أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عديد نصار - البرجوازية الوضيعة ( الصغيرة )، القاعدة العريضة للنظام الطائفي















المزيد.....

البرجوازية الوضيعة ( الصغيرة )، القاعدة العريضة للنظام الطائفي


عديد نصار

الحوار المتمدن-العدد: 2554 - 2009 / 2 / 11 - 07:38
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لم يكن الاستعمار الأوروبي الرأسمالي ليسمح للمجتمعات المستعمرة أن تقيم أنظمتها الرأسمالية المستقلة وذلك كي يستمر في استخدامها كأسواق لسلعه و منتجاته و منابع للمواد الأولية و مصادر للطاقة. غير ان الحرب العالمية الثانية فرضت إقامة صناعات متعددة في البلدان المستعمرة تلبية لحاجات الجيوش و البلدان المستعمِرة، و بذلك نشأت في لبنان ( كما في غيره من البلدان ) صناعات وطنية و بالتالي طبقة او نواة طبقة عاملة من جهة و طبقة رأسمالية او نواة لطبقة راسمالية من جهة أخرى.
و قد تجلت فاعلية ذلك في المرحلة التاريخية التي أعقبت الحرب العالمية الثانية وصولا إلى منتصف الثمانينات من القرن الماضي. فانتشرت المصانع في المناطق المحيطة بالعاصمة بيروت و في جبل لبنان و مناطق متفرقة أخرى في المحافظات. و ترك كثير من الشباب " كار " الفلاحة و الزراعة لأهاليهم و التحقوا بالعمل في المصانع. فالزراعات الصغيرة ما كانت لتؤمن السيولة الكافية للمصاريف المتزايدة للأسر الفلاحية في الريف، خاصة بعد انتشار التعليم و ارتفاع تكاليفه على الأهلين، إضافة لتزايد حاجاتهم إلى سلع مستجدة لتنمية أعمالهم الزراعية التي ازدادت تكلفة إنتاجها، بل تضاعفت.
و قد استطاع العمال، في تلك المرحلة أن يثبتوا وجودهم كطبقة منتجة على المستوى الوطني، فأنشأوا تنظيماتهم النقابية و خاضوا نضالاتهم المطلبية و حققوا العديد من المكاسب.
غير أن الحرب الأهلية أدت إلى دمار واسع أصاب القطاع الصناعي الذي كان، ما أن تهدأ المدافع، حتى ينهض من بين الأنقاض لتعود عجلة المصانع إلى الدوران و يعود العمال إلى الانتاج.
يمكن ملاحظة أن الحرب لم تجهز على القطاع الصناعي، و لكن، بعد الحرب ، جاءت السياسة الحريرية التي كانت أشد فتكا من الحرب و أكثر ضراوة في القضاء على القطاعات الانتاجية و الاجهاز على كل الأسباب التي تجعل من عودة الصناعة أمرا ممكنا.
هجر العمال وحداتهم الصناعية، بل هاجروا خارج البلاد بحثا عن عمل. و هاجرت المصانع أيضا بحثا عن بلدان أخرى تهيء الظروف الملائمة للإنتاج.
و في نفس الوقت، غدا " كار " الفلاحة من الماضي ( فلكلورا !) لا يقيم أود أحد من الفلاحين الصغار بسبب ارتفاع مذهل في تكاليف الانتاج و صعوبات جمى في تصريف هذا الانتاج. فهجره الفلاحون تاركين أراضيهم الزراعية نهبا للمضاربات العقارية، و للطرق الدولية !
و هكذا، فمن لم يهاجر من أبناء الطبقات المنتجة، ( صناعيين، عمال، إداريين، مزارعين و فلاحين ) فقد انحدر، في معظمه، إلى برجوازية صغيرة، أو وسطى، تكيفت مع السياسة الحريرية السائدة، سياسة السمسرة و سندات الخزينة و الفساد الذي استشرى كالنار في الهشيم!
و هكذا تمددت الطبقة البرجوازية الصغيرة بحيث أصبحت الطبقة الأكثر اتساعا و تمددا في لبنان.
و تعرف طبقة " البرجوازية الصغيرة" أو الوضيعة، بأنها الطبقة الأكثر إنتهازية بين طبقات المجتمع. و هي تتشكل من عناصر لا تتعاطى مباشرة في أي عملية إنتاج مادي. و هي ، في غياب الفلاحة و الزراعة التقليدية، أصبحت تشتمل على : صغار الموظفين و العسكريين و التجار و السماسرة و معقبي المعاملات و صغار الملاكين و الخدماتيين في كل شأن و حال ... أو بكلمة " لبنانية " واحدة : طبقة " الكسّيبة "!
