أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نبيل - صباحات برلين السينمائية














المزيد.....

صباحات برلين السينمائية


محمد نبيل

الحوار المتمدن-العدد: 2566 - 2009 / 2 / 23 - 07:35
المحور: الادب والفن
    


صباحات برلين السينمائية فريدة من نوعها. كانت الساعة تشير إلى السابعة صباحا. حركة ملحوظة في قطارات النقل العمومي (المترو) التي تربط أحياء العاصمة الألمانية بمنطقة "بوتسدام بلاتس" ، حيث تنظم أغلب فعاليات مهرجان برلين السينمائي الدولي، في دورته ال59.

وككل يوم على الساعة التاسعة صباحا، تعرض أفلام المسابقة الرسمية ، في قاعة "برلينه بالاتس". مئات الصحافيين و النقاد يتسابقون على الباب، حتى يجد كل واحد منهم مكانه المفضل للاستمتاع بالفرجة السينمائية. يقف الكل أمام باب قاعة العروض، ساعة قبل بداية الفيلم. البعض يتجه إلى القاعة بسرعة، تنبعث منها رائحة شغف عنيف بالفن السابع، وحب فريد لحلم الشاشة. أما البعض الآخر، فيفضل البحث عن الجرائد الألمانية، قصد الإطلاع على أحدث التعليقات و المقالات، التي تتناول الأفلام المشاركة، والتي يكتبها النقاد و الصحافيون الألمان كل يوم، في متابعة مستمرة للمهرجان.

ومثل العديد من الزملاء، أستغرب أمام الكم الهائل من المطبوعات و الجرائد و الدعوات الخاصة بالمهرجان، والتي يغرق جمالها وجودة إخراجها، طاولات و صناديق قاعة الصحافيين. منظمو المهرجان على وعي، بأن شرط حضور الفن السابع، هو وجود إستراتيجية إعلامية فاعلة و مستمرة.

أعرف أنه في مهرجان برلين، من الصعب أن نختار بين أمرين، إما النزول لقاعة الصحافة أو أخذ مكان أمام الشاشة. لكن صباح السينمائيين في كل الحالات، يظل ممتعا بقراءاته النقدية و نقاشاته الهامشية . لكن لابد من القول، إن صعوبة إصدار حكم على فيلم بأنه رديء أو جيد، صعب للغاية. فالقراءة الأولى لفيلم متميز، لا تشبه قراءته الثانية أو الثالثة. التعدد في القراءات، يسمح حتما بنقاشات صباحية حارة بين النقاد و الصحافيين، الذين يودون عن قصد أو عن غير قصد، توجيه رأي زملائهم حول فيلم معين، و إصدار حكم عليه، قد يكون قاسيا في بعض الأحيان.

وأنا أتجول في فضاءات المهرجان، أكتشف وجها آخر لصباحات برلين السينمائية. الجمهور الألماني العاشق للصورة السينمائية الجميلة، يضحي بنومه في العسل، و انشغالاته اليومية، و يأتي إلى شباك التذاكر، ونظرة كل واحد من عشاق الفن السابع، مركزة على شاشة، وضعتها إدارة المهرجان خصيصا لمعرفة عدد التذاكر المتبقية للبيع، منتظرا لحظة الحصول على فرصة ذهبية، ومشاهدة فيلم من اختياره، في قاعة توفر نصف المتعة السينمائية (أقصد بنصف المتعة ، التجهيزات و الفضاء ،وروعة المكان في قاعات العروض الألمانية).

صباحات برلين السينمائية تسمح بالحلم و الحب، و كل أنواع التواصل مع الآخر، في تعدده الثقافي و اللغوي . إنها فرصة لا تأتي إلا مرة واحدة كل عام، لكن عندما يحين الموعد، فإنه يحول العاصمة الألمانية إلى عرس فني، تختلط فيه ذوات الضيوف والمضيفين.

الصباح في برلين فريد من نوعه، فهو مثير للجدل السياسي. فمنذ بداية القرن العشرين ومروراً بالحربين العالميتين الأولى والثانية، تم تقسيم برلين إلى شطرين، شرقي و غربي، قبل أن تنتهي الحرب وتهدأ جذوتها على الأقل، بانهيار الاتحاد السوفييتي سابقاً، تمهيداً لإعادة توحيد شطري ألمانيا، أو كما يقول بعض الألمان، إلحاق ألمانيا الشرقية بالغربية، لتعود برلين عاصمة للبلاد، بعد جدل صاخب في أوائل التسعينات.

