة الكردية بالغاز الكيماوي المحرم دولياً حيث راح ضحيتها بدقائق معدودة خمسة آلاف إنسان. ثم شن حرباً على إيران راح ضحيتها أيضاً مئات الألوف من خيرة شباب العراق وإيران ناهيك عن الخسائر المادية التي كان بإمكانها أن تحول الشرق الأوسط بأكمله إلى جنة يوفر المأكل والملبس والمسكن لكل إنسان.
وانقطع الحبل الأول بانهيار الاتحاد السوفيتي ولكن صدام حسين لم يكن لديه الخبرة للعب على الحبل الثاني (( القطب الواحد )).. فراح ينسج من خياله حبلاً ليكون بديلاً عن حبل السوفييت. حيث انقلب صدام حسين من الفلسفة المادية القومية إلى الفلسفة الروحية. وفجأة ظهرت معه صحوة إيمانية وانقلب إلى رجل مؤمن. وأمر وسائل إعلامه أن ينشروا صورته وهو يصلي على التلفاز. ولم يكتف بهذا بل راح يفتتح المعسكرات لهذا الإيمان فتوافد الآلاف من جند الإيمان من الدول العربية والإسلامية وبدأ يدربهم ويقدم لهم مساعدات مالية سخية ويشكل منهم جيوش بأسماء مختلفة (( جيش القدس )) (( فدائيي صدام )) ...الخ وبعد أن تم تدريب هذه الجيوش على السلاح بدأ يلعب لعبته المفضلة وهو اللعب على الحبلين...
وما كاد أن تتنهي الحرب الإيرانية العراقية أراد أن يجعل من نفسه بطلاً قومياً لتوحيد الأمة العربية المجزأة. تماماً كما فعل غاري بالدي في ايطاليا وبسمارك في ألمانيا سابقاً. وفي ليلة ظلماء أمر جيوشه بغزو الكويت. لقد أفاق الكويتيون ليروا أن دبابات وجنود صدام تحيط بكل المؤسسات السياسية لدولة الكويت. فما كان من القيادة السياسية الكويتية إلا الهرب. ولما كانت الكويت دولة معترف بها دولياً وعضواً في هيئة الأمم المتحدة ولها اتفاقيات استراتيجية مع الغرب.
قامت أمريكا تتزعم حلفاً غربياً وبمشاركة دول عربية بطرد صدام حسين من الكويت بعد أن تم تدمير جميع آلياته المدرعة ولم يبق من الجيش العراقي سوى الحرس الجمهوري احتفظ به لحماية قصوره. وأثناء تقدم الجيوش الحلفاء نحو بغداد حيث الطريق سالكاً حدثت فجأة انتفاضتين الأولى في الشمال حيث قام الأكراد بالاستيلاء على جميع المدن الكردية. والثانية في الجنوب بقيادة الشيعة.
ولكن حصل ما ليس بالحسبان في حرب الغرب ودول الخليج بزعامة السعودية. لقد رفع المنتفضون الشيعة في جنوب العراق صور الخميني. وأدركت السعودية أن جنوب العراق سوف يقع في قبضة إيران وستقام فيها دولة ذات مذهب شيعي وعلى حدودها مما سوف يكون لها انعكاسها على كل دول الخليج التي فيها شيعة والمحرومين من حقوقهم السياسية. حيث طلبت السعودية من أمريكا بعدم اسقاط صدام حسين بل إعطائه الضوء الأخضر بقمع الانتفاضتين معاً وجرى اتفاق على عجل وتحت خيمة صحراوية (( منطقة الصفوان )) بين أمريكا وصدام لوقف الحرب وأعطت أمريكا الضوء الأخضر لصدام بقمع الانتفاضتين. وبالفعل استطاع صدام بقمع الانتفاضتين وبشكل مأساوي. ولكن ما حدث في الشمال لم يكن يخطر ببال صدام مطلقاً، أن انتشرت شائعات بين الناس من أن صدام سوف يستخدم الغازات الكيماوية مرة أخرى ضد الأكراد. مما حدا بالشعب الكردي أن يهاجر بالملايين حيث التجأ قسم منهم إلى إيران وقسم إلى تركيا ووسائل الإعلام تصور هذه المشاهد وتنشرها إلى العالم.
