أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبدالخالق حسين - الثورة الخمينية ضد مسار التاريخ















المزيد.....

الثورة الخمينية ضد مسار التاريخ


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 2561 - 2009 / 2 / 18 - 09:51
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تمر هذه الأيام الذكرى الثلاثون للثورة الإسلامية الخمينية في إيران. وفي هذه المناسبة من الضروري مراجعة هذه الفترة وتقييم المرحلة بشكل موضوعي وحيادي على قدر الإمكان، بعيداً عن العواطف لاستخلاص الدروس والعبر من التجربة الإيرانية.

من الحقائق المعروفة أن التطور الطبيعي التدريجي هو سنة الحياة ويشمل كل شيء في الوجود، الطبيعة والمتجمع البشري على حد سواء. ولكن إذا ما حصلت معوقات وعراقيل أمام التطور الطبيعي السلمي التدريجي في مجتمع بشري ما، فيحصل تراكم كمي لمتطلبات التغيير، ومع الزمن يصل هذا التراكم إلى نقطة الانفجار على شكل ثورة دموية مدوية والتي هي استحقاق تاريخي للتعويض عن الزمن الضائع، وعلى ما فات من تطور بسبب المعوقات.

كما وهناك بديهية تفيد أن كل مرحلة تاريخية هي وليدة المرحلة السابقة. لذلك يمكن القول أن مرحلة حكم شاه إيران هي التي هيأت الظروف الموضوعية للثورة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك بسبب الظلم وعدم إنصاف الجماهير الواسعة ومشاركتها في ثروات البلاد الهائلة. وكما هو معروف في علم الاجتماع أن الثورات لا يمكن تفجيرها "حسب الطلب" أو بفرمان من أحد، وإنما هي نتيجة تراكمات ومظالم، ومتطلبات سياسية واجتماعية واقتصادية، تلح على التغيير، وعندما تنتفي الوسائل السلمية الديمقراطية لتحقيق هذا التغيير والتحولات المطلوبة، وتتوفر لها الظروف الموضوعية والعوامل الذاتية، عندئذِ يحصل التغيير عن طريق الثورة المسلحة بالعنف الدموي وما يصاحب ذلك من هزات عنيفة وسفك دماء واضطرابات خطيرة تزعزع السلم الاجتماعي.

وتأسيساً على ما تقدم، يمكن القول أن الأوضاع الإيرانية، السياسية والاجتماعية والاقتصادية في أواخر عهد الشاه كانت حبلى بثورة، وكانت فقط تنتظر توفر العوامل الذاتية، أي القيادة السياسية الحكيمة لتفجير الثورة وقيادتها وفق المستحقات التاريخية. ولكن مع الأسف الشديد، ولسوء حظ الشعب الإيراني وشعوب المنطقة، لم تتوفر القيادة التاريخية المطلوبة المتفهمة لقوانين حركة التاريخ واحتياجات الشعب، بل جاء رجال الدين بقيادة الخميني واستغلوا الشحنة الثورية المتراكمة والمتنامية في صدور الجماهير، ووجهوها لصالح الإسلام السياسي، وبذلك استطاعت القيادة الدينية اختطاف الثورة وتفجيرها وتحريفها ضد مصالح الجماهير، ولتقودها ليس وفق مسار وقوانين حركة التاريخ لتحقيق حياة أفضل للجماهير الشعبية الجائعة التي كانت تأمل من الثورة توفير الخبز والحرية والحياة الكريمة للشعب، بل هيمن رجال الدين بقيادة الإمام روح الله الخميني، على الثورة وقادوها عكس اتجاه حركة التاريخ، وعلى الضد من مصالح الجماهير، مع رفع شعارات دينية وتصدير الثورة إلى دول المنطقة. وجاء تأكيد ذلك على لسان الخميني عندما قال "أن الشعب الإيراني لم يثر من أجل العلف"، ويقصد بذلك أن الشعب لم يثر من أجل تحسين أحواله المعيشية الاقتصادية، بل من أجل نشر الإسلام وتطبيق الشريعة الإسلامية، وكأن شاه إيران قد منع الناس من ممارسة العبادات وغيرها من شعائرهم الدينية. وهنا كانت الكارثة حيث أصيب الشعب بخيبة أمل وضياع الفرصة والثورة.

