أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسام مطلق - ردا على اسعد الديري : العلمانية بين العقل الديكارتي والحيوي















المزيد.....

ردا على اسعد الديري : العلمانية بين العقل الديكارتي والحيوي


حسام مطلق

الحوار المتمدن-العدد: 2561 - 2009 / 2 / 18 - 09:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المقال المدرج ادناه هو رد على مقال نشر على صفحات جريدة النور الناطقة باسم الحزب الشيوعي السوري وكان يفترض ان ينشر هناك ولكن يبدو ان صاحب محل الانترنيت مرر نسخة منه " لجهة ما " حين طلبت منه عمل برينت اوت كي اقدمها للشخص الذي جمعتني به " الصدفة " ليكون وسيط الرد على المقال. على ما يبدو, ومنعا للاحراج, وحيث ان الرد لم يناسب خاطر تلك " الجهة " فإن الشخص الوسيط اختفى. ليس على طريقة من سال عبد الناصر عن عوائد قناة السويس ولكن ببساطة لم تعد " الصدفة " تجمعني به, من هنا, وحيث ان الحوار المتمدن هو الملجأ حين تغلق باقي الابواب فإنني استأذن المحرر الكريم في ممارسة حقي بالرد عبد صفحاته.


العلمانية بين العقل الديكارتي والحيوي

ردا على مقال اسعد الديري " العلمانية ... نشأتها ونتائج تطبيقها ".



في مقاله " العلمانية ... نشأتها ونتائج تطبيقها " قدم لنا الاستاذ أسعد الديري عرضا شيقا بيد أنه انتهى الى الوقوع فيما سوف اسميه " الفخ السائد " في معالجة الموضوع. كيما يكون القراء اللذين لم يتسنى لهم الوقوف على المقال معنا أورد هنا نقلا حرفيا للسطور الأخيرة منه " ...ولكن بالرغم من الإيجابيات فإن مشكلة الإنسان الروحية ماتزال قائمة, والخواء الروحي ينتشر في الغرب على نطاق واسع. فالتقدم على المستوى المادي لا يكفي كي يعيش الإنسان في طمأنينة التي يتطلع إليها. لذلك نجد الكثير من المفكرين والعلماء ما زالوا يبحثون في الطرق التي تحقق التوازن بين النمو المادي والنمو القيمي والأخلاقي والروحي. هذا التوازن الذي لم تستطع تطبيقات العلمانية تحقيقه حتى الآن...." .

سوف اناقش النقاط التالية : 1- القضية الروحية في ظل العلمانية. 2- التقدم العلمي في ظل العلمانية لا يكفي كي يعيش الانسان في طمآنينة. 3- هل هناك خلل بين النمو المادي والاخلاقي حقا في العلمانية وهل فعلا فشلت العلمانية في خلق هذا التوازن؟.

أولا القضية الروحية في ظل العلمانية : بداية انه ما من تصادم بين الدين, كممارسة فردية, وبين العلمانية كنظام لإدارة الدولة وذلك استنادا لكلمات الكاتب نفسها التي افتتح بها المقال " ... هي ليست مذهبا فلسفيا بل مذهب قانوني سياسي بمقتضاه يتم فصل الدين عن الدولة ...". أما من اين ياتي الصدام بين العلمانية والدين فهنا اود ان الجأ الى المثال الاسقاطي لانه الاقدر على نقل الحالة الشعورية.

لنقل أن الولايات المتحدة الأميركية بعهد اوباما قررت ان تحقق السلام. دعت سوريا واسرائيل الى طاولة المفاوضات ثم قال الوسيط الاميركي قبل غياب الشمس يجب ان يخرج المفاوضون الى العالم باتفاق سلام, هذه ارادة سلام لا احد يشكك بها, ولكن هل المطلوب هو ان تقرر الولايات المتحدة ان تحقق السلام, ام المطلوب ان تستكمل الشروط الموضوعية لتحقق السلام؟. لاشك ان مثل هذه الممارسة, اقصد الضغط المادي قد وقعت اكثر من مرة وعلى اكثر من طرف عربي, ليس اخرها ما تعرض له الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. السلام لايمكن ان يتحقق الا بشروط موضوعية اولها انسحاب اسرائيل من الاراضي العربية المحتلة وقيام دولة للفلسطينيين بظروف مناسبة تحفظ لهم كرامتهم كشعب. وكذلك العلاقة بين العلمانية والدين. نعم ان التعايش بين العلمانية والدين ممكن جدا ولكن لابد قبل كل شيء ان ينسحب الدين من الارض التي احتلها, من المساحات الثقافية والوجدانية التي سيطر عليها فاعاق قدرة المجتمع على النهوض والبناء. قبل ان يتحقق الانسحاب فإن المقاومة فعل مشروع, بغض النظر عن الادوات التي تستخدمها. اي كما ان نشاط حزب الله وحماس وغيرها من الفصائل المقاومة للهيمنة الاسرائيلية هي فعل مبارك في الضمير الحر, فإن مقاومة الدين كي يعود الى المسجد والكنيسة هي فعل مبارك ومحق.