لقد ضج الرأي العام العالمي وأنصار حقوق الإنسان وأجبروا أمريكا على أن ترسل وزير خارجيتها جيمس بيكر ليطلع بنفسه على الحقيقة حيث رأى بأم عينيه كيف أن الطائرات تلقي بالخبز على مئات الألوف من البشر كي يبقون على قيد الحياة. وكذلك أجبر الرأي العام العالمي وأنصار حقوق الإنسان رئيس وزراء بريطانيا جون ميجر أن يقدم بطلب مستعجل إلى مجلس الأمن حيث اتخذ مجلس الأمن قراراً دولياً لإنشاء منطقتي حماية تحت إشراف دولي إحداهما في الشمال للحفاظ على الشعب الكردي من الإبادة الجماعية والثانية في الجنوب للحفاظ على الشيعة على قيد الحياة كبشر. وتم سجن صدام في الوسط. وضرب حصارٌ اقتصاديٌ حول العراق مات بسببها مئات الألوف من العراقيين جوعاً ومرضاً.
وجاءت ضربة 11 أيلول 2001م على رأس أمريكا بعد أن أصبحت زعيمة العالم بأكلمه. لم يكن يخطر ببال أمريكا مثل هذه الضربة ومن القاعدة التي رعاها وعلمها فنون القتال وقواها بكل الوسائل اللوجستية أثناء استخدامها ضد السوفييت في أفغانستان. وهاجمت أمريكا بعد أن صحت من هول هذه الضربة أفغانستان أولاً ثم العراق.
لم يكن هدف أمريكا القضاء على القاعدة وحكم طالبان في أفغانستان فقط بل القضاء على كل جند أهل الإيمان أينما وجدوا. ولهذا كان العراق الهدف الثاني. وشهد العالم أجمع نهاية صدام هو وضع حبل المشنقة حول عنقه.
ولنأت إلى جواب السؤال الذي سألناه هل للتاريخ مكر؟
ونحن نجيب حسب معرفتنا وتحليلنا لحركة التاريخ ونقول: لا ليس للتاريخ أية مكر أو غدر أو أية تسمية أخرى. إن التاريخ هو الصديق الوفي لمن يفهمه. إن التاريخ حركة علمية فيها عدل وإنصاف وأمن وتقدم ولا يغدر بأحد. التاريخ راحة وأمان وسعادة للبشر. إن التاريخ يخلص البشر من كثير من المعاناة والعذاب التي كان البشر يعانون منها. ولكن مشكلة التاريخ لا يوجد لديه قلب حنون ورحيم. ولا يملك أية شفقة. إن حكمه قاس لأبعد الحدود لمن لا ينصاع لأوامره وينفذ طلباته. ولا يقبل أية طلب للعفو والرحمة. يأمرك فيجب أن تطيع. أوامره غير قابلة للطعن والاستئناف والتمييز. إن أطعت أوامره أنقذت نفسك من الهلاك. وإن لم تطعه دفنك تحت التراب. لا حل وسط لدى التاريخ على الإطلاق. إما أن تسير معه وإما أن يدفنك. ولنسأل الأسئلة التالية:
1- ترى لماذا أزال التاريخ الاتحاد السوفيتي من الوجود ولم يقبله؟
2- لماذا أزال النظام الطالباني؟
3- لماذا أزال النظام العرافي الصدامي؟
والجواب هو:
1- لقد أزال التاريخ الاتحاد السوفيتي لأنه لم تكن دولة بنيت على أساس علمي. لقد اعتبر نزعة الملكية الخاصة في نفس الإنسان مكتسبة وليست فطرية. لقد أراد أن يرجع التاريخ إلى الوراء إلى عهد المشاعية البدائية عندما لم تظهر الملكية الخاصة بعد. والتاريخ لا يرجع إلى الوراء.
2- أما النظام الطالباني أراد أن يبني نظاماً سياسياً وحقوقياً مخالفاً لقوانين التطور التاريخي. وأراد أن يرجع بالبشر إلى ألف وأربعمائة عام إلى الوراء. وأن يحكم ناس القرن العشرين بالجانب الروحي لألف وأربعمائة عام فحدث له ما حدث.
3- إن نظام صدام حسين وطاقمه السياسي بعد الصحوة الإيمانية أراد أن يجابه الحاضر بجانب روحي لألف وأربعمئة عام والنتيجة وضع حبل المشنقة حول عنقه.
لقد كان على النظام الطالباني والصدامي أن يستيجبا لنداء التاريخ وللضرورة التاريخية التي حلت مع نهاية القرن العشرين منذ انهيار الاتحاد السوفيتي. والنداء التاريخي والضرورة التاريخية كانت تقول لهم أن يجريا انتخابات ديمقراطية وتشكيل حكومة وفق إرادة الشعب وأن يضعا دستور وضعي يوافق عليه الشعب باستفتاء حر ونزيه وأن يؤسسا مؤسسات ذات استقلالية. وأن يصنعا نظام حقوقي على أساس فلسفة حقوق الإنسان. وأن تكون تداول السلطة عن طريق الانتخاب ذات التعددية الحزبية. وأن يفتح بابهم للعالم. وأن يصنعا برامج تعليمية تكون القيم الكونية على رأس برامجها التعليمية والتربوية. لا أن يلجأ بدلاً من كل ذلك إلى إحياء الجانب الروحي الذي خلفه التاريخ وراءه منذ ألف وأربعمائة عام محاولين تصدير أفكارهم وسياستهم وارجاع التاريخ إلى الوراء.
