أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - خضر كنعان - الحكم في الاردن: بعض الملاحظات على السلوك السياسي!















المزيد.....

الحكم في الاردن: بعض الملاحظات على السلوك السياسي!


خضر كنعان

الحوار المتمدن-العدد: 786 - 2004 / 3 / 27 - 10:24
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


بات من الظاهر انه عندما يتجشم احد الانظمة العربية عناء الدفاع عن قضية من قضايا الامة، و بغض النظر عن الاسباب، فإن تصديه لها غالبا ما يكون اعلاميا بدون اي آلية عملية و بدون أي تغيير فعلي على الارض؛ و ما أن تبدأ الضغوط الخارجية بالتهاوي عليه حتى يتم التراجع، لكن هذا التراجع لا يقبله الطرف الآخر إلا إذا كان مصحوبا بخطوات عملية على الارض "لإثبات حسن النية!"، بل إنه قد يتساهل مع البلاغات لفظية التي قد يكون قد ثارت ثائرته بسببها بالاصل! إن الحكم الاردني يمثل انموذجا للدرس و التفكر..يحسده عليه العديد من الانظمة الاخرى في المنطقة و العالم، و لنأخذ على سبيل المثال قضية الجدار العازل الصهيوني.



وصلت الحملة الاردنية الرسمية ضد الجدار العازل ذروتها مع تصريح الناطق بإسم وفد الحكومة الاردنية للمحكمة الدولية يوم 24 شباط حيث ختم مرافعته بالتأكيد على ان الجدار العازل يعتبر" تهديداً لأمن الأردن." و في اليوم التالي عاد رئيس الحكومة فيصل الفايز، إلى تكرار ذات التصريح و بزهو بالغ امام البرلمان مستطردا: " ان في الاردن رجالا سيدافعون عن وطنهم بكل شراسة في مواجهة التهجير و التوطين.." ليجابه "بتصفيق" و" تثمين" اعضاء البرلمان الاردني لموقف الحكومة "الحازم بشأن الجدار!"، جاء هذا اللقاء الحار بين مجلس النواب و الحكومة قبل ان يتناهي إلى سمع الاخيرة، على ما يبدو، خبر القرصنة الاسرائيلية لأربعة فروع لبنوك في الضفة الغربية بينها ثلاث فروع لبنوك مسجلة في الاردن؛ فرع بنك القاهرة عمان وفرعان للبنك العربي، و سرقة ما يقرب التسعة ملايين دولار إلى جانب العديد من الوثائق المالية و البيانات البنكية المبرمجة بحوزة البنوك المذكورة،



بات معروفا عندها ان هذه القرصنة الاسرائيلية موجهة بالاساس للحكم الاردني وجاءت بعد أقل من يوم واحد على تصريح مندوب حكومة الاردن اعلاه امام المحكمة الدولية، فهي على الجانب الفلسطيني لا تمثل ضربة فارقة امام ما يتعرض ابناء الشعب العربي الفلسطيني الرازحين تحت الاحتلال من آلاف القتلى و الاغتيالات وعشرات آلاف من الجرحى و الاسرى.. مثل هذه القرصنة لا تسجل عاليا على سلم الاجرام الصهيوني تجاه شعبنا العربي الفلسطيني- وهذا ليس للتقليل من شأن طابعها الاجرامي بل لكي ندرك معا الفروق التي قد تساعد في فهم ما آلت اليه الامور، و سنعود لذلك لاحقا- و خصوصا ان اموال المودعين في هذه البنوك لاتزال مصانة بحسب قوانين التعاملات البنكية، وهذا ما اشار إليه الناطق العسكري الصهيوني الذي علق على أن هدف العملية هو تأخير وصول هذه الحوالات إلى اصحابها حيث استخدم الفعل الانجليزي ( to impede )!! يعني في اسوأ الاحوال فإن نتائجها بالنسبة لشعبنا في فلسطين: " بالمال و لا بالعيال!"