لا يمر الصباح البرليني دون أن يقف زوار المدينة الذين أتوا من بقاع عديدة لتغطية المهرجان، عند مدينة تمثل “عصارة تاريخ ألمانيا” ، وفضاء التعدد العرقي والثقافي الواسع، والفعاليات الثقافية والفنية المتنوعة التي تحقق متعة لا تنتهي .صباح برلين، يسمح باكتشاف أماكن عدة، كالبرلمان الألماني "الرايشتستاغ" بقبته الزجاجية البراقة، و"بوابة براندنبورغ"، وسوق "جندارم ماركت" ، وهو أجمل أسواق المدينة وأكثرها جاذبية، وشارع "أونتر دين ليندن". الزائر للعاصمة، لا ينسى جدارها الذي تمت إزالة معظم أجزائه في الأعوام الأخيرة من الثمانينات، ولكن تم الحفاظ على أجزاء وقطع صغيرة منه، لتكون شاهدة على التاريخ، الذي لم يطويه الألمان نهائيا.

متاحف برلين تثير عشاق المدن التاريخية "كميوزيام آيلاند". أما نقطة العبور المعروفة باسم "تشارلي تشيكبونيت"، وموقع "الكسندر بلاتس" وضاحية "بوتسدام" التاريخية بمبانيها وأحيائها القديمة، كحي "داتش كوارتر" الجميل بفن عمارته، وقصر "سانسوشي" الذي أدرجته منظمة اليونسكو ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي، لأهميته وقيمته التاريخية والثقافية، كلها مواقع و فضاءات تذكرنا بالماضي الفرح والعصيب الذي مر منه الألمان، تاريخ ما زالت خيوطه حية لحد الساعة.

صباحات برلين، تفتح أمامنا أفقا مسرحيا، تقدم فيه عروضاً للرقص والغناء والموسيقى بمختلف ألوانها بصورة تصل الليل بالنهار، وتجعل من هذه المدينة ساهرة لا تنام، ونابضة بالحياة الليلية .فزوار المهرجان السينمائي، يطلعون على حديقة "بوتسدام" حيث يقع قصر "سانسوشي" التاريخي الذي شيده الملك البروسي "فردريك الثاني"، وفيها أيضاً حديقة دار الشاي الصيني "تشانيز تي هاوس"، وحديقة "شارلوتنبرغ" نسبة إلى ضاحية تحمل نفس الاسم، و تضم قصراً تاريخياً مهيباً ، استغرق بناؤه أكثر من مائة عام، وأضحى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية مركزاً رئيسياً للفنون، وملهماً لإبداعات الرسامين والفنانين.

من يدخل برلين لأول مرة، يلاحظ أن المدينة تطل على نهر يزيدها جمالاً وجاذبية، ويحمل اسم "شبري". وعلى الرغم من الطابع العصري لمدينة برلين، ومبانيها وأسواقها وضواحيها التجارية والصناعية، إلا أن لديها حدائق ومساحات خضراء تشكل متنفساً طبيعياً لسكانها.

لا أنكر أنني أعشق صباحات برلين بمختلف ألوانها، التي تجمع بين الفن و التاريخ ، فهي تنطق بالعقل و اللاعقل، وتلهم الزوار بكل ما قدمه الإنسان على هذه الأرض، التي مازال فيها ما يستحق الحياة .



#محمد_نبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في حوار مع المخرجة المغربية -سيمون بيتون- : أنا لست متفائلة ...
- قراءة فرحة لحوار الأديان في فيلم -نهر لندن- و المخرج لم يقنع ...
- في حوار مع السينمائية المغربية -سيمون بيتون-
- مخرجة مغربية تتناول قضية -راشيل كوري- التي سحقتها جرافة إسرا ...
- انطلاق مهرجان برلين السينمائي الدولي
- حسب هيئة أممية ، ألمانيا لا تحترم حقوق المهاجرين و اللاجئين
- حول فيلم -السلاحف يمكنها أن تطير- : الموت كلغة للتعبير عن ال ...
- كتاب : لماذا تقتل يا زيد ؟ أو الحقيقة الغائبة في العراق
- لماذا توجه سهام النقد إلى مجلس الجالية المغربية بالخارج؟
- تحقيق: كيف تتعامل أوروبا مع الهجرة السرية ؟
- مقدمات أولية لفهم -ثقافة الإشاعة-
- لماذا ينتحر الصينيون ؟
- لماذا تحاكم فرنسا فلاسفة بسبب مهاجرين أفريقيين؟
- دروس في الرسم لمعتقلي غوانتانامو
- كيف نفهم التلفزيون اليوم؟
- متاهات الخبر الصحفي
- دفاتر صحفية : الصحافة وسؤال الماهية
- سينما : هل نحن في حاجة إلى اجتهادات محمد أسد ؟
- قصص مغربية: شيزوفرينيا
- قصص مغربية: جهالة هذا الزمن الرديء


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نبيل - صباحات برلين السينمائية