فمثلما لا يستطيع الناس الرجوع إلى الوراء باستخدام الأدوات الانتاجية القديمة. كذلك لا يستطيعون أن يرجعوا إلى الجانب الروحي لتنظيم حياتهم العصرية. لقد جرى تطور ذاتي وموضوعي للناس وها هم يدخلون القرن الحادي والعشرين. إن هذا التطور نتيجة لثورة علمية أبدعها العقل البشري الإنساني. لقد صدرت وثيقة عالمية كونية وهو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. إن أي نظام سياسي إذا لم يأخذ بالاعتبار فسيأتي يومٌ يندم حيث لا ينفع الندم.
إن ما حدث في العراق يختلف عما حدث في أفغانستان. ففي العراق:
1- لقد حدثت ثورة سياسية في العراق في 14 تموز عام 1958م تم إلغاء الملكية وأعلنت الجمهورية. لقد حمل البيان الأول لهذا التغيير بأن العراق وطن للعرب والأكراد وهما القوميتان الكبيرتان. وبناءاً على هذا البيان جرى اتفاق آذار 1970م بين النظام العراقي والقيادة الكردية بعد حرب دامت من أيلول 1961م وحتى عام 1970م. وكان يجب أن تنتهي حرب العداوة بين الشعبين العربي والكردي الذين تآخا خلال كل تاريخ الإسلامي وأن ينهي القضايا العالقة بالحوار.
2- كان يجب على النظام العراقي أن يتخذ خطوات جادة حول الديمقراطية. وذلك بإجراء انتخابات تعددية حرة. لانتخاب مجلس تشريعي يعبر عن إرادة الشعب ويوضع دستور دائم يحدد فيه كل الحقوق والواجبات وأن يقر بالحقوق الوطنية والثقافية لكل مكون من مكونات الشعب العراقي سواء أكان قومياً أو دينياً. وأن تكون هناك سلطة قضائية مستقلة لا سلطان عليها لتكون حارساً أميناً لحقوق المواطنين.
3- الإقرار بحق التعبير لكل إنسان، كي تظهر صحافة مستقلة حرة تراقب كل شيء وتعبر عن الرأي العام.
4- حل مشكلة تداول السلطة عن طريق الانتخابات الديمقراطية تعددية وترك أسلوب العنف والانقلابات العسكرية للاستيلاء على السلطة.
5- ترك الشعارات الديماغوجية مهما تكن نوعيتها قومية أو دينية أو طبقية تاركاً الأمر للشعب كيفما يريد.
6- التخلي عن الاتفاقات الأمنية التي كانت توقع مع دول الجوار ضد مواطنيها أو في سبيل الحفاظ على السلطة.
7- اعطاء الأمر للشعب ليقرر مصيره وينتخب قيادته السياسية ويتحمل مسؤوليته ليكون الحكم للشعب ولا سلطة فوق إرادة الشعب.
ترى لماذا لم يحصل كل هذا؟ ولماذا لم يستطع النظام العراقي أن يغير من سلوكه وشعاراته وأسلوبه السياسي وأدار ظهره للتاريخ واعتمد على قوة مخابراته وحراسه الشخصي؟
والجواب: هو القرش الحرام.. (( الفساد )).
ونحن نتساءل هل يعقل لرئيس جمهورية في الدنيا أن يملك ثمانين قصراً وحدائق حيوانات وتخوت نهرية وبحرية حيطانها من ذهب؟ وهل يعقل أن يكون لرئيس الجمهورية مئة ألف حرس لحماية شخصه وقصوره وحدائقه.. وهذا يعني أن نصف الثروة النفطية العراقية كانت في خدمة شخص واحد ولأفراد عائلته. وهل يعقل أن تكون الأموال الهائلة للثروة الوطنية مودعة في البنوك الغربية باسم صدام في الوقت الذي يعاني الشعب العراقي من الفقر والجهل والجوع والمرض. ترى ماذا كان يعمل صدام حسين بكل هذه القصور والأموال الهائلة المودعة في البنوك الغربية.