ثانيا : هل فعلا التقدم العلمي لا يكفي كي يعيش الانسان في طمآنينية ؟.

لست ادري من اين استقى الكاتب الكريم فكرته هذه ولكنني اعرض بعض الحقائق واترك للقراء الكرام ان يحكموا.

1- الدول الاسكندنافية حققت اقل معدل للجريمة في العالم خلال العشر سنوات الماضية قياسا بعدد السكان رغم ان العقوبة القصوى لديها لا تتجاوز الـ " 15 " سنة تقسم الى ثلاث حصص : مدة كاملة, ثم افراج مشروط, ثم وقف تنفيذ للعقوبة في الجزء الثالث من المدة.

2- الدخل المادي الذي حققته تلك الدول كان من الاعلى بين شعوب العالم رغم محدودية مواردها الطبيعية, على الاقل قياسا بالدول الخليجية الاكثر تمسكا بالدين.

3- معدل الأعمار يرتفع في تلك الدول بما يزيد عن عقدين قياسا بدولنا الشرق أوسطية.

4- تلك الدول هي الاعلى في الترتيب من حيث النزاهة وكفاءة الموظفين الحكوميين.

5- الإنتاجية لدى العمال فيها تعادل بين ثلاث وست مرات انتاجية العامل في الشرق الأوسط.

والشواهد عموما تتطلب اكثر من هذه الوقفة ولكن اعتقد ان الفكرة وصلت, فلايمكن لتلك المجتمعات ان تحقق هذه المدنية, خصوصا في نقطة انخفاض معدل الجريمة, ما لم تكن البنية النفسية للمواطنيين فيها " مطمأنة ومسالمة ".

ثالثا هل هناك فعلا خلل بين النمو المادي والاخلاقي في العلمانية

بداية نحن بحاجة الى ان نعرف الاخلاق, وكيما نعرف الاخلاق لابد لنا من ان نراجع اللغة, فهي الوسيط الذي سوف يحمل لنا الفكرة, واذكر هنا بنظرية هيغل عن الحامل الخاطىء للحقيقة ودوره في تشويه المعنى.

هنا استعير كلمات للبروفيسور حبيب عبد الرب سرور وهو استاذ قسم الهندسة الرياضية في جامعة روان فرنسا

" ...ما يحبطك عن الاستغراق في هذه التساؤلات أو حتى مغازلتها قليلا هو الاجماع العام في كل أرجاء محيطك بوجود فاعل خارجي ... اللغة حافلة بذكر الفاعل الغيبي والاحتفاء به... أنت تواجه منظومة من الفيروسات الثقافية الفاعلة ... أنت ضحية مؤامرة ذهنية مشروعة حصيفة ازدادت نجاحا واحكاما قرنا بعد قرن...". وسوف اضيف إلى كلمات البروفيسور سرور " الغدر الذي يقابلك به العلمانيون في مجتمعاتنا ".



بعد ان نكون قد سلمنا بان اللغة التي نتداولها لا تسمح لنا بان نضع تعريفا حقيقيا للاخلاق بدون ان نقيد بما هو ديني اصلا فدعوني اقول ان الاخلاق هي ما توافق عليه الناس حفظا لمصالحهم واستقرار علاقاتهم وبقائهم. فمثلا ان تكون هناك فتاة بدون " بوي فريند " في السويد فهذا يدفع الاب قبل اي شخص اخر كي يسهل لابنته الإلتقاء بشاب لان المجتمع توافق هناك على ان العلاقات العاطفية ضرورة من ضرورات الاستقرار النفسي, وان الاستقرار النفسي شرط اساسي لتحقيق " الطمأنينة " وتاليا الانتاجية, التي بدورها ما يحقق الرفاه. أما كيف ينعكس هذا على الواقع؟. فيكفي ان اذكر بآلاف العراقيين اللذين استضافتهم السويد وقدمت لهم مساكن, ومرتبات, وتأمين طبي, وبدلات اجتماعية, وغيرها من شروط الحياة الكريمة, رغم غياب الرابط القومي او الديني, فماذا نسمي التصرف السويدي : غباء؟. لاشك ان محرك الدولة السويدية هو الاخلاق الجمعية التي تجد الحكومة نفسها محاصرة بها نزولا عند ميل العامة من الناس, فلا احد يرغب بالانفاق من ماله الخاص, ولا احد بالغباء الذي لايدرك معه ان تلك الاموال يمكن ان تسهم بشكل او اخر في حل مشاكل, او في تحقيق مزيد من الرفاهية للمواطن السويدي, ولكن الواجب الاخلاقي هو ما دفع كي تنفق على العراقي لا على السويدي. دعونا نقارن هذا السلوك بالسلوك الالتفافي الذي قوبل به العراقيون في معظم البلدان العربية حين حملوا ظلما مسؤولية فشل الاقتصاد وارتفاع الاسعار الناتج عن دخول اعداد كبيرة منهم الى دول الجوار. اذن ليس هناك في الحقيقة اي تناقض بين العلماينة والأخلاق, المشكلة في " من اين نستمد وعينا للاخلاق, وباي مفردات نحدد ماهيتها ".

