أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبدالله تركماني - مجتمع المعرفة وتحدياته في العالم العربي (2)















المزيد.....

مجتمع المعرفة وتحدياته في العالم العربي (2)


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 2554 - 2009 / 2 / 11 - 07:37
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


تحديات مجتمع المعرفة في العالم العربي
نشر الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ( U N D P) تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2003 تحت عنوان " نحو إقامة مجتمع المعرفة "، الذي يتركز حول سبل تجاوز المعوق الرئيسي الثالث الذي يعترض طريق التنمية الإنسانية العربية وهو نقص المعرفة.
كما أنّ " التقرير العربي الأول للتنمية الثقافية " الذي أعدته " مؤسسة الفكر العربي " في أواخر العام 2008 لا يختلف، في نتائجه، كثيرا عن التقرير السابق الذكر، إذ تناول قضية نقص المعرفة في المنطقة العربية، وعالج مواضيع تراوحت بين نوعية التعليم وحرية الرأي والتعبير، وخلص إلى أنه لا يمكن للدول العربية أن تزدهر وتحقق تنمية إنسانية فعلية إلا من خلال الاهتمام بتأسيس مجتمعات المعرفة.
وقد أشار التقرير إلى ضعف نوعية التعليم العالي في المنطقة العربية من منظار دولي، والى مجموعة التحديات التي تواجه قضايا نوعية التعليم في العالم العربي وأهمها قضية الكثافة الطلابية التي لا تتناسب مع القدرات الاستيعابية للجامعات، وقضية ضعف الموارد المتاحة " المباني، والتسهيلات العلمية، والمكتبة والمراجع والدوريات وغيرها "، إلى جانب القضية المتعلقة بأوضاع أفراد الهيئة التعليمية وفرص تطويرهم، وأيضا القضية التي تتعلق بالبحث العلمي " الافتقار إلى التقاليد الراسخة في البحث العلمي وغياب الخطط البحثية "، إلى جانب القضية المتعلقة بالإدارة والتسيير، فضلا عن قضية تتعلق بالمخرجات والتي تتمثل في إحباط الخريجين عند فشلهم في الفوز بعملٍ مجدٍ ومناسب للشهادة التي يحملونها.
إنّ الثورات المعرفية والتكنولوجية والمعلوماتية عرّضت العالم العربي لما يسمى بـ " صدمة المستقبل "، بكل ما تنطوي عليه من تحديات وأخطار تمس الكيان العميق للأمة العربية. وتزداد الأخطار تأثيرا بسبب ما يعانيه الكيان العربي نفسه من عوامل الضعف المتمثلة في انتشار الأمية، وافتقاد بعض الأقطار العربية المال والخبرات والخطط، وتخلّف برامج التربية والتعليم عن حاجات المجتمعات العربية ومتطلبات العصر، ونقص الحريات، وانعدام المشاركة الشعبية الحقيقية والفاعلة، وعدم شمولية السياسات الثقافية، وضعف الصناعات الثقافية، وسيادة الإعلام السطحي. فضلا عن عوامل أخرى تتصل بالسياسات الثقافية العربية، وضعف التخطيط الثقافي قطريا وقوميا، ومحدودية الاهتمام بالثقافة في النطاق العربي وبإشعاعها خارج العالم العربي وبصلاتها مع الثقافات المعاصرة.
مكانة العرب في المعادلة الجديدة لمجتمع المعرفة
ما هو موقع ومكانة العرب في هذه المعادلة الجديدة ؟ وما هي العدة التي أعدتها الدول العربية لمجتمع المعرفة ؟ وما هي السياسات التنموية والاستراتيجيات المختلفة التي اعتمدتها للاستفادة من الانفجار المعلوماتي واللحاق بالدول المتقدمة وتفادي التهميش والتأخر ؟
للإجابة عن هذه التساؤلات يجب العودة إلى الوراء وإلقاء نظرة نقدية لواقع العالم العربي في المجال العلمي والمعرفي:
(1) - يلاحظ أنّ الموازنات التي تخصص للبحث العلمي في العالم العربي لا تكاد تذكر، كما أنّ مؤسسات البحث العلمي تسيطر عليها البيروقراطية والشكليات أكثر من أي شيء آخر، والشيء نفسه يمكن قوله بالنسبة للبحث العلمي داخل المؤسسات الجامعية.
(2) - في معظم الدول العربية لا تعتمد الحكومات على بيانات ومعلومات ودراسات في اتخاذ قراراتها، وهذا يعني أنّ المعلومة كمصدر قوة لا تعني شيئا بالنسبة للكثير من أصحاب القرار في العالم العربي، وهذا يتناقض - أساسا - مع روح وفلسفة مجتمع المعرفة.
(3) - في معظم الدول العربية مازالت وسائل الإعلام تعاني من الرقابة والولاء الأعمى للحكومات، وهذا يعني أنّ مصدرا من المصادر الرئيسية للمعلومات يعتبر مبتورا ولا يقوم بدوره في المجتمع كما ينبغي. وهنا يجد المواطن العربي نفسه أمام خطاب إعلامي لا يتفاعل ولا يتماشى مع روح مجتمع المعرفة.
(4) - تهميش المواطن العربي وعدم إشراكه في الحياة السياسية وفي عملية اتخاذ القرار، وهذا الموقف من الفرد ينفي أساسا فكرة أهمية المعلومة وكونها مصدر قوة في المجتمع.
(5) - ضعف البعد الاستشرافي والاستراتيجي في العديد من الدول العربية، حيث معالجة الأوضاع والقضايا يتم بطريقة يومية روتينية.
لقد أصبحت المعرفة العلمية والتكنولوجية عنوان العصر، والمفارقة التي يعاني منها العالم العربي تتمثل في أنه لم يحقق النموذج الكلاسيكي للتنمية، نموذج الثورة الصناعية الثانية، في الوقت الذي هو مضطر فيه إلى تحقيق نموذج الثورة الصناعية الثالثة، أي الثورة المعرفية والتكنولوجية وثقافة مجتمع المعرفة.
لقد بيّن التقرير العربي الأول للتنمية الثقافية الذي أصدرته مؤسسة الفكر العربي أنّ العدد الإجمالي لمنشورات العالم العربي من الكتب خلال عام 2007 هو 27809 عناوين، أي أنّ كل 11950 مواطنا عربيا يكون له كتاب واحد بينما لكل 491 مواطنا إنكليزيا كتاب واحد ، ولكل 713 مواطنا أسبانيا كتاب واحد. وعلى صعيد دوافع استخدام الإنترنت لدى المواطن العربي يأتي دافع الترفيه في المرتبة الأولى بنسبة 46 % بينما يبلغ دافع التماس المعلومات 26 % ويبلغ عدد المواقع العربية المسجلة على الإنترنت 41745 موقعا حسب إحصائية 2007، ولا يشكل هذا العدد سوى نسبة 0،026 من إجمالي عدد المواقع العالمية.
أسباب عجز العرب عن استيعاب التطورات العلمية
الثقافة العربية المعاصرة لا تخلو من نقائص كثيرة تعوق تقدم المعرفة، إلا أنّ التركيز المستمر عليها في الندوات والمحاضرات والأوساط العلمية والإعلامية يطمس العوامل الأهم والأعمق في تفسير عجز العرب عن استيعاب التطورات العلمية والتقنية وتمثلها، وكذلك عن تطوير الثقافة العربية بما يتلاءم مع حاجات هذا الاستيعاب، وأعني بها العوامل الاجتماعية والسياسية.
فمما لا شك فيه أنّ الوضع السياسي العربي الذي يتميز بعدم الاستقرار واحتدام الصراع والتنافس على المناصب، النابع من الافتقار لقاعدة ثابتة ومقبولة للتداول السلمي على السلطة بين النخب المتنازعة، أي للديمقراطية، يشكل أحد العوائق الكبرى أمام نمو المعرفة وتوطنها النهائي وترسخها في التربة العربية.
ولعل من أهم النتائج السلبية لهذه الوضعية، وأكثرها مساسا بعملية التنمية المعرفية ، ما هو معروف من تدخل مباشر لأجهزة الأمن والأجهزة السياسية الحاكمة في التعيينات بالمناصب المعرفية العلمية أو الفكرية أو الأدبية، لاستبعاد الشخص غير الموالي للنظام أو لوضع الشخص الموالي وتنفيعه. مما يعني التضحية، في سبيل ضمان السيطرة السياسية على مؤسسات المعرفة، بكل معايير الكفاءة والتكوين.