صدام حسين والفرصة الأخيرة التي أعطاها له التاريخ:
ففي الوقت الذي كانت أمريكا وحلفاؤها يحشدون الآلة العسكرية الجهنمية. انعقد في القاهرة مؤتمر الملوك والرؤساء العرب لبحث الأزمة العراقية. والكل كانوا يدركون خطورة الوضع وإن الحرب واقعة لا محالة. وأثناء هذا المؤتمر قدم الشيخ زايد حاكم الإمارات العربية طلباً إلى صدام بتركه السلطة وإن الإمارات مستعدة لمنحه اللجوء السياسي ليكون له ملاذاً ولكافة أفراد عائلته، ولكن صدام حسين رفض ذلك. ترى لماذا رفض صدام؟
ونحن في طريق الحقيقة نجيب ونقول: أن القرش الحرام هو السبب. هذا القرش الذي بنى فيه كل هذه القصور هو الذي منعه من أن يقبل هذا الطلب. فجاء حكم التاريخ له بأن وضع حبل المشنقة حول عنقه. وهكذا خسر صدام حياته وحياة أولاده وشرد عائلته وأحفاده تماماً كما خسر جاره شاه إيران من قبله. والآن الذين جاؤوا من بعده في إيران يسيرون في نفس الطريق الذي سار عليه الشاه ولا نعتقد أن حكم التاريخ سيطول تنفيذه بهم.
إن الشعوب الإيرانية من الأكراد والعرب والبلوش والأزريين الذين تسحق كرامتهم الإنسانية وتنكر حقوقهم القومية والثقافية ومعرضين للصهر ويعتبرون مواطنين عبيد من الدرجة العاشرة. كما أنهم محرومون من المشاركة في السياسة. كل هذه الأمور منافية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ومخالفة للقيم الكونية، ومخالفة للتاريخ العالمي المعاصر. فإذا لم يدرك السياسيون الفرس هذه المتغيرات التي حدثت في التاريخ العالمي سوف لن يطول حكم التاريخ عليهم.
إن ما حدث في أفغانستان والعراق سيحدث في إيران وتركيا. ونحن نريد أن نذكر كل الحكام الذين لا زالوا على حكم شعوب الشرق الأوسط بالأسلوب السياسي القديم والأيديولوجيات القديمة. انظروا ما حدث في أفغانستان والعراق وماذا يحدث في الجزائر والسودان ولبنان واليمن وغزة فلسطين.. خذوا عبرة من التاريخ البعيد والقريب. إياكم أن تجابهوا غضب التاريخ. وإياكم أن تحاولوا بإرجاع التاريخ إلى الوراء. حلوا مشكلة حقوق المواطنة على أساس فلسفة حقوق الإنسان. أعطوا لكل صاحب حق حقه. عندها تسلمون وتسلم أوطانكم وشعوبكم. ليس في خط سير التاريخ أية مكر أو غدر.
3- الشرق الأوسط والصراع بين جنة السماء وجنة الأرض والضحية الشعوب:
تسكن منطقة الشرق الأوسط الملايين من العرب والفرس والترك والأكراد والأقليات الأخرى.. آشورية وكلدان وأرمن ويهود...الخ كلهم بشر وبحاجة إلى ثلاث عوامل حيوية.. المأكل والملبس والمسكن. يفرقهم الوعي الخاطئ بفلسفة التاريخ.
لقد منحت الدول الاستعمارية فرنسا وانكلترا الاستقلال السياسي لثلاث قوميات العرب والفرس والأتراك. وشكلت لهم دول وحرمت القومية الكبيرة الأكراد من هذا الحق. وبعد مرور ثلاث أرباع القرن لا زالت هذه الدول تجابه أكبر مشكلة وهي حقوق المواطنة, فالدول العربية تعطي حق المواطنة للعربي والإيرانية للفارسي والتركية للتركي أما بقية القوميات فليس لها حق سوى حق العبيد. إن هذه المشكلة أي حقوق المواطنة كانت وما زالت سبباً لصراع أيديولوجي بين القوميات ودولها. ولم تحظ هذه الدول بأية أمن واستقرار سياسي طوال القرن العشرين. ونتيجة لهذا الصراع الأيديولوجي الذي مورست السياسة بموجبها ضاعت امكانيات مالية وبشرية هائلة كان يمكن أن تخلق تطور حضاري وكان يمكن أن تسبق أوروبا بأكملها كون منطقة الشرق الأوسط غنية بثرواتها تفوق أوروبا بأكملها.
الصراع الأيديولوجي في الشرق الأوسط:
ينقسم الصراع الأيديولوجي في الشرق الأوسط إلى قسمين من حيث الهدف الظاهري وهي موزعة بين تيارين سياسيين:
1- جنة السماء.
2- جنة الأرض.
والتيارين استغلوا في مجال السياسة معاناة تسعين بالمائة من هذه الشعوب ليصلوا إلى السلطة. بغية كسب القرش الحرام.
1- التيار الأول: أي تيار جنة السماء يمثله جميع التيارات الدينية ولهم فلسفة واحدة. والهدف الظاهري لفلسفتهم هو ارسال الناس إلى جنة السماء.