كي لا ابقى في حدود اقرار او رفض ما تفضل به الاستاذ الديري فدعوني اقدم جملة اقتراحات في الطريق نحو العلمانية. بداية لابد وان تكون كرامة الانسان هي معيارنا في صحة او خطا الوسيلة, ولا اعتقد ان حرمان المواطن من ان يكون اسرته وفقا للمعتقد الذي يراه مناسبا, وبعيدا عن قسرية الطائفة, كاحد انماط تعدي الدين على الفرد, يعكس احتراما للكرامة. فالزواج المدني وقوانين الاحوال الشخصية غانيك عن بعض التقيدات الاخرى انما تشكل باستمرار تطبيقها امتهانا لحق الحرية الفردية. لذا نحن بحاجة الى ان ندفع الأفكار الى اقصاها, بما فيها الصدامية مع الدين, فحياد الانسان ازاء ما يراه صوابا أو خطأ هو في حقيقته مساو لتأيده للخطأ وهو تاليا سقوط أخلاقي مدوي, فكما اسلفت لابد وان يترك الدين نفوذه في الكوفي شوب والشارع والمدرسة والإجازات السنوية وغيرها من الممارسات ويعود الى قواعده في المسجد والكنيسة. ولتحقيق ذلك بموضوعية نحن بحاجة الى أن نغادر العقل الديكارتي القائم على الاقتصار على فهم المنظومات مكانيكيا والانتقال الى التحليل الحيوي للمجتمع, واقصد هنا الا نتحدث عن واقع المجتمع وكيف يسير, بل من أين استمد المجتمع واقعه هذا والى اي طريق يجب ان ندفعه. فليس المطلوب ان نفهم المجتمع بل المطلوب ان نغيره. لاننا بواقع الارقام من اكثر شعوب الارض تخلفا وفي أكثر من مضمار. ولتحقيق هذا, اقصد الانتقال خطوة نحو العلمانية, أدعو الى التالي :

1- وقف تدريس المادة الدينية في المدارس او على اقل تقدير تقديم كتاب واحد يتضمن شرح مقنن عن كل دين يمارس في سوريا, اي ان يقسم كتاب التربية الدينية الى عدة فصول في كل فصل يطلب من مختصين ان يكتبوا بضعة صفحات تتحدث عن الدين الذي يمثلونه, فلا يكون هناك كتاب خاص للمسيحين واخر للمسلمين بل يدرس الدين كمادة تاريخية وادبية للجميع.

2- مراجعة المقررات الدراسية وحذف كل كلمة تحمل اشارة دينية بغض النظر عن الدين الذي تمثل.

3- تدريس مواد مقارنة عن تاريخ الفكر الديني ضمن مواد الاجتماع تتطرق الى الديانات غير الابراهيمية, بما فيها الديانات التاريخية, كي يتمكن الطلاب من عقد مقارنة واضحة بين مجمل الفكر الديني وتطوره.

4- تدريس الابحاث والاكتشافات العلمية بدون اي رقابة دينية او مراجعة قد تاخذ بعين الاعتبار غير الاساس العلمي الصحيح للمادة.

5- تخصيص ساعة اسبوعية للابحاث العلمية المستجدة اولا بأول والتي يتم تداولها عبر وكالات الانباء العالمية الموثوقة سواء منها ما كان ذا طبيعة علمية بحتة او دراسات اجتماعية وعقد حلقات بحث عنها تتيح للطلبة ان يجعلوا من الحداثة المعرفية ركيزة في المحاكمة العقلية.

6- تدريس الفلسفة وعلم النفس بدء من مراحل مبكرة لما تحتويان من مادة تسمح بقيام منطق سليم ووعي اكثر نضوج ازاء محركات السلوك الانساني.







#حسام_مطلق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغدر وطريق ورجلين
- أردوغان وبيريز : من اي زاوية يجب ان ننظر للمشهد
- نضال بالسوائل المنوية
- المثلية الجنسية – حدد جنسك ذاتيا – الجزء الثاني
- إدراك ما تحت شعوري : الغوص التأملي
- غباء أم لئم
- حوار مع جهلاء
- قراءة في وجود الله تجريديا
- نخوة الحذاء العربي
- تجارة الأوطان
- البقرة سبعة وثلاثون
- أبقار الشرق الأوسط والمربع الخشبي
- مشروع الأمة بين المفقود والموجود
- ذهنية المتذاكي
- لؤلؤة أو لولو كما تقولين
- إنفجار دمشق : الوطن بكروز دخان
- لماذا تفشل الليبرالية عربيا
- استعادة الدور الرأسمالي ضرورة وطنية
- كيف تحقق الرأسمالية الآمان الاجتماعي
- الواحدية في تاريخ الفلسفة


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسام مطلق - ردا على اسعد الديري : العلمانية بين العقل الديكارتي والحيوي