و " الكسّيب " هو من يبحث عن أو ينتظر فرصة لينتهزها. يفتش عن الكسب في اي مكان و باية طريقة، تتراوح بين العمل " الدكنجي " وصولا إلى الأعمال غير المشروعة متكلا على ما يسمى باللبناني : " شطارة ". و " الشطارة " هي أن تعرف كيف تحصل رزقك أغمارا بجهد ذهني أقل. و يندرج تحت بند " الشطارة " العلاقات العامة و السمسرة و الواسطة و التظبيطات على أنواعها و البلف و الغش و الخداع و النصب و التزوير و الاتجار بالممنوعات و التهريب و الرشى و كل ضروب الفساد الإداري و القانوني و السياسي و صولا إلى .. الأمني ! ( عمل استخباري داخلي ، خاص ، خارجي .. تعامل مع الأعداء ... و جميعها من أجل مصالح وضيعة على قياس تلك الطبقة ..
البرجوازية الصغيرة لا تعرف عمل الفريق – الورَش . تتألف من أناس " فراطة " ( حزمة بعر ! ) لا تجمعهم مصالح مشتركة. ينظرون إلى الفساد بأعينهم و يعرفونه و لا يقاومونه أو يعترضون عليه! لماذا؟ لأنهم يتأملون أن يصيبهم فتات منه و لو بعد حين! لذلك فهم لا توحدهم قضية و لا يجمعهم فكر. فهم سريعو التقلب و الانقسام. لا تسيّرهم قناعات، بل مصالح فردية دنيئة.
تشكل هذه الطبقة القاعدة المثلى للنظام الطائفي و المذهبي و مختلف أنظمة التحاصص و الفساد.
و بعبارة: إن الانتهازية هي من الصفات الأبرز و الملازمة لهذه الطبقة، إضافة إلى كونها الطبقة الأكثر استعدادا للتفسخ و الانقسام.
و انطلاقا من هذا يمكننا تفسير الظواهر التالية:
- انتشار الفساد في المجتمع اللبناني، و على جميع المستويات و الصعد، و تحوله إلى داء عضال يصعب تطويقه و الحد منه.
- تعمّق الانقسام المذهبي و الطائفي و المناطقي و العائلي، بحيث شكلت هذه الطبقة القاعدة العريضة للنظام الطائفي، و أصبحت الشعارات الطائفية و المذهبية على المستوى الشعبي أمرا مألوفا، بل طبيعيا و موضع فخر أبناء تلك الطبقة، في وقت لا زال بعض القادة الطائفيين يتحاشونها و ينظّرون للوحدة الوطنية. و هذا ما أراح قمة النظام الطائفي المتشكلة من أركان البرجوازية التابعة ( الكومبرادور ) و أمراء الطوائف، و مكنهم، رغم أزمات النظام الطائفي، من التجديد لهذا النظام، و الصمود في وجه كل طروحات الاصلاح و التغيير التي أفرغوها من مضامينها و حولوها إلى كلام مبتذل، بتبنيهم اللفظي لها.
- الأزمات و الإخفاقات و الاحباطات التي أصيب و يصاب بها اليسار اللبناني و الشيوعيون على الأخص، و الناشئة عن الخطأ الشائع و الاستخدام غير العلمي و غير الماركسي لعبارة " الطبقة العاملة " بحيث يعتبرون هذه البرجوازية الصغيرة جزءاً منها ظنا منهم أنهم بذلك يوسعون قاعدتهم الشعبية! إلا أن قراءة مادية سليمة و متأنية تظهر لنا كيف تنقلب و تنقسم هذه الطبقة الانتهازية بين ليلة و ضحاها على أسمى المبادئ الوطنية و النضالية. إن استمرار رهان الشيوعيين على هذه الطبقة سيؤدي بهم إلى المزيد من الخيبات و المزيد من الاحباط و التراجع. إن التعريف الماركسي للطبقة العاملة و المعروف من الجميع هو أنها تتألف ممن لا يمتلكون إلا قوة عملهم، وهم بالتالي يضطرون أن يبيعوها من الرأسمالي المستغل كي يعتاشوا منها. و ليس علميا و لا ماركسيا أي تعريف يقتصر على اعتبار الطبقة العاملة تتشكل من كل من يعمل عضليا أو ذهنيا!
لقد أحسن الشهيد المفكر مهدي عامل توصيف النظام الطائفي عندما حدده ب أنه نظام سيطرة البرجوازية اللبنانية التابعة الذي لا يقوم و لا يعاد إنتاجه إلا بالطائفية. و لكن، دعوني أضيف، أن هذا النظام ما كان ليتجاوز كل عثراته و يعيد إنتاج نفسه، خاصة بعد الحرب الأهلية و الحروب الصهيونية على لبنان، لولا توسع البرجوازية الصغيرة الأكثر انتهازية و الأكثر استعدادا للتفسخ و الانقسام. و دعوني أقول، إنه لو لم تكن هناك طوائف أو مذاهب لانقسمت هذه الطبقة عشائريا و مناطقيا بنفس الحدة.