وإذا كان السبب الأول في ضعف الإنتاج والبحث العلمي والتقني في العالم العربي هو نقص الاستثمارات المادية والبشرية، فإنّ السبب الذي يفسر الضعف الشديد في عوائد مؤسسات التعليم والبحث العلمي العربي القائمة هو سيطرة الاستراتيجيات السياسية على هذه المؤسسات وحرمانها من الأطر الصالحة الكفء والمناسبة من جهة، ومن الاستقلالية التي لا غنى عنها لأي رجل علم وبحث ومعرفة ولأي تجديد وإبداع معرفي من جهة ثانية . فمن دون ذلك تتحول المؤسسات المعرفية إلى أجهزة وأدوات إضافية لتعزيز سيطرة النخب الحاكمة وتوسيع قاعدتها الاجتماعية التي تستند إليها ولا يبقى لها أية علاقة بميدان المعرفة، سواء أكان تعليما أم بحثا أم تجديدا تقنيا.
ومن هنا يشكل إخضاع مؤسسات البحث العلمي للاستراتيجيات السياسية وللصراع على السلطة وتقديم مقاييس الولاء في إدارة هذه المؤسسات على مقاييس الكفاءة والمعرفة، وتقييد الحريات الفكرية والسياسية للباحثين، وفي وسط الرأي العام معا، وما يقود إليه من تكبيل للعقول الحية وإخماد لجذوة المعرفة وقتل لحوافز الإبداع، يشكل كل ذلك السبب الرئيسي لتأخر المنظومة العلمية التقنية وضعفها الإداري والمعرفي وعجزها عن الإنتاج والإبداع.
وبالمثل، يشكل التوزيع المجحف للدخول، والتمييز المتبع في كثير من الحالات بين فئات السكان، عائقا خطيرا أمام عملية اكتساب المعرفة وتنميتها. ففي أغلب البلدان العربية لا يؤدي تضافر النظام السياسي التسلطي مع نظام التمييز السائد بين المواطنين، على أساس الولاء السياسي أو الجنس أو الدين أو المنطقة أو العشيرة أو الطائفة، إلى سوء توزيع الثروة الوطنية والتباين الفاحش في المداخيل فحسب ولكن، أكثر من ذلك، إلى تركيز الثروة في أيدي فئات طفيلية منفصلة عن سيرورات الإنتاج والاستثمار والتجديد التقني الرئيسية، وبعيدة كليا عن التفكير في المصالح العامة والانشغال بهموم التنمية الإنسانية.
وإلى هذه الأسباب وغيرها يرجع فساد نظم التكوين والتأهيل والإنتاج المعرفي والتراجع المستمر في مستوى التكوين العلمي والتقني، وفي موازاة ذلك غياب مفهوم الإتقان نفسه أو تغييبه في المؤسسات والدوائر الاقتصادية والإدارية والقبول بمفهوم ضعيف لتسيير الأمور والحفاظ على الأوضاع القائمة، أي في الواقع قتل روح المبادرة والتجديد والإبداع والتحسين عند جميع العاملين وداخل المجتمع بأسره.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجتمع المعرفة وتحدياته في العالم العربي (1)
- مجتمع المعرفة وتحدياته في العالم العربي (3)
- أولوية ترتيب البيت الفلسطيني
- تركيا الصاعدة في الشرق الأوسط
- هل يكفي الغضب العربي لنصرة أهل غزة ؟
- القوة - الذكية - للسياسة الخارجية الأمريكية
- محرقة غزة .. إلى أين ؟
- المخاطر المحيطة بعرب إسرائيل
- الحل الوسط في الصحراء الغربية
- هل يكسب الفلسطينيون الرهان ؟
- حسيب بن عمّار .. وداعا
- حقوق الإنسان .. تراث مشترك للإنسانية
- تحديات مغاربية
- حقوق الإنسان في عالم متغيّر
- كيفيات التعاطي المغاربي المجدي مع التحديات
- حقوق الإنسان في التشريعات العربية
- حوار الثقافات .. إلى أين ؟


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبدالله تركماني - مجتمع المعرفة وتحدياته في العالم العربي (2)