2- أما التيار الثاني: أي تيار جنة الأرض فينقسمون إلى ثلاث تيارات:
1- التيار القومي.
2- التيار الماركسي.
3- التيار الليبرالي.
لقد انتهى القرن العشرين وماذا كانت نتيجة هذا الصراع بين جنة السماء وجنة الأرض؟
أ‌- فلسفة التيار الديني:
يفسر فلسفة التيار الديني بالشكل التالي: يقسم التيار الديني الكون إلى عالمين: 1- عالم الأرض -2- عالم السماء.
عالم الأرض مؤقت. وعالم السماء أبدي خالد.
ويقسم البشر في عالم الأرض طبقياً إلى قسمين: 1- الأغنياء 2- الفقراء.
وعقائدياً يقسم البشر على الأرض إلى قسمين: 1- المؤمنون 2- الكفار.
ويقسم العالم الآخر ما بعد الموت إلى قسمين جزائيين: 1- الجنة 2- جهنم.
أما في عالم الأرض جنة الأرض للأغنياء. والفقراء لهم جنة السماء.
الأغنياء لهم في كل المراحل التاريخية المأكل والملبس والمسكن الجيد. والفقراء محرومون من هذه المتطلبات الثلاث.
وخلال كل المراحل التاريخية كان الأغنياء هم أصحاب السلطة والفقراء خدم. ولكي لا يتمرد الفقراء يقوم رجال الدين كل يوم خمس مرات بإقناع الفقراء بإطاعة أوامر أولي الأمر وأن يصبروا ويمارسوا عباداتهم لأن لهم الجنة في السماء. وليس هذا فقط بل لكل ذكر أربعون حورية جميلة وعندها سيعيشون حياة أبدية خالدة.
ولكن كيف ذلك يقول المشايخ يجب التقيد بما يأتي:
1- أن يمارس طقوس وعبادات الصوم والصلاة والزكاة والحج ...الخ وأن تكون له ذقن طويلة ومسبحة وأن يكون ذو إيمان صادق في قرارة نفسه وبذلك يكون ميزانه ثقيلاً فيكون له الجنة في السماء.
2- إلى جانب هذه الطقوس والعبادات واجب على كل مسلم الجهاد في سبيل الله وهذا يعني أن يجعل كل البشر على وجه الأرض مسلمين.
هكذا نفهم من مبدأ الجهاد مع اعتذارنا للعلماء والمشايخ إذا كنا مخطئين في تفسيرنا لأننا لا ندعي أننا أهل للاجتهاد والتفسير. فإذا كنا فيما فسرناه صحيحاً عن مبدأ الجهاد فهذا يعني أننا سنحارب العالم أجمع وتلك هي الخطورة. وقد ينقلب العالم كله ضدنا ولا نملك من القوة لا مادياً ولا معنوياً وقد نجر على أنفسنا الويلات والكوارث. إن السلاح الوحيد الذي نملكه هو الإيمان والإرهاب.
والسؤال: هل فعلاً بالإيمان والإرهاب سيذهب الناس إلى الجنة؟ ولهذا نرى في الممارسة العملية لا يتحالف التيار الديني مع أية قوة أخرى. سواء أكانت قومية أو اشتراكية أو ليبرالية أو ديمقراطية. لأنه يعتبر كل هؤلاء كفار وخارجون عن دين الجماعة.
إنهم فقط يعترفون بوحدة المؤمنين وكل واحد لا يؤمن بما أنزل الله في القرآن الكريم فهو كافر. والتيار الديني يريد من الناس أن لا يحلموا بجنة الأرض. بل بجنة السماء، فالذي لا يحلم بجنة السماء ولا يعمل بالجهاد من أجلها فهو كافر.
ولكن لدى الاطلاع على مسار التاريخ منذ ألف وأربعمائة عام منذ أن تحول الإسلام من عقيدة إيمانية وتحوله إلى سياسة وتشكيل دولة بدءاً بالدولة الأموية والعباسية والعثمانية وانتهاءاً بالفارسي والسعودي والسوداني والطالباني والصدامي. هل فعلاً كان الحكام السياسيون وكل أطقمهم في الحكم كانوا لا يأكلون ويلبسون ويسكنون المساكن الجيدة.. سؤال نطرحه للمؤرخين كي يجيبوا عليها.
ب‌- التيار القومي في الشرق الأوسط:
ظهر هذا التيار بعد انهيار الامبراطورية العثمانية التي كانت قائمة على فلسفة الدين هدفها ارسال الناس إلى جنة السماء.
