أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مجدي الجزولي - هامش على متن: مبادئ الشيوعية لفردريك انجلز (2)















المزيد.....

هامش على متن: مبادئ الشيوعية لفردريك انجلز (2)


مجدي الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 2560 - 2009 / 2 / 17 - 09:43
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


البروليتاريا، من هم؟ ماذا حدث لهم؟
يعرف انجلز البروليتاريا بأنها الطبقة العاملة في القرن التاسع عشر، ويشرح أنها الطبقة الاجتماعية التي تعيش بالكلية من بيع عملها ولا تجني ربحا من أي نوع من رأس المال، فحياتها دالة لتقلبات السوق والمنافسة. ميز انجلز بين البروليتاريا والطبقة العاملة، فجعل الأولى خصوص القرن التاسع عشر، والثانية فئة طالما وجدت في التاريخ البشري، فالبروليتاريا وليدة الإنتاج الصناعي الذي برز في النصف الثاني من القرن الثامن عشر ليطغى من ثم على سواه ويؤسس للانقسام بين أصحاب رؤوس الأموال، من يملكون مواد الإنتاج ووسائله، وبين البروليتاريا، من لا يملكون سوى قوة عملهم يبيعونها لأصحاب رؤوس الأموال. يشرح انجلز ما يميز البروليتاري عن الرقيق وعن القن وعن الحرفي، سابقيه في سكة العمل، فهو - عمله - سلعة مطروحة في السوق لمن يشتري ولا ضمانة لوجوده الفردي، وهو لا يملك وسيلة للإنتاج بل يعمل لدى من يملكها، وشرط تحريره تحرير الإنتاج من الملكية الخاصة، أي لا خلاص فردي له إلا بخلاص المجتمع ككل من علاقات الإنتاج الرأسمالي.
انجلز هو نفسه من صور حياة البروليتاري وظروف استغلاله كما شاهدها في مانشستر في كتابه "أوضاع الطبقة العاملة في انجلترا" ، الكتاب الذي سطره خلال العامين 1844 و1845 وصدرت أول ترجمة انجليزية له في نيويورك عام 1886. يرصد الكتاب استغلال العمال في فئاتهم المتباينة بما في ذلك الحرفي والعامل الزراعي لكن بالتركيز على ابن الصناعة البروليتاري، مثاله في ذلك عمال مصانع النسيج في لانكاشير، ورسالته الأساس شرح الأوضاع المزرية التي يعيشها العمال وبيان أن أنواع العمل كافة تندغم بالتدريج في نمط الصناعة الكبيرة، وبذا تسود البروليتاريا كطبقة (عاملة) متجانسة التكوين ودائمة الحضور ما دام الإنتاج الرأسمالي. في هذا الكتاب المبكر نبه انجلز لحقيقة أن البرجوازية كطبقة اجتماعية لا تستند فقط إلى ملكية رؤوس الأموال بل ترسها المقدم الدولة، من ثم فإن النضال من أجل تحرير الطبقة العاملة لا بد مرتبط بالنضال من أجل السلطة السياسية. وقد بشر بنشوء الحركة العمالية الحديثة وعضدها الأساس البروليتاريا الصناعية. خلاصة الصورة التي يرسمها انجلز أن المجتمع الانجليزي كان حينها في "حرب اجتماعية" وقد انقسم شطرين، الرأسمالية من جهة والطبقة العاملة من أخرى، وأمله تسارع النضوج "الثوري" للأخيرة وفي طليعتها البروليتاريا الصناعية قيد التحول إلى قوة بناءة وفعالة مهمتها أن تجعل الآلة تعمل من أجل الإنسان، بدلا من أن يعمل الإنسان من أجل الآلة، ودورها التاريخي أنها القوة الدافعة نحو الاشتراكية.
تبرز قضيتان، الأولى الطبقة الاجتماعية والثانية الوعي الطبقي، من حيث المسافة الفاصلة بين نقاء المفهوم وواقعية تمثله. إن كان انجلز قد ميز البروليتاريا الصناعية عن غيرها من الفئات العمالية، كونها الأكثر تأهيلا لمهمة "الطليعة الثورية" من حيث التنظيم والوعي، فغلبتها عنده كانت فرضية ينتظر تحقيقها في المستقبل بسيادة نمط الإنتاج الصناعي الكبير، وقد كان، إلا أنه أغفل مقدرة النظام الاجتماعي على استيعاب الظلامات الطبقية وإدارتها للحيلولة دون انفجار ثوري. استدرك انجلز في مقدمة الطبعة الثانية من "أوضاع الطبقة العاملة.." الصادرة في 1892، فنوه أن ردة فعل الطبقات المهيمنة على التهديد البروليتاري تبدلت وأصبحت الاشتراكية، أول أمرها أبغض البغيض، عبارة محترمة تتردد في المجالس المخملية للطبقات العليا وعلى أرائك الحب الفرنسية. هذا وانطلقت موجة جديدة من العمل النقابي تأسس بموجبها في العام 1900 حزب العمال البريطاني، مبشرا بصيغة من الصراع الطبقي لا تستهدف هدم بناء الدولة وإعادة اختراعه اشتراكيا، وإنما إدماج الطبقة العاملة ومطالبها في النظام السياسي، الاستراتيجية التي عنونتها نقاشات الاشتراكية الديموقراطية "ثورة أم إصلاح؟". لا غرو إذن أن صدر انجلز مقدمة الطبعة الثانية لكتابه بعبارة: "كان الكاتب حينها (1845) شابا يافعا، في عمر الرابعة والعشرين، وإنتاجه يحمل ختم هذا الشباب بما فيه من طبائع جيدة وأخرى سالبة، والتي لا يخجل من أي منها.."، ثم يمضي لاحقا ليؤكد: "إن الحالة التي يصفها هذا الكتاب تنتمي اليوم، فيما يخص انجلترا، إلى الماضي".
