أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - مازن كم الماز - أمريكا من الرأسمالية إلى الإمبريالية















المزيد.....

أمريكا من الرأسمالية إلى الإمبريالية


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 2557 - 2009 / 2 / 14 - 09:36
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


بعد أن تتحول الحقيقة إلى أسطورة تفقد الحقيقة قيمتها لصالح الأسطورة , هذا ما حدث عندما انتقلت الرأسمالية في أمريكا إلى الإمبريالية فالإمبراطورية , اختفت الحقيقة التاريخية لصالح الأسطورة , أسطورة الحلم الأمريكي , ما تريده هذه السطور هو استعادة الحقيقة , حقيقة أن الحرب و ليست المبادرة الفردية التي تزعم البرجوازية أنها تخدمها لصالح كل البشر هي وراء هذا التحول من الرأسمالية إلى الإمبريالية فالإمبراطورية..المذبحتان الأكبر في تاريخ البشرية هي التي خلقت الإمبريالية الأمريكية , و الحرب الباردة هي التي خلقت الإمبراطورية , ليس في هذه السطور إيديولوجيا , هنا فقط تاريخ دموي غيبته الأسطورة لصالح أسياد العالم الجدد...
"كان البلد قد تعرض إلى أزمة ركود في عام 1914 لكن بفضل المذبحة الجارية في أوروبا بدأت الصناعة الأمريكية في الازدهار كما لم يحدث منذ الحرب الأهلية" ( جون ستيل جوردون , إمبراطورية الثروة , التاريخ الملحمي للقوة الاقتصادية الأمريكية , مكتبة الشروق الدولية , الطبعة الأولى , يناير 2008 , ص 315 ).."و سرعان ما أحس وول ستريت بأثر هذا النمو المفاجئ و حقق متوسط مؤشر داو جونز الصناعي أكبر نسبة مئوية سنوية من المكاسب في تاريخه و هي 86 % في عام 1915" ( ص 316 )..كانت شركة جنرال موتورز ثاني أكبر شركة أمريكية لصناعة السيارات قد انهارت أسهمها بنسبة 39 % في آخر يوم للتعاملات قبل إغلاق بورصة نيويورك للأسهم أبوابها في الأول من أغسطس آب , لتسجل أسهمها ارتفاعا هائلا وصل إلى 81,5 % مع نهاية العام ( ص 316 )..احتاج الجنود الذين انخرطوا في أكبر مذبحة إنسانية حتى ذلك التاريخ إلى كل شيء , البنادق و المدافع و الذخائر , الخيول و السيارات و من ثم الدبابات و الطائرات , و كان ذلك كله يحتاج إلى المال..بدأت الحكومات بالاقتراض لتوفر كل ما يلزم لاستمرار المجزرة , كانت أول صفقة عقدتها بريطانيا مع أمريكا بقيمة 12 مليون دولار من الخيول التي اشتدت الحاجة إليها لنقل قطع المدفعية و المؤن و الذخائر للجبهة ( الأسعار الغالية جدا للخيول في سنوات الحرب كانت وراء إحلال المحراث الميكانيكي محلها على عجل في المزارع الأمريكية في ذلك الوقت )..توقع اللورد كتشنر وزير الحرب البريطاني عند بداية الحرب أن مشتريات الحلفاء من أمريكا لن تتجاوز 50 مليون دولار , لكنها بلغت في نهايتها ما يزيد عن 3 مليارات دولار أي أكثر من إيرادات الحكومة الفيدرالية الأمريكية عام 1916 بأربعة أضعاف , و مع ارتفاع الإنفاق الحربي البريطاني إلى 5 ملايين جنيه يوميا أصبحت قضية تمويل الحرب معضلة للحكومة البريطانية , و انتهت الأمور بها إلى أن طلبت أول قرض من بنك مورغان الأمريكي بقيمة 500 مليون دولار و هو أضخم قرض بنكي حتى تاريخه , لكن تبين أن هذا كان مجرد البداية فقط , فحتى دخول أمريكا الحرب كان بنك مورغان قد دبر قروضا لبريطانيا تساوي 1,5 مليار دولار و أكثر من ذلك لفرنسا , و مع دخولها الحرب أصبحت الحكومة الأمريكية هي المقرض الرئيسي للحلفاء..أقرضت الحكومة الأمريكية الحلفاء 9,6 مليار دولار ما يعادل 8 مرات الدين القومي الأمريكي برمته عام 1916..