لقد تأثر هذا التيار القومي بالتيار الغربي القومي الذي تخلى عن جنة السماء وعمل من أجل جنة الأرض فكان ما أراد, واراد التيار القومي في الشرق الأوسط أن يأخذ من التيار القومي الغربي فلسفته ولكنه اختلف معه في ممارسة سياسة مخالفاً للتيار القومي الغربي تماماً. لقد كان هدف التيار القومي في الغرب تحقيق جنة في الأرض ولكن في ظل نظام ديمقراطي أما التيار القومي في الشرق الأوسط فأراد أن يحقق للناس جنة الأرض ولكن في ظل نظام ديكتاتوري قمعي مستبد (فلا جنة السماء تحققت و لا جنة الأرض تحققت)
جـ- التيار الماركسي:
ظهر هذا التيار بعد نجاح الثورة البلشفية في روسيا وشكلت امبراطورية سميت بالاتحاد السوفيتي.
تقوم فلسفة هذا التيار على تحقيق جنة الأرض بالقوة وأعطت دور قيادة تحقيق هذا الهدف للطبقة العاملة.
قسم هذا التيار بفلسفته البشر إلى طبقتين. الأولى مالكة لوسائل الأنتاج وسميت بالبرجوازية وهم الأشرار كما يسميه التيار الديني بالكفار ولهم جهنم الأرض. والثانية محرومة من ملكية وسائل الانتاج وسميت بالبرولتاريا وهم الأخيار أو المؤمنون ولهم جنة الأرض. أما نظامه السياسي هي ديكتاتورية البرولتاريا.
لم يصل هذا التيار إلى السلطة السياسية في الشرق الأوسط وانتهى بانتهاء الاتحاد السوفيتي وبقيت حلم جنة الأرض.
د - التيار الليبرالي:
تتألف فلسفة هذا التيار من كلمتين وهما الإنسان والحرية ولا مكان لأي أديولوجية في فلسفة هذا التيار.
شعاره الأساسي (دعه يعمل دعه يتنقل).
النظام السياسي الوحيد الذي يتوافق مع هذا التيار هو النظام الديمقراطي, بدون نظام سياسي ديمقراطي لا يمكن أن تكون هناك ليبرالية وبالتالي لا يمكن أن يكون هناك إنسان حر في الشرق الأوسط.
ولما لم يقم أي نظام ديمقراطي في الشرق الأوسط لذلك لا يمكن التكلم عن الليبرالية وتحقيق جنة الأرض.
الصحوة الإيمانية للتيار الديني. والدعوة إلى جنة السماء مرة ثانية:
نتيجة فشل التيار القومي والماركسي في تحقيق جنة الأرض وسيطرة حالة اليأس والإحباط على شعوب الشرق الأوسط. ظهرت صحوة إيمانية جديدة للتيار الديني وطرح مرة أخرى سياسة إقناع الناس بأن يتخلوا عن جنة الأرض الفاسدة وليعملوا من أجل جنة السماء. وإن ما أصاب البشر في الشرق الأوسط من يأس وإحباط وفقر وتخلف هو تخليهم عن الجهاد في سبيل جنة السماء ورجعوا بالتاريخ إلى الوراء ألف وأربعمائة سنة قائلين للناس, انظروا واقرؤوا عن تاريخ الأجداد كيف أقاموا الحضارة ووصل سلطانهم من حدود الصين شرقاً إلى الأندلس غرباً. لقد فعلوا هذا لسبب بسيط هو ايمانهم بجنة السماء وحملوا لواء الجهاد وكان لهم ما أرادوا. فلماذا لا نكون مثلهم ونعيد الكرة مرة ثانية وظهر من هذا التيار ذو الصحوة الإيمانية الجديدة نظم سياسية جديدة في أفغانستان والسودان وإيران وفي فلسطين غزة.
لقد غرق هذا التيار الجزائر والعراق في بحر من الدم لقد أزيل النظام الأفغاني والعراقي وجاء دور الإيراني والغزاوي في فلسطين. فلا جنة السماء تحققت.
وأخيراً يمكننا أن نوجز الفرق بين التيارات الأربعة بالنسبة للإنسان على الأرض على الشكل التالي:
1- لا مكان للحرية للإنسان في التيار الديني والقومي والماركسي, الإنسان فرد في قطيع.
2- التيار الليبرالي يعطي الإنسان المأكل والملبس والمسكن والحرية معاًُ, فلا حرية بدون مأكل وملبس ومسكن جيد للإنسان ولا مأكل وملبس ومسكن جيد بدون حرية.
الإنسان في النظام الليبرالي فرد مسؤول عن تقرير مصيره ولا تقبل الليبرالية أن يكون الإنسان فرداً في قطيع.
3- النظام السياسي الوحيد الذي يتلائم مع التيارات الثلاثة الديني والقومي والماركسي هو الديكتاتورية.
4- والنظام الوحيد الذي يتلائم مع الليبرالية هو النظام السياسي الديمقراطي.