مقدمة انجلز الثانية تكاد تسمي التحولات التي حددت معالم الاقتصاد السياسي للقرن العشرين: انتعاش التجارة العالمية (بعد أزمة 1847) بسبب الإصلاحات المالية، اكتشاف موارد جديد في استراليا وكاليفورنيا (الذهب)، توسع الأسواق الاستعمارية وزيادة قدرتها على استيعاب المنتجات الصناعية، طفرة الولايات المتحدة الأميركية، سيادة وسائل الإتصال الجديدة التي جعلت من السوق العالمي حقيقة وليس إمكانية مجردة. الأهم أن انجلز تلمس حينها الميكانيزم البنيوي الذي يربط تطور الرأسمالية بتسكين الاحتجاج العمالي، إذ يفرض التوسع الرأسمالي التخلص من أساليب الاستغلال المتهافتة، من غش بواح وتدليس، التي لازمت أول نشوءه، كما يفرض أيضا تطويرا "أخلاقيا" للعلاقة بين صاحب العمل والعمال. بحسب انجلز "كلما ازداد حجم المنشأة وبذلك عدد العمال كلما ازدادت الخسارة الناجمة عن المشاكسات بين صاحب العمل وعماله. بل تسود اليوم بين أصحاب العمل، بخاصة الكبار منهم، روح جديدة تقول بتفادي مثل هذه المشاكسات غير الضرورية والقبول بوجود وقوة النقابات، وكذلك إدراك أن الإضراب قد يكون تحت الظروف الملائمة وسيلة تخدم أغراض أصحاب العمل ولا تضرهم. اليوم ينادي أصحاب العمل الكبار بالسلام والوئام بينهم والطبقة العاملة بعد أن كانوا قادة الحرب ضدها." يضيف انجلز أن التنازلات التي يقدمها أصحاب العمل الكبار، وقتها يوم العمل من عشر ساعات، ترفد تركيز رأس المال وإزاحة المنافسين الصغار الذين لا يقوون على تغطية هذه التكاليف الإضافية والتي لا تعدو أن تكون "بقشيش" بالنسبة للرأسمالية الكبيرة. خلاصة انجلز أن مثل هذه التحولات تفرض على الطبقة العاملة إدراك أن مكمن استغلالها ليس المظالم الصغرى وإنما النظام الرأسمالي بحد ذاته.
لم يشهد انجلز عصر "الشركة"، لكن في خطاب له إلى كارل ماركس بتاريخ 7 أكتوبر 1858 عبر عن استياءه مما أسماه برجوازية البروليتاريا الانجليزية، وبسخرية يقول :"تتجه هذه الأمة الأكثر برجوازية من غيرها لأن تكون لها ارستقراطية برجوازية وبروليتاريا برجوازية بجانب البرجوازية الأصيلة، بالنسبة لأمة تستغل العالم أجمع يكاد يكون هذا مفهوما". هذه البروليتاريا البرجوازية هي في الواقع قيادة حركة العمال النقابية وحزبها السياسي، والتي استقر دورها لتصبح صمام أمان لاستقرار النظام الرأسمالي وليس تهديدا بنيويا له. الأمر الذي دفع انجلز للقول بأن "الطبقة العاملة جعلت من نفسها أضحوكة" في خطاب آخر لماركس بتاريخ 18 نوفمبر 1868 حيث نعى اختيارات العمال في انتخابات المناطق الصناعية بعد حصولهم على الحقوق الانتخابية، وأضاف: "البروليتاريا في كل مكان رهن الأحزاب الرسمية، رجرجتها ودهماءها. إن ازداد أحد الأحزاب قوة بفضل الناخبين الجدد فهو حزب المحافظين (..) لقد أظهر القساوسة المحليين قوة غير متوقعة (..) لم تتوفر لأي مرشح عمالي ولا شبح فرصة للفوز بينما حصل اللوردات على أصوات العمال."
حل لينين عام 1902 لمعضلة "الوعي الطبقي" التي اصطدم بها انجلز كان القول بتوسط الحزب الثوري، ومهمته رفد الطبقة العاملة بالوعي اللازم بتثوير صراعها النقابي إلى صراع سياسي، فالنقابات تمثل العمال أمام أصحاب العمل، لكن الحزب الطليعي يمثل العمال كطبقة ذات مشروع سياسي في مواجهة الطبقات الأخرى (لينين، ما العمل؟). ولقد أخذ عنه جورج لوكاش هذا المفهوم في عشرينات القرن الماضي وذهب به إلى منتهاه فالبروليتاريا عنده لا تستطيع دون عون أن تستبين الاتجاهات الموضوعية لديالكتيك التاريخ، وهذا الوعي هو شرط صحوتها لدورها المتميز: فاعل التاريخ ومفعوله في آن، من يغير الواقع بسنان الممارسة. وإذا فشلت البروليتاريا في استبطان هذا الوعي لا ينحل التناقض بل يعاد إنتاجه ضمن ديالكتيك التاريخ في مستوى أعلى وفي هيئة مغايرة وشدة أقصى، وهنا محل الضرورة التاريخية، فعمل البروليتاريا لا يتعدى أن يكون اتخاذ الخطوة القادمة في هذه العملية، أما إن كانت الخطوة الحاسمة أو خطوة مرحلية فوقف على الظروف الماثلة (لوكاش، 1967).
إن كان التلاؤم المتفاوض عليه بين الرأسمالية وجهاز الدولة من جهة والطبقة العاملة ممثلة في هيئاتها النقابية من جهة أخرى قد انقطع بغلبة التصورات القومية في النصف الأول من القرن العشرين – المجتمع كوحدة عضوية متجانسة تجمعها روابط الدم واللغة والثقافة المشتركة – فإن انهيار أمثولة الدولة القومية في مأساة الحرب العالمية الثانية آذن بالعودة إلى نموذج الصراع الطبقي. في الفترة ما بين 1940 و1980 ظل الاستقرار الاجتماعي في البلدان الرأسمالية المتقدمة – أوروبا الغربية وأميركا الشمالية – معادلة طرفاها اتحادات العمال وأصحاب العمل المركزية تتوسط بينهما الدولة. خاصة في فترة نهوض قوى قتالية وسط العمال خلال الستينات لعبت قيادات النقابات المركزية دورا مفتاحيا في ضبط وتقويم الفصائل الأكثر شراسة من قوى العمل متى ما فشل القمع المباشر (بانيتش، 1977).