بقيت أمريكا و رئيسها ويلسون فعليا خارج الحرب حتى 1917 , كان الشيء الذي غير المزاج الرافض للانخراط في الحرب في واشنطن و وول ستريت و وسائل الإعلام هو ما سمي بتلغراف تسيمرمان , الذي زعم أن الألمان قد وعدوا المكسيكيين بأن يعيدوا إليهم مقاطعاتهم المسلوبة نتيجة حروبهم مع أمريكا مقابل إعلان المكسيك الحرب على الولايات المتحدة إذا نشبت الحرب بين أمريكا و ألمانيا , إذن لم تكن رغبة ويلسون المزعومة في فرض حق تقرير المصير لكل الشعوب ( كما تقول الأسطورة ) , و خاصة حق سكان المقاطعات الأمريكية الجنوبية التي انتزعتها أمريكا بقوة السلاح من جارتها الجنوبية..كيف كانت عليه الحال بعد توقف قعقعة السلاح ؟ قبل الحرب في عام 1914 كانت أمريكا أكبر أمة مدينة في العالم , فقد بلغت قيمة استثماراتها في الخارج 3,5 مليار دولار بينما كانت قيمة الاستثمارات الأوروبية في أمريكا 7,2 مليار دولار , انقلب الوضع مع نهاية الحرب , أصبح الأجانب يملكون 3,3 مليار دولار من الأوراق المالية الأمريكية , فيم بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية التي امتلكها الأمريكان 7 مليارات دولار , و كانت بريطانيا و فرنسا مدينة للحكومة الأمريكية ب 9,6 مليار دولار , أي أن أمريكا تحولت من دولة مدينة بمبلغ 3,7 مليار دولار إلى دائن بمبلغ 12,6 مليار دولار..لم تعد أمريكا فقط قوة صناعية بارزة في العالم بل و أصبحت قوة مالية كبرى أيضا اليوم , وحدها أمريكا خرجت من هذه المذبحة منتصرة فعليا بينما ضعفت بريطانيا و فرنسا لدرجة كبيرة و إن لم تكن نهائية بعد..كان للحرب العالمية الثانية دورا أكبر في تحفيز الاقتصاد الأمريكي , خاصة و أنه كان بالكاد يحاول التغلب على آثار أكبر كساد تعرض له في أوائل الثلاثينيات , في ذروة تلك الأزمة كان الوضع بائسا بشكل غير مسبوق , وصل حجم العجز في ميزانية الحكومة عام 1932 إلى 2,7 مليار دولار , و كان هذا أسوأ معدل للعجز في وقت السلم في كل التاريخ الأمريكي حتى ذلك اليوم , كان الناتج القومي عام 1932 يمثل فقط 56 % مما كان عليه قبل 3 سنوات , و استقرت البطالة عند مستوى غير مسبوق و هو 23,6 % رغم أن هذا المعدل لا يقدم صورة فعلية عن حقيقة الأزمة , فقد كان ملايين آخرين يعملون فقط لبعض الوقت أو بأجور منخفضة جدا , و بلغ عدد البنوك التي أعلنت إفلاسها 5096 بنكا..في 14 فبراير شباط 1933 أمر حاكم ميتشيغان كل بنوك الولاية بإغلاق أبوابها ل 8 أيام لمنع الذعر المنتشر من تدمير ما تبقى من نظام البنوك بالولاية , حاصر المودعون الغاضبون البنوك في كل مكان و أخذوا يصيحون مطالبين بأموالهم , و بحلول 4 مارس كانت كافة البنوك في 32 ولاية قد أغلقت أبوابها تماما و أغلقت تقريبا في 6 ولايات أخرى فيم قلص حكام الولايات العشر التي ما زالت بنوكها تعمل بشدة ما يمكن سحبه , في تكساس مثلا كان لا يمكن سحب أكثر من 10 دولارات يوميا..كان على الرئيس القادم , روزفلت , أن يتحرك بسرعة , قام بعرض مشروع قرار البنوك على مجلس النواب عند الساعة 1 بعد ظهر الخميس 9 مارس الذي أقره دون أن يقرأه بعد 38 دقيقة فقط , و أقره مجلس الشيوخ في وجه معارضة 7 أصوات فقط و وقع عليه الرئيس ليصير قانونا في الساعة 8,36 تلك الليلة..كانت هذه بداية العقد الجديد كما سمي فيما بعد , لكن التعافي كان بطيئا مؤلما , و قد نسب أساسا لهذا العقد الجديد أو لسياسة التدخل المباشر الحكومية في الاقتصاد ( كما تقول الأسطورة , و كما يحاول أوباما أن يفعل اليوم و كما فعل بوش في أواخر أيامه )..في ديسمبر كانون الأول 1941 هاجم اليابانيون بيرل هاربر و كان هذا يعني انضمام أمريكا الفوري للحرب , أعلن الكونغرس الحرب على اليابان في اليوم التالي و في يوم 11 ديسمبر أعلنت ألمانيا و إيطاليا الحرب على أمريكا..في الأشهر الستة الأولى من عام 1942 منحت الحكومة الأمريكية عطاءات عسكرية بأكثر من 100 مليار دولار أي أكثر من أجمالي الناتج القومي عام 1940..