5- يمنح حقوق المواطنة في التيار الديني للمؤمن وفي التيار القومي على أساس قومي وفي التيار الماركسي للطبقة لا مكان للحق الإنساني الحر في هذه التيارات الثلاثة.
6- أما حقوق المواطنة في التيار اليبرالي فهو حق انساني حر كونه انسان بصرف النظر عن دينه ولونه ومذهبه وجنسه وطائفته.
أخي العربي والفارسي والتركي والكردي وكل فرد من الأقليات المتعايشة معنا في الشرق الأوسط.
لقد قمنا بواجبنا الإنساني من خلال أقلامنا وشرحنا لكم ما نراه مناسباً محاولين إنارة الطريق أمامكم وحاولنا أن نكون صادقين على كلمة الحق والحقيقة.
فاختر ما يناسبك في أن تعيش بجنة الأرض أو جنة السماء وانت حر في اختيارك وتحمل مسؤوليتك. تزود بالوعي والمعرفة واعلم أن التاريخ لا يرحم الجهلاء والمغفلين ونأمل أن نكون قد أدينا واجبنا التنويري في انارة الطريق أمام شعوبنا في الشرق الأوسط.
4- حرب غزة والعبرة منها:
نشبت حرب غزة في كانون الثاني عام 2009م بين قوتين غير متكافئتين القوة الأولى اسرائيل لها كل التكنولوجيا العسكرية العصرية والقوة الثانية حماس منظمة سياسية غير معترف بها دولياً واعلنت نفسها بطريقة غير شرعية إمارة إسلامية.
وكانت الضحية الشعب الفلسطيني في غزة.
وبصرف النظر لماذا حدثت هذه الحرب.... ومن المعتدي ومن المعتدى عليه.... وجذور المشكلة.
إن الذي يهمنا ونحن كبشر لنا قلوب وعواطف إنسانية ولابد أن يكون لنا موقف اتجاه الإنسانية والحرية وانتهاك حقوق الإنسان هذه القيم التي أصبحت قيم كونية يجب احترامها أين ما كانت على سطح الكرة الأرضية.
وكل انتهاك لهذه القيم يجب على كل انسان مهما يكن مكانه أن يستنكر هذه الانتهاكات لأن الحرية واحدة لا تتجزأ في عالم اليوم وكل تغاطي عن انتهاك الحرية يعني الكارثة.
لقد ذبح الشعب الفسطيني في غزة وانتهكت حريته وكرامته الانسانية نتيجة لصراع أيديولوجي وسياسي متخلف تجاوزه التاريخ وكانت الضحية الشعب الفلسطيني في غزة.
إن الصور الفظيعة التي نشرتها وسائل الإعلام من قتل وتدمير أثارت الرأي العالمي المشبع بثقافة البيان العالمي لحقوق الانسان.
مما أجبر السياسيين أن يتحركوا لإطفاء هذا الحريق. ولكن البعض من السياسين الذين تحركوا كانت ورائهم أجندة خاصة ولغاية بنفس يعقوب. مما تسبب في تعقيد المشكلة أكثر فأكثر قد يسبب في تفجير الوضع مرة ثانية ويكون الضحية الشعب الفلسطيني وهنا نورد مثالين على ذلك:
1- أردوغان المسلم الأب العطوف يتوسط.
2- أحمد نجاتي الأخ المسلم الثوري الغيور.
1- أردوغان المسلم الأب العطوف يتوسط:
وأخيراً (تكلم بدري وانشرح صدري) لقد قال بعد قيامه بجولته المكوكية بين القاهرة ودمشق واسرائيل وعمان والحرب مشتعلة (انما يحدث في غزة مخالف لكل القيم الدبلوماسية والإنسانية والأخلاقية) حقاً انها كلمات رائعة صادرة من أب مسلم عطوف ويذرف دموع التماسيح على الإنسانية المقهورة في غزة.
والسؤال الذي يفرض علينا أن نسأله, ففي الوقت الذي كان أردوغان يقول هذه الكلمات الرائعة كانت طائراته تقصف القرى الكردية بالآلاف من القنابل المدمرة وتسبب في تهجير الألوف من الأكراد من سكناهم وقراهم ويلتجؤون إلى الجبال التي تكسوها الثلوج شيوخاً ونساءاً وأطفالاً. لقد نسي أردوغان الأب العطوف المسلم الإسلام والقرآن تماماً لقوله تعالى في كتابه العزيز من سورة البقرة الأية (44) (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ).