وعليه فالثورة الخمينية، هي ثورة مشوهة ومغشوشة ومنحرفة، وضد قوانين حركة التاريخ ومساره الطبيعي، وضد الطبيعة البشرية، فلا هي ثورة اجتماعية- اقتصادية لتحقيق الرفاه الاقتصادي للشعب، ولا هي بالثورة الإسلامية الحقيقية. فالثورة الإسلامية الحقيقية الوحيدة هي الثورة التي قادها محمد بن عبدالله في الحجاز قبل 14 قرناً، كما أكد ذلك المفكر الجزائري- الفرنسي، الأستاذ محمد أركون، أما الثورات الإسلامية الأخرى مثل ثورة محمد بن عبدالوهاب الوهابية في صحراء الجزيرة العربية في القرن الثامن عشر، والثورة الخمينية في إيران عام 1979 فهي ليست ثورات أصيلة بل هي تقليد، والتقليد مآله الفشل والزوال. وهكذا فشلت الحركة الوهابية بعد أن جلبت الكوارث على المسلمين حيث صارت أيديولوجية الإرهاب، وكذلك الثورة الإسلامية الخمينية في إيران تحولت إلى كارثة على الشعب الإيراني وشعوب المنطقة وبالأخص الشيعة العرب في الدول العربية حيث راحت الحكومات العربية تشكك في ولاء أبناء شعوبها من الشيعة لبلدانها.

كذلك لا نجافي الحقيقة إذا قلنا أن ثورة الخميني هي ضد المبادئ الأساسية للإسلام، إذ دشن مبدأ (حكم ولاية الفقيه) ومنحها أهمية تفوق المبادئ الرئيسية للإسلام. ووفق هذا المبدأ ألغى الخميني دور الشعب في حكم نفسه وتقرير مصيره، وعامله كما يعامل الأب أطفاله الذين لا يفهمون ما ينفعهم وما يضرهم. فرغم وجود انتخابات برلمانية ورئاسية في إيران، إلا إن الحكم الحقيقي هو بيد مرشد الثورة الإسلامية ومجلس حماية الدستور غير المنتخبين من الشعب.

والسؤال المهم الذي يطرح نفسه هو: هل الثورة حققت حلم الشعوب الإيرانية ببناء نظام متطور وتحقيق العدالة الاجتماعية والاستفادة من ثرواته الوطنية؟
الجواب: كلا، وإليكم الدليل:

1- فمن أولى الثمار الكارثية للثورة الخمينية أن وضعت الشعب الإيراني في حالة مواجهة غير متكافئة مع الغرب وبالأخص مع أمريكا، حيث تم اختطاف موظفي السفارة الأمريكية في طهران بعملية إرهابية لمدة 444 يوماً، ومنذ ذلك الوقت وإلى الآن، يعيش الشعب الإيراني في حالة عزلة عن العالم المتحضر.

2- ومن نتائج هذه الثورة، الحرب العراقية- الإيرانية التي دامت ثمان سنين عجاف أتت على الحرث والنسل، وأحرقت الأخضر واليابس في البلدين، وبغض النظر عن البادئ لهذه الحرب، إلا إنه من المعروف أن الخميني رفع شعار تصدير الثورة الإسلامية إلى الدول العربية مهدداً أنظمتها بالزوال. كذلك ارتكب الخميني خطأً كبيراً آخر عندما رفض عرض صدام حسين بعد سنتين من بدء الحرب لوقفها وقرار العراق بالانسحاب الكامل من الأراضي الإيرانية التي احتلها، إلا إن الخميني أصر على الاستمرار في الحرب أملاً في إسقاط النظام البعثي وإقامة نظام إسلامي في العراق على غرار نظامه في إيران يدين له بالولاء وفق مبدأ حكم (ولاية الفقيه)، ويتم الانطلاق من العراق إلى الدول العربية الأخرى!!

3- ورغم الثروة النفطية الهائلة التي تتمتع بها إيران، إلا إن حكومة الملالي لم تتخلص من أحلامها الفنطازية في بناء ترسانتها العسكرية وتحقيق برنامج السلاح النووي للهيمنة على شعوب المنطقة، إذ راحت تبدد الثروات في سباق التسلح على حساب معيشة الشعب. وكما حصل للنظام البعثي الصدامي في العراق، فإن مصير هذا التسلح معروف وهو وبال على الشعب.

