أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - -العبثية- في وجهيها!














المزيد.....

-العبثية- في وجهيها!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2561 - 2009 / 2 / 18 - 09:49
المحور: القضية الفلسطينية
    


"العبثية" هي كلمة إنْ ذُكِرت يتذكَّر سامعها، من الفلسطينيين والعرب على وجه الخصوص، "الصواريخ الفلسطينية"، إذا ما أُطْلِقَت على إسرائيل من قطاع غزة، وإذا ما كان مُطْلِقها "حماس"، على وجه الخصوص؛ ويتذكَّر، بالتالي، قائلها، غير مرَّة، رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

ولقد شرع الرئيس عباس يهيِّئ الفلسطينيين لسماع الكلمة نفسها، يقولها هو نفسه؛ ولكن، هذه المرَّة، في سياق آخر، فهو، وعلى ما قال وأكَّد في مؤتمر صحافي مشترَك مع زائره وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، لن يقبل عقد لقاءات جديدة مع إسرائيل (الجديدة) إذا لم تُوْقِف الاستيطان، فأيُّ لقاء جديد مع الإسرائيليين لا يسبقه وقف الاستيطان سيكون "عبثياً"، لا فائدة منه.

الرئيس عباس، وبوقوفه هذا الموقف "المتكامل"، أو الذي "تكامَل"، أو يوشك أن "يتكامل"، ضد "العبثية"، المُفْسِدة لـ "الخيارين معاً"، أي خيار "المقاومة العسكرية" وخيار "التفاوض السياسي"، إنَّما يُظْهِر ويؤكِّد التزامه، وانحيازه إلى، "البرغماتية" في السياسة، بفنَّيها: "فن الإقناع" و"فن الإكراه".

إنَّ الرئيس عباس قَلِقٌ على "مفاوضات السلام" من النتائج التي يمكن أن تنتهي إليه المفاوضات بين الإسرائيليين لتأليف حكومة (ائتلافية) جديدة؛ وأخشى ما يخشاه أن يسعى "المفاوِض الإسرائيلي الجديد"، إذا ما ظهر إلى حيِّز الوجود، إلى إعادة "مفاوضات السلام" إلى "نقطة الصفر"؛ ولعلَّ هذه الخشية، التي لها ما يبرِّرها في "الواقع السياسي الإسرائيلي الجديد"، هي ما حملت رئيس السلطة الفلسطينية إلى التحذير من مغبة سعي كهذا، وإلى أن يقول إنَّ الفلسطينيين يرفضون العودة إلى المفاوضات من "نقطة الصفر"، بعد تأليف الحكومة الإسرائيلية الجديدة.

ولكنَّ هذا القول للرئيس عباس لا يمكن ألاَّ أن يكون مثيراً للفضول؛ ذلك لأنَّ "معناه الضمني" هو أنَّ المفاوضات السابقة، أي المفاوضات مع "حكومة كاديما ـ العمل"، قد حقَّقت من النتائج ما يخلق للمفاوض الفلسطيني مصلحة في رفض كل محاولة إسرائيلية جديدة لإعادتها إلى "نقطة الصفر"، فهل حان للشعب الفلسطيني، الذي ليس بـ "مراقِب"، أو "مستمع"، أو "مشاهِد"، أن يعرف من المفاوض باسمه، ونيابةً عنه، ما هي تلك "النتائج"، والتي تبرِّر قولاً من قبيل إنَّ الفلسطينيين لن يقبلوا عودة المفاوضات إلى "نقطة الصفر"؟!

وإلى أن يجاب هذا السؤال (رسمياً) يمكن ويجب أن نظلَّ على تقويمنا لهذه المفاوضات ونتائجها، فلا غيم في السماء حتى نتوقَّع مطراً؛ وكل ما يأتي إلى أبصارنا وبصائرنا وأسماعنا من الواقع إنَّما يؤكِّد أنَّ "مفاوضات السلام" المقبلة، إذا ما أقبلت، لن تعود إلى "نقطة الصفر"؛ لأنَّها لم تبلغها بعد، وقد بقيت دون تلك النقطة؛ ولا أحسب أن نتنياهو (أو نتنياهو الذي استعار من ليبرمان عقله) يملك من "الحرارة السياسية والتفاوضية" ما يسمح لهذه المفاوضات بأن تذيب الجليد السميك الذي يكسوها ويغطيها.

إنَّ "الوقف التام" للاستيطان، أو للسرقة الإسرائيلية لأراضٍ فلسطينية من أجل التوسُّع في الاستيطان، ليس من القضايا المدرجة في جدول أعمال المتفاوضين، ويجب ألاَّ يكون كذلك؛ وهو ليس بشرط يشترطه الفلسطينيون لبدء، أو لاستئناف، المفاوضات مع إسرائيل، أو للاستمرار فيها. إنَّه شرط تشترطه "المفاوضات" ذاتها، فـ "مفاوضات السلام" مع إسرائيل تفقد منطقها ومعناها وأهميتها.. أي تفقد ذاتها، إذا لم تبدأ وتستمر في مناخ "الوقف التام" للاستيطان.