على جانب حكومة الكيان الصهوني؛ فقد جرى هندسة فركة الاذن هذه للحكم الاردني بشكل حاذق و فعَال، من الناحية السياسية فقد اختارت حكومة الكيان ان لا يتم هذا الاعتداء على ارض الاردن على شاكلة عملية اغتيال خالد مشعل الفاشلة في عمان 1997 ابان حكومة نتنياهو، و لكن نأت بنفسها عن هذا الخيار ليس لأنها تحترم الاردن او ترعى حدوده و حرماته، بل لإن نضال الشعب الفلسطيني الباسل و التشهير بالسياسة الصهيونية العنصرية و استمرار الانتفاضة و ما حشدته من ضغط عالمي و أخيرا عرض قضية الجدار العازل في المحكمة الدولية، لهذا فهي لا تريد توسع ساحة ازمتها إلى الاردن بمغامرة متغطرسة من نوع فاضح تفاقم عزلتها العالمية و العربية، و خصوصا مع طرف تدخل "اتفاقياتها السلمية" معه عامها العاشر أو تكاد.





وتأتي هذه الضربة في وقت عصيب ضد عصب الاقتصاد الخدمي الذي جرى اعادة هيكلة البلاد و العباد لخدمته في الاردن و خدمة اسياده في المؤسسات المالية الدولية و بالذات صندوق النقد الدولي و البنك الدولي بدرجة اخرى، وهي ضربة ترهق الجهاز المصرفي الذي ما زال يتعافي من فضائح الفساد التي كان احد "ابطالها" مدير جهاز المخابرات السابق في الاردن "البطيخي". و مما يفاقم ازمة علاقة السلطة مع هذا القطاع مؤخرا هو سياسة ربط الدينار الاردني بالدولار حيث يستمر الاخير في تراجعه امام العملات الاخرى وبالذات اليورو، عملة الشريك التجاري الاساس مع الاردن، عمليا اصبح هذا الربط بمثابة شكل مقنع من سياسة تعويم الدينار أو تعويم من خلال وسيط، هكذا فإن مخاطر الاعتداء الصهيوني على البنوك الاردنية العاملة في فلسطين و زعزة الثقة بها له ما لا يحمد عقباه اقتساديا، إذ أن هناك نحو 39 فرعا لبنوك اردنية عاملة في فلسطين تزيد مجموع رساميلها عن 130 مليون دينار و تحتفظ بودائع بالدينار و الدولار تتجاوز 1.9 مليار دينار. فهروب هذه الارصدة من الدينار إلى عملات اخرى يمثل كابوسا حقيقيا لمهندسي السياسة المالية في الاردن، هذا ناهيك عن التبعات السياسية في حالة أي انهيار مالي على علاقة الحكم الاردني بمستقبل الوضع في فلسطين و التسوية و الذي تعتبر المسألة الماليةالاقتصادية احد الروافع الهامة فيه.