4- وأما عن معاناة الشعب في ظل حكم الملالي فاقتبس بعض الأرقام من تقرير قدمه رئيس الشؤون الثقافية في بلدية طهران الشيخ محمد علي زام، وكشف عنها خلال مؤتمر صحفي يعد الأول من نوعه من حيث الشفافية والصراحة والنقد الذاتي، وهو بالتأكيد ليس من أعداء النظام، جاء فيه ما يلي: (.... إن 12 مليون مواطن من 60 مليون، أي 20 بالمائة من الشعب الإيراني يعيشون تحت خط الفقر، وربما كان الواقع أكثر من ذلك بكثير قد يتجاوز نسبة الخمسين بالمائة، وإن 35 مليون مواطن هم دون العشرين. وقد ولد هؤلاء في ظل الحرب ووجدوا أمامهم المستقبل غامضا ومغلقا ولا يؤهلهم لإقامة حياة اجتماعية طبيعية، مما يفسر حالة الانحلال الجنسي وتزايد نسبة الزنا خلال السنتين الأخيرتين فقط بنسبة 635% وانخفاض معدل عمر الزناة من 27 سنة الى 20 سنة ، حسبما يقول التقرير. وقديما قيل:" اذا دخل الفقر بلدا قال له الكفر خذني معك" فكيف اذا كان نظام الحكم المسؤول دينيا ويعتبره الفقراء مسؤولا عن فقرهم وتعاستهم؟ وكيف إذا مارس الحكم الديني الديكتاتورية والعنف مع المعارضة؟ (من مقالة أحمد الكاتب، لماذا يتراجع الإيرانيون عن الالتزام الديني؟)

5- كما وفشل النظام الإسلامي في منع الرذيلة وحماية الفضيلة، إذ تفيد التقارير أن في طهران وحدها نحو 30 ألف مومس، وفي عموم إيران نحو 300 ألف مومس يمارسن البغاء بسبب الفقر. أما نسبة تعاطي المخدرات، ففي إيران هي الأعلى من أي بلد آخر في العالم. كما ونحو 80% من الشعب الإيراني لم يمارس الطقوس الدينية.

ومن كل ما تقدم، نعتقد أن الثورة الخمينية قد جلبت الكوارث على الشعب الإيراني وأنها ضد قوانين حركة التاريخ ومآلها الزوال كما أزيل الحكم البعثي الصدامي في العراق.



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل محمد خاتمي، إصلاحي حقيقي أم مزيف؟
- أهمية انتخابات مجالس المحافظات العراقية
- حوار مع القراء حول محرقة غزة
- انتصارات إلهية، أم كوارث؟
- لماذا أرى ميسون الدملوجي أولى برئاسة البرلمان؟
- إلى متى تنجح إيران في سياساتها العبثية؟
- انتقادنا لحماس لا يعني تأييداً لإسرائيل
- ماذا لو كان القائل عراقياً؟
- من المسؤول عن مجزرة غزة؟
- دعوة لحظر العقوبات الجسدية في المدارس
- لولا بوش لكان صدام يحكمهم الآن ب-القندرة-
- ثقافة الحضيض
- إلى أين تقودنا ثقافة الحذاء؟
- ما تخططه سوريا للعراق لما بعد الانسحاب الأمريكي!!
- هل الانهيار قريب؟
- محنة أهل القرآن وأهل الإنجيل
- (بنات يعقوب) رواية جديدة لمحمود سعيد
- وأخيراً انتصر العقل...!!
- الفرصة الأخيرة لإنقاذ العراق
- الدستور العراقي...المشاكل والحلول


المزيد.....




- مسجد باريس الكبير يدعو مسلمي فرنسا لـ-إحاطة أسرة التعليم بدع ...
- جيف ياس مانح أمريكي يضع ثروته في خدمة ترامب ونتانياهو
- وثيقة لحزب الليكود حول إنجازات حماس
- رئيس الموساد: هناك فرصة لصفقة تبادل وعلينا إبداء مرونة أكبر ...
- لقطات جوية توثق ازدحام ميناء بالتيمور الأمريكي بالسفن بعد إغ ...
- فلسطينيو لبنان.. مخاوف من قصف المخيمات
- أردوغان: الضغط على إسرائيل لوقف حرب غزة
- محلات الشوكولاتة في بلجيكا تعرض تشكيلات احتفالية فاخرة لعيد ...
- زاخاروفا تسخر من تعليق كيربي المسيء بشأن الهجوم الإرهابي على ...
- عبد الملك الحوثي يحذر الولايات المتحدة وبريطانيا من التورط ف ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبدالخالق حسين - الثورة الخمينية ضد مسار التاريخ