ويكفي أن يفهم المتخاصمون الفلسطينيون "الوقف التام" للاستيطان على هذا النحو حتى يصبح ممكناً حلَّ كثير من النزاع بينهم، فـ "المقاوِم" الفلسطيني يمكنه وينبغي له أن يُفوِّض أمر التفاوض مع إسرائيل إلى "المفاوِض" الفلسطيني، الذي يمكنه وينبغي له أن يستمسك حتى النهاية بموقف "لا تفاوض قبل الوقف التام للاستيطان".

قد يعجز الفلسطينيون في السنين العجاف المقبلة، أي التي بدأت مع انتهاء انتخابات الكنيست الثامنة عشرة، عن الحصول على دولة قومية مستقلة ذات سيادة عبر التفاوض السياسي مع إسرائيل، أي مع إسرائيل التي عادت إلى "نقطة الصفر" لجهة اهتمامها بالسلام؛ ولكن ينبغي لهم ألاَّ يُظْهِروا عجزاً عن "تحرير" حقهم في أن "ينعموا" بـ "احتلال إسرائيلي عادي"، أي بـ "احتلال عسكري صرف"، ولا "يُعكِّر صفوه" الاستيطان، فالمستوطنون وليس الجنود هم الذين يهدمون، ببنائهم الاستيطاني المتَّسع والمتعالي، البنية التحتية للدولة الفلسطينية المقبلة.

وأفْتَرِض أنَّ جورج ميتشل (مبعوث إدارة الرئيس أوباما) لن يستطيع أن يقف ضد استمساك المفاوِض الفلسطيني بهذا الموقف إلاَّ إذا أراد أن يقوِّض أساس "تقريره" بنفسه، ويشرع ينظر إلى الاستيطان على أنَّه ليس بالعقبة الكبيرة في طريق السلام، وليس بـ "أساس الصراع".

الرئيس عباس أصاب كبد "نصف الحقيقة" إذ وصف تلك "الصواريخ" بأنَّها "عبثية"؛ و"حماس" أصابت كبد "نصفها الآخر" إذا وصفت "مفاوضات السلام"، التي أجريت حتى الآن، بأنَّها "عبثية"؛ وأحسب أنَّ الطرفين مدعوين إلى الاتفاق على ضرورة وأهمية نبذ العبثية هذه، والعبثية تلك.

ولكنَّ هذا "النبذ"، الذي تشتد حاجة الفلسطينيين إليه، ليس بكلمة تُقال، فالأهم من الوصف (وصف الصواريخ والمفاوضات بالعبثية) هو التعليل والتفسير، فلماذا يمارِس الفلسطينيون "العبثية"، مقاومةً وتفاوضاً؟

إنَّهم يمارِسونها بسبب "ضعفهم الموضوعي"، في مقاومتهم وتفاوضهم، وبسبب "ضعفهم الذاتي"، أي بسبب إضعافهم لأنفسهم بأنفسهم، فهُم يظهرون عجزاً متزايداً عن أمرين: عن أن يختلفوا بما لا يقوِّض وحدتهم، وعن أن يتَّحدوا بما لا يقوِّض اختلافهم.

وهذا إنَّما يعني أنَّ عليهم تعلُّم (وتلبية) شرطين للبقاء: أن يتَّحِدوا؛ ولكن بما لا يمنع ظهور، وإظهار، اختلافهم، الذي هو، أيضاً، ضرورة، وأن يختلفوا؛ ولكن بما لا يمنع بقاء وتعزيز وحدتهم.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسطينيون بين ليبرمان وأشباهه من العرب!
- خُبْث اولمرت!
- الرسالة الجوابية الفلسطينية!
- -المبادرة العربية- تتمخَّض عن ليبرمان!
- إذا ما -فازت- استطلاعات الرأي!
- الأهم من -إعادة بناء- المنظَّمة!
- أين -الرباعية الدولية- من هذا الحزب الإسرائيلي؟!
- معركة -إعادة البناء- في قطاع غزة
- عندما يتكاثر -القادة- وتتلاشى -المرجعية.. فلسطينياً!
- بديل -المنظَّمة- هو -المنظَّمة-!
- الرَّجُل!
- -أزمة التمثيل- هي أُمُّ الأزمات فلسطينياً!
- إسرائيل تبتني من الجرائم نظرية ردع جديدة!
- هكذا تحدَّث هيكل!
- كيف نقف من جرائم الحرب الإسرائيلية؟
- إنَّها الحرب الأولى بين إسرائيل وفلسطين!
- غزة.. هي وحدها -القمَّة العربية-!
- وأعدُّوا لهم ما استطعتم من -قِمَم-!
- -أفران الغاز- و-أفران غزة-!
- -القرار- و-المبادرة-.. أسئلة وتساؤلات -موضوعية-!


المزيد.....




- الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا ...
- عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
- إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف ...
- ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ ...
- مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
- الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر ...
- إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
- ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
- هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
- مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - -العبثية- في وجهيها!