#عديد_نصار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظلّي اضحكي!
- بعض المصطلحات التي يروج لها النظام الرأسمالي المتهالك و ضرور ...
- من أجل برنامج سياسي ثوري للحزب الشيوعي اللبناني
- رايات جمول
- وحدة الشيوعيين لقيادة المرحلة مسؤولية تاريخية
- الحوار المتمدن واحة مفتوحة!
- الأخ عامر العبيدي .. دعني أجلد المصريين ايضا و ايضا و لكنْ ل ...
- الحذاء المدمى
- الحذاء المدمّى
- أشواق
- ال-لايزال-
- حبيبتي مدينة..
- العماد رقم -3- .. نحن حزبك!
- حوار في ذكرى النكبة
- ذكرى 13 نيسان، لبنان ما بين حرب أهلية متفجرة و حرب أهلية كام ...
- زماننا.. زمان الحركة الثورية
- يتلهون بال - واحد - !
- تصحيح: أين أخطأ الشيخ إمام
- نص المداخلة التي وزعت و ألقيت في اللقاء اليساري التشاوري في ...
- حبي الوحيد


المزيد.....




- بالأرقام.. حصة كل دولة بحزمة المساعدات الأمريكية لإسرائيل وأ ...
- مصر تستعيد رأس تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني
- شابة تصادف -وحيد قرن البحر- شديد الندرة في المالديف
- -عقبة أمام حل الدولتين-.. بيلوسي تدعو نتنياهو للاستقالة
- من يقف وراء الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في الجامعات الأمريك ...
- فلسطينيون يستهدفون قوات إسرائيلية في نابلس وقلقيلية ومستوطنو ...
- نتيجة صواريخ -حزب الله-.. انقطاع التيار الكهربائي عن مستوطنت ...
- ماهي منظومة -إس – 500- التي أعلن وزير الدفاع الروسي عن دخوله ...
- مستشار أمريكي سابق: المساعدة الجديدة من واشنطن ستطيل أمد إرا ...
- حزب الله: -استهدفنا مستوطنة -شوميرا- بعشرات صواريخ ‌‏الكاتيو ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عديد نصار - البرجوازية الوضيعة ( الصغيرة )، القاعدة العريضة للنظام الطائفي