و منذ اللحظات الاولى كان توقيت الاعتداء و تبعاته واضحين للحكم في الاردن، ففهم الرسالة على الفور وغاب رئيس الحكومة المتبجح قبيل ساعات "بشراسته في الدفاع عن مصالح الاردن" عن مسرح الرد، و جاء بيان وزارة الخارجية الاردنية بلغة مهذبة يغلبها عبارات "ان الاردن تابع ببالغ القلق و الاستغراب الاجراءات التي قامت بها القوات الاسرائيلية باقتحامها فروع لبنوك اردنية عاملة في فلسطين، "4 و هكذا يقترن "القلق" " بالاستغراب" فتأخذ المتابعة طابع القلق حينا و الاستغراب حينا آخر، وقد يجتمعان وهنا الهول.. ! منذ ذلك الحين و سجل تعاطي الحكومة مع الموقف عبارة عن سلسلة من التراجعات السياسية هدفها، بالتأكيد ، اعادة بناء جسور الثقة مع دولة الكيان الصهيوني خصوصا بعد تعاطيها المجحف مع قضية من قضاياه المصيرية " كالجدار العازل" مثلا!! و تحولت على الفور لغة تناول الاعتداء الصهيوني المتغطرس هذا، الذي اعربت دولة مثل الولايات المتحدة الاميريكية عن امتعاضها منه، بالمناسبة، إلا أن الحكم الاردني آثر على نفسه ان لا ينجر مرة اخرى حول اوهام التململ و الامتعاض الاميريكيين من السياسة الاسرائيلية!! فاصبح تناول الموضوع يتم كمسألة قانونية مالية اجرائية سوف يبت فيها "القضاء الاسرائيلي" و لاحظ هنا الانتقال من المحكمة الدولية في الصباح إلى "القضاء الاسرئيلي" قبل الظهيرة!! و هذا بالتحديد ما نصح به الناطق باسم الحكومة الاسرائيلية في تعليقة على الاعتداء، حيث طالب "المتضررين بمراجعة القضاء الاسرائيلي؛" و تركت جل التعليقات على الموقف لمحافظ البنك المركزي الاردني الذي هب مدافعا عن:" البنوك الاردنية العاملة في فلسطين معروفة بسمعتها غير القابلة للتشكيك موضحا ان تعليمات مشددة تلتزم بها في عملياتها التي تمتاز بالدقة فيما يتعلق بالحوالات و مصادرها و المحددة و المتابعة برقابة و بأنظمة صادرة عن البنك المركزي و بعدها عن أي شبهات" وأي شبهات!!



وفي هذا السياق المتهابط، لا يكتفى بالتصريحات و أفانيين العلاقات العامة التي يمارس الحكم فيها ترويض المعارضة الداخلية و استيعابها بالعادة، بل يجب ان ترافقها الافعال "التطبيعية" على الارض، فبعد اقل من اسبوعين على هذه الأزمة جرى الاعلان عن افتتاح "مركز الابحاث المشترك الاسرائيلي-الاردني" في الاغوار، وهنا ثارت ثائرة بعض الاعضاء في مجلس النواب، و بالذات القوى الاسلامية و طالبوا باستقالة ثلاث وزراء شاركوا في حفل افتتاح هذا المركز، و لكن تم "تجاوز المحنة " و استمر الوزراء على مقاعدهم، و بينما كانت الامور لا تزال في طور التهدئة حتي اعلنت الاذاعة الاسرائيلية يوم 18 آذار عن زيارة الملك عبدالله لشارون و اجتماعه معه لساعات تخللها تناول طعام الغداء في مزرعنه الخاصة. و هكذا و في اقل من شهر تم هذا الانتقال تمت هذه الانعطافة الفارقة!



و بعد زيارة ملك الاردن عبدالله، بيومين تمت جريمة اغتيال الشيخ المجاهد احمد ياسين ، تصاعدت موجة الغضب ضد هذه الجريمة النكراس كل عواصم العالم، توالت الادانات من الامم المتحدة إلى الاتحاد الاوروبي، كان الحكم من اوائل الذين ادانوا الجريمة النكراء بكافة ابعادها، و ارتجلت جلسة خاصة من قبل نائب رئيس الوزراء للوقوف على افضال الراحل و مآثره، استدعيت فيها كل فنون الخطابة و البلاغة و حالات التأثر و بلغت القلوب الحناجر، و الفاتحة و صلاة الغائب..و لكن بدون أي خطوة عملية على الارض، كتجميد مشرع مركز الابحاث المذكور، أو اغلاق السفارة، او غيره من الخطوات المشروعة في ظل هذا التصعيد المتواصل، و حجم الاستنكار التي تنضح به بيانات الحكم ذاتها ضد هذه الجريمة النكراء، بإنتظار أن تنقذه "حماس" من خلال عمل ثأري ما، يهدئ الخواطر و يخرج هذه الانظمة من حالة الحرج التي هي فيه، قبل ان تطول حالة الدلال التي مدتها السلطة للمعارضة مجاراة لمشاعر الحركة الاسلامية في الاردن فيصبح الحكم عندها كبالع الموسى!



#خضر_كنعان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - خضر كنعان - الحكم في الاردن: بعض الملاحظات على السلوك السياسي!