ولا بد من أن نتبع السؤال بسؤال آخر ترى هل كانت وساطة أردوغان بريئة لوجه الله والإنسانية أم لغاية في نفس يعقوب؟
2- أحمد نجاتي الأخ المسلم الثوري الغيور:
إن موقف أحمد نجاتي يشبه من يقتل القتيل ثم يمشي بجنازته. فمنذ أن تسلم أحمد نجاتي كرسي الرئاسة وهو يطلق التصريحات النارية وهو يصب الزيت على النار, يوعد ويتوعد بإزالة اسرائيل من الوجود ولم يكتفي بهذا بل راح يقدم المال والبارود لإشعال النار. وفعلاً أشعل النار لحربين 1- نار في لبنان. 2- نار في غزة فلسطين.
الأولى نار في لبنان والثانية نار في غزة فلسطين. فاستبشر الناس في الشرق الأوسط بازالة اسرائيل من الوجود. وبدأت أنظار شعوب الشرق الأوسط تتجه نحو ايران لترى كيف ستنطلق صواريخ أحمد نجاتي لإزالة اسرائيل. ثم انطفأت نار لبنان وكاد لهيب هذه النار أن تدفع بكامل الشعب اللبناني إلى الهجرة.
ثم اشعل النار مرة أخرى في غزة فلسطين ومرة أخرى اتجهت أنظار الناس إلى ايران لكي تطلق صواريخ أحمد نجاتي الذي وعد بإزالة اسرائيل ومرَّ يوم ويومان وعشرة وثمانية عشر يوم ثم اثنان وعشرين يوماً ولم تنطلق الصواريخ الموعودة والشعب الفلسطيني في غزة يذبح من الوريد حتى الوريد.
والشعب الغزاوي المسكين البحر ورائه والعدو من أمامه وإلى شماله وجنوبه ووسائل الإعلام تنشر صور رهيبة عن قتل الأطفال والشيوخ والدمار والخراب. والشعب الغزاوي يصرخ ويستغيث, ولا أحد من منقذ ومجيب وتحت ضغط الرأي العام العالمي وانصار حقوق الإنسان توقفت الحرب.
وأطفئت النار لتتحول إلى تحت الرماد. ومن الممكن أن تظهر إلى السطح عند هبوب أي موجة من الرياح لتشتعل النار من جديد.
وراح كل واحد يعلن نفسه بطلاً منتصراً على الشعب الغزاوي المذبوح. والسؤال:
ترى إلى متى يلعب السياسيون لعبة التضحية بالشعوب لحساب الأمجاد الشخصية الفارغة التي لا معنى لها في تاريخ اليوم؟؟؟.
5- رأي طريق الحقيقة في الحل:
من الناحية السياسية لا يمكن تحقيق حلم شعوب الشرق الأوسط في النظام السياسي الديمقراطي اذا لم يتحقق التالي:
1- اذا لم تقر وتعترف تركيا بحق الشعب الكردي في تركيا.
2- اذا لم تقر وتعترف ايران بحقوق الشعوب في ايران بالأكراد والعرب والبلوش والأزرين.
3- اذا لم تقر وتعترف مصر بحقوق الأقباط.
4- اذا لم تقر وتعترف السودان بحقوق الجنوبين والدارفوريين.
5- واذا لم تقر وتعترف الجزائر بحق الشعب الأمازيغي.
6- وذا لم تقر وتعترف الدول الخليجية بحق المشاركة السياسية للشيعة.
من الناحية الحقوقية اذا لم تحل مشكلة حقوق المواطنة وتقر الحقوق على أساس فلسفة حقوق الإنسان. حق الإنسان كونه انسان بدلاً من الحق القومي أو الديني أو المذهبي.
فإذا اقيمت نظم ديمقراطية وأقيمت حقوق المواطنة على أساس فلسفة حقوق الإنسان في الشرق الأوسط سيحل فيه الأمن والسلام في الشرق الأوسط وسيحظى كل انسان في هذه المنطقة من العالم من المأكل والملبس والمسكن والحرية الجيدة. واذا لم تتحقق النظم الديمقراطية ولا تسن حقوق المواطنة على أساس فلسفة حقوق الإنسان فإن قيام يوم القيامة في الشرق الأوسط بات قريباً.
إن ما نسمعه من عنتريات وخطب طنانه بأن له فضل في اطفاء الحريق والانتصار ليس سوى وهم وخداع وتضليل.
ونحن نحذر ثانية أن الآتي سيكون أعظم بلاءً وكارثية على منطقة الشرق الأوسط والعاقل من يدرك قبل فوات الأوان وعندها لا ينفع الندم.
وختاماً نقول لكم أيها القراء الكرام نحترم كل رأي مخالف لما قلناه وكتبناه لأننا لا نملك الحقيقة كاملة بل جزءاً منها. وهذا ما عبرناه في هذه الحلقة ودمتم....

حلب في محمد تومه
10/2/2009 أبو إلياس



#محمد_تومه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد تومه - مكر التاريخ علم أم خرافة