#مجدي_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هامش على متن: مبادئ الشيوعية لفردريك انجلز (1)
- نحو مناقشة -شيوعية- لقضية اسم الحزب
- المحكمة الجنائية الدولية: هل من خيار وطني؟
- دارفور: والعسكر واقف طابور
- 11 سبتمبر: الإسلام السياسي في لجة الحداثة
- الفيتو الصيني: قرار من لا يملك لمن لا يستحق
- كَمْ وكَمْ كَلْمَه.. أفلا تعقلون!؟
- وما الوطنية: البشير وموغابي
- وَه... وليامسون!
- أها يا كيزان: الحركة الإسلامية..إلى أين؟
- الاقتصاد السياسي للتحول الرأسمالي في الصين: مقدمة
- بوش في افريقيا: الضيف أم رب المنزل؟!
- تسعون عاماً على نوفمبر 1917م: ألحقنا يا إليتش!!
- مباحث ماركسية: حول تنوير ماركس
- وما الحياة: صراع البقاء في دارفور وأخواتها -2
- وما الحياة: صراع البقاء في دارفور وأخواتها - 1
- حال النسابة: ما بين الحكومة السودانية والغرب
- تنمية بالبندقية
- مباحث ماركسية: تقديم
- الحركة الإسلامية: يَهْدُوكْ مِنْ المَبيتْ تَقَيِّل كُتُرْ-2


المزيد.....




- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مجدي الجزولي - هامش على متن: مبادئ الشيوعية لفردريك انجلز (2)