أنتجت شركة فورد وحدها عتادا حربيا أكبر من حجم الاقتصاد الإيطالي برمته..في عام 1940 كان الناتج القومي 99,7 مليار دولار , و قفز في عام 1945 إلى 211,9 مليار دولار , و في غضون ذلك صارت البطالة غير موجودة فعلا..و بغرض تمويل الحرب و تلك العطاءات جرت مراجعة السياسة الضريبية عام 1942 , و خفض الحد اللازم لدفع ضريبة الدخل...قبل عام 1942 ( عام إصدار قانون العائدات ) لم يدفع ضريبة الدخل إلا 4 ملايين أمريكي , و عندما خفض القانون حد الإعفاء الضريبي من 1231 دولار إلى 624 دولار بلغ العدد 17 مليون و في نهاية الحرب كان 42,6 مليون أمريكي يدفعون تلك الضريبة , هكذا جرى الاستفادة من كل ما في جيوب الأمريكيين العاديين لشراء المزيد من أدوات القتل لتدفع في نهاية المطاف لأصحاب تلك الشركات التي تصنعها..ما الثمن الذي دفع لتبلغ الرأسمالية الأمريكية مركزها الجديد ؟ لا توجد بعد قائمة كاملة لضحايا الحرب العالمية الثانية , لم تكن الرأسمالية الأمريكية المجرم الوحيد يومها , رغم أنها حاولت أن تزعم أنها كانت تقاتل دفاعا عن الحرية أمام عدو همجي – النازية , الذي كان خصما محترما أو حليفا محتملا حتى قبل فترة قصيرة جدا من نشوب الحرب , قبل أن يتحول إلى عدو "همجي" , تماما كما حدث مع العدوين التاليين : الستالينية و الأصولية الإسلامية فيما بعد...هنا سأكتفي بأن أذكر ما قاله الجنرال باتون لقواته قبل أن يتم إنزالها على الشواطئ الإيطالية "حين ننزل على الشاطئ سنجد أمامنا جنودا إيطاليين و ألمانا , ستكون مهاجمتهم و إبادتهم شرفا و امتيازا لنا . ثمة كثيرون بيننا يسيل في عروقهم دم ألماني أو إيطالي , فليتذكر هؤلاء أن أسلافهم أحبوا الحرية حتى تركوا أوطانهم و أرضهم , و اجتازوا المحيط كي يجدوها هناك . إن أسلاف الناس الذين سنقتلهم الآن , افتقروا إلى شجاعة الإقدام على تضحية كهذه , فواصلوا العيش عبيدا" ( رحمتك يا الله ! صفحات مجهولة من تاريخ أمريكا , يواخيم فرناو , تعريب ميشيل كيلو , شركة الحوار الثقافي , لبنان , الطبعة الأولى 2003 , ص 311 )..انتهت الحرب العالمية الثانية و الاقتصاد الأمريكي قد أصبح الأول في العالم , كانت أمريكا قد دخلت مرحلة الإمبريالية الكبرى....لنعد إلى الثلاثينيات , ما قبل الحرب العالمية الثانية , شهد عام 1937 أزمة جديدة , عادت البطالة لترتفع إلى 19 % و انخفض الناتج القومي بنسبة 6,3 % , بدأ الانتعاش ثانية عام 1938 , لكن البطالة ظلت مرتفعة بعناد , بلغت نسبتها 14,6 % أواخر 1940 , "و في نهاية المطاف لم يكن العقد الجديد هو الذي شفى الاقتصاد الأمريكي العليل . كانت الحرب" ( غوردون , إمبراطورية الثروة , ص 375 ).....



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأخلاق : فضائل الدولة لميخائيل باكونين
- عن الشهادة و الشهداء
- لا تسجد
- جدل مع مقال الأستاذ ياسين الحاج صالح عن المجتمع المكشوف
- في مديح الديكتاتور مهداة للرفيق ستالين
- محمود درويش من أحمد الزعتر ( 1977 ) إلى خطبة الهندي الأحمر ( ...
- المعارضة الليبرالية الديمقراطية للأناركية
- عن هويتنا كبشر
- تعليق على دفاع الأستاذ غياث نعيسة عن الماركسية الثورية
- لا دولة واحدة و لا دولتين , بل لا دولة
- وا معتصماه ! : أمجاد الجنرالات و عالم الصغار
- ملحمة غزة
- استخدام البشرة السوداء لكينغ و أوباما لتحسين الحلم الأمريكي
- بيان أممي شيوعي أناركي عن الوضع في غزة إسرائيل
- مولاي قراقوش
- الحقيقة عن غزة
- أموت خجلا يا غزة
- أنظمة رأسمالية الدولة البيروقراطية : مقاربة
- لقطات من الحرب على غزة
- موت الليبرالية العربية


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - مازن كم الماز - أمريكا من الرأسمالية إلى الإمبريالية