أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محسن صابط الجيلاوي - النار فوق قمة جبل















المزيد.....

النار فوق قمة جبل


محسن صابط الجيلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 784 - 2004 / 3 / 25 - 09:19
المحور: الادب والفن
    


نوروز شعلة الحرية في قصة شعب مقاوم، ذلك هو اختصار شديد لمسيرة كفاح الشعب الكوردي، تلك المسيرة التي بدأها ذلك الإنسان الكادح كاوه ضد الطغيان...لقد هزتني هذه الروح العميقة المضمون للحكاية، أنا العربي ابن الجنوب والذي تربى في أحضان عائلة أممية الثقافة، ليس عبثا إن أول كتاب اشتريته بنقودي القليلة التي أخذها من الأهل- كيوميه- هو كتاب يتحدث عن الملاحم الكردية، يومها كنت أعتقد أنني وضعت نقودي في كتاب لا قيمة له، وعندما رآني ابن عمي وهو كاتب ومثقف استشهد على أيدي العفالقة أعجب كثيرا بهذا الاختيار وبدا يحدثني عن أمجاد هذا الشعب وقصصه الكفاحية الطويلة في طريق النضال من أجل الحرية...

لم أكن أعرف إن الأيام تدور لأعيش ربيع عمري في كوردستان بين أهلها وعلى قمم جبالها ووديانها وربيعها الدائم...

نوروز يكون اكثر تعبيرا وعمقا في المعنى وأنت تعيش بين جبال شاهقة، يعني الكثير عندما ترى نار مشتعلة على قمة جبل، حيث يصاغ تكثيف شديد للحرية، لفرادة الإنسان، لعبقريته، وتوحده الشديد بطقس هو مزيج من الصوفية والعبادة الشديدة المعنى والغموض معا …

طالما هناك نار على رأس جبل، هناك دفأ وحياة ومقاومة...

طالما هناك نار على سفح هناك تعلق شديد بالحياة، حيث الرعاة وأغانيهم، وقصص الحب، ( والحيران )الموجع بالحنين وبالحزن والوداع عن ناس كانوا هنا يوما ثم غادروا تحت سماء زرقاء صافية ترقص لها ورود ممتدة بلا نهايات لكي تتوحد مع إدهاش الخالق الجميل…

هناك كل شئ عال، الجبال، النسور، الكهوف، مناجم الفطر، وكردي يبحث عن زوستان…

نار على قمة جبل شيء يقربك لعالم النجوم المشعة في سماء صافية تحتضننا نحن البشر...

نوروز يعني فتاة كوردية ترقص بكل ذلك الشموخ رغم الخوف والقهر...

لقد علمتني تلك السنوات التي قضيتها هناك الكثير، هي تجربة للحياة رسخت في قناعة كبيرة أنني أمام شعب منفتح على الآخر، منفتح على الحياة، ومستعد للعيش بسلام...

قصة كفاح هذا الشعب هي قصة مكثفة للصمود والبقاء …

في هذه السنوات تعلمت من الشعب الكوردي الحب بصورته الشديدة البساطة ولكنها المعجونة بالإخلاص …

تجولت في مئات القرى ولم أجد فيهم تعصب و عنصرية تجاهي أنا العربي بل بالعكس وجدت أنني أمام شعب تجاوز كثيرا أعضاء الإقليم الذين عشت بجوارهم سنين طويلة وفي نفس الحزب ولكن لم أرتبط بصداقة أي واحد منهم، في حين لي صداقات من أهالي القرى لا تحصى..
كيف أنسى تلك الأم الكوردية التي مسكت أمر المفرزة من ياقته عند دخول المفرزة وكنت في مهمة خارجها ضنا منها أنني استشهدت لسماعها استشهاد رفاق من مفرزة أخرى

كيف أنسى احتفاء الناس على فقرهم بوجودنا…

تعلمت في كوردستان معنى اللون وحضوره في ملايين الزهور الممتدة بلا نهايات على سفوح خضراء..

تعلمت ذلك الصبر لطائر القبج في يوميات شتاء قاس...

ذلك الإنسان الأسطورة الذي حول الروبارات إلى نظام ري عجيب لسقي الأراضي…

عن بسالة الخيول وهي تنقل المحاربين..

عن ثقة الدليل في ليل ظلمة شديدة

عن الفرح في النزول في مفرزة لمقاتلة الفاشست

عن الكرم في ضيافة بيت كردي فقير..

عن فتاة بزي متعدد الألوان وهي تسير على سفح جبلي ملئ بالأشجار وتقاطيع مدهشة لصخور حجرية قُدت بتوالي ملايين من السنيين..

عن الشهيد ومراسيم دفنه..

عن الرقص فوق ثلوج بيضاء…

عن عرس في مخيم للاجئين في حلبجه ..

عن طقوس دفن الشهداء…

عن البراعة في الحياة..

عن الحياة في لا حياة أحيانا..

عن الباكردان، التاورداس، البشتين، الجمداني، القابورية، البنج بسمار، الحيران، النان، عن مفردات بسيطة لحياة بسيطة ولكنها عميقة المحتوى جعلت منا نحن أبناء المدن نعرف كيف نحارب…

عن شجر- الاسبندار- رمز الحياة…

عن قنديل ، متين ، كارا…

عن ملايين عيون الماء، اسمينا بعضها عيون الببسيي لعذوبتها الشديدة…

عن الدبكات والضرب على الأرض بكل العنفوان والبسالة…

عن المرحوم أبي ميلاد، العربي ابن الثورة والذي حفظ أغاني الكورد وأبدع في أدائها..

عن ابني الذي جاء هناك…

عن الحب، الصداقة، المصير…

عن الربيع المتدفق برائحة الطلع، والزهور، وغليان الأنهار…

عن المجهول خلف ظهور الجبال..

عن الزوابع الثلجية التي لفت الرجال…

عن الشجاعة والخوف…

عن رجال خسرهم العراق
عن رجال أرتاح منهم العراق

عن صراخ الأطفال

عن غضب الطائرات..

عن روحي الباقية أبدا هناك..

عن الشهداء أبو ندى، أبو محمد، أبو سحر، سليم، أوميد، يوسف، عبير، رعد، عميدة، أنسام، عادل، محسن، على، أبو كريم، تحت كل صخرة مجد عربي باسل هناك…

عن الغضب..

عن الحب

عن الآلام

عن طائرات استهدفت حليب طفل رضيع…

عن …

وعن...

كل شيء لا زال حاضرا في ذهني وروحي بكل طراوة ومخاطر تلك الأيام …

لقد عشت سنوات قاسية ولكنها جميلة…
سنوات حاول البعض أن يوسخها بشعارات الايدولوجيا...

ولكوني اطمح لبناء أمّة عراقية نسيجها كل الشعب العراقي، بكافة أطيافه القومية والفكرية والدينية
أعلن طلب انتماء للشعب الكردي فقد تكون الأيام قد خدشت هذا الانتماء القديم، المعتق بالتاريخ وبالجغرافيا …

لا فرق طالما ننتمي لأمة واحدة تحترمنا جميعا اسمها العراق…

ولن أجد اكثر من الحزب الديمقراطي الكوردستاني طريقا لذلك، فهو الذي أكرمني مرتين بضيافته تحت ظروف قاهرة، الأولى بعد مجزرة بشتا شان والثانية بعد الأنفال، حيث نلت زادهم ومائهم، وكانوا مُتهمين دائما بأنهم حزب كلاسيكي، ولكنه الحزب الوحيد الذي لم تقوده الشعارات لارتكاب الحماقات وحافظ على طيبة وأصالة شعبنا في العيش المشترك..قيادته اكثر القيادات قدمت شهداء وأكثرها قربا منا نحن العرب، وقواعد هذه الحزب لم تشعرنا بالغربة يوما ما، وكان في كل الظروف مُعتدى عليه، ورغم ملاحظاتي على الحزب الديمقراطي لكني أجد فيه الحزب الوحيد الذي تمتع دوما بالعقلانية والقدرة على التطور والانتماء للوطن، عكس الذين قتلونا شعارات زرعت الحقد والكراهية والعذاب والاقتتال…

ذلك هو إحساسي...

لهذا أعلن انتمائي للشعب الكوردي طالما أنتمي للعراق متمنيا من الفرع الأول والأستاذ مسعود البارزاني أن يدعو لتنظيم مسيرة ولكن بدون سلاح هذه المرة للبشمركة من العرب والكورد بدعوة مفتوحة للجميع عبارة عن مسيرة من وادي خواكورك حتى كامل الشريط الحدودي للفرع الأول، لكي نمجد الناس والقرى التي تحملت أعباء كثيرة لخدمة الوطن، ولكي نعيد ذكريات أخوتنا المشتركة تحت كل الظروف والمنعطفات…

فهل من يقرأ يا ترى …؟؟؟

وكل عام وانتم بخير...

* هناك الكثير من المفردات الكردية التي موجودة في المقالة، اتركها دون ترجمتها وللذي لا يعرف معناها عليه أن يتعلمها من من الأخوة الأكراد….



#محسن_صابط_الجيلاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقع الشباب الغائب في قانون إدارة الدولة العراقية يعني غياب ...
- شاعر وقصيدة
- يعد الصمت ممكناً…!
- دورة استحالة القائد كيف تصبح قياديا في حزب عراقي بسبعة ….بدو ...
- قلق
- في يوم الشهيد الشيوعي …وجهة نظر أخرى للحفاظ على الحياة
- مدخل إلى عالم المترجم والقاص الدكتور علي عبد الأمير صالح
- خيون حسون الدراجي – أبو سلام
- شاعر وقصيدة - حميد حسن جعفر …. والكلام
- ملف عن الشهيد ، ملف عن الإبداع المقاوم…
- حول قرارمجلس الحكم 137 الرجعي
- إلى رجل الايروتيكا السياسية سعدي يوسف
- خيول
- نصوص عراقية / العدد الثاني
- من اجل(طبقة) سياسية جديدة في العراق
- خيول
- حوار هادئ مع شاعر النشيد الطويل… برهان شاوي
- مقاومة الأيتام…
- المقاومة يا عرب…!!
- بدون تعليق


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محسن صابط الجيلاوي - النار فوق قمة جبل